You are on page 1of 254

‫مسائل فقهية مختارة‬

‫‪1‬‬
‫الطبعة الولى ‪2007‬‬
‫الطبعة الثانية ‪2007‬‬

‫‪2‬‬
‫مسائل فقهية‬
‫مختارة‬
‫لبي إياس محمود بن عبد اللطيف بن محمود‬
‫( عويضة )‬

‫الطبعة الثانية ‪2008‬‬

‫مزيدة ومنقحة‬

‫‪3‬‬
‫هذا الكتاب يوزع مجانا ً ول حقوق محفوظة‬
‫لصاحبه فيصح لي شخص أن يطبعه طبعة‬
‫جديدة‪ ،‬ويقوم بنشره وتسويقه وبيعه متى‬
‫شاء‪ ،‬بشرط أن يطبعه كما هو دون أي تغيير‬
‫مطلقا ً فل يزيد عليه كلمة‪ ،‬ول يحـذف منـه‬
‫كلمـة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫مقدِّمـة‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬الرحمن الرحيم‪ ،‬مالك يوم‬
‫الدين‪ ،‬والصلة والسلم على رسول الله محمد بن عبد الله‬
‫المبعوث رحمة للعالمين‪ ،‬صلى الله عليه وعلى آله الكرمين‪،‬‬
‫وعلى أصحابه السابقين‪ ،‬وسل ِّم تسليما ً كثيراً‪.‬‬
‫أما بعد‪ ،‬فهذا كتاب في الفقه سميته [ مسائل فقهية‬
‫ة على‬ ‫مختارة ] حوى ثلثَمائةٍ وإحدى وعشرين مسأل ً‬
‫ة فقهي ً‬
‫شكل أسئلة وأجوبة في الطهارة والصلة والصيام والحج‬
‫حكْم والجهاد‬ ‫والعمرة والزكاة والقتصاد والجتماع وال ُ‬
‫م كبير منها في‬ ‫ت شتَّى‪ ،‬نُشر قس ٌ‬ ‫ت في موضوعا ٍ‬ ‫ومنوَّعا ٍ‬
‫وسائل العلم من مجلت ثقافية وشبكة النترنت‪ ،‬وقد‬
‫وصلتني السئلة عن طريق النترنت والمراسلت العادية من‬
‫أقطار شتى‪ ،‬على مدى العوام من ‪1414‬هـ الموافق للعام‬
‫الميلدي ‪ 1993‬إلى هذا العام ‪1428‬هـ الموافق للعام الميلدي‬
‫‪2007‬هـ‪.‬‬
‫وقد رأيت أن أجمع هذه السئلة والجوبة في كتاب لتعم‬
‫الفائدة‪ ،‬وليسهل الرجوعُ إليها عند الحاجة‪ ،‬وقد قمت بتهذيب‬
‫ة‬
‫السئلة والجوبة وإجرا ِء تعديلت عليها رأيت أنها لزم ً‬
‫ب لغوي‪ ،‬أو توضيٍح في العبارة‪ ،‬أو‬ ‫لنشرها في كتاب‪ ،‬كتصوي ٍ‬
‫ت عدداً‬ ‫ف لمكَّررٍ دون أن يختل المعنى أو يتغير‪ ،‬وأسقط ُ‬ ‫حذ ٍ‬
‫ً‬
‫من المسائل كليا أو جزئيا لمقتضيات عدةٍ‪ ،‬فخرج الكتاب‬‫ً‬
‫َ‬
‫بحل ّةٍ مناسبةٍ صالحةٍ للنشر والتوزيع‪ .‬وقد أوجزت في مسائل‬
‫الطهارة والصلة والصيام‪ ،‬مكتفيا ً بإحالةِ من أراد التفصيل‬
‫ي [ الجامع لحكام الصلة ]‬ ‫إلى البحاث المدونة في كتاب َّ‬
‫ت في معظم المسائل‬ ‫[ والجامع لحكام الصيام ]‪ ،‬وأطل ُ‬
‫ت بين موضوٍع وآخر‪ ،‬دون أن تصل البحاث‬ ‫الخرى على تفاو ٍ‬
‫إلى منتهاها من التفصيل‪.‬‬
‫وأقف قليل ً عند اسم الكتاب [ مسائل فقهية مختارة ]‬
‫لُ‬‫فأقول ما يلي‪ :‬المسألة عند أهل اللغة وعند الفقهاء هي ك ّ‬
‫ن‪ ،‬هذا هو معنى المسألة في كتب اللغة‬ ‫ما يُسأل عنه النسا ُ‬
‫‪5‬‬
‫وكتب الفقه‪ ،‬أما في كتب أصول الفقه فنجد للمسألة تعاريف‬
‫ة‬
‫ل أو مجموع ِ‬ ‫ف التي ( ك ُّ‬ ‫مختلفة‪ ،‬فمثل ً نجد فيها التعري َ‬
‫ل فع ٍ‬
‫ل ل يتوقف غيُرها في صحته عليها ) وقد اعتمدت‬ ‫أفعا ٍ‬
‫التعريف اللغوي والفقهي في هذا الكتاب لنه كتاب فقه‪،‬‬
‫وليس كتاب أصول فقه‪ ،‬فلينتبه القراء لهذه النقطة‪.‬‬
‫َ‬
‫ة لنبياء الله ورسله فقط‪،‬‬ ‫وكل إنسان خط ّاءٌ‪ ،‬والعصم ُ‬
‫وليست لي شخص آخر مهما علت منزلته‪ ،‬فقد وجبت‬
‫ُ‬
‫العصمة لهؤلء حتى ل يتطرق الخلل إلى الشرائع التي أمروا‬
‫بتبليغها‪ ،‬أما من سواهم من الناس فيؤ ُخذ منهم ويُتَرك ل فرق‬
‫ة‬
‫بين الصحابةِ والتابعين والئمة والفقهاء ‪ ,‬وهذا الكتاب عرض ٌ‬
‫للخطأ‪ ،‬فأرجو من القراء الكرام أن ينبهوني إلى أي خطأ‬
‫فقهي أو لغوي أو مطبعي يجدونه في هذه المسائل حتى‬
‫سرها الله تعالى لي‪.‬‬ ‫أقوم بتصويبه في طبعات قادمة إن ي َّ‬
‫سك‪ ،‬أو‬ ‫ت به نف َ‬ ‫مي َ‬ ‫اللهم إني أسالك بكل اسم ٍ هو لك س َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت به‬ ‫قك‪ ،‬أو أنزلتَه في كتابِك‪ ،‬أو استأثر َ‬ ‫عل ّمتَه أحدا ً من خل ِ‬
‫ل مني هذا الكتاب وأن تجعله‬ ‫ب عندك أن تتقب َ‬ ‫في علم الغي ِ‬
‫في ميزان حسناتي يوم العرض عليك‪ ،‬وأن تضع له القبول‬
‫ب‬‫ب مجي ُ‬ ‫في الرض والرضا من الناس‪ ،‬إِنك سميعٌ قري ٌ‬
‫الدعاء‪ ،‬آمـين‪.‬‬
‫الجمعة في ‪ 29‬من جمادى الولى ‪ 1428‬هـ‬
‫‪ 15‬من حزيران ( يونيو ) ‪ 2007‬م‬

‫‪6‬‬
‫البــــاب الول‬
‫الطهـــارة‬
‫(‪ )1‬السؤال‪ :‬هل يجوز استعمال الماء المستعمل في الوضوء‬
‫للوضوء به ؟ بمعنى أن الماء الذي ينزل بعد غسل الوجه‬
‫مثل ً إذا سقطت بعض قطرات هذا الماء في يديَّ‬
‫المملوءتين بالماء لغسل الوجه ثاني مرة‪ ،‬هل يجوز‬
‫ملً‪ ،‬وكذلك‬ ‫تغييره أم ل ؟ وهل يُعد ُّ الماء الجديد مستع َ‬
‫بالنسبة لباقي العضاء ؟‬
‫(‪ )1‬الجواب‪ :‬يجوز استعمال الماء المستعمل في الوضوء‬
‫للتوضؤ به‪ ،‬ولهذا فإن الماء الذي ينزل بعد غسل الوجه مثلً‬
‫إذا سقطت بعض قطراته في اليدين المملوءتين بالماء‬
‫لغسل الوجه مرة ثانية ل يجب تغييره‪ ،‬ول يُعد ُّ الماء الجديد‬
‫غيَر صالح للستعمال في الوضوء‪ ،‬بل إن الماء المستعمل‬
‫مع في وعاء لجاز استعماله مرة ثانية في‬ ‫في الوضوء لو تج َّ‬
‫الغسل وفي الوضوء وفي إزالة النجاسة‪.‬‬

‫(‪ )2‬السؤال‪ :‬عند وضع الماء على الوجه فإنه ل يشمل كل‬
‫الوجه‪ ،‬فهل يجوز أن آخذ باقي الماء الذي على وجهي‬
‫وأكمل به غسل وجهي من عند الذنين وتحت الذقن‬
‫ل الوجه‪ ،‬بعد وضع‬ ‫(بطريقة مسح الوجه ليشمل الماءُ ك َّ‬
‫الماء عليه أول مرة) يعني غسله بالماء‪ ،‬ثم مسحه ليصل‬
‫الماء إلى ما لم يصل إليه من أول مرة‪ ،‬لني أغسل‬
‫وجهي أكثر من ثلث مرات‪ ،‬مع اعتقادي بخطأ ذلك‪،‬‬
‫ولكن ليصل الماء إلى كل وجهي ؟‬
‫(‪ )2‬الجواب‪ :‬أولً‪ :‬ل يجوز غسل الوجه في الوضوء أكثر من‬
‫ثلث مرات‪ ،‬فهذا حرام يجب المتناع عنه‪.‬‬
‫ك بالماء وتضربي به الوجه‪ ،‬ثم‬ ‫ك أن تملئي كفَّي ِ‬
‫ثانياً‪ :‬يكفي ِ‬
‫تقومي بإِمرار اليدين على سائر الوجه ليكتمل غسل‬

‫‪7‬‬
‫الوجه كل ِّه‪ ،‬دون حاجة لخذ ماء جديد لغسل ما لم يُغسل‬
‫من الضربة الول‪ ،‬فهذا يكفي‪.‬‬

‫(‪ )3‬السؤال‪ :‬بالنسبة لستعمال الصابون ( لوكس‪ ،‬كامي‪ ،‬أو‬


‫أي نوع آخر ) فإنه يترك طبقة بيضاء خفيفة جدا ً على‬
‫الظافر بعده‪ ،‬سواءً في غسل اليدين أو في الستحمام‪،‬‬
‫فهل تجب إزالة هذه الطبقة قبل الوضوء ؟ مع العلم أن‬
‫هذه الطبقة ل تغطي الظافر ول تخفيها ؟‬
‫َ‬
‫(‪ )3‬الجواب‪ :‬إذا خل ّف الصابون طبقة بيضاء خفيفة جدا ً على‬
‫الظافر‪ ،‬أو بين الصابع فل تجب إزالتها قبل الوضوء ول‬
‫في أثناء الوضوء‪ ،‬لن هذه الطبقة الخفيفة ل تؤثر في‬
‫ت إليها‪ ،‬فالطبقة التي تؤثر في الوضوء‬ ‫الوضوء‪ ،‬ول يُلتفَ ُ‬
‫هي التي تمنع وصول الماء إلى الجلد أو الظافر‬
‫كالمناكير‪ ،‬فهذه المناكير تجب إزالتها قبل الوضوء‪ ،‬أما‬
‫طبقة الصابون فل تمنع وصول الماء إلى الجلد أو‬
‫الظافر فل تجب إزالتها‪.‬‬

‫(‪ )4‬السؤال‪ :‬أرجو التفريق بين الِفرازات المهبلية وبين‬


‫المذي والمني والودي أو القذي‪ ،‬وأيها ينقض الوضوء‬
‫وأيها ل ينقض‪ ،‬وأيها نجس وأيها طاهر ؟‬
‫(‪ )4‬الجواب‪ :‬المني‪ :‬هو السائل الذي يخرج من القُبُل عند‬
‫ذروة الشهوة‪ ،‬فهذا السائل طاهر في نفسه‪ ،‬ولكن‬
‫خروجه يوجب الغسل من الجنابة‪ ،‬بمعنى أنه لو أصاب‬
‫الجسم أو الملبس شيءٌ منه فل تجب إزالته لنه ليس‬
‫نجساً‪ ،‬وإنما يُزال من باب النظافة فقط‪ ،‬ولكن يجب‬
‫الغتسال عند خروجه‪.‬‬

‫المذي‪ :‬هو السائل الذي يخرج من القُبُل عند وجود شيء‬


‫من الشهوة‪ ،‬وهو ل يخرج دفقا ً كالمني‪ ،‬وإنما يخرج على‬
‫ل بسيط لزج على فتحة القُبُل‪ ،‬فهذا السائل‬ ‫شكل بل ٍ‬

‫‪8‬‬
‫نجس تجب إزالته عن القُبُل وعن الملبس‪ ،‬وخروجه من‬
‫القُبُل ينقض الوضوء فقط‪ ،‬ول يوجب الغسل كالمني‪.‬‬
‫الودي‪ :‬هو سائل يَقْطُر من القُبُل عُقَيب البول مختلطا ً به‪،‬‬
‫فهذا السائل نجس تجب إزالته عن القُبُل وعن الملبس‪،‬‬
‫وخروجه ينقض الوضوء تماما ً كالمذي‪.‬‬
‫أما رطوبة فرج المرأة‪ :‬فهي الرطوبة أو البلل الموجود‬
‫داخل الفرج‪ ،‬فهذه الرطوبة طاهرة غير نجسة‪ ،‬فل تنقض‬
‫جس الملبس‪ ،‬وبالتالي ل ضرورة لغسلها‬ ‫الوضوء‪ ،‬ول تُن َ ِّ‬
‫شحت إلى خارجه‪ ،‬إل من‬ ‫َ‬ ‫سواء كانت داخل الفرج أو تر ّ‬
‫باب النظافة فقط‪.‬‬

‫ت أن القيء ينقض الوضوء‪ ،‬فما هو الحد‬ ‫السؤال‪ :‬علم ُ‬ ‫(‪)5‬‬


‫الدنى مما يخرج من النسان ويُعتبر قيئا ً ؟ بمعنى هل‬
‫القيء هو ما يخرج من المعدة من طعام عن طريق‬
‫المريء حتى لو كانت الكمية قليلة جدا ً وخرجت نتيجة‬
‫شرب من مدة قصيرة‪،‬‬ ‫شؤ‪ ،‬أو كانت ماءً فقط قد ُ‬‫التج ُّ‬
‫وخرج نتيجة الوقوف بوضع الركوع‪ ،‬أو حتى لو كانت‬
‫الكمية قليلة جدا ً بحيث ل تتجاوز نهاية اللسان عند‬
‫خروجها فهل هذه الكميات الصغيرة تُعد ُّ قيئا ً ؟ أم‬
‫ج الطعام من الفم حتى يعتبر قيئا ً ؟‬ ‫يُشترط خرو ُ‬
‫الجواب‪ :‬القيء والقَلَس كلهما ينقض الوضوء‪ ،‬والفرق‬ ‫(‪)5‬‬
‫بينهما هو أن القلس هو ما يخرج من المعدة ملءَ الفم‬
‫أو دونَه‪ ،‬أما القيء فهو ما يخرج أكثر من ذلك‪ ،‬وكلهما‬
‫ينقض الوضوء‪ ،‬أما إن خرج شيء قليل من ماء ل يتجاوز‬
‫النقطة والنقطتين‪ ،‬فل ينقض الوضوء ويُعفى عنه‪.‬‬
‫السؤال‪ :‬بالنسبة للمستحاضة‪ ،‬هل يجب عليها غسل الدم‬ ‫(‪)6‬‬
‫عنها إذا كانت متوضئة وأحدثت بخروج الريح حتى‬
‫تستطيع أن تتوضأ مرة ثانية للغرض نفسه الذي كانت‬
‫متوضئة لتصل ِّيه قبل انتقاض وضوئها ؟‬
‫الجواب‪ :‬المستحاضة تتوضأ لكل صلة ول ينتقض‬ ‫(‪)6‬‬
‫ة أو‬
‫وضوؤ ُها بخروج الدم منها مهما كانت كميته قليل ً‬

‫‪9‬‬
‫كثيرةً‪ ،‬وهذا يعني أن الله سبحانه ل يطلب منها غسل‬
‫الدم ما دامت على وضوء‪ ،‬فإن انتقض وضوؤها بخروج‬
‫الريح أو التبوُّل مثلً‪ ،‬وأرادت أن تتوضأ استأنفت غسل‬
‫َ‬
‫الدم‪ ،‬ثم صل ّت بهذا الوضوء ولو استمر نزول الدم‪،‬‬
‫فنزول دم المستحاضة ل ينقض الوضوء في وقت الصلة‬
‫الواحدة‪.‬‬

‫(‪ )7‬السؤال‪ :‬هل يجب على المرأة أن تتفقد نفسها إن كان‬


‫خرج منها شيء أم ل بعد أن تتوضأ‪ ،‬أم أن التفقد غير‬
‫واجب عليها ؟‬
‫(‪ )7‬الجواب‪ :‬إن تيقنت المرأةُ من خروج المذي أو الودي من‬
‫فرجها قامت بغسله وأعادت الوضوء‪ ،‬أما السائل‬
‫شح من رطوبة الفرج فل يضر‪ ،‬وتبقى على وضوئها‬ ‫المتر ّ ِ‬
‫ول يجب عليها التفقُّد ُ كلما أرادت الصلة‪ ،‬فالتفقُّد ُ غير‬
‫واجب عليها‪.‬‬

‫(‪ )8‬السؤال‪ :‬عند وضع المكياج على الوجه ثم مسحه‪ ،‬هل‬


‫ل أثر له مهما كان مقداره؟ مثل أن‬ ‫يجب أن يُزال ك ُّ‬
‫يكون لون الشفاه ما زال أحمر أكثر من اللون الطبيعي‬
‫مع عدم خروج شيء منه على المنديل عند مسح الشفاه‬
‫به وكذلك بودرة الخدود يزول أثرها عند مسح الخدود‬
‫بالمنديل بعد تنظيفها بمزيل المكياج‪ ،‬ولكن يظل لون‬
‫الخد أحمر قليلً‪ ،‬مع العلم أن الطبقة تكون قد زالت‬
‫والماء يصل إلى الجلد ؟‬
‫وعلمت من أحد الشيوخ المجازين بالفتاء أنه يجوز‬
‫استعمال الكريم على الجلد حتى لو كان دهنيا ً والوضوء‬
‫ة فوق الجلد‬ ‫كّل طبق ً‬
‫دون غسله عن اليد‪ ،‬ما دام لم يُش ِ‬
‫تحجز الماء عنه‪ ،‬فهل يجوز لي قياس هذا على ما سبق‬
‫من مكياج الوجه إذا زالت الطبقة وبقي الثر ؟‬
‫(‪ )8‬الجواب‪ :‬العبرة هي بكون الطبقة تمنع وصول الماء إلى‬
‫الجلد أو ل تمنع‪ ،‬فإن كانت الطبقة تمنع وصول الماء إلى‬
‫الجلد فإِن الوضوء ل يصح عندئذٍ إل بعد إزالتها‪ ،‬أما إن‬
‫‪10‬‬
‫كانت الطبقة ل تمنع‪ ،‬فالوضوء صحيح مع وجودها‪،‬‬
‫والمكياج كأحمر الشفاه والبودرة على الوجه يكفي في‬
‫إزالتهما المسح بورق أو بمنديل مسحا ً خفيفاً‪ ،‬ثم الوضوء‬
‫دونما حاجة لزالة الثر‪ ،‬لن الكمية المتبقية ل تمنع‬
‫وصول الماء إلى الجلد‪.‬‬
‫وكلم أحد الشيوخ المجازين بالفتاء حول استعمال‬
‫س هذا على ما‬‫الكريم هو كلم صحيح‪ ،‬فيجوز لك قيا ُ‬
‫سبق من مكياج الوجه والشفتين إذا زالت الطبقة وبقي‬
‫ة ل تحتاج حتى إلى‬ ‫الثر أو اللون‪ ،‬بل إن البودرة خاص ً‬
‫المسح بالورق‪ ،‬لنها ل تشكل طبقة عازلة على الجلد‪،‬‬
‫أما مكياج الشفتين فيحتاج إلى المسح‪ ،‬ثم يكون الوضوء‬
‫بعد ذلك‪.‬‬

‫ل المصنوع ُ من حجارة مطحونة‪ ،‬وليس‬ ‫(‪ )9‬السؤال‪ :‬هل الكُح ُ‬


‫كحل القلم‪ ،‬يجوز لي أن أتوضأ أو أن أغتسل مع‬
‫وجوده‪ ،‬دونما حاجة لغسله من العين‪ ،‬علما ً بأن الكثير‬
‫منه ينزل مع الماء‪ ،‬ولكن يبقى أثره في العين ؟‬
‫(‪ )9‬الجواب‪ :‬يجوز الغسل والوضوء دونما حاجةٍ لغسل الكُحل‬
‫من العيون‪ ،‬لن الكحل المصنوع من حجارة مطحونة ل‬
‫كّل طبقة عازلة على الجلد‪.‬‬
‫يش ِ‬

‫(‪ )10‬السؤال‪ :‬هل يجوز استعمال العطور التي يدخل في‬


‫تركيبها الكحول‪ ،‬مثل العطور الفرنسية وغيرها ؟ بمعنى‬
‫ت بها ثم أردت الوضوء بعد مدة‪ ،‬فهل‬‫أنني إن تعطر ُ‬
‫ي أن أغتسل حتى تزول مني رائحة العطر قبل‬ ‫يجب عل َّ‬
‫الوقوف للصلة في منزلي أم يجوز لي أن أتوضأ مع بقاء‬
‫صل ِّي والعطر على بدني ؟‬ ‫ُ‬
‫رائحة العطر على الجسم‪ ،‬فأ َ‬
‫وهل الكحول نجسة نجاسة مادية أم معنوية ؟‬
‫(‪ )10‬الجواب‪ :‬الكحول المسكرة نجسة نجاسة حسية مادية‬
‫على الرأي الصح لنها تأخذ حكم الخمرة‪ ،‬والخمرةُ‬
‫نجسة‪ ،‬لهذا ل يجوز التعطر بالعطور الفرنسية ول بغيرها‬

‫‪11‬‬
‫ت‬‫ت بها أثم ِ‬
‫المحتوية على الكحول المسكرة‪ ،‬فإن تعطر ِ‬
‫ت الصلة‬ ‫لن استعمال النجس حرام شرعا ً وإن أرد ِ‬
‫ل النجاسات‪،‬‬ ‫ل هذه العطور تماما ً كغُ ْ‬
‫س ِ‬ ‫فيجب عليك غ ُ ْ‬
‫س ُ‬
‫ويكفي في ذلك أن تغسلي الموضع بالماء والصابون مرة‬
‫واحدة‪.‬‬

‫ة على الملبس‪ ،‬ومنها تسَّربت‬ ‫(‪ )11‬السؤال‪ :‬إذا وقعت نجاس ٌ‬


‫َ‬
‫للبدن كبول الطفل الصغير أو غائطه‪ ،‬وجفّت هذه‬
‫النجاسة على الملبس والبدن وأراد النسان الوضوء‪،‬‬
‫فهل يجب عليه غسل البدن في المكان الذي أصابته‬
‫النجاسة ثم جفَّت عليه ؟ وإذا وقعت على الملبس وشك‬
‫بوصولها إلى البدن‪ ،‬فهل يجب عليه غسل البدن في‬
‫المكان المشكوك فيه ؟‬
‫(‪ )11‬الجواب‪ :‬نعم يجب غسل الثوب أو الجزء من البدن‬
‫الذي أصابته النجاسة ولو بعد جفافها‪ ،‬ولو كانت مما ل‬
‫يخل ِّف لونا ً على الثوب أو البدن‪ ،‬وهذا كله إن تحقق‬
‫الشخص أو تيقَّن من وصول النجاسة إلى ثوبه أو بدنه‪،‬‬
‫أما إن شك بوصول النجاسة إلى ثوبه أو إلى بدنه‪ ،‬فل‬
‫يجب عليه غسلهما‪ ،‬ولكن ودفعا ً للوسوسة‪ ،‬ل بـأس بأن‬
‫يغسل ما شك بوصول النجاسة إليه‪.‬‬
‫(‪ )12‬السؤال‪ :‬هل الماء الذي تُغسل به الملبس النجسة‬
‫كملبس الطفال التي أصابها البول أو الغائط أو الدم‪،‬‬
‫م الم‬‫هل هذا الماء يعتبر نجسا ً ؟ وهل إذا لمس جس َ‬
‫منه شي ٌء وجب تطهيره قبل الصلة ؟‬
‫(‪ )12‬الجواب‪ :‬نعم‪ ،‬فالماء الذي تُزال به النجاسة نجس‪،‬‬
‫سواء أزال نجاسة البدن‪ ،‬أو نجاسة الثوب‪ ،‬وإذا أصاب‬
‫جسه فوجب تطهيره‪ ،‬إل أن يكون نقطة‬ ‫ن ن َّ‬
‫هذا الماء البد َ‬
‫أو نقطتين‪ ،‬فل بأس ويُعفى عن اليسير‪.‬‬

‫(‪ )13‬السؤال‪ :‬هل الماء الذي تُنقَع فيه الملبس النجسة ماءٌ‬
‫نجس إذا كانت كميته قليلة‪ ،‬فقط تغطي الملبس حتى‬
‫يكون النقع مركزا ً ؟‬

‫‪12‬‬
‫س‪ ،‬سواء كان كثيرا ً أو قليلً‪.‬‬
‫(‪ )13‬الجواب‪ :‬نعم هو ماءٌ نج ٌ‬
‫ملحظة‪ :‬لتطهير الثياب النجسة ل بد من إمرار الماء‬
‫عليها حتى ينزل الماء من الثياب ل يحمل النجاسة‪،‬‬
‫وعندها فقط تصبح الثياب طاهرة‪ ،‬أما ما دام الماء ينزل‬
‫من الثياب وهو يحمل من النجاسة شيئاً‪ ،‬فإن الثياب‬
‫تبقى نجسة‪ .‬هذه هي القاعدة العامة في تطهير الثياب‬
‫النجسة‪ ،‬بل وغير الثياب‪.‬‬

