Professional Documents
Culture Documents
1
الطبعة الولى 2007
الطبعة الثانية 2007
2
مسائل فقهية
مختارة
لبي إياس محمود بن عبد اللطيف بن محمود
( عويضة )
مزيدة ومنقحة
3
هذا الكتاب يوزع مجانا ً ول حقوق محفوظة
لصاحبه فيصح لي شخص أن يطبعه طبعة
جديدة ،ويقوم بنشره وتسويقه وبيعه متى
شاء ،بشرط أن يطبعه كما هو دون أي تغيير
مطلقا ً فل يزيد عليه كلمة ،ول يحـذف منـه
كلمـة.
4
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدِّمـة
الحمد لله رب العالمين ،الرحمن الرحيم ،مالك يوم
الدين ،والصلة والسلم على رسول الله محمد بن عبد الله
المبعوث رحمة للعالمين ،صلى الله عليه وعلى آله الكرمين،
وعلى أصحابه السابقين ،وسل ِّم تسليما ً كثيراً.
أما بعد ،فهذا كتاب في الفقه سميته [ مسائل فقهية
ة على مختارة ] حوى ثلثَمائةٍ وإحدى وعشرين مسأل ً
ة فقهي ً
شكل أسئلة وأجوبة في الطهارة والصلة والصيام والحج
حكْم والجهاد والعمرة والزكاة والقتصاد والجتماع وال ُ
م كبير منها في ت شتَّى ،نُشر قس ٌ ت في موضوعا ٍ ومنوَّعا ٍ
وسائل العلم من مجلت ثقافية وشبكة النترنت ،وقد
وصلتني السئلة عن طريق النترنت والمراسلت العادية من
أقطار شتى ،على مدى العوام من 1414هـ الموافق للعام
الميلدي 1993إلى هذا العام 1428هـ الموافق للعام الميلدي
2007هـ.
وقد رأيت أن أجمع هذه السئلة والجوبة في كتاب لتعم
الفائدة ،وليسهل الرجوعُ إليها عند الحاجة ،وقد قمت بتهذيب
ة
السئلة والجوبة وإجرا ِء تعديلت عليها رأيت أنها لزم ً
ب لغوي ،أو توضيٍح في العبارة ،أو لنشرها في كتاب ،كتصوي ٍ
ت عدداً ف لمكَّررٍ دون أن يختل المعنى أو يتغير ،وأسقط ُ حذ ٍ
ً
من المسائل كليا أو جزئيا لمقتضيات عدةٍ ،فخرج الكتابً
َ
بحل ّةٍ مناسبةٍ صالحةٍ للنشر والتوزيع .وقد أوجزت في مسائل
الطهارة والصلة والصيام ،مكتفيا ً بإحالةِ من أراد التفصيل
ي [ الجامع لحكام الصلة ] إلى البحاث المدونة في كتاب َّ
ت في معظم المسائل [ والجامع لحكام الصيام ] ،وأطل ُ
ت بين موضوٍع وآخر ،دون أن تصل البحاث الخرى على تفاو ٍ
إلى منتهاها من التفصيل.
وأقف قليل ً عند اسم الكتاب [ مسائل فقهية مختارة ]
لُفأقول ما يلي :المسألة عند أهل اللغة وعند الفقهاء هي ك ّ
ن ،هذا هو معنى المسألة في كتب اللغة ما يُسأل عنه النسا ُ
5
وكتب الفقه ،أما في كتب أصول الفقه فنجد للمسألة تعاريف
ة
ل أو مجموع ِ ف التي ( ك ُّ مختلفة ،فمثل ً نجد فيها التعري َ
ل فع ٍ
ل ل يتوقف غيُرها في صحته عليها ) وقد اعتمدت أفعا ٍ
التعريف اللغوي والفقهي في هذا الكتاب لنه كتاب فقه،
وليس كتاب أصول فقه ،فلينتبه القراء لهذه النقطة.
َ
ة لنبياء الله ورسله فقط، وكل إنسان خط ّاءٌ ،والعصم ُ
وليست لي شخص آخر مهما علت منزلته ،فقد وجبت
ُ
العصمة لهؤلء حتى ل يتطرق الخلل إلى الشرائع التي أمروا
بتبليغها ،أما من سواهم من الناس فيؤ ُخذ منهم ويُتَرك ل فرق
ة
بين الصحابةِ والتابعين والئمة والفقهاء ,وهذا الكتاب عرض ٌ
للخطأ ،فأرجو من القراء الكرام أن ينبهوني إلى أي خطأ
فقهي أو لغوي أو مطبعي يجدونه في هذه المسائل حتى
سرها الله تعالى لي. أقوم بتصويبه في طبعات قادمة إن ي َّ
سك ،أو ت به نف َ مي َ اللهم إني أسالك بكل اسم ٍ هو لك س َّ
َ َ
ت به قك ،أو أنزلتَه في كتابِك ،أو استأثر َ عل ّمتَه أحدا ً من خل ِ
ل مني هذا الكتاب وأن تجعله ب عندك أن تتقب َ في علم الغي ِ
في ميزان حسناتي يوم العرض عليك ،وأن تضع له القبول
بب مجي ُ في الرض والرضا من الناس ،إِنك سميعٌ قري ٌ
الدعاء ،آمـين.
الجمعة في 29من جمادى الولى 1428هـ
15من حزيران ( يونيو ) 2007م
6
البــــاب الول
الطهـــارة
( )1السؤال :هل يجوز استعمال الماء المستعمل في الوضوء
للوضوء به ؟ بمعنى أن الماء الذي ينزل بعد غسل الوجه
مثل ً إذا سقطت بعض قطرات هذا الماء في يديَّ
المملوءتين بالماء لغسل الوجه ثاني مرة ،هل يجوز
ملً ،وكذلك تغييره أم ل ؟ وهل يُعد ُّ الماء الجديد مستع َ
بالنسبة لباقي العضاء ؟
( )1الجواب :يجوز استعمال الماء المستعمل في الوضوء
للتوضؤ به ،ولهذا فإن الماء الذي ينزل بعد غسل الوجه مثلً
إذا سقطت بعض قطراته في اليدين المملوءتين بالماء
لغسل الوجه مرة ثانية ل يجب تغييره ،ول يُعد ُّ الماء الجديد
غيَر صالح للستعمال في الوضوء ،بل إن الماء المستعمل
مع في وعاء لجاز استعماله مرة ثانية في في الوضوء لو تج َّ
الغسل وفي الوضوء وفي إزالة النجاسة.
( )2السؤال :عند وضع الماء على الوجه فإنه ل يشمل كل
الوجه ،فهل يجوز أن آخذ باقي الماء الذي على وجهي
وأكمل به غسل وجهي من عند الذنين وتحت الذقن
ل الوجه ،بعد وضع (بطريقة مسح الوجه ليشمل الماءُ ك َّ
الماء عليه أول مرة) يعني غسله بالماء ،ثم مسحه ليصل
الماء إلى ما لم يصل إليه من أول مرة ،لني أغسل
وجهي أكثر من ثلث مرات ،مع اعتقادي بخطأ ذلك،
ولكن ليصل الماء إلى كل وجهي ؟
( )2الجواب :أولً :ل يجوز غسل الوجه في الوضوء أكثر من
ثلث مرات ،فهذا حرام يجب المتناع عنه.
ك بالماء وتضربي به الوجه ،ثم ك أن تملئي كفَّي ِ
ثانياً :يكفي ِ
تقومي بإِمرار اليدين على سائر الوجه ليكتمل غسل
7
الوجه كل ِّه ،دون حاجة لخذ ماء جديد لغسل ما لم يُغسل
من الضربة الول ،فهذا يكفي.
8
نجس تجب إزالته عن القُبُل وعن الملبس ،وخروجه من
القُبُل ينقض الوضوء فقط ،ول يوجب الغسل كالمني.
الودي :هو سائل يَقْطُر من القُبُل عُقَيب البول مختلطا ً به،
فهذا السائل نجس تجب إزالته عن القُبُل وعن الملبس،
وخروجه ينقض الوضوء تماما ً كالمذي.
أما رطوبة فرج المرأة :فهي الرطوبة أو البلل الموجود
داخل الفرج ،فهذه الرطوبة طاهرة غير نجسة ،فل تنقض
جس الملبس ،وبالتالي ل ضرورة لغسلها الوضوء ،ول تُن َ ِّ
شحت إلى خارجه ،إل من َ سواء كانت داخل الفرج أو تر ّ
باب النظافة فقط.
9
كثيرةً ،وهذا يعني أن الله سبحانه ل يطلب منها غسل
الدم ما دامت على وضوء ،فإن انتقض وضوؤها بخروج
الريح أو التبوُّل مثلً ،وأرادت أن تتوضأ استأنفت غسل
َ
الدم ،ثم صل ّت بهذا الوضوء ولو استمر نزول الدم،
فنزول دم المستحاضة ل ينقض الوضوء في وقت الصلة
الواحدة.
11
تت بها أثم ِ
المحتوية على الكحول المسكرة ،فإن تعطر ِ
ت الصلة لن استعمال النجس حرام شرعا ً وإن أرد ِ
ل النجاسات، ل هذه العطور تماما ً كغُ ْ
س ِ فيجب عليك غ ُ ْ
س ُ
ويكفي في ذلك أن تغسلي الموضع بالماء والصابون مرة
واحدة.
( )13السؤال :هل الماء الذي تُنقَع فيه الملبس النجسة ماءٌ
نجس إذا كانت كميته قليلة ،فقط تغطي الملبس حتى
يكون النقع مركزا ً ؟
12
س ،سواء كان كثيرا ً أو قليلً.
( )13الجواب :نعم هو ماءٌ نج ٌ
ملحظة :لتطهير الثياب النجسة ل بد من إمرار الماء
عليها حتى ينزل الماء من الثياب ل يحمل النجاسة،
وعندها فقط تصبح الثياب طاهرة ،أما ما دام الماء ينزل
من الثياب وهو يحمل من النجاسة شيئاً ،فإن الثياب
تبقى نجسة .هذه هي القاعدة العامة في تطهير الثياب
النجسة ،بل وغير الثياب.
14
وأما الشق الرابع من السؤال فجوابه أن التيمم يكفي
ل عن الوضوء في الحالة التيللتطهُّر من الجنابة وكبدي ٍ
ذكرتها.
جب الغسل أم ( )18السؤال :هل وضع التحميلة المهبلية يُو ِ
جب الوضوء فقط ؟
يُو ِ
( )18الجواب :وضع التحميلة المهبلية والتحميلة في الشرج
كلهما ل يوجب الغسل أما بخصوص الوضوء فيُنظر:
س الفرج ،أو م ُّ
س فإن حصل مع عملية وضع التحميلة م ُّ
الدُّبُر دون حائل فقد انتقض الوضوء ،وإل فل نقض ،كأن
تفعلين ذلك وأنت تلبسين القفازات مثلً ،فالوضوء
س الفرج وبمس الدبر دون حائل ول ينتقض ينتقض بم ِّ
بإدخال أي شيء فيهما.
15
غير المدببة أو بغيرها أم ل يجب ذلك ؟ وهل تجب إزالة
آثار المني في حالة التيمم من الحدث الكبر مع طهارة
المني ؟
( )20الجواب :التيمم بدل الغسل هو نفسه التيمم بدل
الوضوء عند فقدان الماء دون أي فارق بينهما ،والتيمم ل
ب إزالة النجاسة ،كما أن الوضوء ل يُسقِطيُسقِط وجو َ
وجوب إزالة النجاسة ،وفي حالة فقدان الماء يمكن إزالة
ت الثوب بالحجارة أو بالتراب ،أو بأي شيء النجاسة بح ِّ
يصلح للزالة .أما إزالة المني في حالة فقد الماء فهي
مندوبة فقط وليست واجبة ،لن المني طاهر على الرأي
الصحيح ،وتدخل إزالته تحت بند النظافة فحسب.
16
( )23السؤال :إذا كانت المرأة ُ تغتسل ،وفي أثناء ذلك
شعرت بخروج شيء من المني أو أي إفراز آخر بعد
الجماع بقليل أو فوراً ،فهل يجب عليها غسل الفرج
وإعادة الغسل أم تُتِم غسلها ،وبعد إكماله تغسل فرجها
وتتوضأ للصلة ،ول حرج عليها في ذلك ؟ وهل تعيد
غسلها إن وجدت شيئا ً قد خرج منها بعد النتهاء من
الغسل ،أم تغسله وتتوضأ ويكفيها ذلك ؟ فكثيرا ً ما أعيد
الغتسال مرة ومرتين بسبب خروج شيء مني في أثناء
الغتسال ،فأستغرق أكثر من نصف ساعة أو ساعة إل
ربعا ً بين اغتسال ووضوء ؟
( )23الجواب :عندما يريد النسان ،رجل ً كان أو امرأة ،أن
يغتسل من الجنابة فإنه ينتظر خروج المني كل ِّه من
فرجه ثم يغتسل ،بمعنى أن عليه أن ينتظر قليل ً حتى
ُ
يخرج المني كل ّه ثم يغتسل ،وبعد ذلك ل يضيره شعوره
جل الغتسال وخرج بخروج شيء من المني ،أما إن تع َّ
منه في أثناء الغتسال شيء من المني ،فإنه يعود
للغتسال من جديد.
ت تعرفين أنه ينزل منك المني دفعة بعد دفعة وما دم ِ
فيجب أن تعرفي كم يستغرق ذلك منك في العادة،
فتَدَعين الغسل حتى انقضاء تلك الفترة ،ثم تقومين
ك
بالغتسال ،ول شيء عليك بعد ذلك ،ويكون غسل ِ
صحيحاً.
18
ل عضوٍ من ل ك ُّ ( )27الجواب :نعم يكفي لصحة الغسل أن يبت َّ
ل الظهر هو الماء الجسم حتى لو كان الماء الذي يب ُّ
المصبوب على الرأس ،وحتى لو كان الماء المصبوب
ل البطن ،وهكذا ،أي أنه ل يجب على الصدر هو الذي يب ُّ
ل عضو بماء جديد في عملية الغتسال ،فلو غسل ك ِّ
َّ َ ت على رأسك وبدنك سطل ماء فب ّ
ل البدن كله فقد صبب َ
ل جزء أو عضوٍ يمُّر عليه في َ صح الغسل ،فالماء يطهَّر ك ّ
أثناء الغسل .وألفت النظر إلى مسألتين هنا :
أولً :إن القول إن الماء المستعمل ل يصح التطهُّر به هو
قول مرجوح ،والرأي الصحيح هو أن الماء المستعمل
ح التطهُّر به. يص ُّ
سل الرأس ثلثا ً استحباباً، وثانياً :إن المشروع أن يُغ َ
ويغسل سائُر البدن مرة ً واحدةً ،ولذا يجوز غسل الرأس
مرة واحدة ،ولكن ل يُشرع غسل سائر البدن أكثر من
ن على من أراد أن يغسل بدنه مرة ولهذا أقول ما يلي :إ َّ
َ
كل ّه بصب الماء على رأسه أن ل يصب على رأسه أكثر
ب الماء على البدن من مرة ،وإل خالف الشرع ،وهو ص ُّ
مرة واحدة ،فأنت بين خيارين :إما أن تصب الماء على
الرأس ثلثا ً ثم تصب ماء جديدا ً على البدن مرة واحدة،
وإما أن تصب الماء على الرأس وعلى سائر البدن مرة
واحدة ،كمن يقف مثل ً تحت الدش ،فيسقط الماء على
الرأس وعلى سائر البدن مرة واحدة.
19
ُ
( )29السؤال :هل يجب على المرأة أن تغتسل لرؤية الط ّهر
البيض في فترة الحيض مثل ً في اليوم الرابع أو الخامس
إن كانت تعلم أن الدم سوف ينزل مرة أخرى كما هي
عادتها في السابق ؟
ن العادة محكَّمة،مدته إ َّ
( )29الجواب :في موضوع الحيض و ُ
ن حيضها ينقضي بعد ستة أيام فإن كانت عادة ُ المرأة أ َّ
فل يجب عليها أن تغتسل عند رؤية الطهر البيض قبل
انقضاء كامل الفترة ،بل تنتظر انقضاء عادتها وهي ستة
أيام ثم تغتسل وتصلي ،فالعبرة بالعادة لكل امرأة،
وهناك نساء يطهرن بعد عشرة أيام ،ونساء يطهرن بعد
سبعة أيام ،وهناك نساء يطهرن بعد أكثر من ذلك أو
ل ،فهؤلء النسوة يسرن بحسب عاداتهن ،ول قيمة أق َّ
لتوقف نزول الدم خلل فترة العادة.
27
ت في كتابك [ الجامع لحكام الصلة ] ( )45السؤال :لقد ذكر َ
ت منها
أن لمس المصحف يحتاج إلى الطهارة ،وقصد َ
الطهارة من الحدثين الكبر والصغر ،وسؤالي هو :هل
قراءة القرآن شفهيا ً من غير لمس المصحف تحتاج هي
الخرى إلى هذه الطهارة ؟
س المصحف ول أن يقرأ ( )45الجواب :ل يجوز للجنب أن يم َّ
فيه ،كما أنه ل يجوز له أن يتلو آياتِهِ شفهياً ،فإن اغتسل
من الجنابة جاز له أن يفعل كل ما سبق فإن انتقض
س المصحف والقراءة فيه، وضوؤه بعدئذ ٍ حرم عليه م ُّ
ولكنه يستطيع أن يتلو اليات شفهياً ،فنقض الوضوء ل
يمنع من القراءة الشفهية.
30
جحتم ( )50السؤال :في كتابكم [ الجامع لحكام الصلة ] ر َّ
الرأي القائل بأن خروج الدم من البدن من مبطلت
الوضوء ،ولكنكم لم تحددوا مقدار هذا الدم المبطل
ت أنكم تقصدون مطلق الدم ،سواء للوضوء ،وقد فهم ُ
ل ،وسواء فحش أو لم يفحش ،ل فرق س ْ
سال أو لم ي َ ِ
بين النقطة السطحية والجرح النازف فهل فهمي
صحيح ؟
( )50الجواب :تجدون في البحث [ الدم المسفوح ] في
الجزء الول من الجامع لحكام الصلة جوابا ً على
سؤالكم ما يلي [ أما قدر الدم المسفوح الذي يعتبر
ن العتدال نجسا ً فالحكم عليه راجع لتقدير الشخص ،ولك َّ
في التقدير أن يقال :إنه الذي يسيل إذا صادف سطحاً
مائلً ،فتخرج منه النقطة والنقطتان لنهما ليستا دماً
مسفوحا ً والشرع يعفو عن القليل ].
وتجدون في البحث [ نجاسة الدم ] في الجزء الول أيضاً
ما يلي [ كان أبو هريرة ل يرى بأسا ً بالقطرة والقطرتين
في الصلة ] واقرأوا الفقرة الثانية في الصفحة نفسها
لتجدوا الجابة على سؤالكم .
33
34
البـاب الثانـــــي
ال َّ
صـــــــلة
( )1السؤال :ما السبيل للخلص من الوسواس في الصلة ؟
سواء وسواس التكبير أو النية أو غيرهما ؟ وما هو الوضع
الصحيح للتكبير ؟ وهل يُعتبر وضوءُ المسلم ووقوفُه على
َ
ة ،خاصة لمن أصابه مصل ّى ليصلي هل يعتبر ني ً ال ُ
الوسواس ؟ بمعنى أنني أتوضأ لصلة الظهر مثلً ،فإذا
َ
ت بأنني ل أستطيع استحضار مصل ّى ،شعر ُوقفت على ال ُ
مي، النية في قلبي ،فأتعوذ بالله من الشيطان وأس ِّ
ت أن أكبِّر وأقول إنني أنوي صلة فرض الظهر ،وإذا أرد ُ
ن شيئا ً من ت بزوال النية من قلبي ،أو تذكرت أ َّ شعر ُ
ي تركيزي في ً
شعري ظاهٌر ،أو سمعت صوتا قطع عل َّ
التكبير ،وهكذا أظل ربع ساعة أو أكثر وأنا أعيد النية أو
أعيد التكبير ،حتى صرت أستحيي من أن أصلي أمام
الناس ،لعلمي بأنني على خطأ ،ول أستطيع تصحيح هذا
الخطأ ،فما العمل ؟
( )1الجواب :الوسواس مرض نفسي يصيب النسان ،وعلجه
يحتاج إلى وقت ،والذي يعنينا هنا هو كيفية التخلص من
هذا الوسواس في الصلة ،فأقول ما يلي :
ن صفة التكبير هي رفعُ إِبهامي اليدين المفتوحتين في أ .إ َّ
محاذاة أسفل الذنين ،ثم القول :الله أكبر.
َ
مصل ّى ليصلي ل يكفي ب .وضوء المسلم ووقوفُه على ال ُ
وحده ليكون نية ،فقد يفعل المسلم ذلك دون أن تنعقد
لديه نية في الصلة آنذاك.
ج .ل ضرورة لن تنوي عند التوضؤ الوضوءَ لصلة الظهر،
أو الوضوءَ لصلة العصر ،أو الوضوءَ لغيرهما على
التعيين ،فالوضوء ل يحتاج إلى تعيين نوع الصلة التي
يُراد أداؤ ُها به ،بل يكفي المسلم أن ينوي الوضوء فقط
دون تعيين .
35
د .الحل الوحيد المتيسر لك الن للخلص من الوسواس
هو أن تعملي ما يلي عند الصلة :تقفين على سجادة
الصلة ،ثم تستحضرين النية للصلة ،ولسهولة ذلك فإنه
يجوز لك أن تقولي بصوت مسموع :نويت أن أصلي أربع
ركعات صلة الظهر لله تعالى مثلً ،وبعد ذلك تتركين
تالتفكير في النية ،ول تلتفتين إليها مطلقا ً ولو أحسس ِ
بأنها خرجت من قلبك ،ثم تقولين :الله أكبر ،وتدخلين
بذلك في الصلة ،وهكذا تتخلصين من الوقوف طويل ً عند
النية والدخول في الصلة ،ذلك أن مشكلتك أنك تريدين
أن تستحضري النية وتداومين على استحضارها من بدء
النية إلى التلفظ بالقول :الله أكبر ،ول تطيقين ترك
الستحضار لحظة واحدة ،وهذا ل يلزم ،إذ يكفيك أن
تستحضري النية ،ولو مدة َ ثانيةٍ واحدةٍ ،ثم تدخلين في
الصلة دون أن تشغلي ذهنك بالستمرار في استحضار
النية ،إذ يكفي المصل ِّي أن ينوى مرة ً واحدة ً في لحظة
قصيرة ،ثم يشغل عقله وقلبه بما يفعل في صلته دون
أن يلتفت للنية ثانية ،إذ ل حاجة بك لن تجمعي في
لحظة واحدة بين استحضار النية والتلفظ بكلمة :الله
أكبر ،فالحساس بوجود النية عند التكبير غير مطلوب،
وبذلك تتخلصين من الوقوف طويل ً قبل بدء الصلة،
وربما يحتاج النجاح في التخلص من هذا الوسواس إلى
وقت غير قصير ،وإلى معاناة ،ولكن النتيجة مضمونة
م علىك العز ُ
بإذن الله تعالى ،خاصة إن وُجد عند ِ
التخلص منه.
36
لصحتها ،وهناك فرقٌ بين الشرط وبين الواجب .وأضيف
ما يلي :
ة نجاسة ،كالبول ن أي ُ
ب أو البد َ
ن أو الثو َ
ن أصابت المكا َ إ ْ
أو القيح أو الدم ولم تُغسل ولم يُطهَّر المكان أو الثوب
حّرِمت الصلة بها وعليها ولو كانت النجاسة أو البدن ُ
جافة ،أما إن فُرشت سجادة ُ صلةٍ طاهرةٌ فوق البقعة
النجسة ،جازت لك الصلة عندئذٍ ،فالعبرة هي أن ل
تلمسي البقعة النجسة وأنت تصلين .وأُلفت نظرك إلى
أن القيء طاهر غير نجس سواء كان جافا ً أو رطباً ،إذ ل
دليل على نجاسته.
َ
( )4السؤال :رجل صل ّى في مكان يجهل فيه اتجاه ال ِ
قبلة،
َ
س اتجاه م أنه صل ّى عك َ
وبعد أن فرغ من صلته عل ِ َ
القبلة ،فهل يجب عليه أن يعيد صلته ؟
37
( )4الجواب :يجب على المسلم أن يتحَّرى استقبال القبلة،
ويتوجه في صلته إليها ،ول يضيره بعد التحّرِي أن
يخطيء في تحديد التجاه الصحيح فيصلي إلى غير القبلة
كأن يكون مسافرا ً ول يعرف الجهات ،أو يكون اليوم
غائما ً فيصعب على المرء فيه تحديد التجاه ،فيصلي
حيث يغلب على ظنه أنه التجاه نحو الكعبة ،ول إعادة
عليه إن تبين له خطؤه بعد أداء صلته ،سواء كان ذلك
قبل خروج الوقت أو بعد خروجه ،لما روى معاذ بن جبل
َّ
غيم فيٍَ يوم في الله رسول مع ينا قال " صل
َّ
ما قضى الصلة وسل ّم تجلت سفر إلى غير القبلة ،فل َّ ٍ
َّ
س فقلنا :يا رسول الله صلينا إلى غير القبلة، الشم ُ
قّها إلى الله عز وجل " فقال :قد ُرفعت صلتُكم بح ِ
رواه الطبراني .وأصرح من ذلك ما ُروي عن جابر بن
َ
ة في عبد الله رضي الله تعالى عنه أنه قال " صل ّينا ليل ً
َ
خفِيت علينا القِبلة ،وعل ّمنا ع َلَماً ،فلما انصرفنا غيم ،و َ
َّ
نظرنا ،فإذا نحن قد صلينا إلى غير القبلة ،فذكرنا ذلك
لرسول الله فقال :قد أحسنتم ،ولم يأمرنا أن نعيد
" رواه البيهقي.
40
الديلمي في مسند الفردوس :صلة التسابيح أشهر
الصلوات وأصحها إسناداً.
وروى البيهقي وغيره عن ابن حامد الشرفي قال :كنت
عند مسلم بن الحجاج ومعنا هذا الحديث فسمعت مسلماً
يقول :ل يُروى فيها إسناد ٌ أحسن من هذا .وقال الترمذي:
قد رأى ابن المبارك وغيره من أهل العلم صلة َ التسابيح،
وذكروا الفضل فيها .وقال البيهقي :كان عبد الله بن
ضهم عن بعض، المبارك يصل ِّيها ،وتداولها الصالحون بع ُ
وفيه تقوية للحديث المرفوع .ولحديث ابن عباس هذا
طرق ،فتابع موسى بن عبد العزيز عن الحكم بن أبان
حكَم ،ومن طريقه أخرجه ابن راهُويه وابن ن ال َمب ُ إبراهي ُ
خزيمة والحاكم ،وتابع عكرمة عن ابن عباس عطاءٌ وأبو ُ
الجوزاء ومجاهد.
وورد حديث صلة التسابيح أيضا ً من طريق العباس بن
عبد المطلب ،وابنه الفضل وأبي رافع وعبد الله بن عمرو
وعبد الله بن عمر وعلي بن أبي طالب وجعفر بن أبي
طالب وابنه عبد الله وأم سلمة والنصاري الذي أخرج
المؤلف حديثه وسيجيء .وقال الزركشي :غلط ابن
الجوزي بل شك في جعله من الموضوعات ،لنه رواه من
ثلثة طرق ،أحدها حديث ابن عباس وهو صحيح وليس
َ
بضعيف فضل ً عن أن يكون موضوعاً ،وغاية ما عل ّله
بموسى بن عبد العزيز فقال :مجهول ،وليس كذلك ،فقد
روى عنه بشر بن الحكم وابنه عبد الرحمن وإسحق بن
أبي إسرائيل وزيد بن المبارك الصنعاني وغيرهم .وقال
معين والنَّسائي ليس به بأس ،ولو ثبتت جهالته فيه ابن ُ
لم يلزم أن يكون الحديث موضوعا ً ما لم يكن في إسناده
من يُتَّهم بالوضع .والطريقان الخران في كل منهما
ضعيف ،ول يلزم من ضعفهما أن يكون حديثهما موضوعاً.
انتهى )).
فالحديث صحيح أو حسن وليس موضوعاً ،وكان بإمكاني
أن أذكر هذه المعلومات في الكتاب لول أنني كما قلت
قد أوجزت الكتابة في الجزء الثاني ،وأنتم تعلمون أن أي
41
حديث مختلَف فيه من حيث الضعف والحسن والصحة
يجوز أخذه ويجوز رده ،والوقائع والقرائن هي التي تحتِّم
ردَّه أو تُجيز قبوله.
أما القول إن صلة التسابيخ تخالف الصلوات الخرى،
فذلك قول في مقابلةِ النصوص ،ثم إن صلة العيدين فيها
التكبير سبعا ً في ركعة وخمسا ً في ركعة أُخرى ،وصلة
الوتر في الليل تصل إلى تسع ركعات متتاليات ،فلم نقُل
ن هذه العداد تشغل الذهن ،ثم إن صلة الجنازة تختلف إ َّ
عن كل الصلوات ،فليس فيها ركوع ول سجود ول تشهد،
فلم نقُم بردها لجل ذلك ،فما ورد في النص الصحيح أو
الحسن يؤخذ به كما ورد.
( )8السؤال :إذا كنت أُصل ِّي وكان ابني يلعب فسقط عن
ل ،أو عَلِقت رجلُه بشيء بحيث صار بحاجة مكان عا ٍ
لمساعدة وإل تأذى ،وليس عنده غيري يمكنه مساعدته،
فهل يجوز لي أن أقطع الصلة وأُنقذ ابني مما هو فيه،
ح ثم أُعيد الصلة ،أم يجوز لي أن أُبعد عنه الذى وأُص ِّ
ح َ
وضعه وأنا في الصلة ،مع وجود المشي وكثرة الحركة ؟
ول تبطل الصلة بذلك ؟
ك قريبا ً منك فيمكنك أن تمشي نحوه ( )8الجواب :إن كان ابن ِ
خطوتين أو ثلثا ً أو أربعا ً وأنت مستمرة في التوجه نحو
القبلة لتنقذيه من المأزق الذي وقع فيه ثم تكملين
صلتك ،أما إن كان بعيدا ً عنك بحيث يحتاج إنقاذه إلى
مشي كثير وأعمال كثيرة ،أو إلى الخروج من الغرفة إلى
غرفة أخرى أو إلى فناء البيت ففي هذه الحوال تخرجين
من الصلة و تقومين بالمبادرة إلى إنقاذه ،ثم تعيدين
الصلة.
42
( )9الجواب :ل تبطل الصلة في هذه الحالة ولحتى يُحتاج
ت سورة ً قصيرةً
فيها إلى سجود السهو وحتى لو قرأ ِ
من القرآن في تلك الركعة ،فإن ذلك ل يؤثر في صحة
صلتك.
43
( )12الجواب :الوضع الفضل لمن أراد الصلة جالسا ً هو أن
يتربَّع ،ل أن يبدأ صلته وهو على هيئة الجلوس للتشهُّد،
وأقول _ الوضع الفضل _ لن هيئة الجلوس تدخل في
باب المندوبات فقط ،فلو بدأ المصل ِّي صلتَه وهو جالس
على هيئة جلسة التشهُّد فل إثم في ذلك ،وتكون صلته
صحيحة ،ويكون قد ترك مندوبا ً فقط.
( )14السؤال :هل يجوز لمن تأخر بأداء صلة العصر لعذر
كأن يكون نائماً ،هل يجوز له أن يصلي العصر في آخر
ل الغروب بدقائق ،علما ً بأن الصلة في هذا الوقت وقُبَي َ
ي عنها ،أم أن النهي جاء عن صلة النافلة الوقت منه ٌّ
فقط في هذا الوقت (( لن الشمس تغرب بين قرني
الشيطان )) ؟
( )14الجواب :نعم جاء النهي عن صلة النافلة في هذا
الوقت ،أما صلة الفريضة والصلوات ذوات السباب
كصلة الكسوف أو صلة الجنازة فتُؤدَّى في هذا الوقت
وتكون صحيحة .وأُلفت النظر إلى أنه ل يجوز تأخير صلة
العصر إلى حين اصفرار الشمس وتَدَل ِّيها نحو الفق،
44
فتلك صلة المنافقين كما وُصفت في النصوص ،ولكن
الصلة عندئذ متقبَّلة مع إِثم التأخير.
( )15السؤال :هل صحيح أنه ل يجوز تأخير العشاء إلى ما بعد
منتصف الليل لعذر أو لغير عذر ؟
ضل هو إلى منتصف ( )15الجواب :وقت صلة العشاء المف َّ
الليل ،وما بعد منتصف الليل هو وقت الكراهة ،فيُكره
للمسلم أن يؤخر صلة العشاء إلى ما بعد منتصف الليل
ولكن لو أخرها فإنه ل يأثم ،وتكون صلته صحيحة
متقبَّلة.
( )16السؤال :هل تبطل الصلة إذا كان النسان يبكي من
الخشوع فبلع المخاط المتكوِّن بسبب بكائه ،حيث أنه ل
يستيطع أن يتمخط في الصلة مراراً ،وهل يُعتبر ممن
أكل في أثناء الصلة أو شرب ؟
ل جيِّد ،وقليل من الناس( )16الجواب :البكاء في الصلة فع ٌ
من يفعله ،ولو بلع دموع َه ،ولو بلع مخاطَه فذلك جائز،
ول بأس بأن يتمخط في منديل ولو كثرت دموعه وكثر
مخاطُه ،واحتاج إلى أن يتمخط عدة مرات.
45
( )19السؤال :إذا كانت الم تصلي في مكان فيه نجاس ٌ
ة
ة
سه مبتل ٌجافة ،بسبب ملمسة الطفل لمتاع البيت وملب ُ
بالنجاسة ،ولكنها ل تعلم أين وقعت هذه النجاسة
م الصلة إذا جاء طفلها ورفع بالضبط ،فهل يجوز لها إتما ُ
سجادة الصلة الطاهرة من أمامها ،ولم يبق أمامها إل
ك بوجود النجاسة الجافة أن تسجد على المكان الذي تش ُّ
فيه أم يجب عليها قطع الصلة ؟
( )19الجواب :الصل في الشياء الطهارة ما لم يتحقق
العكس ،ول يكفي الشك لنفي طهارة الشيء أو المكان،
لذلك يجوز للمرأة أن تسجد على المكان الذي ل تتيقن
من نجاسته ،فالشك في طهارة المكان ل يكفي لترك
الصلة فيه.
49
( )27الجواب :يجوز للطبيب الذي يُجري العمليات الجراحية
أو عمليات الولدة أو عمليات النعاش مثل ً أن يجمع
الصلوات تقديما ً وتأخيراً ،إن كانت العمليات ل تمكِّنه من
خر الصلة مثل ً إلى أن
أداء الصلوات في أوقاتها ،فيؤ ِّ
يفرغ من العملية ،أو يجمع الصلتين جمع تقديم إن هو
أوشك على إجراء العملية التي تستغرق وقت الصلة
الول.
أما في حالة وجود مرضى مزدحمين على باب عيادته فل
يصح الجمع لن ذلك ل يشكِّل عذرا ً يبيح الجمع ،بل ل بد من
أداء الصلوات في أوقاتها.
50
( )30السؤال :هل تكبيرة ُ الحرام في الصلة تعتبر من
الحكام التي تُجهل عادة ؟ وإن كانت من الحكام التي
تُجهل عادة فما حكم من يصلي بدون أن يكب ِّر تكبيرة
ة فهل يجب عليه الحرام ؟ فإن كانت الصلة عندئذ ٍ باطل ً
قضاؤ ُها في الحال ،أم يجوز له تأخيُرها إلى أي وقت
يشاء ؟
( )30الجواب :تكبيرة الحرام ليست من الحكام التي تُجهل
مسلم
ٍ عادة ،وهي ركن من أركان الصلة ل تصح صلة
بدونها ،ول يُعذر من يجهل ذلك ول يؤديها ،فالصلة
مفتاحها التكبير وتحليلها التسليم ،فإن صلى دون أن
يكبر تكبيرة الحرام فصلتُه باطلة يجب عليه أن يعيدها
في وقتها.
ل ناسياً
( )37السؤال :ماذا يفعل من كان مسافرا ً ولم يص ِّ
مثل ً الظهر والعصر في وقت أحدِهما وينوي القضاء ،فهل
يصلي القضاء قصرا ً أم يصليهما تامتين ؟
( )37الجواب :إذا فاتت الصلة المقصورة في السفر يُنظر:
فإن هي قُضيت في السفر قُضيت مقصورة ً على حالها،
َ
ضر فيجب أن تُصل ّى تامة غيرأما إن قُضيت في الح َ
مقصورة ،إذ ل يجوز قصر الصلة في الحضر ل أدا ًء ول
قضاءً.
