You are on page 1of 24

‫وقوع العذاب على األمم السابقة‬

‫إعداد‬
‫جنات عبد العزيز دنيا‬
‫‪1‬‬
‫أسباب العذاب والمهالك التي تحيق بالمجتمعات ‪:‬‬
‫ش ْر َك‬ ‫‪ - 1‬الظلم والكفر‪ :‬وله صور أعظمها الشرك كما قال تعالى‪{ :‬إِنَّ ٱل ّ‬
‫{و ِت ْل َك ٱ ْلقُ َر ٰى أَهْ َل ْك َن ٰـ ُه ْم َل َّما َظ َل ُمو ْا‬
‫َل ُظ ْل ٌم َعظِ ي ٌم} [لقمان‪.،]13:‬وقال تعالى‪َ :‬‬
‫َو َج َع ْل َنا لِ َم ْهلِ ِك ِهم َّم ْو ِعدًا}[الكهف‪.]59:‬‬
‫‪ - 2‬الطغيان والظلم كما قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬إن‬
‫الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم هللا بعقاب))‬
‫[أبوداود‪ ،‬الترمذي‪ ،‬أحمد]‪ .‬وقد تتأخر عقوبة الظلم إلى حين وأجل‬
‫يعلمه هللا‪ ،‬فعن أبي موسى رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪(( :‬إن هللا ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته)) قال ثم قرأ‪:‬‬
‫شدِيدٌ}‬ ‫{و َك ٰذلِ َك أَ ْخ ُذ َر ّب َك إِ َذا أَ َخ َذ ٱ ْلقُ َر ٰى َوه َِى َظ ٰـلِ َم ٌة إِنَّ أَ ْخ َذهُ أَلِي ٌم َ‬
‫َ‬
‫[هود‪[ ]102:‬البخاري]‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ - 3‬كثرة المعاصي والمنكرات وقلة األمر بالمعروف‪:‬‬
‫ومن األسباب التي تحل العذاب العاجل في األمم فشو المنكرات‬
‫وشيوعها ‪ ،‬وذلك عندما تقصر األمة بواجبها في األمر بالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر‪ ،‬يقول صلى هللا عليه وسلم‪ ((:‬والذي نفسي بيده‬
‫لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن هللا أن يبعث عليكم‬
‫عقابا ً منه ثم تدعونه فال يستجاب لكم)) [ الترمذي‪،‬وقال‪ :‬هذا حديث‬
‫حسن]‪ .‬وعن عبد هللا بن عمر قال أقبل علينا رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم فقال‪(( :‬يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ باهلل‬
‫أن تدركوهن‪:‬لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إال فشا فيهم‬
‫الطاعون واألوجاع التي لم تكن مضت في أسالفهم الذين مضوا))‬
‫[صححه األلباني ]‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫قال القرطبي‪" :‬وهذه سنة هللا في عباده إذا فشا المنكر ولم يغير عوقب‬
‫الجميع"‪[ .‬تفسير القرطبي]‪ .‬والعقاب الدنيوي الذي ينزل بالجميع ال‬
‫يعني االشتراك في العذاب في اآلخرة‪ ،‬بل كل يحاسب عن عمله ‪ ،‬فعن‬
‫أم سلمة مرفوعاً‪(( :‬إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم هللا عز وجل‬
‫بعذاب من عنده فقلت‪ :‬يا رسول هللا أما فيهم يومئذ أناس صالحون؟‬
‫قال‪ :‬بلى‪ ،‬قالت‪ :‬فكيف يصنع أولئك؟ قال‪ :‬يصيبهم ما أصاب الناس ثم‬
‫يصيرون إلى مغفرة من هللا ورضوان)) [أحمد]‪.‬‬
‫قال القرطبي‪" :‬فإن قيل فكيف يعم بالهالك مع أن فيهم مؤمنا ليس‬
‫بظالم قيل يجعل هالك الظالم انتقاما وجزاء وهالك المؤمن معوضا ً‬
‫بثواب اآلخرة ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ - 4‬الغلو في الدين‪:‬‬
‫قال صلى هللا عليه وسلم ‪...((:‬يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين فإنه‬