‫س الرقيقة أو الشفافة لتكون‬ ‫(‪ )14‬السؤال‪ :‬هل تكفي الملب ُ‬


‫سه النسان وهو متوضئ ؟‬ ‫حاجزا ً بين اليد والفرج إذا م َّ‬
‫أم أنها ل تعتبر حاجزا ً ؟ علما ً بأنها إذا وُضعت علىاليد‬
‫ووقعت اليد على جسم آخر فإنها ل تشعر بالجسم‪ ،‬ول‬
‫تستطيع تمييزه إن كان خشنا ً أو ناعما ً ؟‬
‫(‪ )14‬الجواب‪ :‬الواجب هو أن ل تلمس بشرةُ اليد الفر َ‬
‫ج‬
‫مباشرةً‪ ،‬أما إن حال دون الفرج حائل من قماش‪ ،‬فل‬
‫بأس بمرور اليد عليه‪ ،‬فالقماش الرقيق أو الش َّفاف إن‬
‫كان نسيجه متلصقا ً يحول دون وصول بشرة اليد إلى‬
‫الفرج مباشرةً فل ينتقض الوضوء أما إن كان القماش‬
‫غير متلصق النسج‪ ،‬بل تتخلله فراغات فل يصلح حاجزاً‬
‫بين اليد وبين الفرج‪.‬‬
‫(‪ )15‬السؤال‪ :‬بالنسبة لما يخرج من الفرج من سوائل بيضاء‪،‬‬
‫ة أو بيضاء ثخينة‪ ،‬وهي‬ ‫قد تكون في بعض المرات شفاف ً‬
‫ً‬
‫تخرج دون أن أشعر بها‪ ،‬ول تخرج نتيجة شهوةٍ أبدا‪ ،‬فهل‬
‫تدخل في عداد ما يجب الوضوء منه ؟ أم هي علمة‬
‫ُ‬
‫على الط ّهر البيض الذي تغتسل الحائض لرؤيته‪ ،‬وتعتبر‬
‫طاهرة ً ل ينتقض الوضوء بخروجها من المرأة ؟‬
‫(‪ )15‬الجواب‪ :‬ما يخرج من الفرج إما أن يكون في فترة‬
‫ن كان الخارج‬ ‫الحيض وإما أن يكون بعد فترة الحيض‪ ،‬فإ ْ‬
‫في فترة الحيض فهو حيض تقعد فيه المرأة عن الصلة‬
‫س المصحف‪ .‬والحيض يكون دما ً أسود أو‬ ‫والصيام وم ِّ‬
‫أحمر أو أصفر وكله يمنع الصلة والصيام وم َّ‬
‫س‬
‫المصحف‪ ،‬أما إن كان هذا الخارج بعد فترة الحيض‬
‫فيُنظَر‪ :‬فإن كان دما ً أحمر فهو استحاضة‪ ،‬وإن كان سائلً‬
‫‪13‬‬
‫أبيض فليس حيضا ً ول استحاضة‪ ،‬ولكنه فقط ينقض‬
‫الوضوء‪ ،‬بمعنى أن الدم الحمر والسائل البيض ينقضان‬
‫الوضوء فقط إن هما خرجا بعد فترة الحيض‪ ،‬ول يلزم‬
‫منه الغتسال‪.‬‬
‫أما إن كانت المرأة في فترة الحيض ونزل منها دم أسود‬
‫ثم أحمر ثم أصفر‪ ،‬ثم نزل سائل أبيض فذلك دليل على‬
‫انتهاء الحيض‪ ،‬وعندها تغتسل المرأة وتصلي‪ ،‬أما إن كان‬
‫نزول السائل البيض في غير فترة الحيض فل تقعد‬
‫المرأة بسببه عن الصلة‪ ،‬وإنما يكفيها الوضوء منه ثم‬
‫تصلي‪.‬‬

‫(‪ )16‬السؤال‪ :‬في حالة الحرب الحديثة مع وجود الماء في‬


‫ُّ‬
‫وتلوث الماء في‬ ‫البيوت في البراميل وسطول الماء‬
‫الخزانات بالغازات السامة‪ ،‬هل في هذه الحالة يجوز التيمم‬
‫لقلة الماء إن كان يكفي لستعمال يوم واحد مثل ً للوضوء أو‬
‫للغسل‪ ،‬وهذا يتسبب في نفاذ الماء بسرعة‪ ،‬مع العلم أنه ل‬
‫يمكن توفير الماء النقي آنذاك لستعماله للشرب والطبخ‬
‫وغيره‪ ،‬بسبب تلوُّث الماء النازل من الحنفيات‪ ،‬وإن لم ي َ ُ‬
‫جْز‬
‫التيمم فهل يجوز المسح على أعضاء الوضوء‪ ،‬أو المسح‬
‫على القدمين فقط مع غسل العضاء الخرى ؟ وفي حالة‬
‫وجوب غسل العضاء فهل يجوز غسل الوجه واليدين إلى‬
‫المرفقين ومسح الرأس وغسل القدمين مرة واحدة فقط ؟‬
‫وهل يجب الغسل من الجنابة عندئذ ٍ أم يكفي التيمم ؟‬
‫(‪ )16‬الجواب‪ :‬في الحالة التي ذكرتِها فإن التيمم جائز‪ ،‬لن‬
‫الشرب والكل من هذا الماء غيرِ الملوَّث أولى من‬
‫التوضؤ منه‪.‬‬
‫وأما الشق الثاني من السؤال فل يجوز ذلك‪ ،‬لن الوضوء فيه‬
‫جزِيء مسح ما يجب غسله كالوجه‬ ‫غسل وفيه مسح فل ي ُ ْ‬
‫واليدين والقدمين‪ ،‬ول يجوز غسل ما يجب مسحه‪.‬‬
‫وأما الشق الثالث من السؤال فجائز‪ ،‬إذ يكفي في أي‬
‫وضوء الغسل مرة واحدة للعضاء‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫وأما الشق الرابع من السؤال فجوابه أن التيمم يكفي‬
‫ل عن الوضوء في الحالة التي‬‫للتطهُّر من الجنابة وكبدي ٍ‬
‫ذكرتها‪.‬‬

‫(‪ )17‬السؤال‪ :‬ما حكم الهواء الذي يخرج من الفرج هل ينقض‬


‫الوضوء ؟ وهل يجب الوضوء لكل فرض إن كان الهواء هذا‬
‫ناقضا ً في حالة إصابة المرأة به دائما ً ؟‬
‫(‪ )17‬الجواب‪ :‬الهواء الذي ينقض الوضوء هو ما يخرج من‬
‫الدُّبُر فقط‪ ،‬وما سواه ل ينقض‪ ،‬فالهواء الخارج من فرج‬
‫المرأة ل ينقض الوضوء‪.‬‬

‫جب الغسل أم‬ ‫(‪ )18‬السؤال‪ :‬هل وضع التحميلة المهبلية يُو ِ‬
‫جب الوضوء فقط ؟‬
‫يُو ِ‬
‫(‪ )18‬الجواب‪ :‬وضع التحميلة المهبلية والتحميلة في الشرج‬
‫كلهما ل يوجب الغسل أما بخصوص الوضوء فيُنظر‪:‬‬
‫س الفرج‪ ،‬أو م ُّ‬
‫س‬ ‫فإن حصل مع عملية وضع التحميلة م ُّ‬
‫الدُّبُر دون حائل فقد انتقض الوضوء‪ ،‬وإل فل نقض‪ ،‬كأن‬
‫تفعلين ذلك وأنت تلبسين القفازات مثلً‪ ،‬فالوضوء‬
‫س الفرج وبمس الدبر دون حائل ول ينتقض‬ ‫ينتقض بم ِّ‬
‫بإدخال أي شيء فيهما‪.‬‬

‫(‪ )19‬السؤال‪ :‬كيف يكون التيمم كوضوء ؟‬


‫(‪ )19‬الجواب‪ :‬التيمم هو أن يضرب الشخص بباطن كفيه معاً‬
‫ضربة واحدة على تراب طاهر‪ ،‬ثم ينفخ فيهما لتخفيف ما‬
‫علق بهما من تراب‪ ،‬ثم يُمّرِر باطن كفيه على وجهه مرة‬
‫واحدة‪ ،‬ثم يمسح ظاهر يده اليمنى بباطن كفه اليسرى‪،‬‬
‫ثم يمسح ظاهر يده اليسرى بباطن كفه اليمنى مرة‬
‫واحدة لكل منهما‪ .‬هذا هو التيمم الصحيح‪.‬‬

‫(‪ )20‬السؤال‪ :‬كيف يكون التيمم من الحدث الكبر ؟ وهل‬


‫تجب إزالة النجاسة في حالة التيمم بالتراب أو بالحجارة‬

‫‪15‬‬
‫غير المدببة أو بغيرها أم ل يجب ذلك ؟ وهل تجب إزالة‬
‫آثار المني في حالة التيمم من الحدث الكبر مع طهارة‬
‫المني ؟‬
‫(‪ )20‬الجواب‪ :‬التيمم بدل الغسل هو نفسه التيمم بدل‬
‫الوضوء عند فقدان الماء دون أي فارق بينهما‪ ،‬والتيمم ل‬
‫ب إزالة النجاسة‪ ،‬كما أن الوضوء ل يُسقِط‬‫يُسقِط وجو َ‬
‫وجوب إزالة النجاسة‪ ،‬وفي حالة فقدان الماء يمكن إزالة‬
‫ت الثوب بالحجارة أو بالتراب‪ ،‬أو بأي شيء‬ ‫النجاسة بح ِّ‬
‫يصلح للزالة‪ .‬أما إزالة المني في حالة فقد الماء فهي‬
‫مندوبة فقط وليست واجبة‪ ،‬لن المني طاهر على الرأي‬
‫الصحيح‪ ،‬وتدخل إزالته تحت بند النظافة فحسب‪.‬‬

‫(‪ )21‬السؤال‪ :‬هل يجوز أن أضع شيئا ً من التراب الطاهر في‬


‫دلو وأضعه في البيت حتى أستعمله إن احتجته في حالة‬
‫انقطاع الماء‪ ،‬أو في حالة قلة الماء‪ ،‬بحيث ل يكفي‬
‫لوضوء أو غسل ؟‬
‫(‪ )21‬الجواب‪ :‬نعم يجوز ذلك بل شك‪ .‬ولكن لي هنا ملحظة‬
‫هي‪ :‬حيث أنك تقولين إنك تضعين التراب في البيت‪،‬‬
‫َّ‬
‫حتى تستعمليه في حالة انقطاع الماء‪ ،‬أو في حالة قِلته‪،‬‬
‫ض نظري ل واقع له إذ ل يمكن أن يخلو‬ ‫فإن هذا افترا ٌ‬
‫بيتك من ماء وعلى افتراض أنه خل منه فإن عليك أن‬
‫ل البيوت‬ ‫تحضريه من البيوت المجاورة‪ ،‬ول يُتصور خلُوُّ ك ِّ‬
‫من الماء الكافي للغسل أو للوضوء‪.‬‬

‫(‪ )22‬السؤال‪ :‬هل يجوز التيمم للصلة في السفر إن كان‬


‫الماء قليل ً بحيث ل يكفي إل للشرب ؟‬
‫(‪ )22‬الجواب‪ :‬نعم يجوز التيمم في هذه الحالة‪ ،‬بشرط أن‬
‫يكون الوصول إلى الماء متعذراً‪ ،‬أو يشقُّ على النسان‬
‫الوصول إليه قبل خروج وقت الصلة‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫(‪ )23‬السؤال‪ :‬إذا كانت المرأة ُ تغتسل‪ ،‬وفي أثناء ذلك‬
‫شعرت بخروج شيء من المني أو أي إفراز آخر بعد‬
‫الجماع بقليل أو فوراً‪ ،‬فهل يجب عليها غسل الفرج‬
‫وإعادة الغسل أم تُتِم غسلها‪ ،‬وبعد إكماله تغسل فرجها‬
‫وتتوضأ للصلة‪ ،‬ول حرج عليها في ذلك ؟ وهل تعيد‬
‫غسلها إن وجدت شيئا ً قد خرج منها بعد النتهاء من‬
‫الغسل‪ ،‬أم تغسله وتتوضأ ويكفيها ذلك ؟ فكثيرا ً ما أعيد‬
‫الغتسال مرة ومرتين بسبب خروج شيء مني في أثناء‬
‫الغتسال‪ ،‬فأستغرق أكثر من نصف ساعة أو ساعة إل‬
‫ربعا ً بين اغتسال ووضوء ؟‬
‫(‪ )23‬الجواب‪ :‬عندما يريد النسان‪ ،‬رجل ً كان أو امرأة‪ ،‬أن‬
‫يغتسل من الجنابة فإنه ينتظر خروج المني كل ِّه من‬
‫فرجه ثم يغتسل‪ ،‬بمعنى أن عليه أن ينتظر قليل ً حتى‬
‫ُ‬
‫يخرج المني كل ّه ثم يغتسل‪ ،‬وبعد ذلك ل يضيره شعوره‬
‫جل الغتسال وخرج‬ ‫بخروج شيء من المني‪ ،‬أما إن تع َّ‬
‫منه في أثناء الغتسال شيء من المني‪ ،‬فإنه يعود‬
‫للغتسال من جديد‪.‬‬
‫ت تعرفين أنه ينزل منك المني دفعة بعد دفعة‬ ‫وما دم ِ‬
‫فيجب أن تعرفي كم يستغرق ذلك منك في العادة‪،‬‬
‫فتَدَعين الغسل حتى انقضاء تلك الفترة‪ ،‬ثم تقومين‬
‫ك‬
‫بالغتسال‪ ،‬ول شيء عليك بعد ذلك‪ ،‬ويكون غسل ِ‬
‫صحيحاً‪.‬‬

‫جزِئ الغتسال الذي ل يسبقه وضوء عن‬ ‫(‪ )24‬السؤال‪ :‬هل ي ُ ْ‬


‫الوضوء وعن الغسل معا ً إذا نوى ذلك المغتسل‪ ،‬ويرتفع‬
‫الحدث الكبر والحدث الصغر عنه‪ ،‬بحيث يستطيع الصلة‬
‫بغسله دون الوضوء للصلة بعد الغسل ؟‬
‫(‪ )24‬الجواب‪ :‬نعم يجزئ الغتسال الذي ل يسبقه وضوء‪،‬‬
‫ويكون الغسل صحيحا ً تاما ً تصح به الصلة وم ُّ‬
‫س‬
‫المصحف‪ ،‬والغسل ل يجب فيه الوضوء‪ ،‬أي ل يجب فيه‬
‫ب فقط‪ ،‬أي‬ ‫ح ٌّ‬
‫ل أعضاء الوضوء‪ ،‬وإنما هو مست َ‬ ‫غُس ُ‬
‫يُستحب أن يغسل أعضاء الوضوء ثم يغتسل‪ ،‬ولكن لو‬
‫‪17‬‬
‫اغتسل دون وضوء فغسله صحيح يرفع الحدثين الكبر‬
‫والصغر‪.‬‬

‫(‪ )25‬السؤال‪ :‬هل تجب إعادة الغسل إن خرج من النسان‬


‫ح وهو في أثناء غسله إذا كان ينوي الغسل فقط من‬ ‫ري ٌ‬
‫الحدث الكبر‪ ،‬وينوي الوضوء بعده للصلة‪ ،‬أو إذا حصل‬
‫منه أي ناقض من نواقض الوضوء في أثناء غسله‪ ،‬فهل‬
‫يتم غسله ويتوضأ‪ ،‬أم يعيد الغسل بعد إزالة النجاسة عنه‬
‫؟‬
‫(‪ )25‬الجواب‪ :‬خروج الريح ينقض الوضوء ول ينقض الغسل‪،‬‬
‫ولهذا لو خرج الريح في أثناء الغسل فيمكن للنسان أن‬
‫يكمل الغسل ثم يتوضأ بسبب خروج الريح‪ ،‬ويكون غسله‬
‫صحيحا ً رافعا ً للحدث الكبر‪.‬‬

‫س الفرج في أثناء الغسل ليصل‬ ‫(‪ )26‬السؤال‪ :‬هل يجوز م ُّ‬


‫َ‬
‫الماء إليه إذا كان مغط ّى بالشعر‪ ،‬حتى يصل الماء إلى‬
‫ما تحت الشعر لمن أراد الغسل من جنابة أو حيض‪ ،‬ثم‬
‫الوضوء بعد ذلك للصلة ؟‬
‫س الفرج ينقض الوضوء‪ ،‬ويستطيع من أراد‬ ‫(‪ )26‬الجواب‪ :‬م ُّ‬
‫الغتسال أن يدلك فرجه بيده ويُكمل غسله‪ ،‬ثم يتوضأ‬
‫س الفرج‪ ،‬تماما ً كحالة خروج الريح في‬‫بعدئذ ٍ بسبب م َّ‬
‫ن الَوْلى من ذلك وال ُّ‬
‫سنة هو‬ ‫أثناء عملية الغتسال‪ ،‬ولك َّ‬
‫حلقُ العانة قبل أن تطول وتغطي الموضع‪.‬‬

‫ل عضو من أعضاء جسم‬ ‫(‪ )27‬السؤال‪ :‬هل يجب غسل ك ِّ‬


‫النسن بماء جديد عند الغتسال أم أن الماء الذي يمُّر‬
‫على الصدر مثل ً يطهِّر الصدر وما تحته حتى أسفل‬
‫ل جزء من‬ ‫ل ك ُّ‬
‫القدم‪ ،‬أي أنه يكفي لصحة الغسل أن يبت َّ‬
‫ل الظهر هو الماء‬ ‫الجسم حتى لو كان الماء الذي يب ُّ‬
‫المصبوب على الرأس مثل ً ؟‬

‫‪18‬‬
‫ل عضوٍ من‬ ‫ل ك ُّ‬ ‫(‪ )27‬الجواب‪ :‬نعم يكفي لصحة الغسل أن يبت َّ‬
‫ل الظهر هو الماء‬ ‫الجسم حتى لو كان الماء الذي يب ُّ‬
‫المصبوب على الرأس‪ ،‬وحتى لو كان الماء المصبوب‬
‫ل البطن‪ ،‬وهكذا‪ ،‬أي أنه ل يجب‬ ‫على الصدر هو الذي يب ُّ‬
‫ل عضو بماء جديد في عملية الغتسال‪ ،‬فلو‬ ‫غسل ك ِّ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ت على رأسك وبدنك سطل ماء فب ّ‬
‫ل البدن كله فقد‬ ‫صبب َ‬
‫ل جزء أو عضوٍ يمُّر عليه في‬ ‫َ‬ ‫صح الغسل‪ ،‬فالماء يطهَّر ك ّ‬
‫أثناء الغسل‪ .‬وألفت النظر إلى مسألتين هنا ‪:‬‬
‫أولً‪ :‬إن القول إن الماء المستعمل ل يصح التطهُّر به هو‬
‫قول مرجوح‪ ،‬والرأي الصحيح هو أن الماء المستعمل‬
‫ح التطهُّر به‪.‬‬ ‫يص ُّ‬
‫سل الرأس ثلثا ً استحباباً‪،‬‬ ‫وثانياً‪ :‬إن المشروع أن يُغ َ‬
‫ويغسل سائُر البدن مرة ً واحدةً‪ ،‬ولذا يجوز غسل الرأس‬
‫مرة واحدة‪ ،‬ولكن ل يُشرع غسل سائر البدن أكثر من‬
‫ن على من أراد أن يغسل بدنه‬ ‫مرة ولهذا أقول ما يلي‪ :‬إ َّ‬
‫َ‬
‫كل ّه بصب الماء على رأسه أن ل يصب على رأسه أكثر‬
‫ب الماء على البدن‬ ‫من مرة‪ ،‬وإل خالف الشرع‪ ،‬وهو ص ُّ‬
‫مرة واحدة‪ ،‬فأنت بين خيارين‪ :‬إما أن تصب الماء على‬
‫الرأس ثلثا ً ثم تصب ماء جديدا ً على البدن مرة واحدة‪،‬‬
‫وإما أن تصب الماء على الرأس وعلى سائر البدن مرة‬
‫واحدة‪ ،‬كمن يقف مثل ً تحت الدش‪ ،‬فيسقط الماء على‬
‫الرأس وعلى سائر البدن مرة واحدة‪.‬‬

‫(‪ )28‬السؤال‪ :‬إذا كانت المرأة حائضا ً وطهرت ثم احتلمت‬


‫ورأت المني‪ ،‬فهل يجب عليها أن تغتسل غسل جنابة‪ ،‬ثم‬
‫ل واحد من الحيض والجنابة ؟‬‫غسل حيض‪ ،‬أم يكفيها غس ٌ‬
‫(‪ )28‬الجواب‪ :‬يكفيها غس ٌ‬
‫ل واحد ٌ من الحيض والجنابة‪ ،‬فتنوي‬
‫رفع الحدث الكبر وتغتسل مرة واحدة‪ ،‬وتستطيع بعد‬
‫س المصحف دونما حاجة للوضوء‬ ‫ذلك أداء الصلة وم َّ‬
‫طبعاً‪ ،‬لن رفع الحدث الكبر يدخل فيه رفع الحدث‬
‫الصغر‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫ُ‬
‫(‪ )29‬السؤال‪ :‬هل يجب على المرأة أن تغتسل لرؤية الط ّهر‬
‫البيض في فترة الحيض مثل ً في اليوم الرابع أو الخامس‬
‫إن كانت تعلم أن الدم سوف ينزل مرة أخرى كما هي‬
‫عادتها في السابق ؟‬
‫ن العادة محكَّمة‪،‬‬‫مدته إ َّ‬
‫(‪ )29‬الجواب‪ :‬في موضوع الحيض و ُ‬
‫ن حيضها ينقضي بعد ستة أيام‬ ‫فإن كانت عادة ُ المرأة أ َّ‬
‫فل يجب عليها أن تغتسل عند رؤية الطهر البيض قبل‬
‫انقضاء كامل الفترة‪ ،‬بل تنتظر انقضاء عادتها وهي ستة‬
‫أيام ثم تغتسل وتصلي‪ ،‬فالعبرة بالعادة لكل امرأة‪،‬‬
‫وهناك نساء يطهرن بعد عشرة أيام‪ ،‬ونساء يطهرن بعد‬
‫سبعة أيام‪ ،‬وهناك نساء يطهرن بعد أكثر من ذلك أو‬
‫ل‪ ،‬فهؤلء النسوة يسرن بحسب عاداتهن‪ ،‬ول قيمة‬ ‫أق َّ‬
‫لتوقف نزول الدم خلل فترة العادة‪.‬‬

‫(‪ )30‬السؤال‪ :‬ماذا على المستحاضة أن تعمل إن جامعها‬


‫زوجها ثم قامت لتغتسل من الجنابة‪ ،‬وفي أثناء الغسل‬
‫نزل منها دم الستحاضة أو ماء أحمر‪ ،‬هل تعيد الغسل‪،‬‬
‫أم تكمل غسلها ثم تغسل عنها الدم‪ ،‬وتتوضأ للصلة ؟‬
‫ت تُكمل المستحاضة‬ ‫(‪ )30‬الجواب‪ :‬في الحالة التي ذكر ِ‬
‫غسلها‪ ،‬ثم تقوم بغسل الدم وتتحفظ بخرقة‪ ،‬ثم تتوضأ‬
‫للصلة‪.‬‬

‫(‪ )31‬السؤال‪ :‬قبل أن أتزوج كانت الدورة ُ الشهرية تستمر‬


‫معي سبعة أيام‪ ،‬وفي بعض الحيان كنت أجد شيئا ً في‬
‫اليوم الثامن أو التاسع ل أستطيع القول إنه مثل دم‬
‫الحيض الول‪ ،‬وبعد أن تزوجت وأنجبت الطفلة الولى‬
‫حصل اضطراب في الدورة الشهرية‪ ،‬فلم تعد منتظَم ً‬
‫ة أو‬
‫تنتهي باليام السبعة‪ ،‬وبعد شهور حملت بالولد الثاني‪،‬‬
‫وبعد ولدته وضعت اللولب وأيضا ً اضطربت منه الدورة‬
‫الشهرية‪ ،‬ثم انتظمت في المدة ولم تنتظم بعض اليام‪،‬‬
‫وسؤالي هو‪ :‬بعد اليوم الخامس في معظم الشهر يكون‬
‫اليوم السادس نظيفا ً تماماً‪ ،‬وأرى الطهر البيض طول‬
‫‪20‬‬
‫النهار‪ ،‬ثم ينزل دم قليل مع المغرب أو مع العصر‪ ،‬ثم‬
‫ت يكون اليوم السادس‬ ‫أرى الطهر البيض بعده‪ ،‬ومرا ٍ‬
‫نظيفا ً تماماً‪ ،‬وفي اليوم السابع أرى دما ً بعد العصر أو‬
‫بعد المغرب أو بعد العشاء‪ ،‬وأكون في اليوم الثامن‬
‫ة في معظم المرات‪ ،‬وينزل دم قليل‪ ،‬فهل في هذه‬ ‫نظيف ً‬
‫الحالة أغتسل في اليوم السادس لرؤية الطهر البيض‪،‬‬
‫لنه ليس في كل الشهر ينزل شيء في اليوم السادس‪،‬‬
‫أم أنتظر لليوم الثامن أو لما بعده وأغتسل ؟ علما ً بأنهم‬
‫أفتوا هنا بأن المرأة تصبر سبعة أيام‪ ،‬ثم تغتسل وما بعد‬
‫ذلك يُعَد ُّ استحاضة ممن تضع اللولب‪ ،‬ويستمر معها لمدة‬
‫عشرة أيام‪ ،‬وهل أتوقف عن الصلة إن رأيت دما ً خالصاً‪،‬‬
‫أو دما ً تخالطه إفرازات بيضاء إن كان ذلك قبل موعد‬
‫الدورة بيوم أو بيومين أو بأكثر من أربعة أيام‪ ،‬علما ً بأنها‬
‫في بعض المرات تتقدَّم عن السابق‪ ،‬وأجد أن الدم الذي‬
‫رأيته كان بداية الدورة مع أنه قليل جدا ً وتأتي بعده‬
‫الدورة بيوم أو يومين‪ ،‬أو في آخر اليوم مع رؤية الطهر‬
‫البيض بعده وقبل الدورة ؟‬
‫(‪ )31‬الجواب‪ :‬الحالة التي تحصل معك ليست استحاضة‪ ،‬لن‬
‫الستحاضة ل تكون إل إن كان نزول الدم بعد أسبوعين‬
‫كاملين‪ ،‬أما إن نزل الدم في اليوم السادس أو في اليوم‬
‫السابع أو في اليوم الثامن كما يحصل معك أحياناً‪ ،‬فإن‬
‫ذلك يعتبر حيضا ً ول يعتبر استحاضة‪ .‬وحيث أن الطهر‬
‫ت في‬ ‫ت في اليوم السادس‪ ،‬ومرا ٍ‬ ‫البيض يحصل مرا ٍ‬
‫ت في اليوم الثامن فإن فترة الحيض‬ ‫اليوم السابع ومرا ٍ‬
‫عندك هي ثمانية أيام‪ ،‬ويكون نزول الدم ولو قليل ً في‬
‫هذه اليام الثمانية حيضاً‪ ،‬ل بد من أن تغتسلي منه غسل‬
‫الحيض المعروف ولكن حيث أنك ترين الطهر أحيانا ً في‬
‫اليوم السادس‪ ،‬وترينه أحيانا ً في اليوم السابع‪ ،‬وترينه‬
‫أحيانا ً في اليوم الثامن‪ ،‬فعليك في هذه الحالة أن‬
‫تغتسلي كلما رأيت الطهر البيض وتصلين وتصومين‪،‬‬
‫ت قليل ً حتى‬‫فإن عاد الدم إلى النزول بعد ذلك انتظر ِ‬
‫ينقطع ثم تغتسلين مرة أخرى وتصلين وتصومين أي أنك‬
‫عند الطهر البيض أول مرة تغتسلين وتصلين‪ ،‬ثم كلما‬
‫‪21‬‬
‫نزل دم جديد تنتظرين انقطاعه‪ ،‬ثم تغتسلين وتصلين‪،‬‬
‫وهكذا حتى تنتهي اليام الثمانية‪ ،‬أو يحصل استقراُر‬
‫الدورة معك نهائياً‪.‬‬
‫أما بخصوص النقطة الخيرة‪ ،‬وهي أن الدم ينزل قبل‬
‫ن تكرر‬ ‫فترة الحيض بيوم أو يومين فأقول ما يلي‪ :‬إ ْ‬
‫نزول الدم قبل فترة الحيض وجب اعتباُر بدءِ النزول هذا‬
‫بدءَ الدورة الشهرية‪ ،‬فتتوقفين عن الصلة عندئذ ٍ إلى‬
‫حين الفراغ من الدورة‪ ،‬ويمكنك إضافة هذين اليومين‬
‫إلى مدة الدورة‪ ،‬فتصبح الدورة عندك ثمانية أيام أو‬
‫تسعة أيام أو عشرة أيام‪ ،‬وليست ستة أو سبعة أو ثمانية‬
‫كما تظنين‪ ،‬أما إن لم يتكرر نزول الدم قبل فترة الدورة‪،‬‬
‫فيكفيك في هذه الحالة غسل الفرج من الدم والوضوء‬
‫فقط‪ ،‬دونما حاجة إلى الغتسال‪.‬‬