54
ركعة من ركعات الوتر بصورة جهرية ،ويجوز أن تكون
القراءة سرية.
َ
( )40السؤال :قُلتم إن الجمع في الصلة معل ّل بدفع الحرج،
فهل التغيُّب عن حصة دراسية يُعتبَر من الحرج ؟ وهل
الصلة أمام الكفار يُعتبَر من الحرج ؟ وفي المدرسة
ة في قاعة مغلقة بعيدة يقوم بعض الِخوة بالصلة جماع ً
عن النظار ،وتريد بعض الخوات الصلة معهم ،مع العلم
أنهن أجنبيات ،فهل تجوز هذه الحالة ،وهل يعتبر المكان
مكانا ً خاصا ً ؟
( )40الجواب:
أولً :الحرج عام لم يذكر الشرع تفاصيله ول مقداره،
ة عليه فقط وترك التفاصيل والمثلة وإنما أورد أمثل ً
حَرج ً
للمسلمين يقدرونها بأنفسهم ،وطبعا هذا ل يشمل ال َ
البسيط الذي يسهل تجاوُزه ،والتَّغيُّب عن الحصص
ة إِن تكَّرر
حَرج ،خاص ً
الدراسية يمكن اعتباره من ال َ
التغيب وما يسببه من اضطراب الدراسة بشرط أن
ت المغرب ت الظهر بتمامه ،أو وق َتستغرق الحصة وق َ
مح للطالب بالصلة في وقت الحصة ،أما بتمامه ،ول يُس َ
55
مح للطالب أداءُ الصلة في أثناء الحصة فإن إن كان يُس َ
الحرج ينتفي وينتفي ما يترتب عليه من جمع الصلوات.
ة مع هؤلء وثانياً :يجوز للخوات أن يؤدين الصلة جماع ً
الخوة في قاعة مغلقة ،ولو كانت القاعة من الحياة
الخاصة ،فالرسول عليه الصلة والسلم صلى إِماما ً في
بيت خاص برجال ونساء ،فعن أنس بن مالك قال "
سلَيم
م ُ صلى بنا رسول الله تطوُّعاً ،قال :فقامت ا ُ ُّ
م حرام خلفنا قال ثابت :ل أعلمه إل قال :وأقامني وأ ُ ُّ
عن يمينه ،فصلينا على بساط " رواه أحمد وأبو داود.
وانظر البحث [ موقف الصبيان والنساء ] في الجزء
الثاني من الجامع لحكام الصلة.
57
ص للصلة لعموم الناس فهو ن مخ َّ
ص ٍ ( )44الجواب :أيُّ مكا َ ٍ
مسجد ،وهو مصل ّى ،يجري عليه ما يجري على أي
َّ
مسجد ،فل يجوز للجنب المكث فيه ،فالمسجد والمصلى
شيءٌ واحد ،لهما حكم واحد في كل شيء.
58
ل ل يعتمد على الثابت أن إجماع الصحابة دليل مستق ٌ
غيره ،فهو يكشف عن دليل من أحاديث رسول الله .
( )46الجواب :إن إِجماع الصحابة متفق عليه أنه دليل ،وأنه
يكشف عن دليل ،وهذا ل يعني أن ل يقال إِن الصحابة قد
أجمعوا على كذا وكذا مما نجد دليله في النصوص ،فهذا
القول له دللة مهمة ،هي أن النصوص هذه ل ناسخ لها
لص مع عم ِول مخالف لها في الفهم ،وإنما تطابق الن ُّ
الصحابة ،وكثيرا ً ما يرد في كتابات الفقهاء مثل هذا،
ل على ما أقول ما ورد في البحث [ أكل لحم وتجد كمثا ٍ
الجزور ] في البند الثامن ( قال النووي :إن هذا الخلف
الذي حكيناه كان في الصدر الول ،ثم أجمع العلماء بعد
سته النار ) وطبعاً ذلك أنه ل يجب الوضوء من أكل ما م َّ
قال النووي هذا القول مع وجود دليل من السنة تجدونه
خَر في رأس الصفحة نفسها وهو ،عن جابر قال " كان آ ِ
ك الوضوء مما م َّ
ست تر ُ المرين من رسول الله
حبَّان، النار " رواه النَّسائي وأبو داود وابن ُ
خَزيمة وابن ِ
بل وتجد ذلك في كتبنا أيضاً ،ففي صفحة 153من كتاب
الموال تجد ما يلي ( زكاة البقر واجبة بالسنة وإجماع
الصحابة ) ...وفي الصفحة 155من نفس الكتاب تجد ما
يلي ( زكاة الغنم واجبة بالسنة واجماع الصحابة ).
59
والواجبات ؟ فبحسب علمي هنالك اختلف بين
المجتهدين في الركان والفروض ،وأن الركن إذا نُسي ل
يُصلِحه سجود ُ السهو ،وإنما تبطل الصلة وتجب عليه
إعادتها ،على العكس من الفرض الذي يُصلِحه سجودُ
السهو ول تبطل الصلة بتركه.
( )48الجواب :الركن في الصلة إن تُرك عمدا ً أو سهواً
بطلت الصلة ،ول ينفعها سجود السهو ،أما الفرض ،فإن
تُرك عمدا ً وقع الثم ،وإن ترك سهوا ً فل إثم ،ويجب
سجود السهو في الحالتين ،ول تبطل الصلة بترك
ك أو سهواً.الفرض ،عمدا ً كان التر ُ
وأنا في كتاب [ الجامع لحكام الصلة ] لم أسرد الركان
والفروض سردا ً في بنود ٍ متتاليةٍ حتى ل يتحول الكتاب
إلى ما يشبه الكتب المدرسية ،ولول أنك هنا أردت مني
حصر الركان والفروض لما وجدتني أذكرها في نقاط،
لن هذه الطريقة هي طريقة الصحابة والتابعين وتابعيهم،
ولست أريد رد سؤالك ،فأمتثل للطلب وأقول ما يلي :
الركان هي:
.2تكبيرة .1النية.
الحرام.
.3القيام في صلة الفريضة لمن قدر عليه .4 .قراءة
الفاتحة في كل ركعة.
.6الرفع من .5الركوع.
الركوع.
.8الجلسة .7السجود على الرض لمن قدر عليه.
.9الطمأنينة في كل أعمال بين السجدتين
.10جلسة التشهد الخير .11 .التسليم. الصلة .
أما الفروض فهي:
.2التشهد .1التشهد الوسط.
الخير.
.3الخشوع _ ومعناه هنا السكون.
.4القنوت – ومعناه هنا السكوت.
ت.
وما سوى ما ذ ُكِر فمندوبا ٌ
60
( )49السؤال :هل يجوز المشي خلل الصلة لكمال الصف،
أو للفساح لمن فرغوا من صلتهم كي يخرجوا من
المسجد ،إن كان المصلي لم يفرغ بعد ُ من صلته ،كمن
يأتي للصلة متأخرا ً ؟
( )49الجواب :يجوز المشي القليل في الصلة لعذر إتمام
الصف أو للفساح لغيره للمرور ،على أن يبقى متَّجهاً
نحو القبلة ،وإل وقع في الثم والحرام.
( )52السؤال:
جتي في تقليدكم هي أنني أعرف أنك من الشباب، ح َّ
أُ -
ُ
أي أننا متفقون في الصول ،لهذا ل أستطيع تقليد
المذهب المالكي مثلً ،وأنا أعرف أنه يستند إلى أصول ل
أتفق معه فيها ،لهذا كنت أبحث عن شاب كتب في أمور
العبادات لقل ِّده وأخيرا ً وجدت كتابيكم ،ويا ليتكم تكتبون
في باقي أمور العبادات ،والسؤال هو :هل حجتي هذه
تبرئ ذمتي عند الله عَّز وج َّ
ل؟
ب -مع قلة بضاعتي في العلم ،وأنا أقل ِّدكم في مسألة
الصلة ،إن حدث ووجدت في نقطةٍ من مسألة الصلة
ف
أن الرأي القوى من خلل اقتناعي بقوة الدليل مخال ٌ
ي أن أتبع هذا الرأي لما جاء في كتابكم ،فهل يجب عل َّ
عكم في باقي الجديد في هذه النقطة وأستمر في اتِّبا ِ
نقط مسألة الصلة ؟ وإذا جاز لي هذا ،أل أكون قد اتَّبعت
أكثر من مجتهد ٍ في المسألة الواحدة ؟ مع العلم أنني ل
أستطيع البحث في جميع النقط حتى يقال لم ل أكون
مجتهد مسألة ،وذلك لعدم تمكُّني من أدوات الجتهاد ؟
ج -عند القول إنه ل يجوز اتباع أكثر من مجتهد في
المسألة الواحدة ،فهل هذا ينطبق فقط على من أراد
ب لتباعه أم على الجميع ؟ ل سيما تعيين مجتهد ٍ أو مذه ٍ
وأن ما فهمته مما جاء في كتاب الشخصية في هذا
ص بمن عين له مجتهدا ً ليقلده ،أما الموضوع أن ذلك خا ٌّ
من لم يعين فيمكنه أن يقل ِّد أكثر من مجتهد في المسألة
الواحدة ،ودليل ذلك ما كان يحدث مع الصحابة ،إذ لم
حَّروْن اتباع مجتهد ٍ واحدٍ في يُنقل عنهم أنهم كانوا يت َ
المسألة الواحدة ،فهل فهمي صحيح ؟ وإن كان فهمي
خطأ ،فكيف يكون الرد على ما سبق ؟
62
د -مباشرة ً عند الرفع من السجدة حصل عندي شك ،هل
ت بها هي الولى أم الثانية ،فما العمل السجدة التي قم ُ
عندئذ ٍ ؟ هل أعتبر الركعة لغية أم آتي بسجدة أخرى ثم
أسجد للسهو ؟ وكذلك إذا بدأت بالتشهد ثم حصل عندي
شك هل قمت بسجدة واحدة أو اثنتين ،فماذا أفعل ؟
هـ -عند الرفع من الركوع هل يجب القبض ،أي وضع اليد
اليمنى على اليد اليسرى على الصدر أم ل يجب ؟
( )52الجواب:
ي الثنين يعطيانك أحكاماً ت مقتنعا ً بأن كتاب َّ أ -إن كن َ
صائبة فل مانع من اتباع الحكام الواردة فيهما ،وتكون
ل إن شاء الله. حجتك آنذاك تبرئ ذمتك عند الله عَّز وج َّ
ب -إذا حدث ووجدت في مسألة من مسائل الصلة أن
الرأي القوى من خلل اقتناعك بقوة الدليل مخالف لما
جاء في كتاب [ الجامع لحكام الصلة ] فتستطيع اتباع
الرأي الجديد في هذه المسألة ،وتترك الرأي الوارد في
الكتاب بشرطين اثنين :
ت به .1أن ل تنتقل إلى هذه المسألة إن كان ما اقتنع َ
ت مقل ِّداً شرطا ً أو سببا ً في أحكام أخرى في الكتاب وكن َ
ن أن ل تكون هذه المسألة ذات تأثير في لها ،وبمعنى ثا ٍ
المسائل الخرى التي تبنَّيْتَها في الكتاب.
.2أن تكون لديك القدرة ُ فعل ً على محاكمة الدلة
تفها وتستطيع بعدئذ ٍ أن تَثْب ُ َ والتمييز بين قويِّها وضعي ِ
وتستمر في تبني جميع ما في الكتاب .وباختصار أقول
إنك تستطيع أن تتبنى الحكام الشرعية المختلفة لدى
عدد ٍ من المجتهدين في المسائل المختلفة إل إن نويت
ل الحكام التي أن تتبنى أحكام مجتهد معين ،فتلتزم بك ِّ
يقول بها.
ج -طبعا ً ل يجوز لك اتباع أكثر من مجتهد في المسألة
م يشمل الجميع ،والمسألة الواحدة ،وهذا الحكم عا ٌ
الواحدة هي ما كانت مستقلة بنفسها كمواقيت الصلة،
وكأركان الصلة ،وكشروط صحة الصلة ،وأمثالها ،وفي
63
أحكام الطهارة كالغسل ،وكالوضوء ونواقضه ،وكالتيمم...
الخ.
د -في حالة الشك هل أديت سجدة واحدة أم سجدتين
فيجب عليك أن تبني على القل وهو سجدة واحدة ،ثم
تقوم بأداء سجدة ثانية ،وفي نهاية الصلة تسجد للسهو
ول يصح أن تعتبر الركعة كلها باطلة ،لن الركعة إن
نقصت السجدتين ،أو نقصت سجدة واحدة فقد بطلت،
وبطلت الصلة كلها ببطلن هذه الركعة ،وعندها ل ينفعك
سجود السهو.
وإذا بدأت بالتشهد ،ثم اعتراك شك هل سجدت سجدة
واحدة أوسجدتين ،فيجب عليك التوقف عن التشهد،
والقيام بسجدة جديدة ،ثم تعود للتشهد ،وتسجد
بعدئذٍسجود السهو ،فإن أنت لم تقطع التشهد ،وبالتالي
ُ
لم تأت بالسجدة الثانية فصلتك كل ّها تصبح باطلة ،لن
ترك أي ركن من أركان الصلة يبطل الصلة ،ول تُجبَر
الصلة بسجود السهو عندئذٍ ،فسجود السهو واجب وينفع
عند ترك واجب أو الِخلل به ،ول يجب سجود السهو عند
ب فقط ،أما الركن فتركه أو ترك مندوب وإنما يُستح ُّ
الخلل به يبطل الصلة ،وتجب إعادتها كلها.
هـ -لم ترد في النصوص هيئة مخصوصة لوضع اليدين عند
م يديك الرفع من الركوع ،ولذا فأنت بالخيار بين أن تض َّ
إلى صدرك ،وبين أن تبقيهما مسبلتين إلى جنبيك وأنا
ي عند الرفع من الركوع.أُسبل يديَّ إلى جنب َّ
( )53السؤال :في الحديث الذي جاء فيه " ...وعن الصبي
حتى يحتلم " ...ورد تكليف البالغ الذَّكَر عند الحتلم
بالتكاليف الشرعية من صلة وصيام وغيرها ،فماذا عن
َ
البنت ،ومتى تصبح مكل ّفة ؟
( )53الجواب :إذا احتلم الغلم فقد دخل س َّ
ن التكليف أما
ن التكليف ،وهذا البنت فإنها إذا حاضت فقد دخلت س َّ
ن من بلغ وجب َ ة ،بمعنى أ ّ
ص بالشخاص ديان ً الحكم خا ٌّ
عليه القيام بالتكاليف الشرعية وإل وقع في الثم ،أما
64
تطبيق الحكم من قبل الدولة فإنها تعتبر س َّ
ن الخامسة
عشرة هي س َّ
ن التكليف.
ن وقت العشاء يمتد ُّ إلى شطر الليل، ( )54السؤال :ما دام أ َّ
فما هو الليل المعتبر حتى نعرف شطره ؟ أم أ َّ
ن
المقصود به هو ما تعارف عليه الناس ،وفي زمننا هذا هو
الساعة الثانية عشرة ليل ً ؟
( )54الجواب :تستطيع أن تُحدد شطر الليل بالضبط بأن
تحسب المدة الزمنية ما بين المغرب وشروق الشمس،
ثم تقسم على اثنين قيكون شطر الليل ،أو نصف الليل،
أما ما تعارف الناس عليه وهو الساعة 12ليلً ،فليس
دقيقاً ،وهو يختلف في الشتاء عنه في الصيف ،بل
يختلف من شهر إلى آخر .وأُضيف ما يلي :إن وقت
الفضلية للعشاء يمتد ُّ إلى منتصف الليل ،ولكن صلة
ح إلى قُبَيل حلول الفجر. العشاء تص ُّ
ة
حرمة الصلة لحظ َ ( )56السؤال :كيف يجتمع القو ُ
لب ُ
الشروق والستواء والمغيب مع حديث " من أدرك
العصر قبل أن تغرب الشمس " ...إذ يُفهم من هذا
65
الحديث أن وقت العصر يمتد ُّ إلى غروب الشمس ،ولو
كان ذلك حراما ً لما جازت صلة العصر قُبيل الغروب ؟
( )56الجواب :أوقات النهي الجازم الثلثة تحرم الصلة فيها،
أما بخصوص النوافل من الصلوات فواضح ،وأما
بخصوص الصلوات المفروضة فإنها أيضا ً يحرم تأخيرها أو
ة مقبولة تماماًمجزئ ً
أداؤها في هذه الوقات ولكنها تكون ُ ِ
مجزئة
كالصلة في الرض المغصوبة فإنها حرام ولكنها ُ ِ
مقبولة .أنظر آخر البحث [ الوقات المنهي عن الصلة
فيها ] في الجزء الثاني من الجامع لحكام الصلة.
66
( )58السؤال :من المواضع التي ل تجوز فيها الصلة مسجد
الضرار ،وهذا تبيَّن بنص القرآن فهل يجوز لنا أن نحكم
على مسجد ما بأنه مسجد ُ ضرار بغلبة الظن ؟ وإن جاز
ج َّ
ل ذلك فما هي المعايير المعتبرة للحكم ،خصوصا ً وأن ُ
زور
ٍ المنابر في المساجد حاليا ً تعتبر منابر شهادا ِ
ت
للحكام ولضلل الناس ؟
( )58الجواب :يجوز لنا أن نحكم بغلبة الظن أن هذا المسجد
يأخذ حكم مسجد الضرار ،ول ننعت أي مسجد بذلك إل
إذا غلب على ظننا أنه بُني للضرار بالسلم والمسلمين،
وبُني كوكرِ تآمرٍ على السلم والمسلمين .أما ما نشاهده
في هذه اليام من خطباء وأئمة ينافقون للحكام على
المنابر ،فهذا ل يجعل هذه المنابر والمساجد منابر
ومساجد ضرار ،إل أن يُبنى من أجل الضرار ،فالنفاق
في المساجد وارتكاب آثام فيها ل يجعلها مساجد ضرار.
ن تحديد أوقات الصلة اليوم يتم وفق برامج ( )61السؤال :إ َّ
فلكية معدَّة مسبقاً ،ولكن يظهر التفاوت فيما بينها ببضع
دقائق ،ول يوجد مر َّ
جح لبرنامج على آخر ،فبماذا تنصح
المصل ِّي ،خصوصا ً للذين يتعذر عليهم سماع الذان،
ة في غير بلد المسلمين ؟ خاص ً
( )61الجواب :تجوز الصلة عند أول أذان أو عند الذان الول
في البرامج الفلكية المتعددة ،ول بأس بأن تختلف
ُّ
البرامج الفلكية بضع دقائق ،والمسلم ل يجب عليه تعلم
علوم الفلك كأربابه فهو من فروض الكفاية ،والحوط لك
أن تؤخر الصلة إلى آخر أذان في البرامج الفلكية لتكون
مطمئناً.
68
ص
ب شخ ٌ ( )62السؤال :هل يجوز في صلة الجمعة أن يخط َ
م المصلين شخص آخر مع الدليل ؟ وهل يجوز ويؤ َ
تخصيص الستراحة بين الخطبتين للترجمة من قبل
شخص ثالث ؟
ص ويؤم المصلين( )62الجواب :نعم يجوز أن يخطب شخ ٌ
ص آخر في صلة الجمعة لن الفعلين مختلفان، شخ ٌ
فيص َّ
حان من اثنين.
أما الخطبة فيجب أن تكون من خطيب واحد لنها فع ٌ
ل
واحد ،فل يُشرع أن يتناوب خطيبان على إلقاء الخطبة،
كما ل يجوز أن يخطب شخص ويترجم الخطبة شخص
ن ،سواء أكان ذلك في أثناء خطبة الخطيب ،أم في ثا ٍ
ً
الفترة بين قسمي الخطبة للسبب نفسه أيضا ،أما بعد
الفراغ من الخطبة ونزول الخطيب عن المنبر فيجوز أن
ص ترجمة الخطبة للمصل ِّين ،ثم تقام الصلة، يتولى شخ ٌ
إذ ل تجب إقامة الصلة فور النتهاء من الخطبة.
73
الدللة على أن هذه الصلة التي تبلغ خمسين درجة لم
ل في المساجد.ت ُص َّ
َ
ة صلةِ جماعةٍ ،ولو كانتولذلك أقول باطمئنان إن أي َ
من اثنين فقط ،تعدل خمسا ً وعشرين درجة ،سواء كانت
في المساجد أو في غير المساجد.
75
إذا أوشكت أن تغرب مالت نحو الشمال فوق الفق،
وقامت بإكمال دورتها العادية حتى تعود إلى المشرق
دون أن تتوارى في الفق الغربي أو الشمالي أو
الشرقي ،ثم تعاود الكََّرة فتتوسط قبة السماء إلى
الجنوب قليلً ،وهكذا تبقى ساطعة في السماء سطوعاً
عاديا ً يظهر خلله ميقات الظهر وميقات العصر ،ثم بدلً
ل ميقات المغرب وبعده ميقات العشاء من أن تغرب فيح َّ
تقوم بالنحراف نحو الفق الشمالي فوقه قليل ً دون أن
تتوارى ،إلى أن تُكمل دورتها في أربع وعشرين ساعة ل
ل أربٍع وعشرين تغيب فيها ،وتبقى ساطعة بدورة كاملةٍ ك َّ
ساعة ،تتكرر مرتين أو ثلثا ً أو عشر مرات أو مائة مرة
تبعا ً لصعودنا نحو شمال الرض في الدائرة القطبية.
وبملحظة هذه الظاهرة نجد أننا نستطيع أن نصلي صلة
الغداة في بداية هذه الدورات المتكررة مرة واحدة ،ثم
نقوم بأداء صلة الظهر وصلة العصر في ميقاتيهما
المعتادين في كل دورة ،ولكننا ل نقوم بأداء صلة
المغرب ول بأداء صلة العشاء لن ميقاتيهما لم يحل َّ،
فالشمس تبقى ساطعة عدة دورات ل تغيب فل يحصل
ليل ،وهكذا بتوالي دورات الشمس ،سواء كانت كثيرة
في الشمال أو أقل من ذلك كلما اتجهنا إلى الجنوب
ضمن الدائرة القطبية نقوم بأداء صلة الظهر وصلة
العصر فقط ،ول نصلي المغرب ول العشاء لن الليل لم
ل ميقاتاهما .هذا هو الحكم في تلك ل ،وبالتالي لم يح َّ يح َّ
البلد ،وهو الحكم نفسه في بلدنا من وجوب التقيد
ل الميقات قمنا بالصلة ،وإن تأخر بالمواقيت ،فإن ح َّ
خرنا الصلة أو قدَّمناها تَبَعا ً لذلك ،وإن الميقات أو تقدَّم أ َّ
ل الميقات خلل يوم أو يومين أو أسبوع أو شهر أو لم يح َّ
أكثر لصلوات الغداة والمغرب والعشاء فل صلة علينا
ة عندئذٍ .ويمكن لسكان تلك البقاع أن يُكثروا من واجب ً
صلة التطوع لسعة الوقت عندهم ،والله سبحانه يهبهم
ن سائر المناطق. من الثواب ما يهب سكا َ
وقد يسأل أحدهم :لماذا ل نُقَدِّر لصلتنا هناك قدر
مواقيت البلدان المجاورة ذات النهار والليل العاديين أي
76
البالغين معا ً أربعا ً وعشرين ساعة مراعين حركة الشمس
في الجهة الشمالية ،فعندما تقترب الشمس من الفق
الغربي وتبدأ بالنحراف عنه قليل ً نصلي المغرب ،وبعد
ذلك نصلي العشاء ،وعندما تقترب الشمس من مكان
شروقها المعتاد في الفق الشرقي نصلي الغداة وهكذا،
استدلل ً بالحديث الصحيح الذي رواه النَّواس بن سمعان
خفَّ َ
ض ةف َ ت غدا ٍل الله الدجال ذا َ قال " ذ َكَر رسو ُ
فيه ورفَّع حتى ظنناه في طائفة النخل ...إلى أن قال
عليه الصلة والسلم ...ياعباد الله فاثبتوا قلنا :يا
رسول الله وما لبْثُه في الرض ؟ قال :أربعين يوما ً،
م كجمعة ،وسائُر أيامه م كشهر ويو ٌ م كسنة ويو ٌ
يو ٌ
كأيامكم ،قلنا :يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنةٍ
ة يوم ؟ قال :ل اقُدروا له قدَره" ... أتكفينا فيه صل ُ
رواه مسلم وأبو داود والترمذي وأحمد من حديث طويل.
فهنا يطلب رسول الله أن يقدروا لتلك اليام الطويلة
في زمن خروج الدجال قدَرها في الزمنة العادية ،فهو
دليل على وجوب التقدير لسكان تلك المناطق ،كما هو
دليل على وجوب التقدير على من يدركون أيام الدجال ؟
وللجواب على هذا السؤال الطويل نقول ما يلي:
.1إن ما ورد من خوارق في الحاديث التي تذكر الدجال
ليست على حقيقتها وإنما هي تشبيه وتمثيل ،ول أد َّ
ل
على ذلك من ورودها في عدد من الحاديث على سبيل
المجاز ،نذكر منها ما يلي :
م بما أ -عن حذيفة قال :قال رسول الله " لنا أعل ُ
مع الدجال منه ،معه نهران يجريان أحدُهما رأيَ العين
ن أحدٌ ج ،فإما أدرك َّ ماءٌ أبيض ،والخُر رأيَ العين ناٌر تَأ َ َّ
ج ُ
مض ثم لِيُطأطئ فلْيأت النهر الذي يراه ناراً ،وليغ ِّ
رأسه فيشرب منه ،فإنه ماء بارد " رواه مسلم.
ب -وعنه أنه سمع رسول الله يقول " إن الدجال
يخرج وأن معه ماءً وناراً ،فأما الذي يراه الناس ماء
77
فناٌر تُحرق ،وأما الذي يراه الناس ناراً فماءٌ بارد
عذب " ...رواه مسلم.
ُ
ج -عن أبي هريرة ،قال رسول الله " أل أخبركم
مه ،إنه أعور ،وإنه عن الدجال حديثاً ما حدَّثه نب ٌّ
ي قو َ
يجيء معه مثل الجنة والنار ،فالتي يقول إنها الجنة
هي النار " ...رواه مسلم.
فهذه الحاديث يُفهم منها بشكل واضح أن الخوارق التي
ترافق الدجال كالجنة والنار في الحياة الدنيا ليست على
الحقيقة ،وهي ل تعدو كونها مجرد مجاز وتمثيل ل غير
وقل مثل ذلك بخصوص حديثنا " يوم كسنة ويوم كشهر
ويوم كجمعة " ...فهذه اليام ينبغي أن تُحمل على
ل هذا الحديث بأن تلك المجاز وليس على الحقيقة ،ويُؤ َوَّ ُ
اليام ستكون أياما ً عصيبة وبالغة الشدة على المسلمين
ة من وهي لشدتها تظهر وكأن اليوم الول منها يضارع سن ً
الشدائد والهوال ،وكأن اليوم الثاني منها يضارع شهراً
من الشدائد والهوال ،والذي ألجأنا إلى التأويل هو تعذر
تفسيره على الحقيقة .
ُ
.2بل إن عندنا حديثا ً يخالف هذا الحديث إن هو أخذ على
الحقيقة ،هو ما رواه أبو هريرة قال :قال رسول الله
شح، " يتقارب الزمان ،وينقص العمل ،ويُلقى ال ُّ
ل" ل القت ُ ويكثر الهْرج ،قالوا :وما الهْرج ؟ قال :القت ُ
رواه البخاري ومسلم .فهذا الحديث الذي يتحدث عن
أيام آخر الزمان ومنها أيام الدجال يذكر أن اليام تمضي
متقاربة مسرعة بحيث تبدو أقصر من اليام العتيادية،
وتقل بركة ذلك الزمان ،فهذا الحديث إن هو أُخذ على
الحقيقة تصادم وتعارض مع حديثنا " يوم كسنة" ...
وحيث أن الحديثين يتحدثان عن أيام آخر الزمان ،لن
الدجال سيأتي في آخر الزمان ،فإن حكمنا عليهما واحد
وهو أنهما يُحملن على المجاز ،ول يصح حملهما على
الحقيقة.
78
.3إن الله سبحانه خلق الكون وسيَّره بنواميس وقوانين
ثابتةٍ ل تتغير إل أن تقع معجزة ٌ لنبي من أنبياء الله ،وما
سوى ذلك فإن هذه القوانين والنواميس مستمرة باقية
إلى أن يرث الله الرض والسماء ،وحيث أن الدجال ليس
نبياً ،فإن الله سبحانه ل يغيِّر النواميس والقوانين الثابتة
لجله أو يُجريها على يديه ،والدجال أهون على الله
حدِث سبحانه من أن يهبه قوة ً وقدرةً يستطيع معهما أن ي ُ ْ
تغييرا ً في هذه النواميس والقوانين ،فالله سبحانه قد
خلق الشمس وفرض عليها نظاما ً ثابتاً ،وخلق الليل
والنهار تبعا ً لحركتها الظاهرة ،ولسوف يستمر حال
الشمس وحال الليل والنهار دون تغيير إلى يوم القيامة،
فكيف وقد ورد في الحديث أن اليوم الول كسنة ؟ إنه
لمر يستحيل حصوله على الحقيقة ،فلم يبق أمامنا سوى
أن نحمل هذا الحديث على المجاز والتمثيل فحسب.
.4ونقول لمن لم يقتنع بأن ما ورد في حديث الدجال هو
على المجاز والتمثيل ،نقول له ما يلي :إن هذا الحديث،
على افتراض أنه ورد على الحقيقة ،قد عالج حالة وظرفاً
خاصاً ،هي حالة وجود الدجال وما يرافقه من خوارق،
ولم يأت على العموم ،فيُقصر العمل به على ما ورد فيه
على وجهه ،ول يُقاس عليه لوجود الفارق بين ما ورد فيه
وبين ما ورد على عموم الوقات والزمنة ،فنقوم بالتقدير
فحسب في زمن الدجال ول نسحبه على سائر الوقات،
وبذلك تنتفي هذه الشبهة في سحب ما ورد فيه على
البقاع القطبية ،وما جاورها من الصقاع.
لهذه السباب الربعة نقرر مطمئنين أن هذا الحديث ل
يصلح للستدلل به على مسألتنا ،ويبقى الحكم في
المواقيت عاما ً في سائر البقاع وثابتا ً ل يتغير يجب الخذ
به والعمل بمقتضاه ،بخصوصنا وبخصوص سكان أية بقعة
من بقاع الرض ،لن هذه المواقيت كما أسلفنا لم تُنسخ
ولم يقع فيها استثناء.
أرجو أن أكون قد أجبت على سؤالك بهذه الدراسة
المطوَّلة.
79
( )72السؤال :ما هو رأيكم في الجمع بين صلتي المغرب
والعشاء تقديما ً عند تأخر وقت العشاء جدا ً في بلد
الغرب في الصيف ؟ وهل هذا المر جزء من مسألة أيضاً
؟ أم أنه يمكنني أن أقلد فيها رأي مجتهد آخر غير
المذهب الذي أتَّبعه ؟
( )72الجواب :بخصوص الجمع بين المغرب والعشاء عند
تأخر وقت العشاء جدا ً في بلد الغرب في الصيف كما
تقول ،فالذي أراه في هذه المسألة هو :إن كان هناك
ن لك أن تجمع بين الصلتين، ج كبير ،فإ َّ
حَر ٌمشقة بالغة و َ
وإل فل يجوز.
أما بخصوص الشق الثاني من السؤال فالجواب هو :إن كان
كعذر
ٍ المذهب الذي تقل ِّده يقول بالحرج وبالمشقة البالغين
للجمع فل مشكلة لديك ،وكذلك ل مشكلَة لديك إن كانت
ت
لديك القدرةُ على محاكمة الدلة ،وبمحاكمة الدلة توصل َ
ن الحرج والمشقة البالغين عذٌر ،أما إن لم يكن إلى اقتناٍع بأ َّ
هذا ول ذاك ،فإما أن تبقى على مذهبك ،وإما أن تنتقل إلى
مذهب آخر يقول بما أقول به.
( )73السؤال :أنا أُقل ِّد الن الِمام الشافعي ،وبعد قراءتي
لكتابكم في الصلة أحببت أن أنتقل إلى رأيكم في
الصلة لثقتي بشخصكم ،وبالصول التي تتبناها ،وأيضاً
لما رأيت من الترتيب المبدع للدلة ،وتبيان كيفية
ّ
الستبناط منها ،فهل يجوز ذلك رغم أني من المقلِدين
للشافعي مع الطلع على أدلته في المسألة ؟
( )73الجواب :النتقال من اتِّباع مجتهد إلى اتِّباع مجتهد ٍ ثان
له عدة شروط ،أولها ثقة المقل ِّد بالمجتهد الثاني ،وثانيها
عدم الخذ بالهوى والتشهي ،وثالثها قوة الستدلل
والستنباط لدى المجتهد الثاني ،وهناك شروط أخرى
ثانوية ،فإن توفرت عندك الشروط الثلثة الولى في
المجتهد الثاني فإنك تستطيع النتقال إلى رأيه ،وتستطيع
م الخذ بالحكام الواردة في كتاب [ الجامع لحكام من ث َّ
الصلة ].
80
( )74السؤال :إذا كانت الثياب التي تصلي بها المرأة ضيقة
جدا ً ولكنها من قماش سميك بحيث تُخفي لون البشرة،
فهل تعتبر ساترة للعورة ؟ وهل تصح الصلة بها ؟ أم
أنها تُعتبر مما يصف حجم العظام ،وبالتالي ل تعتبر
ساترة ،ول تصح الصلة بها ؟
( )74الجواب :لباس المرأة الذي يعتبر ساترا ً لعورتها يجب
ن لحمها من خلله ،وأن ل أن يكون سميكا ً ل يظهر لو ُ
يُبرِز تقاطيع بدنها ،فإن نقص واحد من هذين الثنين
اعتُبر اللباس غير ساتر ،ولذا فاللباس الضيق غير ساتر،
وهو من التبُّرج ،ول تصح صلة المرأة به.
َ
( )81السؤال :هل يصح أن تُصل ّى صلة الوتر جماع ً
ة في
المسجد ؟
( )81الجواب :يصح ذلك ،سواء أكان في المسجد أم في غير
المسجد.
84
ت البحث [ صلة التراويح ] في الجزء ( )82الجواب :لو قرأ َ
ن نظرٍ لما وقع في نفسك ما وقع الثاني من الكتاب بإمعا ِ
من وجود انفصال بين فعل الرسول وبين إِجماع
الصحابة ،فالرسول يقول " فعليكم بالصلة في
ن خيَر صلة المرء في بيته إل المكتوبة " بيوتكم ،فإ َّ
وهذا حكم شرعي متفق عليه .أما ما فعله عمر من
جمع المصلين في المسجد لصلة التراويح فذلك أن
الواقعة كانت قيام الصحابة بأداء صلة التراويح فُرادى
في المسجد ،في زمن الرسول وفي زمن أبي بكر ،
إلى أن جاء عمر ،فرأى الصحابة يصلون التراويح فرادى
في المسجد ،ولم يكونوا يصلونها في البيوت ،فقال :ما
دام الصحابة يصلونها في المسجد فرادى فإنني أختار
ُ
ة في المسجد، لهم أفضل مما هم عليه ،فلْيُصل ّوها جماع ً
وهكذا كان ،فعمر لم يختر المسجد لصلة التراويح ،وإنما
قام فقط بتنظيم صلتِهِم فيه وكان فعله حسنا ً ولم يقم
بتفضيل صلة المسجد على صلة البيوت ،وإل لخالف
الهَدْي النبوي .وهكذا يبدو واضحا ً أنه ل تعارض بين إجماع
الصحابة وبين الهَدْي النبوي .وقد يكون إِصراُر الصحابة
على أداء التراويح في مسجد رسول الله لفضلية هذا
المسجد ،أو لعدم تيسر الصلة جماعة في البيوت،
ن خير صلة المرء في ويبقى الهَدْي النبوي كما هو " فإ َّ
بيته إل المكتوبة " ول شك في أن صلة التراويح تدخل
تحت هذا النص ،لنها من التطوع.
