You are on page 1of 10

‫قَيم‬

‫أزمة اقتصادية أم أزمة في ال ِ‬


‫والمفاهيم الرأسمالية‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وحده‪ ،‬والصلة والسلم علننى مننن ل نننبي‬
‫بعده‪ ،‬وبعد‪.‬‬
‫ل ُيمكن الفصل بين الزمة القتصننادية الحننادة الننتي‬
‫يشنننهدها العنننالم الينننوم ‪ ..‬وبينننن القينننم والمفننناهيم‬
‫الرأسمالية التي تسببت في هننذه الزمننة ‪ ..‬وغيرهننا مننن‬
‫الزمات الخلقية والقتصادية‪.‬‬
‫يقننوم النظننام الرأسننمالي علننى جملننة مننن القيننم‬
‫والمفاهيم التي ُتطلق العنان للفرد في الكسب الفاحش‬
‫والسننريع ‪ ..‬بغننض النظننر عننن سننلمة ونزاهننة السننبل‬
‫والوسائل التي يتبعهنا فني تحقينق هنذا النثراء ‪ ..‬منا لنم‬
‫تتعارض هننذه السننبل مننع الرأسننمالية ذاتهننا وقوانينهننا ‪..‬‬
‫ل غاية عظمى تبرر الوسائل ‪ ..‬وترخننص فنني‬ ‫فجعلت الما َ‬
‫سننبيلها الغايننات والوسننائل ‪ ..‬فننأوغرت فنني الفننرد روح‬
‫الشجع والطمع ‪ ..‬والصراع من أجل المال ‪ ..‬والركض من‬
‫غينننر توقنننف وراء التحصنننيل والسنننتغناء السنننريعين ‪..‬‬
‫فننأوقعته نن فنني نهايننة الركننض والسننباق نن فنني مطبننات‬
‫ومزالق اقتصادية وأخلقية واجتماعية ونفسية خطيننرة ل‬
‫ُتحمد عقباها وآثارها ‪ ..‬كان آخرها هذه الزمة القتصادية‬
‫الحادة التي يشننهدها العننالم اليننوم ‪ ..‬والننتي كننثر حننديث‬
‫وسائل العلم عنها ‪ ..‬والتي هي أشبه بالنهيننار للنظننام‬
‫الرأسمالي منها إلى الزمة ‪ ..‬أو مجرد أزمة!‬
‫الفكرة الرأسمالية تقوم على مبدأ ن منه تتفرع بقية‬
‫مبادئ وقننوانين القتصنناد الرأسننمالية نن أن النسننان هننو‬
‫المالك الحقيقي للمال ‪ ..‬وبالتالي له كامل الحق فنني أن‬
‫يتصرف بماله كسبا ً وإنفاقا ً كيفما يشنناء ‪ ..‬وفنني الطننرق‬
‫التي يشاء ‪ ..‬ومن دون أن ُيسأل عما يفعل مننن أي جهننة‬
‫كانت!‬
‫من هذه السبل التي تبيحها الرأسننمالية ن ن مننن أجننل‬
‫التوصنننل إلنننى الغننننى الفننناحش والسنننريع نننن‪ :‬الربنننا ‪..‬‬
‫والميسننر ‪ ..‬والِبغنناء والّتجننار بننه ‪ ..‬والخمننور والمتنناجرة‬

‫‪1‬‬
‫بها ‪ ..‬والتأمين وأنظمته الذي مؤداه أن يملك النسان مننا‬
‫سننحت ن ن النظمننة‬ ‫ل يملك وما ل يحق لننه أن يملكننه ‪ ..‬وال ّ‬
‫الضننريبية الظالمننة ‪ ..‬والننتي منهننا أخننذ الضننرائب علننى‬
‫غنننش ‪ ..‬والحتكنننار ‪..‬‬ ‫مسننناكن النننناس وبينننوتهم نننن وال ِ‬
‫والكننذب ‪ ..‬والحتيننال المقّنننن ‪ ..‬وغيرهننا مننن الوسننائل‬
‫المشبوهة غير الخلقيننة ‪ ..‬الننتي ُتحنندث رفاهيننة سننريعة‬
‫للفننرد ‪ ..‬أو الدولننة ‪ ..‬لكنهننا مننع الزمننن تننورث كننوارث‬
‫اقتصننادية وأخلقيننة واجتماعيننة ونفسننية منندمرة علننى‬
‫المجتمع والنسان سواء!‬
‫عننند التأمننل والتحننري والتنندقيق ‪ ..‬نجنند أن الزمننة‬
‫القتصننادية الحننادة الننتي نشننهدها اليننوم ‪ ..‬والننتي ُتنننذر‬
‫بانهيننار النظننام الرأسننمالي ككننل ‪ ..‬سننببها الرئيسنني‪:‬‬
‫الربا ‪ ..‬والكذب ‪ ..‬والغنش والحتينال‪ ،‬المحمني بالقنانون‬
‫الرأسمالي‪ :‬فالسماسرة ن وشركاتهم ن وقعوا في الغننش‬
‫والكذب ‪ ..‬والحتيال ‪ ..‬عندما ربطوا زبننائن غيننر مننؤهلين‬
‫ول معروفينننن بنننالبنوك بقنننروض ضنننخمة ‪ ..‬ظروفهنننم‬
‫القتصننادية ل تننؤهلهم للقننتراض ‪ ..‬فالسمسننار همننه أن‬
‫يحصل على العمولة المخصصة له من الصننفقة ‪ ..‬وليكننن‬
‫بعدها ما يكون ‪ ..‬فأتبع ذلك عجننز الزبننائن ن ن المقترضننين‬
‫من البنننك ‪ ..‬بمننن فيهنم الضنعفاء والقويناء المعروفيننن‬
‫وغير المعروفين ن عن السداد؛ للفوائد الزائدة عن المبلغ‬
‫الصننل الننتي يجننب أن ينندفعوها ‪ ..‬والننتي تتضنناعف مننع‬
‫الزمن ‪ ..‬وكلما تأخر زمن السننداد ‪ ..‬فالمشننكلة مننن هننذا‬
‫الننوجه ‪ ..‬ربويننة ‪ ..‬وغننش ‪ ..‬وكننذب ‪ ..‬واحتيننال ‪ ..‬وغينناب‬
‫الشعور بالمسؤولية]‪.[1‬‬