‫(‪ )32‬السؤال‪ :‬هل يجب على الرجل أن يغتسل ثانية إن خرج‬


‫ما تبقى من المني منه بعد أن يكون قد اغتسل منه أول‬
‫مرة ؟‬
‫(‪ )32‬الجواب‪ :‬يجتهد الرجل في عصر ذ َكَره لخراج المني منه‬
‫قبل أن يغتسل من الجنابة‪ ،‬ويكّرِر ذلك عدة مرات‪ ،‬فإن‬
‫أي شيءٌ بعد ذلك يسيٌر‪ ،‬ع ُفي عنه‪ ،‬أما‬
‫ح منه‪ْ ،‬‬ ‫ل َر ْ‬
‫ش ٌ‬ ‫نز ِ‬
‫إن نزل أكثر من الرشح فقد انتقض غسلُه‪ ،‬ووجب عليه‬
‫أن يعيد الغسل‪.‬‬

‫(‪ )33‬السؤال‪ :‬إن توضأ شخص ما ولبس الجراب ثم انتَقَ َ‬


‫ض‬
‫وضوؤ ُه فتوضأ ومسح على الجراب‪ ،‬فهل خلعُه للجراب‬
‫بعد المسح عليه ينقض الوضوء ؟‬
‫(‪ )33‬الجواب‪ :‬نعم إ َّ‬
‫ن خلعَ الجورب أو الخف بعد المسح‬
‫عليهما ينقض الوضوء‪.‬‬

‫(‪ )34‬السؤال‪ :‬ماذا يصنع من يدخل المستشفى لجراء عملية‬


‫جراحية‪ ،‬هل يتيمم للصلة‪ ،‬خصوصا ً بعد خروجه من‬
‫‪22‬‬
‫العملية‪ ،‬وقد يشق عليه الذهاب إلى الحمام ؟ وهل يجب‬
‫م به‪ ،‬أم‬ ‫على من يعينه أن يحضر له بعض التراب ليتي َّ‬
‫م َ‬
‫ماذا يصنع ؟‬
‫(‪ )34‬الجواب‪ :‬إ َّ‬
‫ن إجراء العملية عذٌر يبيح ترك الوضوء بالماء‪،‬‬
‫ل من‬‫ل بالتيمم‪ ،‬ويستطيع أن يطلب وعاء فيه قلي ٌ‬ ‫والعم َ‬
‫مم به‪ ،‬وعلى من يستطيع إحضار التراب أن‬ ‫التراب ليتي َّ‬
‫يحضره له‪.‬‬

‫ن نزول الدم يُفسد الوضوء‪ ،‬فهل هناك‬ ‫ت إ َّ‬


‫(‪ )35‬السؤال‪ :‬قل َ‬
‫مقدار معين للدم النازل‪ ،‬أم أن أية كمية منه مهما كانت‬
‫تُفسد الوضوء‪ ،‬حتى لو كانت نقطة واحدة صغيرة ؟‬
‫(‪ )35‬الجواب‪ :‬لم يحدد الشرع مقدار الدم الذي ينقض نزولُه‬
‫الوضوء‪ ،‬وإنما تركه لتقدير الناس‪ ،‬والكمية الناقضة‬
‫للوضوء هي ما يراها المسلم كثيرة فاحشة‪ ،‬أما ما يراها‬
‫قليلة كأن ينزل الدم من اللثة عند التسوك‪ ،‬أو عند عصر‬
‫ش بسيط فهذه وأمثالها ل تنقض‬ ‫خد ٍ‬ ‫بثرة صغيرة‪ ،‬أو ُ‬
‫ت لك‪ :‬إن نزول‬ ‫ت التحديد أكثر قل ُ‬
‫الوضوء‪ ،‬وإن شئ َ‬
‫النقطة والنقطتين من الدم ل ينقض الوضوء‪ ،‬وإن الدم‬
‫ل‪ ،‬ل ينقض‬ ‫س ْ‬
‫الذي إن سكبتَه على سطٍح مستوٍ فلم ي َ ِ‬
‫الوضوء‪.‬‬

‫(‪ )36‬السؤال‪ :‬ما حكم الخمرة من حيث النجاسة؟ وهل‬


‫إراقتها في شوارع المدينة دليل على عدم نجاستها‬
‫حْرمة وضع النجاسة في الطريق ؟‬ ‫ل ُ‬
‫(‪ )36‬الجواب‪ :‬دليل نجاسة الخمرة حديث أبي ثعلبة الخشني‬
‫ل الكتاب وهم‬ ‫جاور أه َ‬
‫أنه سأل رسول الله قال "إنا ن ُ َ‬
‫يطبخون في قدورهم الخنزيَر‪ ،‬ويشربون في آنيتهم‬
‫الخمَر‪ ،‬فقال رسول الله ‪ :‬إن وجدتم غيرها فكلوا‬
‫فيها واشربوا‪ ،‬وإن لم تجدوا غيرها فارحضوها بالماء‪،‬‬
‫وكلوا واشربوا " رواه أبو داود‪ .‬وفي رواية للترمذيقال "‬
‫أَنقوها غُسلً واطبخوا فيها " وفي رواية للدارقطني "‬
‫‪23‬‬
‫استغنوا عنها ما استطعتم‪ ،‬فإن لم تجدوا فارحضوها‬
‫بالماء فإن الماء طهورها‪ ،‬ثم اطبخوا فيها " فقوله‬
‫( ارحضوها بالماء‪ ،‬وأنقوها غسلً‪ ،‬وارحضوها بالماء فإن‬
‫الماء طهورها ) يدل على نجاسة الخمر كما يدل على‬
‫نجاسة الخنزير‪ .‬أما إراقة الخمرة في طرقات المدينة‬
‫فل تصلح دليل ً على طهارة الخمرة‪ ،‬لن الطريق الترابية‬
‫تمت ُّ‬
‫ص الخمرة فل تنجس بإراقتها عليها‪.‬‬

‫ل ما يُبطل الوضوء نجس ؟ وهل الفرج‬ ‫(‪ )37‬السؤال‪ :‬هل ك ُّ‬


‫ة‬
‫نجس بعد الطهارة ؟ وإذا لم يكن كذلك‪ ،‬فهل توجد عل ٌ‬
‫لِبطال لمسه للوضوء ؟ وما صحة القول بنجاسة رطوبة‬
‫فرج المرأة‪ ،‬وما دليله ؟‬
‫ل ما ينقض الوضوء نجس‪ ،‬فخروج‬ ‫(‪ )37‬الجواب‪ :‬ليس ك ُّ‬
‫المني ينقض الطهارتين الكبرى والصغرى معا ً مع أ َّ‬
‫ن‬
‫المني طاهر على الرأي الصحيح‪ ،‬والقيء ينقض الوضوء‬
‫ة لنقض‬ ‫وهو طاهر‪ .‬والفرج طاهر بعد التطهير‪ ،‬ول عل َ‬
‫الوضوء من لمس الفرج‪ .‬أما رطوبة فرج المرأة فليس‬
‫ص على نجاستها‪ ،‬فتبقى على أصلها من‬ ‫هناك ن ًّ‬
‫الطهارة‪.‬‬

‫ن تعذَّر على المصل ِّي تحديد ُ مكان المذي على‬


‫(‪ )38‬السؤال‪ :‬إ ْ‬
‫جسمه وثوبه ليقوم بغسله‪ ،‬فهل يكتفي بالوضوء ؟‬
‫(‪ )38‬الجواب‪ :‬ينزل المذي عادة بكمية قليلة جداً‪ ،‬ولذا فهو ل‬
‫يؤثر في طهارة الملبس التي يصيبها منه شيء‪ ،‬والشرع‬
‫عفا عن يسير النجاسة‪ ،‬ولكن إن أنت غسلت الملبس‬
‫ك أن تغسل ذكرك وتتوضأ لن‬ ‫منه فهو أفضل‪ .‬ويكفي َ‬
‫المذي ينقض الوضوء‪.‬‬

‫ت عن حديث يتداوله بعض‬ ‫(‪ )39‬السؤال‪ :‬بالنسبة لِل ِّحية‪ ،‬بحث ُ‬


‫ت في‬ ‫الفقهاء ولم أجده معناه أن رجل ً كانت له ُ‬
‫شعيرا ٌ‬
‫وجهه‪ ،‬وكان الرسول الكريم كلما رآه ضحك‪ ،‬وذات‬
‫مرة حلق الرجل هذه الشعيرات‪ ،‬فلما لقيه النبي لم‬
‫‪24‬‬
‫يضحك‪ ،‬وإنما أعرض عنه‪ ،‬فلما استفسر الرجل عن‬
‫السبب قال له النبي ‪ :‬كانت الملئكة تلعب بتلك‬
‫الشعيرات‪ ،‬وهذا ما كان يضحكني‪ ،‬فهل هذا الحديث‬
‫صحيح‪ ،‬وهل يمكن فهمه على أن حلق اللحية حرام ؟‬
‫سنة فهل يكون حلقها مكروهاً‬ ‫وإن قلنا إن إعفاء اللحية ُ‬
‫ن ابن حزم قال إن‬ ‫أم مباحا ً ؟ وما مدى صحة القول إ َّ‬
‫إعفاءَ اللحية واجب بالتفاق ؟‬
‫(‪ )39‬الجواب‪ :‬لم أعثر على هذا الحديث‪ ،‬ولذا ل أستطيع‬
‫الستدلل به على حكم اللحية‪ .‬وحلق اللحية تر ٌ‬
‫ك‬
‫لمندوب‪ .‬أما ابن حزم فقد استدل على فرض قص‬
‫الشارب وإعفاء اللحية بالحديث الذي يأمر بذلك دون أن‬
‫يناقشه أو يقول إنه واجب بالتفاق كما ورد في الجزء‬
‫الثاني من كتاب المحلى في بحث [ الفطرة ] وما قاله‬
‫م استنبطوه‬ ‫ابن حزم وما قاله غيره من الفقهاء هو حك ٌ‬
‫بحسب قواعدهم الصولية‪ ،‬وهم مأجورون مثابون وهذا‬
‫الحكم ل آخذ به‪ ،‬لن حكم إعفاء اللحية عندي هو الندب‬
‫ُ‬
‫ه بحسب القواعد الصولية التي‬ ‫والستحباب استنبط ّ ُ‬
‫أتبناها‪.‬‬

‫(‪ )40‬السؤال‪ :‬هل جفاف النجاسة على الثياب يعني طهورها‪،‬‬


‫ف‪ ،‬فهل يعتبر‬ ‫ل ثم ج َّ‬
‫ب مذيٌ أو بو ٌ‬ ‫بمعنى لو أصاب الثو َ‬
‫ل نجساً‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الثوب طاهرا ً ؟ وإذا كان الجواب بالنفي‪ ،‬أي يظ ّ‬
‫فهل تبطل الصلة فيه أم يُنقِصها‪ ،‬أم ماذا ؟‬
‫(‪ )40‬الجواب‪ :‬جفاف النجاسة العالقة بالثياب ل يجعلها‬
‫طاهرة‪ ،‬بل ل بد من إزالة عينها‪ ،‬ويُعفى بعدئذٍ عن‬
‫اليسير مما بقي من أثرها‪ ،‬كما هو الحال في غسل الدم‪،‬‬
‫ل فرق في ذلك بين النجاسة الرطبة والجافة‪ .‬أما وجود‬
‫النجاسة في ثياب المصلي فيُنظر فيه فإن لم يكن‬
‫َ‬
‫المصلي يعرف وجود النجاسة في ثيابه وصل ّى حتى فرع‬
‫من صلته‪ ،‬فصلته صحيحة ولو عرف وجودها بعدئذٍ‪ ،‬أما‬
‫إن عرف وجود النجاسة وهو يصلي فيجب عليه أن يعمل‬
‫على إزالتها فوراً‪ ،‬فإن عجز قطع صلته‪ ،‬وبعد إزالة‬
‫النجاسة يعود للصلة‪ ،‬فإن صلى وهو يعلم وجود‬
‫‪25‬‬
‫م‪ ،‬وصلته‬ ‫النجاسة‪ ،‬ولم يعمل على إزالتها لحقه إث ٌ‬
‫جزئة ل تلزمه إعادتها‪ ،‬وذلك لن طهارة الثوب والبدن‬
‫م ْ ِ‬
‫ُ‬
‫ً‬
‫والمكان واجبة فقط وليست شرطا لصحة الصلة‪.‬‬

‫(‪ )41‬السؤال‪ :‬في موضوع النتفاع بالنجس‪ ،‬هناك بعض‬


‫المحاصيل التي تُسقى من المياه العادِمة‪ ،‬أي مياه‬
‫المجاري‪ ،‬ومن المياه التي تباع بالصهاريج‪ ،‬فهل يجب‬
‫علينا التأكُّد من صلحية المياه التي تُسقى منها‬
‫المحاصيل التي نشتريها ؟ وهناك مشكلة عندنا نحن‬
‫إخوانَكم في فلسطين‪ ،‬فكما تعلمون أن المستوطنات‬
‫ن من يملك أرضاً‬ ‫تُبنى على قمم الجبال‪ ،‬وبناء عليه فإ َّ‬
‫زراعية مجاورة لمستوطنة ستكون أرضه أسفل من‬
‫المستوطنة‪ ،‬أو في الوادي‪ ،‬والمستوطنون الملعين‬
‫يقومون بتصريف مياههم العادمة إلى الوديان ولذلك‬
‫يصعب الحتراز من أذاهم‪ ،‬فما العمل بخصوص‬
‫المزروعات ؟‬
‫(‪ )41‬الجواب‪ :‬المزروعات المروية من المياه العادمة والمياه‬
‫حُرم كالجلَّلة _ وهي‬ ‫النجسة يُكَره أكلُها فقط ول ي َ ْ‬
‫الطائر الذي يأكل النجاسات _ فأكلها مكروه فقط غير‬
‫محَّرم‪ ،‬ولكن المسلم ل يجوز له أن يسقي مزروعاته‬
‫بالمياه العادمة أو بالمياه النجسة‪ .‬أما الحالة التي ذكرتَها‬
‫فل يشملها هذا الحكم‪ ،‬لن المسلم هناك ل يقوم بسقي‬
‫أرضه بالمياه العادمة باختياره‪ ،‬فل يأثم هذا المسلم إن‬
‫وصلت المياه العادمة إلى مزروعات أرضه رغما ً عنه‪،‬‬
‫م إل إن قام هو بتسليك جريان هذه المياه إلى أرضه‬ ‫الله َّ‬
‫لسقيها‪ ،‬فعندها يأثم‪.‬‬

‫(‪ )42‬السؤال‪ :‬حدود الوجه كما أوردتموها هي من منبت‬


‫الشعر في الرأس وصول ً إلى الذقن‪ ،‬فهل ينتهي الذقن‬
‫عند العظمة البارزة‪ ،‬أم يشمل ما تحت العظمة ؟‬
‫(‪ )42‬الجواب‪ :‬حدود الوجه هي من منبت الشعر في الرأس‬
‫إلى العظمة البارزة في الذقن طولً‪ ،‬وما بين الذنين‬
‫‪26‬‬
‫عرضاً‪ ،‬ولذا فإن ما تحت العظمة البارزة ليس من الوجه‬
‫وإنما هو جزءٌ من الرقبة‪ ،‬وهذا الجزء ل يجب غسله في‬
‫الوضوء‪ ،‬لن الرقبة ل يُشرع غسلها في الوضوء‪.‬‬

‫(‪ )43‬السؤال‪ :‬هل تقاس الموائع من غير الماء إذا أصابتها‬


‫َ‬
‫النجاسات على ( إذا بلغ الماء قُل ّتين لم يحمل الخبث ) ؟‬
‫حيث لم تذكروا في كتاب [ الجامع لحكام الصلة ]‬
‫الموائع من غير الماء التي ل تحمل الخبث‪ ،‬فهل الزيت‬
‫َ‬
‫والعصائر إن كانت فوق القُل ّتين وأصابها الخبث فلم‬
‫تتغيَّر‪ ،‬هل تنجس ؟‬
‫(‪ )43‬الجواب‪ :‬ما ينطبق على الماء بخصوص الطهارة‬
‫والنجاسة ينطبق على أي سائل ومائع‪ ،‬فالماء والزيت‬
‫َ‬
‫والعصائر إن بلغت فوق القُل ّتين وأصابتها النجاسة بقيت‬
‫ن تَغَيَّر طع ُ‬
‫مها أو لونُها أو‬ ‫طاهرة ولم تتنجس‪ ،‬إل إ ِ ْ‬
‫رائحتُها تغيُّرا ً ظاهراً‪ .‬راجع البحث [ الماء النجس ] في‬
‫الجزء الول من الجامع لحكام الصلة‪ ،‬ففيه المزيد‪.‬‬

‫(‪ )44‬السؤال‪ :‬قلتم في كتابكم [ الجامع لحكام الصلة ] إن‬


‫نزول الدم ينقض الوضوء‪ ،‬ودليلكم كان حديث‬
‫الستحاضة‪ ،‬ولم توردوا دليل ً غيره‪ ،‬فلماذا لم تَعُدُّوا ذلك‬
‫_ وهو خروج الدم من المستحاضة _ مبطل ً للوضوء من‬
‫باب أن الخارج من السبيلين ينقض الوضوء‪ ،‬وليس من‬
‫أجل نزول الدم ؟‬
‫(‪ )44‬الجواب‪ :‬ليس لديَّ ما هو أوضح وأشمل في الرد على‬
‫سؤالكم هذا مما تجدونه في البحث [ خروج الدم ] في‬
‫صه أن دم‬ ‫خ ُ‬ ‫الجزء الول من الجامع لحكام الصلة ومل َ َّ‬
‫عْرق‪ ،‬وهذا الوصف‬ ‫المستحاضة وُصف بأنه يخرج من ِ‬
‫عام يشمل كل ما يخرج من الدم ولم ينوِّه الحديث‬
‫بكون دم المستحاضة ناقضا ً للوضوء بسبب خروجه من‬
‫ص‪،‬‬‫صص بن ٍ‬ ‫الفرج‪ ،‬والعام يبقى على عمومه إل أن يُخ َّ‬
‫صص هذا العام‪.‬‬ ‫ولم يرد أيُّ ن ٍّ‬
‫ص يخ ِّ‬

‫‪27‬‬
‫ت في كتابك [ الجامع لحكام الصلة ]‬ ‫(‪ )45‬السؤال‪ :‬لقد ذكر َ‬
‫ت منها‬
‫أن لمس المصحف يحتاج إلى الطهارة‪ ،‬وقصد َ‬
‫الطهارة من الحدثين الكبر والصغر‪ ،‬وسؤالي هو‪ :‬هل‬
‫قراءة القرآن شفهيا ً من غير لمس المصحف تحتاج هي‬
‫الخرى إلى هذه الطهارة ؟‬
‫س المصحف ول أن يقرأ‬ ‫(‪ )45‬الجواب‪ :‬ل يجوز للجنب أن يم َّ‬
‫فيه‪ ،‬كما أنه ل يجوز له أن يتلو آياتِهِ شفهياً‪ ،‬فإن اغتسل‬
‫من الجنابة جاز له أن يفعل كل ما سبق فإن انتقض‬
‫س المصحف والقراءة فيه‪،‬‬ ‫وضوؤه بعدئذ ٍ حرم عليه م ُّ‬
‫ولكنه يستطيع أن يتلو اليات شفهياً‪ ،‬فنقض الوضوء ل‬
‫يمنع من القراءة الشفهية‪.‬‬

‫ة على الجرح‪،‬‬ ‫ة طبي ً‬


‫صق ً‬‫ت لَ ْ‬
‫جرِحت يدي ووضع ُ‬ ‫(‪ )46‬السؤال‪ُ :‬‬
‫ت لم أنزع اللصقة وإنما توضأت فوقها مع‬ ‫وعندما توضأ ُ‬
‫العلم أنها لو أُزيلت فلن أتضَّرر كثيرا‪ ،‬لن الجرح بسيط‬
‫ً‬
‫ي استبدال لصقة جديدة بها‪ ،‬ولم أكن في‬ ‫ولكن يجب عل َّ‬
‫البيت ول أحمل لصقة أخرى‪ ،‬فهل يجوز وضوئي في هذه‬
‫الحالة ؟‬
‫(‪ )46‬الجواب‪ :‬ما دام الجرح في حاجة إلى لصقة فل يجب‬
‫ة أخرى أو لم‬ ‫نزعها عند الوضوء‪ ،‬سواء كانت لديكم لصق ٌ‬
‫تكن‪ ،‬ولكن في هذه الحالة يتوجب عليك أن تَتَيَّمم أول ً ثم‬
‫تتوضأ وتمسح على اللصقة في أثناء غسل اليد‪،‬‬
‫وللوقوف على الدلة انظر البحث [ ما يُعصب على‬
‫الجرح والجبيرة ] في الجزء الول من الجامع لحكام‬
‫الصلة‪ ،‬وتجد جواب سؤالك في الحديث الول‪ ،‬وفي‬
‫البند الثالث الذي يليه‪.‬‬

‫(‪ )47‬السؤال‪ :‬حول مسألة لمس المرأة هل ينقض الوضوء‬


‫ت في كتاب [ الجامع لحكام الصلة ] أن‬ ‫أو لينقض‪ ،‬ذكر َ‬
‫س ) في اللغة تفيد معنيين حقيقيين هما‬
‫م َ‬‫لفظة ( ل َ‬
‫‪28‬‬
‫مباشرة اللمس باليد‪ ،‬والجماع‪ ،‬وهذا يخالف ما ورد في‬
‫كتاب أحكام الصلة للستاذ علي راغب‪ ،‬وما أعرفه أنا‬
‫ة على مباشرة اللمس‬ ‫من اللغة أن اللمس يدل حقيق ً‬
‫ل مجازا ً على الجماع‪ ،‬ول يُصار إلى حمل‬ ‫باليد‪ ،‬ويد ُّ‬
‫المعنى في النص الشرعي على المجاز إل إن تعذَّر حمل‬
‫س)‬ ‫م َ‬ ‫المعنى على الحقيقة‪ ،‬وهذا يعني أن لفظة ( ل َ‬
‫الواردة في الية الكريمة رقم ‪ 6‬من سورة المائدة‪،‬‬
‫وكذلك في الية الكريمة رقم ‪ 43‬من سورة النساء‪،‬‬
‫حسب الحقيقة اللغوية‪ ،‬تعني معنى واحدا ً فقط هو‬
‫مباشرة اللمس باليد‪ ،‬ول يجوز حملها على المجاز‪ ،‬لن‬
‫ة ل يتعذر هنا‪ ،‬فأرجو‬ ‫الحمل على المعنى الحقيقي لغ ً‬
‫تبيان هذا المر ؟‬
‫ة يفيد معنيين حقيقيين‬ ‫(‪ )47‬الجواب‪ :‬أنا لم أقل إن اللمس لغ ً‬
‫ت‪ ،‬وإنما قلت إن اللمس يفيد المس باليد‬ ‫كما ذكر َ‬
‫ة‬
‫ة لغ ٌ‬‫ة‪ ،‬ويفيد الجماع بالمجاز وكما أن الحقيق َ‬ ‫حقيق ً‬
‫ة هو الخر‪ ،‬فالمجاز ل يخرج عن كونه‬ ‫فكذلك المجاُز لغ ٌ‬
‫من اللغة‪.‬‬
‫نعم نحن نتبنى الخذ بالحقيقة إل إن تعذر ذلك‪ ،‬فعندئذٍ‬
‫نأخذ بالمجاز‪ ،‬وفي مسألة لمس المرأة تعذر الخذ‬
‫بالحقيقة لمصادمتها للحاديث الكثيرة الصحيحة والحسنة‪،‬‬
‫بل ولدللة اليتين الكريمتين فقها ً وفهماً‪ ،‬ولول وجود‬
‫القرائن على أن اللمس يفيد الجماع هنا لما جاز لي‬
‫ف اللفظة إلى المجاز ‪.‬‬ ‫صر ُ‬