86
( )84السؤال :إذا كان الله تعالى قد ترك لنا فسحة في صلة
الفريضة عند اليقظة من النوم ،بل جعل وقت الفريضة
الفائتة لنوم عند اليقظة بنص صريح وبفعل من رسول
الله ،أي أن هذا هو وقتها الشرعي الصحيح الذي عيَّنه
الله تعالى فلماذا يجب علينا ربط الساعة ( المنبه )
للقيام لصلة الفجر مثل ً قبل الشروق ؟ أَوَ ل يدل الدليل
على أن صلتنا لها عند اليقظة صلةٌ كاملة ،وهي صلة
في وقتها الشرعي لننا كنا نياماً ،حتى ولو كانت بعد
الشروق ،حتى ولو لم نربط المنبه ونتعمد القيام قبل
الشروق ؟
( )84الجواب :يجب أن يُفهم أن النوم عن الصلوات هو حالة
استثنائية ل ينبغي أن تكون هي القاعدة ،فاسمع الحديث
الذي رواه مسلم والبخاري وأحمد من طريق أنس رضي
الله تعالى عنه " من نسي صلة فلْيصل ِّها إذا ذكرها ،ل
كفارةَ لها إل ذلك "...والكفارة ل تكون إل من الخروج
على القاعدة والصل ،وإل فل معنى لذكر الكفارة هنا،
واسمع يا أخي هذا الحديث " عن عبد الله قال :ذ ُكر
ة حتى أصبح ،قال :ذاك عند رسول الله رج ٌ
ل نام ليل ً
رجل بال الشيطان في أذنه _ أو قال _ في أذنيه "
رواه مسلم ،وانظر الصفحة 64من الجزء السادس من
صحيح مسلم لتقف على شرح النووي لهذا الحديث.
87
ب -ل يجوز له النتظار ،ويجب عليه أن يبادر إلى صلة
الظهر أربعا ً
من يلوي عنقه إلى درجة من المصلين َ( )86السؤالِ :
ّ
يستطيع معها أن ينظر خلفه عندما يسلِم من صلته،
فهل هذا مشروع ومطلوب ؟
( )86الجواب :يكفي أن تقرأ الحديث التالي في البحث
[ اللتفات ] في الجزء الثاني من الجامع لحكام الصلة
لتدرك أن هذا الفعل من هؤلء غير مشروع ،وأستطيع أن
أُصنِّفه في باب الغلو المذموم ،وقد ورد في الحاديث
الكثيرة أن النبي كان يسلم عن يمينه وعن شماله،
وهذا يعني أن التسليم يكون بالنظر إلى موازاة الكتفين
ة ويسرة ل يجاوزهما ،فمن أين أتوا بالنظر إلى
يمن ً
الخلف ؟
90
رواه أبو داود .فالسبال المحَّرم يكون فقط في حالة
خيَلء والتكبُّر.
ال ُ
( )90السؤال :ما حكم إضافة الصلة على النبي ،أو إضافة
الصلة البراهيمية بعد التشهد الوسط ،أي بعد ركعتين
في الصلة الثلثية أو الرباعية ؟
( )90الجواب :إِضافة الصلة على النبي عليه الصلة والسلم
عقب التشهد الوسط غير مشروعة ،بمعنى أنه لم يرد
لها ذكٌر في النصوص فل تضاف ،ول تفتحوا على أنفسكم
بابا ً إن فُتح دخل منه الشيطان.
93
( )95الجواب :نعم يجوز لك ذلك ،إذ يجوز أن يقتدي المصل ِّي
في صلة الظهر بإِمام يصلي صلة العصر ،كما يجوز أن
يقتدي المصل ِّي في صلةٍ مفروضة بإِمام يصلي نافلة،
ويجوز العكس .ويمكنك مراجعة البحث [ اقتداء
المفترض بالمتنفِّل وبالعكس ] الوارد في الجزء الثاني
من الجامع لحكام الصلة .
( )99السؤال :إذا مات أحد المصل ِّين في صلة الجماعة في
المسجد ،فماذا نفعل ؟ هل نكمل الصلة ونتركه حتى
نفرغ منها ،أم ماذا نفعل ؟
( )99الجواب :يقطع عدد ٌ محدود ٌ من المصل ِّين صلتَهُم
ليتدبروا أمر المتوفَّى ويستمر الخرون في صلتهم
حتى يفرغوا منها.
( )100السؤال :إن خرج وقت صلة الظهر مثل ً لنوم أو
سهو ،فهل تكون النية للصلة حاضرة أم قضاءً ،وماذا
ننوي ؟ وهل المر نفسه ينطبق على من تقاعس عن
صلته حتى خرج وقتها ؟
( )100الجواب :إن التلفظ بالنية في الصلة غير واجب وغير
مأمور به ،وإنما يجوز التلفظ بالنية من أجل استحضار
الذهن عند البدء بالصلة ،وعليه فيمكنك أن تصلي بنية
ظ ،سواء كانت الصلة حاضرة أو قلبية فقط دون تلف ٍ
فائتة ،فهي هي في الحالتين ،أي تصلي الصلة الفائتة
كما لو كانت غير فائتة دون أي اختلف ،وأقول نفس
الشيء بخصوص من تقاعس عن صلته حتى خرج وقتها،
فهو يؤديها على حالها وعلى هيئتها ولكن مع حصول الثم
ل بقضاء الصلة الفائتة إنما بسبب التقاعس طبعاً .والقو ُ
هو فقط للتمييز بين الصلتين ،أي من أجل معرفة ما إذا
كانت الصلة حاضرة أو فائتة دون أن يكون لذلك دخ ٌ
ل
في صفةِ النية القلبية أو التلفظ بها ،فإن كنت بعد هذا
صرا ً على التلفظ بالنية فقل :نويت أن أصلي م ِ
البيان ُ
الظهر أربع ركعات ،سواء في الحاضرة أو في الفائتة
دون أية إضافة.
95
( )101السؤال :ماذا يعني الخشوع والقنوت في الصلة،
وكيف يكونان ؟
( )101الجواب :الخشوع في الصلة يعني السكون في ذلةٍ
وخضوٍع ،أما القنوت في الصلة فيعني السكوت وعدم
التكلم ،ويتحقق هذا وذاك بأن يسكن المصلي فل يتحرك
إل بما له علقة بالصلة وأن يسكت فل يتكلم إل بما له
علقة بالصلة ،ويُعفى عن الحركة القليلة في الصلة ،أما
الحركات الكثيرة غير المشروعة في الصلة فهي التي
تقطع الخشوع الواجب في الصلة ،ويلحق فاعلَها الثم.
96
الصلوات المفروضة وحتى السنن الراتبة ،فما قيمة وقت
الكراهة إذن ؟
ة
ن تحي ُ ت أيضا ً في موضوع تحية المسجد [ وتُس ُّ وقل َ
المسجد في كل وقت يدخل فيه المسلم المسجد ،ل
فرق بين أوقات الكراهة وغيرها ،ول بين النهار والليل،
فمتى دخل المسجد صلى ركعتين ...فإن حكم الندب باق
ن مما سبق أنك تجيز تحية المسجد ومستمر ] قد يُظ َّ
ت عليه حين قرأت حرمة ،وهذا ما كن ُ حتى في أوقات ال ُ
موضوع تحية المسجد ،لنك تقول [ ل فرق بين أوقات
الكراهة وغيرها ...وحكمها باق مستمر ] حتى قرأت
موضوع الوقات المنهي عن الصلة فيها ،فأرجو إزالة
اللتباس ؟
( )102الجواب :لحظ العبارة [ فإن هذه النوافل إن كانت
ذوات أسباب ...فإنها تُؤدَّى ول كراهة ،لن أوقاتها قد
َ َ
حل ّت بهذين الوقتين ] ...فالقول إن أوقاتها قد حل ّت
بهذين الوقتين ( أي وقتي الكراهة ) ل يشمل النوافل
المطلقة غير ذات السباب ،ولو أننا أدخلنا عموم النوافل
ح القول إن هذين الوقتين وقتا في القول السابق لما ص َّ
كراهة ،ولنتفت الكراهة بالكامل ،ولما عادت أحاديث
النهي عن هذين الوقتين ذات معنى ،فالنوافل مشمولة
بهذه الحاديث قطعاً ،أما ذوات السباب فإنها للسباب
ت أدائها ) جاز أداؤها هناك دون هذه ( وهي التي تَعيَّن وق ُ
كراهة ،فالفارق واضح في هذا الموضوع.
ل على أما ما جاء في تحية المسجد ،فإن العبارة ل تد ُّ
ة
جوازها في أوقات التحريم لن أوقات التحريم محسوم ٌ
ل العبارة على جوازها في أوقات الكراهة قطعاً ،وإنما تد ُّ
كجوازها في غير أوقات الكراهة ،وهي الوقات التي ل
ل على ن العبارةَ هذه تد ُّ نهي جازما ً عنها ،وبمعنى آخر فإ َّ
عدم الفرق بخصوص تحية المسجد بين وقت الباحة
ووقت الكراهة.
وأضيف من ناحية أخرى ما يلي :إن أوقات التحريم تعني
أن الصلة فيها حرام والحرام عكس الواجب أو الفرض،
97
فإن وُجد واجب ،ووُجد وقت تحريم ،قلنا إن الواجب
حْرمة ،وذلك كقضاء الصلوات المفروضة في يكسر ال ُ
أوقات التحريم ،أما أوقات الكراهة فيكسرها الفرض
كقضاء الصلوات المفروضة ،كما تكسرها النوافل ذوات
السباب ،في حين أن النافلة غير ذات السبب ل تكسر
الكراهة لن وقتها مو َّ
سع وإل انتفت الكراهة بالكامل.
99
الركعات ،ول يقوم بأداء الركعة الولى كما قلتم في
سؤالكم.
وأما بخصوص جهر المسبوق عقب فراغ المام من
صلته ،فإن المسبوق يجهر في القراءة في الركعتين
الولى والثانية فقط ،وهذا ل يُتصور إل في حالة إدراك
م في ركعته الرابعة ،أو في جلسة التشهد المسبوق الما َ
الخيرة ،فإن أدركه في الركعة الرابعة فاحتسبها
المسبوق ركعته الولى ،فإنه ينهص للتيان بالركعة الثانية
فيجهر فيها ،ويُسُّر في الركعتين الخريين ،وإن أدركه في
جلسة التشهد فإن المسبوق ينهض فيأتي بصلته الرباعية
كاملة ،فيجهر في الركعتين الوليين ،ويُسُّر في الُخريين.
101
بحيث يصلي العصر عند صيرورة ظل الشيء مثليه ؟
وهذا ينطبق أيضا ً بشكل عكسي في البلد التي ل يدخل
فيها وقت العشاء وفق المذهب الحنفي ( أقصى شمال
أوروبا ) حيث يبقى شعاع ٌ من نور الشمس طوال الليل
في شهر حزيران ،فهل يجوز لمن يقلد المذهب الحنفي
أن يتحول في هذه الجزئية فقط إلى المذهب الشافعي،
ومذهب المام زيد باليمن ،اللذ َيْن يقولن بدخول وقت
العشاء بعد مغيب الشفق الحمر وليس الظلم الدامس،
فهل تعتبر هذا مسوِّغا ً للتنقل بين آراء المجتهدين لنه ل
يمكن تطبيق رأي أبي حنيفة هنا ؟
( )105الجواب :أنت تستطيع أن تتبنى ما جاء في كتاب
[ المجموع شرح المهذب ] للمام النووي الشافعي
المذهب ،وبهذا التبني تكون متبعا ً للرأي الذي تجده في
جواب سؤال سابق ،فقد جاء فيه [ وبالحساب يبدأ وقت
العصر ] ...وما جاء في المجموع للنووي هو تطبيق
عملي لهذا الحساب.
أما القسم الثاني من سؤالك فهو أنه ل يوجد لدى
الحناف ول لدى الشافعية ما يُستطاع تطبيقه على وضع
الدائرة التي في أقصى الشمال ،وعلى ذلك تستطيع
اعتماد أي رأي فقهي معتبر تراه في هذه الجزئية ول
ضير في ذلك والله سبحانه يعذرك.
102
( )107السؤال :هل صلة الجمعة للمسافر تُسقط عنه صلة
الظهر ؟ وهل صلة الجمعة لمن تجب عليه تسقط عنه
صلة الظهر ،أم ماذا ؟
( )107الجواب :
أولً :ل تجب صلة الجمعة على المسافر ،ولكن إن صلَّها
جازت وقُبلت منه.
من صلى الجمعة سواء كان مسافرا ً أو مقيماً ثانياً :ك ُّ
ل َ
سقطت عنه صلة الظهر ،وليس صحيحا ً ول مطلوبا ً ما
يفعله بعض المسلمين من أداء صلة الظهر عقب أداء
صلة الجمعة ،فصلة الجمعة تقوم مقام صلة الظهر
دائماً.
103
من ينام ن َ ( )110السؤال :تقول في الجامع لحكام الصلة إ َّ
يفقد وضوءه إل إن كان في الصلة ،أو كان ينتظر
الصلة ،لن النصوص خصصت هذه الحالة بهذا الحكم
فيُؤخذ كما ورد تماماً ،فالحديث تحدَّث بأن الصحابة كانوا
ينامون في المسجد وهم ينتظرون الصلة ثم يصلون
دون أن يتوضأوا ،والسؤال هنا هو :ما دمنا أننا نريد
ص هذا الحكم بمسجد الرسول خص ُ ُالتخصيص فلماذا ل ي ُ َ
ممه على الذي كان الصحابة يصل ّون فيه فقط ،ول نُع ِّ
سائر المساجد ؟
( )110الجواب :أنا أقول إن النوم في الصلة ل ينقض
الوضوء ،ويلحق به النوم في حالة انتظار الصلة ،لن
انتظار الصلة صلة ٌ كما ورد في الحاديث ،والنوم في
حالة انتظار الصلة ل ينقض الوضوء سواء كان في
مسجد الرسول أو في أي مسجد آخر ،أو حتى في
ص مسجد ٍ دون مسجدٍ، غير المساجد ،ول يَرِد هنا تخصي ُ
ول بقعةٍ دون غيرها .أما كون الصحابة كانوا ينامون في
ة عين،مسجد الرسول عليه الصلة والسلم فهذا واقع ُ
أي وقعت اتفاقاً ،وواقعة العين ل تفيد تخصيصا ً ول
تقييداً.
( )111السؤال :يقوم الناس بمصافحة بعضهم بعضا ً باليدي
عقب النتهاء من الصلة ويقول أحدهم :تقبَّل الله ،فيردُّ
الخر :منا ومنك ،ويقول الشخص لصاحبه عقب الفراغ
حَرماً :أو يقول :زمزم ،فيرد الخر :جمعاً...، من الوضوءَ :
إلخ ،فيا حبذا لو تتطرق إلى هذه المور وتبين حكمها هل
سنة ،لنها تحصل باستمرار ؟ هي بدعة أم ُ
( )111الجواب :هذان الفعلن يُنظَر فيهما فإن كان الشخص
يفعلهما لمجرد الدعاء فل شيء فيهما ،أما إن كان
متَّصلَين بالوضوء وبالفراغ من الصلة الشخص يفعلهما ُ
على أنهما من العبادة المشروعة المتَّصلة بهما ،فعمله
ة ،ذلك أن الشرع لم يرتب على ة مذموم ً يعتبر عندئذٍ بدع ً
الفراغ من الصلة ،ول على الفراغ من الوضوء هذين
الدعائين ول غيرهما من الدعية فالوْلى تركُهما ،وإن
104
كان ل بد من قولهما فلْيفعلهما الشخص مرة ،وليتركهما
مرة أخرى ،ول يداوم عليهما.
107
ت المصلين في الركعة أصلي صلة تامة ؟ وإن وجد ُ
الخيرة فهل أستطيع أن أنوي القصر ؟
ت نية المصلين قبلك وأنهم ( )117الجواب :إن أنت عرف َ
يصلون صلة تامة فادخل في صلتك بنفس نيتهم ،لن
م بمقيم صلى صلة تامة غير مقصورة، المسافر إن ائت َّ
أما إن أنت جهلت نيتهم فادخل في الصلة ناويا ً كنية
الِمام ،ثم تصلي كما يصلي المام قصرا ً أو إتماماً .أما
ت أنهم يصلون الركعة الخيرة فادخل في الصلة إن علم َ
بنية القصر لن القصر والتمام يستويان في هذه الحالة،
والقصر من المسافر أولى من التمام ،فتصل ِّي مع المام
الركعة الولى ،وبعد أن يُسل ِّم المام تنهض للتيان
بالركعة الثانية.
من استيقظ ،أو أيقظه أحد لصلة ( )120السؤال :هل يُعتبر َ
ً
الصبح لدائها فاستيقظ ،لكنه لم يستعد ْ وعيه تماما ثم
ل ،هل يعتبر ممن ترك الصلة عاد لنومه ولم يص ِّ
مد كأن يكون المكتوبة دون عذر شرعي أو بتقصيرٍ متع َّ
نوم هذا الشخص عميقا ً جدا ً ؟
( )120الجواب :إن كان هذا الشخص ثقيل النوم ولم يعُد
إليه وعيُه عندما استيقظ أو أيقظه شخص فل يعتبر ممن
ترك الصلة المكتوبة دون عذر شرعي ،فالصل في
ك ،أما إن صار مدركا ً وواعيا ً ثم ي والِدرا ُ
التكليف الوع ُ
ل فقد وقع في الثم وإن كان ثقيل النوم. نام ولم يص ِّ
109
( )121الجواب :نعم ،يجوز للمأموم أن يعتبر تلك الصلة
م بمن يصلي الفريضة، صلة قضاء ،وهذا جائز ،سواءٌ ائت َّ
أو بمن يصلي النافلة كصلة التراويح.
( )122السؤال :لقد أوضحتم أن عدم التيان بركن في
الصلة يبطلها ،فلو التحق أحدُهم بصلة جماعةٍ
ق ،ونسي أن يقرأ الفاتحة سرا ً في أول ركعة كمسبو ٍ
التحق بها في الصلة مع وجود الوقت الكافي ،فهل تعتبر
صلته باطلة لنه نسي التيان بركن ،أو يكفيه أن يأتي
ن المام ضامن ؟ بركعة مع سجود السهو ،أو نقول إ َّ
ة ول يفيده سجودُ ( )122الجواب :نعم تُعتبر صلتُه باطل ً
ق ،ول
السهو ،وعليه أن يبدأ الصلة من جديد كمسبو ٍ
يقال هنا إن المام ضامن ،فالمام ل يضمن صلة باطلة
من مأموم.
110
ثانياً :يُفهم من قولك [ يأخذون بتثنية التكبير ( الله أكبر،
الله أكبر ) وهذا يعارض النص ] ...إن الشفع عندك يعني
ت إليها
التثنية ،وبالنظر في صيغة الذان التي ذهب َ
جحتَها ،أل وهي ( الله أكبر ،الله أكبر ،الله أكبر ،الله ور َّ
أكبر ) ...إلخ ،نجدك تقول بتربيع التكبير وليس بتثنيته،
وهذا يخالف حديث أنس المذكور الذي أُمر فيه بلل أن
يشفع الذان ،والشفع عندك تثنية ،ويناقض اعتراضك
على المالكية ،فإن قلت إن المراد بالشفع في الذان
تثنيته ،بطل أذانك الذي اعتمدته ،لنك ترب ِّع فيه كلمة
ت إن المراد بالشفع ( الله أكبر ) وهي وتر ،أما إن قل َ
مثَنَّاة ،بطل تربيعه ،لن كلمة ( الله أكبر ) تُعَد ُّ فيه واحدة ُ
مثَنَّاة
اعتراضك على المالكية ،لن كلمة ( الله أكبر ) ُ
واحدة فهي وتر.
ت ضمن هذه المسألة إن مالكا ً يأخذ بحديث ثالثاً :قل َ
أنس " أُمر بلل أن يشفع الذان وأن يوتر القامة " ،ثم
لما صح الحديث عندك وفيه زيادة ( إل القامة )
اعترضت على المالكية به .فأقول ما يلي :إن هذا القول
غير دقيق ،لن مالكا ً رحمه الله لم يأخذ بحديث أنس،
قال في الموطأ ( ما جاء في النداء للصلة صفحة ) 75
( فأما القامة فإنها ل تُثَنَّى ،وذلك الذي لم يزل عليه أهل
العلم ببلدنا ) فحجة مالك إذن هي عمل أهل المدينة،
مدِّ
ل المستفيض كالصاِع وال ُ وعملهم فيما كان طريقَه النق ُ
ة على زيادةٍ تفَّرد بها أحد ة مقدَّم ٌن والقامةِ حج ٌ َ
والذا ِ
الرواة وإن كان ثقة مثل أيوب السختياني
( )123الجواب :إن الخطأ عند أي فقيه هو أن يأخذ بن ٍ
ص
واحد ويترك ما عداه ،إذ ل بد من أخذ جميع النصوص
المتعلقة بالمسألة الواحدة ،فإن تعارضت ظاهريا ً جرت
م التوفيقُ جرت عملية ة التوفيق ،فإن لم يت َّعملي ُ
تت ما قل ُ الترجيح ،وهنا وبحسب هذه المقدمة قل ُ
بخصوص قول المام مالك رحمه الله تعالى ،فهو قد أخذ
بصيغة واحدة ،ولم نره ينظُر في غيرها ،ويبدو أن
اعتماده على هذه الصيغة إنما جاء بسبب توافقها مع
111
عمل أهل المدينة الذي يعتبره مالك حجة فجاء قولي
بتخطئة الرأي المسند للمام مالك.
أما قولي في المسألة هذه فقد جاء بإِعمال أكثَر من
ص ذكرت ص ذكرت القامة أنها وتر ،ونصو ٌ ص ،فنصو ٌ ن ٍّ
ت إلى القامة إحدى عشرة ،وبإِعمال النصوص توصل ُ
الرأي الذي وجدتموه ،ومنه أن التكبير مكَّرر في القامة.
مد هو أن أما بخصوص التثنية والتربيع ،فإن الرأي المعت َ
التثنية وكذلك التربيع شفع ،فالذان شفع والقامة وتر إل
الِقامة ،ولول وجود نصوص ذكرت صيغة القامة إحدى
عشرة وجاء فيها تكرار التكبير لما جاز القول بتثنية
التكبير في القامة ،فبالنظر في النصوص علمنا أن تكرار
التكبير في القامة لم يقدح في أنها وتر ،ولذا كان التربيع
هو المشروع في الذان ،ولو أن المام مالكا ً قد نظر في
جميع النصوص وعمل بها كل ِّها لما قلنا ما قلناه بخصوص
رأيه إذ أننا أردنا إقامة الحجة عليه من كلمه هو ،وليس
مل النصوص الواردة. ج َ
م ْ
من ُ
112
ل بعلتين :كونه من ضلت بذكره قد أُع َّ فالحديث كما تف َّ
رواية مخرمة عن أبيه ،والضطراب.
خَرمة عن أبيه ،فالقول فيها دون إِطالة إنها م ْ
أما رواية َ
ص على ذلك أهل الوجادة ،فالرجل ثقة كما ن َّ من طريق ِ
الجرح والتعديل ،وحديثه عن أبيه وجادة صحيحة كان
يتحرى القول فيها فل يقول حدَّثنا بل يعنعن ،وفي هذا
دللة على عدالته ،وهي رواية متصلة ،لن الوساطة فيها
بين الراوي والمروي عنه مباشرة .وإذا أُدرك هذا أُدرك
خَرمة عن أبيه، م ْب احتجاج مسلم في صحيحه برواية َ سب ُ
فهو كغيره من المحدِّثين يَعتبِر الوجادة من طرق
التح ُّ
مل.
أما دعوى الضطراب فمأتاها الختلف في الرفع
والوقف ،إذ ُروي الحديث موقوفا ً من طرق ،ومرفوعا ً من
خَرمة عن أبيه ،والرد على هذا من وجهين : م ْطريق َ
ل به الحديث ويُحكَم ن الضطراب الذي يُع ُّ الوجه الول :إ َّ
معه عليه بالضعف هو الذي ل يمكن معه ترجيح رواية
على أخرى ،أما إن ترجحت إحدى الروايات فالضطراب
ينتفي ،ويصبح الحديث ثابتا ً بالرواية الراجحة ،وذلك ما
قال العراقي في ألفِيَّتِه :
ب الحديث ما قد وردامختلفـا ً مـن واحد ٍ فأزيـدا مضطر ُ
خلف أما إن في متن أو في سندٍ إن اتَّضـحفيه تساوى ال ُ
رجح
ض الوجوه لم يكن مضطرباًوالحكم للراجـح منها وجبـا بع ُ
الوجه الثاني :إن القاعدة تقول :إذا تردد الحديث بين
حمل على الرفع الوقف والرسال ،وبين الرفع والتصالُ ،
والتصال ،واعتُبِر ذلك زيادة َ ثقة ،وهو ما رجحه جمهور
الصوليين والققهاء ،وعمل به البخاري ومسلم
والمح ِّققون من علماء الحديث .وإذا أُدرِك هذا ،بطلت
ب احتجاج مسلم في دعوى الضطراب ،وفُهم سب ُ
خَرمة عن أبيه مرفوعاً .وعليه فإن م ْصحيحه بحديث َ
الحديث الوارد في صحيح مسلم ثابت صحيح ،فماذا ترون
؟
113
ة أن المام مسلماً ( )124الجواب :إنه لمما هو معلوم بداه ً
لم يكن لِيضعَ الحديث في صحيحه لول أنه يراه صحيحاً.
ولول وجود حديث آخر يخالف هذا الحديث لكتفينا
بتصحيح مسلم ِ له كما هو المعمول به في كتابنا ،ولذا ل
فائدة ترجى من ذكركم لقول مسلم ( هو أجود ُ حديث
حه في بيان ساعة الجمعة ) فهو تحصيل حاصل، وأص ُّ
أي حديث وارد ٍ في صحيحي البخاري ومسلم إن ن َّ ولك َّ
جاء ناقد ٌ بصيٌر بالحاديث ووقع على علة فيه ظاهرة،
فآنذاك فقط نترك القول بصحة الحديث ونأخذ برأي
الناقد البصير ،وهو ما حصل في حديثنا هذا ،إذ وجدنا في
َ
ن حجر وأحمدُ ة ظاهرة ً أثبتها الدَّاَرقُطني واب ُ الحديث عل ّ ً
بن حنبل هي علة النقطاع ،وقد أثبتها المام أحمد
سه ،فماذا نقول بحديث خَرمة نف ِم ْ
بطريق الرواية عن َ
ُرمي بعلة النقطاع بشكل مؤكد من علماء أفذاذٍ ثم
وجدناه يعارض حديثا ً آخر لم يُْرم بعلة ؟ الواجب عندئ ٍ
ذ
مل ترك هذا الحديث وعدم الحتجاج به .أما موضوع التح ُّ
بطريق الوِجادة ،فأقول ما يلي :
ُ
-1إن الذين أعل ّوا الحديث بالنقطاع يعرفون ِ
الوجادة
مل فلماذا لم ويعرفون أنها من طرق التح ُّ
يذكروها ؟
-2إن نص الحديث في صحيح مسلم قد خلت روايته
الوجادة ،فكيف نعتمد على الدعاء بوجودها من ذكر ِ
في هذا الحديث ؟
-3إن الوِجادة ليست مما اتفق عليه المحدِّثون على
أنها من طرق التحمل المقبولة ،وما اختلف عليه
المحدِّثون ل يصلح لتصحيح حديث منقطع أو حتى
لتحسينه فقد جاء في كتاب [ اختصار علوم الحديث
] لبن كثير ما يلي ( الوِجادة ليست من باب الرواية،
وإنما هي حكاية عما وجده في الكتاب ،وأما العم ُ
ل
ة كثيرة من الفقهاء والمحدِّثين أو منَعَ منه طائف ٌ بها ف َ
ختلف عليه ل أكثرهم فيما حكاه بعضهم ) ...فما ا ُ
يصلح فيصل ً في محل الخلف هنا.
114
لهذه السباب الثلثة ولغيرها مما ذكرناه من قبل ل
نستطيع قبول هذا الحديث ول الحتجاج به.
118
أرجو أن يكون الموضوع قد اتضح لكم ،وأدركتم الفارق
بين الحالتين.
120
بالقرب منها فهل يجوز بناء المساجد في هذه الحالة ؟
وهل تجوز الصلة فيها ؟
َّ
مصلى، ب -بعض المقابر كان إلى جوارها مسجد أو ُ
فعندما حوِّلت هذه المقابر إلى حدائق عامة قام بعض
م ِ قسم ٍ من الحديقة المسلمين بتوسعة هذا المسجد وض ّ
المصطنعة إلى المسجد ،فهل هذه العملية جائزة شرعا ً ؟
سع ؟وهل تجوز الصلة في هذا المسجد المو َّ
ج -بالنسبة لعملية تحويل المقبرة إلى متنـَّزهٍ أو حديقةٍ أنا
أظن أن هذا التحويل حرام ل خلف فيه والله أعلم ،لكن
حيِّرنا بسبب عدم توقف هذه هناك أمٌر ل يزال يقلقنا وي ُ َ
الدولة الكافرة عن هذا العمل المشين أل وهو نقل ُرفات
أمواتنا من المسلمين إلى مقابر أخرى جديدة ،بعض
المشايخ قالوا إنه يجب نقل الُّرفات ،وبعضهم قالوا بعدم
جواز نقل الُّرفات ،وبعضهم تركوا المور لصحابها إن
شاؤوا نقلوا الُّرفات وإن شاؤوا لم ينقلوا ،ول تسألني عن
أدلتهم فأنا ل أعرفها ،فهل يصح شرعا ً نقل ُرفات
الموات ؟ وهل يجوز ترك ُرفات الموات في تلك الحدائق
؟ ببساطة ماذا نفعل لكي ل نقع في الحرام ؟
ة بما يلي : ( )133الجواب :أجيب على أسئلتك مجتمع ً
أ -يجوز نبش القبور ،سواء كانت قبور كفار أو قبور
مسلمين ،والدليل على نبش قبور الكفار ما جاء في
البحث [ تحويل معابد الكفار ومقابرهم إلى مساجد ] في
الجزء الثاني من الجامع لحكام الصلة [ أن رسول الله
قال " :يا بني النجار ثامنوني بحائِطِكم هذا ،قالوا :ل
والله ل نطلب ثمنه إل إلى الله ،فقال أنس :فكان فيه
ل،ب ،وفيه نخ ٌ خَر ٌ ما أقول لكم قبوُر المشركين ،وفيه ِ
بخَر ِ
فأمر النبي بقبور المشركين فنُبِشت ،ثم بال ِ
سوِّيت ،وبالنخل فقُطع فصفوا النخل قبلة المسجد ف ُ
وجعلوا عضاديته الحجارة ،وجعلوا ينقلون الصخر وهم
يرتجزون ] " ...رواه الشيخان وغيرهما.
121
أما دليل جواز نبش قبور المسلمين فما ُروي عن جابر
ل في القبر ،فلم بن عبد الله قال " دُفن مع أبي رج ٌ
يَطِب قلبي حتى أخرجتُه ودفنتُه على حدة " رواه
النَّسائي والبخاري في باب الجنائز ،وكان ذلك عق َ
ب
حد ،وكان والد جابر ،وهو عبد الله بن عمرو بن ُ
معركة أ ُ
بأمر من رسول الله
ٍ جموح حرام ،قد دُفن مع عمرو بن ال َ
،فقد جاء في سيرة ابن هشام " أن رسول الله
قال يومئذٍ حيث أمر بدفن القتلى :انظروا إلى عمرو
جموح وعبد الله بن عمرو بن حرام ،فإنهما كانا بن ال َ
متصافيين في الدنيا ،فاجعلوهما في قبر واحد ".
فالرض إن أُخرجت منها القبور ،أي إن نُبشت قبوُرها
صارت تصلح لبناء أي مبنى ،ومنها المساجد ،لن الرض
بعدئذٍ لم تَعُد ْ مقبرة.
ب -إن المقبرة إذا درست ،أي إذا تحللت اللحوم
والعظام فيها ،جاز التصرف فيها بأي فعل كالزراعة
والبناء ،ومنه بناء المساجد ،وإنشاء الحدائق والمتنـَّزهات
ة ،وهو ما يحصل في وغيرها ،كما جاز الدفن فيها ثاني ً
مقبرة البقيع في المدينة المنورة ،فهم يدفنون فيها
موتاهم منذ عهد الصحابة إلى اليوم ،يدفنون الجثث
الجديدة مكان القبور الدارسة.
فالمقبرة إذا نُبشت قبوُرها ،وأُخرجت بقايا الجثث منها،
ض ومنها ً
ة ،أصبحت أرضا صالحة لي غر ٍ أو صارت دراس ً
بناءُ المساجد ،وبناءُ البيوت ،وإنشاءُ الحدائق إما إن هي
لم تدرس أو لم تُنبش قبورها فل يجوز استعمالها لغير
الدفن ،فإن بُني فيها مسجد ٌ فل تجوز الصلة فيه ،وإن
أنشئت عليها حديقة فل يجوز ارتيادثها.
124
والخشوع ؟ وكيف يمكن التغلب على شرود الذهن وقلة
التركيز والحاجة إلى التدبر والخشوع في الصلة وسائر
العبادات ؟
( )135الجواب :أجيب على هذه السئلة بما يلي :
أ -إنه لمما ل شك فيه أن حضور الذهن في الصلة
م ثواباً ،ولكن الصلة تبقى ة وأعظ َ
يجعلها أرفعَ منزل ً
متقبَّلة بحضور الذهن وبعدم حضوره ،وهناك تفاوت بين
صلة وصلة ،يدل عليه ما رواه عمار بن ياسر رضي الله
تعالى عنه ،قال " سمعت رسول الله يقول :إن الرجل
سبُعُها سعُها ث ُ ُ
منُها ُ شُر صلته ت ُ ُ لينصرف ،وما كُتب له إل عُ ْ
سها ُربُعُها ثُلُثُها نصفُها " رواه أبو داود. م ُ
خ ُ
سها ُسد ُ ُ ُ
صل من صلته أعظم ما فليجتهد المصلي في أن يح ِّ ْ
يستطيع.
ب -إن الصلة ل تبطل إل بترك ركن من أركانها ،وليس
حضور الذهن من أركان الصلة ،كما أنها تبطل بترك شرط
من شروطها كالطهارة ،وليس حضور الذهن من شروط
ن شرد َ ذهنُك فيها، الصلة .فطب نفسا ً بأن صلتك متقبَّلة وإ ْ
وإن لم تتدبر ما تقول ،ولكن ذلك يُفقدك بعضا ً من ثوابها
ليس غير.
ج -الحكمة من أمر الرسول عليه الصلة والسلم للباء
ن السابعة ظاهرة ٌ من م البناء الصلة وهم في س ِ ّ تعلي َ
ناحيتين :
.1أن الصلة عمود الدين فل بد من الهتمام الزائد بها
والتشديد عليها.
.2أنها ثقيلة ودائمية ،فتحتاج إلى تدريب وتمرين عليها
منذ الصغر ،وإل تقاعس الناس عن أدائها.
د -إن التعود ل يُفقد الصلة الخشوع فالخشوع هو السكون
في الصلة وعدم التيان بحركات غير مشروعة فيها ،وهذا
ممكن في حالة التعوُّد وفي غير حالة التعوُّد على السواء،
كما أن التعود ل يفقد الصلة القنوت ،فالقنوت هو السكوت
في الصلة وعدم التكلم مع الخرين فيها ،وهذا أيضا ً ممكن
وميسور في حالة التعود وفي غير حالة التعود على السواء،
125
إذ أن المسلم مهما تعوَّد ومهما طالت مدة صلواته يمكنه
بيسر وسهولة أن يحافظ على سكونه وعلى سكوته في
صلواته ،فالتعود ل يتعارض مع القدرة على الخشوع في
الصلة.
ن مما يساعد المصل ِّي على التغلب على شرود هـ -إ َّ
الذهن وقلة التركيز هو أن يعمد إلى حل مشاكله الني َّ ِ
ة
أولً ،حتى إذا فرغ منها دخل في الصلة ،وأن يبتعد قدر
َ
المكان عن الصلة في أماكن الزحام والل ّغَط ،وأن ل
يدخل في الصلة وهو حاقن أو حاقب ،بمعنى أن ل يدخل
في الصلة وهو يدافع البول والغائط ،وأن يكون ذا
ض
س واستعرا ِ عزيمة ،فيقرر صرف الخواطرِ والهواج ِ
ل من ذهنه كلما طرأت وهذه تحتاج إلى تدريب المشاك ِ
طويل ومعاناة ،وعليه بعد ذلك أن يرضى بما قسم الله
تعالى له من ثواب في صلته.
126
وسطه دون أي فارق ،فمثل ً بعد أن يؤذن للظهر وتمر
ة
عليك نصف ساعة أو ساعة دون أن تكون عندك ني ٌ
للجمع ،ثم تُقّرِر آنذاك أن تجمع العصر مع الظهر فلك
ذلك ول حرج ،فالنية المسبقة ليست لزمة لجواز الجمع
تقديما ً وتأخيراً.