‫أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين)) [صححه األلبانى]‪.‬‬
‫قال المناوي"إياكم والغلو في الدين أي التشديد فيه ومجاوزة الحد‬
‫والبحث عن غوامض األشياء والكشف عن عللها "[فيض القدير]‪.‬‬
‫‪ - 5‬كفران النعم‪:‬‬
‫الزيدَ َّن ُك ْم َو َلئِن َك َف ْر ُت ْم إِنَّ َع َذ ِابى‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ت‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫ِن‬ ‫ئ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫ب‬
‫ُّ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫نَ‬‫ذ‬‫َّ‬ ‫َ‬ ‫{وإِ ْذ َتأ‬
‫قال تعالى ‪َ :‬‬
‫{ذلِ َك ِبأَنَّ ٱهَّلل َ َل ْم َي ُك ُم َغ ّيراً‬ ‫شدِيدٌ} [إبراهيم‪ ، ]7:‬وكما قال هللا تعالى‪ٰ :‬‬ ‫َل َ‬
‫سمِي ٌع َعلِي ٌم}‬ ‫ّن ْع َم ًة أَ ْن َع َم َها َع َل ٰى َق ْو ٍم َح َّت ٰى ُي َغ ّي ُرو ْا َما ِبأ َ ْنفُسِ ِه ْم َوأَنَّ ٱهَّلل َ َ‬
‫[األنفال‪.]53:‬قال الطبري‪" :‬يقول تعالى ذكره‪ :‬إن هللا ال يغير ما بقوم‬
‫من عافية ونعمة فيزيل ذلك عنهم ويهلكهم حتى يغيروا ما بأنفسهم من‬
‫ذلك بظلم بعضهم بعضا ً واعتداء بعضهم على بعض‪ ،‬فتحل بهم حينئذ‬
‫عقوبته وتغييره" [ تفسير الطبري]‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -6‬التنافس في الدنيا والشح بما فيها‪:‬‬
‫ومن أسباب العذاب الركون إلى الدنيا والتسابق فيها‪ ،‬وهو الداء الذي‬
‫أهلك األمم السابقة كما في قوله صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬إياكم والشح‪،‬‬
‫فإنما هلك من كان قبلكم بالشح‪ ،‬أمرهم بالبخل فبخلوا‪ ،‬وأمرهم بالقطيعة‬
‫فقطعوا‪ ،‬وأمرهم بالفجور ففجروا)) [أبو داود‪ ،‬أحمد‪ ،‬الحاكم‪،‬الذهبي] ‪.‬‬
‫قال ابن حجر‪" :‬فيه أن المنافسة في الدنيا قد تجر إلى هالك الدين"‬
‫[فتح الباري]‪ .‬وهو ما حذر النبي صلى هللا عليه وسلم أمته منه حين‬
‫حذرها من فتنة الدنيا والتسابق فيها فقال‪(( :‬فوهللا ال الفقر أخشى‬
‫عليكم‪ ،‬ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان‬
‫قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم))(البخاري‪،‬مسلم)‬
‫‪6‬‬
‫وقال‪(( :‬إني مما أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا‬
‫وزينتها)) [البخاري‪ ،‬مسلم]‪.‬‬
‫فبسطة الدنيا على العباد سبب طغيانهم كما قال هللا‪َ { :‬كالَّ إِنَّ ٱإلِ َ‬
‫نس ٰـنَ‬
‫ٱس َت ْغ َن ٰى} [العلق‪.]7 ،6:‬‬ ‫َل َي ْط َغ ٰى* أَن َّرءاهُ ْ‬
‫قال الطبري‪" :‬إن اإلنسان ليتجاوز حده ويستكبر على ربه فيكفر به ألن‬
‫رأى نفسه استغنت" [تفسير الطبري]‪.‬‬
‫ض َو َلكِنْ ُي َن ِّزل ُ‬ ‫س َط هَّللا ُ ِّ‬
‫الر ْز َق لِ ِع َبا ِد ِه َل َب َغ ْوا فِي اأْل َ ْر ِ‬ ‫‪{:‬و َل ْو َب َ‬
‫وقال تعالى َ‬
‫شا ُء إِ َّن ُه ِب ِع َبا ِد ِه َخ ِبي ٌر َبصِ ي ٌر} [الشورى‪.]27:‬‬ ‫ِب َقدَ ٍر َما َي َ‬
‫قال ابن كثير‪" :‬أي لو أعطاهم فوق حاجتهم من الرزق لحملهم ذلك‬
‫على البغي والطغيان من بعضهم على بعض أشراً وبطراً"‬
‫[تفسير ابن كثير ]‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫أنواع العذاب الذى أنزله هللا فى األمم السابقة‬