‫‪ 1‬أنا من الناس كانت تصلني إلى بريدي عشرات الرسائل ‪ ..‬ومن‬


‫ر ‪..‬‬
‫جهات عدة ل أعرفها ول تعرفني ‪ ..‬تقدم عننرض اقننتراض مغ ن ٍ‬
‫والمبلغ الذي أشاء ‪ ..‬مقابل أن أوقع على الطلب فقط ‪ ..‬وغيري‬
‫كثيرون الذين حصل لهم هذا الذي أشير إليه ‪ ..‬وإذا أنننا لننم أوقننع‬
‫علننى أي قننرض ‪ ..‬فننأظن أن الكننثيرين غيننري قنند فعلننوا ‪ ..‬ولننم‬
‫يواجهوا أية مشكلة عند استلم المبلننغ ‪ ..‬لكننن المشنناكل ظهننرت‬
‫رض ‪ ..‬وعلننى‬ ‫مقت ِ‬‫عند بلوغ أوان التسديد ‪ ..‬وتضاعف الربا على ال ُ‬
‫البنك الملتزم نحو المستثمر بأن يدفع له الفننوائد علننى أمننواله ‪..‬‬
‫لكن هل ترون أن هذه طريقة مسؤولة وصحيحة تحفننظ الحقننوق‬
‫لصحابها؟!!‬

‫‪2‬‬
‫هذه المشكلة كيف عالجتها البنوك الرأسمالية ‪..‬؟!‬
‫قامت بإحصاء هننذه المبننالغ الضننخمة الننتي ل يمكننن‬
‫تحصننيلها مننن الزبننائن ننن والشننعوب فنني ظننل النظمننة‬
‫الرأسننمالية كلهننا زبننون للبنننوك الربويننة‪ ،‬ومرتبطننة بهننا‬
‫بطريقننة مننن الطننرق‪ ،‬ل فكنناك لهننا منهننا‪ ،‬فالننناس فنني‬
‫النظمة الرأسمالية واحد من اثنين ل ثالث لهما‪ :‬إمننا أنننه‬
‫مقترض من البنوك‪ ،‬ومدين لها‪ ،‬أو أنه مستثمر فيها‪ ،‬وله‬
‫أسننهم فيهننا تنندر عليننه بننالفوائد والربننا نن وحولتهننا إلننى‬
‫صكوك وأسهم على الورق ليس لها رصيدا ً في الواقع أو‬
‫خزائن البنننك ‪ ..‬ثننم عرضننتها للننبيع علننى المسننتثمرين ‪..‬‬
‫فباعوا ما ليننس عننندهم ‪ ..‬ومننا ل يملكننون ‪ ..‬وهننذا غننش‬
‫وكذب واحتيال!‬
‫ً‬
‫قام المستثمرون بشراء هذه السننهم ‪ ..‬طمع نا فنني‬
‫تحصيل الفوائد الربوية ‪ ..‬التي سننيقوم البنننك بتحصننيلها‬
‫لهم ن من الزبائن الذين عجزوا عن السداد ن فالدافع لهم‬
‫هو الربا ‪ ..‬والستغناء السريع عن طريق الربا؟!‬
‫عرف احتيال وكذب البنوك الربويننة ‪ ..‬بعنند‬ ‫مع الزمن ُ‬
‫عجزها عن تسديد مستحقات المسنناهمين الربويننة الننذين‬
‫اشنننتروا تلنننك السنننهم الوهمينننة‪ ،‬وبعننند ضنننياع أمنننوال‬
‫المستثمرين عند زبائن مجهولين وضعاف وغيننر أكفنناء ‪..‬‬
‫فالمشننكلة مننن هننذا الننوجه ‪ ..‬ربننا ‪ ..‬وكننذب ‪ ..‬ونصننب ‪..‬‬
‫واحتيال ‪ ..‬فحصلت نتيجة لذلك كله هذه الفوضى العارمة‬
‫للقتصاد العالمي الرأسمالي ‪ ..‬الننتي نشننهدها فنني هننذه‬
‫اليام ‪ ..‬وفقد الكننل الثقننة بالكننل ‪ ..‬ومننا عننند كننل واحنند‬
‫منهم من عروض وأسهم ‪ ..‬خشية أن تكون وهمية ن ومن‬
‫دون رصيد ن وهم ل يدرون ‪!..‬‬
‫كيف عالجت النظمة الرأسمالية الحاكمة في أمريكا‬
‫وبلد الغرب هذه المشكلة القتصادية والخلقية ‪ ..‬والتي‬
‫تنذر بانهيار النظام الرأسمالي ككل؟!‬
‫لننم ُتعنناقب المفسنندين والمحتننالين ‪ ..‬والكننذابين‬
‫المرابيننن ‪ ..‬بننل ولننم تننوجه لحنند منهننم أيننة تهمننة أو‬
‫مساءلة ‪ ..‬لن كذبهم واحتيالهم ‪ ..‬وفسادهم ‪ ..‬لم يخننرج‬
‫عمننا تسننمح بننه قننوانين الرأسننمالية ‪ ..‬ثننم لننو أرادوا أن‬
‫ُيحاسبوا ويسألوا المسؤولين عننن هننذه الزمننة ‪ ..‬لزمهننم‬