127
( )138السؤال :في حالة الصلة في مسجدٍ ذي طابقين
كالمسجد القصى مثل ً هل تجوز الصلة في الطابق
السفلي للمسجد كالمسجد المرواني والمسجد القديم
ومسجد البراق بينما يقف المام في الطابق العُلوي
للمسجد ؟
سنَّة النبوية تقضي بأن يكون المام في( )138الجواب :ال ُّ
مستوى المصلين ،وتُجيز أن يكون أسفل منهم ،وليس
سثنَّة أن يكون المام أعلى من المصلين إل في من ال ُّ
حالة التعليم فحسب وقد جاء كل ذلك في الجزء الثاني
من الجامع لحكام الصلة في البحث [ أين يقف المام
من المأمومين ] ولذا فإن صلة المصلين في المسجد
م أعلىالمرواني والمسجد القديم ومسجد البراق والما ُ
سنَّة فقط ،وليس على التحريم ،وعليهمنهم هو خلف ال ُّ
فإنه ل إثم على من صلى في المسجد التحتاني ،وصلته
جائزة.
128
بعيدا ً عن الصفوف ،فإ ِ َّ
ن صلته تعتبر باطلة تجب عليه
إعادتها.
133
شيء على عاتقه إل بوضعه .وعن أحمد رواية أخرى تصح
صلته ولكن يأثم بتركه.
ونعود للسؤال وهو :ما حكم الصلة في السروال أو
البنطال ؟ والجواب عليه هو الجواز والصحة والقبول دون
ة فحسب إن صلى الرجل أية كراهة ،وإنما تحصل الكراه ُ
ل فقط وترك سائر بدنه عاريا ً مكشوفاً. في بنطا ٍ
ن جار المسجد ل يجوز له أن يصلي ( )146السؤال :هل صحيح أ َّ
في غير المسجد ؟ وما قولكم في الحديث المشهور " ل
صلةَ لجار المسجد إل في المسجد " ؟
ل على ألسنة الناس ،إل أنه متداوَ ٌ
ث ُ ( )146الجواب :هذا حدي ٌ
ل ول للحتجاِج ،وقد ح للستدل ِ ف جدا ُ وواهٍ ،فل يصل ُ ضعي ٌ
رواه الدَّاَرقُطني والحاكم والبيهقي والطبراني من طريق
أبي هريرة ،ورواه أيضا ً الدَّاَرقُطْني والبيهقي موقوفاً
حبَّان من طريق أُم المؤمنين على علي ،ورواه ابن ِ
عائشة ا ،وكلُّها ُرويت بأسانيد َ ضعيفةٍ وواهيةٍ ،فتتر ُ
ك
ن صلة المرء في بيته وفي ت إليها .وعليه فإ َّ كلُها ول يُلتف ُ
ة من ل عمله وفي مزرعتِه جائزةٌ ولو كانت قريب ً مح ِّ
ن الصلة َ في المسجد أكثُر ثوابا ً وأعظ ُ
م المسجد ،إل أ َّ
أجراً.
134
البـــاب الثـالــث
الصيــام
ح وخرج منه البلغم ( )1السؤال :هل المصاب بكَحةٍ وهو صائم فك َّ
فشربه ،هل يفطر ؟
( )1الجواب :شرب البلغم وبلعُه ل يفطر الصائم إل في
خلُه
حالة واحدة هي أن يخرج البلغم من الفم ثم يُد ِ
ن بلْعه ل فيبلعه ،أما ما دام البلغم في داخل الفم فإ َّ
يفط ِّر الصائم ،فالشرع يرفع الحَرج.
( )8السؤال :ما حكم الكل والشرب بغير تعمدٍ في نافلة هل
يبطل الصوم أم ل ؟ مع ذكر الدليل الشرعي ؟
مد ليبطل الصيام ( )8الجواب :الكل والشرب بنسيان بغير تع ُّ
المفروض ،ول صيام التطوع ،وتجدون نص الحديث الدا ِّ
ل
على أن صيام التطوع ل يبطله الكل والشرب بنسيان
في البحث [ الصائم إذا أفطر ناسيا ً ] في الجامع لحكام
صه قول الرسول الكريم لم إسحق، خ ُالصيام ،ومل َّ
وقد أكلت من مائدة الرسول عليه الصلة والسلم
ة ،ثم لما تذكرت صيامها أمسكت ،فقال لها وكانت صائم ً
مك فإنما هو رزقٌ ساقه الله مي صو َرسول الله " أت ِّ
138
إليك " وطبعا ً لم يكن الشهر شهر رمضان وإل لما كانت
هناك مائدة.
( )13السؤال :رجل مريض ل يقوى على الصيام نذر أن يصوم سنة
كاملة ،فماذا يفعل ؟
( )13الجواب:
نأولً :كون الرجل ل يقوى على الصيام لنه مريض فإ َّ
الصيام يسقط عنه.
ثانياً :هذا النذر ،صيام سنة كاملة ،فيه معصية ،فيجب أن
تُستثنى المعصية من النذر ،ويبقى ما سواها منه قائماً.
أما هذه المعصية فإن صيام سنة كاملة ل يحل شرعا ً لنه
ي عنه ،للحاديثيدخل تحت باب صيام الدهر وهو منه ٌ
الكثيرة التي تجدونها في البحث [ صوم الدهر ] في
الجامع لحكام الصيام ،أذكر منها الحديث التالي " عن
140
عبد الله بن عمرو قال :قال لي النبي :إنك لتصوم
الدهر وتقوم الليل ؟ فقلت :نعم ،قال :إنك إذا فعلت
فهَت له النفس ،ل صام من ن ون َ ِ
مت له العي ُ
ج َ
ذلك هَ َ
صام الدهر " رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
واستثناء المعصية تكون بصيام يوم وإفطار يوم ،وهو
أفضل الصيام ،وهو يعدل صيام سنة كاملة ،فمن صام
يوما ً وأفطر يوما ً كان قد صام السنة ،باستثناء يومي
الفطر والضحى.
ثالثاً :أما الدليل على وجوب طرح المعصية من أي نذر
وبقائه قائماً ،فما رواه عقبة بن عامر قال " قلت يا
رسول الله إن أختي نذرت أن تمشي إلى البيت
مرة ،فقال النبي :إن الله ل يصنع حافية غير مخت ِ
ب ولْتختمْر ولْتص ْ
م ثلثة أيام بشقاءِ أختِك شيئاً ،فلْترك ْ
ل هذا الحديث على طرح سنه .يد ُّ " رواه الترمذي وح َّ
الضرر ،وهو هنا المشي إلى البيت ،وطرح عدم الختمار
لن ذلك معصية ،ويستمر في الوفاء بالنذر ،ورتَّب على
ة
م ثلثةِ أيام ٍ عقوب ً
ة والضرَر صيا َ اشتمال النذر المعصي َ
وكفارةً.
رابعاً :وبناء على ما سبق أقول ما يلي :حيث أن الناذر
مريض ل يستطيع الصيام ،وهو هنا صيام يوم وإفطار يوم
طيلة السنة ،عدا يومي الفطر والضحى ،بعد طرح
المعصية ،فيجب عليه أن يطعم عن كل يوم أفطره مما
ن السنة الهحرية 354يوماً يجب عليه صومه ،وحيث أ َّ
تقريباً ،فيبقى بإسقاط يومي الفطر والضحى من السنة
352يوماً ،وبقسمتها على اثنين يبقى 176يوما ً يتوجب
على الناذر أن يطعم مسكينا ً عن كل يوم من هذه اليام
ال .176
141
تحر
ٍ استحالة رؤية الهلل ،أي استحالة المكانية ،في ليلةِ
عن بدء الصيام ،فهل تؤخذ هذه الشهادة ؟
( )14الجواب :نعم تؤخذ هذه الشهادة شرعاً ،ول يُلتفَت إلى
ن هم رأوا الحساب الفلكي في هذه الحالة .والفلكيون إ ْ
الهلل ،ولو بمناظيرهم ،ولم يره غيرهم ،وكان الفلكيون
عدول ً قُبلت شهادتهم ،فهم وسائر الناس سواء ،باستثناء
ما إذا اعتمدوا على حساباتهم الفلكية نظريا ً فهذه ل
قيمة لها في ميزان الشرع .وبالعكس لو نظر الفلكيون
ولو بمناظيرهم ،فلم يروا الهلل ،وشهد آخرون أنهم رأوا
الهلل قُبلت شهادة الخرين وُردَّت شهادة الفلكيين ،ولو
مثْبِت حجة على من لم يُثبت ،فإن استعانوا بالمناظير ،فال ُ
تبين بعد شهادة الشهود المستندةِ على الرؤية العينية
أنهم أخطأوا ،وجب على جميع المسلمين قضاء يوم ،ول
إثم عليهم في ذلك ،وقد حصل ذلك مع علي بن أبي
طالب كَّرم الله وجهه ،فأمر الناس بقضاء يوم ،وحصل
ة متوافرون. لك والصحاب ُ
142
( )16السؤال :بعض النساء ل يقضين اليام التي أفطرنها في
رمضان لسنوات طويلة ثم يتُبْن ،فماذا عليهن أن يفعلن،
َ
هل يقضين هذه اليام الكثيرة كل ّها والتي ل يمكن تحديد
عددها ؟
( )16الجواب :إن استطاعت المرأة أن تقضي جميع ما فاتها
من رمضانات فلْتفعل ،فإن هي عجزت عن القضاء،
أطعمت مسكينا ً عن كل يوم أفطرته في رمضان ،أو
أخرجت قيمة الطعام نقداً ،فإن هي عجزت عن الطعام
لعدم توفُّر المال معها ،فالتوبة وحدها تكفي إن شاء الله.
( )17السؤال :هل يجوز قضاء صوم عن ميت ؟ وهل يشترط
فيمن سيقضي الصوم في حال جوازه أن يكون من
أقرباء الميت ؟ ولو قلنا إن الميت عليه قضاء عشرة أيام
فهل تسقط هذه اليام العشرة بقضائها في يوم واحد
ل عشرة أشخاص ؟ من قِب َ ِ
( )17الجواب :الذي يقضي الصيام عن الميت هو وليه أولً،
ثم أقرباؤه من الرجال والنساء ،فهذا ما وردت به
النصوص .انظر البحث [ قضاء الصوم عن الميت ] في
الجامع لحكام الصيام .وكما يجوز للولي أو للقريب أن
يصوم عن الميت ما أفطره من أيام رمضان ،فكذلك
يجوز أن يتعدد القارب في قضاء الصوم عن الميت،
س آخرون أياما ً بعدد مافاتفيصوم ناس منهم أياماً ،ونا ٌ
الميت من صيام.
143
ج -يثبت دخول الشهر بثبوت الرؤية الشرعية بشهادة
الشهود العدول أمام القاضي الشرعي.
د -توصف الشهادة برؤية الهلل أنها قطعية إذا تواترت
برؤية مجموعة من الشخاص العدول في أماكن متباعدة
يستحيل تواطُؤ ُهم عادة ً على الكذب .وشهادة الحاد تأخذ
حكم الظن كأي خبر من الخبار.
هـ -يجب العمل بخبر الواحد في الحكام الفرعية ،ومنها
مسألة إثبات رؤية هلل رمضان ( شاهد ٌ واحد ) أو شوَّال
( شاهدان ).
إن المسألة خاصة دقيقة جدا ً وليست عامة ،وهي ليست
حكم القاضي على الشاهد بالفسق وردِّ شهادته واتهامه
بالكذب للحسابات الفلكية .المسألة هي إمكانية حصول
تعارض البينات بين الخبر القطعي والخبر الظني أمام
القاضي الشرعي أو التعارض بين الخبار القطعية ،فكيف
يقوم بعملية الترجيح ؟
يحصل التعارض بين الخبر القطعي والظني بوجود البيِّنة
ُ
من علماء الفلك تفيد عدم تول ّد الهلل مطلقاً ،وبين خبر
الحاد من الشهود العدول الذين أثبتوا الرؤية ،ولم يصل
خبرهم إلى أن يكون يقينياً ،فأي البينتين أعله يجب
العمل بهما من قِبَل القاضي ؟ ومن المثلة على ذلك أن
يشهد شاهد ،أو شاهدان برؤية هلل رمضان في 28من
شعبان ،فهل يأخذ القاضي بالرؤية من قِبَل الشهود أم
يردُّها ؟ وما هي البيِّنة التي يستند إليها القاضي في رد
الشهادة ؟ ومن المثلة أيضا شهادة شاهدين في بلد
اليمن برؤية الهلل وتعارضها مع شهادة شهود التواتر في
بلد المغرب ،بعد ثلث ساعات على رؤية أهل اليمن،
ف للشمس قبيل الغروب ،والذي يُثبت بحدوث كسو ُ ٍ
م تول ّد الهلل ل في اليمن ول في المغرب. قطعا ً عد َ
وكذلك إذا حصل التعارض بين الخبر القطعي بوجود
ُ
البينة من علماء الفلك تفيد عدم تول ّد الهلل مطلقاً ،وبين
الخبر المتواتر من الشهود العدول الذين أثبتوا الرؤية
ووصل خبرهم إلى درجة اليقين ،فبأي هاتين البينتين
يجب العمل من قِبَل القاضي ؟
( )18الجواب :يمكنك بالتدبر وإِنعام النظر أن تجد الجوبة
على أسئلتك الكثيرة في البحث [ مسألة ] بعد البحث
144
[ دعوى اختلف المطالع ] في الجامع لحكام الصيام.
وأضيف ما يلي :إن جاء شاهد وشهد في اليوم ،28أو
في اليوم 29أنه شاهد الهلل قبلنا شهادته ،إما إن جاء
في اليوم 27وشهد أنه شاهد الهلل فل تقبل شهادته.
أما بخصوص اليوم 28فتقبل على افتراض أن الصيام
كان البدء به خطأ ،وفي هذه الحالة نُفطر ونقضي يوماً
آخر ،أما إن كان الشاهد رأى الهلل في اليوم 29فإننا
نفطر ول نقضي ،لن الشهر يكون 29ويكون .30
إن المسألة هذه هي مسألة تعبُّدية وليست مسأل ً
ة
حسابية رياضية ،فمثل ً نغسل الناء من لُعاب الكلب سبعاً
أُولها بالتراب ،فلو أثبت العلم أن هذه الغسلت ل تُنَقِّي
ل بالكحول أو بالمواد الناء من اللُّعاب ،ول يُنَقِّيه إل الغس ُ
المعقِّمة ،فإننا ل نلتفت إلى العلم هنا ،لن المسألة
مسألة تعبُّدية ،وتعبُّدية فقط ،فكذلك شهادة الشاهد
العدل ،فهي مسألة تعبُّدية ،وليست مسألة صواب أو
خطأ.
145
قليل ً في رمضان من باب الحتياط بل وفي غير رمضان،
فتقديم الفطار دقيقة واحدة ل يؤثر في صحة الصيام.
ة قضاء يوم ٍ فاتني من رمضان، ت ليل ً ني َ
( )21السؤال :عقد ُ
وعندما استيقظت عدلت عن الصيام ونويت أن أصوم
يوما ً آخر ،فهل يلزمني قضاء هذا اليوم غير الذي فاتني
من رمضان ،أم أنه يأخذ حكم صيام النافلة ؟
( )21الجواب :ل يلزمك قضاء ذلك اليوم الذي عَدَلت عن
صيامه ،وتبقى عليك فقط اليام التي أفطرتها في
رمضان ،بمعنى أنه لو كان عليك قضاء صيام ثلثة أيام
من رمضان ،فنويت قضاء اليوم الول منها ،وفعل ً صم َ
ت
قسما ً من نهار ذلك اليوم ،ثم بدا لك أن تفطر فأفطرت،
فإن اليام الثلثة هي فقط التي يتوجب عليك قضاؤها
م صيامه. دون زيادة ذلك اليوم الذي لم تُت ِ َّ
البــاب الـرابـع
الحـج والعمــرة
حرِمة بالحج أو بالعمرة أن ( )1السؤال :هل يجوز للمرأة ال ُ
م ْ
ت وقد
حرِما ٍ
م ْ
تغطي وجهها وكفيها فقد شاهدنا نسا ًء ُ َ
غط ّين وجوههن وأكفَّهن ،فهل هذا جائز ؟
147
حرِمة أن تغطي وجهها وكفيها ( )1الجواب :ل يجوز للمرأة ال ُ
م ْ
بخمارٍ أو نقاب ،وما تفعله بعض النساء من تغطية
ف في الحرام مخالف للشرع ول يجوز ،إذ الوجوه والك ِ ّ
أن إحرام المرأة هو بكشف الوجه والكفين ،وإِحرام
الرجل هو بكشف الرأس .فقد روى البخاري ومسلم
خَزيمة وأبو داود وغيرهم عن عبد الله بن عمر وابن ُ
أن رسول الله قال " ...ول تنتقب المرأة ول تلبس
خَزيمة " ل تنتقب المرأة القُفَّاَزين " .ولفـظ ابـن ُ
الحرام ،ول تلبس القفازين " ،ولفظ أبي داود "
ة ل تنتقب ول تلبس القُفَّاَزين " والنقاب غطاء محرِم ُ ال ُ
الوجه والقفازات غطاء الكفين وكلهما محظور على
النساء في الحرام.
خَزيمة عن أسماء ا قالت " كنا أما ما رواه ابن ُ
نُغط ِّي وجوهَنا من الرجال ،وكنا نمتشط قبل ذلك "
فيُحمل على أن التغطية تكون بإسدال الثوب أو برفع
اليدين أمام الوجه دون أن يلمس الوجه ،ويمكنها أن
تستر وجهها بمظلة أو بأي شيء بشرط عدم ملمسته
الوجه بحال ،فقد قال ابن خزيمة معقِّبا ً على هذا الحديث
ب ول ة وجهِها من غير انتقا ٍ مايلي (للمحرِمة تغطي ُ
س الثوب ،إذ الخمار الذي تستر به وجهها بل تسدل إمسا ِ
الثوب من فوق رأسها على وجهها أو تستر وجهها بيدها
ة يدَها عن وجهها) مجافي ً أو بكمها أو ببعض ثيابها ُ
ب قاصدين أداء ( )2السؤال :رجل التحق في الطريق برك ٍ
المناسك وأراد أن يؤدي المناسك معهم ،ولم يكن يعرف
ُ
كيف أهل ّوا ،أبالحج فقط ،أم بالحج والعمرة ،وبمعنى آخر
لم يكن يعرف هل ينوون التمتع أم الفراد أم القران،
فهل يجوزله أن ينوي أن يفعل مثلما سيفعلون دون
تحديد ؟
ل كإهلل ( )2الجواب :نعم يجوز له ذلك فيقول :لبيك بإهل ٍ
هؤلء الركب .ويصح منه ذلك ،فعن أبي موسى قال "
ت على رسول الله وهو بالبطحاء ،فقال: قدم ُ
ت لبيك ت ؟ قل ُ م أهلل َ
أحججت ؟ قلت :نعم ،قال :ب َ
ف ُ
ت ،انطلق فط ْ ل النبي ،قال :أحسن َ ل كإهل ِ بإهل ٍ
148
بالبيت وبالصفا والمروة " ...رواه البخاري ومسلم
وأحمد والنَّسائي.
وهذا طبعا ً إن لم يتيسر له سؤال الركب عند الهلل،
أما إن استطاع سؤالهم فالصل أن يسألهم عن إهللهم،
ل بما شاء.ثم يُه ُّ
ِ
ة يريد الحج أو العمرة ،ثم إنه ( )3السؤال :رجل سافر لمك َ
مرض في الطريق فلم يعد يقوى على متابعة سيره
وأداء المناسك ،فماذا يفعل ؟
صر ،فينوي التحلل ح َ
م ْم ال ُمه حك ُ ( )3الجواب :هذا الرجل حك ُ
صر
يق ِّ ثم ينحر الهَدْي ،شاة ً فما فوقَها ،ثم يحلق رأسه أو
َّ َ
منه ،ول يجب عليه قضاء ما تحل ّل منه ،فإن كان تحلل
من الحجة الواجبة ،فيجب عليه أداء الحجة الواجبة على
َ
الصل ،أما إن كان تحل ّل من حجةٍ غيرِ حجةِ الفريضة ،فل
يجب عليه قضاؤها .قال تعالى( ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯟﯟﯟﯟﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ
)[سورة البقرة الية.]196 :
والواجب في نحر الهدي أن يكون في مكة شَّرفها
الله لقوله تعالى( ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ )[سورة البقرة الية ]196 :فإن
تعذر عليه ذلك فيجزئ عنه أن ينحر هديه حيث هو ،وقد
حصل ذلك في غزوة الحديبية ،فإن الرسول وأصحابَه
قد نحروا الهَدْي في الحديبية ،وهي خارج الحرم.
( )4السؤال :ما صيغة التلبية عند الهلل بالحج ،وما حكمها،
ومتى تتوقف ؟
( )4الجواب :وردت صيغة التلبية في الحاديث الصحيحة
هكذا:
[ لبيك اللهم لبيك ،لبيك ل شريك لك لبيك ،إن الحمد
والنعمة لك والملك ل شريك لك ] فقد روى البخاري عن
مكبِّراً ابن عمر قال " سمعت رسول الله يُه ُّ
ل ُ ِ
يقول :لبيك اللهم لبيك ،لبيك ل شريك لك لبيك ،إن
الحمد والنعمة لك والملك ل شريك لك .ل يزيد على
هؤلء الكلمات " وروى مثله مسلم.
149
ويجوز أن يُزاد على هؤلء الكلمات ،لما روى مسلم
عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما " أن
تلبية رسول الله :لبيك اللهم لبيك ،لبيك ل شريك
لك لبيك ،إن الحمد والنعمة لك والملك ل شريك لك،
وقال :وكان عبد الله بن عمر ما يزيد فيها :لبيك
سعْديك والخيُر بيديك لبيك والرغباء إليك
لبيك و َ
والعمل " وفعل عبد الله بن عمر مما يُستأنس به ول
مه ،فيصح بما ذكر الله وتعظي ِ
ِ سيما والموضوع موضوع
يحقق ذلك.
سنَّة في التلبية أن تكون برفع الصوت عالياً ،لما وال ُّ
خزيمة والحاكم بإسناد صحيح عن أبي هريرة روى ابن ُ
يقول " قال رسول الله :أمرني جبريل برفع الصوت
بالهلل ،فإنه من شعار الحج " ولما روى النَّسائي وأبو
داود وابن ماجة والترمذي وقال :حسن صحيح ،وأحمد بن
حنبل وغيرهم عن السائب عن رسول الله قال "
مْر أصحابك أن جاءني جبريل فقال لي :يا محمد ُ
يرفعوا أصواتهم بالتلبية ".
سنة ،لن المر بها أمٌر غير جازم ،ول أجد والتلبية ُ
ة تصرف هذا المر إلى الوجوب ،ولذا فإن تركها ل قرين ً
يترتب عليه شيء.
سنة في التلبية أن تستمر إلى أن يرمي الحاج وال ُّ
جمرة العقبة في أول أيام منى ،لما روى البخاري
ف
ومسلم عن ابن عباس " أن أسامة كان ِرد ْ َ
رسول الله من عرفة إلى مزدلفة ،ثم أردف
الفضل من المزدلفة إلى منى ،قال :فكلهما قال :لم
يزل النبي يلبي حتى رمى جمرة العقبة".
ل ذهب لداء فريضة الحج ،فمات قبل أن ( )7السؤال :رج ٌ
ج ،أم لَ َ يُت ِ َّ
م المناسك ،فما العمل ؟ وهل يُعتبر أنه قد ح ّ
بد َّ من أن يح َّ
ج عنه آخر ؟
سل بالماء والصابون ويكفَّن في ثياب إِحرا ِ
مه ( )7الجواب :يُغ َّ
سه ول يُطيَّب ول يحنَّط ،فإ ِ َّ َ
ن الله يبعثه بحيث ل يُغط ّى رأ ُ
يوم القيامة كهيئته في الحرام وهو يلبي .فقد روى
البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم من
151
طريق ابن عباس " أن رجلً كان مع النبي
حرِم فمات فقال رسول الله : م ْ
فوقصته ناقته وهو ُ
سوهُ م ّ
سدْر ،وكفِّنوه في ثوبيه ،ول ت ُ ِ
اغسلوه بماء و ِ
م القيامة ملبِّياً مروا رأسه فإنه يُبعَث يو َبطيب ،ول تخ ِّ
صته ناقتُه) أي سقط عن ناقته " قول الحديث (وَقَ َ
فكسرت عنقه فمات .والتخمير :التغطية ،ولم يُْرو أن
الرسول عليه الصلة والسلم أمر وليه أن يحج عنه من
قابل ،فإن قام أحد أقاربه بالحج عنه فخيٌر وفضل.
152
ة الحج بعد
ط عنه فريض َج الصبي ل يُسقِ ُ ولكن ح َّ
ج الصبي مندوب ،وهذا واجب وركن من البلوغ ،لن ح َّ
أركان السلم .قال الترمذي (وقد أجمع أهل العلم أن
ج قبل أن يدرك فعليه الحج إذا أدرك ،ول الصبي إذا ح َّ
جزِئ عنه تلك الحجة عن حجة السلم ). تُ ْ
ج في يوم النحر بمنى بذبح ( )10السؤال :يقوم ال ُ
حجا ُ
الضاحي ،ثم تقوم الدولة بجمع هذه الضاحي وتبريدها
وتوزيعها على المسلمين في الدول الخرى ،فهل هذا
جائز ،وما الدليل عليه ؟
ب أن يأكل الحاج من ح ُّ( )10الجواب :نعم هو جائز ،والمست َ
أُضحيته ويترك الباقي للتوزيع إن شاء ،فإن هو لم يأكل
من أضحيته وتركها للتوزيع فل بأس ،وذلك لما روى جابر
ي قَدِم من اليمن بهَدْي بن عبد الله قال " كان عل ٌّ
ي الذي قدم به رسول الله رسول الله ،وكان الهَد ْ ُ
ة بَدَنة ،فنحر رسول الله ي من اليمن مائ َ وعل ٌ
ي سبعا وثلثين ،وأشرك ً ً
منها ثلثا وستين ،ونحر عل ٌّ
جعلت في ةف ُ
ضع ً علياً في بُدْنِه ،ثم أخذ من كل بَدَنة ب َ ْ
ي من لحمها قدر فطُبِخت ،فأكل رسول الله وعل ٌّ
وشربا من مرقها " رواه النَّسائي .فهذا دليل الكل من
الضاحي.
حَرم ،فلِما روى وأما الدليل على جواز إخراجها من ال َ
ل الله ضحيته ،ثم قال :يا ثوبان قال " ذبح رسو ُ
ُ
مه منها حتى قدم ثوبان أصلح لحم هذه ،فلم أزل أطْعِ ُ
المدينة " رواه مسلم وأبو داود والنسائي ،فهذا دلي ٌ
ل
على جوازِ إِخراج لحم الضاحي من مكة والحرم.
153
( )12السؤال :أرى الذين يطوفون حول الكعبة يستلمون
الحجر السود والركن اليماني ،أما استلم الحجر السود
م الركن اليماني
ن هل استل ُ م لنا ومشروع ٌ ،ولك ْفمعلو ٌ
ل عليه ؟
مشروع هو الخر ؟ وهل من دلي ٍ
م الحجر السود ويُشرعُ ( )12الجواب :نعم يُشرع ُ استل ُ
م الركن اليماني ،وذلك لما يلي: استل ُ
أ -عن نافع عن عبد الله " ذ َكََر أن رسول الله كان ل
ن اليماني " رواه مسلم والبخاري. يستلم إل الحجَر والُّرك َ
ب -عن سالم عن أبيه (عبد الله بن عمر) قال " لم يكن
ن السود
رسول الله يستلم من أركان البيت إل الرك َ
حيين" رواه مسلم م ِ
ج َ
والذي يليه من نحو دُور ال ُ
والنَّسائي وابن ماجة.
ج -عن عبد الله بن عبيد بن عمير أنه سمع أباه يقول لبن
عمر " مالي ل أراك تستلم إل هذين الركنين :الحجر
ل فقد ن أفع ْ السود والركن اليماني ؟ فقال ابن عمر :إ ْ
ُّ
حط ت رسول الله يقول :إن استلمهما ي َ ُ سمع ُ
حبَّان. َ
الخطايا " ...رواه أحمد والن ّسائي والترمذي وابن ِ
وأُضيف ما يلي :يقول الطائف بين هذين الركنين :ربنا
آتنا في الدنيا حسنة وفي الخرة حسنة وقنا عذاب النار،
حبَّان عن عبد لما روى النَّسائي وأبو داود وأحمد وابن ِ
الله بن السائب قال " سمعت النبي يقول بين
الركن اليماني والحجر :ربنا آتنا في الدنيا حسنة ،وفي
الخرة حسنة ،وقنا عذاب النار ".
وأضيف أيضا ً ما يلي :في الشواط الثلثة الولى التي
ي دون إسراٍع ن فيها السراع في الطواف يُس ُّ
ن المش ُ يُس ُّ
ما بين الركن اليماني والحجر السود ،لما روى ابن ماجة
عن ابن عباس قال " قال النبي لصحابه حين
أرادوا دخول مكة في عمرته بعد الحديبية :إن قومكم
جلْداً ،فلما دخلوا المسجد غداً سيرونكم ،فلْيرونكم ُ
استلموا الركن ورملوا والنبي معهم حتى إذا بلغوا
الركن اليماني م َ
شوْا إلى الركن السود ،ثم رملوا
154
حتى بلغوا الركن اليماني ،ثم مشوا إلى الركن
السود ،ففعل ذلك ثلث مرات ،ثم مشى الربع ".
155
سيل إذا طاف بين الصفا والمروة" ... م ِ
يسعى ببطن ال َ
رواه مسلم.
ب -عن جابر بن عبد الله " أن رسول الله كان إذا
نزل من الصفا مشى ،حتى إذا انصبَّت قدماه في بطن
الوادي سعى حتى يخرج منه " رواه النَّسائي.
ج -عن صفية بنت شيبة عن امرأة قالت " رأيت رسول
الله يسعى في بطن الوادي ،ويقول :ل يُقطَع الوادي
إل شدَّاً " رواه النَّسائي ،ورواه ابن ماجة بسند [عن صفية
بنت شيبة عن أم ولد شيبة ].
معبَّر عنها
فالمسافة بين العمودين الخضرين هي ال ُ
بهذه الحاديث ببطن الوادي ،أو ببطن المسيل .ففي هذا
ف سعيا ً وشدَّاً ،أي السير بسرعة. الوادي يُندَب الطوا ُ
( )15السؤال :ذهبت امرأةٌ للحج ،وقبل أن تصل مكة حاضت
فكيف تتصَّرف ؟
( )15الجواب :تفعل ما يفعله الحجاج باستثناء الطواف حول
ط فيه الطهارة،الكعبة ،فإنه يأخذ حكم الصلة ،فتُشتََر ُ
ت طافت بالكعبة ،لما روت ت واغتسل ْ حتى إذا طهر ْ
ت مكة وأناعائشُة رضي َ الله عنها أنها قالت " قدم ُ
ف بالبيت ول بين الصفا والمروة، حائض ولم أط ُ ْ
ت ذلك إلى رسول الله قال :افعلي قالت :فشكو ُ
كما يفعل الحاج غير أن ل تطوفي بالبيت حتى تطهُري
" رواه البخاري .وفي رواية أخرى للبخاري عن جابر بن
ة ا فنسكت َقال " ...وحاضت عائش ُ عبد الله
ف بالبيت ،فلما طهرت المناسك كل ّها غير أنها لم تط ُ ْ
طافت بالبيت." ...
سبَقَ "
من َ منا ُ
خ َ منى ُ ( )16السؤال :الحديث المشهور " ِ
مل ْك لعموم المسلمين ٌ منى ِ
يدل هذا اللفظ على أن ِ
يستعملها حجاج بيت الله في موسم الحج ،ولكن الواقع
منى صارت أشبه بمدينة يقطنها اللف من الناس هو أن ِ
ُ ّ
في بيوت مملوكة لهم ،مما يحول دون تمكن الحجاج من
منىمنى ،فهل هذا البناء في ِ ل مساحةِ ِ استعمال كام ِ
ً ً
منى ملكا فرديا ؟ جائز ،وهل يجوز تملك أراضي ِ
156
منى ( )16الجواب :الصحيح الذي ينبغي الذهاب إليه هو أن ِ
ك لعامة ا لناس ل يجوز لحد أن يتملك فيها ،ول أن مل ٌ
يتخذ فيها بيتا ً أو مزرعة أو أية مصلحةٍ فردية مثلها مثل
الساحات العامة والشوارع والنهار وغيرها ،وكل من
يسكن فيها سكنا ً دائميا ً يُعتبر معتديا ً وآثماً ،فعن عائشة
رضي الله عنها قالت " قيل يا رسول الله أل نبني لك
ُ
من سبق " رواه مناخ َ
منى ُمنَى بناءً يُظِل ّك ؟ قال :لِ ، ب ِ
البيهقي وأبو داود وابن ماجة والدارمي ،ورواه الحاكم
وصححه ،ورواه الترمذي وقال :هذا حديث حسن.
منى ويبني فيها بيتا ً عقاب الله
ل من يسكن ِ فليحذر ك ُّ
يوم القيامة لن حكمه أنه اغتصب أرضا ً لعامة الناس ل
ل.يحق له أن يتملكها بحا ٍ
( )17السؤال :ما معنى قول رسول الله " الحج عرفة " ؟
( )17الجواب :جاء في الحديث الذي رواه أبو داود والنَّسائي
والترمذي وأحمد من طريق عبد الرحمن بن يعمر الديلي
س أو نفٌر من ت النبي وهو بعرفة فجاء نا ٌ قال " أتي ُ
أهل نجد فأمروا رجلً فنادى رسول الله :كيف
ج الح ُّ
ج الحج ؟ فأمر رسول الله رجلً فنادى :الح ُّ
مٍع
ج ْ
م عرفة ،من جاء قبل صلة الصبح من ليلة َ يو ُ
جه " ...وليلة جمع هي ليلة المزدلفة تبدأ عند فتم ح ُّ
غروب شمس يوم عرفة .فقوله عليه الصلة والسلم
سره قوله الذي يليه (من جاء قبل صلة (الحج عرفة) ف َّ
الصبح من ليلة جمع فتم حجه) بمعنى أن من أدرك
عرفة فقد أدرك الحج ،ومن لم يدرك عرفة فقد فاته
م "الحج الحج .هذا هو معنى قوله عليه الصلة ُ والسل ُ
عرفة "
157
( )18السؤال :هل صحيح أن من يبيتون خلف جمرة العقبة
في اتجاه مكة ل يُعتَبرون بائتين في منى ،وبالتالي
َ
يتوجب عليهم الذبح كفَّارة ً ؟
( )18الجواب :نعم إن ما بين جمرة العقبة ومكة ليس من
منى ،وكل ج ِ منى ،بل إن جمرة العقبة نفسها تقع خار َ ِ
من يبيت خلف جمرة العقبة عليه دم ،فعن جابر ابن عبد
ل عرفة موقف الله قال " قال رسول الله :ك ُّ
ف
ة موق ٌ ل مزدلف َ وارتفعوا عن بطن ع ُرنة ،وك ُّ
َ
حر إل ما وراء من ْ َ منى َ سر ،وكل ِ ح ِّم َ وارتفعوا عن بطن ُ
ن بطن عرنة ث أ َّالعقبة " رواه ابن ماجة .يذكر الحدي ُ
سر ليس من مزدلفة ،وما مح ِّ ليس من عرفة ،وبطن ُ
ن من يبيت منى ،ولذا فإ َّ وراء جمرة العقبة ليس من ِ
ح شاةً فما فوقها ،لنه لم وراء جمرة العقبة يجب أن يذب َ
يقُم بواجب المبيت بمنى.
منى ل تتسع للحجيج ،إذ لو أُزيلت وليس صحيحا ً أن ِ
ن المراءت الحرس والجيش ومساك ُ البيوت ومعسكرا ُ
منى تتسع لضعاف ما يرتادها اليوم من حجاج لصبحت ِ
بيت الله ،ولو افترضنا أنها ل تتسع ،فإن الحل المثل هو
منى لتكون بناء عمارات ذات طوابق عديدة في أنحاء ِ
مساكن عامة للحجيج يقطنون بها طيلة أيام الحج،
وبالتالي ل يعودون مضطرين للنـزول خلف جمرة العقبة
منى. التي هي خارج حدود ِ
ج رسول الله ؟ وكم مرةً اعتمر ؟ ( )20السؤال :كم مرة ح َّ
( )20الجواب :أما الحج فإنه عليه الصلة والسلم لم يحج إل
ميت حجــة الوداع ،أمــا العمرة فقــد أدى س ِّ
مرة واحدة ُــ
مر ،فعــن أنــس " أن رســول الله اعتمــر أربــع ع ُـ َ
ح َّ َ
ّـ
جت ِـه: مر كل هن فـي ذي القعدة إل التـي فـي َ أربـع ع ُـ َ
عمرةٌ من الحديبية ،أو زمن الحديبية في ذي القعدة،
وعمرةٌ من العام المقبل فـي ذي القعدة ،وعمرةٌ من
جعرانــة حيــث قســم غنائم حنيــن فــي ذي القعدة،
وعمرةٌ مـع حجتـه " رواه مســلم .ورواه البخاري بلفـظ
مى عمرة َ ذي فيــه بعــض اختلف ،ورواه أبــو داود وســ َّ
القعدة عمرة َ القضاء ،ورواه ابـن ماجـة بلفـظ " عـن ابـن
مر :عمرة عباس قال :اعتمــر رســول الله أربــع ع ُ ـ َ
الحديبيــة ،وعمرة القضاء مــن قابــل والثالثــة مــن
الجعرانة ،والرابعة التي مع حجته".