‫يورد القرآن والسنة في عشرات المواضع التي يتحدث هللا فيها عن‬
‫عذابه ورجزه الذي أنزله في األمم السابقة‪ ،‬وقد تفاوتت العقوبات التي‬
‫أصابت األمم بتفاوت جرائمهم وعصيانهم هلل عز وجل‪ ،‬يقول شيخ‬
‫اإلسالم ابن تيمية‪" :‬وكان عذاب كل أمة بحسب ذنوبهم و جرائمهم‪،‬‬
‫فكان الجزاء من جنس العمل‪،‬فإن هللا سبحانه بحكمته وعدله يظهر‬
‫للناس أعمالهم في قوالب وصور تناسبها‪ ،‬فتارة بقحط وجدب‪ ،‬وتارة‬
‫بعدو‪ ،‬وتارة بوالة جائرين‪ ،‬وتارة بأمراض عامة‪ ،‬وتارة بهموم وآالم‬
‫وغموم تحضرها نفوسهم‪ ،‬ال ينفكون عنها‪ ،‬وتارة بمنع بركات السماء‬
‫واألرض عنهم‪ ،‬وتارة بتسليط الشياطين عليهم تؤزهم إلى أسباب‬
‫العذاب أزاً “ وفيما يلى صور من أنواع العذاب‪:‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ -1‬الغرق والطوفان‬
‫عذب هللا به الكافرين من قوم نوح { َفأ َ َخ َذ ُه ُم ٱل ُّطو َفانُ َو ُه ْم َظ ٰـلِ ُمونَ }‬
‫[العنكبوت‪ . ]14:‬قال ابن كثير‪" :‬من كثرة ذنوبهم وعتوهم وإصرارهم‬
‫على كفرهم ومخالفتهم رسولهم أغرقوا]‪ .‬ثم عذب هللا فرعون وجنوده‬
‫بالغرق في اليم { َفأ َ ْغ َر ْق َن ٰـ ُه ْم فِي ٱ ْل َي ّم}‪[.‬األعراف‪َ { .]136:‬فأ َ ْغ َر ْق َن ٰـ ُه ْم‬
‫أَ ْج َمعِينَ } [األنبياء‪ .]77:‬كما عذب بالسيل والطوفان مملكة سبأ‬
‫س ْيل َ ٱ ْل َع ِر ِم َو َبدَّ ْل َن ٰـ ُه ْم ِب َج َّن ٰـتِ ِه ْم َج َّن َت ْي ِن َذ َوا َت ْى‬ ‫ضو ْا َفأ َ ْر َ‬
‫س ْل َنا َع َل ْي ِه ْم َ‬ ‫{ َفأ َ ْع َر ُ‬
‫ِيل * َذلِ َك َج َز ْي َن ٰـ ُه ْم ِب َما َك َف ُرو ْا َو َهلْ‬ ‫ش ْىء ّمن سِ دْ ٍر َقل ٍ‬ ‫أ ُ ُك ٍل َخ ْمطٍ َوأَ ْث ٍل َو َ‬
‫ور}[سبأ‪ . ]17-16:‬وهدد هللا اآلمنين من مكره بعذاب‬ ‫ُن ْج ِزى إِالَّ ٱ ْل َكفُ َ‬
‫ار ًة أ ُ ْخ َر ٰى َف ُي ْرسِ ل َ َع َل ْي ُك ْم َقاصِ ًفا ّمنَ‬ ‫الغرق فقال‪{:‬أَ ْم أَمِن ُت ْم أَن ُيعِيدَ ُك ْم فِي ِه َت َ‬
‫يح َف ُي ْغ ِر َق ُكم ِب َما َك َف ْر ُت ْم ُث َّم الَ َت ِجدُو ْا َل ُك ْم َع َل ْي َنا ِب ِه َت ِبي ًعا} [اإلسراء‪.]69:‬‬ ‫ٱلر ِ‬ ‫ّ‬
‫يقول ابن كثير ‪ :‬أى ُيعِيد ُك ْم " فِي ا ْل َب ْحر َم َّرة َثا ِن َية " َف ُي ْرسِ ل َع َل ْي ُك ْم‬
‫الص َو ِاري َو ُي ْغ ِرق ا ْل َم َراكِب ‪.‬‬ ‫الريح "ـ أَ ْي َي ْقصِ ف َّ‬ ‫َ‪9‬قاصِ ًفا مِنْ ِّ‬
‫‪ -2‬الريح‬
‫‪{.‬وأَ َّما َعا ٌد َفأُهْ لِ ُكو ْا‬‫وهو عذاب هللا عذب به قوم عاد لما كفروا بربهم َ‬
‫صراً}‬ ‫ص ْر َ‬ ‫س ْل َنا َع َل ْي ِه ْم ِريحا ً َ‬ ‫ص ٍر َعا ِت َيةٍ} [الحاقة‪َ { .]6:‬فأ َ ْر َ‬ ‫ص ْر َ‬‫يح َ‬ ‫ِب ِر ٍ‬
‫ض‬‫ار ٌ‬ ‫ارضا ً ُّم ْس َت ْق ِبل َ أَ ْو ِد َي ِت ِه ْم َقالُو ْا ه َٰـ َذا َع ِ‬‫[فصلت‪َ {.]16:‬ف َل َّما َرأَ ْوهُ َع ِ‬
‫اب أَلِي ٌم} [األحقاف‪، ]24:‬‬ ‫ٱس َت ْع َج ْل ُتم ِب ِه ِري ٌح فِي َها َع َذ ٌ‬ ‫ُّم ْمطِ ُر َنا َبلْ ه َُو َما ْ‬
‫صرا ً‬ ‫ص ْر َ‬ ‫س ْل َنا َع َل ْي ِه ْم ِريحا ً َ‬ ‫ف َكانَ َع َذ ِابى َو ُن ُذ ِر * إِ َّنا أَ ْر َ‬ ‫{ َك َّذ َب ْت َعا ٌد َف َك ْي َ‬
‫اس َكأ َ َّن ُه ْم أَ ْع َجا ُز َن ْخ ٍل ُّمن َقع ٍِر}‬ ‫نز ُع ٱل َّن َ‬‫س ُّم ْس َتم ِّر * َت ِ‬ ‫فِى َي ْو ِم َن ْح ٍ‬