‫‪3‬‬
‫أن ُيحاسنننننبوا منظومنننننة ضنننننخمة منننننن المنننننوظفين‬
‫والمسؤولين ‪ ..‬تعدادهم باللف ن عليهم وعلى جهننودهم‬
‫غير الخلقي يقوم النظام الرأسمالي الحر ن وهننذا مننا ل‬
‫يقننندرون علينننه ‪ ..‬لنننذا فهنننم عوضنننا ً عنننن المسننناءلة‬
‫والمحاسبة ‪ ..‬عوضوهم وكافؤوهم بضننخ مئات المليننارات‬
‫من الدولرات إلى مؤسساتهم وبنننوكهم ‪ ..‬ليقفننوا علننى‬
‫أرجلهم من جديد ‪ ..‬ولُيمارسننوا عمليننة الغننش والحتيننال‬
‫والنصب الربوي الرأسمالي من جديد!!‬
‫وأنا أقول لهم‪ :‬هذه الموال الضخمة التي تنفقونهننا‬
‫علننى تلننك البنننوك والمؤسسننات ‪ ..‬ليتماسننك النظننام‬
‫الرأسمالي الربوي من السننقوط والنهيننار ‪ ..‬هنني مجننرد‬
‫مسكنات مؤقتة ‪ ..‬وعلج مؤقت وقصننير ‪ ..‬ل ينفننع علننى‬
‫المدى الطويل ‪ ..‬وهذه الموال الطائلة ستضيع من جديد‬
‫‪ ..‬ثم تكننون حسننرة عليكننم ‪ ..‬كمننا ضنناعت المننوال الننتي‬
‫فق على بطون الوحوش الدميننة نن الننتي ل‬ ‫قبلها ‪ ..‬وسُتن َ‬
‫تشبع ‪ ..‬والتي ل يملئ بطونها إل التراب ن التي تجد فنني‬
‫القنننوانين الرأسنننمالية منننا يحميهنننا منننن المسننناءلة‬
‫ذ سنننتعود المشنننكلة للظهنننور منننن‬ ‫والمحاسنننبة ‪ ..‬وحينئ ٍ‬
‫جديد ‪ ..‬وربما أقوى مما هي عليه الن ‪ ..‬وقنند تضننطرون‬
‫حينها للنفاق على هذه البنوك الربوية ‪ ..‬أضعاف أضعاف‬
‫ما تدفعونه الن ‪ ..‬ولكن أيضا ً من غير جدوى!‬
‫فإن قيل كيف ‪...‬؟!‬
‫نقننول لهننم وبكننل بسنناطة ووضننوح‪ :‬لن أسننباب‬
‫المشكلة الحقيقية ل تزال قائمة ‪ ..‬فهي لننم ت ُنَزل بعنند ‪..‬‬
‫وبالتالي عندما ُترمى إلى أطرافها ومسببيها الموال من‬
‫جديد ‪ ..‬فهي ستنهض وتستشرف من جديد ‪ ..‬لتلتهم تلك‬
‫الموال مهما كانت كننثيرة ‪ ..‬وبشننراهة البطننن الممنندد ‪..‬‬
‫ذ‬‫وبصورة أكبر مما كانت عليه من قبل ‪ ..‬لن الخطننأ حينئ ٍ‬
‫يكون قد تضخم أكثر ‪ ..‬واللصوص قد انتقلوا مننن مرحلننة‬
‫الهواة إلى مرحلة المحترفين ‪ ..‬والخرق قد اتسع اتساعا ً‬
‫يصعب ترقيعه ‪ ..‬ولو اجتمع على ترقيعه الراقعون!‬
‫فإن قيل ن وقد قيل ن‪ :‬ما هو الحل ‪ ..‬وأين البننديل ‪..‬‬
‫أين المنقذ ‪ ..‬وبخاصة أن المعسكر الشننتراكي قنند انهننار‬
‫وانهارت معه قيمننه ومفنناهيمه ‪ ..‬وإلننى حيننث ل رجعننة ‪..‬‬

‫‪4‬‬
‫فنحن ل نملك سننوى خيننار واحنند ل غيننر ‪ ..‬أل وهننو خيننار‬
‫الرأسمالية‪ ،‬وقيمها ومفاهيمهننا ‪ ..‬لننذا ل مننناص لنننا مننن‬
‫عوج وقصور؟!‬ ‫التمسك به على ما في هذا الخيار من ِ‬
‫أقول‪ :‬الحل والبديل هو السلم ‪ ..‬يكمن في النظام‬
‫القتصادي السلمي ‪ ..‬ل اشتراكية شرقية ول رأسننمالية‬
‫غربية ‪ ..‬وإنما هو السلم ‪ ..‬ول شيء غير السلم‪.‬‬
‫كيف ‪ ..‬ولماذا؟‬
‫أقول‪ :‬لن السلم هو دين الله تعالى ‪ ..‬الذي يتصف‬
‫بالكمال المطلق فنني جميننع جننوانبه وشننرائعه ‪ ..‬وكمنناله‬
‫مستمد من كمال الله تعالى العليم القدير الذي شرع هذا‬
‫الدين لعباده ‪ ..‬وفرضه عليهننم ‪ ..‬ومننا يصنندر عننن صننفات‬
‫الكمننال فهننو كامننل ل يجننوز افننتراض النقننص أو الخطننأ‬
‫فيه ‪ ..‬وإنما النقننص والقصننور ُيفننترض فيمننا يصنندر عننن‬
‫قاصر ضعيف جاهل ‪ ..‬مننن ذوي العلننم المحنندود ‪ ..‬وهننذه‬
‫الصفات كلها متوفرة في النسان ‪ ..‬وهو متلبننس بهننا ‪..‬‬
‫فطر عليه‪ ،‬لزمة لننه علننى منندار‬ ‫خلقته ‪ ..‬ومما ُ‬ ‫وهي من ِ‬
‫سلطان منه‪ ،‬كما قننال تعننالى‪:‬‬ ‫حياته‪ ،‬إل بحبل من الله و ُ‬
‫قِليل ً ‪‬السراء‪.85:‬‬‫عل ْم ِ إ ِل ّ َ‬‫من ال ْ ِ‬ ‫ُ‬
‫ما أوِتيُتم ّ‬ ‫و َ‬
‫َ‬
‫فننالله تعننالى الخننالق هننو العلننم بمصننلحة النسننان‬
‫والل ّن ُ‬
‫ه‬ ‫المخلوق من نفسه بنفسننه ‪ ..‬كمننا قننال تعننالى‪َ  :‬‬
‫يعل َم َ‬
‫ن ‪‬البقرة‪.216:‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬‫م ل َ تَ ْ‬‫وأنت ُ ْ‬
‫َ ْ ُ َ‬
‫ول شك أن شرع الذي يعلم أكمننل وأسننلم وأحكننم ‪..‬‬
‫من شرع الذي ل يعلم ‪ ..‬والذي يجعل من البشننرية حقننل‬
‫تجننارب لشننرائعه وقننوانينه القاصننرة الخنناطئة ‪ ..‬الننتي‬
‫يغيرها بين الفينة والخرى ‪ ..‬كلما عنى له ذلننك ‪ ..‬وكلمننا‬
‫اكتشف خطأ وقصور ما كان قد شّرعه ‪ ..‬أو ظننن أن فنني‬
‫هذا التغيير والتبديل مصننلحة لننه ‪ ..‬فل يعننرف الثبننات ول‬
‫القرار ‪ ..‬لنه عاجز وقاصر عن إدراك الكمال أو القتراب‬
‫منننه ‪ ..‬فهننو ن ن مننن دون اللننه تعننالى ن ن يتخبننط ‪ ..‬كالننذي‬
‫يتخبطه الشيطان من المس‪.‬‬
‫ن‬‫من ّ‬ ‫فالله تعنالى الننذي خلقننا ‪ ..‬ورزقنننا بالمننال ‪ ..‬و َ‬
‫علينا بالنعم والخيرات التي ل ُتحصى ‪ ..‬وبكل مننا تحتنناجه‬
‫البشرية من نعم على هذه الرض ‪ ..‬لم يخلقنا ن سبحانه ن‬
‫عبثا ً ‪ ..‬من غير شريعة توجهنننا وترشنندنا ‪ ..‬وتننبين مننا لنننا‬