160
( )21السؤال :أرى كثيرا ً من كبار السن والضعفاء والمرضى
يُطاف بهم حول الكعبة محمولين ،فهل حقا ً يُقبَل منهم
ف هكذا ،والذي نعلمه هو أن من ل يقدر على الحج الطوا ُ
ص آخر ،وأن الرسول عليه الصلة والسلم حج عنه شخ ٌ يَ ُ
بأمر فأتوا منه ما استطعتم ،فلماذاٍ يقول إذا أمرتكم
سهم بالحج وهم غير قادرين عليه يكل ِّف هؤلءِ العجزة ُ أنف َ
؟
ج هؤلء المحمولين في الطواف وفي ن ح َّ
( )21الجواب :إ َّ
السعي جائٌز مقبول ،بل إن القوياء أيضا ً يجوز لهم أن
يطوفوا محمولين راكبين ،وذلك لما يلي:
أ -عن جابر بن عبد الله قال " طاف النبي في حجة
الوداع على راحلته بالبيت ،وبالصفا والمروة ،ليراه
شوه " رواه الناس وليُشرف وليسألوه ،فإن الناس غَ ُ
مسلم وأبو داود والنَّسائي وأحمد.
ب -عن ابن عباس " أن رسول الله قَدِم مكة وهو
يشتكي ،فطاف على راحلته ،كلما أتى على الركن
جن فلما فرغ من طوافه أناخ فصلى ح َ
م ْ
استلم الركن ب ِ ِ
ركعتين " رواه أبو داود .والمحجن هي العصا ذات الرأس
ج.
معو ِ ّ
ال ِ
ت إلىج -عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت " شكو ُ
رسول الله أني أشتكي ،فقال :طوفي من وراء
الناس وأنت راكبة " ...رواه مسلم والبخاري وأبو داود
وغيرهم.
( )22السؤال :نرى الناس وهم يطوفون يسرعون في
المشي أحيانا ً ويمشون بتؤدة أحيانا ً أخرى ،فهل الطواف
هكذا ؟ وما الدليل عليه ؟
خبُّون الشواط ( )22الجواب :نعم الطواف هكذا ،ير ُ
ملون أو ي َ ُ
الثلثة الولى ،ويمشون بتؤدة أي ببطء الشواط الربعة
الخيرة ،فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال "
م مكة إذا استلم الركن
رأيت رسول الله حين يَقْد َ ُ
ف من السبع "
ب ثلثة أطوا ٍ خ ُّ
السود أول ما يطوف ي َ ُ
رواه البخاري ومسلم .وعن جابر " أن رسول الله
161
ل ثلثاً ومشى أربعاً " ...رواه النَّسائي طاف سبعاً َ ،ر َ
م َ
ومسلم والترمذي.
( )23السؤال :هل لماء زمزم فضيلة خاصة ؟ أرجو بيان ما
يتعلق بهذا الماء ؟
( )23الجواب :نعم لماء زمزم فضيلة خاصة امتاز بها عما
سواه من الماء ،وقد ورد في ماء زمزم أحاديث نبوية
أذكر لك منها ما يلي :
أ -عن أبي ذر أن رسول الله قال " ...إنها مباركة ،إنها
م "...من حديث طويل رواه مسلم وأحمد. طعا ُ ُ
م طعْ ٍ
ورواه البيهقي بلفظ " إنها مباركة إنها طعا ُ ُ
م طعْمٍ
م وغذاءٌ ،وشفاءٌ منسقْمٍ " فماء زمزم طعا ٌ شفاءُ ُ
و ِ
المراض.
ب -عن عبد الله بن عباس قال " قال رسول الله :
ححه ووافقه شرِب له" رواه الحاكم وص َّ ماء زمزم لما ُ
الذهبي .ورواه أحمد بسند حسن .ورواه ابن ماجة وابن
أبي شيبة.
ج -عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر قال " كنت عند
ت؟ ابن عباس جالساً ،فجاءه رجل فقال :من أين جئ َ
ت منه كما ينبغي ؟ قال: قال :من زمزم ،قال :فشرب َ
ت منها فاستقبل القبلة واذكر وكيف ؟ قال :إذا شرب َ
َّ
اسم الله وتنفَّس ثلثاً وتضلع منها ،فإذا فرغت فاحمد
ل ،فإن رسول الله قال :إن آية ما بيننا الله عز وج َّ
َ
وبين المنافقين أنهم ل يتضل ّعون من زمزم " رواه ابن
ماجة بسند صحيح .ورواه الحاكم.
163
ة
فأقول ما يلي :أما الحديث الول فل دللة فيه واضح ً
على وجوب العمرة ،أعني حديث أبي رزين ،فقول الحديث "
ص ُّ
ح ج عن أبيك واعتمر " يدل على أن الحج والعمرة ي ِ ح َّ ُ
َ
التيان بهما عن الوالد المتوفّى ،فأين القرينة على الوجوب ؟
ج الصغر " ة الح ُّ
وأما الحديث الثاني القائل " وأن العمر َ
فل دللة فيه هو الخر على وجوب العمرة ،فوصفها بالحج
ت من كون العمرة هي جزء صغير من مناسك الحج، الصغر آ ٍ
ُ
وإل فليس في السلم حج أكبر وحج أصغر ،وما أطلق على
الوقوف بعرفة من كونه يوم الحج الكبر إنما هو لعظم ذلك
اليوم ،فهو اليوم الكبر من أيام الحج.
ل فليست بأدلة، وأما ما جاء في البند الثالث من أقوا ٍ
وإنما هي آراءٌ لثلثة من الصحابة تصلح للتقليد ،ول تصلح
كأدلة شرعية.
ونأتي الن لدلة من قالوا إن العمرة مندوبة غير واجبة،
فأقول ما يلي:
أما الحديث الول ،أعني حديث جابر ،فرغم أن الترمذي
ج بن جا َ قال عنه حسن صحيح ،فإن الناظر في سنده يجد الح َّ
أَرطأة ،والحجاج هذا ضعَّفه الكثيرون ،فالبخاري ومسلم لم
حبَّان (تركه ابن المبارك جا به في صحيحيهما ،وقال ابن ِ يحت َّ
ويحيى بن القطان وابن مهدي ويحيى بن معين وأحمد بن
حنبل) وضعفه البيهقي .فالحديث ضعيف ل يصلح للحتجاج.
وأما الحديث الثاني ففيه عمر بن قيس ضعَّفه أحمد
ويحيى بن معين وأبو حاتم الرازي والنَّسائي ،قال أحمد:
متروك ليس يسوى حديثُه شيئاً ،لم يكن حديثه بصحيح
أحاديثه بواطيل .وقال البخاري :منكر الحديث .وقال
الجوزجاني :ساقط .وقال النَّسائي :متروك الحديث .ثم إن
ن بن يحيى الخشني ،قال عنه ابن في سند هذا الحديث الحس َ
معين :ليس بشيء .وقال الدارقطني :متروك .وقال ابن
حبَّان :منكر الحديث جداً ،يروي عن الثقات ما ل أصل له. ِ
فالحديث ضعيف جداً ،بل ساقط ل يصلح للحتجاج.
وأما الحديث الثالث ففي سنده القاسم أبو عبد الرحمن،
قال عنه أحمد بن حنبل :ما أرى البلء إل من القاسم .وضعفه
164
ابن حزم ،بل إن ابن حزم ضعف جميع طرق هذا الحديث.
وضعَّفه الَّزيْلَعي .وفي المقابل قبله آخرون ،فالحديث
بالتساهل يصل إلى مرتبة الحسن ،وهو غاية ما يستدل به
القائلون بأن العمرة مندوبة غير واجبة.
ولول أنني نظرت في الحديث التي فوجدت فيه غير ما
توصل إليه القائلون بأن العمرة مندوبة لنضممت إليهم وقلت
إن العمرة مندوبة غير واجبة ،وهذا هو الحديث عن ابن
ة
عباس رضي الله عنهما أن رسول الله قال " ...فإن عمر ً
في رمضان تقضي حجة أو حجة معي " رواه البخاري .وعنه
عند مسلم " ...فإذا جاء رمضان فاعتمري ،فإن عمرة فيه
تعدل حجة " ورواه النَّسائي وابن ماجة وأحمد وابن ِ
حبَّان.
ل بلفظ " عمرةٌ في وعند أبي داود من طريق أم معق ٍ
جزِئُ حجة " وعند النَّسائي أيضا ً وابن ماجة وأحمد رمضان ت ُ ْ
خنْبش الطائي بلفظ " عمرة في من طريق وهب بن َ
رمضان تعدل حجة ".
هذا الحديث الصحيح بطرقه المتعددة وألفاظه المتقاربة
يُستدل به على أن العمرة واجبة وليست مندوبة مستحبة
فقط ،أما كيف ؟ فأقول ما يلي :
ض ،فإن ما يعدل هذا الفرض ينبغي أن حيث أن الحج فر ٌ
يكون فرضا ً مثله على تفاوت في الدرجة ،ول يص ُّ
ح ول يُقبَل
أن يقال إن المندوب يعدل الفرض وإل اختلطت الحكام،
فمثل ً ل يصح أن يقال إن ركعتي الضحى تعدلن ركعتي
الفجر ،كما ل يصح أن يقال إن صدقة التطوع تعدل الزكاة
المفروضة ،وكذلك ل يصح أن يقال إن صيام يوم عاشوراء
يعدل صيام يوم ٍ من رمضان ،فالفرض ل يعدله مندوب ،ول
يعدله إل فرض ،وهذه قاعدة فقهية ينبغي أن ل يختلف عليها
فقيهان ،فقول الحديث " عمرةٌ في رمضان تعدل حجة "
يجب أن يُفهم منه أن العمرة واجبة مثلما أن الحج واجب،
وحيث أن الحج أعلى درجة في الوجوب من العمرة ،فقد جاء
تقييد العمرة هنا بكونها في رمضان لتزداد ارتفاعا ً في
الوجوب حتى تضارع الحج في الثواب ،ولول أنها واجبة لما
جاز التعادل بين العمرة والحج في الثواب.
165
لهذا أقول إن الحكم الشرعي الذي تطمئن إليه النفس
هو أن العمرة واجبة ،وهو ما يقول به ابن عمر وابن عباس
وزيد بن ثابت رضي الله عنهم ،ويزيد المر ثباتا ً عندي ما رواه
ابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها قالت " قلت يا رسول
الله على النساء جهاد ؟ قال :نعم عليهن جهاد ل قتال فيه
ج والعمرةُ " والدللة واضحة. الح ُّ
ل إن مات قام أقاربه ن الرج َ ( )25السؤال :المعلوم للجميع أ َّ
ة
ص صحيح ٍ ج عنه ،والسؤال هو :هل من نصو ٍ بالح ِ ّ
ط عن الميت فرض الحج وواضحةٍ تجيز ذلك ؟ وهل يَسق ُ
ويسقط عنه الثم ؟
( )25الجواب :ما يفعله الناس من قيامهم بالحج عن الموات
ط الثم صحيح ومشروع وردت به النصوص ،وهو يُسق ُ
ل الدَّين ،وقد وردت في هذه المسأل ِ
ة عنهم ،مثلُه مث ُ
ث كثيرة أكتفي منها بما يلي : أحادي ُ
ن امرأة ً سألت النبي أ -عن ابن عباس رضي الله عنهما " أ َّ
ك "رواه جي عن أبي ِ ح ِّ ج ،قالُ : عن أبيها مات ولم يح َّ
النَّسائي.
ة
مرت امرأ ٌ َ
ب -وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال " أ َ
نجهَني أن يسأل رسول الله أ َ َّ ة ال ُ سلَم َ ن َنب َ سنا َِ
ج عنها؟ ُ
جزِيء عن أمها أن تح َّ َ أُمها ماتت ولم تح َّ
ج ،أفي ُ ْ
ن فقضته عنها ألم يكن ُ
قال :نعم ،لو كان على أمها دَي ْ ٌ
ج عن أُمها " رواه النَّسائي. ح َّ جزِيُْ عنها ؟ فلْت َ ُ يُ ْ
ن رجل ً أتى النبي ج -وعن ابن عباس رضي الله عنهما " أ َّ
ج عنه ؟ قال: ج ،أفأح ُّ ن أبي مات ولم يح َّ فقال :إ َّ
ت قاضيَه ؟ قال :نعم، ن ،أكن َ ك دَي ْ ٌ ت لو كان على أبي َ أرأي َ
حبَّان بسندٍ حسن .ورواه ج عن أبيك " رواه ابن ِ ح َّ
قالُ :
الطبراني.
( )26السؤال :يقوم بعض المعتمرين بأداء أكثَر من عُمرةٍ في
السفرة الواحدة ،فتراهم يخرجون إلى التنعيم ك َّ
ل يومٍ
حرِموا ثم يؤدُّون العمرة ،وربما اعتمروا في السفرة
لي ُ ْ
166
ل مشروعٌ مرٍ أو أكثر ،فهل هذا الفع ُ الواحدة خمس عُ َ
وجائٌز ؟
ن أداء أكثر من عمرةٍ في ( )26الجواب :أُبادُر إلى القول إ َّ
ث ول ن ول من حدي ٍ السفرة الواحدة ل دليل عليه من قرآ ٍ
إمام
ٍ ي واحدٍ أو من إجماِع صحابةٍ ول حتى من قول صحاب ٍ ّ
ن الواجب القلعُ عن واحد ٍ من أئمة المسلمين ،ولذا فإ َّ
هذا الفعل المبتدَِع ،والقتصاُر على أداءِ عمرةٍ واحدةٍ في
السفرة الواحدة.
ل شهر أو حتى ك َّ
ل ل سنةٍ أو ك َّ أما أداءُ العمرة ك َّ
ٍ
ل عمرةٍ فيها س به إن هو أنشأ لك ِّ ف شهرٍ فل بأ َ نص ِ
ة اللتزام ِ بالمشروع، سفرةً خاصة ،فينال فضيلتين :فضيل َ
وفضيلة الكثار من العُمر ،لما روى البخاري ومسلم
خَزيمة من طريق أبي هريرة والنَّسائي والترمذي وابن ُ
ن رسول الله قال " العمرةُ إلى العمرةِ كفارةٌ لما أ َّ
بينهما." ...
ة في ة والتابعون والئم ُ ولنستعرض معا ً ما يقوله الصحاب ُ
س
س وأن ٍ ن عبا ٍ ن عمر واب ِ ي واب ِ مسألتنا هذه :فقد ُروي عن عل ٍ ّ
م ِ المؤمنين عائشة ،وعن عطاءٍ وطاوس وعكرمة ،جواُز وأ ّ
شهر مرةً) ٍ العتمار في السنة مرارا ً (وقال علي :في ك ِّ
ل
ة (يعتمر إذا أمكن ي في مسنده .وقال عكرم ُ رواه الشافع ُّ
لمر في ك ِّ الموسى من شعره) وقال عطاء ( :إن شاء المعت ِ
شهرٍ مرتين ) .وقال أحمد (إذا اعتمر فل بد َّ من أن يحلق أو
ق الرأس ) .فظاهر هذا صر وفي عشرة أيام ٍ يمكن حل ُ يُق ِّ
ة أ يامٍ. ل من عشر ِ َ ب عنده أن يعتمر في أق ّ ح ُّ
القول انه ل يُست َ
وكره مالك أداء العمرة في السنة مرتين .وقال الجمهور
(يجوز العتماُر أكثَر من مرةٍ في السنة ) .وهذه القوال كلها
ب في حالةِ أداء العمرة الواحدةِ في السفرة الواحدة تص ُّ
فقط.
ت لم ن رسول الله قد اعتمر أربعَ عُمرٍ في أربع سفرا ٍ إ َّ
ل سفرةٍ على عمرةٍ واحدةٍ ول أحد ٌ ممن كان معه , يزد في ك ِّ
فقد روى البخاري ومسلم وأبو داود من طريق أنس قال "
ث ردُّوه ،ومن القابل ع ُمرة الحديبية، اعتمر النبي حي ُ
167
وعمرة في ذي القعدة ،وعمرة مع حجته " ودلل ُ
ة هذا
ل سفرةٍ على عمرةٍ يزد ْ في ك ِّ
ن النبي لم ِ الحديث هي أ َّ
واحدةٍ ,ول أحد ٌ ممن كان معه.
ي في هذه المسألة ,فمن تجاوز هذا هو الحكم الشرع ُّ
ة في السفرة هذا الحكم واستمَّر على أداء أكثر من عمر ٍ
ل ,والغلوُّ مذموم جدا ً في شرع الله سبحانه الواحدة فهو غا ٍ
َ
لما روى أحمد بإسناد ٍ صحيح والن ّسائي وابن ماجة والحاكم
س قال :قال لي رسول الله "... من طريق ابن عبا ٍ
بالغلو
ِّ وإياكم والغلوَ في الدين ،فإنما هلك من كان قبلكم
في الدين " .ورحم الله طاوسا ً القائل (الذين يعتمرون من
ي ح أن يدَّع َجرون عليها أو يُعذَّبون ) .ول يص ُّ التنعيم ما أدري يؤ َ
ب في الثواب من رسول الله صلى الله عليه ُ
أحد ٌ أنه أرغ ُ
ي منهم أنه أدَّى أكثر وسم ول من صحابته الذين لم يُروَ عن أ ٍ ّ
من عمرةٍ في السفرة الواحدة.
ة ل بد َّ مـن ذكرهـا والردِّ عليهـا هـي قول بعضهـم شبه ٌبقيـت ُ
رويـ عـن عائشـة رضـي الله عنهـا أنهـا اعتمرت مرتيـن فـي إنـه ُ َ
أثناء حجهــا مــع رســول الله بأمــر رســول الله لمــا روى
البخاري وغيره من طريق القاسم بن محمد عن عائشة رضي
الله عنهــا قالت " خرجنــا مــع رســول الله ...فدعــا عبــد
الرحمـن بـن أبـي بكر فقال :أُخر ْجـ بأختـك مـن الحرم فلْتُه َّ
ل ِ ٍ
ُ
بعمرةٍ ,ثــم افَرغــا ثــم ائتيــا ههنــا ،فإنــي أنظُركمــا حتــى
ص على جواز التيان بأكثــر تأتيانــي " ...ول دللة فــي هذا الن ّ ـِ
ن الرســول أذن مــن عمرةٍ فــي الســفرة الواحدة ،ذلك أ ّــَ
ن بعمرةٍ لنهــا ة أن تخرج مــن مكــة إلى التنعيــم والتيا ِ ـ لعائش َ
نحاضـت آنذاك فلم تتمكـن مـن إتمام عمرتهـا ،فكان هذا الذ ُـ
ث الكثيرة تشيــر إلى هذا لهــا حتــى تؤدي عمرتهــا ،والحادي ُــ
الفهـم ،ففـي صـحيح البخاري مـن طريـق جابر بـن عبـد الله
نّـ عائشـة رضـي الله عنهـا حاضـت فنسـكت المناسـك " ...أ َ
َ
ف بالبيـت ,قال :فلمـا طهرت وطافـت كل ّـها غيـر أنهـا لم تط ُـ ْ
ة وأنطلقـــُ قالت :يـــا رســـول الله :أتنطلقون بعمرةٍ وحج ٍ
ج ؟ فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج معها إلى بالح ِ ّ
التنعيــم ,فاعتمرت " ...وفــي روايةٍ ثانيةٍ عنــد البخاري "...
168
ة الحصــبةِ أرســل معــي عبــد الرحمــن إلى فلمــا كانــت ليل ُ
َّ
التنعيم ،فأردفها فأهلت بعمرةٍ مكان عمرتها ,فقضى الله
حجهـا وعمرتهـا "...وفـي روايةٍ ثالثةٍ مـن طريـق عائشـة رضـي
الله عنهـا قالت " يـا رسـول الله تخر ُجـ نسـاؤ ُك بعمرةٍ وحجةٍ
مْرهـا مـن وأنـا أخرج بحجـة فقال لخيهـا عبـد الرحمـن :أع ْ ِ
التنعيــم " رواه الن ّ ـَسائي فــي الســنن الكــبرى ،ورواه مســلم
ل الله ت حجي بعث معي رسو ُ وجاء فيـه " ...حتى إذا قضي ُـ
عبد الرحمن بن أبي بكر وأمرني أن أعتمر من التنعيم
ةج ولم أحلل منهــا" .فأي ُ مكان عمرتــي التــي أدركنــي الح ّــُ
دللةٍ فـي هذه الحاديـث على دعوى جواز أداء أكثـر مـن عمرةٍ
في السفرة الواحدة ؟
ة عبادةٍ ،يجب التيان بها ن العمرة عبادة ،وإ َّ
ن العبادة َ ,أي َ إ َّ
كما وردت وعلى وجهها ،ول دخل لعقول البشر في تحديد
شكلها أو تعيين وقتها ,فمن اتقى الله تعالى فلْيُقلِعْ عن
ة في السفرة ة واحد ٍف بأداء عمر ٍ التلعب بهذه العبادة ,ولْيكت ِ
الواحدة.
169
البــاب الخـامــس
زكــاة واقتصــاد
( )1السؤال :ما هو الحد الفاصل بين الفقر والغنى ،أو بين
الفقير والغني ،وهل صحيح أن الغني هو من ملك نصاب
الزكاة فما فوق كما يقول الحناف؟
( )1الجواب :لقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة اختلفاً
واسعاً ،وحيث أننا نحن نتبنى في هذه المسألة ،فإن
الواجب علينا الوقوف عند ما نتبناه نحن ،وندع من يرغب
في الوقوف على آراء الفقهاء المتعددة يعود إلى كتب
الفقه المعتبرة.
نحن نتبنى أن الفقير هو من نقصت أمواله عن قضاء
حاجاته الساسية ،وحددناها بالمأكل والملبس والمسكن،
وهذه الحاجات الثلث قد ذكرتها النصوص بشكل جلي ل
لبس فيه ،فمن نقصت أمواله عن قضاء هذه الحاجات
الساسية فهو فقير يستحق الزكاة ،أما من زادت أمواله
على قضاء هذه الحاجات الثلث فليس بفقير عندنا.
أما هل من زادت أمواله على قضاء هذه الحاجات
الساسية الثلث يعتبر غنياً ،فهذه المسألة تشعبت فيها
آراء الفقهاء كثيراً ،أما نحن فعندنا في المقدمة فقرة
فيما يتعلق بأخذ الضرائب أنقلها كما وردت [الضريبة ،فل
تحصل من المسلم إل إذا زادت عن الحاجات التي تلزم
مثله عادة ،أي ما زاد على مأكله وملبسه ومسكنه
وخادمه وزواجه وما يركبه لقضاء حاجته ،وما شاكل ذلك
حسب أمثاله ،لن هذا هو معنى قول الرسول "عن ظهر
غنى".
نخلص من هذا البيان إلى أن من نقصت أمواله عن
قضاء حاجاته الساسية الثلث يعتبر فقيراً ،فإن وفت
أمواله على قضاء هذه الحاجات فقط فقد خرج من دائرة
الفقر ،ولكنه لم يدخل في دائرة الغنى ،ول يدخل في
170
دائرة الغنى ويصبح غنيا ً إل إن تحقق له ما جاء في
المقدمة أعله ،أي كانت أمواله تكفي لقضاء الحاجات
الساسية وللحاجات اللزمة الخرى كالعلج والركوبة
والتعليم والزواج وما شاكلها ،أرجو أن أكون قد وفقت
في بيان حد الفقر والغنى ،أو الحد بين الفقير والغني.
( )3السؤال :توفي أبي منذ شهر أو أقل ،وكان ل يصلي ول
يصوم ،ول يزكي حسب علمي ،أما زكاة الفطر فكان
جها ،ولكنه صام آخر رمضان من عمره ،وكان قلبه خرِ ُ
يُ ْ
رقيقا ً بحيث أنه في بعض المرات كنا نرى الدموع في
ل يا أبيعينيه عند سماع القرآن ،وكنا إذا قلنا له ص ِّ
يقول :إن شاء الله ،وعندما توفي قلت :إنا لله وإنا إليه
ف لنا خيرا ً منها جْرنا في مصيبتنا وأ َ ْ
خل ِ ْ راجعون ،اللهم اأ ُ
كما تعلمت من أم سلمة رضي الله عنها ،وقد وسوس
لي الشيطان بأنه كافر لنه لم يكن يصلي فل أدري
171
أأستغفر الله له فأعصي ربي ،أم ل أستغفر له ،فماذا
أعمل ؟
( )3الجواب :الرأي الصح هو أن تارك الصلة تكاسل ً وإهمالً
ك مسلم إن شاء الله ص ،وليس كافراً ،فأبو ِ
فاسقٌ وعا ٍ
تعالى ،ولهذا يجوز لك أن تستغفري الله له ،ويجوز لك
أن تدعي الله له بالرحمة ،ويجوز لك أن تتصدقي عنه،
عسى الله أن يرحمه أو يخفف عنه العذاب.
172
( )6الجواب :إن مرتَّب العامل في هذه المؤسسة حلل،
فالحرام ليس بيع الساعة أو شراءَها ،وإنما الحرام فقط
هو أن يلبسها الرجل إن كانت من الذهب.
( )7السؤال :هل مال العامل في البنك الربوي مهما كان نوع
عمله يعتبر مال ً حراما ً ؟
( )7الجواب :مال العامل في البنك الربوي حرام إن كان
ة فيما عمله في المور الكتابية والحسابية ،وفيه ُ
شبه ٌ
سوى ذلك.
( )9السؤال :هل يجوز إخراج كفارة اليمين ،أو كفارة الفطار
في رمضان ،للمسلمين في البوسنة والهرسك أو في
الصومال ،أو في أي بلد للمسلمين فيه حاجة إلى
المعونة ؟ وهل ينطبق الحكم نفسه على الزكاة ؟
مخرج أن ( )9الجواب :يجوز ذلك إن كان يغلب على ظن ال ُ
الكفارة أو الزكاة ستُصرف هناك على مستحقيها ،أما إن
من تُصرف ،أوكان ل يثق كان ل يدري أين تذهب وعلى َ
َ
بمن يوصلها فل يرسلها إلى هناك .والوْلى دائما ً إخرا ُ
ج
ب الكفارة.الزكاة في بلد المزكِّي وصاح ِ
( )10السؤال :هل يجوز قبول الهدية من رجل له رصيد ٌ في
م ربحت البنك يأخذ عليه الفائدة الربوية ،وله كذلك أسه ٌ
ة إلى ماله ،ول يدري هل الهدية هي مبلغا ً من المال إِضاف ً
من المال الحلل أم من المال الحرام ؟
173
( )10الجواب :نعم يجوز قبول الهدية من المرابي أو ممن
يعمل في البنوك ،والثم فقط على المرابي دون سواه،
متين ،أما إن هو تَنَـَّزه عن أخذ
لن الثم ل يتعلق بذ َّ
الهدية ورعا ً أو زجرا ً للمرابي فهو مأجور.
( )12السؤال :في هذا العصر صارت النقود على هيئة أوراق
نقدية إلزامية تستمد قوتها من القانون والدولة ،ولتحديد
هل بلغت النقود نصاب الزكاة ل بد لنا من أن نُقوِّمها
بأحد المعدنين ،الذهب والفضة ،لنعلم هل بلغت النصاب
أم ل ،والمشكلة تكمن في أن نصاب الذهب يختلف
تماما ً عن نصاب الفضة ،بحيث لو أننا اخترنا التقويم
بنصاب الفضة فإن الزكاة تجب بمجرد حولن الحول
على مائة دولر أمريكي ،بينما لو أننا اخترنا التقويم
بنصاب الذهب فلن تجب الزكاة في أقل من ألف دولر
أمريكي تقريبا ً وذلك أن 595غراما ً من الفضة قد
تشتريها بأقل من مائة دولر ،بينما تحتاج إلى أكثر من
ألف دولر لشراء 85غراما ً من الذهب ،فعندما نريد
ن ما لدينا من نقود ٍ ورقيةٍ إلزامية هل بلغتمعرفة أ َّ
النصاب أم ل ،فبأي المعدنين نقوِّم ؟ أرجو تفصيل
174
الدليل ،لن هناك إخوانا ً كثيرين ينتظرون الجابة ،وأحب
دّمها لهم كاملة وافية ،ولك إن شاء الله من الجر أن أق ِ
ن َ
ما يليق بكرم الله ومنِّه وفضله ،وأنْعِم به من كريم ٍ منا ٍ
ل سبحانه ،وبارك الله بكم. ض ٍمتف ِّ
( )12الجواب :في العصور القديمة كانت الدول تصدر عملتها
قِطَعَا ً من الذهب وقِطَعَا ً من الفضة ،وكانت بعض الدول
تصدر عملتها قِطَعَا ً من الذهب فقط ،وبعضها تصدر
عملتها قِطَعَا ً من الفضة فقط ،وفي عصرنا الراهن
أخذت الدول تصدر عملتها أوراقا ً مغطاة ً بالذهب ،ولم
يبق من الدول من تصدر عملتها أوراقا ً مغطاة ً بالفضة
منذ عام 1930كما كان حاصل ً في دول جنوب شرق
آسيا ،فالدول حاليا ً تغطي أوراقها النقدية أو تقدِّرها
بالذهب فقط ،وفي مرحلة لحقة صارت التغطية بالذهب
َ
وبالدولر أو بسل ّةٍ من العملت الرئيسية ،ومن هذا
َ
الستعراض نجد أن العملت اللزامية لم تعد تُغط ّى
بالفضة ،وبقي الذهب غطاءً إلى جانب عملت رئيسية
أخرى ،وعليه أقول إن زكاة الوراق النقدية حاليا ً يجب
أن تُقدَّر بقيمتها من الذهب فقط ،ول تُقدَّر بقيمتها من
الفضة ،فإن بلغت الوراق النقدية قيمة عشرين ديناراً
شرعياً ،أي بلغت x 20 = 85 4.25غراما ً من الذهب
وجبت فيها الزكاة ،ول يُلتَفت لنصاب الفضة حالياً ،اللهم
إل من يملك سبائك الفضة وبلغت مائتي درهم ،أي بلغت
x 200 = 595 2.975غراما ً من الفضة فيخرج زكاتها ،وهذا
الحال يُتصوَّر وجوده لدى بائعي المعادن والصاغة الذين
يتعاملون بالفضة.
وباختصار أقول ما يلي :يجب عليك أن تقدِّر أوراقك
ت ما النقدية بما يعادلها من الذهب بسعر يومها ،فإن ملك َ
تشتري به 85غراما ً من الذهب فأكثر فقد وجب عليك
إخراج زكاتها ،وإل فل.
177
الرض جاء في النصوص عاما ً فيشمل الرض البعلية كما
يشمل الرض المروية دون فارق بينهما ،فالرض البعلية
ة يحرم تأجيرها يحرم تأجيرها للزراعة ،والرض المروي َّ ُ
للزراعة ،فالرض هذه موضوع السؤال داخلة في حكم
التحريم.
ونضيف إلى ما سبق القول ،إنه ل يصح القول إن
المستأجر لم يستأجر أرضاً ،وإِنما استأجر أرضا ً وماء ،أو
ل في الرض بفعل النسان ،وأن استأجر أرضا ً ذا َ
ت ماءٍ سا َ
هذه الحالة تجعل الجارة جائزة ،ل يصح القول هذا لسببين:
أول :إن عقد الجارة قد وقع على عين الرض دون الماء ولذا
فإن العقد هنا عقد مزارعة.
ثانيا :إن صاحب الرض يؤجر الرض ثم يعرض تزويدها بالماء
بالثمن ،أي يقوم ببيع الفلحين الماء بيعاً ،والبيع غير
الجارة ،فشراء الماء من صاحب الرض ل يجعل إجارة
الرض جائزة ،وحتى لو عرض صاحب الرض تزويد
ة
ض مروي ً الرض بالماء مجانا ً دون ثمن فصارت الر ُ
بالماء فإن إجارة هذه الرض تبقى هي هي حراماً ،إضاف ً
ة
إلى وجود نهي عن إجارة الرض وعن الماء أيضا ً وذلك
فيما رواه جابر قال " قال رسول الله من كان له
ض أو ماءٍ فلْيزرع ْها ،أو ليُْزرِع ْها أخاه ول ل أر ٍفض ُ
تبيعوها ،فسألت سعيداً :ما ل تبيعوها ،الكراء ؟ قال:
نعم " رواه أحمد والبيهقي .فهنا دخل الماء مع الرض
في حكم النهي عن الكراء أي عن الجارة والمزارعة.
ن أمامك خيارين اثنين ولكنا نقول لصاحب الرض إ َّ
فحسب:
.1إِما أن تهب أرضك للفلحين مجانا ً ثم تقوم ببيعهم
الماء بالسعر الذي يناسبك ويتحملونه ،فتستفيد من
ذلك.
.2وإِما أن تهبهم الرض مجانا ً وتقدِّم لهم الماء دون
ن على أن تصبح بتقديم الماء شريكا ً لهؤلء ثم ٍ
دّم الماء وهم الفلحين في ناتج الرض ،أي أنت تُق ِ
يقدمون الجهد والبذار وما يلزم ،ويكون الربح على
178
ما تشترطون ،فتأخذ أنت الربع أو الثلث مثل ً وهم
ة ول يُراعى يأخذون الباقي ،ول يكون للرض حص ٌ
ة لك عند تقدير نسبة الرباح ،وما كونُها مملوك ً
سوى ذلك فل يجوز ،لن حكم إجارة الرض البيضاء
حرام ،سوا ٌء منها ما كانت بعلية أو مروية.
ب -يجوز استئجار بئر الماء ،ويجوز أن يدخل في ع َقد اليجار
ما حول البئر من الرض مما يلزم لها فحسب ،ول يجوز
أن يدخل في عقد اليجار ما يزيد عن حاجة البئر من
مض َّ
خةٍ ب َ ص ِ
الراضي المحيطة به ،فالبئر تحتاج إلى ن َ ْ
ة تحتاج إلى غرفة ،وإلى غرفة أُخرى للوقود، والمض َّ
خ ُ
ف للعمال وما إلى ذلك ،فما يكفي من الرض وإلى غر ٍ
لذلك وأمثاله يدخل في عقد اليجار وما يزيد عن ذلك
مما يؤخذ للمزارعة فل يجوز ،لنه في هذه الحالة يكون
المستأجر قد استأجر البئر واستأجر أيضا ً أرضا ً زراعية
للزراعة ،والثاني ل يجوز.
ت بلستيكية يجوز استئجارها ،لن ج -الرض المقامة عليها بيو ٌ
واقع الجارة هنا هو استئجار البيوت البلستيكية وليس
ة عليها ،تماما ً كمن الرض ،وإن كانت البيوت مقام ً
يستأجر بيتا ً أو يستأجر مصنعاً ،فإن الجارة تقع على
ميْن عليها، البيت وعلى المصنع وليس على الرض المقا َ
فالجارة وقعت على العين المقامة على الرض وليس
على الرض ذاتها .ولكن هذه الجارة جائزة بشرط أن
تكون الرض بمجملها أو بغالبيتها مغطاة ً بالبيوت
صصة لها ،ل أن تكون الرض مثل ً عشرين دونماً ومخ َّ
ت واحد أو بيتان من البلستيك مساحة البيت عليها بي ٌ
الواحد نصف دونم ،فيدَّعي المستأجر أنه استأجر البيت
أو البيتين وهو في الحقيقة يكون قد استأجر الرض
البيضاء للزراعة ،وتكون عملية استئجار بيوت البلستيك
ة للقيام بعملية المزارعة المحَّرمة، في هذه الحالة حيل ً
ولهذا فإنا نقول إنه ينبغي أن تكون المساحة المغطاة
َّ
جرة أو كلها، ببيوت البلستيك تشكل غالبية الرض المستأ َ
ة غير المغطاة بهذه البيوت إل الجزء ول تشكل المساح ُ
ً
اليسير منها حتى تصح العملية ،وإل كانت حراما ل تجوز.