‫[القمر‪ .]20-18:‬وقد كان نبينا إذا رأى ريحا ً خاف وظهر ذلك في‬
‫وجهه‪ ،‬وفي مسلم عن عائشة رضي هللا عنها أن رسول هللا كان إذا‬
‫عصفت الريح يقول‪(( :‬اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما‬
‫أرسلت به‪ ،‬وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسـلت به))‬
‫[مسلم ]‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫تقول عائشة رضي هللا عنها‪ :‬وكان إذا رأى غيما ً أو ريحا ً عرف ذلك‬
‫في وجهه‪ ،‬قالت‪ :‬يا رسول هللا الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن‬
‫يكون فيه المطر‪ ،‬وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية؟ فقال‪:‬‬
‫((يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب‪ ،‬قد عذب قوم بالريح‪ ،‬ورأى‬
‫ض ُّم ْمطِ ُر َنا})) [البخـاري‪ ،‬مسلم]‪.‬‬ ‫قوم العذاب فقالـوا‪َ { :‬ه ٰـ َذا َع ِ‬
‫ار ٌ‬

‫‪11‬‬
‫‪ - 3‬الصيحة‬
‫وهي عذاب هللا الذي عذب به قوم صالح ‪ .‬والصيحة هي كما قال‬
‫القرطبي في تفسيرها‪" :‬صيح بهم فماتوا‪ ،‬وقيل صاح بهم جبريل‪ ،‬وقيل‬
‫{وأَ َخ َذ ٱ َّلذِينَ‬
‫غيره‪ .‬وقال أيضاً‪ :‬كانت صيحة شديدة خلعت قلوبهم" َ‬
‫ار ِه ْم َج ٰـ ِثمِينَ } [هود‪.]67:‬‬ ‫ص َب ُحو ْا فِى ِد َي ِ‬ ‫ٱلص ْي َح ُة َفأ َ ْ‬
‫َظ َل ُمو ْا ٱل َّ‬
‫ص‬
‫يم ٱ ْل ُم ْح َتظِ ِر}‬ ‫شِ‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ْ‬
‫ا‬ ‫و‬‫ن‬‫ُ‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ً‬
‫ة‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ح‬
‫ِدَ‬ ‫و‬‫ٰ‬ ‫ص ْي َح ً‬
‫ة‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫وقال‪{ :‬إِ َّنا أَ‬
‫ِ‬
‫س َماء‬ ‫ص ْي َحة مِنْ ال َّ‬ ‫اء ْت ُه ْم َ‬
‫[القمر‪ .]31:‬وقال ابن كثير فى تفسيره ” َج َ‬
‫اض ْت اأْل َ ْر َواح َو َز َه َق ْت ال ُّنفُوس فِي‬ ‫شدِيدَ ة مِنْ أَ ْس َفل ِم ْن ُه ْم َف َف َ‬ ‫َو َر ْج َفة َ‬
‫اعة َواحِدَ ة ”‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫َ‬
‫{و َما َين ُظ ُر َهـؤُ آلء إِالَّ‬ ‫ويهدد هللا المشركين بمثل هذا العذاب فيقول‪َ :‬‬
‫اق} [ص‪.]15:‬‬ ‫ص ْي َح ًة ٰو ِحِدَ َد ًة َّما َل َها مِن َف َو ٍ‬ ‫َ‬
‫‪12‬‬
‫‪ - 4‬الحـاصب ( الحجارة )‬

‫والحاصب كما قال أبو عبيدة هى ”الحجارة“ وقال ابن حجر‪ :‬الحصباء‬
‫في الريح‪ .‬وهو العذاب الذي عذب هللا به قوم لوط لما كفروا وارتكبوا‬
‫س ْل َنا َع َل ْي ِه َحاصِ باً} [العنكبوت‪]40:‬‬ ‫الموبقات فقال‪َ { :‬ف ِم ْن ُهم َّمن أَ ْر َ‬
‫س َح ٍر} [القمر‪]34:‬‬ ‫س ْل َنا َع َل ْي ِه ْم َح ٰـصِ با ً إِالَّ ال َ لُوطٍ َّن َّج ْي َن ٰـ ُهم ِب َ‬ ‫وقال‪{:‬إِ َّنا أَ ْر َ‬
‫س َّو َم ًة‬ ‫ضو ٍد ُّم َ‬ ‫يل َّم ْن ُ‬ ‫ار ًة ّمن سِ ّج ٍ‬ ‫{وأَ ْم َط ْر َنا َع َل ْي َها ح َِج َ‬ ‫وهو قوله تعالى‪َ :‬‬
‫ٱلظ ٰـلِمِينَ ِب َبعِيدٍ} [هود‪.]83 ،82:‬‬ ‫عِ ندَ َر ّب َك َو َما هِى مِنَ َّ‬
‫ٱلظ ٰـلِمِينَ ِب َبعِيدٍ} [هود‪.]83:‬‬ ‫{و َما هِى مِنَ َّ‬ ‫ونقل القرطبي في تفسيره َ‬