‫ت أن ألبس الجراب على وضوء فهل‬ ‫(‪ )48‬السؤال‪ :‬إن أرد ُ‬


‫تلزم نية بذلك ؟ وهل يشترط إذا كانت هناك نية أن‬
‫تكون بعد الوضوء مباشرة‪ ،‬أم يصح أن تكون في أي‬
‫وقت آخر ؟‬
‫(‪ )48‬الجواب‪ :‬ل يُشترط أن تنوي المسح عند لبس الجورب‬
‫ح عليه‪ ،‬فالنية عند اللبس غير لزمة وغير‬‫ح المس ُ‬‫ليص َّ‬
‫مطلوبة‪ ،‬فقد تنوي المسح عند اللبس‪ ،‬وقد ل تنوي‬
‫المسح إل بعد نقض الوضوء‪ ،‬بل قد ل تنوي المسح إل‬
‫‪29‬‬
‫عند مباشرة المسح‪ ،‬فكل ذلك جائز بشرط أن تكون قد‬
‫ت الجورب وأنت متوضئ‪.‬‬‫لبس َ‬

‫ت موضوع حكم إعفاء اللحية قبل وبعد‬ ‫(‪ )49‬السؤال‪ :‬قرأ ُ‬


‫ً‬
‫طرح السؤال وتلقي الجواب‪ ،‬ولكني لم أر ذكرا للقرينة‪،‬‬
‫فهل القرينة هي ذكر اللحية مع أمورٍ أخرى مندوبةٍ في‬
‫حديث الفطرة أم هي شيء آخر ؟ ول سيما وأن ذلك‬
‫النوع من القرائن‪ ،‬أقصد ذكر أمر مع أمور معروف‬
‫حكمها‪ ،‬ل نأخذ بها في المتبنى عندنا‪ ،‬والله سبحانه أعلم‪،‬‬
‫فماذا ترون ؟‬
‫(‪ )49‬الجواب‪ :‬نعم إن دللة القتران ضعيفة عند الصوليين‪،‬‬
‫ولكن اعتبارنا إعفا َء اللحية مندوبا ً غير واجب لم يأت من‬
‫اقترانه بالسنن الواردة في الحديث‪ :‬عشر من الفطرة‪،‬‬
‫وإنما جاء اعتبار العشرِ كل ِّها من السنن لعدة أسباب‪:‬‬
‫أولها‪ :‬هناك رواية لهذا الحديث الشريف عند النسائي‬
‫سنة‪،‬‬ ‫وأبي عوانة في صحيحه بلفظ " عشرة من ال ُّ‬
‫والسواك وقص الشارب والمضمضة والستنشاق‬
‫وتوفير اللحية وقص الظافر ونتف البط والختان‬
‫وحلق العانة وغسل الدبر " فقال الحديث ( عشرة من‬
‫السنة ) وذكر منها توفير اللحية‪.‬‬
‫ثانيها‪ :‬هذه الفعال العشرة هي من الفعال الجبل ِّية التي‬
‫يُقام بها عادة من قبل جميع البشر‪ ،‬فجاء الشرع الحنيف‬
‫بإقرارها‪.‬‬
‫ثالثها‪ :‬ل توجد قرينة على هذا القرار أو الطلب لهذه‬
‫العشرة تصرف الطلب إلى الوجوب‪ ،‬فلم يبق إل الندب وإل‬
‫الباحة‪ ،‬وحيث أنها تدخل في باب النظافة‪ ،‬فإن الطلب لهذه‬
‫الفعال يأخذ حكمها‪ ،‬وحكم النظافة الندب والستحباب‪.‬‬
‫أما ما جاء في النصوص " خالفوا المجوس " أو " إن‬
‫اليهود والنصارى‪ ...‬فخالفوهم " فإنه ل يشكَّل قرينة‬
‫تصرف الطلب إلى الوجوب‪ ،‬كما بيَّنا في الكلم‪ .‬فالعشر‪،‬‬
‫ومنها إعفاء اللحية‪ ،‬هي مندوبة مسنونة فقط‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫جحتم‬ ‫(‪ )50‬السؤال‪ :‬في كتابكم [ الجامع لحكام الصلة ] ر َّ‬
‫الرأي القائل بأن خروج الدم من البدن من مبطلت‬
‫الوضوء‪ ،‬ولكنكم لم تحددوا مقدار هذا الدم المبطل‬
‫ت أنكم تقصدون مطلق الدم‪ ،‬سواء‬ ‫للوضوء‪ ،‬وقد فهم ُ‬
‫ل‪ ،‬وسواء فحش أو لم يفحش‪ ،‬ل فرق‬ ‫س ْ‬
‫سال أو لم ي َ ِ‬
‫بين النقطة السطحية والجرح النازف فهل فهمي‬
‫صحيح ؟‬
‫(‪ )50‬الجواب‪ :‬تجدون في البحث [ الدم المسفوح ] في‬
‫الجزء الول من الجامع لحكام الصلة جوابا ً على‬
‫سؤالكم ما يلي [ أما قدر الدم المسفوح الذي يعتبر‬
‫ن العتدال‬ ‫نجسا ً فالحكم عليه راجع لتقدير الشخص‪ ،‬ولك َّ‬
‫في التقدير أن يقال‪ :‬إنه الذي يسيل إذا صادف سطحاً‬
‫مائلً‪ ،‬فتخرج منه النقطة والنقطتان لنهما ليستا دماً‬
‫مسفوحا ً والشرع يعفو عن القليل ]‪.‬‬
‫وتجدون في البحث [ نجاسة الدم ] في الجزء الول أيضاً‬
‫ما يلي [ كان أبو هريرة ل يرى بأسا ً بالقطرة والقطرتين‬
‫في الصلة ] واقرأوا الفقرة الثانية في الصفحة نفسها‬
‫لتجدوا الجابة على سؤالكم ‪.‬‬

‫خف للمسح عليه‪ ،‬وبالتحديد‬ ‫(‪ )51‬السؤال‪ :‬ما هي صفات ال ُ‬


‫ت على ماء‬‫الجورب ؟ فإن أنا توضأت‪ ،‬وبعد ذلك دس ُ‬
‫طاهر دون قصد فابتل الجورب‪ ،‬فهل ينتقض وضوئي‬
‫بسبب ابتلل الجورب ؟‬
‫ُّ‬
‫(‪ )51‬الجواب‪ :‬الخف والجورب والنعل كلها يصح المسح عليها‬
‫ت هي ‪:‬‬ ‫ة صفا ٍ‬‫إن تحققت فيها ثلث ُ‬
‫أ‪ -‬أن تستر القدمين إلى الكعبين‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن تُدَفِّئ القدمين‪.‬‬
‫سهِّل المشي‪.‬‬ ‫ج‪ -‬أن ت ُ َ‬
‫فإن نقصت واحدة من هذه الصفات الثلثة لم يجز‬
‫المسح عليها وهذه الصفات أُخذت من واقع ما يُلبس في‬
‫القدم عادةً‪ .‬أما جوارب النساء الشفافة والرقيقة جدا ً فل‬
‫‪31‬‬
‫ة الولى وهي الستر‪،‬‬ ‫يصح المسح عليها لنها فاقدة ٌ الصف َ‬
‫ة الثانية وهي التدفئة‪ ،‬وربما كانت فاقدةً‬ ‫وفاقدة ٌ الصف َ‬
‫صلة هي أن‬
‫ة وهي تسهيل المشي‪ .‬والمح ِّ‬ ‫ة الثالث َ‬
‫الصف َ‬
‫جوارب الرجال يصح المسح عليها‪ ،‬أما جوارب النساء‬
‫الخفيفة والشفافة فل يصح المسح عليها‬
‫ي بالجورب في أرض مبتلة‬ ‫ول يؤثر في الوضوء المش ُ‬
‫بالماء وابتلل الجورب به‪ ،‬ويمكنك أن تمسح على‬
‫الجورب‪ ،‬ثم تسير في أرض مبتلة أو حتى تخوض في‬
‫الماء‪ ،‬دون أن يؤثر ذلك في الوضوء‪ ،‬إذ ل يشترط في‬
‫الجورب أن يكون مانعا ً من وصول الماء إلى القدم‪ ،‬كما‬
‫ل يشترط فيه أن يبقى جافاً‪.‬‬

‫ت في موضوع لمس المرأة ونقضه للوضوء‬ ‫(‪ )52‬السؤال‪ :‬قل َ‬


‫ما يلي [‪ ...‬وذهب علي بن أبي طالب وعبد الله بن‬
‫عباس وأبي بن كعب‪ ،‬والحسن ومجاهد وقتادة‪ ،‬وسعيد‬
‫ابن جبير وعطاء وطاووس‪ ،‬وأبو حنيفة وأبو يوسف وابن‬
‫ت في‬ ‫جرير الطبري‪ ،‬إلى أنه غير ناقض‪ ] ...‬وقد وجد ُ‬
‫تفسير القرطبـي قوله [ وُروي ذلك عن الشعبي‬
‫والنخعي كلهم قالوا‪ :‬إذا لمس فالتذ َّ وجب الوضوء‪ ،‬وإن‬
‫ت [ وممن ذهب إلى هذا‬ ‫لم يلتذ َّ فل وضوء ] وقل َ‬
‫ت _ أي تفسير الملمسة بالجماع _ علي‬ ‫التفسير‪ ...‬قل ُ‬
‫بن أبي طالب وأبي بن كعب وعبد الله بن عباس‪ ،‬وهم‬
‫سرها كذلك أبو حنيفة‬ ‫أعلم الصحابة بتأويل كتاب الله‪ ،‬وف َّ‬
‫ومجاهد وطاووس‪ ،‬والحسن وسعيد بن جبير والشعبي‬
‫وقتادة‪ ] ...‬مع أن السيوطي في الدُّّرِ المنثور يقول [ عن‬
‫الشعبي قال‪ :‬الملمسة دون الجماع ] وكذلك روى‬
‫الطبري‪ ،‬فهل أنت متأكد من أن الشعبي يفسر آية‬
‫التيمم كما فهمتها أنت أم أن هناك خطأ ً ما ؟‬
‫(‪ )52‬الجواب‪:‬‬
‫أولً ‪ :‬الخلف فيما نُقل عن الشعبي ل يؤثر في مسألتنا‪،‬‬
‫فسواء قال الشعبي بالنقض أو بعدم النقض فالمسألة‬
‫عندنا محسومة بالدلة الشرعية‪ ،‬وهي أن اللمس العادي‬
‫‪32‬‬
‫ل ينقض الوضوء على الرأي الراجح‪ ،‬كل ما في المر‬
‫أنني أذكر في المسائل المختلفة عددا ً من علماء‬
‫ي أو مخالفته‬ ‫الصحابة والتابعين وعلماء المذاهب لتأييد رأ ٍ‬
‫دون أن أستدل بذلك على الحكم المستنبط‪ ،‬فالدليل‬
‫م‬
‫ليس قول الصحابي‪ ،‬ول قول التابعي‪ ،‬ول قول عال ِ ِ‬
‫المذهب‪ ،‬وهذا ما يجب التنبه له‪.‬‬
‫وثانياً ‪ :‬أما بخصوص سؤالكم عن الشعبي‪ ،‬فإني عادةً‬
‫أنقل أسماء الموافقين والمعارضين من كتب الفقة‬
‫المعتبرة‪ ،‬ومن كتب الحديث وكتب التفسير‪ ،‬وهذه الكتب‬
‫ت فيها ما ذكرتُه عن الشعبي فوضعته‪ ،‬والمعلوم أن‬ ‫وجد ُ‬
‫ت في الروايات عن الشخاص‪ ،‬لن‬ ‫هناك تعددا ً واختلفا ٍ‬
‫ة عن‬ ‫ذلك ل يخضع لقواعد السناد والرواية‪ ،‬فتجد ُ رواي ً‬
‫ة لرواية أخرى عنهما‬ ‫أحمد أو عن مالك في كتاب مخالف ً‬
‫في كتاب آخر‪ ،‬ولذلك تجد في كتاب [ الجامع لحكام‬
‫الصلة ] وفي كتاب [ الجامع لحكام الصيام ] في‬
‫مواضيع عديدة أنني أنقل أكثر من رواية عن الشخص‬
‫الواحد في المسألة الواحدة‪ ،‬فل تهتم بهذا المر كثيراً‬
‫ة عن أشخاص بطريق التساهل‪،‬‬ ‫لنها كما قُل ُ‬
‫ت مروي ٌ‬
‫والمهم أنها ل تؤثر في صحة الحكم ول في طريقة‬
‫الستدلل‪.‬‬

‫(‪ )53‬السؤال‪ :‬عندما يفرغ الشخص من التبول أو التغوط‬


‫سيفون وهو قاعد على مقعد الحمام‪ ،‬فيندفع الماء‬ ‫يَفتح ال ِ‬
‫سيفون فيتناثر رشاش الماء على بدنه‪ ،‬فهل‬ ‫من داخل ال ِ‬
‫يجب عليه غسل ما أصابه رشاش الماء الذي تَعْلَقُ به‬
‫النجاسة عادة ؟‬
‫(‪ )53‬الجواب‪ :‬الشرع يعفو عن النجاسة اليسيرة‪ ،‬فإن كان‬
‫ن فل بأس‪،‬‬ ‫ش الماء الذي أصابه قدَر نقطةٍ أو نقطتي ِ‬
‫رشا ُ‬
‫وما زاد فيجب غسله‪.‬‬

‫‪33‬‬
34
‫البـاب الثانـــــي‬
‫ال َّ‬
‫صـــــــلة‬
‫(‪ )1‬السؤال‪ :‬ما السبيل للخلص من الوسواس في الصلة ؟‬
‫سواء وسواس التكبير أو النية أو غيرهما ؟ وما هو الوضع‬
‫الصحيح للتكبير ؟ وهل يُعتبر وضوءُ المسلم ووقوفُه على‬
‫َ‬
‫ة‪ ،‬خاصة لمن أصابه‬ ‫مصل ّى ليصلي هل يعتبر ني ً‬ ‫ال ُ‬
‫الوسواس ؟ بمعنى أنني أتوضأ لصلة الظهر مثلً‪ ،‬فإذا‬
‫َ‬
‫ت بأنني ل أستطيع استحضار‬ ‫مصل ّى‪ ،‬شعر ُ‬‫وقفت على ال ُ‬
‫مي‪،‬‬ ‫النية في قلبي‪ ،‬فأتعوذ بالله من الشيطان وأس ِّ‬
‫ت أن أكبِّر‬ ‫وأقول إنني أنوي صلة فرض الظهر‪ ،‬وإذا أرد ُ‬
‫ن شيئا ً من‬ ‫ت بزوال النية من قلبي‪ ،‬أو تذكرت أ َّ‬ ‫شعر ُ‬
‫ي تركيزي في‬ ‫ً‬
‫شعري ظاهٌر‪ ،‬أو سمعت صوتا قطع عل َّ‬
‫التكبير‪ ،‬وهكذا أظل ربع ساعة أو أكثر وأنا أعيد النية أو‬
‫أعيد التكبير‪ ،‬حتى صرت أستحيي من أن أصلي أمام‬
‫الناس‪ ،‬لعلمي بأنني على خطأ‪ ،‬ول أستطيع تصحيح هذا‬
‫الخطأ‪ ،‬فما العمل ؟‬
‫(‪ )1‬الجواب‪ :‬الوسواس مرض نفسي يصيب النسان‪ ،‬وعلجه‬
‫يحتاج إلى وقت‪ ،‬والذي يعنينا هنا هو كيفية التخلص من‬
‫هذا الوسواس في الصلة‪ ،‬فأقول ما يلي ‪:‬‬
‫ن صفة التكبير هي رفعُ إِبهامي اليدين المفتوحتين في‬ ‫أ‪ .‬إ َّ‬
‫محاذاة أسفل الذنين‪ ،‬ثم القول‪ :‬الله أكبر‪.‬‬
‫َ‬
‫مصل ّى ليصلي ل يكفي‬ ‫ب‪ .‬وضوء المسلم ووقوفُه على ال ُ‬
‫وحده ليكون نية‪ ،‬فقد يفعل المسلم ذلك دون أن تنعقد‬
‫لديه نية في الصلة آنذاك‪.‬‬
‫ج‪ .‬ل ضرورة لن تنوي عند التوضؤ الوضوءَ لصلة الظهر‪،‬‬
‫أو الوضوءَ لصلة العصر‪ ،‬أو الوضوءَ لغيرهما على‬
‫التعيين‪ ،‬فالوضوء ل يحتاج إلى تعيين نوع الصلة التي‬
‫يُراد أداؤ ُها به‪ ،‬بل يكفي المسلم أن ينوي الوضوء فقط‬
‫دون تعيين ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫د‪ .‬الحل الوحيد المتيسر لك الن للخلص من الوسواس‬
‫هو أن تعملي ما يلي عند الصلة‪ :‬تقفين على سجادة‬
‫الصلة‪ ،‬ثم تستحضرين النية للصلة‪ ،‬ولسهولة ذلك فإنه‬
‫يجوز لك أن تقولي بصوت مسموع‪ :‬نويت أن أصلي أربع‬
‫ركعات صلة الظهر لله تعالى مثلً‪ ،‬وبعد ذلك تتركين‬
‫ت‬‫التفكير في النية‪ ،‬ول تلتفتين إليها مطلقا ً ولو أحسس ِ‬
‫بأنها خرجت من قلبك‪ ،‬ثم تقولين‪ :‬الله أكبر‪ ،‬وتدخلين‬
‫بذلك في الصلة‪ ،‬وهكذا تتخلصين من الوقوف طويل ً عند‬
‫النية والدخول في الصلة‪ ،‬ذلك أن مشكلتك أنك تريدين‬
‫أن تستحضري النية وتداومين على استحضارها من بدء‬
‫النية إلى التلفظ بالقول‪ :‬الله أكبر‪ ،‬ول تطيقين ترك‬
‫الستحضار لحظة واحدة‪ ،‬وهذا ل يلزم‪ ،‬إذ يكفيك أن‬
‫تستحضري النية‪ ،‬ولو مدة َ ثانيةٍ واحدةٍ‪ ،‬ثم تدخلين في‬
‫الصلة دون أن تشغلي ذهنك بالستمرار في استحضار‬
‫النية‪ ،‬إذ يكفي المصل ِّي أن ينوى مرة ً واحدة ً في لحظة‬
‫قصيرة‪ ،‬ثم يشغل عقله وقلبه بما يفعل في صلته دون‬
‫أن يلتفت للنية ثانية‪ ،‬إذ ل حاجة بك لن تجمعي في‬
‫لحظة واحدة بين استحضار النية والتلفظ بكلمة‪ :‬الله‬
‫أكبر‪ ،‬فالحساس بوجود النية عند التكبير غير مطلوب‪،‬‬
‫وبذلك تتخلصين من الوقوف طويل ً قبل بدء الصلة‪،‬‬
‫وربما يحتاج النجاح في التخلص من هذا الوسواس إلى‬
‫وقت غير قصير‪ ،‬وإلى معاناة‪ ،‬ولكن النتيجة مضمونة‬
‫م على‬‫ك العز ُ‬
‫بإذن الله تعالى‪ ،‬خاصة إن وُجد عند ِ‬
‫التخلص منه‪.‬‬

‫(‪ )2‬السؤال‪ :‬هل تجوز الصلة في المكان الذي فيه نجاسة‬


‫ة فوق الموكيت‬ ‫جافة كأثر بول صغير‪ ،‬أو قي ٍء ج َّ‬
‫ف‪ ،‬خاص ً‬
‫والسجاد وغير ذلك ؟‬
‫(‪ )2‬الجواب‪ :‬الصلة في المكان النجس حرام‪ ،‬وكذلك الصلة‬
‫في الثوب النجس ولكنها ل تبطل فيهما‪ ،‬لن طهارة‬
‫المكان والثوب والبدن واجبة في الصلة‪ ،‬وليست شرطاً‬

‫‪36‬‬
‫لصحتها‪ ،‬وهناك فرقٌ بين الشرط وبين الواجب‪ .‬وأضيف‬
‫ما يلي ‪:‬‬
‫ة نجاسة‪ ،‬كالبول‬ ‫ن أي ُ‬
‫ب أو البد َ‬
‫ن أو الثو َ‬
‫ن أصابت المكا َ‬ ‫إ ْ‬
‫أو القيح أو الدم ولم تُغسل ولم يُطهَّر المكان أو الثوب‬
‫حّرِمت الصلة بها وعليها ولو كانت النجاسة‬ ‫أو البدن ُ‬
‫جافة‪ ،‬أما إن فُرشت سجادة ُ صلةٍ طاهرةٌ فوق البقعة‬
‫النجسة‪ ،‬جازت لك الصلة عندئذٍ‪ ،‬فالعبرة هي أن ل‬
‫تلمسي البقعة النجسة وأنت تصلين‪ .‬وأُلفت نظرك إلى‬
‫أن القيء طاهر غير نجس سواء كان جافا ً أو رطباً‪ ،‬إذ ل‬
‫دليل على نجاسته‪.‬‬

‫(‪ )3‬السؤال‪ :‬هل يجوز للم أن تنوي الصلة وتكبَّر وابنها‬


‫الصغير واقف أمامها أو جالس‪ ،‬ول يرضى أن يبتعد إل‬
‫بعد أن تضربه‪ ،‬وربما كان الصغير ل يفهم ما يُقال له‬
‫فتزيحه أمه‪ ،‬ولكنه ل يلبث أن يعود‪ ،‬وهل يجوز لها أن‬
‫تزيحه برفق من أمامها إذا أرادت الركوع أو السجود وهو‬
‫واقف أمامها‪ ،‬ول تنتظر حتى يبتعد من نفسه ؟ وكذلك‬
‫إذا كان راكبا ً على ظهرها وهي ساجدة هل يجوز لها أن‬
‫تقوم برفق حتى ل يتأذى وينزل وحده ؟‬
‫(‪ )3‬الجواب‪ :‬ل يجب عليك أن تزيحي ابنك من أمامك أو‬
‫تنزليه عن ظهرك عندما تريدين الصلة‪ ،‬وإن كان ابنُك‬
‫واقفا ً على السجادة فل حاجة بك إلى إزاحته وإبعاده‪ ،‬ول‬
‫مانع من بقائه واقفا ً أو جالسا ً على سجادة الصلة‬
‫ت أن‬‫أمامك‪ ،‬ويمكنك أداء الصلة دون محظور‪ ،‬وإن أرد ِ‬
‫تُبعديه من أمامك أو تنزليه عن ظهرك وأنت في الصلة‬
‫فل مانع أيضاً‪ ،‬ول يُبطِل ذلك الصلة‪ ،‬فكل المرين جائز‪.‬‬

‫َ‬
‫(‪ )4‬السؤال‪ :‬رجل صل ّى في مكان يجهل فيه اتجاه ال ِ‬
‫قبلة‪،‬‬
‫َ‬
‫س اتجاه‬ ‫م أنه صل ّى عك َ‬
‫وبعد أن فرغ من صلته عل ِ َ‬
‫القبلة‪ ،‬فهل يجب عليه أن يعيد صلته ؟‬

‫‪37‬‬
‫(‪ )4‬الجواب‪ :‬يجب على المسلم أن يتحَّرى استقبال القبلة‪،‬‬
‫ويتوجه في صلته إليها‪ ،‬ول يضيره بعد التحّرِي أن‬
‫يخطيء في تحديد التجاه الصحيح فيصلي إلى غير القبلة‬
‫كأن يكون مسافرا ً ول يعرف الجهات‪ ،‬أو يكون اليوم‬
‫غائما ً فيصعب على المرء فيه تحديد التجاه‪ ،‬فيصلي‬
‫حيث يغلب على ظنه أنه التجاه نحو الكعبة‪ ،‬ول إعادة‬
‫عليه إن تبين له خطؤه بعد أداء صلته‪ ،‬سواء كان ذلك‬
‫قبل خروج الوقت أو بعد خروجه‪ ،‬لما روى معاذ بن جبل‬
‫َّ‬
‫غيم في‬‫ٍَ‬ ‫يوم‬ ‫في‬ ‫الله‬ ‫رسول‬ ‫مع‬ ‫ينا‬ ‫قال " صل‬
‫َّ‬
‫ما قضى الصلة وسل ّم تجلت‬ ‫سفر إلى غير القبلة‪ ،‬فل َّ‬ ‫ٍ‬
‫َّ‬
‫س فقلنا‪ :‬يا رسول الله صلينا إلى غير القبلة‪،‬‬ ‫الشم ُ‬
‫قّها إلى الله عز وجل "‬ ‫فقال‪ :‬قد ُرفعت صلتُكم بح ِ‬
‫رواه الطبراني‪ .‬وأصرح من ذلك ما ُروي عن جابر بن‬
‫َ‬
‫ة في‬ ‫عبد الله رضي الله تعالى عنه أنه قال " صل ّينا ليل ً‬
‫َ‬
‫خفِيت علينا القِبلة‪ ،‬وعل ّمنا ع َلَماً ‪ ،‬فلما انصرفنا‬ ‫غيم‪ ،‬و َ‬
‫َّ‬
‫نظرنا‪ ،‬فإذا نحن قد صلينا إلى غير القبلة‪ ،‬فذكرنا ذلك‬
‫لرسول الله فقال‪ :‬قد أحسنتم‪ ،‬ولم يأمرنا أن نعيد‬
‫" رواه البيهقي‪.‬‬

‫ت أمام‬ ‫(‪ )5‬السؤال‪ :‬هل تُعتبر صلتي باطل ً‬


‫ة إن أنا صلي ُ‬
‫الجانب ووجهي ويداي ظاهرتان‪ ،‬وباقي جسمي‬
‫َ‬
‫مغط ّى ؟‬
‫(‪ )5‬الجواب‪ :‬صلة المرأة أمام الجانب جائزة ويداها ووجهُها‬
‫مكشوفة‪ ،‬وهذا يحصل بشكل دائم في الحرم المكي‬
‫حول الكعبة‪ ،‬أما في غير الحرم المكي فالفضل أن‬
‫ن ذلك‬‫تصلي المرأة بعيدا ً عن أعين الرجال الجانب‪ ،‬ولك َّ‬
‫ب فقط وليس بواجب وصلتها أمام الجانب‬ ‫مندو ٌ‬
‫صحيحة مقبولة‪.‬‬