‫‪5‬‬
‫وما علينا ‪ ..‬كيف نتعامل مع هذا الننرزق والمننال ‪ ..‬كسننبا ً‬
‫وإنفاقا ً ‪ ..‬وما يجوز لنا منه وما ل يجوز ‪ ..‬ومننا هننو حننرام‬
‫وما هو حلل ‪ ..‬وهذا أمر قد دل عليننه النقننل والعقننل؛ إذ‬
‫أن من يخلنق ‪ ..‬هنو وحنده النذي لنه المنر والحكنم فيمنا‬
‫خلق ‪ ..‬ول يجوز أن يكون غير ذلك‪ ،‬كما قال تعالى‪  :‬أ َل َ‬
‫عننال َ ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن ‪‬العننراف‪.54:‬‬ ‫مي َ‬ ‫ه َر ّ‬ ‫ك الل ّن ُ‬ ‫منُر ت َب َنناَر َ‬ ‫وال ْ‬ ‫ق َ‬‫خل ْ ُ‬
‫ه ال ْ َ‬ ‫لَ ُ‬
‫ن‬ ‫فل ت َنذَك ُّرو َ‬ ‫ق أَ َ‬‫خل ُن ُ‬ ‫مننن ل ّ ي َ ْ‬ ‫ق كَ َ‬ ‫خل ُن ُ‬ ‫مننن ي َ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫وقال تعالى‪  :‬أ َ َ‬
‫‪‬النحل‪ .17:‬هل يستويان ‪ ..‬فيرد الحكم والتشننريع لمننن ل‬
‫يخلق شيئا ً ‪ ..‬ول هو قادر على أن يخلق شيئا ً ‪ ..‬كمننا ُيننرد‬
‫إلننى مننن يخلننق ‪ ..‬وقننادر علننى أن يخلننق ‪ ..‬وقنند خلننق‬
‫ن ‪‬؟!‬ ‫فل ت َذَك ُّرو َ‬ ‫السموات والرض ‪ ..‬فهل يستويان مثل ً ‪ ‬أ َ َ‬
‫فنظرة السلم للمال أنننه ملننك للننه تعننالى وحننده ‪..‬‬
‫فهو الذي خلق المال ‪ ..‬وبالتالي فهو المالك الحقيقي له‬
‫‪ ..‬والنسان مستخلف على هذا المال ثم تاركه لمننن هننم‬
‫وراءه من بعده ن شاء أم أبى ن وهو مطالب في حياته بأن‬
‫يتصننرف بالمننال نن كسننبا ً وإنفاقنا ً نن وفننق مشننيئة وإرادة‬
‫وشرع مالكه الحقيقي ‪ ..‬أل وهنو اللنه تعنالى ‪ ..‬فنإن لنم‬
‫قب في‬ ‫عو ِ‬ ‫يفعل يكون كمن بغى على حق ليس له ‪ ..‬ولو ُ‬
‫من إل‬ ‫الدنيا والخرة على بغيه وظلمه وعدوانه ‪ ..‬فل يلننو َ‬
‫نفسه‪.‬‬
‫َ‬
‫من‬ ‫ض ِ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫خل َئ ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫عل َْناك ُ ْ‬‫ج َ‬ ‫م َ‬ ‫كما قال تعالى‪  :‬ث ُ ّ‬
‫ن ‪‬يونس‪ .14:‬هل تعملون ن فيما‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬
‫ف تَ ْ‬‫هم ل َِننظَُر ك َي ْ َ‬ ‫د ِ‬‫ع ِ‬ ‫بَ ْ‬
‫اسننتخلفكم اللننه تعننالى عليننه ن ن وفننق شننرع اللننه تعننالى‬
‫ومنهجه ‪ ..‬أم وفق شرع الطاغوت وأهوائه ‪ ..‬وكننل شننرع‬
‫غير شرع الله تعالى فهو من شرع الطاغوت وأهوائه؟‬
‫مننا‬ ‫م ّ‬ ‫قننوا ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫وَأن ِ‬‫ه َ‬ ‫سننول ِ ِ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫من ُننوا ب ِننالل ّ ِ‬ ‫وقال تعننالى‪  :‬آ ِ‬
‫مسننتخلف هننو‬ ‫ه ‪‬الحدينند‪ .7:‬وال ُ‬ ‫فينن ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫في َ‬ ‫خل َ ِ‬‫سننت َ ْ‬‫م ْ‬‫كننم ّ‬ ‫عل َ ُ‬‫ج َ‬ ‫َ‬
‫مستأمن على ما اسُتخلف عليه ‪ ..‬ثم سرعان ما يننودعه‬ ‫ال ُ‬
‫ويتركه ‪ ..‬عندما تنتهي مهمة استخلفه بالموت‪.‬‬
‫وفي الحديث‪ ،‬فقد صح عنن النننبي‪ ‬أننه قنال‪ ":‬لننن‬
‫لن‬ ‫ع خصا ٍ‬ ‫د يوم القيامة حتى ُيسأل عن أرب ِ‬ ‫تزول قدما عب ٍ‬
‫م أنفقه "‪.‬‬ ‫منها ن‪ :‬وعن ماله من أين اكتسَبه‪ ،‬وفي َ‬
‫ومن هنا يتعين على النسان المستخلف على المننال‬
‫وإدارتننه ‪ ..‬أن يتعننرف علننى حكننم وشننرع مالننك المننال‬