‫ف َف َعل َ َر ُّب َك‬ ‫وهو العذاب الذي عذب هللا به أصحاب الفيل {أَ َل ْم َت َر َك ْي َ‬
‫ابيل َ *‬
‫ِ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ط‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫س‬‫َ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ِيل‬‫ٍ‬ ‫ل‬ ‫ض‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ِى‬ ‫ف‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫دَ‬ ‫ي‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ج‬
‫ْ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫*‬ ‫ِيل‬
‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ـ‬‫ٰ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ص‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِبأ‬
‫يل} [الفيل‪.]4-1:‬‬ ‫ار ٍة ّمن سِ ّج ٍ‬ ‫َت ْرمِي ِهم ِبح َِج َ‬
‫‪13‬‬
‫ومن جنسه الحد الذي جعله هللا عقوبة للزاني المحصن‪ ،‬وهو الرجم‪.‬‬
‫والحاصب هو العذاب الذي حذر هللا قريشا ً به فقال‪{ :‬أَ ْم أَمِن ُت ْم ّمن فِى‬
‫ِير} [الملك‪.]17:‬‬ ‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ونَ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫صِ‬ ‫ـ‬‫ٰ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫سِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ٱلس َماء أ‬
‫س‬
‫ٱل َّ‬
‫ف ِب ُك ْم َجان َِب ٱ ْل َب ّر أَ ْو ُي ْرسِ ل َ َع َل ْي ُك ْم َحاصِ ًبا}‬ ‫وقال‪{ :‬أَ َفأَمِن ُت ْم أَن َي ْخسِ َ‬
‫[اإلسراء‪.]68:‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ - 5‬الخسف‬
‫والخسف هو كما عرفه القرطبي هو "الذهاب في األرض" [تفسير‬
‫القرطبي] ؛وهو ذهاب المكان ومن عليه وغيبوبته في بطن األرض‪.‬‬
‫س ْف َنا ِب ِه َو ِبدَ ِ‬
‫ار ِه‬ ‫وهو عذاب هللا به قارون لما بغى وأفسد فقال‪َ {:‬ف َخ َ‬
‫ُون ٱهَّلل ِ َو َما َكانَ مِنَ‬ ‫ص ُرو َن ُه مِن د ِ‬ ‫ض َف َما َكانَ َل ُه مِن فِ َئ ٍة َين ُ‬
‫ٱألر َ‬
‫ْ‬
‫ض}‬ ‫ٱألر َ‬‫س ْف َنا ِب ِه ْ‬ ‫ٱ ْل ُمن َتصِ ِرينَ } [القصص‪َ .]81:‬‬
‫{و ِم ْن ُه ْم َّمنْ َخ َ‬
‫[العنكبوت‪ .]40:‬وهو أحد أنواع العذاب التي تكون في آخر الزمان كما‬
‫في حديث عمران بن حصين حيث سمع النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫يقول‪(( :‬في هذه األمة خسف ومسخ وقذف‪ ،‬إذا ظهرت القينات‬
‫والمعازف‪ ،‬وشرب الخمور)) [الترمذي‪ ،‬أبو داود] ‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫ت أَن‬ ‫ٱلس ّي َئا ِ‬‫وقد حذر هللا العصاة من هذا العذاب‪{:‬أَ َفأَمِنَ ٱ َّلذِينَ َم َك ُرو ْا ٱل َّ‬
‫س‬
‫ش ُع ُرونَ }‬ ‫ث الَ َي ْ‬‫اب مِنْ َح ْي ُ‬ ‫ض أَ ْو َيأْ ِت َي ُه ُم ٱ ْل َع َذ ُ‬ ‫ف ٱهَّلل ُ ِب ِه ُم ْ‬
‫ٱألر َ‬ ‫َي ْخسِ َ‬
‫ض أَ ْو ُن ْسق ِْط َع َل ْي ِه ْم ِك َ‬
‫س فا ً‬ ‫ٱألر َ‬ ‫ف ِب ِه ُم ْ‬ ‫شأْ َن ْخسِ ْ‬ ‫[النحل‪ .]45:‬وقال‪{:‬إِن َّن َ‬
‫ٱلس َماء إِنَّ فِى َذلِ َك آل َي ًة ّل ُكل ّ َع ْب ٍد ُّمنِيبٍ} [سبأ‪.]9:‬‬ ‫ّمنَ َّ‬
‫ومن صور الخسف الزالزل التي تميد باألرض فتخرب المدن بعد‬