‫ت‪ ،‬وجاء طفلي‬ ‫(‪ )6‬السؤال‪ :‬إذا كن ُ‬


‫ت في صلتي وسجد ُ‬
‫الصغير وجلس على قدمي وفي حفاظته نجاسة‪ ،‬فهل‬
‫‪38‬‬
‫مها ول حرج‬ ‫ي أن أقطع الصلة ثم أعيدُها أم أُت ِ ُّ‬‫يجب عل َّ‬
‫ي‪ ،‬لنني لم أتعمد حمل النجاسة في الصلة ؟‬ ‫عل َّ‬
‫ة في مكان الصلة أو في‬ ‫(‪ )6‬الجواب‪ :‬إن طرأت نجاس ٌ‬
‫ملبس المصل ِّي فإن ذلك ل يبطل صلته‪ ،‬ويكفي في‬
‫ذلك إبعاد ُ النجاسة وإِزاحتُها إن أمكن ذلك والستمراُر‬
‫في الصلة‪ ،‬وفي حالة عدم التمكن من التخلص منها ‪،‬‬
‫حجر أمه فيبل ِّل ثيابها‪ ،‬فإن عليها أن‬ ‫كأن يبول الطفل في ِ‬
‫تقطع الصلة‪ ،‬وتذهب لتغسل الثوب أو البدن من‬
‫النجاسة‪ ،‬ثم تعود للصلة من جديد‪.‬‬
‫أما المثال الذي ذكرتِهِ من أن ابنك الصغير جلس على‬
‫قدميك وفي حفاظته نجاسة‪ ،‬فهذا ل يجعلك تنجسين‪ ،‬لن‬
‫ك وبينها‪ ،‬وهو الحفاظة‬ ‫النجاسة لم تصبك لوجود حائل بين ِ‬
‫فيمكنك الستمرار في الصلة ول يجب عليك قطعها‪،‬‬
‫ك في هذه الحالة إِبعاد ُ طفلك عنك وعن‬ ‫ولكن علي ِ‬
‫سجادة صلتك ولو تكرر إبعاده عنك عدة مرات‪.‬‬

‫(‪ )7‬السؤال‪ :‬على حدِّ علمي أن صلة التسابيح وردت في‬


‫الحاديث الموضوعة‪ :‬في الموضوعات لبن الجوزي‪،‬‬
‫وفي الفوائد المجموعة للحاديث الموضوعة للشوكاني‪.‬‬
‫ثم إن واقع صلة التسابيح يخالف جميع هيئات الصلوات‬
‫ن بالعدد‪ ،‬بخلف‬‫الخرى‪ ،‬فتشغِل هذه الصلة ُ الذه َ‬
‫الصلوات الخرى التي ينشغل فيها المصلي بالمعاني‪،‬‬
‫ج مميَّز في رد الحاديث‬ ‫وقد ظهر لنا في الكتاب نه ٌ‬
‫المضطربة والضعيفة ومعالجتها‪ ،‬ولكن هذا النهج لم يُتَّبع‬
‫في هذه المسألة‪.‬‬
‫(‪ )7‬الجواب‪ :‬أطمئنك إلى أنني لم آخذ حديثا ً واحدا ً إل حسب‬
‫النهج المتَّبع في الكتاب‪ ،‬ومنه صلة التسابيح‪ ،‬ولكن لو‬
‫ت إلى مقدمة الكتاب لوجدت في آخر سطر من‬ ‫رجع َ‬
‫الصفحة السادسة ما يلي [ إن الغاية من وضع هذا‬
‫ص الجزءَ الول منه هي أنني أردت أن أضع‬ ‫الكتاب وأخ ُّ‬
‫ب أو‬ ‫نموذجا ً لكتابة الفقه ] فالنموذج الذي أردتُه هو أسلو ُ‬
‫ج الجز ِء الول‪ ،‬وليس نموذج الجزء الثاني‪ ،‬ولم‬ ‫نموذ ُ‬
‫‪39‬‬
‫أستعمل نموذج الجزء الول في كتابة الجزء الثاني إل‬
‫في عدد محدود من الموضوعات‪ ،‬مثل الذان والبسملة‬
‫والقنوت في الوتر ومسافة القصر‪ ،‬ولذلك لم أتناول‬
‫بالتفصيل آراء العلماء في صلة التسابيح‪ ،‬وهذا ل يعني‬
‫أنني تهاونت في الجزء الثاني من حيث الستنباط‬
‫والستدلل والنظر في الحاديث‪ ،‬وإنما يعني أنني‬
‫أوجزت الكتابة في هذا الجزء مع بقاء الجتهاد وبذل‬
‫الوسع والتدقيق في الحاديث واحدا ً في الجزئين‪.‬‬
‫أما قولكم إن صلة التسابيح وردت في الحاديث‬
‫الموضوعة لبن الجوزي وللشوكاني‪ ،‬فإنني أكتفي بالرد‬
‫على هذا القول بما ورد في كتاب [ عون المعبود شرح‬
‫سنن أبي داود ] في الجزء الرابع وهو (( قال السيوطي‪:‬‬ ‫ُ‬
‫ن الجوزي فأورد هذا الحديث في كتاب‬ ‫وأفرط اب ُ‬
‫َّ‬
‫الموضوعات‪ ،‬وأعله بموسى بن عبد العزيز‪ ،‬قال إنه‬
‫مجهول‪ ،‬قال الحافظ أبو الفضل ابن حجر في كتاب‬
‫خرة‪ :‬أساء ابن الجوزي‬ ‫الخصال المك َ ِّفرة للذنوب وال ُ‬
‫مؤ َ ِّ‬
‫بذكر هذا الحديث في الموضوعات‪ ،‬وقوله إن موسى بن‬
‫معين‬ ‫ب فيه‪ ،‬فإ َّ‬
‫ن ابن ُ‬ ‫ص ْ‬
‫عبد العزيز مجهول‪ ،‬ولم ي ُ ِ‬
‫والنَّسائي وثَّقاه‪ ،‬وقال في أمالي الذكار‪ :‬هذا الحديث‬
‫أخرجه البخاري في جزء القراءة خلف المام‪ ،‬وأبو داود‬
‫خزيمة في صحيحه والحاكم في‬ ‫وابن ماجة وابن ُ‬
‫مستدركه‪ ،‬وصححه البيهقي وغيرهم‪ ،‬وقال ابن شاهين‬
‫في الترغيب‪ :‬سمعت أبا بكر بن أبي داود يقول‪ :‬سمعت‬
‫أبي يقول‪ :‬أصح حديث في صلة التسابيح هذا‪ ،‬قال‪:‬‬
‫معين والنَّسائي وابن‬ ‫وموسى بن عبد العزيز وثقه ابن ُ‬
‫حبَّان‪ ،‬وروى عنه خلق‪ ،‬وأخرجه البخاري في جزء القراءة‬ ‫ِ‬
‫ً‬
‫هذا الحديث بعينه‪ ،‬وأخرج له في الدب حديثا في سماع‬
‫الرعد‪ ،‬وببعض هذه المور ترتفع الجهالة‪ .‬وممن صحح‬
‫َ‬
‫منْدَه‪ ،‬وأل ّف في‬‫سنه غير من تقدم ابن َ‬ ‫هذا الحديث أو ح َّ‬
‫جري والخطيب وأبو سعد السمعاني‬ ‫تصحيحه كتاباً‪ ،‬وال ُ‬
‫مدِيني وأبو الحسن بن المفضل والمنذِرِي‬ ‫وأبو موسى ال َ‬
‫وابن الصلح والنووي في تهذيب السماء‪ ،‬وآخرون‪ .‬وقال‬

‫‪40‬‬
‫الديلمي في مسند الفردوس‪ :‬صلة التسابيح أشهر‬
‫الصلوات وأصحها إسناداً‪.‬‬
‫وروى البيهقي وغيره عن ابن حامد الشرفي قال‪ :‬كنت‬
‫عند مسلم بن الحجاج ومعنا هذا الحديث فسمعت مسلماً‬
‫يقول‪ :‬ل يُروى فيها إسناد ٌ أحسن من هذا‪ .‬وقال الترمذي‪:‬‬
‫قد رأى ابن المبارك وغيره من أهل العلم صلة َ التسابيح‪،‬‬
‫وذكروا الفضل فيها‪ .‬وقال البيهقي‪ :‬كان عبد الله بن‬
‫ضهم عن بعض‪،‬‬ ‫المبارك يصل ِّيها‪ ،‬وتداولها الصالحون بع ُ‬
‫وفيه تقوية للحديث المرفوع‪ .‬ولحديث ابن عباس هذا‬
‫طرق‪ ،‬فتابع موسى بن عبد العزيز عن الحكم بن أبان‬
‫حكَم‪ ،‬ومن طريقه أخرجه ابن راهُويه وابن‬ ‫ن ال َ‬‫مب ُ‬ ‫إبراهي ُ‬
‫خزيمة والحاكم‪ ،‬وتابع عكرمة عن ابن عباس عطاءٌ وأبو‬ ‫ُ‬
‫الجوزاء ومجاهد‪.‬‬
‫وورد حديث صلة التسابيح أيضا ً من طريق العباس بن‬
‫عبد المطلب‪ ،‬وابنه الفضل وأبي رافع وعبد الله بن عمرو‬
‫وعبد الله بن عمر وعلي بن أبي طالب وجعفر بن أبي‬
‫طالب وابنه عبد الله وأم سلمة والنصاري الذي أخرج‬
‫المؤلف حديثه وسيجيء‪ .‬وقال الزركشي‪ :‬غلط ابن‬
‫الجوزي بل شك في جعله من الموضوعات‪ ،‬لنه رواه من‬
‫ثلثة طرق‪ ،‬أحدها حديث ابن عباس وهو صحيح وليس‬
‫َ‬
‫بضعيف فضل ً عن أن يكون موضوعاً‪ ،‬وغاية ما عل ّله‬
‫بموسى بن عبد العزيز فقال‪ :‬مجهول‪ ،‬وليس كذلك‪ ،‬فقد‬
‫روى عنه بشر بن الحكم وابنه عبد الرحمن وإسحق بن‬
‫أبي إسرائيل وزيد بن المبارك الصنعاني وغيرهم‪ .‬وقال‬
‫معين والنَّسائي ليس به بأس‪ ،‬ولو ثبتت جهالته‬ ‫فيه ابن ُ‬
‫لم يلزم أن يكون الحديث موضوعا ً ما لم يكن في إسناده‬
‫من يُتَّهم بالوضع‪ .‬والطريقان الخران في كل منهما‬
‫ضعيف‪ ،‬ول يلزم من ضعفهما أن يكون حديثهما موضوعاً‪.‬‬
‫انتهى ))‪.‬‬
‫فالحديث صحيح أو حسن وليس موضوعاً‪ ،‬وكان بإمكاني‬
‫أن أذكر هذه المعلومات في الكتاب لول أنني كما قلت‬
‫قد أوجزت الكتابة في الجزء الثاني‪ ،‬وأنتم تعلمون أن أي‬

‫‪41‬‬
‫حديث مختلَف فيه من حيث الضعف والحسن والصحة‬
‫يجوز أخذه ويجوز رده‪ ،‬والوقائع والقرائن هي التي تحتِّم‬
‫ردَّه أو تُجيز قبوله‪.‬‬
‫أما القول إن صلة التسابيخ تخالف الصلوات الخرى‪،‬‬
‫فذلك قول في مقابلةِ النصوص‪ ،‬ثم إن صلة العيدين فيها‬
‫التكبير سبعا ً في ركعة وخمسا ً في ركعة أُخرى‪ ،‬وصلة‬
‫الوتر في الليل تصل إلى تسع ركعات متتاليات‪ ،‬فلم نقُل‬
‫ن هذه العداد تشغل الذهن‪ ،‬ثم إن صلة الجنازة تختلف‬ ‫إ َّ‬
‫عن كل الصلوات‪ ،‬فليس فيها ركوع ول سجود ول تشهد‪،‬‬
‫فلم نقُم بردها لجل ذلك‪ ،‬فما ورد في النص الصحيح أو‬
‫الحسن يؤخذ به كما ورد‪.‬‬

‫(‪ )8‬السؤال‪ :‬إذا كنت أُصل ِّي وكان ابني يلعب فسقط عن‬
‫ل‪ ،‬أو عَلِقت رجلُه بشيء بحيث صار بحاجة‬ ‫مكان عا ٍ‬
‫لمساعدة وإل تأذى‪ ،‬وليس عنده غيري يمكنه مساعدته‪،‬‬
‫فهل يجوز لي أن أقطع الصلة وأُنقذ ابني مما هو فيه‪،‬‬
‫ح‬ ‫ثم أُعيد الصلة‪ ،‬أم يجوز لي أن أُبعد عنه الذى وأُص ِّ‬
‫ح َ‬
‫وضعه وأنا في الصلة‪ ،‬مع وجود المشي وكثرة الحركة ؟‬
‫ول تبطل الصلة بذلك ؟‬
‫ك قريبا ً منك فيمكنك أن تمشي نحوه‬ ‫(‪ )8‬الجواب‪ :‬إن كان ابن ِ‬
‫خطوتين أو ثلثا ً أو أربعا ً وأنت مستمرة في التوجه نحو‬
‫القبلة لتنقذيه من المأزق الذي وقع فيه ثم تكملين‬
‫صلتك‪ ،‬أما إن كان بعيدا ً عنك بحيث يحتاج إنقاذه إلى‬
‫مشي كثير وأعمال كثيرة‪ ،‬أو إلى الخروج من الغرفة إلى‬
‫غرفة أخرى أو إلى فناء البيت ففي هذه الحوال تخرجين‬
‫من الصلة و تقومين بالمبادرة إلى إنقاذه‪ ،‬ثم تعيدين‬
‫الصلة‪.‬‬

‫ت في الركعة‬ ‫ت وسمي ُ‬ ‫(‪ )9‬السؤال‪ :‬هل تبطل الصلة إذا نسي ُ‬


‫الثالثة بعد الفاتحة‪ ،‬ثم تذكرت أنه ل يُقرأ فيها بعد الفاتحة‬
‫قرآن ؟‬

‫‪42‬‬
‫(‪ )9‬الجواب‪ :‬ل تبطل الصلة في هذه الحالة ولحتى يُحتاج‬
‫ت سورة ً قصيرةً‬
‫فيها إلى سجود السهو وحتى لو قرأ ِ‬
‫من القرآن في تلك الركعة‪ ،‬فإن ذلك ل يؤثر في صحة‬
‫صلتك‪.‬‬

‫ت كثيرا ً في المنزل فصار ظهري‬ ‫ن اشتغل ُ‬ ‫(‪ )10‬السؤال‪ :‬إ ْ‬


‫يؤلمني أو قدمي أو مفاصلي فهل يجوز لي في هذه‬
‫الحالة أن أجلس في الصلة المفروضة ؟ وهل يجوز‬
‫للحامل في أشهرها الخيرة أن تجلس في الصلة إن‬
‫كان الوقوف يُتْعِبُها‪ ،‬علوة ً على كثرة وقوفها في النهار‬
‫في منزلها ؟‬
‫(‪ )10‬الجواب‪ :‬أ‪ -‬يجوز لك أداء صلة الفريضة في هذه الحالة‬
‫وأنت جالسة‪.‬‬
‫ب‪ -‬يجوز للحامل أن تصلي وهي جالسة ما دام‬
‫الوقوف في الصلة يشقُّ عليها كثيراً‪.‬‬

‫ل مريض أن‬ ‫(‪ )11‬السؤال‪ :‬هل يجوز للم التي عندها طف ٌ‬


‫تجلس في صلتها وتحمل ابنها وهي جالسة‪ ،‬حتى يك َّ‬
‫ف‬
‫ة‪ ،‬ثم تذهب إليه‬ ‫عن البكاء والنين ؟ أم تصلي مسرع ً‬
‫لسكاته والعناية به‪ ،‬علما ً بأنها لن تستطيع التركيز في‬
‫الصلة في هذه الحالة ؟‬
‫َّ‬
‫(‪ )11‬الجواب‪ :‬يجوز للم أن تصلي صلتها كلها وهي تحمل‬
‫ت حملته‪ ،‬وإذا جلست وضعته‬ ‫ابنها على يديها‪ ،‬فإذا وقف ْ‬
‫في حجرها‪ ،‬وإذا سجدت أجلسته إلى جنبها برفق تفعل‬
‫مها‪ ،‬كما يجوز لها السراع في‬ ‫ل ذلك في صلتها حتى تُت ِ َّ‬ ‫ك َّ‬
‫الصلة عندما تسمع بكاء طفلها‪ ،‬فكل الفعلين جائز لها‪.‬‬

‫(‪ )12‬السؤال‪ :‬ما هو الوضع الصحيح لمن أراد أن يصلي وهو‬


‫جالس‪ ،‬سواء كان من أصحاب العذار‪ ،‬أو أراد أن يصلي‬
‫النافلة وهو جالس ؟‬

‫‪43‬‬
‫(‪ )12‬الجواب‪ :‬الوضع الفضل لمن أراد الصلة جالسا ً هو أن‬
‫يتربَّع‪ ،‬ل أن يبدأ صلته وهو على هيئة الجلوس للتشهُّد‪،‬‬
‫وأقول _ الوضع الفضل _ لن هيئة الجلوس تدخل في‬
‫باب المندوبات فقط‪ ،‬فلو بدأ المصل ِّي صلتَه وهو جالس‬
‫على هيئة جلسة التشهُّد فل إثم في ذلك‪ ،‬وتكون صلته‬
‫صحيحة‪ ،‬ويكون قد ترك مندوبا ً فقط‪.‬‬

‫سنَّة الصبح بعد‬ ‫ُ‬


‫(‪ )13‬السؤال‪ :‬هل يجوز لي أن أصل ِّي ُ‬
‫الفرض‪ ،‬إن كان الوقت المتبقي قصيرا ً جدا ً بحيث ل‬
‫أضمن أنه يكفي لركعتي السنة‪ ،‬ثم ركعتي الفريضة‪،‬‬
‫سنة عندئذ ٍ ؟ هل أُصليهما فوَر‬ ‫ومتى أُصل ِّي ركعتي ال ُّ‬
‫الفراغ من ركعتي الفريضة‪ ،‬أم أؤخرهما إلى ما بعد‬
‫ضها‪ ،‬أي في وقت صلة‬ ‫عها وابيضا ِ‬
‫ق الشمس وارتفا ِ‬ ‫شرو ِ‬
‫الضحى ؟ وقل مثل ذلك لمن أدرك ركعتي الفريضة مع‬
‫المام ولم يأت بركعتي السنة بعد ؟‬
‫(‪ )13‬الجواب‪ :‬إن كان الوقت ضيقا ً ل يتسع إل لركعتي‬
‫الفريضة‪ ،‬فيجب أداء ركعتي الفريضة أولً‪ ،‬ثم يقوم بأداء‬
‫سنة‪ ،‬إل في حالة شروق الشمس عند الفراغ‬ ‫ركعتي ال ُّ‬
‫من ركعتي فريضة الصبح‪ ،‬ففي هذه الحالة يؤخر أداء‬
‫ركعتي السنة إلى أن ترتفعَ الشمس وتبي َّ‬
‫ض‪.‬‬

‫(‪ )14‬السؤال‪ :‬هل يجوز لمن تأخر بأداء صلة العصر لعذر‬
‫كأن يكون نائماً‪ ،‬هل يجوز له أن يصلي العصر في آخر‬
‫ل الغروب بدقائق‪ ،‬علما ً بأن الصلة في هذا‬ ‫الوقت وقُبَي َ‬
‫ي عنها‪ ،‬أم أن النهي جاء عن صلة النافلة‬ ‫الوقت منه ٌّ‬
‫فقط في هذا الوقت (( لن الشمس تغرب بين قرني‬
‫الشيطان )) ؟‬
‫(‪ )14‬الجواب‪ :‬نعم جاء النهي عن صلة النافلة في هذا‬
‫الوقت‪ ،‬أما صلة الفريضة والصلوات ذوات السباب‬
‫كصلة الكسوف أو صلة الجنازة فتُؤدَّى في هذا الوقت‬
‫وتكون صحيحة‪ .‬وأُلفت النظر إلى أنه ل يجوز تأخير صلة‬
‫العصر إلى حين اصفرار الشمس وتَدَل ِّيها نحو الفق‪،‬‬
‫‪44‬‬
‫فتلك صلة المنافقين كما وُصفت في النصوص‪ ،‬ولكن‬
‫الصلة عندئذ متقبَّلة مع إِثم التأخير‪.‬‬

‫(‪ )15‬السؤال‪ :‬هل صحيح أنه ل يجوز تأخير العشاء إلى ما بعد‬
‫منتصف الليل لعذر أو لغير عذر ؟‬
‫ضل هو إلى منتصف‬ ‫(‪ )15‬الجواب‪ :‬وقت صلة العشاء المف َّ‬
‫الليل‪ ،‬وما بعد منتصف الليل هو وقت الكراهة‪ ،‬فيُكره‬
‫للمسلم أن يؤخر صلة العشاء إلى ما بعد منتصف الليل‬
‫ولكن لو أخرها فإنه ل يأثم‪ ،‬وتكون صلته صحيحة‬
‫متقبَّلة‪.‬‬

‫(‪ )16‬السؤال‪ :‬هل تبطل الصلة إذا كان النسان يبكي من‬
‫الخشوع فبلع المخاط المتكوِّن بسبب بكائه‪ ،‬حيث أنه ل‬
‫يستيطع أن يتمخط في الصلة مراراً‪ ،‬وهل يُعتبر ممن‬
‫أكل في أثناء الصلة أو شرب ؟‬
‫ل جيِّد‪ ،‬وقليل من الناس‬‫(‪ )16‬الجواب‪ :‬البكاء في الصلة فع ٌ‬
‫من يفعله‪ ،‬ولو بلع دموع َه‪ ،‬ولو بلع مخاطَه فذلك جائز‪،‬‬
‫ول بأس بأن يتمخط في منديل ولو كثرت دموعه وكثر‬
‫مخاطُه‪ ،‬واحتاج إلى أن يتمخط عدة مرات‪.‬‬

‫(‪ )17‬السؤال‪ :‬هل يجوز للحامل في الشهر الخيرة الجمعُ‬


‫ة في الشهر‬
‫في الصلة إن كانت صحتها سيئة‪ ،‬وخاص ً‬
‫الخير ؟‬
‫(‪ )17‬الجواب‪ :‬نعم يجوز لها ذلك دفعا ً للحرج والمشقة‪.‬‬

‫(‪ )18‬السؤال‪ :‬هل يجوز للمرضع التي عندها توأم وليس‬


‫ن يُعينها عليهما هل يجوز لها الجمع في الصلة‪،‬‬ ‫م ْ‬
‫عندها َ‬
‫وهل يجوز ذلك لم الطفل الواحد إذا كان كثير البكاء أو‬
‫كان معاقا ً ويحتاج لعناية مستمرة ؟‬
‫(‪ )18‬الجواب‪ :‬إن شق على الم أداءُ الصلوات في أوقاتها‬
‫ة‬
‫جاز لها الجمع في الصلة وأعني بالمشقة المشق َ‬
‫ة فقط‪ ،‬والمهات هن اللواتي يقدِّرن هذه المشقة‬ ‫البالغ َ‬
‫ة أم ل‪.‬‬
‫إن كانت بالغ ً‬

‫‪45‬‬
‫(‪ )19‬السؤال‪ :‬إذا كانت الم تصلي في مكان فيه نجاس ٌ‬
‫ة‬
‫ة‬
‫سه مبتل ٌ‬‫جافة‪ ،‬بسبب ملمسة الطفل لمتاع البيت وملب ُ‬
‫بالنجاسة‪ ،‬ولكنها ل تعلم أين وقعت هذه النجاسة‬
‫م الصلة إذا جاء طفلها ورفع‬ ‫بالضبط‪ ،‬فهل يجوز لها إتما ُ‬
‫سجادة الصلة الطاهرة من أمامها‪ ،‬ولم يبق أمامها إل‬
‫ك بوجود النجاسة الجافة‬ ‫أن تسجد على المكان الذي تش ُّ‬
‫فيه أم يجب عليها قطع الصلة ؟‬
‫(‪ )19‬الجواب‪ :‬الصل في الشياء الطهارة ما لم يتحقق‬
‫العكس‪ ،‬ول يكفي الشك لنفي طهارة الشيء أو المكان‪،‬‬
‫لذلك يجوز للمرأة أن تسجد على المكان الذي ل تتيقن‬
‫من نجاسته‪ ،‬فالشك في طهارة المكان ل يكفي لترك‬
‫الصلة فيه‪.‬‬

‫ت على‬ ‫ة‪ ،‬ووقف ُ‬ ‫ف سميك ً‬


‫ت صو ٍ‬ ‫(‪ )20‬السؤال‪ :‬إذا لبس ُ‬
‫ت جرابا ِ‬
‫سجادة الصلة‪ ،‬وكان طولها ل يكفي لقف على طرفها‬
‫وأسجد على طرفها الخر‪ ،‬فهل في هذه الحالة يجوز لي‬
‫أن أرجع إلى الوراء فأقف خارج السجادة‪ ،‬على بُقعةٍ‬
‫ة‬
‫ت سميك ً‬ ‫أصابتها نجاسة قد جفَّت لكوني ألب ُ‬
‫س جرابا ٍ‬
‫ل حاجزا ً بيني وبين المكان النجس‪ ،‬أم أنه يجب‬ ‫تُشكِّ ُ‬
‫ي أن أفرش قماشا ً خلف السجادة حتى تصبح‬ ‫عل َّ‬
‫المسافة كافية لقف وأسجد في صلتي دون أن أقف‬
‫جزِئ قطعة القماس‬ ‫على النجاسة مباشرة‪ ،‬وهل ت ُ ْ‬
‫الرقيقة غير الشفافة كحاجز بيني وبين المكان النجس ؟‬
‫(‪ )20‬الجواب‪ :‬ل بد من أن تقفي وتسجدي على سجادة‬
‫الصلة فقط‪ ،‬ما دامت البقعة التي حولها فيها نجاسة‪،‬‬
‫سواء أكانت النجاسة جافة أم رطبة‪ ،‬وإذا كانت السجادة‬
‫قصيرة ل تكفي للوقوف وللسجود فل بد من أن تفرشي‬
‫ة قطعةِ‬ ‫قطعة قماش طاهرة لطالة سجادة الصلة‪ ،‬وأي ُ‬
‫ش تفي بالغرض‪ ،‬سواء كانت سميكة أو خفيفة ما‬ ‫قما ٍ‬
‫دامت تحجز ما تحتها‪ ،‬إل في حالة واحدة هي أن تكون‬
‫ك مبتلتان‪،‬‬ ‫ت عليها ورجل ِ‬ ‫قطعة القماش رقيقة ووقف ِ‬
‫فتسرب البلل من رجليك إلى المكان النجس تحتها‪ ،‬ففي‬
‫‪46‬‬
‫هذه الحالة ل تجوز الصلة‪ ،‬وما سوى ذلك فالصلة‬
‫جائزة‪ .‬أما كونك تلبسين جرابات صوف سميكة فذلك ل‬
‫يعني أنه يُباح لك أن تقفي خارج سجادة الصلة في‬
‫المكان النجس فما تلبسينه من ثياب غير ما تفرشينه‬
‫على الرض للصلة عليه والواجب هو أ َّ‬
‫ن ما تلبسينه من‬
‫ثياب يجب أن ل يصيب المكان النجس‪ ،‬في حين أن ما‬
‫تقفين عليه للصلة ل مانع من أن يلمس المكان‬
‫النجس‪ ،‬لنه بذلك يحول دون أن تصل ِّي على النجاسة‬
‫مباشرةً‪ ،‬فالثياب الملبوسة حكمها غير حكم قطعة‬
‫القماس التي تُصل ِّين عليها ‪.‬‬