‫‪6‬‬
‫وخالقه ‪ ..‬ما الذي أباحه وأحله وما الذي حرمه ‪ ..‬وما هننو‬
‫المسننموح بننه ومننا هننو الممنننوع ‪ ..‬ثننم كيننف ينندير هننذه‬
‫الموال ‪ ..‬وكيف يتصرف بها ‪ ..‬وأين يصرفها‪.‬‬
‫ل‬ ‫وفيما يتعلق بشؤون المننال والقتصنناد ‪ ..‬فقنند أحن ّ‬
‫الله تعالى الطيبات ‪ ..‬وهنني الصننل ‪ ..‬ومننا أكثرهننا ‪ ..‬لننو‬
‫اقتنع النسان بها ‪ ..‬وح نّرم الخبننائث ‪ ..‬والظلننم ‪ ..‬وأكننل‬
‫أموال الناس بالباطل ‪ ..‬ومن الخبائث والظلم‪ ،‬والعدوان‪،‬‬
‫وأكل أموال الناس بالباطل‪ :‬الربا ‪ ..‬أساس بلء النظمننة‬
‫القتصادية التي ل تنضبط بضوابط شرع الله ‪ ..‬ول تننأتمر‬
‫ْ‬
‫ن‬ ‫مننو َ‬ ‫قو ُ‬ ‫ن الّرَبا ل َ ي َ ُ‬ ‫ن ي َأك ُُلو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫بأمره ‪ ..‬كما قال تعالى‪  :‬ال ّ ِ‬
‫ك‬ ‫س ذَل ِن َ‬ ‫من ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫من َ‬ ‫ن ِ‬ ‫طا ُ‬ ‫شني ْ َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫خب ّطُن ُ‬ ‫ذي ي َت َ َ‬ ‫م ال ّن ِ‬ ‫قننو ُ‬ ‫مننا ي َ ُ‬ ‫إ ِل ّ ك َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ح نّر َ‬ ‫و َ‬ ‫ع َ‬ ‫ه ال ْب َي ْ ن َ‬ ‫ل الل ّ ن ُ‬ ‫حن ّ‬ ‫وأ َ‬ ‫ل الّرَبا َ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ما ال ْب َي ْ ُ‬ ‫قاُلوا ْ إ ِن ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ب ِأن ّ ُ‬
‫ف‬ ‫س نل َ َ‬ ‫مننا َ‬ ‫ه َ‬ ‫فل َن ُ‬ ‫ى َ‬ ‫ه َ‬ ‫فننانت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫من ّرب ّن ِ‬ ‫ة ّ‬ ‫عظ َ ٌ‬ ‫و ِ‬ ‫م ْ‬ ‫جاءهُ َ‬ ‫من َ‬ ‫ف َ‬ ‫الّرَبا َ‬
‫فأ ُول َئ ِ َ َ‬ ‫َ‬
‫هننا‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫هن ْ‬ ‫ر ُ‬ ‫ب الن ّننا ِ‬ ‫حا ُ‬ ‫صن َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫عادَ َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫مُرهُ إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫حنن ّ‬‫ه ل يُ ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫واللنن ُ‬ ‫ت َ‬ ‫قا ِ‬ ‫صدَ َ‬ ‫وي ُْرِبي ال ّ‬ ‫ه الّرَبا َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ق الل ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن ‪ .‬يَ ْ‬ ‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫َ‬
‫ر أِثيم ٍ ‪‬البقرة‪ .276-175:‬وهذه الزمة القتصننادية‬ ‫َ‬ ‫ل كَ ّ‬ ‫كُ ّ‬
‫فا ٍ‬
‫المالية الحادة التي نزلت بالقوم ‪ ..‬إن لننم ُتسننم محق نا ً ‪..‬‬
‫فما يكون المحق إذًا؟!‬
‫وفي آية أخننرى قنند توعنند اللننه تعننالى أهننل الربننا ‪..‬‬
‫الذين يصرون على أكل الربا ‪ ..‬بالحرب إن لم ينتهوا عننن‬
‫قننوا ْ‬ ‫مُنننوا ْ ات ّ ُ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫أكلهم الربا‪ ،‬كما قال تعالى‪َ  :‬يا أي ّ َ‬
‫م‬ ‫فنِإن ل ّن ْ‬ ‫ن‪َ .‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫من ْ‬ ‫كنت ُننم ّ‬ ‫ن الّرب َننا ِإن ُ‬ ‫م َ‬ ‫ي ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ما ب َ ِ‬ ‫وذَُروا ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ َ‬
‫فعُلوا ْ َ ْ‬
‫م‬ ‫فل َك ُن ْ‬ ‫م َ‬ ‫وِإن ت ُب ْت ُن ْ‬ ‫ه َ‬ ‫سننول ِ ِ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّن ِ‬ ‫من َ‬ ‫ب ّ‬ ‫ح نْر ٍ‬ ‫فأذَُنوا ْ ب ِ َ‬ ‫تَ ْ َ‬
‫َ‬
‫ن ‪‬البقننرة‪-278:‬‬ ‫مننو َ‬ ‫ول َ ت ُظْل َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مننو َ‬ ‫م ل َ ت َظْل ِ ُ‬ ‫وال ِك ُ ْ‬ ‫منن َ‬ ‫سأ ْ‬ ‫ؤو ُ‬ ‫ُر ُ‬
‫‪ .279‬ول شننك أن هننذا النهيننار القتصننادي الننذي كلننف‬
‫الرأسماليين المرابين مئات المليننارات مننن النندولرات ‪..‬‬
‫وزاد من نسبة البطالة في البلد أضننعافا ً مضنناعفة ‪ ..‬ول‬
‫تزال آثاره مستمرة ‪ ..‬هو من جملة الحرب الننذي تضننمنته‬
‫معنناني اليننة الكريمننة أعله ‪ ..‬والحننرب ل تننزال قائمننة‬
‫ومفتوحننة مننع المرابيننن مننا دامننوا مصننرين علننى أكلهننم‬
‫دثر‪.[2].31:‬‬ ‫و ‪‬الم ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ك إ ِّل ُ‬ ‫جُنودَ َرب ّ َ‬ ‫م ُ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫الربا ‪َ  ..‬‬
‫ي ضخم ‪ُ ..‬يفتتح ‪ ..‬ويفرح أصحابه به ‪ ..‬ثننم مننا‬ ‫‪ 2‬كم من مح ّ‬
‫ل تجار ّ‬
‫هي أعوام قلئل تمضي ن وربما أشهر ن إل وُيعلنون عن إفلسهم‬
‫‪ ..‬وإغلق محلهم ‪ ..‬وعرضه للننبيع ‪ ..‬ليننأتي مجننرب آخننر ‪ ..‬يجننرب‬