179
180
البـــاب الســادس
مســائل اجتمـاعيــة
183
( )5الجواب :تنظيم النسل جائز ،وقطع النسل حرام .أما
الدليل على جواز تنظيم النسل فما رواه البخاري
ومسلم وغيرهما " عن جابر قال :كنا نعزل على عهد
رسول الله " وما رواه أحمد ومسلم وأبو داود " عن
ل إلى رسول الله ،فقال :إن لي جابر قال :جاء رج ٌ
ة وهي خادمتُنا وسانِيتُنا أطوف عليها وأنا أكره أن جاري ً
تحمل ،قال :اعزل عنها إن شئت ،فإنه سيأتيها ما قُدِّر
ل حبوب لها " ...ويأخذ حك َ
م العزل وضعُ اللولب ،وتناو ُ
منع الحمل ،وأخذ ُ البر الخاصة ،فكل ذلك جائز.
وأما الدليل على تحريم قطع النسل فما رواه
البخاري ومسلم وأحمد " عن عبد الله -بن مسعود -
كنا نغزو مع رسول الله وليس لنا شيءٌ ،فقلنا :أل
خص لنا أن ننكح نستخصي ؟ فنهانا عن ذلك ،ثم ر َّ
المرأة بالثوب ،ثم قرأ علينا {يا أيها الذين آمنوا ل
ل الله لكم } " الية 87من ت ما أَح َّ
حّرِموا طيبا ِ
تُ َ
سورة المائدة .فأدخل الخصاء تحت بند التحريم .ويأخذ
ي دواء،حكم الخصاء إغلقُ النابيب عند المرأة ،وأخذ ُ أ ِ ّ
أو إِجراءُ أيةِ عمليةٍ لدى الرجل أو المرأة من شأنها أن
تقطع نسلهما بشكل دائم.
( )6السؤال :هل يجوز أن تعمل المرأة في الدوائر الحكومية
المختلطة وفي الشركات والمؤسسات العامة
والخاصة ؟
( )6الجواب :يجوز للمرأة أن تعمل في الدوائر الحكومية
والشركات والمؤسسات العامة والخاصة بشروط :
ة اللباس الشرعي. -1أن تكون لبس ً
-2أن ل تتبرج بوضع العطور والصباغ الصارخة.
ة برجل واحد ،كأن -3أن ل تختلي في غرفةٍ واحد ٍ
تعمل سكرتيرة عند موظف في غرفة واحدة
مغلقة.
ُ
ل محَّرم ٍ عليها فعله.-4أن ل تعمل أي عم ٍ
184
عتِيَّاً ،وهو يحتاج إلى
مقْعَد ٌ وبلغ من الكبر ِ ( )7السؤال :رجل ُ
ل ،وابنتُه هي التي تقوم بهذه ف واغتسا ٍ رعاية من تنظي ٍ
العمال ،وقد يحصل عند قيامها بهذه العمال أن ترى
سها ،فهل هذا جائز ؟ عورة أبيها أو تلم َ
ُ
( )7الجواب :إن اضط ّرت ابنُة العجوز المقعَد إلى خدمته بعد موت
أمها أو طلقها جاز لها أن تخدم أباها ،وتتحرى ما أمكن عدم
النظر إلى العورة ،وبعد بذل وسعها في ذلك ل بأس من أن
سها ،ول إثم في ذلك إن شاء الله. ترى عورته أو تلم َ
مم ت َّالسؤال :تم عقد ال ِقران على مهرٍ معلوم ،ومن ث َّ ()8
س ،وانتقلت الزوجة إلى بيت زوجها ،ولم يتم دفع العر ُ
قرش واحد من المهر ،لعجز الزوج ماديا ً عن الدفع،
ل عن المهر أو والسؤال هو :هل يجوز للزوجة التناز ُ
ل هديةٍ أق َّ
ل ثمنا ً بالمهر ؟ ضه أو استبدا ُ تخفي ُ
الجواب :نعم يجوز للزوجة أن تسامح زوجها عن دفع ()8
مهرها لها كل ِّه أو قسم ٍ منه ،كما يجوز لهما بالتراضي
استبدال هدية أقل ثمنا ً بالمهر.
ت قد سألتكم سؤال ً في السابق عن حدود السؤال :كن ُ ()9
الوجه ،وقد أتاني الجواب بأن حدود الوجه هي من منبت
الشعر وصول ً إلى العظمة البارزة في الذقن فقط ول
ه ما تحت هذه العظمة البارزة ،لنها ليست يشمل الوج ُ
من الوجه ،وإنما هي من الرقبة ،فل يجب غسلها عند
غسل الوجه في الوضوء ،فهل يعني قولكم هذا أنها تعتبر
عورة لدى المرأة يجب عليها تغطيتها بخمارها؟
سترها الجواب :نعم هي عورة لدى المرأة يجب عليها ِ ()9
بخمارِها.
188
يستجيب القاضي لطلبها بمجرد أن تقدِّم له أي سبب،
فما هو الحكم الشرعي في هذه المسألة ؟
ي
م شرع ٌ فداء _ هو حك ٌ خلع _ ويسمى أيضا ً ال ِ ( )13الجواب :ال ُ
مأخوذ ٌ من القرآن ومن الحديث ،فمن القرآن الكريم قال
تعالى (ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯟﯟﯟﯟﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯥﯟﯟ ﯦ ﯧ ﯨ ى
) [من الية 229من سورة
جناح عليهما فيما افتدت البقرة] فقوله تعالى {فل ُ
خلع وهو ال ِفداء. به } يشير إلى ال ُ
وفي الحديث وردت عدة نصوص في هذه المسألة،
أذكر منها ما رواه البخاري وأبو داود والنَّسائي وابن
ماجة وأحمد والترمذي ،عن ابن عباس رضي الله عنهما
ي فقالت :يا " أن امرأة ثابت بن قيس أتت النب َّ
ق رسول الله ،ثابت بن قيس ما أَعتب عليه في ُ ُ
خل ٍ
ن ،ولكني أكره الكفر في السلم ،فقال رسول ول دي ٍ
الله :أتُر ِدّين عليه حديقته ؟ قالت :نعم ،قال َ
رسول الله :إقبل الحديقة وطل ِّقها تطليقة " وفي
رواية أخرى من طريق ابن عباس بلفظ " ولكني ل
أُطيقه " قوله :الحديقة هي البستان كان ثابت قدَّمه
مهرا ً لزوجته.
معطَى للزوجة ليس حقا ً مطلقاً ولكن هذا الحق ال ُُ
خلع من دون قيود ،إذ ل يحق لية زوجة أن تطالب بال ُ
ج من ب شرعي معتَبَر ،كأن يُكثِر الزو ُ زوجها ،إل لسب ٍ
جها ما يكفيها ّ
ضربها لتفه السباب ،وكأن ل يوفِر لها زو ُ
من طعام ولباس ،وكأن يكون زوجها سكِّيرا ً فاسداً،
حَّرمات وكأن يقوم زوجها بإجبارها على فعل الم َ
كالسكر أو الخروج من بيتها متبرجة ،ومنعها من الصلة
والصيام ،ومنعها من صلة أرحامها بشكل تام ،إلى غير
ذلك من السباب الشرعية ،ففي مثل هذه السباب
خلع ،ويجب على القاضي أن يحق للزوجة أن تطالب بال ُ
يجيبها إلى طلبها.
خلع دون سبب شرعي أما إن تقدَّمت بطلب ال ُ
ض طلبها ،لما روى َ
ت ،ووجب على القاضي رف ُ م ْ معتبر أث ِ َ
ثَوْبان قال :قال رسول الله " أيُّما امرأةٍ سألت
189
ة جها طلقاً في غير ما بأس ،فحرا ٌ
م عليها رائح ُ زو َ
الجنة " رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة .ولما روى
أبو هريرة عن النبي قال " المختلِعات
ن المنافقات " رواه أحمد بسند صحيح، منْتَزِعات ه َّ
وال ُ
ورواه البيهقي والنَّسائي.
ودللة هذين الحديثين واضحة على تحريم المطالبة
خلع دون مسوِّغ فلْتحذر الزوجة من بالطلق وبال ُ
خلع من زوجها ،وعليها أن تصبر إن التسُّرع بالمطالبة بال ُ
هي رأت من زوجها ما تكره ،ما دامت على الصبر
قادرة ،فإن لم تستطع الصبر ،أو لم ينفع الصبر،
وصارت تخشى من أن تتعدَّى حدود الله بمعصية الزوج،
خلعوبالتقصير في واجباتها نحوه ،فعندها فقط تلجأ لل ُ
ل أخير ،ول إثم عليها عندئذٍ. كح ٍّ
ة ,فهل الواجب ة نصراني ً
ة أجنبي ً ( )14السؤال ُ :استأجر ُ
ت خادم ً
مها باللباس الشرعي في بيتي ,وإن كان ي أن ألز َ عل َّ
ل لي أن ُ الجواب بالنفي وبقيت بلباسها المعتاد ،فهل يح ّ
ح لها بأنأنظر إلى شعرها وساقيها وذراعيها ؟ وهل أسم ُ
تصلي صلتَها في بيتي ؟
( )14الجواب :ل يجب عليك إلزاُمها باللباس الشرعي في بيتك،
ل لك أن تنظر إلى شعرها وساقيها و ذراعيها ،وإنما ول يح ُّ
ض البصر .ولهذه الخادمة النصرانية أن تصلي صلتها عليك غ ُّ
في بيتك ،لن السلم ل يمنع غير المسلمين من أداء
عباداتهم.
190
191
البـــاب الســابـع
مسائل في الحكم والجهاد
193
العابثين والفساق من التحرش بهن ،ومنع الختلط
في المواطن التي ينبغي فيها انفصال الرجال عن
ك السباحة وشواطئ النهار والبحار، النساء ،كبر ِ
والفنادق والمتنـَّزهات والملعب ،ويتولها في
م مراقبة الداب العامة. عصرنا الراهن قس ُ
ف على السير في الشوارع والطرق العامة، .4الشرا ُ
ُ
والنظُر في صلحية الطرق والجسور والت ّرع،
م سير المركبات ،وتنظيم حركة السفن في وتنظي ُ
ل وسائط الموانئ ،ومنع المخالفات ،وضبط عم ِ
النقل بحيث تسير المركبات ويتنقل الركاب
بسهولة ويسر وأمان ،وهي المسماة في عصرنا
الراهن بقوانين وأنظمة السير التي تشرف عليها
الشرطة.
ف على الصيدليات وعيادات الطباء .5الشرا ُ
م أصحابِها والمخابز والمطاعم ومصانع الغذية وإلزا ُ
بالنظافة ومنع الغش ،وأداء العمال بحسب تقوى
ة حاليا ً بوزارة الصحة. الله سبحانه ،وهي المنوط ُ
سب هو منع المذكرات وباختصار أقول إن عمل المحت ِ
ل الحياة العامة في دولة الخلفة حيثما وُجدت ،وجع ُ
ة بالصبغة السلمية البحتة ،فل يتجول فيها السياح مصبوغ ً
بملبسهم الكاشفة عن عوراتهم ول يعرض أهل الذمة
سخمورهم وخنازيرهم أمام المسلمين و ل تُدَقُّ نواقي ُ
ة في أثناء أداء المسلمين الكنائس دقا ً عاليا ً خاص ً
لصلواتهم ،ول تُلقى القُمامة في الطرق والساحات
العامة ،وغيرها كثير.
ف
سب عدد ٌ كا ٍ وينبغي أن يوضع تحت تصرف المحت ِ
من أفراد الشرطة ،يتولى بواسطتهم تنفيذ َ العقوبات
سب التي يقضي بها فورا ً عند حصول المشكلة ،فالمحت ِ
يقضي في المشاكل فور مشاهدته لها دون إمهال ،ول
يحتاج في القضاء إلى مجلس قضاء ،بل يقضي في
سب أن المشاكل في الطرق والساحات العامة ،وللمحت ِ
ن له أن يوبخ ويعنِّف وله أن يجلد ،وله أن يعفو ،كما أ َّ
يصادر المال وله أن يُتلفه ،وهو ينفذ جميع العقوبات
باستثناء عقوبات الحدود كقطع يد السارق ورجم الزاني،
194
والجنايات كالقتل والجراح ،ول يحتاج المحتسب في كل
مدٍَّع ،بل يقضي بمنع المنكر فورما يقضي إلى وجود ُ
رؤيته له في الليل وفي النهار ،ويعاقب المخالفين
والعصاة بشتى أنواع المخالفات والتعزير ،وأمره نافذ
ضه ول إِبطالُه.
وقضاؤ ُه مبرم ل يجوز نق ُ
198
نلتزم به وحده وننبذ ما سواه ،ول يكون كل هذا إل
بالتَّميُزِ ،بمعنى أن على المسلمين أن يكونوا متميزين
عمن سواهم في طُُرز العيش والتفكير والسلوك
وأنماط الحياة ،فالمعتز بالشيء يتمسك به ويتميز به
عمن سواه ،ولهذا رأينا رسول الله يكثر من الطلب
أن نخالف المشركين ،وأن نتميَّز عنهم ،فكيف يقبل
مسلم يؤمن بالسلم أن يترك الدين الكامل والنظام
الشامل ويقل ِّد الكفار ،فيقبل أن يأخذ نظاما ً صنعوه من
عند أنفسهم ؟ وكيف نبقى متميِّزين مخالفين للكافرين
ونحن نأخذ نظام حكمهم لنطبقه في بلدنا ؟
ج -وأخيرا ً أُذ ِكّر الخذين للنظام الجمهوري وإلباسه
اللباس الشرعي بأن هذا الفعل منهم يجعل المور عند
الناس غائمة مضطربة غير واضحة ،فتصبح الحكام
ة على الناس ،فيضيع الشرعية والحقائق الشرعية خافي ً
ب شتى ول يعود المسلم الهدى ويتفرق الناس مذاه َ
يتبين موضع قدميه ،لن الخذ من الكفار يعني أن
ة على الناس، ة ملتبِس ًأحكامنا وأفكارنا صارت مختلط ً
فتتوقف الدعوة إلى السلم ،ول يعود المسلمون
قادرين على دعوة الكفار إلى دينهم وطراز عيشهم،
وهذا ما يجب أن يتفطن إليه المسلمون ،وهذه المعاني
ُ
كل ّها مما اتفق عليها المسلمون جميعا ً الشيعة قبل
السنة والباضية قبل المعتزلة ،ولم تكن هذه المعاني
لتخفى على مسلم لول هذه الهجمة الستعمارية
الفكرية التي أفقدت المسلمين توازنَهم وهويتَهم،
وجعلتهم يلتحقون بركب الحضارة الغربية الكافرة عن
علم وعن جهل ،فالحذَر الحذَر من اتباع سنن اليهود
مؤْذِن بالندثار ،وإن الخلص والخلص والنصارى ،فإنه ال ُ
وحده هو العودة إلى التميُّزِ والعتزاز بما رضيه الله لنا
من أحكام ديننا ونظام حكمنا ،ونبذ تقليد الكفار في
أنظمتهم وطُُرز عيشهم وفساد أفكارهم.
200
بشارة من رسول الله بأن المسلمين سيعودون
ثانية إلى دينهم بعد أن يكونوا قد تركوه.
.3عن أبي قبيل قال :كنا عند عبد الله بن عمرو بن
أي المدينتين تُفتَح أولً
سئل ُّ
العاص و ُ
القسطنطينية أو رومية .فدعا عبد الله بصندوق له
حلقٌ فأخرج منه كتابا ً قال ،فقال عبد الله " بينما
سئل رسول نحن حول رسول الله نكتب إذ ُ
أي المدينتين تُفتح أولً أقسطنطينية أو
ُّ الله
رومية ،فقال رسول الله :مدينة هرقل تفتح
أول _ يعني القسطنطينية " رواه أحمد.
سئل عن فتح المدينتين فالرسول عندما ُ
القسطنطينية ورومية _ وهي روما عاصمة إيطاليا _ لم
ح رومية ،وإنما قال إن القسطنطينية تفتح أولً، ف فت َ
يَن ْ ِ
وهذا يدل على أن رومية ستفتح بعدها ،وحيث أن رومية
لم يفتحها المسلمون حتى اليوم ،فإن في هذا الحديث
بشارة ً بأن المسلمين سيفتحون عاصمة إيطاليا ،ول
يتصور أن يفتحها المسلمون قبل عودة الخلفة التي
تستأنف الجهاد في سبيل الله وفتح البلدان.
.4عن النعمان بن بشير عن حذيفة قال :قال رسول
الله " تكون النبوَّةُ فيكم ما شاء الله أن تكون
ة على ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ،ثم تكون خلف ً
منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ،ثم
يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ،ثم تكون ملكاً
عاضاً ،فيكون ما شاء الله أن يكون ،ثم يرفعها إذا
شاء أن يرفعها ،ثم تكون ملكاً جبرية ،فتكون ما
شاء الله أن تكون ،ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها،
ة على منهاج النبوة ،ثم سكت " ثم تكون خلف ً
رواه أحمد والطبراني .فهذا الحديث يبين أن الخلفة
ستقوم بعد الملك العاض والجبري ،وأنها ستكون
على منهاج النبوة ،أي أنها وُصفت بنفس ما وُصفت
به الخلفة أيام الخلفاء الراشدين ،فتكون بإذن الله
201
خلفة راشدة .هذا هو الجواب على الشق الول من
السؤال .أما الجواب على الشق الثاني فهو كما يلي
:
إن الحاديث النبوية الشريفة إن هي ذكرت أن المهدي
سيقيم الخلفة فإن ذلك ليس دال ً على أن المسلمين يجب
أن ينتظروا المهدي حتى يقيم لهم الخلفة ،فالواجب عليهم
يبقى واجبا ً وهو إقامة الخلفة ،فإقامة الخلفة كما هي واجبة
على المهدي هي واجبة على غيره من المسلمين ،فهؤلء
المتدينون كما وصفتُهم ل حجة لهم للقعود عن العمل لقامة
الخلفة بدعوى القول إن المهدي هو الذي سيقيم الخلفة كما
يظهر ذلك جلياً ،ولذا فإن هؤلء المتدينين الذين قعدوا عن
العمل لعادة الخلفة آثمون لقعودهم وسيسألهم الله عز
وجل عن قعودهم هذا فإن ماتوا قبل إقامة الخلفة ماتوا ميتة
جاهلية ،لما روى عبد الله بن عمر قال :سمعت رسول الله
يقول " من خلع يداً من طاعةٍ لقي الله يوم القيامة ل
ة جاهلية ة له ،ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميت ً ح َّ
ج َ ُ
" رواه مسلم .وينجو من الميتة الجاهلية من يعمل لقامة
الخلفة .فليحذر هؤلء المتدينون من أن يموتوا ميتة جاهلية.
هذا أولً.
وثانياً :إن الحاديث النبوية الشريفة لم تذكر مطلقا ً أن
المهدي هو الذي سيقيم الخلفة على كثرة الحاديث المروية
ة صالح يحكم بالعدل عنه ،وكل ما ذكرته الحاديث هو أنه خليف ٌ
ً
جوْرا ] فأين ً
ملِئت ظلما و َ سطاً وعدلً كما ُ[ يمل الرض قِ ْ
النص الذي يستشهدون به على أنه هو الذي سيقيم الخلفة ؟
ص الذي ينفي مفهومه عن المهدي أنه بل إن لدينا نحن الن ُّ
ة بعد موت سيقيم الخلفة ،ويبين أن المهدي سيكون خليف ً
خليفةٍ قبله ،وهذا يؤكد بأن الخلفة ستكون قائمة قبل أن
يصبح المهدي خليفة ،فالمهدي هو خليفة مسبوق بخليفة في
دولة الخلفة الراشدة القادمة بإذن الله ،وهذا يؤكد بأن
المهدي ليس هو الذي سيقيم هذه الخلفة ،وبالتالي تسقط
حجة هؤلء بالقعود عن العمل وانتظار المهدي الذي يزعمون
سلَمة رضي أنه هو الذي سيقيم لهم الخلفة .فقد روت أم َ
202
ف
الله عنها قالت :سمعت رسول الله يقول " يكون اختل ٌ
ت خليفة ،فيخرج رجل من بني هاشم فيأتي مكة عند مو ِ
س من بيته وهو كاره ،فيبايعونه بين الُّركن فيستخرجه النا ُ
ش من الشام حتى إذا كانوا جهَّز إليه جي ٌ
والمقام ،في ُ َ
سف بهم ،فيأتيه عصائب العراق وأبدال الشام، خ ِبالبيداءِ ُ
ش ل بالشام وأخواله كَل ٌ
ب ،فيُجهَّز إليه جي ٌ وينشأ رج ٌ
فيهزمهم الله فتكون الدائرة عليهم ،فذلك يوم كَلْب
من خاب من غنيمة كلب فيستفتح الكنور ويَقْسم ب َالخائ ُ
جرانِه إلى الرض ،فيعيش بذلك مب ِ
الموال ،ويُلقي السل ُ
سبع سنين ،أو قال تسع سنين " .رواه الطبراني في
الوسط ،وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ،وقال (رجاله
حهشَّرا ُ
رجال الصحيح) وهذا الحديث يتفق رواة ُ الحديث و ُ
على أن الخليفة المذكور في هذا الحديث هو المهدي .وهذا
الحديث نص صريح بأن الخليفة هذا سيأتي بعد خليفة قبله "
يكون اختلف عند موت خليفة فيخرج رجل " ...وليس هو
الذي سيقيم الخلفة ،وليس هو الخليفة الول في دولة
الخلفة الراشدة القادمة بإذن الله فلم يبق أمام كل مسلم
يخشى من الميتة الجاهلية إل أن ينهض للعمل لقامة الخلفة
ونصب خليفة.
( )4السؤال :هل الكذب على الدول المحاربة فعل ً جاء على
ت الحرب فقط ؟ وما هو واقع صص وق َخ ِّ عمومه ،أم ُ
الكذب المباح في حالة الحرب بالضبط مع الدلة
الشرعية ؟
( )4الجواب :الكذب على الدول المحاربة فعلًجاء على
صصه ،ولذا فالمسلم يجوز له أن عمومه ،ولم يأت ما يخ ِّ
يكذب على الدولة المحاربة فعلً ،وعلى رعاياها أيضا ً ما
شاء له الكذب ،دون أي تحديد أو تخصيص ،فقد ورد في
الشخصية الجزء الثاني في بحث [ الكذب في الحرب ]
ما يلي [ وأما ما أخرجه أحمد والنَّسائي من حديث أنس
ي أن جاج بن علط في استئذانه النب َّ ح َّفي قصة ال َ
يقول عنه ما شاء لمصلحته في استخلص ماله من أهل
203
مكة وأذن له النبي ] ...فقوله [ يقول عنه ما شاء ]
يدل على العموم .وورد في نفس الصفحة ما يلي [ إذ
جواز الكذب ل يقتصر على المعركة ،ول على المحاربين،
بل يجوز للمسلمين أن يكذبوا على الكفار أعدائهم إذا
كانوا في حالة حرب فعلية معهم ] فقوله [ ل يقتصر
على المعركة ،ول على المحاربين ] يدل على العموم
أيضا ً الذي يشمل الدولة المحاربة ورعاياها ،وتجدون
الدلة متوافرة في هذا البحث .فالكذب عام ما دامت
حالة الحرب الفعلية قائمة بيننا وبينهم.
( )5السؤالُ :رويت عن رسول الله عدة أحاديث تفيذ أن
الذي يموت بالطاعون شهيد ،وأن الذي يموت غريقا ً شهيد،
وأن الذي يموت محترِقا ً بالنار شهيد ...الخ حتى بلغ عدد
هؤلء الشهداء ما يربو على العشرين صنفاً ،والسؤال هو:
.1توجد في
الفنادق الكبيرة
ك سباحةٍ بر ُ
يسبح فيها
الرجال والنساء
معا ً عراة أو
بملبس ل تستر
العورات ،وربما
شرب هؤلء
الخمرة على
حافاة هذه
البرك قبل أن
ينزلوا في الماء
للسباحة ،فهل
إذا غرق أحد
هؤلء الفساق
والعصاة في
هذه البرك يعتبر
شهيدا ً لنه مات
غريقا ً ؟
204
.2توجد بارات
يختلط فيها
الرجال بالنساء،
ويجتمعون على
موائد الخمرة،
ويحدث كثيرا ً أن
يقوم أحد هؤلء
السكارى
بإشعال النار في
هذه البارات
فيموت هؤلء
السكارى
محترقين بالنار،
فهل يعتبر هؤلء
شهداء ؟ ومتى
يكون الغريق أو
المحترِق بالنار
أو المطعون
شهيدا ً ؟
منـزلة الشهادة عند الله منـزِلة عالية ل ِ ( )5الجواب :إن
صدِّيقين ،وهذه
تتعداها سوى منـزِلة النبوة ومنـزِلة ال ِّ
المنـزلة ل يبلغها إل من ،واستقامت أحواله ،وقُتل أو ِ
مات في سبيل الله ،وحتى هؤلء الشهداء فإن منازلتهم
تتفاوت تبعا ً لفضلهم وإخلصهم ،أما من مات في غير
سبيل الله ،أو قتل في غير سبيل الله ،فليس بشهيد ،ول
يبلغ منـزِلة الشهادة.
لقد خفي على كثير من الفقهاء أن الحاديث التي
أطلقت القول بأن المطعون شهيد وأن الغريق شهيد وأن
المبطون شهيد ...الخ قد جاءت أحاديث أخرى قيَّدت هذا
الطلق ولم تُبْقِه مطلقاً ،فإذا جاءت أحاديث مطلقة،
مل المطلق على المقيَّد ح ِ
وجاءت أحاديث أخرى مقيِّدة ُ
ة يعرفها جميع علماء مل بالمقيَّد ،وهذه قاعدة ٌ أصولي ٌ وعُ ِ
الصول والفقهاء.
205
ة،
ف الشهداء فجعلتها خمس ً إن الحاديث التي ذكرت أصنا َ
أو جعلتها تربو على العشرين قد جاءت أحاديث أخرى
تقيِّد هذه الصناف بالخروج في سبيل الله ،أي تقيد
المطعون والمبطون والغريق و ...بحالة الخروج في
مل المطلَق عليه ،فيكون سبيل الله ،فيُعمل بالمقيَّد ويُح َ
ج في المطعون شهيدا ً إن هو أصيب بالطاعون وهو خار ٌ
سبيل الله ،ويكون الغريق شهيدا ً إن هو غرق وهو خارج
في سبيل الله ،ويكون المحترِق بالنار شهيدا ً إن هو
احترق بالنار في أثناء خروجه في سبيل الله ،وهكذا جميع
الصناف ،فهي جميعها مقيَّدة بالخروج في سبيل الله،
وعلى ذلك فإن من يموت بالطاعون وهو في بيته ليس
شهيداً ،وإن من يموت غريقا ً في برك السباحة في
ة محترقاً الفنادق ليس شهيداً ،وإن من يموت في الخمار ِ
بالنار ليس شهيداً ،فهؤلء الصناف شهداء إن هم ماتوا
وهم خارجون للجهاد ،وغير شهداء إن هم ماتوا ولم
يكونوا متلبسين بالجهاد في سبيل الله ،فهذا ما دلت
عليه الحاديث النبوية الشريفة التالية:
.1عن أبي هريرة قال :سمعت رسول الله يقول
" انتدب الله عز وجل لمن يخرج في سبيلِه ل
خرِجه إل اليمان بي والجهاد في سبيلي أنه يُ ْ
ة بأيهماكان ،إما بقتل أو ُ
ضامن حتى أدخله الجن َ
وفاة ،أو أرده إلى مسكنه الذي خرج منه ،نال ما
نال من أجرٍ أو غنيمة " رواه النَّسائي.
.2عن سبرة بن أبي فاكه قال :سمعت رسول الله
يقول " إن الشيطان قعد لبن آدم بأطُْرقِهِ،
فقعدَ له بطريق السلم ،فقال :تسلم وتذر دينك
ودين آبائك وآباء أبيك ،فعصاه فأسلم ،ثم قعد له
بطريق الهجرة فقال :تهاجر وتدع أرضك
وسماءك وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في
الط ِّوَل فعصاه فهاجر ،ثم قعد له بطريق الجهاد
جهْد النفس والمال فتقاتلفقال :تجاهد فهو َ
سم المال فعصاهح المرأة ويُقْ َ
فتقتل فتُنك ُ
206
فجاهد ،فقال رسول الله :فمن فعل ذلك
كان حقا ً على الله عز وجل أن يدخله الجنة،
من قُتل كان حقا ً على الله عز وجل أن يدخله و َ
الجنة وإِن غرق كان حقا ً على الله أن يدخله
صته دابَّتُه كان حقا ً على الله أن
الجنة ،أو وَقَ َ
يدخله الجنة " رواه النَّسائي .قوله وقصته دابته:
يعني سقط عنها فدُقَّت عنقُه فمات.
.3عن أبي مالك الشعري قال :سمعت رسول الله
صل في سبيل الله فمات أو يقول " من فَ َ
سه أو بعيُره أو
صه فر ُقتل فهو شهيد ،أو وَقَ َ
مة أو مات على فراشه بأي حتف شاء لدغته ها َّ
الله إنه شهيد ،وإن له الجنة " رواه أبو داود
جزءا ً من حديث. والحاكم وصححه ،ورواه البيهقي ُ
ب الرض. قوله ها َّ
مة :تطلق على أية دابةٍ من دوا ِّ
الحديث الول قيَّد القتل والوفاة بالخروج للجهاد في
صسبيل الله ،والحديث الثاني قيَّد القتل والغرق ووَقْ َ
الدابة بالجهاد (ثم قعد له بطريق الجهاد) والحديث
الثالث قيَّد الموت والقتل ووقص الفرس أو البعير أو لذغ
مة كالفعى والعقرب مثلً ،والموت على الفراش الها َّ
صل في سبيل الله ،أي بالخروج للجهاد ،فهذه بال َف ْ
الحاديث قيَّدت نوال الشهادة للمقتول وللميت _ وذكرت
َ
أصنافا ً للموت _ قيَّدتها كل ّها بالخروج للجهاد ،وهذا يعني
ُ
أنها إن حصلت كل ّها في غير الجهاد فليست شهادة .وقال
الحافظ ابن حجر في فتح الباري (وللطبراني من حديث
ابن عباس مرفوعا ً " المرء يموت على فراشه في
َّ
سبيل الله شهيد " وقال ذلك أيضا ً في المبطون واللدِيغ
والغريق والشريق والذي يفترسه السبع والخاّرِ عن دابته
وصاحب الهدم وذات الجنب) انتهى كلم الحافظ ابن
ُ
حجر .فهذه الميتات كل ّها مقيَّدة بحالة الخروج في سبيل
الله كما ينص على ذلك الحديث.
وأصرح من هذه الحاديث الحديثان التيان:
207
أ – عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال :سمعت
رسول الله يقول " ما تَعُدُّون الشهيد َ ؟ قالوا :الذي
يقاتل في سبيل الله حتى يُقتل ،قال :إن الشهيد في
ل ،القتيل في سبيل الله شهيد، أمتي إِذن لقلي ٌ
والطعين في سبيل الله شهيد والغريق في سبيل
الله شهيد ،والخاُّر عن دابته في سبيل الله شهيد،
ب في سبيل الله شهيد " رواه أحمد ،وزاد والمجنو ُ
ن شهادة والنُّفَساء شهادة ".قوله
في رواية " والبَط َ ُ
البَطَن :هو دا ٌء يصيب البطْن.
س
قال " خم ٌ ب -عن عقبة بن عامر أن رسول الله
من قُبض في شيءٍ منهن فهو شهيد :المقتول في َ
سبيل الله شهيد ،والغَرِق في سبيل الله شهيد،
والمبطون في سبيل الله شهيد ،والمطعون في
سبيل الله شهيد ،والنُّفَساء في سبيل الله شهيد "
رواه النَّسائي .ودللة هذين الحديثين على ما نقول
واضحة.
وعليه فإن من غرق في برك السباحة المختلطة
في الفنادق الكبيرة ليس شهيدا ً وسيحاسبه الله سبحانه
على فسقه ومعصيته بالسباحة في هذا المكان الموبوء،
ومن مات محترقا ً بالنار في الخمارة ليس شهيداً
وسيعاقبه الله سبحانه على معاقرة الخمرة ويسقيه من
طينة الخبال كما صرحت بذلك الحاديث ،ول ينفع هذا
أو ذاك هذه الميتة أو تلك ،فهي ميتة ليست في سبيل
الله ،بل هي في سبيل الشيطان.
وقد اختلف للفقهاء في عدد الصناف التي يَدخل
أصحابُها الجنَة بالشهادة ،فمنهم من ذكر خمسة أصناف،
ومنهم من ذكر تسعة ،ومنهم من أوصلها إلى العشرين،
ونحن نقول باحتمال أن تصل هذه الصناف إلى مائة
صنف ،ول قيمة لكل ذلك إذا علمنا أن أصحاب هذه
النصاف شهداء إن هم ماتوا في حالة الخروج للجهاد
والقتال في سبيل الله فحسب ،أما إن قتلوا أو ماتوا في
208
غير سبيل الله فليسوا شهداء ،سواء أكانوا خمسة أم
عشرين أم مائة.
ب أموال الدولة المحاربة على ( )6السؤال :هل يجوز نه ُ
أراضيها أم ل مع الدلة ؟ وهل يجوز شراءُ بضاعةٍ
مسروقة أو منهوبة في تلك الدولة المحاربة ؟
( )6الجواب :جاء في مقدمة الدستور في شرح المادة 178
ة الحرب الفعلية بيننا ما يلي [ وأما الذين وُجدت حال ُ
وبينهم ،ولم نعقد صلحا ً معهم فإنهم يكونون في جميع
الحوال كحال المحارِب في المعركة ،فدماؤ ُهم حلل،
وأموالُهم حلل ،إل المسلمين منهم ] وهذا الحكم متعلق
بسياسة الدولة السلمية الحربية .أما اليوم ونحن بل
ش فاتحة ،فإن المسلم إن دخل دولة إسلمية وبل جيو ٍ
ن واستئمان حرم
َ بلد الكفار المحاربين فعل ً بعهد ِ أما ٍ
عليه أن يخفِر هذا العهد ،أما إن تمك ّن من دخول تلك
ن جازله أخذ ُ أموالِهم ن واستئما ٍ البلد بدون عهد أما ٍ
حهم ،تماما ً كما لو كان في المعركة معهم. وإِزهاقُ أروا ِ
ن حالها كحال ما وأما البضائع المنهوبة في تلك البلد فإ َّ
ل لغيره.ل لمن دخل بعهد أمان ,وتح ُّ سبق ،ل تح ُّ
ٍ
209
البـــاب الثامـــــــن
منوَّعــــات
210
حبَّان
:ليست بدواء إنها داء " وفي رواية ثالثة لبن ِ
ن بأرضنا أعناباً نعتصُرها، بلفظ " قلت يا رسول الله ،إ ْ
ونشرب منها ،قال :ل تشرب ،قلت :أفنشفي بها
المرض ؟ فقال رسول الله :إنما ذلك داء وليست
بشفاء" وروى حسان بن مخارق قال :قالت أم سلمة
ت لها في كوز، ة لي فنبذ ُ رضي الله عنها "اشتكت ابن ٌ
فدخل النبي وهو يغلي ،فقال :ما هذا ؟ فقالت :إن
ت لها هذا ،فقال :إن الله لم ابنتي اشتكت فنبذ ُ
حبَّان .وقال ابن يجعل شفاءَكم في حرام " رواه ابن ِ
مسعود في السكر " إن الله لم يجعل شفاءَكم فيما
حّرِم عليكم " ذكره البخاري تعليقاً .وعن أبي الدرداء ُ
قال :قال رسول الله " إن الله أنزل الداء والدواء
وجعل لكل داءٍ دواءً فتداووا ول تَدَاوَوْا بحرام " رواه
أبو داود.
فالخمر داء وليست بدواء وليست بشفاء ،وما دامت
الخمر هكذا فل يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الخر أن
جيز تعاطيَه. ل الله بال ِدّعاء أنها دواء ،وي ُ ِ ذّب رسو َ يُك َ ِ
ب محَّرم ل شك في حرمته ،وإن نعم إن الخمَر شرا ٌ
ن الرسول قد نهانا عن َ الخمر شراب خبيث بل شك ،وإ ّ
التداوي بالشراب الخبيث ،فعن أبي هريرة رضي الله
تعالى عنه قال " نهى رسول الله عن الدواء الخبيث
" رواه أبو داود وأحمد وابن ماجة والترمذي .فالخمر
صفت في الحاديث بأنها أ ُ ُّ
م شراب خبيث بل لقد وُ ِ
الخبائث .فهذه القوال منه عليه الصلة والسلم " في
حرام " " ،ول تداووْا بحرام " " ،الدواء الخبيث "
ه عن التداوي بالخمر يشمل كل نجس وحرام، وكذلك نهي ُ ُ
حَّرم من هذا م َأي ُ ة نجاسة ول َّ ولم يستثن الرسول أي َ
ً
العموم ،ولذا يظل الحكم عاما في كل حرام وكل نجس.