‫(‪ )21‬السؤال‪ :‬هل تجوز إعادة قراءة الفاتحة أو السورة‬


‫القصيرة التي بعدها إذا لم يركِّز النسان أول مرة لسبب‬
‫من السباب‪ ،‬فيعيد قراءتهما مرة ثانية في الركعة‬
‫الواحدة حتى يعقل ما يقول‪ ،‬أو أن يسبِّح أكثر من ثلث‬
‫مرات في الركوع أو في السجود لنه لم يعقله من‬
‫المرة الولى ؟‬
‫(‪ )21‬الجواب‪ :‬قراءة الفاتحة والسورة أو اليات التي بعدها‬
‫قلت‬ ‫تُقرآن مرة ً واحدة ً فقط في الركعة الواحدة سواء عُ ِ‬
‫معانيها أو لم تُعقَل‪ ،‬فعقل معانيها ليس شرطا ً في صحة‬
‫الصلة‪ ،‬ول تبطل الصلة إن أنت غفلت عن تدبُّر معانيها‪،‬‬
‫ل ويزيد من ثواب الصلة‪ ،‬أما‬ ‫وإن كان تدبُُّر معانيها أفض َ‬
‫التسبيح في الركوع وفي السجود‪ ،‬فيندب للمسلم أن‬
‫يُكثر منه وأن يسب ِّح ما يزيد عن الثلث تسبيحات‪ ،‬فلو‬
‫سبَّح في السجدة الواحدة أو في الركوع الواحد سبعا ً أو‬
‫ة فهو خير ومشروع‪.‬‬ ‫شرةَ تسبيح ً‬ ‫تسعا ً أو تسعَ ع ْ‬

‫(‪ )22‬السؤال‪ :‬هل يجوز لمن سيحضر حفلة عرس أو أي‬


‫اجتماع سيتسبب بتضييعه للصلة إن لم يصلها مقدما ً أو‬
‫مؤخراً‪ ،‬هل يجوز له الجمع تقديما ً أو تأخيرا ً ؟‬
‫(‪ )22‬الجواب‪ :‬إن كان الشخص يستطيع أن يصلي الصلوات‬
‫في أوقاتها‪ ،‬والخروج من الحفلة متى شاء للصلة فليس‬
‫‪47‬‬
‫له عذر لجمع الصلوات‪ ،‬أما إن تعذَّر ذلك عليه‪ ،‬أو ش ّ‬
‫قَ‬
‫عليه كثيرا ً وأوقعه في الحرج فالجمع عندئذِ جائز‪.‬‬

‫(‪ )23‬السؤال‪ :‬أرجو أن تكتب لي دعاء القنوت الذي بدايته‬


‫[ اللهم اهدنا فيمن هديت‪ ،‬وعافنا فيمن عافيت‪ ] ...‬وهل‬
‫يجوز لي الدعاء بما شئت في القنوت حتى لو كان من‬
‫أمر الدنيا‪ ،‬أم أن القنوت ل يكون إل في حالت المصائب‬
‫والنوازل الصعبة‪ ،‬وللدعاء على أعداء السلم‬
‫والمسلمين ؟‬
‫(‪ )23‬الجواب‪ :‬دعاء القنوت هو [ اللهم اهدني فيمن هديت‪،‬‬
‫وعافني فيمن عافيت‪ ،‬وتولني فيمن توليت‪ ،‬وبارك لي‬
‫فيما أعطيت‪ ،‬وقني شَّر ما قضيت‪ ،‬فإنك تقضي ول‬
‫ل من واليت‪ ،‬ول يعُّز من‬ ‫يُقضى عليك‪ ،‬إنه ل يذ ُّ‬
‫ت ربَّنا وتعاليت ]‪.‬‬
‫عاديت‪ ،‬تبارك َ‬
‫ويجوز في دعاء القنوت أن يدعو المسلم بما ينفعه من‬
‫خيرٍ في الدنيا وفي الخرة‪ ،‬كأن يدعو الله أن يرزقه رزقاً‬
‫حسناً‪ ،‬أو أن يشفيه من مرضه‪ ،‬أو أن يعينه على صلة‬
‫رحمه‪ ،‬أو ما شاكل ذلك‪ ،‬وطبعا ً له أن يدعو الله سبحانه‬
‫أن يغفر له ذنوبه‪ ،‬ويكفِّر عنه سيئاته‪ ،‬ويدخله الجنة‪،‬‬
‫ويجعله في الصالحين‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫والمشروع في القنوت أن يكون عند النوازل‪ ،‬وعندئذٍ‬
‫يُشرع في الصلوات الخمس كل ِّها‪ ،‬أما في غير النوازل فل‬
‫يُشرع القنوت إل في الوتر عقب صلة العشاء على‬
‫الرأي الصح‪.‬‬

‫(‪ )24‬السؤال‪ :‬هل يجوز رفع الصوت والجهر في الصلة‬


‫السرية‪ ،‬والسراُر في الصلة الجهرية‪ ،‬مع تعمد ذلك‬
‫حتى يستطيع المصلي أن يعرف ما يقول إن كان هناك‬
‫ج حوله في الحالة الولى‪ ،‬أو كان هناك طفل نائم أو‬‫إزعا ٌ‬
‫مريض في الحالة الثانية ؟ وهل هذا جائز للرجل والمرأة‬
‫إن كان أحدهما إماما ً في صلة جهرية أو سرية ؟‬
‫‪48‬‬
‫(‪ )24‬الجواب‪ :‬يجوز الجهر في الصلة السرية كما يجوز‬
‫الِسرار في الصلة الجهرية ويجوز ذلك للمرأة وللرجل‬
‫بسبب ومن دون سبب‪ ،‬ولكن الِسرار في الصلة‬
‫السرية‪ ،‬والجهَر في الصلة الجهرية أفضل‪ .‬أما المام فل‬
‫بد له من الجهر بالتكبيرات حتى يتسنى للمأمومين أن‬
‫يتابعوه في صلتهم‪.‬‬

‫(‪ )25‬السؤال‪ :‬هل يُقرأ دعاءُ الستفتاح في كل صلة‪ ،‬في‬


‫النافلة وفي الفريضة ؟ وهل دعاء الستفتاح يُقرأ فقط‬
‫في بداية الصلة‪ ،‬أم يُقرأ في كل ركعة من ركعات‬
‫الصلة ؟‬
‫(‪ )25‬الجواب‪ :‬دعاء الستفتاح يُقرأ في صلة الفرض كما يُقرأ‬
‫في صلة النافلة أو السنة‪ ،‬ويُقرأ في الركعة الولى‬
‫فقط‪ ،‬ول يُقرأ في الركعات الخرى‪.‬‬

‫(‪ )26‬السؤال‪ :‬هل يجوز للعروس أن تصلي فرضين في وقت‬


‫واحد تقديما ً أو تأخيرا ً إن كان وقت الحفلة يستغرق أكثر‬
‫من وقتين‪ ،‬وإن لم تجمع الصلتين فاتتها إحداهما‬
‫وضاعت منها ؟‬
‫(‪ )26‬الجواب‪ :‬إن تعذَّر على العروس أن تصلي الصلتين في‬
‫ق ذلك عليها وسبَّب لها حرجا ً أمام‬
‫وقتيهما‪ ،‬أو ش َّ‬
‫الحاضرين جاز لها جمع الصلتين الظهر والعصر‪ ،‬أو‬
‫المغرب والعشاء‪.‬‬

‫(‪ )27‬السؤال‪ :‬هل يجوز للطبيب الذي يقوم بإجراء العمليات‬


‫أو لطبيب النساء في حالة الولدة‪ ،‬هل يجوز لهما تقديم‬
‫الصلة أو تأخيرها في حالة الممارسة الفعلية أو التحضير‬
‫لها‪ ،‬ول يستطيع أداء الصلة في وقتها ؟ وهل يجوز‬
‫للطبيب في حالة ازدحام المرضى على باب عيادته أن‬
‫يتركهم‪ ،‬ويقوم بأداء الصلوات في أوقاتها ؟‬

‫‪49‬‬
‫(‪ )27‬الجواب‪ :‬يجوز للطبيب الذي يُجري العمليات الجراحية‬
‫أو عمليات الولدة أو عمليات النعاش مثل ً أن يجمع‬
‫الصلوات تقديما ً وتأخيراً‪ ،‬إن كانت العمليات ل تمكِّنه من‬
‫خر الصلة مثل ً إلى أن‬
‫أداء الصلوات في أوقاتها‪ ،‬فيؤ ِّ‬
‫يفرغ من العملية‪ ،‬أو يجمع الصلتين جمع تقديم إن هو‬
‫أوشك على إجراء العملية التي تستغرق وقت الصلة‬
‫الول‪.‬‬
‫أما في حالة وجود مرضى مزدحمين على باب عيادته فل‬
‫يصح الجمع لن ذلك ل يشكِّل عذرا ً يبيح الجمع‪ ،‬بل ل بد من‬
‫أداء الصلوات في أوقاتها‪.‬‬

‫(‪ )28‬السؤال‪ :‬هل يجوز لي أن أبدأ بالصلة في بيتي عند‬


‫ت‬‫سماعي إقامة الصلة في المسجد‪ ،‬وسماعي صو َ‬
‫المام وهو يقرأ القرآن‪ ،‬أم يجب أن أستمع للقرآن‬
‫وللصلة حتى ينتهي الِمام منها‪ ،‬ثم أصلي بعدئذ ٍ ؟ علماً‬
‫بأن الصلة تُقام في المساجد في أوقات متقاربة‪،‬‬
‫فنسمع أكثر من صلة في أكثر من مسجد في وقت‬
‫واحد ؟‬
‫ك أن تصلي في بيتك دون أن‬ ‫(‪ )28‬الجواب‪ :‬نعم يجوز ل ِ‬
‫تنتظري انتهاء الصلة في المسجد القريب‪ ،‬ول يجب‬
‫عليك أن تستمعي لقراءة الِمام فيه‪.‬‬

‫(‪ )29‬السؤال‪ :‬هل تجوز الصلة في مكان فيه تلفزيون مفتوح‬


‫ت حتى لو كان‬‫مع احتمال ظهور صورٍ لنساءٍ متبرجا ٍ‬
‫مغلقا ً ؟‬
‫الصوت منخفضا ً أو ُ‬
‫(‪ )29‬الجواب ‪ :‬تُكره الصلةُ في أي مكان فيه إلهاءٌ للمصلي‪،‬‬
‫ولذا فإن الصلة في غرفة فيها تلفزيون مفتوح مكروهة‪،‬‬
‫سواء ظهرت صور نساء متبرجات‪ ،‬أو رسوم متحركة‪ ،‬أو‬
‫مقابلت أو غير ذلك‪ ،‬فكل ذلك يُشغِل المصلي ويلهيه‬
‫عن صلته‪ ،‬أما إن كان التلفزيون خلف المصلي والصوت‬
‫َ‬
‫مقفل فل كراهة عندئذ ٍ لنتفاء عل ّة الِلهاء‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫(‪ )30‬السؤال‪ :‬هل تكبيرة ُ الحرام في الصلة تعتبر من‬
‫الحكام التي تُجهل عادة ؟ وإن كانت من الحكام التي‬
‫تُجهل عادة فما حكم من يصلي بدون أن يكب ِّر تكبيرة‬
‫ة فهل يجب عليه‬ ‫الحرام ؟ فإن كانت الصلة عندئذ ٍ باطل ً‬
‫قضاؤ ُها في الحال‪ ،‬أم يجوز له تأخيُرها إلى أي وقت‬
‫يشاء ؟‬
‫(‪ )30‬الجواب‪ :‬تكبيرة الحرام ليست من الحكام التي تُجهل‬
‫مسلم‬
‫ٍ‬ ‫عادة‪ ،‬وهي ركن من أركان الصلة ل تصح صلة‬
‫بدونها‪ ،‬ول يُعذر من يجهل ذلك ول يؤديها‪ ،‬فالصلة‬
‫مفتاحها التكبير وتحليلها التسليم ‪ ،‬فإن صلى دون أن‬
‫يكبر تكبيرة الحرام فصلتُه باطلة يجب عليه أن يعيدها‬
‫في وقتها‪.‬‬

‫(‪ )31‬السؤال‪ :‬وفق جداول مواقيت الصلة الفلكية‪ ،‬يُؤذَّن‬


‫لصلة الظهر عندما تكون الشمس في كبد السماء‬
‫تماماً‪ ،‬أي عند وقت الزوال تماماً‪ ،‬ولكن الزوال يحدث‬
‫ة بعد الذان بقليل‪ ،‬عندما تميل الشمس إلى‬ ‫حقيق ً‬
‫الغرب‪ ،‬فهل هذا هو الوقت الصحيح لدخول الظهر ؟‬
‫(‪ )31‬الجواب‪ :‬يبدأ وقت صلة الظهر عند وصول الشمس‬
‫إلى كبد السماء تماماً‪ ،‬وعندها يُؤذَّن للصلة‪ ،‬وما بين‬
‫ت‬‫وصول الشمس إلى كبد السماء وبدء الزوال لحظا ٌ‬
‫قصيرة‪ ،‬فإن استعجل المؤذن فأذَّن قبل بدء الزوال‪،‬‬
‫وإِنما عند توسط الشمس في كبد السماء فإنه ما أن‬
‫يرفع قسما ً من الذان حتى يكون الزوال قد بدأ‪ ،‬وبالتالي‬
‫ن انتظر المصلي فراغ‬ ‫يكون وقت الظهر قد بدأ فعلً‪ ،‬فإ ْ‬
‫الذان‪ ،‬فإن له أن يبدأ بصلة الظهر فوراً‪ ،‬قال صلى الله‬
‫ل عليه السلم عند البيت‬ ‫مني جبري ُ‬ ‫عليه وآله وسلم " أ َ َّ‬
‫مرتين‪ ،‬فصلى بي الظهر حين زالت الشمس‪" ...‬‬
‫ولذلك ل إشكال في قيام المصلين بأداء صلة الظهر‬
‫عقب الذان مباشرة‪.‬‬
‫(‪ )32‬السؤال‪ :‬في فصل الشتاء وفي بعض مناطق الرض‬
‫يكون ظ ُّ‬
‫ل الشيء أكثر من مثله أو حتى أكثر من مثليه‬
‫عند زوال الشمس ظهراً‪ ،‬فكيف ومتى يدخل وقت‬
‫‪51‬‬
‫صلتي الظهر والعصر في هذه الماكن‪ ،‬وفي هذه‬
‫الوقات من السنة ؟‬
‫(‪ )32‬الجواب‪ :‬حيث أن الشمس تميل نحو الجنوب في‬
‫ل شيء في الشتاء يكون أطول مما‬ ‫الشتاء‪ ،‬فإن ظل ك ِّ‬
‫يكون في الصيف‪ ،‬وهذا ل يؤثر في تحديد ميقات صلة‬
‫الظهر إذ العبرة هي بكون الشمس تقف في نقطةٍ على‬
‫موازاة منتصف السماء فيبدأ وقت الظهر وبالحساب‬
‫يبدأ وقت العصر‪ ،‬وهذا الحساب والتقدير يحتاج إلى‬
‫خبراء مختصين‪ ،‬ول يلزم تعلمه لسواد الناس‪.‬‬

‫(‪ )33‬السؤال‪ :‬كذلك المر بالنسبة لدخول وقت العشاء وآ ِ ِ‬


‫خر‬
‫خر أذان المغرب عادة وفق‬ ‫ت المغرب‪ ،‬بحيث يُؤ َ َّ‬
‫وق ِ‬
‫الجداول الفلكية ما بين عشر دقائق إلى خمس عشرة‬
‫دقيقة من غياب ضوء الشمس ( الخيط البيض ) فما‬
‫حكم من يصلي المغرب في هذا الوقت‪ ،‬أي قبيل صلة‬
‫العشاء بعشر دقائق ؟‬
‫(‪ )33‬الجواب‪ :‬إن صلة المغرب تصح إلى قُبَيْل دخول وقت‬
‫العشاء وتصح عند بدء أذان المغرب فوراً‪ ،‬ل سيما ونحن‬
‫سنة‪،‬‬ ‫نعلم أن رفع أذان المغرب يؤ َّ‬
‫خر قليلً‪ ،‬وهو خلف ال ُّ‬
‫فحتى يحتاط المسلم لدينه يصلي المغرب قبل أذان‬
‫العشاء ببضع دقائق‪ ،‬ولتكن خمس دقائق‪.‬‬

‫(‪ )34‬السؤال‪ :‬ما المقطوع به في تفسير الية الكريمة من‬


‫سورة الماعون { الذين هم عن صلتهم ساهون } ؟‬
‫(‪ )34‬الجواب‪ :‬ل يُسأل ما المقطوع به في تفسير آيات‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬ذلك أن التفسير إِنما هو بغلبة الظن‬
‫وليس بالقطع‪ ،‬اللهم إل القليل من اليات‪ ،‬وإل لما‬
‫اختلفت التفاسير ولما اختلف المفسرون‪ .‬وتفسير هذه‬
‫الية أن المنافقين المرائين من عادتهم تأخير الصلوات‬
‫إِلى ما بعد خروج أوقاتها‪ ،‬فنزلت هذه اليات بذم هؤلء‪،‬‬
‫م عن‬ ‫ن هُ ْ‬
‫ن ‪ ¤‬الذي َ‬ ‫صل ِّي َ‬ ‫ل لل ُ‬
‫م َ‬ ‫فالله سبحانه يقول { فوي ٌ‬
‫ن‬
‫منَعو َ‬
‫ن وي َ ْ‬‫م يُراؤ ُو َ‬
‫ن هُ ْ‬‫ن ‪ ¤‬الذي َ‬ ‫م ساهو َ‬‫صلتِهِ ْ‬
‫َ‬
‫سر هذه اليات بغير ذلك‪ ،‬فهي‬ ‫َ‬ ‫ن ‪ } ¤‬ول تُف ّ‬
‫الماعو َ‬
‫متعلقة بالمنافقين فقط‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫(‪ )35‬السؤال‪ :‬أرجو بيان صفة سجود السهو في الصلة‬
‫ت عن هذا الموضوع للشيخ ابن‬ ‫بالتفصيل‪ ،‬فقد قرأ ُ‬
‫صله‪ ،‬فهو يقول إن‬ ‫ة على ما ف َّ‬‫عثيمين‪ ،‬ولكن لم أجد أدل ً‬
‫جد لها‬‫ضها يُس َ‬ ‫جد لها قبل السلم وبع َ‬ ‫بعض الخطاء يُس َ‬
‫ن الخطأ في ركن يختلف عن الخطأ‬ ‫بعد السلم‪ ،‬ويقول إ َّ‬
‫في واجب‪ ،‬والخطأ في الفرض يختلف عن الخطأ في‬
‫النافلة‪ ،‬وغيرها كثير‪ ،‬أرجو التفصيل ؟‬
‫(‪ )35‬الجواب‪ :‬ما نقلتموه من قول الشيخ ابن عثيمين من أن‬
‫ضها يُسجد لها‬ ‫بعض الخطاء يُسجد لها قبل التسليم وبع َ‬
‫بعد التسليم هو رأي مرجوح قال به بعض الفقهاء‪،‬‬
‫والصحيح هو أنه ل فرق بين خطأ ٍ وخطأ ٍ فيما يتعلق‬
‫بالسجود قبل التسليم‪ ،‬وهو الصل‪ ،‬والسجود بعد‬
‫التسليم‪ ،‬وما قلتموه من قول الشيخ ابن عثيمين من أن‬
‫الخطأ في ركن يختلف عن الخطأ في واجب‪ ،‬والخطأ‬
‫في الفريضة يختلف عن الخطأ في النافلة هو قول‬
‫غامض لنه يوحي بأن الخطأ في الركن يُسجد له سجودُ‬
‫السهو‪ ،‬فإن كان هذا ما يعنيه الشيخ فهو قول غير‬
‫صحيح‪ ،‬لن الخطأ في الركن يُبطل الصلة بالكُل ِّية‪ ،‬ول‬
‫يُجبَر بسجود السهو‪ .‬وتجدون البحث مفصل ً في [ سجود‬
‫السهو _ حكمه وأسبابه‪ ،‬وكيفية سجود السهو ] في‬
‫الجزء الثاني من الكتاب [ الجامع لحكام الصلة ]‪.‬‬

‫ث لرسول الله ورد للمساعدة‬ ‫(‪ )36‬السؤال‪ :‬هناك حدي ٌ‬


‫على الخشوع في الصلة‪ ،‬بأن يستعيذ المسلم من‬
‫الشيطان الرجيم‪ ،‬وينفُث عن شماله ثلثاً‪ ،‬والسؤال هو‪:‬‬
‫هل هذا الفعل يُقام به قبل الصلة‪ ،‬أم إذا سها فعل‬
‫ذلك ؟‬
‫(‪ )36‬الجواب‪ :‬لعلك تعني الحديث الشريف الوارد في البحث‬
‫[ العمل عند حصول الشك في عدد الركعات ] في الجزء‬
‫الثاني من الكتاب [ الجامع لحكام الصلة ] وهو "‪...‬‬
‫خنَْزب فإذا أنت حسسته فتعوَّذ‬
‫ذاك شيطان يُقال له َ‬
‫‪53‬‬
‫بالله منه واتفِل عن يسارك ثلثاً ‪ " ...‬فهذا الحديث يدل‬
‫ل يكونان في الصلة وليس خارجها‪،‬‬ ‫على أن التعوُّذ َ والتَّفْ َ‬
‫إل أن هذا الحديث الشريف لم يأت لعلج عدم الخشوع‪،‬‬
‫وإنما أتى في حالة وجود الشك في الصلة‪.‬‬

‫ل ناسياً‬
‫(‪ )37‬السؤال‪ :‬ماذا يفعل من كان مسافرا ً ولم يص ِّ‬
‫مثل ً الظهر والعصر في وقت أحدِهما وينوي القضاء‪ ،‬فهل‬
‫يصلي القضاء قصرا ً أم يصليهما تامتين ؟‬
‫(‪ )37‬الجواب‪ :‬إذا فاتت الصلة المقصورة في السفر يُنظر‪:‬‬
‫فإن هي قُضيت في السفر قُضيت مقصورة ً على حالها‪،‬‬
‫َ‬
‫ضر فيجب أن تُصل ّى تامة غير‬‫أما إن قُضيت في الح َ‬
‫مقصورة‪ ،‬إذ ل يجوز قصر الصلة في الحضر ل أدا ًء ول‬
‫قضاءً‪.‬‬

‫(‪ )38‬السؤال‪ :‬عند صلة الوتر في جماعة هل تكون ركع ُ‬


‫ة‬
‫الوتر جهرية أم سرية ؟ وأعني الركعة الثالثة أو الخامسة‬
‫؟‬
‫(‪ )38‬الجواب‪ :‬الصل في صلة الوتر كغيرها من صلة الليل‬
‫أن تكون جهرية‪ ،‬ولكن يجوز أن تكون سرية‪ ،‬وهي عكس‬
‫صلة النهار فهي سرية ولكن يجوز أن تُؤدَّى جهرية‪ ،‬وهذا‬
‫الحكم عام في صلة الجماعة وصلة المنفرد‪.‬‬
‫وصلة الوتر تؤُدَّى ركعًة واحدة‪ ،‬وتُؤدَّى ثلث ركعات متتاليات‬
‫دون جلوس التشهد الوسط‪ ،‬وتُؤدَّى خمس ركعات متتاليات‬
‫دون جلوس التشهد الوسط‪ ،‬وتُؤدَّى سبع ركعات متتاليات‬
‫يُجلَس للتشهد الوسط في آخر الركعة السادسة‪ ،‬وتُؤدَّى‬
‫تسع ركعات متتاليات يُجلَس في آخر الركعة الثامنة للتشهد‬
‫الوسط‪ ،‬أما ما عليه غالبية الناس اليوم من قيامهم بأداء‬
‫ركعتي الشفع‪ ،‬ثم الِتيان بركعة الوتر فهو رأي مرجوح‪،‬‬
‫والرأي الراجح هو أن الوتر صلة واحدة تحريمها التكبير‬
‫وتحليلها التسليم‪ ،‬وتُقرأ الفاتحة وسورة قصيرة في كل‬

‫‪54‬‬
‫ركعة من ركعات الوتر بصورة جهرية‪ ،‬ويجوز أن تكون‬
‫القراءة سرية‪.‬‬

‫(‪ )39‬السؤال‪ :‬ورد عن الرسول حين جاءه رجل ضرير‬


‫ة أنه رفض ذلك‪،‬‬ ‫يسأله أن يُعفيه من صلة الفجر جماع ً‬
‫فهل يدل هذا على وجوب صلة الفجر في جماعة ؟‬
‫(‪ )39‬الجواب‪ :‬لو لم يكن في موضوع صلة الجماعة إل هذا‬
‫الحديث لربما صلح دليل ً على وجوب صلة الجماعة‪،‬‬
‫ولكن هناك عدة أحاديث تصلح قرائن على أن الطلب‬
‫في حديثنا هذا ل يفيد الوجوب وإنما يفيد الستحباب‬
‫والندب فقط‪ ،‬وللوقوف على البحث بتفاصيله يراجع‬
‫البحث [ حكم صلة الجماعة وفضلها ] في الجزء الثاني‬
‫من الجامع لحكام الصلة‪.‬‬