‫عمارها ‪ ،‬وقد ذكر صلى هللا عليه وسلم أن الزالزل تكثر بين يدي‬
‫الساعة قال صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬ال تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان‬
‫عظيمتان‪ ... ،‬وحتى يقبض العلم وتكثر الزالزل‪ ،‬ويتقارب الزمان‪)) ..‬‬
‫[ صحيح البخاري]‪ .‬قال ابن حجر‪" :‬وقد وقع في كثير من البالد‬
‫الشمالية والشرقية والغربية كثير من الزالزل‪ ،‬ولكن الذي يظهر أن‬
‫المراد بكثرتها شمولها ودوامها" [فتح الباري ]‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫‪ - 6‬الجوع والعطش وضيق األرزاق‬

‫ض َر َب ٱهَّلل ُ َم َثالً َق ْر َي ًة َكا َن ْت ءا ِم َن ًة‬ ‫{و َ‬


‫وهو ما عذب به قوم سبأ حيث قال‪َ :‬‬
‫ان َف َك َف َر ْت ِبأ َ ْن ُع ِم ٱهَّلل ِ َفأ َ َذا َق َها ٱهَّلل ُ‬
‫ُّم ْط َم ِئ َّن ًة َيأْتِي َها ِر ْزقُ َها َر َغدًا ّمن ُكل ّ َم َك ٍ‬
‫ص َن ُعونَ } [النحل‪.]112:‬‬ ‫ف ِب َما َكا ُنو ْا َي ْ‬‫وع َوٱ ْل َخ ْو ِ‬
‫فِ‬ ‫اس ٱ ْل ُج ِ‬ ‫لِ َب َ‬
‫قال ابن كثير‪" :‬بان النقص في الثمار والزروع بسبب المعاصي ليذيقهم‬
‫بعض الذي عملوا"‪ .‬وقال صلى هللا عليه وسلم محذراً من وقوع بعض‬
‫هذا البالء‪(( :‬يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ باهلل أن‬
‫تدركوهن ‪..... :‬ولم ينقصوا المكيال والميزان إال أخذوا بالسنين وشدة‬
‫المؤنة وجور السلطان عليهم‪ ،‬ولم يمنعوا زكاة أموالهم إال منعوا القطر‬
‫من السماء‪ ،‬ولوال البهائم لم يمطروا‪[)) .. ‬صحيح ابن ماجه والحاكم ]‬
‫‪17‬‬
‫وكما اصاب أصحاب الجنة ‪:‬قال تعالى فى سورة القلم ‪{ :‬إِ َّنا َب َل ْو َنا ُه ْم َك َما‬
‫ص ِبحِينَ * َواَل َي ْس َت ْث ُنونَ *‬ ‫اب ا ْل َج َّن ِة إِ ْذ أَ ْق َ‬
‫س ُموا َل َي ْ‬
‫ص ِر ُم َّن َها ُم ْ‬ ‫ص َح َ‬‫َب َل ْو َنا أَ ْ‬
‫يم *‬ ‫ر‬ ‫الص‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ح‬‫َ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ص‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِف ِّمن َّر ِّب َك َو ُه ْم َنا ِئ ُمونَ * َفأ‬ ‫اف َع َل ْي َها َطائ ٌ‬‫َف َط َ‬
‫ِ ِ‬
‫انط َلقُوا‬
‫ارمِينَ * َفان َط‬ ‫ص ِ‬ ‫اغدُوا َع َلى َح ْر ِث ُك ْم إِن ُكن ُت ْم َ‬ ‫ص ِبحِينَ * أَ ِن ْ‬ ‫َف َت َنادَ وا ُم ْ‬
‫َو ُه ْم َي َت َخا َف ُتونَ * أَن اَّل َيدْ ُخ َل َّن َها ا ْل َي ْو َم َع َل ْي ُكم ِّم ْسكِينٌ *‪. )25 – 17( ..‬‬
‫قال ابن عباس‪:‬إنه كان شيخ كانت له جنة ‪،‬وكان ال يدخل بيته ثمرة‬
‫منها وال إلى منزله حتى يعطي كل ذي حق حقه‪ .‬فلما قبض الشيخ‬
‫وورثه بنوه طغوا وبغوا وتعاهدوا أال يعطوا أحدا من فقراء المسلمين‬
‫شيئا هذا العام حتى تكثر أموالهم فرضي بذلك منهم أربعة‪ ،‬وسخط‬
‫الخامس أوسطهم كما قال تعالى ‪{ :‬قال أوسطهم ألم أقل لكم لوال‬
‫تسبحون} ‪ ،‬يقول رب العزة "إ َّنا َب َل ْو َنا ُه ْم" أى ا ْم َت َح َّنا أَهْ ل َم َّكة ِبا ْل َق ْحطِ‬
‫ص َحاب ا ْل ُب ْس َتان ‪،‬‬ ‫ص َحاب ا ْل َج َّنة" أَ ْي أَ ْ‬ ‫َوا ْل ُجوع " َك َما َب َل ْو َنا أَ ْ‬
‫‪18‬‬
‫ص َباح َك ْي‬ ‫ص ِبحِينَ " َو ْقت ال َّ‬