‫‪7‬‬
‫ومما حرمه السلم كنذلك ‪ ..‬الميسنر ‪ ..‬وكنل كسنب‬
‫يأتي من حرام‪ ،‬أو عن طريق الغش والكذب والحتيننال ‪..‬‬
‫سحت ‪ ..‬كمننا قنال تعننالى‪  :‬ي َننا‬ ‫غبن ‪ ..‬وال ّ‬ ‫والحتكار ‪ ..‬وال ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫والْزل َ ُ‬ ‫ب َ‬ ‫صننا ُ‬ ‫والن َ‬ ‫س نُر َ‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫م نُر َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ما ال ْ َ‬‫مُنوا ْ إ ِن ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫أي ّ َ‬
‫مننا‬ ‫ن ‪ .‬إ ِن ّ َ‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬‫جت َن ُِبوهُ ل َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫ن َ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫س ّ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ر ْ‬ ‫ِ‬
‫فنني‬ ‫ضنناء ِ‬ ‫غ َ‬ ‫ْ‬
‫والب َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ري ندُ ال ّ‬
‫وةَ َ‬ ‫دا َ‬ ‫عن َ‬ ‫م ال َ‬ ‫ع ب َي ْن َك ن ُ‬ ‫قن َ‬ ‫ن أن ُيو ِ‬ ‫ش ني ْطا ُ‬ ‫يُ ِ‬
‫هنن ْ‬
‫ل‬ ‫ف َ‬ ‫ة َ‬ ‫صننل َ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫عن ِذك ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫صدّك ُ ْ‬ ‫وي َ ُ‬ ‫ر َ‬ ‫س ِ‬‫مي ْ ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ر َ‬ ‫م ِ‬‫خ ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن ‪‬المائدة‪.91-90:‬‬ ‫َ‬
‫هو َ‬ ‫منت َ ُ‬ ‫أنُتم ّ‬
‫وفي الحديث فقد صح عن النبي ‪ ‬أنننه قننال‪ ":‬مننن‬
‫ر والخننداع فنني النننار " ]السلسننلة‬ ‫شننا فلينس منننا‪ ،‬والمكن ُ‬ ‫غ ّ‬
‫الصحيحة‪.[1058:‬‬
‫ل‬‫جننار "‪ ،‬قيننل‪ :‬يننا رسننو َ‬ ‫ن التجار هم الف ّ‬ ‫وقال ‪ ":‬إ ّ‬
‫ع؟ قننال‪ ":‬بلننى؛ ولكنهننم‬ ‫ه الننبي َ‬ ‫ل اللن ُ‬ ‫س قنند أحن ّ‬ ‫اللننه أولين َ‬
‫دثون فيكذبون‪ ،‬ويحلفننون فينأثمون "] السلسننلة الصننحيحة‪:‬‬ ‫ُيح ّ‬
‫‪.[366‬‬
‫صنندوق المسننلم‪ :‬مننع‬ ‫وقننال ‪ ":‬التنناجر الميننن ال ّ‬
‫مننة "]السلسننلة‬ ‫م القيا َ‬ ‫شننهداء يننو َ‬ ‫النننبيين‪ ،‬والصننديقين‪ ،‬وال ّ‬
‫الصحيحة‪.[3453:‬‬
‫كرةً ُيريدُ أن ُيغلنني بهننا علننى‬ ‫ح ْ‬ ‫وقال ‪ ":‬من احتكر ُ‬
‫المسلمين فهو خاطئ "]السلسلة الصحيحة‪.[3362:‬‬
‫س فنني النننار "]السلسننلة‬ ‫مك ْن ِ‬ ‫وقننال ‪ ":‬إن صنناحب ال َ‬
‫الصننحيحة‪ .[3405:‬وصنناحب المكننس؛ هننو الننذي يسننعى علننى‬
‫سننلطان‬ ‫تحصيل الضرائب من الناس بغيننر وجننه حننق‪ ،‬ول ُ‬
‫من الله‪.‬‬
‫م‬ ‫ء حّر َ‬ ‫ل شي ٍ‬ ‫وقال ‪ ":‬إن الله إذا حّرم على قوم ٍ أك َ‬
‫عليهم ثمَنه "]صحيح سنن أبي داود‪.[2978:‬‬
‫دين والتداين‪ ،‬قال تعالى فنني‬ ‫وفيما يتعلق بأحكام ال ّ‬
‫أكبر آية من آيات القرآن الكريم ن التي أطلق عليهننا أهننل‬
‫من ُننوا ْ إ ِ َ‬ ‫َ‬
‫داَينُتم‬ ‫ذا ت َ ن َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ن ِ‬ ‫دين ن‪َ  :‬يا أي ّ َ‬ ‫العلم اسم آية ال ّ‬