‫َ‬
‫(‪ )40‬السؤال‪ :‬قُلتم إن الجمع في الصلة معل ّل بدفع الحرج‪،‬‬
‫فهل التغيُّب عن حصة دراسية يُعتبَر من الحرج ؟ وهل‬
‫الصلة أمام الكفار يُعتبَر من الحرج ؟ وفي المدرسة‬
‫ة في قاعة مغلقة بعيدة‬ ‫يقوم بعض الِخوة بالصلة جماع ً‬
‫عن النظار‪ ،‬وتريد بعض الخوات الصلة معهم‪ ،‬مع العلم‬
‫أنهن أجنبيات‪ ،‬فهل تجوز هذه الحالة‪ ،‬وهل يعتبر المكان‬
‫مكانا ً خاصا ً ؟‬
‫(‪ )40‬الجواب‪:‬‬
‫أولً ‪ :‬الحرج عام لم يذكر الشرع تفاصيله ول مقداره‪،‬‬
‫ة عليه فقط وترك التفاصيل والمثلة‬ ‫وإنما أورد أمثل ً‬
‫حَرج‬ ‫ً‬
‫للمسلمين يقدرونها بأنفسهم‪ ،‬وطبعا هذا ل يشمل ال َ‬
‫البسيط الذي يسهل تجاوُزه‪ ،‬والتَّغيُّب عن الحصص‬
‫ة إِن تكَّرر‬
‫حَرج‪ ،‬خاص ً‬
‫الدراسية يمكن اعتباره من ال َ‬
‫التغيب وما يسببه من اضطراب الدراسة بشرط أن‬
‫ت المغرب‬ ‫ت الظهر بتمامه‪ ،‬أو وق َ‬‫تستغرق الحصة وق َ‬
‫مح للطالب بالصلة في وقت الحصة‪ ،‬أما‬ ‫بتمامه‪ ،‬ول يُس َ‬

‫‪55‬‬
‫مح للطالب أداءُ الصلة في أثناء الحصة فإن‬ ‫إن كان يُس َ‬
‫الحرج ينتفي وينتفي ما يترتب عليه من جمع الصلوات‪.‬‬
‫ة مع هؤلء‬ ‫وثانياً ‪ :‬يجوز للخوات أن يؤدين الصلة جماع ً‬
‫الخوة في قاعة مغلقة‪ ،‬ولو كانت القاعة من الحياة‬
‫الخاصة‪ ،‬فالرسول عليه الصلة والسلم صلى إِماما ً في‬
‫بيت خاص برجال ونساء‪ ،‬فعن أنس بن مالك قال "‬
‫سلَيم‬
‫م ُ‬ ‫صلى بنا رسول الله تطوُّعاً ‪ ،‬قال‪ :‬فقامت ا ُ ُّ‬
‫م حرام خلفنا قال ثابت‪ :‬ل أعلمه إل قال‪ :‬وأقامني‬ ‫وأ ُ ُّ‬
‫عن يمينه‪ ،‬فصلينا على بساط " رواه أحمد وأبو داود‪.‬‬
‫وانظر البحث [ موقف الصبيان والنساء ] في الجزء‬
‫الثاني من الجامع لحكام الصلة‪.‬‬

‫(‪ )41‬السؤال‪ :‬عند التشهد نرى من المسلمين من يحّرِك‬


‫أصبعه الشاهد باستمرار‪ ،‬ومنهم من ل يرفعه‪ ،‬ومنهم من‬
‫يرفعه ويُبْقيه مرفوعا ً دون حراك‪ ،‬فهل وردت طريقة أو‬
‫كيفية معينة في رفع أصبع الشاهد في التشهد ؟‬
‫(‪ )41‬الجواب‪ :‬المشروع عند النطق بالتشهد وتلوة الصلة‬
‫البراهيمية أن يرفع المصل ِّي سبَّابته اليمنى رفعا ً خفيفاً‬
‫وبانحناء قليل‪ ،‬ويَثْبت على هذا الوضع إلى أن يفرغ من‬
‫صلته‪ ،‬ول يحرك سبَّابته باستمرار كما يفعل بعض الناس‬
‫في أيامنا هذه‪ .‬ولمزيد من البحث انظر [ التشهد وهيئة‬
‫الجلوس له ] في الجزء الثاني من الجامع لحكام‬
‫الصلة‪.‬‬

‫(‪ )42‬السؤال‪ :‬أرى كثيرا ً من الشباب يرفعون أيديهم إلى‬


‫ل قديم ٍ عن‬
‫ب سؤا ٍ‬ ‫أقصى حدٍّ عند الدعاء‪ ،‬بناءً على جوا ِ‬
‫البدعة وأرى معظم المسلمين يرفعون أيديهم عند‬
‫ة للدعاء‬‫ة معين ٌ‬
‫الدعاء بشكل بسيط‪ ،‬فهل هناك كيفي ٌ‬
‫ة أن الدعاء عبادة ؟‬ ‫خاص ً‬
‫(‪ )42‬الجواب‪ :‬جاء في البحث [ الدعاء ] في الجزء الثاني من‬
‫الجامع لحكام الصلة ما يلي [ أن يرفع يديه إذا دعا‬
‫‪56‬‬
‫جاعل ً بطن كفيه تجاه وجهه‪ ،‬وأن ل يجاوز بهما وجهه وإذا‬
‫فرغ من الدعاء مسح بهما وجهه ] وجاء في الحديث‬
‫مقبلً‬ ‫الشريف "‪ ...‬رافعاً كفَّيه ل يجاوز بهما رأسه‪ُ ،‬‬
‫ن"‬
‫َ‬ ‫بباطن كفه إلى وجهه " وجاء في حديث شريف ثا ٍ‬
‫كان رسول الله إذا رفع يديه في الدعاء لم يحط ّهما‬
‫حتى يمسح بهما وجهه‪" ...‬‬
‫أما رفع اليدين إلى أقصى حد نحو العلى‪ ،‬فهو هيئة‬
‫البتهال‪ ،‬والبتهال هو المبالغة في الدعاء‪ ،‬ويكون عند‬
‫شدة الكرب والضيق‪.‬‬

‫ق في‬‫(‪ )43‬السؤال‪ :‬صلى مسلم وراء المام صلة َ مسبو ٍ‬


‫الركعة الخيرة‪ ،‬ثم دخل مسلم آخر إلى المسجد‪ ،‬فأراد‬
‫أن يجعل ذلك المأموم إماما ً له فهل يجوز له ذلك‪ ،‬وهل‬
‫يجوز لمن كان مأموما ً أن يصبح إماما ً ؟ وإن كان ذلك ل‬
‫يجوز فكيف يتصرف الداخل؟‬
‫َ‬
‫(‪ )43‬الجواب‪ :‬إذا سل ّم المام وبقيت على المسبوق ركعة أو‬
‫ن‪ ،‬فيُندب لهذا‬
‫ل المسجد َ أو المكا َ‬‫أكثر‪ ،‬ثم دخل رج ٌ‬
‫الداخل أن يصلي مع المسبوق مؤتَما ً به‪ ،‬فقد جاء في‬
‫الحديث الشريف الوارد في البحث [ تنعقد الجماعة‬
‫بإمام ومأموم واحد ] في الجزء الثاني من الجامع لحكام‬
‫الصلة ما يلي " إن رسول الله أبصر رجلً يصلي‬
‫ل يتصدَّق على هذا فيصلي معه ؟‬ ‫وحده فقال‪ :‬أل رج ٌ‬
‫ل في مقصود هذا الحديث‬ ‫" وهذا المسبوق داخ ٌ‬
‫ومشمو ٌ‬
‫ل به‪.‬‬

‫ة‬‫ت مخصص ٌ‬ ‫(‪ )44‬السؤال‪ :‬توجد في العمارات الكبيرة قاعا ٌ‬


‫ن‬
‫للصلة‪ ،‬وبعض الناس يقيمون مساجد َ فوق دكاكي َ َ‬
‫خاصةٍ بهم فهل تعتبر هذه الماكن مساجد أو مصل ّيات ؟‬
‫َ‬
‫وما الفرق بين المسجد والمصل ّى من حيث الواقع‬
‫َ‬
‫مصل ّى ؟‬ ‫ث في ال ُ‬ ‫والحكم ؟ فمثلً‪ :‬هل يجوز لل ُ‬
‫جنُب المك ُ‬

‫‪57‬‬
‫ص للصلة لعموم الناس فهو‬ ‫ن مخ َّ‬
‫ص ٍ‬ ‫(‪ )44‬الجواب‪ :‬أيُّ مكا َ ٍ‬
‫مسجد‪ ،‬وهو مصل ّى‪ ،‬يجري عليه ما يجري على أي‬
‫َّ‬
‫مسجد‪ ،‬فل يجوز للجنب المكث فيه‪ ،‬فالمسجد والمصلى‬
‫شيءٌ واحد‪ ،‬لهما حكم واحد في كل شيء‪.‬‬

‫ط قدميها في‬ ‫(‪ )45‬السؤال‪ :‬هل تصح صلة المرأة إن لم تغ ِّ‬


‫أثناء الصلة ؟‬
‫(‪ )45‬الجواب‪ :‬بدن المرأة عورة ٌ ما عدا الوجه والكفين إلى ما‬
‫ة لمن أخرج‬ ‫بعد الرسغين بقدر قبضة اليد‪ ،‬ول صح َ‬
‫القدمين من عورة المرأة‪ ،‬ولذا يجب على المرأة عند‬
‫الصلة أن تغطي قدميها‪ ،‬ويُتجاوَز عن أسفل القدمين‪،‬‬
‫فإن ظهر من القدمين أكثر من أسفلهما في أثناء‬
‫الصلة‪ ،‬وجب عليها المبادرة فورا ً إلى تغطيته وستره‪،‬‬
‫وتكون الصلة صحيحة‪ ،‬فإن لم تبادر إلى تغطيته وستره‪،‬‬
‫وتركته مكشوفا ً بطلت صلتها‪ ،‬لن ستر العورة شر ٌ‬
‫ط‬
‫لصحة الصلة‪.‬‬

‫(‪ )46‬السؤال‪ :‬قلتم في البحث [ تعريف الوضوء‬


‫ومشروعيته ] ما يلي [ وقد انعقد إجماع الصحابة على‬
‫وجوب الوضوء للصلة ] والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن‬
‫َ‬
‫هنا هو كيف ينعقد إجماع الصحابة على مسألةٍ أدل ّتُها‬
‫موجودة ٌ في الكتاب والسنة النبوية ؟ وما هو دليل‬
‫الجماع على هذه المسألة إن وجد ؟‬
‫وفي البحث [ مسألة ] عقب البحث [ مسح الذنين ]‬
‫ل على‬ ‫قلتم ما يلي [ فإذا نحن أضفنا إجماع الصحابة كدلي ٍ‬
‫فرض الغسل دون المسح ازداد اقتناعنا بصواب ما ذهبنا‬
‫ة إجماِع الصحابة إلى‬ ‫جيز إضاف َ‬‫إليه ] والسؤال هو‪ :‬كيف ن ُ ِ‬
‫الدلة الخرى بشكل تلقائي ؟ وأين هو دليل إجماع‬
‫ن إجماع الصحابة عندكم هو تحصيل‬ ‫الصحابة هنا ؟ وكأ َّ‬
‫حاصل يوجد بوجود أدلة من الكتاب والسنة‪ ،‬مع أن‬

‫‪58‬‬
‫ل ل يعتمد على‬ ‫الثابت أن إجماع الصحابة دليل مستق ٌ‬
‫غيره‪ ،‬فهو يكشف عن دليل من أحاديث رسول الله ‪.‬‬
‫(‪ )46‬الجواب‪ :‬إن إِجماع الصحابة متفق عليه أنه دليل‪ ،‬وأنه‬
‫يكشف عن دليل‪ ،‬وهذا ل يعني أن ل يقال إِن الصحابة قد‬
‫أجمعوا على كذا وكذا مما نجد دليله في النصوص‪ ،‬فهذا‬
‫القول له دللة مهمة‪ ،‬هي أن النصوص هذه ل ناسخ لها‬
‫ل‬‫ص مع عم ِ‬‫ول مخالف لها في الفهم‪ ،‬وإنما تطابق الن ُّ‬
‫الصحابة‪ ،‬وكثيرا ً ما يرد في كتابات الفقهاء مثل هذا‪،‬‬
‫ل على ما أقول ما ورد في البحث [ أكل لحم‬ ‫وتجد كمثا ٍ‬
‫الجزور ] في البند الثامن ( قال النووي‪ :‬إن هذا الخلف‬
‫الذي حكيناه كان في الصدر الول‪ ،‬ثم أجمع العلماء بعد‬
‫سته النار ) وطبعاً‬ ‫ذلك أنه ل يجب الوضوء من أكل ما م َّ‬
‫قال النووي هذا القول مع وجود دليل من السنة تجدونه‬
‫خَر‬ ‫في رأس الصفحة نفسها وهو‪ ،‬عن جابر قال " كان آ ِ‬
‫ك الوضوء مما م َّ‬
‫ست‬ ‫تر ُ‬ ‫المرين من رسول الله‬
‫حبَّان‪،‬‬ ‫النار " رواه النَّسائي وأبو داود وابن ُ‬
‫خَزيمة وابن ِ‬
‫بل وتجد ذلك في كتبنا أيضاً‪ ،‬ففي صفحة ‪ 153‬من كتاب‬
‫الموال تجد ما يلي ( زكاة البقر واجبة بالسنة وإجماع‬
‫الصحابة‪ ) ...‬وفي الصفحة ‪ 155‬من نفس الكتاب تجد ما‬
‫يلي ( زكاة الغنم واجبة بالسنة واجماع الصحابة )‪.‬‬

‫ص بغير وضوء‪ ،‬ولم يكن متذكِّراً‬ ‫(‪ )47‬السؤال‪ :‬إن صلى شخ ٌ‬


‫ُ‬
‫ره ذلك في‬‫آنذاك‪ ،‬فهل يعيد صلته بعد علمه أو تذك ّ ِ‬
‫الحالتين‪ :‬قبل خروج وقت تلك الصلة‪ ،‬وبعد خروج وقت‬
‫تلك الصلة ؟‬
‫(‪ )47‬الجواب‪ :‬نعم يجب عليه أن يعيد صلته في الحالتين‪:‬‬
‫قبل خروج وقتها‪ ،‬وبعد خروج وقتها‪ ،‬لن الوضوء شرطٌ‬
‫لصحة الصلة وقبولها‪.‬‬

‫ن الصلة‬‫(‪ )48‬السؤال‪ :‬بحسب اجتهادِك‪ ،‬أرجو تَعداد أركا ِ‬


‫وواجباتِها بنقاط‪ :‬ما هي أركان الصلة‪ ،‬وما هي الفروض‬

‫‪59‬‬
‫والواجبات ؟ فبحسب علمي هنالك اختلف بين‬
‫المجتهدين في الركان والفروض‪ ،‬وأن الركن إذا نُسي ل‬
‫يُصلِحه سجود ُ السهو‪ ،‬وإنما تبطل الصلة وتجب عليه‬
‫إعادتها‪ ،‬على العكس من الفرض الذي يُصلِحه سجودُ‬
‫السهو ول تبطل الصلة بتركه‪.‬‬
‫(‪ )48‬الجواب‪ :‬الركن في الصلة إن تُرك عمدا ً أو سهواً‬
‫بطلت الصلة‪ ،‬ول ينفعها سجود السهو‪ ،‬أما الفرض‪ ،‬فإن‬
‫تُرك عمدا ً وقع الثم‪ ،‬وإن ترك سهوا ً فل إثم‪ ،‬ويجب‬
‫سجود السهو في الحالتين‪ ،‬ول تبطل الصلة بترك‬
‫ك أو سهواً‪.‬‬‫الفرض‪ ،‬عمدا ً كان التر ُ‬
‫وأنا في كتاب [ الجامع لحكام الصلة ] لم أسرد الركان‬
‫والفروض سردا ً في بنود ٍ متتاليةٍ حتى ل يتحول الكتاب‬
‫إلى ما يشبه الكتب المدرسية‪ ،‬ولول أنك هنا أردت مني‬
‫حصر الركان والفروض لما وجدتني أذكرها في نقاط‪،‬‬
‫لن هذه الطريقة هي طريقة الصحابة والتابعين وتابعيهم‪،‬‬
‫ولست أريد رد سؤالك‪ ،‬فأمتثل للطلب وأقول ما يلي ‪:‬‬
‫الركان هي‪:‬‬
‫‪ .2‬تكبيرة‬ ‫‪ .1‬النية‪.‬‬
‫الحرام‪.‬‬
‫‪ .3‬القيام في صلة الفريضة لمن قدر عليه‪ .4 .‬قراءة‬
‫الفاتحة في كل ركعة‪.‬‬
‫‪ .6‬الرفع من‬ ‫‪ .5‬الركوع‪.‬‬
‫الركوع‪.‬‬
‫‪ .8‬الجلسة‬ ‫‪ .7‬السجود على الرض لمن قدر عليه‪.‬‬
‫‪ .9‬الطمأنينة في كل أعمال‬ ‫بين السجدتين‬
‫‪ .10‬جلسة التشهد الخير‪ .11 .‬التسليم‪.‬‬ ‫الصلة ‪.‬‬
‫أما الفروض فهي‪:‬‬
‫‪ .2‬التشهد‬ ‫‪ .1‬التشهد الوسط‪.‬‬
‫الخير‪.‬‬
‫‪ .3‬الخشوع _ ومعناه هنا السكون‪.‬‬
‫‪ .4‬القنوت – ومعناه هنا السكوت‪.‬‬
‫ت‪.‬‬
‫وما سوى ما ذ ُكِر فمندوبا ٌ‬

‫‪60‬‬
‫(‪ )49‬السؤال‪ :‬هل يجوز المشي خلل الصلة لكمال الصف‪،‬‬
‫أو للفساح لمن فرغوا من صلتهم كي يخرجوا من‬
‫المسجد‪ ،‬إن كان المصلي لم يفرغ بعد ُ من صلته‪ ،‬كمن‬
‫يأتي للصلة متأخرا ً ؟‬
‫(‪ )49‬الجواب‪ :‬يجوز المشي القليل في الصلة لعذر إتمام‬
‫الصف أو للفساح لغيره للمرور‪ ،‬على أن يبقى متَّجهاً‬
‫نحو القبلة‪ ،‬وإل وقع في الثم والحرام‪.‬‬

‫(‪ )50‬السؤال‪ :‬قل َ‬


‫ت بالنسبة لقراءة الفاتحة في الصلة‬
‫ً‬
‫[ الفاتحة _ وتسمى أيضا أم القرآن _ تجب قراءتها في‬
‫كل صلة في كل ركعة‪ ،‬ومن لم يقرأها في صلته‬
‫فصلته باطلة تجب عليه إعادتها ] فما حال من يلحق‬
‫بالمام في ركوعه أو قبل الركوع بشيء بسيط فل‬
‫يستطيع قراءة الفاتحة‪ ،‬أم أن هذه حالة خاصة ؟‬
‫(‪ )50‬الجواب‪ :‬نعم هي حالة خاصة وردت في النصوص فل‬
‫يُقاس عليها‪.‬‬

‫(‪ )51‬السؤال‪ :‬هل اليوم يبدأ من وقت الفجر أو من وقت‬


‫المغرب ؟ والهدف من هذا السؤال هو أنه إن أمطرت‬
‫الدنيا في الصباح فهل تجوز نية الجمع للمغرب والعشاء‬
‫حكْم الجمع فقط‬ ‫أيضاً‪ ،‬أو أنها إذا أمطرت في الصباح ف ُ‬
‫م يجب‬ ‫للصلوات التي في النهار كالظهر والعصر‪ ،‬ومن ث َ َّ‬
‫مطر في وقت المغرب والعشاء كي أستطيع أن‬ ‫أن ت ُ ْ‬
‫أنوي الجمع لهما ؟ بمعنى‪ :‬هل نية الجمع للصلة عند‬
‫ت محدَّد أو مقيَّد‪ ،‬أو نزول المطر بأي‬ ‫نزول المطر لها وق ٌ‬
‫وقت في اليوم يجيز الجمع ؟‬
‫ُّ‬
‫(‪ )51‬الجواب‪ :‬ليست المسألة كما تقول‪ ،‬فل تعلقَ للجمع ببدء‬
‫اليوم وانتهائه‪ ،‬وإنما المسألة هي أن المصل ِّي يجمع‬
‫المغرب والعشاء‪ ،‬ويجمع الظهر والعصر إن كان في ذلك‬
‫ل مطرٍ من برد ٍ قارس‪ ،‬أو‬ ‫ل مطر‪ ،‬أو بقايا نزو ِ‬‫الوقت نزو ُ‬
‫ل أو ريٍح باردة‪ ،‬فيجمع دون معرفة متى بدأ المطر‬ ‫وح ٍ‬
‫‪61‬‬
‫ل أو نهار‪ ،‬ففي الجو الماطر يصح‬
‫ومتى انتهى من لي ٍ‬
‫ً‬
‫الجمع‪ ،‬والجو الماطر ليس مقصورا على وقت نزول‬
‫المطر فحسب كما يقول بذلك عدد من الفقهاء‪.‬‬

‫(‪ )52‬السؤال‪:‬‬
‫جتي في تقليدكم هي أنني أعرف أنك من الشباب‪،‬‬ ‫ح َّ‬
‫أ‪ُ -‬‬
‫ُ‬
‫أي أننا متفقون في الصول‪ ،‬لهذا ل أستطيع تقليد‬
‫المذهب المالكي مثلً‪ ،‬وأنا أعرف أنه يستند إلى أصول ل‬
‫أتفق معه فيها‪ ،‬لهذا كنت أبحث عن شاب كتب في أمور‬
‫العبادات لقل ِّده وأخيرا ً وجدت كتابيكم‪ ،‬ويا ليتكم تكتبون‬
‫في باقي أمور العبادات‪ ،‬والسؤال هو ‪ :‬هل حجتي هذه‬
‫تبرئ ذمتي عند الله عَّز وج َّ‬
‫ل؟‬
‫ب‪ -‬مع قلة بضاعتي في العلم‪ ،‬وأنا أقل ِّدكم في مسألة‬
‫الصلة‪ ،‬إن حدث ووجدت في نقطةٍ من مسألة الصلة‬
‫ف‬
‫أن الرأي القوى من خلل اقتناعي بقوة الدليل مخال ٌ‬
‫ي أن أتبع هذا الرأي‬ ‫لما جاء في كتابكم‪ ،‬فهل يجب عل َّ‬
‫عكم في باقي‬ ‫الجديد في هذه النقطة وأستمر في اتِّبا ِ‬
‫نقط مسألة الصلة ؟ وإذا جاز لي هذا‪ ،‬أل أكون قد اتَّبعت‬
‫أكثر من مجتهد ٍ في المسألة الواحدة ؟ مع العلم أنني ل‬
‫أستطيع البحث في جميع النقط حتى يقال لم ل أكون‬
‫مجتهد مسألة‪ ،‬وذلك لعدم تمكُّني من أدوات الجتهاد ؟‬
‫ج‪ -‬عند القول إنه ل يجوز اتباع أكثر من مجتهد في‬
‫المسألة الواحدة‪ ،‬فهل هذا ينطبق فقط على من أراد‬
‫ب لتباعه أم على الجميع ؟ ل سيما‬ ‫تعيين مجتهد ٍ أو مذه ٍ‬
‫وأن ما فهمته مما جاء في كتاب الشخصية في هذا‬
‫ص بمن عين له مجتهدا ً ليقلده‪ ،‬أما‬ ‫الموضوع أن ذلك خا ٌّ‬
‫من لم يعين فيمكنه أن يقل ِّد أكثر من مجتهد في المسألة‬
‫الواحدة‪ ،‬ودليل ذلك ما كان يحدث مع الصحابة‪ ،‬إذ لم‬
‫حَّروْن اتباع مجتهد ٍ واحدٍ في‬ ‫يُنقل عنهم أنهم كانوا يت َ‬
‫المسألة الواحدة‪ ،‬فهل فهمي صحيح ؟ وإن كان فهمي‬
‫خطأ‪ ،‬فكيف يكون الرد على ما سبق ؟‬

‫‪62‬‬
‫د‪ -‬مباشرة ً عند الرفع من السجدة حصل عندي شك‪ ،‬هل‬
‫ت بها هي الولى أم الثانية‪ ،‬فما العمل‬ ‫السجدة التي قم ُ‬
‫عندئذ ٍ ؟ هل أعتبر الركعة لغية أم آتي بسجدة أخرى ثم‬
‫أسجد للسهو ؟ وكذلك إذا بدأت بالتشهد ثم حصل عندي‬
‫شك هل قمت بسجدة واحدة أو اثنتين‪ ،‬فماذا أفعل ؟‬
‫هـ‪ -‬عند الرفع من الركوع هل يجب القبض‪ ،‬أي وضع اليد‬
‫اليمنى على اليد اليسرى على الصدر أم ل يجب ؟‬
‫(‪ )52‬الجواب‪:‬‬
‫ي الثنين يعطيانك أحكاماً‬ ‫ت مقتنعا ً بأن كتاب َّ‬ ‫أ‪ -‬إن كن َ‬
‫صائبة فل مانع من اتباع الحكام الواردة فيهما‪ ،‬وتكون‬
‫ل إن شاء الله‪.‬‬ ‫حجتك آنذاك تبرئ ذمتك عند الله عَّز وج َّ‬
‫ب‪ -‬إذا حدث ووجدت في مسألة من مسائل الصلة أن‬
‫الرأي القوى من خلل اقتناعك بقوة الدليل مخالف لما‬
‫جاء في كتاب [ الجامع لحكام الصلة ] فتستطيع اتباع‬
‫الرأي الجديد في هذه المسألة‪ ،‬وتترك الرأي الوارد في‬
‫الكتاب بشرطين اثنين ‪:‬‬
‫ت به‬ ‫‪ .1‬أن ل تنتقل إلى هذه المسألة إن كان ما اقتنع َ‬
‫ت مقل ِّداً‬ ‫شرطا ً أو سببا ً في أحكام أخرى في الكتاب وكن َ‬
‫ن أن ل تكون هذه المسألة ذات تأثير في‬ ‫لها‪ ،‬وبمعنى ثا ٍ‬
‫المسائل الخرى التي تبنَّيْتَها في الكتاب‪.‬‬
‫‪ .2‬أن تكون لديك القدرة ُ فعل ً على محاكمة الدلة‬
‫ت‬‫فها وتستطيع بعدئذ ٍ أن تَثْب ُ َ‬ ‫والتمييز بين قويِّها وضعي ِ‬
‫وتستمر في تبني جميع ما في الكتاب‪ .‬وباختصار أقول‬
‫إنك تستطيع أن تتبنى الحكام الشرعية المختلفة لدى‬
‫عدد ٍ من المجتهدين في المسائل المختلفة إل إن نويت‬
‫ل الحكام التي‬ ‫أن تتبنى أحكام مجتهد معين‪ ،‬فتلتزم بك ِّ‬
‫يقول بها‪.‬‬
‫ج‪ -‬طبعا ً ل يجوز لك اتباع أكثر من مجتهد في المسألة‬
‫م يشمل الجميع‪ ،‬والمسألة‬ ‫الواحدة‪ ،‬وهذا الحكم عا ٌ‬
‫الواحدة هي ما كانت مستقلة بنفسها كمواقيت الصلة‪،‬‬
‫وكأركان الصلة‪ ،‬وكشروط صحة الصلة‪ ،‬وأمثالها‪ ،‬وفي‬