‫الص‬ ‫ص ِر ُم َّن َها" َي ْق َط ُعونَ َث َم َرت َها " ُم ْ‬ ‫س ُموا لِ َي ْ‬ ‫"إذ أَ َق َ‬ ‫ْ‬
‫صدَّ ق ِب ِه‬ ‫ساكِين َفلا ُي ْع ُطو َن ُه ْم ِم ْن َها َما َكانَ أَ ُبو ُه ْم َي َت َ‬ ‫ش ُعر ِب ِه ْم ا ْل َم َ‬ ‫اَل َي ْ‬
‫َع َل ْي ِه ْم ِم ْن َها ‪ .‬وتعاهدوا على ذلك‪ .‬ولكن لم يفلحوا في أمرهم ‪ .‬يقول‬
‫تعالى ‪{:‬فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم } ‪.‬‬
‫كذلك ذكر هذا العذاب فى فى قصة المؤمن والكافر في ‪ ‬سورة الكهف ‪:‬‬
‫اض ِر ْب َل ُه ْم َم َثاًل َر ُج َل ْي ِن َج َع ْل َنا أِل َ َح ِد ِه َما َج َّن َت ْي ِن مِنْ أَ ْع َنا ٍ‬
‫ب‬ ‫قال تعالى ‪َ :‬و ْ‬
‫َو َح َف ْف َنا ُه َما ِب َن ْخ ٍل َو َج َع ْل َنا َب ْي َن ُه َما َز ْر ًعا * ِك ْل َتا ا ْل َج َّن َت ْي ِن آ َت ْت أ ُ ُك َل َها َو َل ْم‬
‫ِصاح ِِب ِه َوه َُو‬ ‫ش ْي ًئا َو َف َّج ْر َنا ِخاَل َل ُه َما َن َه ًرا * َو َكانَ َل ُه َث َم ٌر َف َقال َ ل َ‬ ‫َت ْظلِ ْم ِم ْن ُه َ‬
‫او ُرهُ أَ َنا أَ ْك َث ُر ِم ْن َك َمااًل َوأَ َع ُّز َن َف ًرا* َودَ َد َخلَ َج َّن َت ُه َوه َُو َظالِ ٌم لِ َن ْفسِ ِه َقال َ‬ ‫ُي َح ِ‬
‫ت إِلَى َر ِّبي‬ ‫اع َة َقا ِئ َم ًة َو َلئِنْ ُردِدْ ُ‬ ‫َما أَ ُظنُّ أَنْ َت ِبي َد َه ِذ ِه أَ َبدًا* َو َما أَ ُظنُّ َّ‬
‫الس َ‬
‫أَل َ ِجدَنَّ َخ ْي ًرا ِم ْن َها ُم ْن َق َل ًبا *( ‪.) 36 – 32‬‬
‫‪19‬‬
‫والمشهور أن هذين كانا رجلين مصطحبين‪ ،‬وكان أحدهما مؤمنا‬
‫واآلخر كافرا‪ ،‬ويقال‪ :‬إنه كان لكل منهما مال ‪ ،‬فأنفق المؤمن ماله في‬
‫طاعة هللا ومرضاته ابتغاء وجهه ‪ ،‬وأما الكافر فإنه اتخذ له بستانين ‪،‬‬
‫وهما الجنتان المذكورتان في اآلية ولما اغتر هذا الجاهل بما خوله هللا‬
‫به في الدنيا ‪ ،‬فجحد اآلخرة وادعى أنها إن وجدت ليجدن عند ربه خيرا‬
‫او ُرهُ أي‬ ‫صا ِح ُب ُه َوه َُو ُي َح ِ‬ ‫مما هو فيه‪ ،‬وسمعه صاحبه يقول ذلك َقال َ َل ُه َ‬
‫س َّوا َك َر ُجلا}‬ ‫ب ُث َّم مِنْ ُن ْط َف ٍة ُث َّم َ‬‫؛ يجادله { أَ َك َف ْر َت ِبا َّلذِي َخ َل َق َك مِنْ ُت َرا ٍ‬
‫ويذكر لنا القرآن أنه جاءه أمر أحاط بجميع حواصله وخرب جنته‪.‬‬
‫س‬‫الر ِّ‬‫اب َّ‬ ‫ص َح ُ‬ ‫وح َوأَ ْ‬
‫وأصحاب الرس قال تعالى فيهم‪َ {::‬ك َّذ َب ْت َق ْب َل ُه ْم َق ْو ُم ُن ٍ‬
‫َو َث ُمو ُد} (سورة ق آية ‪َ . )12‬و َقال َ ِا ْبن َع َّباس ‪ :‬أصحاب الرس ُه ْم َق ْوم‬
‫ش َجاره ْم َو ُز ُروعه ْم َف َما ُتوا ُجو ًعا َو َع َط ً‬
‫شا‬ ‫يجانَ َق َتلُوا أَ ْن ِب َياء َف َج َّف ْت أَ ْ‬
‫ِبأ َ ْذ َر ِب َ‬
‫‪20‬‬
‫‪ - 7‬الخوف وتسليط األعداء والذل وكثرة القتل والحرـوب‬

‫وهذا النوع من العذاب عذب هللا به بني إسرائيل فجعلهم فرقا ً كثيرة‬
‫{وإِ ْذ َتأ َ َّذنَ َر ُّب َك َل َي ْب َع َثنَّ‬
‫وأضاف إلى ذلك الهوان والذلة إلى يوم القيامة َ‬
‫سوء ٱ ْل َع َذابِ} [األعراف‪.]167:‬‬ ‫َع َل ْي ِه ْم إِلَ ٰى َي ْو ِم ٱ ْلقِ َي ٰـ َم ِة َمن َي ُ‬
‫سو ُم ُه ْم ُ‬
‫ٱلذ َّل ُة أَ ْينَ َما ُثقِفُو ْا إِالَّ ِب َح ْب ٍل ّمنْ ٱهَّلل ِ َو َح ْب ٍل‬ ‫ض ِر َب ْت َع َل ْي ِه ُم ّ‬
