Professional Documents
Culture Documents
إذا ربينا أنفسنا على القيم اإليمانية واألخالقية واالجتماعية والتزمنا بالسلوك االقتصادي اإلسالمي سيحدث توازن في
ميزانية البيت المسلم ،فنجده يدخر وال يقترض وهنا تسوده المودة والرحمة والسكينة ،هذا ملخص ما قاله الدكتور حسين
شحاتة أستاذ االقتصاد اإلسالمي في كلية التجارة في جامعة 5األزهر ،في حواره مع الوعي اإلسالمي،كما حدد أيضا ً بنود
الدستور االقتصادي اإلسالمي لألسرة المسلمة 5،وأهم السلوكيات االقتصادية وما السلوكيات االقتصادية لألسرة المنهي
عنها·
يدعو الدكتور حسين شحاتة دائما ً إلى االهتمام بالتربية الشاملة ويركز دعوته على التربية االقتصادية··· يرجى توضيح
ذلك؟
ـ ال يخفى علينا جميعا ً أهمية التربية في المجتمع المسلم فهي عماد اإلصالح وهي ركيزة أساسية في قوة المجتمع أو
ضعفه فإذا قويت منظومة التربية في المجتمع قوي المجتمع وإذا ضعفت ضعف المجتمع وأعني بالتربية الشاملة التربية
اإليمانية واألخالقية والسلوكية واالجتماعية واالقتصادية والتعليمية وغيرها من جوانب التربيةالكبيرة
·
فمعظمنا يهتم بالجوانب األخالقية واإليمانية ،وقليالً ما يعطي الواحد منا اهتماما ً بكيفية تربية أفراد األسرة على السلوك
االقتصادي اإلسالمي ،ونتج عن ذلك مشكالت كثيرة بين الرجل وزوجته ،وبين الرجل وأوالده وبين الرجل وأقاربه·
فبعض المشكالت األسرية يرجع إلى االختالفات في الجوانب المالية ،ولكن لو طبقنا شرع هللا في الجوانب المالية لما
وجدت هذه المشكالت( 5فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فال يضل وال يشقى) طه·123
فنحن في أشد الحاجة ألن يكون لنا دستور اقتصادي إسالمي على مستوى األسرة يبين السلوك االقتصادي السليم للزوج
وللزوجة وكذلك السلوك االقتصادي لألوالد·
ـ أول بند في الدستور االقتصادي اإلسالمي لألسرة الحالل بمعنى أن الرجل والمرأة واألوالد يتعاملون وفقا ً لشرع هللا،
فتربية األوالد منذ الصغر هذا حالل وهذا حرام أي يجب أن يعرفوا الحالل فيتبعوه والحرام فيجتنبوه ،ليس فقط الزوج
والزوجة وإنما األوالد ،فيربي األوالد على أن إيداع األموال في البنوك اإلسالميةحالل ،وإيداعها في المصارف الربوية
حرام ،وشراء سلع الدول المعادية لإلسالم حرام،والموالية حالل ،الوفاء على العهود حالل ،عدم الوفاء بالعهود حرام،
فأول بند في الدستور االقتصادي اإلسالمي لألسرة هو الحالل·
2ـ التعامل بالطيبات :قال تعالى( :ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث( األعراف ،157 :فالزوج ال يعمل إال في
مجال الطيبات وال يشتري إال الطيبات ويعلم األوالد أن هذا طيب نشتريه ،وهذا خبيث ال نشتريه ،فمثالً التدخين هل هو
من الطيبات؟ال ليس من الطيبات فنربي أوالدنا منذ الصغر أنه من الخبائث وكذلك الخمرة ولحم الخنزير وما في حكمهما،
وهكذا··· إلخ·
3ـ االلتزام بفقه األولويات وأعني بفقه األولويات أنه :فيه ضروريات بدونها يهلك اإلنسان ،وفيه حاجات 5بدونها تصبح
الحياة شاقة ،وفيه كماليات 5يمكن لألسرة أن تستغني عنها ،وبالتالي فال يجوز للزوج أن يشتري الكماليات 5وعندها عجز في
الضروريات والحاجيات ،وال يجوز للزوجة أن تنفق األموال في الكماليات وعندها عجز في الضروريات والحاجيات·
4ـ االعتدال في اإلنفاق :فاهلل سبحانه وتعالى وصف الذين آمنوا بقوله ( :والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين
ذلك قواماً) الفرقان·67:
والقوام هو الوسط( :وكذلك جعلناكم أمة وسطا ً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً) البقرة143 :
فالمرأة والرجل واألوالد عندما ينفقون أموالهم نقول لهم االعتدال في كل شيء،يقول الرسول صلى هللا عليه وسلم :ما عال
من اقتصد،
وسيدنا أبوبكر الصديق رضي هللا عنه· يقول :االقتصاد نصف المعيشة ، 5وبالتالي يتحقق الخير باالقتصاد في المعيشة،
لكن لألسف الشديد الرجل ال يلتزم بالوسطية مما يجعل ميزانية األسرة تختل·
5ـ االدخار لنوائب الدهر :فليس كل ما تكسبه تنفقه ،وليس كل ما تشتهيه تشتريه· ومن اإلعجاز النبوي في اإلدخار قول