ل التداوي بالنجس وبالحرام وأنا ل أعلم فقهيا ً أح َّ
وبالخمر وبالكحول إل ما ُروي عن عدد منهم أنهم أعطَوْا
م الكراهة مستدلين بدليلين اثنين الخمر للتداوي حك َ
211
شرب أبوال ةب ُ من عُك َ ٍ
ل أو عَُريْن َ َ أحدهما أمُره ناسا ً ِ
البل وألبانها للتداوي ،وثانيهما إذنه لعبد الرحمن بن
عوف والزبير بن العوام بلبس ثياب الحرير لحكَّة كانت
بهما .فعن الول قالوا :إن أبوال البل نجسة ومع ذلك
أمرهم رسول الله بشربها للتداوي ،وعن الثاني قالوا:
إن لبس الحرير للرجال حرام ،ومع ذلك أَذِن رسول الله
لهذين الصحابيين بلبسه بسبب مرض الحكَّةِ ،وأن ذلك
منه يدل على جواز التداوي بالنجس وبالحرام وأن
حمل على الكراهة الحاديث الناهية عن التداوي بالحرام ت ُ ْ
وليس على التحريم .فنقول لهؤلء ما يلي:
أما الحديث الول فل يتعارض مع أحاديث النهي ،وإنما
كان المر منه بشرب أبوال البل لن أبوال البل
ة على الرأي الراجح في هذه المسألة، ليست نجس ً
فأبوال البل وأبوال الغنم وأرواث الدواب ليست نجسة
ولذا جاز التداوي بها ،ول أريد الدخول هنا في تفصيل
ن له مكانا ً آخر ،ويكفي أن أشير إلى أن هذه المسألة ،ل َّ
الرسول كان يصلي في مرابض الغنم مع ما في هذه
المرابض من أبوال ،وأن نهيه عن الصلة في معاطن
ة التأ ِذّي
البل ليس بسبب نجاسة الموضع ،وإنما خشي َ
منها حين الصلة لنها تؤذي من حولها ،فعن البراء بن
سئِل رسول الله عن الصلة في عازب قال " ُ
مبارك البل فقال :ل تصلوا في مبارك البل فإنها من
سئل عن الصلة في مرابض الغنم فقال: الشياطين ،و ُ
صلوا فيها فإنها بركة " رواه أبو داود وابن ماجة وأحمد
حبَّان .فكون الرسول كان يصلي في مرابض وابن ِ
ل ،وكونه يأمر بشرب أبوال البل الغنم بما فيها من أبوا ٍ
للتداوي ،وكونه ينهى عن الدواء المحرم والدواء الخبيث
فإن ذلك يدل على طهارة أبوال البل وأبوال الغنم .وأما
أرواث الدواب فهي أيضا ً طاهرة ،وكون رسول الله
نهى عن الستنجاء بالرواث فليس ذلك بدليل على
نجاستها ،وإنما كان نهيه عن الستنجاء بها من أجل بقاء
الرواث طاهرة لنها طعام إخواننا من الجن ،ويكفي أن
212
أن النبي أذكر هنا حديثا ً واحدا ً هو ما رواه ابن مسعود
قال " ل تستنجوا بالَّروْث ول بالعظام ،فإنه زادُ
خَزيمة إِخوانكم من الجن " رواه الترمذي ،ورواه ابن ُ
بلفظ " ل تستنجوا بالعظم ول بالبعر ،فإنه زاد إخوانكم
م أن إخواننا من الجن يأكلون من الجن " والمعلو ُ
الطعام الطاهر ،فالبوال طاهرة والرواث طاهرة ،فل
تعارض بين أحاديث النهي عن الدواء الخبيث وبين
أحاديث التداوي بأبوال البل.
أما لبس الحرير لل َ َ
ل عبد الرحمن والزبير، حك ّةِ من قِب َ ِّ
ص
خ َ َ فقد جاء في الحديث الذي رواه أنس قال " ر ّ
َ
النبي للزبير وعبد الرحمن في لبس الحرير لحك ّ ٍ
ة
بهما " رواه البخاري وأحمد والنَّسائي والترمذي وأبو
داود .ورواه مسلم بلفظ " إن عبد الرحمن بن عوف
والزبير بن العوام شكَوَا إلى رسول الله القم َ
ل،
ص الحرير في غََزاةٍ لهما ". فر َّ
خص لهما في قُ ُ
م ِ
ج في فهذا الحديث ليس في موضوع العلج ،ول يُدَر ُ
خص للمريض ،فلبس ب الُّر َ
باب التداوي ،وإنما مكانه با ُ
الحرير ليس دواء وليس علجاً ،ول يصنَّف في قائمة
العلجات والدوية لمرض الحكة ،وإنما يقال إن الحكة
خص خص لصاحبها في لبس الحرير .وبحث الُّر َ مرض يُر َّ
م في الفقه وهي حالت استثنائية يجوز فيها معلو ٌ
خص َ للمريض ما ل يجوز لغيره ،فالمريض في رمضان يُر ّ
له في الِفطار ول يُقال إِن الفطار علج للمريض
خص له في الصائم ،وإنما يقال هو رخصة ،والمريض يُر َّ
ج ،وإنما يقال الصلة قاعداً ،ول يقال إن الصلة قاعدا ً عل ٌ
خص له في هي رخصة ،والمريض إذا كان الماء يضره يُر َّ
التيمم مع وجود الماء ول يقال إن التيمم علج .وكذلك
ص له في لبس الحرير ،وليس خ ُالمريض بالحكة فإنه يَُر َّ
ص كلها خ ُ لبس الحرير علجاً ،وإنما هو رخصة ،وهكذا الُّر َ
حالت استثنائية يُباح فيها فعل الحرام أو ترك الواجب
وليست علجات وليست أدوية ،والقاسم المشترك بينها
هو دفع المشقة والذى عن المريض.
213
وهكذا يظهر أن ما يستدل به القائلون بجواز التداوي
بالحرام أوبالنجس مع الكراهة ليس في حقيقته دليلً
شبهة عند هؤلء ،والصواب لهم ،وليس هو أكثر من ُ
ب إليه هو القول إن التداوي بالنجس المتعين الذها ُ
والتداوي بالحرام حرام ،لن شرب النجس حرام ،وشرب
الحرام حرام ،وليس في هذه المسألة أحاديث متعارضة
حتى يُصار إلى التأويل ،فلْينته المسلمون عن تعاطي
الدوية المركَّبة من الكحول ،ولْيحذروا من التَّطيُّب
َ
بالعطور المحلولة بالكحول ،فإن ذلك كل ّه حرام ل يجوز.
وهنا ل بد من الملحظة التالية :إن من الكحول ما هو
م وليس بمسكر ،فالكحول المسكرة هي المقصودة سا ٌّ
مسكرة فجائٌز في هذا الجواب ،أما الكحول غير ال ُ
التداوي بها ،وجائٌز استعمالهُا في العطور وفي غير
العطور ،لنها ليست خمراً ،وليست نجسة ،فاقتضى
التنويه.
( )2السؤال :هل آثم أنا إذا سمع أولدي الصغار الغاني
والموسيقى ،خاصًة في دعايات التلفزيون ،علما ً بأن ذلك
يسعدهم بينما هم ل يسكتون أبدا ً عند قراءة القرآن وقد
حاولت عدة مرات إِسماعهم القرآن دون جدوى لنهم ل
يهدأون مما يضطرني لغلق الراديو ،ولكنهم يُنصتون تماماً
للذان وللصلة التي تُنقل من مكة في التلفزيون ،فماذا
أفعل لعوِّدهم على حب القرآن وكُْرهِ الغاني؟
( )2الجواب :ل إثم عليك إن سمع أولدك الصغار الغاني
والموسيقى في الراديو والتلفزيون ،وكذلك ل إثم عليك
إن رفض أولدك الصغار سماعَ القرآن في الراديو
جل والتلفزيون ،لن الولد الصغار دون البلوغ ل والمس ِّ
نَ ً
ل شرعا ،ل ّ حُرم عليهم فع ٌ ً يجب عليهم فع ٌ
ل شرعا ،ول ي َ ْ
القلم مرفوع عنهم ،وما داموا ل يأثمون فكيف تأثمين
أنت ؟ ثم إن سماع الغاني والموسيقى غير حرام ،بل
هو جائز على الرأي الصح ،أما محاولتك تعويد أولدك
ف، زجر وتعني ٍ
ٍ الصغار على سماع القرآن فتكون بدون
وإنما باللطف وطول البال ،ويمكنك أن تفتحي على
القرآن عندما يكون أحد أطفالك وحده معك بحيث ل يجد
214
من يلعب معه ،أو عندما يضعون رؤوسهم على مخداتهم
قبيل النوم فل يلعبون ول يتحركون ،ففي هاتين الحالتين
ل يملك الطفل إل أن يستمع للقرآن ،ومرة ً بعد مرة
ستنجحين بإذن الله في تعويد أطفالك على الستماع
للقرآن الكريم.
ي السفر من البلد إذا علمت أن ( )3السؤال :هل يجب عل َّ
الحرب ستقع فيها وهناك احتمال أن أموت أنا أو أولدي
ي نصيب من المسؤولية عن حياتهم ،وهل أكون الذين عل َّ
كمن أعان على قتل نفسه إذا بقيت فيها واحتطت
وأخذت بالسباب التي تساعد على عدم وصول القنابل
ت مثلً ،أم أكونإلينا ،ثم بعد ذلك وصلت القنابل إلينا وم ُّ
شهيدة ،ول أُحاسب محاسبة من قتل نفسه ؟
( )3الجواب :ل يجب عليك السفر من البلد هربا ً من الحرب
ما دام المر يقع في دائرة الحتمال ،وما دام الخطر من
ت من وقوع القنابل ظنيا ً وليس قطعياً ،أما إن تيقن ِ
الحرب ومن حصول الذى فالواجب إبعاد الطفال عن
صرة ،ويصح هذا القول مقَ ِّ
مكان المعركة وإل كنت آثمة و ُ
إن كنت أنت المسؤولة عن الطفال ،أما إن كان أبوهم
موجودا ً بينكم ،فإن المسؤولية تقع عليه هو ول تقع ليك.
وإذا وقعت الحرب وقُتل النسان فيها ،فإنه ل يموت
شهيدا ً إل إن كان يشارك في قتال الكفار لعلء كلمة
الله ،أما غير المقاتلين فل يكونون شهداء ،ولكن لهم
ثواب من الله سبحانه لنهم قتلوا بغير حق.
216
السؤال :ما حكم استخدام المطعومات مثل الحلويات ()6
التي تضاف إليها خمور بنسب قليلة من مصنٍع لكافرٍ يتم
تحويلها بالحرارة ما يعني تسخينها ؟ وما حكم استخدام
الكحول للتعقيم في المستشفيات عموما ً وللجراحين
والطباء والممرضين الذين يباشرون علج جروح
المرضى وعملياتهم ؟
الجواب :إضافة الكحول إلى المطعومات ،كالحلويات، ()6
جسها ويجعل أكلها حراما ً لن إضافتها إلى هذه يُن َ ِّ
المطعومات ل يفقدها خصائصها بل تبقى بذات
الخصائص فل يجوز شراؤها ول أكلها ول كل ما يحرم
فعله بالخمرة .أما السبيرتو المستخدَم في المستشفيات
ت ذلك من للتطهير فهو من النوع غير المسكر كما علم ُ
صاحب اختصاص فيجوز استعماله على ع ُهدةِ صاحب
الختصاص.
السؤال :هل أكل ذبائح أهل الكتاب جائز إطلقا ً أم مقيَّد ()7
بذبحها على شروط الشريعة السلمية (التذكية)
خصوصا ً وأن الذبح بالطرق الحديثة في المسالخ الكبيرة
يتم بضرب البقرة مثل ً بما يشبه الرصاص في الرأس
لغرض التخدير ،ولكنه أحيانا ً يؤدي إلى قتل البقرة ،ويتم
أيضا ً صعق الحيوانات بالكهرباء قبل قطع رؤوسها ،وحتى
ق ول تخدير فإن ذبحها ل لو قُطعت الرؤوس بدون َ
صعْ ٍ
صل ،خصوصاً يكون بالطريقة الشرعية ،أرجو البيان المف َّ
وأن الكثير من اللحوم المستوردة إلى بلد المسلمين
صفون بأنهم ن يُو َ
م ْ
ة لكل ذبائح َتجعل المسلمين عُْرض ً
أهل الكتاب ،ثم هناك كثير من المسلمين الذين يعيشون
في بلد الغرب يأكلون من هذه الذبائح.
الجواب :عندما نزل حكم جواز أكل ذبائح أهل الكتاب ()7
كان أهل الكتاب يُذ َكُّون ذبائحهم ،فأجاز الشرع أكلها،
فإن تركوا الذبح والذكاة فقد وجب علينا تحريم ذبائحهم،
ولكن ل نترك أكلها إل إن أيقنَّا أنهم فعل ً لم يعودوا
يذبحون ،فعلى من يعيشون في بلد الغرب أن يتحروا
عن ذلك قبل الكل.
217
( )8السؤال :إن حصل وذ ُبحت العقيقة قبل اليام السبعة،
فهل تجزئ ؟
سنَّة ،وال ُّ
سنَّة فيها أن تُذبح في اليوم ( )8الجواب :العقيق ُ
ة ُ
السابع لمولد الطفل ،فإن لم يتيسر ذبحها في اليوم
السابع وذ ُبحت في أي يوم آخر أجزأت إن شاء الله،
سواء كان الذبح بعد السابع أو قبله ،ولكنه فقط خلف
سنَّة.
ال ُّ
ت
ة من مطعوما ٍ ( )10السؤال :تنتشر في الغرب قوائ ُ
م تجاري ٌ
وأدويةٍ تحمل عدة أرقام ٍ وأسماءٍ يقول بعض الناس إنها
218
ت من مواد َّ محَّرمةٍ ،ولذا يحرم استعمالها، َ
تحوي مرك ّبا ٍ
ل أُصولها النجسةِ إلى س بجوازها بحجة تحوُّ ِ ويقول نا ٌ
ت ومواد َّ مختلفةٍ تماما ً من حيث التركيب َ
مرك ّبا ٍ
والخصائص ،فما هو الحكم الصحيح في استعمالها ؟
ة مواد َّ محَّرمةٍ ونجسةٍ تدخل في المواد ( )10الجواب :أي ُ
المصنوعة يُنظَر فيها ،فإن هي بقيت على ماهيَّتِها
م استعمالُها ،أما وخصائصها فالمواد المصنوعة منها حرا ٌ
إن تحوَّلت هذه المواد المحَّرمة والنجسة إلى ماهي َّ ٍ
ة
مغايِرةٍ وفقدت خصائصها فعندها يجوز استعمال المواد
المصنوعة منها .هذه هي القاعدة الفقهية في هذا
ة وعلما ُء الكيمياء هم وحدهم الموضوع ،والصيادل ُ
القادرون على تصنيف هذه القوائم بحسب هذه القاعدة
إلى قوائم محَّرمة وقوائم حلل.
م( )11السؤال :في الجزء الول من الجامع لحكام الصلة ت َّ
ذكر الحديث " لعن الله الواشمات والمستوشمات" ...
والسؤال هو :هل ما يتعلق بهذا الحديث يُعتبَر جزءا ً من
مسألة الصلة ؟ بمعنى أنه إذا كانت المرأة مقل ِّدة لكم
في مسألة الصلة فهل يجب عليها أن تقل ِّدكم في هذا
الموضوع باعتباره متعلقا ً بمسألة الصلة ؟ أم أن موضوع
ُ
مص والتفل ّج ل علقة له بمسألة الصلة الوشم والن َّ َ
ي غيرِك في هذا وبالتالي يمكن للمرأة أن تأخذ برأ ِ
الموضوع ؟
ل ثان هو :قلتم في الكتاب [ فلو أخذت ة سؤا ٌ م َوث َ َّ
المرأة من حاجبيها عدة شعرات ...ل تكون قد فعلت
حراماً ،لنها ل تكون قد فعلت ما يصل إلى حدِّ تغيير خلق
الله ] فكيف يمكن للمرأة أن تحدِّد عدد الشعرات الذي
لو زادت عليه لوقعت في الحرام ؟ إن بعض النساء قد
استنبطن من هذا القول جواَز ترتيب الحواجب وبعضهن
اعتبرن أن إزالة الشعر المحيط بالحاجب جائز لنه شعر
زائد ٌ إِزالتُه ل تغيِّر خلق الله ،وبعضهن اعتبرن إزالة قفلة
219
الحواجب (الشعر بين الحاجبين) جائزة ،لنها ليست من
ل هذه المور ؟ الحواجب ،فكيف يمكن أن نحكم على ك ِّ
( )11الجواب:
ُ
مص والتَّفل ّج ليس جزءا ً من شم والن َّ َ ن موضوع الوَ ْ أولً :إ َّ
ل الصلة ،ولذا فالمرأة تستطيع وهي مسألةِ أو مسائ ِ
تقل ِّدني في الصلة أن ل تقل ِّدني في موضوع الو ْ
شم
ُ
مص والتَّفل ّج. والن َّ َ
خذ من الحواجب ثانياً :أما ما هو مقدار الشعر الذي إن أ ُ ِ
خذ تغيَّر شكل مصا ً محَّرماً ،فهو القدر الذي إن أ ُ ِ أصبح ن َ َ
ً ً
الحاجب ،كأن يكون الحاجب كثيفا فيصبح رفيعا وكأن
يكون الحاجب طويل ً فيصبح قصيراً ،وكأن يكون الحاجبان
متصلين فيصبحان منفصلين ،وهكذا ،فالعبرة بتغير شكل
الحواجب وليس بعدد الشعرات المنتوفة.
َّ
ل الشعر معلل ،والعلة ص ِمو ْ حك ْ َ
( )12السؤال :أنت تذكر أن ُ
هي الخداع ،من حديث معاوية ،ولكنك ل تجعل الحكم
يدور مع العلة وجودا ً وعدماً ،فكيف يستقيم هذا ؟
َ
( )12الجواب :إن الحاديث هي التي عل ّلت النهي عن وصل
مته ُزورا ً في عدد ٍ منها ،فالعلة الشعر بالشعر ،وس َّ
صحيحة لنها منصوص عليها في الحاديث ،فما كان ُزوراً
ن وصل الشعر بالشعر خداعا ً وتَضليل ً فهو حرام .وإ َّ و ِ
واضح فيه الخداع والتضليل حيثما كان ومتى حصل ،فهو
حرام إلى يوم القيامة.
222
ن حرام ،في مثل خير في تجارةٍ فيهن ،وثمنُه َّ
ن يشتري ُ
م ْ
س َ
ن النا ِ م َ
هذا أنزلت هذه الية {و ِ
ل اللهِ } إلى آخر ض َّ
ل عن سبي ِ ث لي ُ ِ
لهو الحدي ِ
َ
الية " .رواه الترمذي وأحمد وابن ماجة والبيهقي.
ل في وليمة ،فجعلوا يتلَعَّبون .7عن شيٍخ شهد أبا وائ ٍ
ل حبوتَه ،وقال :سمعت عبد ويُغنُّون ،فح َّ
ل أبو وائ ٍ
الله يقول :سمعت رسول الله يقول "الغناء
ت النفاقَ في القلب " رواه أبو داود .والحبوة يُنب ُ
(بفتح الحاء وضمها وكسرها) هي الجلوس على
الِليتين مع ضم الفخذين والساقين إلى البطن
بالذراعين.
صهباء "أنه سأل ابن مسعود عن قول .8عن أبي ال َّ
الله {ومن الناس من يشتري لهو الحديث } قال:
الغناء" .رواه ابن جرير الطبري في تفسيره.
.9جاء في صحيح البخاري ما يلي (وقال هشام بن
صدَقة بن خالد حدثنا عبد الرحمن بن مار حدثنا َ ع َّ
يزيد بن جابر حدثنا عطية بن قيس الكلبي حدثني
عبد الرحمن بن غَنْم ٍ الشعري قال :حدثني أبو عامر
أو أبو مالك الشعري ،والله ما كذبني ،سمع النبي
حَّرم يستحلون ال ِ ن من أمتي أقوا ٌ يقول " ليكون َ َّ
م إلى ن أقوا ٌ ف ،ول َ ِ
ينـزل َّ والحرير ،والخمَر والمعاز َ
جنب ع َلَم يروح عليهم بسارحةٍ لهم يأتيهم لحاجة
فيقولون :إرجع إلينا غداً ،فيُبَيِّتُهم الله ويضع
العَلَم ،ويمسخ آخرين قردةً وخنازيَر إلى يوم
القيامة ") ورواه الطبراني .والسارحة هي الماشية.
والعَلَم هو الجبل.
ب -النصوص التي يستد ُّ
ل بها القائلون بالجواز أو بالكراهة
:
ن
ةب ِت على قَُرظ َ
.1عن عامر بن سعد قال " دخل ُ
س ،وإذا
ب وأبي مسعود النصاري في عر ٍ كع ٍ
جوارٍ يُغنِّين ،فقلت :أنتما صاحبا رسول الله ،َ
من أهل بدرٍ يُفعل هذا عندكم ؟ فقال :إجلس و ِ
223
ت فاذهب ،قد إن شئت فاسمع معنا ،وإن شئ َ
خص لنا في اللهو عند العرس" رواه النَّسائي
ُر ِّ
والحاكم وصححه.
" أن امرأة جاءت إلى .2عن السائب بن يزيد
رسول الله فقال :يا عائشة أتعرفين هذه ؟
ة بني فلن، قالت :ل يا نبي الله فقال :هذه قَيْن ُ
ك ؟ قالت :نعم ،فأعطاها طَبَقاً تحبين أن تغني َ ِ
فغنَّتها ،فقال النبي :قد نفخ الشيطان في
منْخريها " رواه أحمد بسند صحيح ،ورواه ِ
الطبراني .والطبق هو الناء.
.3عن جابر رضي الله تعالى عنه قال :قال رسول
الله لعائشة " أهديتم الجارية إلى بيتها ؟
قالت :نعم ،قال :فهل بعثتم معهم من يُغَنِّيهم
حيِّيكم ،فإن النصار قو ٌ
م يقول :أتيناكم فحيُّونا ن ُ َ
فيهم غََزل " رواه أحمد بسند صحيح ،ورواه
البخاري من طريق عائشة بلفظ" أنها َزفَّت امرأةً
ل من النصار ،فقال نبي الله : إِلى رج ٍ
ن النصار َ لهو ؟ فإ ّ
ٌ ياعائشة ،ما كان معكم
يُعجبهم اللهو " ورواه الحاكم وصححه ،ووافقه
الذهبي.
.4عن عائشة رضي الله عنها " أن أبا بكر الصديق
منى تُغَنِّيناندخل عليها وعندها جاريتان في أيام ِ
جى بثوبه،ضربان ،ورسول الله مس َّ وت َ ْ ِ
فانتهرهما أبو بكر ،فكشف رسول الله عنه،
وقال :دعهما يا أبا بكر ،فإِنها أيام عيد " ...رواه
مسلم.
.5عن عبد الله بن بُريدة قال :سمعت بُريدة يقول "
خرج رسول الله في بعض مغازيه ،فلما
انصرف جاءت جاريٌة سوداءُ فقالت :يا رسول
ن ردَّك الله سالماً أن
ت إِ ْ ت نذر ُ
الله ،إني كن ُ
َ
ف وأتغنَّى ،فقال لها رسول أضرب بين يديك بالد ُّ ِ ّ
224
ت فاضربي وإل فل ،فجعلت ت نذر ِ
الله :إن كن ِ
تضرب ،فدخل أبو بكر وهي تضرب ثم دخل علي
وهي تضرب ثم دخل عثمان وهي تضرب ثم دخل
عمر فألقت الدُّف تحت إِستها ثم قعدت عليه،
فقال رسول الله :إن الشيطان ليخاف منك يا
عمر ،إني كنت جالساً وهي تضرب فدخل أبو بكر
وهي تضرب ثم دخل علي وهي تضرب ثم دخل
ت أنت يا عمر ألقتعثمان وهي تضرب ،فلما دخل َ
ح
ن صحي ٌ الد ُّ َّ
ف " رواه الترمذي وقال :هذا حديث حس ٌ
ب ،ورواه أحمد بسند صحيح ،ورواه أبو داود غري ٌ
والبيهقي.
ت لمحمد بن حاطب: .6عن يحيى بن سليم قال :قل ُ
ت امرأتين ما كان في واحدةٍ منهما صوت، تزوج ُ
يعني دُفا ،فقال محمد :قال رسول الله صلى ً َ ّ
ل ما بين الحلل ص ُ
الله عليه وآله وسلم" ف ْ
ف " رواه الحاكم وصححه ت بالد ُّ ُّ
والحرام الصو ُ
ووافقه الذهبي .ورواه أحمد بسند صحيح .ورواه
ابن ماجة والنَّسائي ،والترمذي وح َّ
سنه.
ت ُمعَوّذ رضي الله عنها قالت " دخل .7عن الُّربيِّع بن ِ
ي رسول الله صبيحة ع ُرسي وعندي عل َّ
جاريتان تغنيان وتُندبان آبائي الذين قُتلوا يوم
ي يعلم ما في بدر ،وتقولن فيما تقولن :وفينا نب ٌّ ٍ
ما هذا فل تقولوه ،ما يعلم ما في غدٍ َ غدٍ ،فقال :أ ّ
إل الله " رواه ابن ماجة ،ورواه أبو داود بمعناه
ورواه الترمذي وقال :هذا حديث حسن صحيح
ت لنا يضربن بدُفُوفِهِن
جويْرا ٌ
وجاء في روايته " و ُ َ
".
ي أبو.8عن عائشة رضي الله عنها قالت " دخل عل َّ
بكر وعندي جاريتان من جواري النصار تُغنيان
بما تقاولت به النصار في يوم بُعاث ،قالت:
وليستا بمغنيتين فقال أبو بكر :أبمزمور
الشيطان في بيت النبي ؟ وذلك في يوم عيد
225
:يا أبا بكر ،إن لكل قومٍ الفطر ،فقال النبي
عيداً ،وهذا عيدُنا " رواه ابن ماجة.
.9عن أنس بن مالك " أن النبي مَّر ببعض
ن ويتغنَّين
المدينة ،فإذا بجوارٍ يضربن بدُفِّه َّ
ويقلن:
يـا حبـذا محمـدٌ من جـوَارٍ مـن بني
نحـن َ
جـارِ النجـارِ
226
والن ننظر في الحاديث الواردة في القسم الول
من حيث السند حتى يتبين لنا إن كانت هذه الحاديث
صالحة للحتجاج أم ل ؟
.1الحديث الول الذي رواه عبد الله بن المبارك عن
ط ،إذ فيه أربعة طريق أنس بن مالك سنده ساق ٌ
رواةٍ ضعفاء أو مجهولين وهم :ابراهيم بن عثمان،
مر ،ويزيد بن عبد الصمد ،وعبيد بن وأحمد بن الغَ ْ
هشام الحلبي ،فالحديث ل يصح الحتجاج به.
.2الحديث الثاني الذي رواه ابن ماجة من طريق أبي
مالك الشعري في سنده مالك بن أبي مريم قال
ة
عنه الذهبي :ل يُعرف ،فهو إذن راوٍ مجهول ،إِضاف ً
إلى الراوي معاوية بن صالح ،الذي رماه بالضعف
كثيٌر من علماء الجرح والتعديل ،فالحديث ضعيف
جداً ،فيترك.
.3الحديث الثالث الذي رواه ابن ماجة من طريق أبي
َ
أُمامة في سنده أبو المهل ّب مطرح بن يزيد ضعَّفه
أبو ُزرعة الرازي وأبوحاتم الرازي .وقال ابن معين:
ليس بشيء .وقال البخاري :منكَر الحديث .وفيه
أيضا ً عبيد الله الِفريقي ضعَّفه أحمد والدَّارمي
والدَّاَرقُطني .وقال ابن معين :ليس بشيء .وقال
مدِيني :منكَر الحديث .وقال أبو مسهر :هو ابن ال َ
ً
ضلة .فالحديث ضعيف جدا ،فيترك. مع ِ ل ُصاحب ك ِّ
.4الحديث الرابع الذي رواه أحمد من طريق أبي أُمامة في
سنده علي بن يزيد اللهاني ،وهو ضعيف .وكذلك القاسم
ضعيف ،فالحديث ضعيف جداً ،فيترك.
.5الحديث الخامس الذي رواه عبد الله بن أحمد بن
سبخي، حنبل في زوائد المسند في سنده فْرقد ال َّ
قال الهيثمي في مجمع الزوائد :فرقد ضعيف.
والحديث ضعَّفه المنذري .ورواه أيضاًسعيد بن
منصور وفي سنده ثلثةضعفاء ،فالحديث ضعيف،
فيُترك.
.6الحديث السادس الذي رواه الترمذي من طريق
حر عن علي بن يزيد عن القاسم عبيد الله بن َز ْ
227
عن أبي أُمامة ،فيه علي بن يزيد ،قال الترمذي
(وقد تكلم بعض أهل العلم في علي بن يزيد
وضعفه) وقال عنه البخاري :منكَر الحديث وقال
النَّسائي :ليس بثقة .وقال الدارقطني :متروك.
حر والقاسم، وضعَّف الشوكاني عبيد الله بن َز َ
فالحديث ضعيف جداً ،فيُترك.
.7الحديث السابع الذي رواه أبو داود من طريق شيخ
شهد أبا وائل واضح فيه أن فيه راويا ً مجهول ً لم
م هو الشيخ الذي شهد أبا وائل ،فالحديث س َّيُ َ
ضعيف ،فيترك.
.8الحديث الثامن الذي رواه ابن جرير الطبري في
ل لبن مسعود وليس حديثا ً مرفوعاً، تفسيره هو قو ٌ
م
وأقوال الصحابة ليست أدلة ،وإنما هي أحكا ٌ
ة في حقهم وفي حق من يقلدهم من شرعي ٌ
المسلمين ،فل يجب علينا اللتزام بها ،وهذا القول
م منه للية من ابن مسعود هو شرح وفه ٌ
ح
ح لكلمة (لهو) وهو شر ٌ الكريمة ،بل هو شر ٌ
ح يؤكده ما جاء في الحديث الول من صحي ٌ
خص لنا في اللهو عند المجموعة الثانية " قد ُر ِّ
العرس " أي في الغناء ،وما جاء في الحديث
الثالث من المجموعة الثالثة أيضا ً بلفظ البخاري "
ن النصار لهو ؟ فإ ٌَّ يا عائشة ،ما كان معكم
ن الناظر في الية يُعجبهم اللهو " أي الغناء ،ولك َّ
ن اللهو في الية كان مذموماً يدرك بسهولة أ َّ
بسبب اقترانه بالضلل عن سبيل الله ،ولول ذلك
لما ورد الذ َم ،واقتران الضلل عن سبيل الله بأي
قول أو كلم يجعل القول أو الكلم مذموماً ،ويبقى
عموم القول والكلم مباحاً ،وكذلك الغناء ،فإنه
ل أو كلم ٍ ما لم يقترن بالضلل عن ي قو ٍ
ح كأ ِ ّ مبا ٌ
حرمة سبيل الله .فل دللة في هذا التفسير على ُ
الغناء.
228
َ
.9بقي الحديث المعل ّق في صحيح البخاري ،وهو وحده
الدليل الباقي للقائلين بتحريم الغناء وآلت اللهو،
فلننظر في هذا الحديث بشيء من التفصيل:
)1هذا الحديث وإن ورد في صحيح البخاري ،إل
أنه ل يصح أن يقال إن البخاري روى هذا
الحديث ،ذلك أن البخاري لم يذكره بقوله
[حدثنا] أو [أخبرنا] أو ما شاكل ذلك ،وإنما
َ
ذكره معل ّقا ً بصيغة [وقال هشام بن عمار]
َ
والحاديث المعل ّقة في صحيح البخاري ل
يجب الستدلل بها وإنما يصح الستئناس بها
فقط ،والحاديث المعلقة تعني أن راويا ً أو
أكثر لم يُذكر في السند ،وبالتالي فهي
معضلَة ،وليست متصلة منقطعة أو ُ أحاديث ُ
السناد ،وأنا أتسائل :لماذا لم يذكر البخاري
اسم من نقل له هذا الحديث ؟ أل يدل ذلك
على أنه يشك في النقل والناقل ،وبالتالي
ينـزِل هذا الحديث عن مرتبة الصحة ؟
مار ثقة ،ولكنه بعد أن كبر )2إن هشام بن ع َّ
خذ قوله اختلف حالُه وتغيَّر ،فلم يَعُد ْ يُؤ َ
باطمئنان ،فهذا أبو حاتم الرازي يقول (لما
كبر هشام تغيَّر ،فكل ما دُفِع إليه قرأه ،وكلما
لُقِّن تل َّقن) وقال أبو داود فيما نقل عنه
الجري (حدَّث هشام بأربعمائة حديث
مسنَدة ليس لها أصل ) ،وذكر أن هشاما ً كان
يُلقَّن أحاديث أبي مسهر فيحدِّث بها ،وقال
عقِب ذلك( :وكنت أخشى أن تَفتق في
السلم فتقا ً ) ،وقال أحمد بن حنبل (هشام
طيَّاش خفيف) وقال أيضا ً (إِن صلوا خلفه
فليعيدوا الصلة) فمثل هذا الراوي ل يُطمئن
لخذ الحديث من طريقه ،لسيما وأ َّ
ن
الحاديث الصحيحة تخالف ما رواه.
سنَنِه هذا الحديث بإسناد )3روى أبو داود في ُ
جي ِّد ،يخلومن هشام بن عمار ،هكذا (حدثنا
عبد الوهاب بن نجدة ،حدثنا بِشر بن بكر،
229
عن عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر ،حدثنا
عطية بن قيس قال :سمعت عبد الرحمن بن
غَنْم الشعري قال :حدثني أبو عامر ،أو أبو
مالك ،والله يمين أخرى ما كذبني ،أنه سمع
ن من أمتي رسول الله يقول " ليكون َّ
والحرير ،وذكر كلماًً ُ
حل ّون الخَّز م يست ِأقوا ٌ
سخ منهم آخرون قردةً وخنازيَر قال :يُم َ
إلى يوم القيامة ") وهو إسناد ٌ جيد ل مطعن
فيه ،وقد خل من ذكر المعازف والغناء
والقينات .فمن أولى بالخذ ؟
)4إن الشرع الحنيف قد جاء موافقا ً للفطرة ،ولم
يُعرف أنه جاء ناقضا ً لها ،والغناء كما يعرف
الجميع ،هو من الفطرة ل أتصوَّر أن شخصاً
ن ولم يسمع عاش أربع سنوات فما فوق لم يُغ ِ ّ
ن التمييز نراهم يغنون الغناء ،فأطفالنا دون س ِ ّ
ويرقصون ،فهل جاء السلم ليحظر علينا ما هو
مركوز في فطرتنا؟
)5وأقول أخيرا ً إنه لو كان حديثُنا هذا ل
ض له من أحاديث أخرى صحيحة معارِ َ
ف فيه، وحسنة ،لخذنا به وقبلناه على ضع ٍ
ن المر غير ذلك ،إذ هناك الكثير من ولك َّ
الحاديث الصحيحة والحسنة تعارض هذا
الحديث وتناقضه ،فكيف نأخذ به ؟
لهذه السباب الخمسة أجدني مضطرا ً لعدم الستدلل
بهذا الحديث على أن الغناء وآلت الطرب محَّرمة ل تجوز.
وبعد أن فرغنا من استعراض أحاديث القسم الول ،وبيَّنا
ضعفها ،لننظر في دللة الحاديث الواردة في القسم الثاني،
ُ
وهي كل ّها صالحة للحتجاج ،لنستنبط منها حكم الغناء :
ل على جواز الغناء في العرس. .1الحديث الول يد ُّ
ل على جواز الغناء دون مناسبة .2الحديث الثاني يد ُّ
َّ
عرس أوغيره مع مصاحبة آلة هو الطبق .
.3الحديث الثالث يدل على جواز الغناء ،وقد وقع ذلك
في عرس.
230
.4الحديث الرابع يدل على جواز الغناء مع مصاحبة
َ
الضرب على آلة ولعل ّها الدُّف وقد وقع ذلك في يوم
عيد الضحى.
.5الحديث الخامس يدل على جواز الغناء بالدُّف من
ل امرأةٍ بحضور رجال ،ول يقال هنا إن ذلك ل يدل قِب َ ِ
ل على جواز الوفاء بالنذر ٌ على الجواز وإنما هو دا ّ
وأنه لول النذر لما جاز الغناء ،ل يقال ذلك لن النذر
جز الوفاء به ،فلول أن الغناء إن كان في معصية لم ي َ ُ
ليس معصية لما أجازه رسول الله ،لما ُروي عن
عائشة رضي الله تعالى عنها عن النبي قال " من
نذر أن يطيع الله فلْيطعه ،ومن نذر أن يعصيه فل
يعصه " رواه البخاري وأبو داود والنَّسائي ،ولما ُروي
حصين رضي الله تعالى عنه قال... عن عمران بن ُ
قال رسول الله قال " ...ل وفاء لنذرٍ في معصية
ح لما أذن رسول " رواه مسلم .فلول أن الغناء مبا ٌ
الله للمرأة أن تفي بنذرها بالغناء بعد عودته
سالما ً من الغزو.