‫وقوله تعالى‪ُ { :‬‬
‫اس}[األعراف‪.]112:‬ومنه قوله تعالى‪{:‬قُلْ ه َُو ٱ ْل َقا ِد ُر َع َل ٰى أَن‬ ‫ّمنَ ٱل َّن ِ‬
‫س ُك ْم شِ َيعا ً َو ُيذ َ‬
‫ِيق‬ ‫ت أَ ْر ُجلِ ُك ْم أَ ْو َي ْل ِب َ‬ ‫َي ْب َع َث َع َل ْي ُك ْم َع َذابا ً ّمن َف ْوقِ ُك ْم أَ ْو مِن َت ْح ِ‬
‫ت َل َع َّل ُه ْم َي ْف َق ُهون}‬ ‫ف ٱآل َي ٰـ ِ‬‫ص ّر ُ‬‫ف ُن َ‬ ‫ض ٱ ْن ُظ ْر َك ْي َ‬ ‫س َب ْع ٍ‬ ‫ض ُك ْم َبأْ َ‬‫َب ْع َ‬
‫[األنعام‪.]65:‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ -8‬المسخ‬

‫والمسخ كما عرفه المباركفوري التغير في الصورة ‪.‬‬


‫{و َل َقدْ َعلِ ْم ُت ُم ٱ َّلذِينَ‬
‫وقد عذب هللا بني إسرائيل عندما اعتدوا في السبت َ‬
‫ت َفقُ ْل َنا َل ُه ْم ُكو ُنو ْا ق َِردَ ًة َخ ٰـسِ ئِينَ } [البقرة‪.]65:‬‬ ‫دَو ْا مِن ُك ْم فِى َّ‬
‫ٱلس ْب ِ‬ ‫ٱع َتدَ و‬
‫ْ‬
‫ير} [المائدة‪.]60:‬‬ ‫{و َج َعل ِم ْن ُه ُم ٱ ْلق َِردَ َة َوٱ ْل َخ َن ِ‬
‫از َ‬ ‫وقال‪َ :‬‬
‫وأخبر صلى هللا عليه وسلم أن هذا العذاب يكون في هذه األمة‪ ،‬ووصف‬
‫ذنب أولئك الممسوخين والذي بسببه يمسخهم هللا‪ ،‬فقال صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪(( :‬يكون في هذه األمة أو في أمتي خسف أو مسخ أو قذف في‬
‫أهل القـدر)) [الترمـذي‪،‬ابن ماجه] وعن عمران بن حصين مرفوعاً‪:‬‬
‫((في هذه األمة خسف ومسخ وقذف فقال رجل‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬ومتى‬
‫ذلك؟ قال‪ :‬إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمـور)) [الترمـذي‬
‫ونحوه في أبي داود]‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫وعن ابن حبان‪(( :‬ال تقوم الساعة حتى يكون في أمتي خسف ومسخ))‬
‫[صحيح ابن حبان بإسناد حسن]‪.‬‬
‫قال ابن تيمية‪" :‬المسخ واقع في هذه األمة وال بد‪ ،‬وهو واقع في‬
‫طائفتين ‪ :‬علماء السوء الكاذبين على هللا ورسوله صلى هللا عليه وآله‬
‫وسلم‪ ،‬الذين قبلوا دينه‪ ،‬والمجاهرين المنهمكين في شرب الخمر‬
‫والمحارم‪ ."...‬وقال‪" :‬إنما يكون الخسف والمسخ إذا استحلوا هذه‬
‫المحرمات بتأويل فاسد فإنهم لو يستحلوها مع اعتقاد أن الشارع‬
‫حرمها كفروا ولم يكونوا من أمته‪ ،‬ولو كانوا معترفين بحرمتها لما‬
‫عوقبوا بالمسخ كسائر من يفعل هذه المعاصي‪ ،‬مع اعترافهم بأنها‬
‫معصية"‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ - 9‬األمراض والباليا والطواعين‬

‫وهو نوع آخر من العذاب يصبه هللا على األمم المتجبرة الكافرة أو‬
‫المسلمة العاصية‪ ،‬كما قال النبي صلى هللا عليه وسلم في حديث أسامة‬
‫رجس‬
‫ٌ‬ ‫بن زيد قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬الطاعون‬
‫أرسل على طائفة من بني إسرائيل أوعلى من كان قبلكم)) [البخاري‪،‬‬
‫مسلم]‪ .‬وقد توعد هللا فيه عصاة األمم ؛قال صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫((لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إال فشا فيهم الطاعون‬
‫واألوجاع التي لم تكن مضت في أسالفهم الذين مضوا)) [ابن ماجه‪،‬‬
‫( صحيح) ]‪.‬‬
‫أعلم‬ ‫و‬
‫‪gannatdonya@gmail.com‬‬
‫‪24‬‬

You might also like