النبي صلى هللا عليه وسلم :رحم هللا امرءاًاكتسب 5طيبا ً وأنفق قصداً ،وقدَّم فضالً ليوم حاجته ·
ألم يأن لنا أن نربي أبناءنا على السلوك االقتصادي في االدخار ،فالرجل البد أن يكون قدوة في االدخار وكذلك الزوجة،
فنحن في أشد الحاجة لتربية أوالدنا على اإلدخار·
6ـ التوازن :أقصد به السلوك االقتصادي القائم على التوازن بين الحاضروالمستقبل ،والتوازن بين األجيال والتوازن بين
الكسب واإلنفاق ،قال تعالى( :والتجعل يدك مغلولة إلى عنقك وال تبسطها كل البسط فتقعد ملوما ً محسوراً( اإلسراء·29:
7ـ التدوين والتوثيق :البد أن تدون من تقرضه بورقة ،فيجب أال تأخذنا العواطف إلى إهمال التدوين والتوثيق ،فاهلل
سبحانه وتعالى يقول( :يأيها الذين آمنوا إذاتداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه) البقرة،282:
وفي اآلية نفسها يقول سبحانه( :والتسأموا أن تكتبوه صغيراً أو كبيراً إلى أجله···) البقرة ،282:إذاً فمن السلوك
االقتصادي اإلسالمي توثيق المعامالت 5الخاصة بيننا·
هل هناك محاذير يجب على الزوجين تجنبها عند التربية االقتصادية لألسرة؟
ـ من أخطر األشياء التي تحدث داخل األسرة التفريق في المعاملة بين األبناءألنها تزرع الحقد ،فيجب عدم التفرقة والتمييز
كما بين األوالد في الهدايا والهبات حتى األمور المعنوية ،ولذلك ورد في األثر :اعدلوا بين أوالدكم ولو في القُ ْبلَة ،
أنه ال يجوز تمييز ولد أو ابن بوصية ،فالقاعدة الشرعية :الوصية لوارث ،كما قال الفقهاء 5،كذلك نجد بعض اآلباء
يورثون أموالهم قبل أن يموتوا ،وهذا افتئات على شرع هللا ألن الميراث ال يكون إال لمتو َّفى فلو عندي مال ال أفتئت على
شرع هللا ،كذلك يجب عدم االعتداء على مال الزوجة من دون وجه حق ،وبدون إذنها فال يجوز للرجل أن يكون مستبداً
ويستغل قوامته بأخذ مال زوجته بدون رضاها،وال يجوز أن يأخذ من راتبها دون شرط عليها قبل الزواج ،فلو لم يشرط
عليها لم يجز لهأن يأخذ منها شيئاً ،هذه أمثلة ولها دليل من القرآن والسنة·
ـ 1ـ اإلسراف :وهو اإلنفاق ما فوق الحد ،وهذا اإلسراف يؤدي إلى مشكالت 5في البيت المسلم منها االقتراض،
واإلسراف ممقوت وهو من الكبائر ،فالرجل قدوة حسنة في اإلنفاق ال يسرف ،والمرأة قدوة حسنة كذلك ،كما أنه يجب
علينا عدم تدليل األبناءوتغليب العاطفة ،وتعويدهم على اإلسراف في كل شيء·
2ـ التبذير :وهو اإلنفاق في معصية هللا فأي إنفاق فيما يخالف شر هللا هوتبذير ،فعندما يطلب الولد شيئا ً محرما ً البد أن
نرفض ونقول له إن هذا حرام ،وإنك لوفعلت ذلك تدخل النار ،فمثالً ،أن نقول له :إن شراءك للسجائر حرام ومعصية،
وشراءك لألفالم الهابطة وتذاكر السينما لتشاهد فيلم سيء حرام ،وشراءك لشريط غنائي هابط حرام·
3ـ ال اقتراض إال لضرورة :فال يجوز االقتراض للكماليات وال للتبذير وال في حال اإلسراف ،فلو طبق الرجل ذلك أو
إن اقترض فال يقترض إال قرضا ً حسناً ،وكذلك عندمايدخر البد أن يستثمر استثماراً حسناً·
4ـ تجنب هوى النفس للطفل :فكل إنسان له رغبات وشهوات ،والبد لتلك الرغبات والشهوات أن تكبح فكبح النفس
مطلوب·
5ـ عدم تقليد األجانب :وهذا سبب مشاكل كثرة في البيت المسلم وال سيما العادات المخالفة لتعاليم اإلسالم ،فيجب أن
نربي الطفل على مقاطعة شراء السلع من الدول المعادية للمسلمين ،وكذلك نمنع الطفل من شراء األشياء المحرمة أو التي
فيها غائلةكذلك يجب تجنب اإلنفاق في تقليد غير المسلمين بغير ضرورة شرعية ،فأعداء اإلسالم يريدون أن يطمسوا
هوية الشباب عندنا ،وقد استوردنا من الدول غير اإلسالمية عادات وتقاليد منهي عنها شرعاً ،فكيف نربي الطفل على
الهوى والعاطفة وال نربية على الجهاد؟ والرسول صلى هللا عليه وسلم يقول :اخشوشنوا فإن النعم ال تدوم ·
ويجب كذك تجنب الحرام بجميع صوره وأشكاله ،فعندما نربط الموضوع ببعضه نربي أنفسنا على القيم اإليمانية
واألخالقية واالجتماعية ونلتزم بالسلوك االقتصادي اإلسالمي المشروع ،سيحدث توازن في ميزانية البيت المسلم ،فتجده
يدخر وال يقترض هنا نجد الحياة فيها سكينة ومودة ورحمة ،وبالتالي نستطيع أن نورث أبناءنا هذا السلوك االقتصادي
السليم· بقلم الكاتب :حسين الجرادي