‫تجربتهم ‪ ..‬ثم ُيعلن عن إفلسه وخراب بيته كما أعلن الننذين مننن‬
‫قبله ‪ ..‬وسبب ذلك كله مننرده إلننى أن هننذه المحلت قائمننة علننى‬
‫الربا ‪ ..‬وعلى القروض الربوية ‪ ..‬وهذا من الحرب الذي توعد الله‬
‫تعالى به آكلي الربا ‪ ..‬لو كننانوا يعلمننون ‪ ..‬صنندق اللننه العظيننم‪:‬‬
‫ت ‪.‬‬ ‫صدَ َ‬
‫قا ِ‬ ‫ه ال ّْرَبا َ‬
‫وي ُْرِبي ال ّ‬ ‫ق الل ّ ُ‬
‫ح ُ‬
‫م َ‬
‫يَ ْ‬

‫‪8‬‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫م ك َننات ِ ٌ‬ ‫ول ْي َك ْت ُننب ب ّي ْن َك ُن ْ‬ ‫فنناك ْت ُُبوهُ َ‬ ‫مى َ‬ ‫سن ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ّ‬ ‫جن ٍ‬ ‫ن إ ِل َننى أ َ‬ ‫ب ِندَي ْ ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ب‬ ‫فل ْي َك ْت ُن ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ه الل ّن ُ‬ ‫من ُ‬ ‫عل ّ َ‬ ‫مننا َ‬ ‫ب كَ َ‬ ‫ن ي َك ْت ُن َ‬ ‫بأ ْ‬ ‫ب ك َننات ِ ٌ‬ ‫ول َ ي َأ َ‬ ‫ل َ‬ ‫عدْ ِ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫ه‬ ‫من ْن ُ‬ ‫س ِ‬ ‫خن ْ‬ ‫ول َ ي َب ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه َرب ّن ُ‬ ‫ق الل ّن َ‬ ‫ولي َت ّن ِ‬
‫ق َ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫مل ِ ِ‬ ‫ول ْي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫و لَ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫فإن َ‬ ‫شْيئا َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫عيفا أ ْ‬ ‫ضن ِ‬ ‫و َ‬ ‫فيها أ ْ‬ ‫سن ِ‬ ‫ق َ‬ ‫حن ّ‬ ‫ه ال َ‬ ‫علي ْن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ن ِ‬ ‫كا َ‬
‫دوا ْ‬ ‫َ‬
‫ه ُ‬ ‫شن ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ع ندْ ِ‬ ‫ه ِبال ْ َ‬ ‫ول ِي ّن ُ‬ ‫ل َ‬ ‫مل ِن ْ‬ ‫فل ْي ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫هن َ‬ ‫ل ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ع أن ي ُ ِ‬ ‫طي ُ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ل‬ ‫جنن ٌ‬ ‫فَر ُ‬ ‫ن َ‬ ‫كوَنننا َر ُ َ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫فننِإن ّلنن ْ‬ ‫م َ‬ ‫جننال ِك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫جلْينن ِ‬ ‫َ‬
‫ن مننن ّر َ‬ ‫هيَدَي ْ ِ‬ ‫شنن ِ‬
‫ما‬ ‫ه َ‬ ‫دا ُ‬ ‫حن َ‬ ‫ل إْ ْ‬ ‫ضن ّ‬ ‫داء أن ت َ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫شن َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫من َ‬ ‫ن ِ‬ ‫و َ‬ ‫ضن ْ‬ ‫مننن ت َْر َ‬ ‫م ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫مَرأَتا ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫ول َ‬ ‫ْ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫عننوا َ‬ ‫مننا دُ ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫داء إ ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫شن َ‬ ‫ول ي َأ َ‬ ‫خَرى َ‬ ‫ما ال ْ‬ ‫ه َ‬ ‫دا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫فت ُذَكَر إ ِ ْ‬
‫سنن ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ط‬ ‫ق َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫كنن ْ‬ ‫ه ذَل ِ ُ‬ ‫جل ِ ِ‬ ‫غيرا ً أو ك َِبيرا ً إ َِلى أ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫وهُ َ‬ ‫وا ْ أن ت َك ْت ُب ُ ْ‬ ‫م ْ‬‫سأ ُ‬ ‫تَ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫وأدْن َننى أل ّ ت َْرت َنناُبوا إ ِل ّ أن ت َك ُننو َ‬ ‫ة َ‬ ‫هادَ ِ‬ ‫شن َ‬ ‫م ِلل ّ‬ ‫قننو ُ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫عندَ الل ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ح أل ّ‬ ‫جن َننا ٌ‬ ‫م ُ‬ ‫عل َي ْك ُن ْ‬ ‫س َ‬ ‫فل َي ْن َ‬ ‫م َ‬ ‫ها ب َي ْن َك ُن ْ‬ ‫ديُرون َ َ‬ ‫ض نَرةً ت ُ ن ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫جنناَرةً َ‬ ‫تِ َ‬
‫وا ْ إ ِ َ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫هي ٌ‬ ‫شن ِ‬ ‫ول َ َ‬ ‫ب َ‬ ‫ضننآّر ك َننات ِ ٌ‬ ‫ول َ ي ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫عت ُ ْ‬ ‫ذا ت َب َنناي َ ْ‬ ‫هدُ ْ‬ ‫شن ِ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫ت َك ْت ُُبو َ‬
‫ه‬ ‫م الل ّن ُ‬ ‫مك ُن ُ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫قننوا ْ الل ّن َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫سوقٌ ب ِك ُن ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫عُلوا ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫وِإن ت َ ْ‬ ‫َ‬
‫م ‪‬البقرة‪.282:‬‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه ب ِك ّ‬ ‫ُ‬ ‫والل ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫تننأملوا هننذه اللزامننات ‪ ..‬والتفصننيلت ‪ ..‬والقيننود ‪..‬‬
‫والشروط ‪ ..‬الواردة في الية الكريمة أعله ‪ ..‬عند إجننراء‬
‫دين صننغيرا ً أو كننبيرا ً ‪..‬‬ ‫دين فقط؛ سننواء كننان الن ّ‬ ‫عملية ال ّ‬
‫أتننرون بعنند هننذه القيننود والشننروط واللزامننات ‪ ..‬تقنندر‬
‫شركات السمسرة المحتالة أن تفعل ما فعلتننه فنني ظننل‬
‫النظمة الرأسمالية الغربية؟!‬
‫وغيرها كننثير مننن النصننوص الشننرعية الننتي تتننناول‬
‫أحكننام النظننام القتصننادي فنني السننلم ‪ ..‬وعلننى وجننه‬
‫التفصنننيل والتننندقيق والتفرينننع ‪ ..‬لينننس الغنننرض هننننا‬
‫استقصاءها أو الحديث عنها ‪ ..‬فهذا له مجلداته ومراجعننه‬
‫المتخصصة ‪ ..‬وإنما أردت أن أبين ن ولو بصورة مننوجزة ننن‬
‫أن السننلم يملننك الحننل والبننديل المثليننن ‪ ..‬كمننا يملننك‬
‫التصور الشامل للمشنناكل القتصننادية وكيفيننة علجهننا نن‬
‫بشرط أن تخضع لقننانونه وسننلطانه ل لقننانون وسننلطان‬
‫غيره ن والذي يختلف مع النظام الرأسمالي في كثير مننن‬
‫جزئينناته وتطبيقنناته ‪ ..‬وتصننوراته ‪ ..‬وليننس كمننا يشننيع‬
‫العلمننننننانيون والننننننديمقراطيون ‪ ..‬والرأسننننننماليون‬
‫المتحاملون ‪ ..‬بأنه ل يوجد بديل عننن الرأسننمالية الغربيننة‬
‫الحرة ‪ ..‬سوى الرأسمالية ذاتهننا ‪ ..‬وأن السننلم ل يملننك‬
‫تصورا ً عن القتصاد ومشاكله ‪ ..‬كما ل يملك حل ً لها!‬