.6الحديث السادس يدل دللة ل لبس فيها على
استحباب الغناء بمصاحبة الدُّف في العرس ،وليس
بعلى إباحته فقط ،فالغناء في العراس مندو ٌ
ب وليس جائزا ً فقط. مستح ٌّ
.7الحديث السابع يدل على جواز الغناء بإقرارٍ من
الرسول باستثناء ما يتضمنه من أقوال غير جائزة،
وأن الغناء وقع عقب الزواج وانتهاء حفلة العرس.
.8الحديث الثامن يدل على جواز الغناء أمام رسول
الله من قِبَل نساءٍ ،وأن ذلك وقع في يوم عيد.
.9الحديث التاسع يدل على استحباب الغناء بالكلم
الطيب بدللة قوله عليه الصلة والسلم للمغنيات
ن " ذلك إن الضاربات بالدُّف " الله أعلم إني ل ُ ِ
حبُّك ُ َّ
هذا القول منه فيه تشجيع وثناء على هؤلء
س ول بغيره. صص هذا الغناء بعر ٍ المغنيات ،ولم يخ َّ
231
مارة ،بدللة .10الحديث العاشر يدل على جواز الغناء بَز َّ
مارة، أن الرسول لم ينه الراعي عن الغناء بالَّز َّ
وما إغلقه أذنيه إل اختياٌر منه ل على سبيل الوجوب،
ضب إليه عليه الصلة مثله مثل حادثة تقديم لحم ال َّ
والسلم ،فلم يقبل أن يأكله ،وترك الخرين يأكلون.
وقد فهم قوم أن هذا الفعل منه عليه الصلة
ل على كراهة الغناء ،ولم يصيبوا فيما والسلم دا ٌّ
صص شبهة فيه ،ولم يُخ َّ ذهبوا إليه ،وإن كانت لديهم ُ
هذا الغناء بعرس ول بعيد ،وإنما ورد مطلقاً.
.11الحديث الحادي عشر يدل على استحباب التغني
بكتاب الله سبحانه ،ولو كان الغناء محَّرما ً لما جاز
فيما يتعلق بكتاب الله المنـَّزهِ عن الباطل قراءةً
وتلوة ً وفهماً.
ث بشدةٍ على التَّغنِّي .12والحديث الثاني عشر يح ُّ
بكتاب الله سبحانه.
ة فيها ، شبه َ من هذا الستعراض نتوصل إلى نتيجة ل ُ
بج ُحب في العراس ،ويكاد ي َ ِ ح ،ويُست َ ن الغناء مبا ٌ هي أ َّ
في تلوة القرآن الكريم .فهل يصح بعد هذا الستعراض
م أداءً للحاديث الصحيحة والحسنة أن يُقال إن الغناء حرا ٌ
واستماعا ً ؟ إن الحق الذي يجب أن يُصار إليه هو أن الغناء
ح
في العراس وفي العياد بل وفي سائر المناسبات مبا ٌ
غير حرامٍ ،ل أداءً ول استماعاً ،سواء كان بمصاحبة آل ٍ
ة
موسيقية أو بدون مصاحبتها.
أما إن كان الغناء في حفلةٍ مختلطةٍ أو راقصةٍ ومن
حْرمةِ الغناء، م ل يجوز ،ليس ل ِ ُ ت فهو حرا ٌ ل نساءٍ متبرجا ٍ قِب َ ِ
ص وتبرج .وأقول ط ورق ٍ وإنما لما يصاحب الغناء من اختل ٍ
مثل هذا بخصوص الغناء الذي يتضمن دعوة ً إلى المعاصي،
أو كلما ً فاسداً ،أو فكرا ً من أفكار الكفركالغنية التي غنَّاها
خطا )...فإن عبد الحليم حافظ وقال فيها (قَدٌَر أحمقُ ال ُ
ح هذا الغناء ل ش َّ
ك في حرمته ،وما سوى ذلك فالغناء مبا ٌ
ب في العراس ،ويكاد يجب في مستَح ٌّ على العموم ،و ُ
قراءة القرآن الكريم ،ول صحة البتة للقول بتحريم الغناء.
232
ل من حُرم علينا أن نشتري ما هو حل ٌ ( )15السؤال :هل ي َ ْ
ل يبيع الخمور ؟مح ٍّ
ل مملوكا ً لنصراني مثل ً فل ( )15الجواب :إن كان هذا المح ُّ
شبهة في جواز الشراء منه ما يجوز شرعا ً استعمالُه
كالمعلبات والكبريت والحلوى والزيوت وغيرها ،لن
السلم يقُّر النصارى وسائر الكفار على التجار بالخمور.
أما إن كان هذا المحل مملوكا ً لمسلم ،فإن الواجب على
كل مسلم أن ل يشتري منه أي شيء ،وينفر منه
ويقاطعه.
( )16السؤال :فيما يتعلق بالكفَّارة ،إذا حلف النسان أكثر
من يمين في مسألة واحدة في أوقات مختلفة ،ونسي
عدد المرات التي حلف فيها ،فماذا يعمل ؟
ص حلف يمينا ً في مسألة واحدة ( )16الجواب :إن كان الشخ ُ
ث فكفَّر عن يمينه ثم عاود الحلف في نفس فحن َ
المسألة فحنث لزمته كفارة ثانية ،وهكذا .أما إِن حلف
فّر عن يمينه، في مسألة أنه سيفعل كذا فحنث ولم يك ِ
ة فحنث ولم ة وثالث ً
ثم عاود الحلف في نفس المسألة ثاني ً
يكقِّر عن أيمانه ،لزمته كفارة واحدة عن الجميع .وهذا
لمن عرف أنه حلف ،أما إن كان ل يعرف أنه حلف فل
شيء عليه ،ول تلزمه أية كفارة.
ت إنه يجوز أك ُ
ل ذبائِح أهل الكتاب إذا تبين ( )17السؤال :قل َ
أنهم يذبحون ،فهل يعتبر الذبح باللت جائزا ً ؟
( )17الجواب :الذبيحة الشرعية هي ما قُطع وَدَجاها
ن في اليد أو ع بسكي ٍ مها ومريئُها ،سواء حصل القط ُ وحلقُو ُ
حصل بآلةٍ حادَّة يُديرها الذابح ،أما الصعق الكهربائي أو
الضرب على الراس بأداة ثقيلة ،لقتل البقرة أو الشاة،
لخها وتقطيعُها وأكلُها فل يجوز ،سواء حصل الفع ُ ثم سل ُ
من مسلم أو من كتابي ،لن الذكاة الشرعية لم تحصل
بهما.
ة
ة شرس ٌ ( )19السؤال :تجري حاليا ً في الدول الوروبية حمل ٌ
على لباس المرأة المسلمة وخاصة بنات المدارس،
فيمنعون الطالبة المسلمة من ارتداء الخمار في داخل
المدرسة ،فماذا تفعل هؤلء الطالبات ،وما الواجب على
أولياء أمورهن تجاه ذلك ؟
( )19الجواب :ل يجوز للطالبة المسلمة أن تستجيب لهذه
التعليمات بخلع خمارها في داخل المدرسة وفي خارجها
على السواء ،فإن أمكنها أن تنتقل إلى مدرسةٍ ل تمنع
234
لبس الخمار وجب عليها النتقال ،فإن لم تجد وجب
يعليها ترك الدراسة في المدارس ،أو يجب على ول ِ ّ
أمرها الهجرةُ من ذلك البلد ،ويحرم عليهما البقاء فيه
قال تعالى( :ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ) [من الية 97من سورة
النساء].
( )20السؤال :بخصوص الية من سورة السراء (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ
ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ) [سورة السراء الية ]1:ما هو واقع
البركة في القدس ،وما هي حدودها ،بمعنى هل تشمل
محيط القدس أم تمتد إلى أماكن أخرى ؟
( )20الجواب:
أولً :هناك فارق بين الرض المقدسة والرض المباركة،
ض مقدَّسة، فمدينة القدس في فلسطين هي فقط أر ٌ
وكانت سابقا ً تسمى البيت المقدَّس ،ثم صارت تسمى
ت المقدس إلى أن صار يُطلَق عليها القدس ،وما بي َ
سواها مما هو خارج حدودها فليس مقدَّساً ،فرام الله
في الشمال وبيت لحم في الجنوب ليستا مقدَّستين،
ن فلسطين مقدَّسة. ولذا ل يصح أن يُقال إ َّ
أما الرض المباركة (ﭜ ﭝ ﭞ) [ سورة السراء الية]1 :
َ
فتشمل بلد الشام كل ّها من بادية الشام شرقا ً إلى البحر
المتوسط غرباً ،ومن جبال جنوب تركيا شمال ً إلى ال َ
جوْف
والبحر الحمر ،أي خليج العقبة ،جنوباً .ففلسطين
والردن وسورية ولبنان هي بلد مباركة فقط ،يدل على
ذلك قوله عليه الصلة والسلم " اللهم بارك لنا في
ن الرض المقدسة هي شامنا ." ...وكما قلنا قبل قليل فإ َّ
مدينة القدس فقط.
ة أُطلقت على الشام ،وأطلقت على اليمن،
ُ ثانياً :البرك ُ
وأُطلقت على المطر ،وأطلقت على الزوجة ،وأطلقت
ُ ُ
على غيرها ،وهي تعني النماء ووفرة الخير .فبلد الشام
ل ،واللهة وإنتاٍج عا ٍ خصبة التربة ذات محاصي َ
ل جيد ٍ
سبحانه يبارك لهل الشام ولهل اليمن في محصولتهم
وأقواتهم وأرزاقهم ...الخ.
235
( )21السؤال :ما هو حكم قراءة القرآن على الميت أو
للميت ؟ وهل قراءة الفاتحة على روح الميت لها أص ٌ
ل
شرعي ؟ وهل صحيح أن الرسول عليه الصلة والسلم
قرأها على ابنه إبراهيم ؟
( )21الجواب :ما ورد من أحاديث تذكر قراءة القرآن على
ُ
الميت كل ّها أحاديث ضعيفة ل تصلح للستدلل ،ومع ذلك
ن العديد من الئمة والفقهاء يجيزون قراءة القرآن فإ َّ
على الميت ،ويرون أن ثواب القراءة يصل إليه استدللً
بجواز إِهداء الميت لعدد من ال ُقُربات والطاعات ،كالحج
والصوم والصدقة والدعاء وسداد الدَيْن ،كما هو واردٌ
في الحاديث الصحيحة ،وألحقوا قراءة القرآن على
ت والطاعات التي يصل ثوابها إلى الميت بهذه القُُربا ِ
جحه. ُ
الميت ،لنها من جنسها ،وهو ما أر ِّ
ب رزقِه حراماً ،هل يجوز مكْسبُه أو با ُ ( )22السؤال :من كان َ
أن نأكل من طعامه إذا دعانا إلى وليمة مثل ً ؟ وهل يجوز
أن نستدين منه مال ً ؟
( )22الجواب :نعم يجوز لنا أن نأكل من طعامه ،كما يجوز لنا
أن نستدين منه مال ً بشرط أن ل يكون المال مسروقاً،
م واقع متين ،فالحرام واقع منه والث ُ ة ل تتعلق بذ َّ حْرم ُ
فال ُ
َ
عليه وحده ،ونحن ل إِثم علينا في ذلك .أما إن نحن أخذنا
بالورع ،فعلينا أن نجتنب كل ذلك.
236
حذِفت ،وبقي النص كما كان سابقا ً يفيد التعليل ،وهذا ُ
يعني أمرين :
ت إلى أدلةٍ أخرى في العبادات غير أولهما :أنك قد احتج َ
ت في المقدمة، القرآن والحديث الشريف بخلف ما ذكر َ
مع أن النصوص الشرعية هي نصوص تشريعية سواء
تعلقت بالعبادات أو بالمعاملت أو بغيرها ،وبالتالي فهناك
حاجة إلى أصول الفقه دائماً.
وثانيهما :أنك تعل ِّل بعض أحكام العبادات بخلف القاعدة
َ
ن العبادات ل تعل ّل ،وكذلك الشرعية المعروفة القائلة إ َّ
ما ورد في كتاب المفاهيم من أنه قد وُجد بعد الستقراء
للحكام الشرعية أن العبادات والمطعومات والملبوسات
َ
ل تعل ّل فأرجو توضيح هذه المور.
( )23الجواب :هناك أدلة وهناك نصوص .أما الدلة فهي
الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والقياس ،وأما النصوص
خذ من فهي الكتاب والسنة فقط .وحيث أن العبادات تُؤ َ
حظ وجودُها في إجماع الصحابة ول القرآن والسنة ،ول يُل َ
تقاس على غيرها على العموم فقد قلت إن العبادة هنا،
وهي الصلة ،أخذتها من النصوص فقط .وهذا قول عام
ل إِجماِع الصحابة ول القياس كدليلين ل يُقصد منه إِبطا ُ
على الحكام .أما ما لحظتَه من وجود قياس في ثنايا
الكتاب فهو نادر ل يكاد يُذكَر ،وحتى في هذه الحالة فإ َّ
ن
َ
ط القياس أن يُبنى على عل ّةٍ موجودةٍ في النص شر َ
َّ
جدت فقط ،ونحن نتبنى أن العبادات ل تُعلل إل إن وُ ِ
ة في النص فتؤخذ ويقاس عليها ،وحيث أن العلل في العل ُ
العبادات نادرة فقد جاز لنا القول إن العبادات ل تعلل،
أما عند التفصيل فإننا نقول إن العبادات ل تعلل ول
َ
ة فعل ً في النص فيقاس جدت العل ُ يُلتَمس لها عل ّة إل إن وُ ِ
عليها ،وهي كما قلت نادرة .وعلى ضوء هذا البيان
ن ما جاء في المقدمة وما جاء في تستطيع أن تدرك أ َّ
ثنايا الكتاب ل يخالف المتبنى عندنا.
237
د ( )24السؤال :إذا دعا النسان في حالة غض ٍ
ب على أح ٍ
بسوء ثم أراد أن يتراجع عن دعائه بعد أن هدأ ،فماذا
يفعل ؟
( )24الجواب :يتوجب عليه أول ً أن يتوب إلى الله تعالى من
م وتعدٍّ على المدعو عليه ،ثم
ذلك الدعاء إن كان فيه ظل ٌ
خبِر المدعوَّ عليه بما حصل ليسامحهإن استطاع أن ي ُ ْ
فَعَل فذلك أبلغُ في التوبة ،إل إن غلب على ظنه أن
المدعوَّ عليه في حالة المكاشفة لن يسامح وربما غضب
عليه وخاصمه ،فعندها ل يفعل ،ويكتفي بالتوبة ،ثم يدعو
للمدعوِّ عليه بدعاء خيٍر عوضا ً عن ذلك الدعاء السيء.
238
الحسن ،فضل ً عن مرتبة الصحيح ،بدعم الحاديث
الضعيفة له ،وإنما يبقى ضعيفا ً ل يجوز الستدلل به.
239
( )28السؤال :هل نرى ربَّنا يوم القيامة وكيف ؟ وهل رؤية
ربنا يوم القيامة عقيدة ٌ يَكْفُر منكُرها ؟
( )28الجواب :نعم سنرى ربنا يوم القيامة ،وهذه الرؤية هي
ه إياها آنذاك .أما أفضل وأعظم النعم التي يَهَبُنا الل ُ
كيف ؟ فل يعلم ذلك أحد على التحديد ،وإنما سيَهَبُنا ربُّنا
قوةَ إبصارٍ نتمكن بها من رؤيته جل جلله ،وهذه هي
الدلة من الكتاب والسنة :
.1قال تعالى (ﭙ ﭚ ﭛ ﭝ ﭞ ﭟ) [اليتان 22و 23من
سورة القيامة] .فقوله تعالى (ﭛ ﭝ ﭞ ﭟ)أي ناظرة
إلى ربها.
.2عن أبي هريرة قال " قال أُناس يا رسول الله
م القيامة ؟ فقال :هل تُضاُّرون هل نرى ربنا يو َ
ب ؟ قالوا :ل يا في الشمس ليس دونها سحا ٌ
رسول الله ،قال :هل تُضاُّرون في القمر ليل َ
ة
ب ؟ قالوا :ل يا رسول الله، البدر ليس دونه سحا ٌ
قال :فإِنكم ترونه يوم القيامة كذلك " ...رواه
البخاري وأحمد ومسلم.
ة
.3عن جرير قال " خرج علينا رسول الله ليل َ
البدر فقال :إِنكم ستَروْن ربَّكم يوم القيامة كما
مون في رؤيته " رواه البخاري ترون هذا ل تضا ُّ
والترمذي.
.4عن أبي سعيد الخدري قال " قلنا يا رسول الله
هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال :هل تُضاُّرون في
حواً ؟ قلنا :ل، رؤية الشمس أو القمر إذا كانت ص ْ
قال :فإنكم ل تُضاُّرون في رؤيةِ ربِّكم يؤمئذٍ إل
كما تضاُّرون في رؤيتهما " رواه البخاري ومسلم
وأحمد والحاكم وأبو داود الطيالسي.
ب عن النبي قال " إذا دخل أه ُ
ل .5عن صهي ٍ
ة قال :يقول الله تبارك وتعالى :تريدون الجنةِ الجن َ
شيئاً أَزيدُكم ؟ فيقولون :ألم تُبيِّض وجوهَنا ألم
جنا من النار ؟ قال :فيكشف ة وتُن ِّ
تُدْخلنا الجن َ
240
ب فما أُعطوا شيئاً أَح َّ
ب إليهم من النظر الحجا َ
ل _ " رواه مسلم وأحمد َ إلى ربهم _ عَّز وج ّ
والترمذي والنَّسائي.
وقد أورد الحافظ ابن حجر في كتابه[ فتح الباري ] أحد
عشر حديثا ً عن الرؤية ،وقال (جمع الدَّاَرقُطني طُُرقَ
الحديث الواردة في رؤية الله تعالى في الخرة فزادت على
ن القيِّم في حادي الرواح فبلغت ثلثين، العشرين ،وتتبَّعها اب ُ
جياد ،وأسند الدَّاَرقُطني عن يحيى بن معين قال: وأكثرها ِ
ت إلى ح ] .وقد رجع ُ ً
شَر حديثا في الرؤيةِ صحا ٌ ة عَ َ سبْعَ َ
عندي َ
كتاب [ حادي الرواح ] لبن القيم ،فوجدته ذكر جميع
الحاديث في الرؤية ،وأسندها إلى الصحابة التين ،وهم :أبو
بكر الصديق وعلي ابن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وجابر
بن عبد الله وزيد بن ثابت وعائشة أم المؤمنين وسلمان
الفارسي وأبو هريرة وأُبي بن كعب وأبو سعيد الخدري وجرير
ابن عبد الله وصهيب الرومي وأبو موسى الشعري وأنس بن
مار بن ياسر وعبد الله بن عمر مالك وأبو أُمامة الباهلي وع َّ
جرةحذيفة بن اليمان وعبد الله بن عباس وكعب بن ع ُ ْ و ُ
وبُريدة بن الحصيب وع َدي بن حاتم الطائي وأبو َرزين
العُقَيلي وع ُمارة بن ُرويبة.
وهؤلء الصحابة هم في القمة في الفضل والعلم والمانة
في النقل يستحيل تواطؤهم على الكذب مما جعل الئمة
الربعة وإسحق بن راهُويه والوزاعي والليث بن سعد
وسفيان بن ع ُيينة وعبد الله بن المبارك والطبري ووكيع بن
الجراح وقتيبة بن سعيد والضحاك وعكرمة والحسن البصري
يقولون بتحقُّق الرؤية لله رب العالمين .قال ابن القيم في
ل القرآن والسنة كتابه [ حادي الرواح ] ما يلي (قد د َّ
المتواترة وإجماع الصحابة وأئمة السلم وأهل الحديث
ل الله على أ َّ
ن ة رسو ِ عصابة السلم ونزل اليمان وخاص ُ
ً
الله سبحانه وتعالى يُرى يوم القيامة بالبصار عيانا كما يُرى
س في الظهيرة.)... القمر ليلة البدر صحواً ،وكما تُرى الشم ُ
وقال ابن كثير في تفسيره لسورة القيامة ما يلي (وقد ثبتت
ل في الدار الخرة في الحاديث رؤية المؤمنين لله عَّز وج َّ
241
الصحاح من طرق متواترة عند أئمة الحديث ل يمكن دفعها
ع عليه بين الصحابة والتابعين م ٌج َ
م ْ
ول منعها ...وهذا بحمد الله ُ
وسلف هذه المة ،كما هو متفق عليه بين أئمة السلم وهُداة
النام) وقال القرطبي في تفسيره ما يلي ( -ناظرة – أي
ن الرؤية تنظر إلى ربها ،على هذا جمهور العلماء ) .وإذن فإ َّ
قد ثبتت بكتاب الله تعالى وثبتت بالحاديث المتواترة ،وثبتت
بإجماع الصحابة ،وأخذ بها جمهور العلماء ،وهذا أعلى درجات
ك فيها. ل لمسلم بعدئذ ٍ إنكاُرها ول التشكي ُ الثبات ،فل يح ُّ
ث الرؤية جميعُ رواةِ الحاديث وهم: وقد روى أحادي َ
َ
البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والن ّسائي والترمذي وابن
حبَّان وأبو ع َوانة خَزيمة وابن ِ ماجة والدَّارمي وابن ُ
والدَّاَرقُطني والطبراني والبيهقي وابن أبي شيبة والحاكم
والشافعي والطبري وأبو داود الطيالسي والخطيب البغدادي
وابن عساكر وعبد بن حميد وعبد الله بن أحمد.
ق رؤيةِ الله تعالى يوم ُ
ة المة على تحقّ ِ وقد اتفقت كلم ُ
القيامة ،نُقل ذلك عن جمهرة الصحابة والتابعين والفقهاء لم
يخالفهم إِل الخوارج وبعض المعتزلة والشيعة.
حدَثاًم ْ
جب كون المرئي ُ وقد تمسك هؤلء بأن الرؤية تُو ِ
وحال ّ في مكان ،وأوَّلوا كلمة (ناظرة) في قوله تعالى (ﭙ ﭚ ﭛ
ً
ﭝ ﭞ ﭟ)[سورة القيامة اليتان ]22،23 :بمنتظرة وتعلقوا
بقوله تعالى (ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) [من الية 103من سورة
النعام] وبقوله تعالى لنبيه موسى عليه السلم {لن تراني }
وردُّوا جميع الحاديث القائلة بالرؤية لمخالفتها لما فهموه من
اليات المذكورة.
فنجيب هؤلء بما يلي :
.1إن الحاديث القائلة بالرؤية بلغت حد َّ التواتر ،وأجمع
ة مما يجعل ردَّها حراما ً قد يصل إلى عليها الصحاب ُ
الكفر والعياذ بالله.
.2إن تأويلهـم قوله تعالى (ﭝ ﭞ ﭟ) [سـورة القيامـة اليـة:
ة: ]23بمنتظرة فاســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد ٌ لغ ً
ة برائيـــــة إل إن تعذَّر هذا سر لغ ً فأولً :ناظرة تُف ّـــــَ
المعنى فيُلجأ إلى التأويل ،وهنا لم يتعذَّر هذا المعنى
242
ة إلى إثباتــه بالحاديــث المتواترة التــي تفيــد إِضاف ً
العلم اليقيني.
وثانياً :إذا قلنا ناظرة بمعنى منتظرة فل يجوز أن يقال
ت
ت الشيءَ ول تقول انتظر ُ ن اللغة تقول نظر ُ [إلى] ل َّ
إلى الشيء .فكون الية ذكرت إلى ،فهو دليل على نفي
هذا المعنى تماماً.
وثالثاً :فإذا أضفنا الوجه إلى العبارة وقلنا الوجه ناظٌر
إلى الشيء ،بأن لنا المعنى المقصود وهو الرؤية
العينية ،وليس النتظار قطعاً.
ُ
.3أما تعل ّقُهم بقوله تعالى (ﭥ ﭦ ﭧ ) فالجواب عليه أن
نفي الدراك ل يستلزم نفي الرؤية ،وذلك أن الدراك
سر الدراك بالرؤية هنا فالدراك غير الرؤية ول يُف َّ
يعني الحاطة والعلم التام بالشيء ،في حين أن
الرؤية أقل من ذلك ،فبمجرد وقوع النظر على
الشيء تحصل رؤيته ول تحصل الحاطة به بالضرورة
فالله سبحانه ل يُدَرك ول يُحاط به قطعا ً ل في الدنيا
ول في الخرة لنه غير محدود ،ولكن رؤيته ممكنة
عقلً ،فضل ً عن إمكانها شرعاً .ولضرب مثال ً لتوضيح
الفارق بين الدراك والرؤية :فنحن نرى الكون ،نرى
أرضه وشمسه وقمره ونجومه ،ونعني بذلك أن
أبصارنا وقعت على هذه الفلك ،ولكننا مع حصول
هذه الرؤية ل نستطيع القول إننا ندرك الكون ،فهناك
ج نطاق أبصارنا ،وحتى الفلك التي نراها ك خار َ أفل ٌ
َ
ل ندركها كل ّها بمعنى ل نحيط علما ً بها كل ِّها ،رغم أن
الكون محدود ،فما بالكم بخالق الكون غير
المحدود ؟ إن رؤيته سبحانه ل تعني أننا ندركه
ونحيط به ،فالرؤية قاصرة والدراك شامل كامل.
.4أما تعلقهم بقوله تعالى لنبيه موسى عليه السلم
{لن تراني } فالجواب عليه أُلخصه بما يلي :إن هذا
ل حصل في الدنيا فهو متعلق بها ل يشمل هو قو ٌ
الخرة فالدنيا لها قوانين وخصائص مختلفة كليا ً عن
القوانين والخصائص في الخرة ،ومن اطلع على
243
أحوال الجنة والنار والناس في الخرة مما هو مذكور
في اليات والحاديث يدرك ذلك تماماً ،فموسى عليه
ب في الدنيا بما فيها من قوانين السلم وهو مخاط َ ٌ
وخصائص لن يرى الله سبحانه ويستحيل عليه أن
يراه ،وحتى الجبل لم يستطع أن يثبت أمام تجلَِي
ك دكَّا ً وصعق موسى .أما في الله سبحانه له ،فد َّ
ُ
تت وقُدُرا ٍ الدار الخرة فإن الله سيعطينا خاصيا ٍ
ت مغايِرة ً لما نحن عليه في الدنيا ،ومن ومواصفا ٍ
هذه القدرات أنه سبحانه سيمكِّنُنا من رؤيته ج َّ
ل
جلله ،وهذا غير مستبعَدٍ ،بل هو ثابت في كتاب الله
وسنة رسول الله عليه الصلة والسلم.
.5إن اليات قطعية الدللة كآية (ﭝ ﭞ ﭟ) والحاديث
المتواترة كأحاديث إثبات الرؤية يجب العتقاد بما
من يُنكره تتضمنه وتقوله ويحرم إن لم نقل يكفر َ
ويجحده أو حتى يؤوله ذلك أن التأويل يكون في
اليات والحاديث المشتبهات ،وليس في اليات
والحاديث قطيعة الدللة كأحاديثنا هذه ،ويكفي
لثبات أن الحاديث هذه تنفي الشتباه هو قولها "هل
تضاُّرون " "إنكم سترون ربكم يوم القيامة
كماترون هذا" "فيكشف الحجاب فما أُعطوا شيئاً
ب إليهم من النظر إلى ربهم " فكل هذه أح َّ
العبارات تتضمن أمرا ً واحدا ً هو إثبات الرؤية ونفي
الشتباه ولذلك ل مكان ول مجال هنا للتأويل
ض والر ّدُ
سف في التفسير ،فالتأويل مرفو ٌ والتع ُّ
مردودٌ ،فلم يبق إل الخذ والقبول بما تتضمنه اليات
والحاديث الناطقة بالرؤية ،فليحذر المسلم من عدم
العتقاد بحصول الرؤية لله يوم القيامة ،وأخشى إن
ر على الرفض أن يشمله قوله سبحانه (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ هو أص َّ
ﮈ ﮉ) [الية 15من سورة المطففين] عافانا الله من
ذلك.
244
َ
خة فيها شي ٌ ( )29السؤال :في حلقة تلفزيونية تول ّى الجاب َ
صصت للكلم عن الحرية في السلم، خ ِّ
م مشهوٌرُ ، م ٌمع َّ
ل هذا الشيخ عن حكم الردة في السلم، سأل فيها سائ ٌ
وهل هذا الحكم يتناقض مع القول إِن السلم يقول
بالحرية الفكرية ؟ فكان جواب الشيخ :إن المرتد إذا بقي
على رِدَّته ولم يَدْع ُ الناس إليها ولم ينشرها بين
المسلمين فل يجوز قتله ،ول ينطبق عليه قول الحديث
"من بدَّل دينه فاقتلوه " وإنما المرتد الذي يُقتل هو
مها
الذي يخرج على الدولة المسلمة بردته ويحارب نظا َ
ويعلن عداوته لها ،وهذا حق مكفول لكل دول العالم
وأمم الرض .فماذا ترون في هذه الفُتيا ؟
ص لله ( )29الجواب :هذا جواب خطير ل ينبغي لمسلم ٍ مخل ٍ
ولرسوله ،وعالم ٍ بأدنى علوم الشريعة أن يقوله ويفتي
ل مرتد، به ،فالحديث جاء بلفظ عام فيبقى عاما ً يشمل ك َّ
سواء نشر رِدته ودعا إليها أو احتفظ بها لنفسه ،فهما في
ردة سواء ،وفي وجوب القتل سواء ،والتخصيص ال ّ ِ
والتقييد ل يكون إل بالشرع وليس بالعقل أو بالهوى
إرضاءً للحكام ومجاراة ً لفكار الكفر.
س العبودية ،وتعني إن الحرية في السلم هي عك َ
تحرير العبيد ،وتحرير المسلمين من هيمنة الكفار عليهم،
وما سوى ذلك فليس في السلم حريات ،وإنما المسلم
اختيار
ٍ مقيَّد ٌ بأحكام الشرع وبأفكاره ،وليست له حرية ُ
فيها.
( )31السؤال :يعمد ُ أحدهم عند شراء سيارة مثل ً إلى ذبح
شاة على مقدِّمة السيارة بحيث تتطلخ السيارة بدم
الشاة ،فهل هذا جائز ومشروع ؟
ح بمناسبة شراء سيارة فيجوز ،وأما ( )31الجواب :أما الذب ُ
تلطيخ السيارة بدم الذبيحة فهذا من فِعل الجاهلية ،أشار
ب} ص ِإلى ذلك القرآن الكريم بقوله {وما ذ ُبح على الن ُّ ُ
ن أهل الجاهلية كانوا من الية 3من سورة المائدة ذلك أ َّ
صب والصنام بحيث تتلطخ هذه يذبحون الذبائح على الن ُّ ُ
صب والصنام بدمائها ،فل ينبغي لنا أن نتشبه بفعالهم. الن ُّ ُ
ل دين كما هو حاصل في ( )32السؤال :هل في السلم رجا ُ
الديانتين اليهودية والنصرانية ؟
ن بالمعنى الموجود ل دي ٍ( )32الجواب :ليس في السلم رجا ُ
في الديانتين اليهودية والنصرانية ،وإنما كل مسلم مأمور
بحمل دعوة السلم ونشره وحراسته واللتزام بأحكامه،
ل ما في المر أن هناك علماءَ وفقهاءَ في السلم ك ُّ
لتعليم الناس السلم دون أن تكون لهم صلحيات دينية
كتلك التي يملكها رجال الدين اليهودي والنصراني من
مثل قبول توبة التائبين ،ومنح صكوك الغفران ،وتعميد
التباع والتشريع وما إلى ذلك ثم إنه ليس في السلم
لباس خاص بالعلماء والفقهاء يتميزون به عن سائر
246
المسلمين ،كما هو حاصل في الديانتين ،فعندما كان
العرابي يصل إل المدينة لملقاة رسول الله وهو
جالس بين أًصحابه ،كان يسأل الموجودين :أيكم محمد ؟
فيقال له هذا هو ،مما يدل على أنه لم يكن يتميز عن
غيره بلباس أو شارات ،وإنما كان يلبس كما يلبس سائر
الناس.
ولهذا فإن دولة الخلفة ستمنع أيَّ لباس يُشعر بوجود
مشعرتين س العِمامة والجبة ال ُ رجال دين ،فستمنع لبا َ
ة
ة والجب َبوجود رجال دين ،إل أن يلبس كل مسلم العمام َ
فل محذور عندئذٍ ،فالمهم هو أن ل يتميز العلماء والفقهاء
بأي لباس ول بأية علمة وشارة تُشعر باختلفهم عن
سائر المسلمين .أما ما نراه من لباس يرتديه خريجو
الزهر ،أو علماء الشيعة ،فسيُمنع في دولة الخلفة ،ول
يُؤذن لهؤلء العلماء والفقهاء أن ينوبوا عن ربهم في
قبول التوبة من التائب ،أو إقرار الزواج دون غيرهم ،أو
تشريع الحكام ليلتزم بها سائر المسلمين ،فهم مسلمون
عاديون في الصلحيات واللتزامات والواجبات ،ل يزيدون
صلونه من علم يصبحون به علماء ح ِّعن غيرهم إل بما ي ُ َ
وفقهاء فحسب.
ت توزيِع أسطوانات الغاز ض سيارا ِ ( )33السؤال :تقوم بع ُ
جل على أشرطة القرآن الكريم بشكل عندنا بفتح المس ِّ
ن عن مرور هذه السيارات بدل ً من إِطلق ل كإعل ٍ متواص ٍ
صوت المزمار الذي تستعمله معظم سيارات توزيع
الغاز ،فهل هذا الفعل مشروع وجائز ؟
شرع ن استعمال القرآن الكريم في غير ما ُ ( )33الجواب :إ َّ
ن استعمالَه عبادةُ ،والعبادة ُ تحتاج إلى دلي ٍ
ل له ل يجوز ،ل َّ
ل يجيز استعمال لثباتها ،وفي مسألتنا هذه ل يوجد دلي ٌ
ت توزيِع الغاز، ن لمرورِ سيارا ِ القرآن الكريم كوسيلةِ إعل ٍ
ن في هذا الستعمال َ فل يجوز هذا الفعل ل سيما وأ ّ
ف عن هذا الفعل شيئا ً من المتهان له ،فالواجب التوق ُ
شرع له فقط. ن الكريم على ما ُ ل القرآ ِ وقصُر استعما ِ
247
ت( )34السؤال :توجد في البيوت والمكاتب وغيرها رسوما ٌ
ل يجلسون ت القهوة والسفن الشراعية وأطفا ٍ ة كدل ِ يدوي ٌ
ة بأسماء الله في وضعية الصلة والدعاء مرسوم ٌ
م أسماء الحسنى فقط دون ما سواها ،فهل يجوز استخدا ُ
ت؟ الله الحسنى في هذه الرسوما ِ
( )34الجواب :ل يجوز استخدام أسماء الله الحسنى في هذه
ة
الرسومات وأمثالها ،فليست أسماءُ الله الحسنى ماد ً
ل من أن يستعملها ب بها الَرسامون وغيرهم وهي أج ُّ يتلع ُ
ّ
فهؤلء في رسوماتهم ،فالواجب على الَّرسامين التوق ُ
ة استعمالها في رسم فورا ً عن هذا الفعل المشين ،وخاص ً
ل ذي روٍح ،فهو حرام بالسماء الحسنى ل وك ِّ الطفا ِ
س رضي الله وبغيرها لما روى مسلم من طريق ابن عبا ٍ
ل مصوِّ ٍر في النار يُجعَ ُ
ل ن رسول الله قال " ك ُّ عنهما أ َّ
ذّبه في جهنم ،وقال: س فتُع ِة صوَّرها نف ٌ
ل صور ٍ له بك ِّ
دَ فاعلً فاصنع الشجر وما ل نفس له " إن كنت ل ب ّ
ت إتلفُها فوراُ كما يجب على من يقتنون هذه الرسوما ِ
ة
ة ولها مهاب ٌ وإل أثموا ،فأسماء الله الحسنى لها قدسي ٌ
مها كموا َّد ومكانٌة في نفوس المسلمين فل يح ُّ
ل استخدا ُ
ت في الرسم وغيره. وأدوا ٍ
248
به ول اقتناؤ ُه ،والواجب على من عنده شيء منها أن
يقوم بالتخلص منه فورا ً
253
الفهـــرس
254