‫‪9‬‬
‫وعليه‪ ،‬فاليعلم الجميع أن الباطننل ‪ ..‬وإن عل صننوته‬
‫مزيننف فنني مرحلننة مننن‬ ‫وصننخبه ‪ ..‬وظهننر لننه بريننق ُ‬
‫ُ‬
‫المراحل ‪ ..‬إل أنه ل ولن يدوم ‪ ..‬فهو إلى زوال وأفول ل‬
‫محالة ‪ ..‬وبوادر أفوله ُتشير في الفق القريب ‪ ..‬والبقنناء‬
‫للحق ‪ ..‬والكلمة الدائمة هي للحق ‪ ..‬والمستقبل للحق ‪..‬‬
‫مهما حنناول المبطلننون أن ُيشوشننوا عليننه ‪ ..‬أو أن ُيلغننوا‬
‫مع كلمته القوية ‪ ..‬أو ُيرى نوره ‪ ..‬وكما‬ ‫فيه ‪ ..‬حتى ل ُتس َ‬
‫مهننا‬ ‫فَلت من قبننل ‪ ..‬وأفلننت معهننا قي َ ُ‬ ‫أن الشتراكية قد أ َ‬
‫ومفاهيمها ‪ ..‬فإن الرأسمالية الحنرة ‪ ..‬سننيأفل نجمهنا ‪..‬‬
‫مزّيف‬ ‫وتأفل معها قيمها ومفاهيمها ‪ ..‬وينطفئ بريقها ال ُ‬
‫‪ ..‬ويبقى السلم شامخا ً ثابتا ً عزيزا ً ‪ ..‬لنننه الحننق ‪ ..‬لنننه‬
‫دين الله ‪ ..‬لنه كلمة الله في الرض ‪ ..‬ولنه يملك الحننل‬
‫المثننل والشننامل لمشنناكل العننالم كلننه ‪ ..‬لننو خضننعوا‬
‫لسننلطانه وقننانونه ‪ ..‬وإن ذلننك قننادم ننن بننإذن اللننه ننن ل‬
‫مننا‬ ‫فنناء َ‬ ‫ج َ‬ ‫في َذْ َ‬‫ما الّزب َدُ َ‬ ‫محالة ‪ ..‬ولو بعد حين ‪َ َ  ..‬‬
‫وأ ّ‬ ‫َ‬ ‫ب ُ‬‫ه ُ‬ ‫فأ ّ‬
‫َ‬
‫ب الل ّن ُ‬
‫ه‬ ‫ر ُ‬ ‫ضن ِ‬ ‫ض ك َنذَل ِ َ‬
‫ك يَ ْ‬ ‫فنني الْر ِ‬ ‫مك ُن ُ‬
‫ث ِ‬ ‫في َ ْ‬‫س َ‬
‫ع الن ّننا َ‬
‫فن ُ‬‫مننا َين َ‬‫َ‬
‫ذ يفرح المؤمنون بنصر الله‪ ،‬والله‬ ‫ل ‪‬الرعد‪ .17:‬يومئ ٍ‬ ‫مَثا َ‬ ‫َ‬
‫ال ْ‬
‫تعالى ينصر من يشاء‪ ،‬وقت يشاء‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‬
‫وصلى الله على محمد النبي المي‪ ،‬وعلى آله‬
‫وصحبه وسّلم‪.‬‬

‫عبد المنعم مصطفى حليمة‬


‫" أبو بصير الطرطوسي "‬
‫‪ 19/10/1429‬هن‪ 19/10/2008 .‬م‪.‬‬

‫‪www.abubaseer.bizland.com‬‬

‫‪10‬‬

You might also like