‫‪63‬‬
‫أحكام الطهارة كالغسل‪ ،‬وكالوضوء ونواقضه‪ ،‬وكالتيمم‪...‬‬
‫الخ‪.‬‬
‫د‪ -‬في حالة الشك هل أديت سجدة واحدة أم سجدتين‬
‫فيجب عليك أن تبني على القل وهو سجدة واحدة‪ ،‬ثم‬
‫تقوم بأداء سجدة ثانية‪ ،‬وفي نهاية الصلة تسجد للسهو‬
‫ول يصح أن تعتبر الركعة كلها باطلة‪ ،‬لن الركعة إن‬
‫نقصت السجدتين‪ ،‬أو نقصت سجدة واحدة فقد بطلت‪،‬‬
‫وبطلت الصلة كلها ببطلن هذه الركعة‪ ،‬وعندها ل ينفعك‬
‫سجود السهو‪.‬‬
‫وإذا بدأت بالتشهد‪ ،‬ثم اعتراك شك هل سجدت سجدة‬
‫واحدة أوسجدتين‪ ،‬فيجب عليك التوقف عن التشهد‪،‬‬
‫والقيام بسجدة جديدة‪ ،‬ثم تعود للتشهد‪ ،‬وتسجد‬
‫بعدئذٍسجود السهو‪ ،‬فإن أنت لم تقطع التشهد‪ ،‬وبالتالي‬
‫ُ‬
‫لم تأت بالسجدة الثانية فصلتك كل ّها تصبح باطلة‪ ،‬لن‬
‫ترك أي ركن من أركان الصلة يبطل الصلة‪ ،‬ول تُجبَر‬
‫الصلة بسجود السهو عندئذٍ‪ ،‬فسجود السهو واجب وينفع‬
‫عند ترك واجب أو الِخلل به‪ ،‬ول يجب سجود السهو عند‬
‫ب فقط‪ ،‬أما الركن فتركه أو‬ ‫ترك مندوب وإنما يُستح ُّ‬
‫الخلل به يبطل الصلة‪ ،‬وتجب إعادتها كلها‪.‬‬
‫هـ‪ -‬لم ترد في النصوص هيئة مخصوصة لوضع اليدين عند‬
‫م يديك‬ ‫الرفع من الركوع‪ ،‬ولذا فأنت بالخيار بين أن تض َّ‬
‫إلى صدرك‪ ،‬وبين أن تبقيهما مسبلتين إلى جنبيك وأنا‬
‫ي عند الرفع من الركوع‪.‬‬‫أُسبل يديَّ إلى جنب َّ‬

‫(‪ )53‬السؤال ‪ :‬في الحديث الذي جاء فيه "‪ ...‬وعن الصبي‬
‫حتى يحتلم‪ " ...‬ورد تكليف البالغ الذَّكَر عند الحتلم‬
‫بالتكاليف الشرعية من صلة وصيام وغيرها‪ ،‬فماذا عن‬
‫َ‬
‫البنت‪ ،‬ومتى تصبح مكل ّفة ؟‬
‫(‪ )53‬الجواب‪ :‬إذا احتلم الغلم فقد دخل س َّ‬
‫ن التكليف أما‬
‫ن التكليف‪ ،‬وهذا‬ ‫البنت فإنها إذا حاضت فقد دخلت س َّ‬
‫ن من بلغ وجب‬ ‫َ‬ ‫ة‪ ،‬بمعنى أ ّ‬
‫ص بالشخاص ديان ً‬ ‫الحكم خا ٌّ‬
‫عليه القيام بالتكاليف الشرعية وإل وقع في الثم‪ ،‬أما‬
‫‪64‬‬
‫تطبيق الحكم من قبل الدولة فإنها تعتبر س َّ‬
‫ن الخامسة‬
‫عشرة هي س َّ‬
‫ن التكليف‪.‬‬

‫ن وقت العشاء يمتد ُّ إلى شطر الليل‪،‬‬ ‫(‪ )54‬السؤال‪ :‬ما دام أ َّ‬
‫فما هو الليل المعتبر حتى نعرف شطره ؟ أم أ َّ‬
‫ن‬
‫المقصود به هو ما تعارف عليه الناس‪ ،‬وفي زمننا هذا هو‬
‫الساعة الثانية عشرة ليل ً ؟‬
‫(‪ )54‬الجواب‪ :‬تستطيع أن تُحدد شطر الليل بالضبط بأن‬
‫تحسب المدة الزمنية ما بين المغرب وشروق الشمس‪،‬‬
‫ثم تقسم على اثنين قيكون شطر الليل‪ ،‬أو نصف الليل‪،‬‬
‫أما ما تعارف الناس عليه وهو الساعة ‪ 12‬ليلً‪ ،‬فليس‬
‫دقيقاً‪ ،‬وهو يختلف في الشتاء عنه في الصيف‪ ،‬بل‬
‫يختلف من شهر إلى آخر‪ .‬وأُضيف ما يلي‪ :‬إن وقت‬
‫الفضلية للعشاء يمتد ُّ إلى منتصف الليل‪ ،‬ولكن صلة‬
‫ح إلى قُبَيل حلول الفجر‪.‬‬ ‫العشاء تص ُّ‬

‫ك الصلة بإدراك ركعة في وقتها‬ ‫(‪ )55‬السؤال‪ :‬يتحقق إدرا ُ‬


‫لما ورد في حديث أبي هريرة " إذا جئتم الصلة‪" ...‬‬
‫والسؤال هو‪ :‬أليس هذا متعلقا ً بصلة الجماعة‪ ،‬فمن‬
‫أدرك ركعة من صلة الجماعة فقد أدرك الصلة وليس‬
‫من أدرك ركعة في وقت الصلة أدركها حاضرا ً ؟‬
‫من أدرك ركعة فقد‬ ‫ن َ‬ ‫ن الحديث يقول إ َّ‬ ‫(‪ )55‬الجواب‪ :‬إ َّ‬
‫ن كو َ‬
‫أدرك الصلة هو قول عام يشمل صلة الجماعة والصلة‬
‫ن إدراك الصلة يحصل بإدراك‬ ‫في الوقت‪ ،‬إذ ما دام أ َّ‬
‫ن الصلة تُدرك في‬ ‫ل بوضوح على أ َّ‬ ‫ركعة‪ ،‬فإن ذلك يد ُّ‬
‫وقتها بإدراك ركعة‪.‬‬

‫ة‬
‫حرمة الصلة لحظ َ‬ ‫(‪ )56‬السؤال‪ :‬كيف يجتمع القو ُ‬
‫لب ُ‬
‫الشروق والستواء والمغيب مع حديث " من أدرك‬
‫العصر قبل أن تغرب الشمس‪ " ...‬إذ يُفهم من هذا‬

‫‪65‬‬
‫الحديث أن وقت العصر يمتد ُّ إلى غروب الشمس‪ ،‬ولو‬
‫كان ذلك حراما ً لما جازت صلة العصر قُبيل الغروب ؟‬
‫(‪ )56‬الجواب‪ :‬أوقات النهي الجازم الثلثة تحرم الصلة فيها‪،‬‬
‫أما بخصوص النوافل من الصلوات فواضح‪ ،‬وأما‬
‫بخصوص الصلوات المفروضة فإنها أيضا ً يحرم تأخيرها أو‬
‫ة مقبولة تماماً‬‫مجزئ ً‬
‫أداؤها في هذه الوقات ولكنها تكون ُ ِ‬
‫مجزئة‬
‫كالصلة في الرض المغصوبة فإنها حرام ولكنها ُ ِ‬
‫مقبولة‪ .‬أنظر آخر البحث [ الوقات المنهي عن الصلة‬
‫فيها ] في الجزء الثاني من الجامع لحكام الصلة‪.‬‬

‫(‪ )57‬السؤال‪ :‬أنتم تقولون‪ :‬يُستحب لمن سمع إقام ً‬


‫ة أو‬
‫عرف حصولها أن يسعى للمسجد‪ ،‬والسؤال هو‪ :‬ما دليل‬
‫صت فقط على‬ ‫المعرفة ؟ مع العلم أن أدلة الحكم ن َّ‬
‫السماع ؟ وهل المعرفة دون السماع تتساوى مع‬
‫السماع في وجوب تلبية النداء للصلة جماعة لمن قال‬
‫بأنها فرض كفاية ؟‬
‫وما هي المسافة التي تبعد عن المسجد التي يُعذر من‬
‫كان وراءها ؟ وهل السماع المعتبر هو ما كان بصوت النسان‬
‫ت صادر عن‬ ‫الطبيعي أم مطلق السماع حتى لو كان بصو ٍ‬
‫مكبِّر الصوت أو عن الذاعة ؟‬
‫(‪ )57‬الجواب‪ :‬القصد من سماع القامة هو التحقق من الفعل‬
‫وليس ذات السماع‪ ،‬فإن نحن تحققنا من إقامة الصلة‬
‫فيُستحب الدخول والصلة‪ ،‬ولكن ذلك ل يجب إل على‬
‫ة‪ .‬أما‬ ‫ة واجب ٌ‬‫من يقول إن الصلة في المسجد جماع ً‬
‫المسافة التي يُعذر فيها فل تحديد لها‪ ،‬وإنما يُقدِّرها‬
‫الشخص نفسه بأن يستطيع قطعها واللحاق بالصلة‪.‬‬
‫أما السماع المعتبر فهو السماع بالصوت البشري‪ ،‬دون ما‬
‫يصدر من مكبرات الصوت‪ ،‬ودون ما يصدر من الذاعة‪ ،‬فكل‬
‫ذلك ل اعتبار له‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫(‪ )58‬السؤال‪ :‬من المواضع التي ل تجوز فيها الصلة مسجد‬
‫الضرار‪ ،‬وهذا تبيَّن بنص القرآن فهل يجوز لنا أن نحكم‬
‫على مسجد ما بأنه مسجد ُ ضرار بغلبة الظن ؟ وإن جاز‬
‫ج َّ‬
‫ل‬ ‫ذلك فما هي المعايير المعتبرة للحكم‪ ،‬خصوصا ً وأن ُ‬
‫زور‬
‫ٍ‬ ‫المنابر في المساجد حاليا ً تعتبر منابر شهادا ِ‬
‫ت‬
‫للحكام ولضلل الناس ؟‬
‫(‪ )58‬الجواب‪ :‬يجوز لنا أن نحكم بغلبة الظن أن هذا المسجد‬
‫يأخذ حكم مسجد الضرار‪ ،‬ول ننعت أي مسجد بذلك إل‬
‫إذا غلب على ظننا أنه بُني للضرار بالسلم والمسلمين‪،‬‬
‫وبُني كوكرِ تآمرٍ على السلم والمسلمين‪ .‬أما ما نشاهده‬
‫في هذه اليام من خطباء وأئمة ينافقون للحكام على‬
‫المنابر‪ ،‬فهذا ل يجعل هذه المنابر والمساجد منابر‬
‫ومساجد ضرار‪ ،‬إل أن يُبنى من أجل الضرار‪ ،‬فالنفاق‬
‫في المساجد وارتكاب آثام فيها ل يجعلها مساجد ضرار‪.‬‬

‫ت أمام المصل ِّي مول ِّيا ً ظهري له أو‬


‫(‪ )59‬السؤال‪ :‬إذا مرر ُ‬
‫جنبي‪ ،‬فما حكم ذلك ؟ وإذا لم يكن للمصل ِّي سترة‪ ،‬فما‬
‫هي المسافة من قدمي المصلي إلى حيث يستطيع‬
‫صلية أو سجادة الصلة‬ ‫الناس المرور ؟ وأنت اعتبرت ال َّ‬
‫تأخذ حكم السترة‪ ،‬فما العمل في المسجد حيث ل توجد‬
‫دُ‬
‫صليات ول حدود ٌ فاصلة بين الصفوف‪ ،‬أي ما هو ح ّ‬
‫السترة هناك ؟‬
‫(‪ )59‬الجواب‪ :‬تُقطع الصلةُ بمرور الشخص من أمام‬
‫المصلي‪ ،‬سواء مَّر الشخص مول ِّيا ً إليه ظهره أو جنبه‪ ،‬ل‬
‫فرق بين هذا وذاك‪ ،‬إذ العبرة بالمرور وليس باتجاه‬
‫الوجه أو الظهر‪.‬‬
‫أما المنطقة أو البقعة التي ل يجوز المرور منها فهي ما‬
‫بين قدمي المصلي وموضع سجوده فقط‪ ،‬وما خلف ذلك‬
‫يجوز المرور فيها بل إثم ول قطٍع للصلة‪ ،‬في المسجد‬
‫وفي غير المسجد‪.‬‬
‫(‪ )60‬السؤال‪ :‬ما حكم من سبق المام بركن أو بأكثر بعلم ٍ أو‬
‫بجهل ؟ وما حكم الصلة خلف إمام ٍ تنقطع الصفوف‬
‫‪67‬‬
‫بعده كالصلة في طوابق‪ ،‬بحيث ل يرى المصلي المام‬
‫ول الصفوف التي خلفه مع الدليل والشرح المستفيض‬
‫إذا سمحتم ؟ وما حكم الصلة خلف إمام تُنقل صلتُه‬
‫مباشرة ً في التلفزيون ؟ وهل يجوز قياس ذلك على‬
‫الصلة خلف إمام يُسمع صوته بمكبِّر الصوت في بناء‬
‫واحد‪ ،‬مع انقطاع الصفوف لتعدد الطوابق ؟ وكمثال على‬
‫َ‬
‫ذلك الصلة في قبو الحرم المكي والصلة في مصل ّيات‬
‫النساء التي تنفصل كليا ً عن صفوف الرجال‪ ،‬ول يتابعن‬
‫الصلة إل بالصوت عبر مكب ِّر الصوت ؟‬
‫من سبق المام بركن أو بواجب أو حتى‬ ‫(‪ )60‬الجواب‪َ :‬‬
‫بمندوب أثم‪ ،‬يستوي في ذلك العالم والجاهل‪ ،‬فالجهل‬
‫في أمور الصلة ليس بعذرٍ‪ ،‬ولكن الصلة مجزئة مقبولة‪.‬‬
‫أما الصلة في الطوابق وعدم رؤية المام والمأمومين‬
‫خلفه فجائزة‪ ،‬وتجدون الجابات مع الدلة في آخر صفحة‬
‫من كتاب [ الجامع لحكام الصلة ] في الجزء الثاني في‬
‫البحث [ أين يقف المام من المأمومين ] وأزيدك هنا‬
‫بقولي إن الصلة خلف إمام ٍ تُنقل صلته مباشرة من‬
‫م‬ ‫التلفزيون غير جائزة‪ ،‬إذ الواجب أن تض َّ‬
‫م الما َ‬
‫ة واحدة‪ ،‬أما إن تباعدت البقعتان كهذا‬ ‫والمصلين بقع ٌ‬
‫المثال فل تنعقد صلة الجماعة ول تصح‪.‬‬

‫ن تحديد أوقات الصلة اليوم يتم وفق برامج‬ ‫(‪ )61‬السؤال‪ :‬إ َّ‬
‫فلكية معدَّة مسبقاً‪ ،‬ولكن يظهر التفاوت فيما بينها ببضع‬
‫دقائق‪ ،‬ول يوجد مر َّ‬
‫جح لبرنامج على آخر‪ ،‬فبماذا تنصح‬
‫المصل ِّي‪ ،‬خصوصا ً للذين يتعذر عليهم سماع الذان‪،‬‬
‫ة في غير بلد المسلمين ؟‬ ‫خاص ً‬
‫(‪ )61‬الجواب‪ :‬تجوز الصلة عند أول أذان أو عند الذان الول‬
‫في البرامج الفلكية المتعددة‪ ،‬ول بأس بأن تختلف‬
‫ُّ‬
‫البرامج الفلكية بضع دقائق‪ ،‬والمسلم ل يجب عليه تعلم‬
‫علوم الفلك كأربابه فهو من فروض الكفاية‪ ،‬والحوط لك‬
‫أن تؤخر الصلة إلى آخر أذان في البرامج الفلكية لتكون‬
‫مطمئناً‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫ص‬
‫ب شخ ٌ‬ ‫(‪ )62‬السؤال‪ :‬هل يجوز في صلة الجمعة أن يخط َ‬
‫م المصلين شخص آخر مع الدليل ؟ وهل يجوز‬ ‫ويؤ َ‬
‫تخصيص الستراحة بين الخطبتين للترجمة من قبل‬
‫شخص ثالث ؟‬
‫ص ويؤم المصلين‬‫(‪ )62‬الجواب‪ :‬نعم يجوز أن يخطب شخ ٌ‬
‫ص آخر في صلة الجمعة لن الفعلين مختلفان‪،‬‬ ‫شخ ٌ‬
‫فيص َّ‬
‫حان من اثنين‪.‬‬
‫أما الخطبة فيجب أن تكون من خطيب واحد لنها فع ٌ‬
‫ل‬
‫واحد‪ ،‬فل يُشرع أن يتناوب خطيبان على إلقاء الخطبة‪،‬‬
‫كما ل يجوز أن يخطب شخص ويترجم الخطبة شخص‬
‫ن‪ ،‬سواء أكان ذلك في أثناء خطبة الخطيب‪ ،‬أم في‬ ‫ثا ٍ‬
‫ً‬
‫الفترة بين قسمي الخطبة للسبب نفسه أيضا‪ ،‬أما بعد‬
‫الفراغ من الخطبة ونزول الخطيب عن المنبر فيجوز أن‬
‫ص ترجمة الخطبة للمصل ِّين‪ ،‬ثم تقام الصلة‪،‬‬ ‫يتولى شخ ٌ‬
‫إذ ل تجب إقامة الصلة فور النتهاء من الخطبة‪.‬‬

‫(‪ )63‬السؤال‪ :‬عند أداء صلة الوتر في جماعة‪ ،‬هل تكون‬


‫القراءة جهرية أم سرية‪ ،‬أعني في الركعة الثانية‬
‫والثالثة‪ ...‬الخ ؟‬
‫(‪ )63‬الجواب‪ :‬كل ركعات الوتر جهرية الولى والثانية والثالثة‬
‫وحتى التاسعة لمن صلى الوتر تسع ركعات‪ ،‬وحتى‬
‫السابعة لمن صلى الوتر سبع ركعات‪ ،‬وحتى الخامسة‬
‫لمن صلى الوتر خمس ركعات‪ ،‬وحتى الثالثة لمن صلى‬
‫ة‬
‫الوتر ثلث ركعات‪ ،‬ويُقرأ في كل الركعات الفاتح ُ‬
‫وسورة ٌ قصيرة ٌ جهراً‪ ،‬فإن صلَّها المسلم بقراءة سرية‬
‫جاز ذلك ول إثم‪.‬‬

‫(‪ )64‬السؤال‪ :‬هل يجوز الجمع في حالة المطر جمع تأخير ؟‬


‫وهل يجوز الجمع في البيوت ؟ وهل يجوز الجمع إذا‬
‫طالت أيام المطر كثيرا ً ؟‬
‫‪69‬‬
‫(‪ )64‬الجواب‪ :‬المطر عذٌر شرعي يبيح الجمع كغيره من‬
‫العذار‪ ،‬ويجوز فيه الجمع تقديما ً وتأخيراً‪ ،‬ويجوز الجمع‬
‫في البيوت كجوازه في المساجد‪ ،‬والجمع جائز إن غلب‬
‫على اليام المطر‪ ،‬طالت اليام أو قصرت‪.‬‬

‫(‪ )65‬السؤال‪ :‬هل يجوز الجمع في السفر تقديما ً وتأخيرا ً ؟‬


‫مع غلبة الظن أن المسافر سيعود في أحد الوقتين إلى‬
‫موطنه قبل خروج الوقت ؟ وإن لم يفعل وعاد وقد فاته‬
‫وقت التقديم‪ ،‬فهل يصلي الصلة الفائتة جمع تأخير أو‬
‫قضا ًء ؟‬
‫(‪ )65‬الجواب‪ :‬يجوز الجمع في السفر جمع تقديم وجمع‬
‫من يواصل السير يجمع جمع‬ ‫سنة في ذلك أن َ‬ ‫تأخير‪ ،‬وال ُّ‬
‫تأخير‪ ،‬ومن يتوقف عن المسير يجمع جمع تقديم‪ ،‬ول‬
‫ضير إن عاد المسافر إلى وطنه في وقت الجمع‪ ،‬فعندئذٍ‬
‫يجمع‪ ،‬ولكن ل يجوز القصر في هذه الحالة‪ ،‬وفي الحالة‬
‫ت يصليها جمع تأخير وليس قضاءً‪.‬‬ ‫التي ذكر َ‬

‫ت في مسألة صلة الجمعة في عدة‬ ‫(‪ )66‬السؤال‪ :‬بحث ُ‬


‫مساجد في المصر الواحد فظهر لي أنها ل تجوز إل إذا‬
‫كانت لدفع مشقة عند بعض الفقهاء‪ ،‬ول تجوز على أية‬
‫حال عند البعض الخر وأنها يجب أن تقام في المسجد‬
‫حت التي‬ ‫الجامع‪ ،‬وإذا أُقيمت في أكثر من مسجد ٍ ص َّ‬
‫ُ‬
‫أقيمت أول ً وبطلت التي أقيمت بعدها‪ ،‬أو التي لم تُقَ ْ‬
‫م‬
‫بإذن المام حسب الختلف الموجود عند الفقهاء‪ ،‬فما‬
‫هو القول في هذه النقطة بارك الله بكم‪ .‬ويحدث معنا‬
‫ب‬‫لضيق الوقت أن نصلي صلة الجمعة في قاعةٍ قر َ‬
‫ض الذهاب إلى المسجد‪ ،‬إذ لو ذهبنا إلى‬ ‫الجامعة عو َ‬
‫المسجد‪ ،‬فسنُضطر إلى التغيب عن بعض الحصص‬
‫الدراسية‪ ،‬وحتى لو ذهبنا ل نعرف أين يقع المسجد‬
‫الجامع‪ ،‬إذ يوجد أكثر من مسجد تقام فيه صلة الجمعة‪،‬‬
‫فهل حجتنا هذه تعتبر من باب دفع المشقة إذا كان هذا‬
‫الرأي قويا ً ؟‬
‫‪70‬‬
‫(‪ )66‬الجواب‪ :‬يصح أن تُقام صلة الجمعة في أي مسجد تقام‬
‫َ‬
‫فيه صلة الجماعة‪ ،‬وأما المصل ّيات‪ ،‬وهي القاعات‬
‫المخصصة للصلة بشكل دائم‪ ،‬فتأخذ حكم المساجد‪،‬‬
‫فتجوز إقامة صلة الجمعة فيها‪ ،‬وإن كانت الصلة في‬
‫المساجد الكبرى أفضل‪ ،‬أما في قاعات المدارس‬
‫وساحاتها‪ ،‬وقاعات الدوائر والشركات وغيرها‪ ،‬فل تقام‬
‫فيها صلة الجمعة اللهم إل إن تعذرت الصلة في‬
‫َ‬
‫المساجد والمصل ّيات‪ ،‬فأرجو أن ل يكون بها بأس إذ ل‬
‫ص أو دليل يخصص صلة الجمعة بمسجد واحد‬ ‫يوجد ن ٌّ‬
‫في المدينة الواحدة‪ ،‬والعام يبقى على عمومه‪.‬‬
‫ول يلزم أمُر المام لصحة صلة الجمعة‪ ،‬ويمكنك الرجوع‬
‫إلى البحث [ العدد الذي تجب فيه الجمعة ] الوارد في‬
‫الجزء الثاني من كتاب [ الجامع لحكام الصلة ] لتجد فيه‬
‫الحديث التالي كدليل على أن أمر المام ليس شرطاً‬
‫لصحة صلة الجمعة " عن عبد الرحمن بن كعب بن‬
‫مع بنا في المدينة‬ ‫مالك عن أبيه‪ :‬كان سعدٌ أول من ج َّ‬
‫ل الله ‪ " ...‬فهذا دليل على أن صلة‬ ‫م رسو ِ‬ ‫قبل َ‬
‫مقْد َ ِ‬
‫سبَق من المام‪ ،‬وهذا‬ ‫م ْ‬
‫الجمعة تصح إقامتها دون أمرٍ ُ‬
‫ل الصحابة ليس دليلً‬ ‫ل صحابة‪ ،‬وفع ُ‬ ‫الفعل وإن كان فع َ‬
‫شرعياً‪ ،‬إل أنه لم يرد ما يعارضه منهم‪ ،‬فصلح دليل ً ‪.‬‬

‫(‪ )67‬السؤال‪ :‬هل سماع الذان شرط لفرضية صلة الجمعة‪،‬‬


‫حيث أننا في الغرب ل يوجد عندنا أذان مسموع ول‬
‫مسجد جامع ول أمر المام‪ ،‬فهل تجب صلة الجمعة في‬
‫هذه الحالة ؟‬
‫(‪ )67‬الجواب‪ :‬سماع الذان ليس شرطا ً لوجوب صلة‬
‫ن لدخول وقت‬‫الجمعة‪ ،‬وليس سببا ً أيضاً‪ ،‬وإنما هو إعل ٌ‬
‫الصلة‪ ،‬فدخول وقت الصلة هو سبب وجود الصلة‪،‬‬
‫فمتى دخل الوقت فقد وقع الوجوب‪ ،‬فلو لم يسمع‬
‫المسلم الذان ودخل وقت الصلة فقد وجبت عليه‬
‫المبادرة إليها وأداؤها‪ ،‬ول يتوقف وجوب الصلة على أمر‬
‫المام‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫(‪ )68‬السؤال‪ :‬هل يجوز للشخص الذي سافر لطلب العلم‬
‫في بلد الغرب أن يجمع ويقصر طيلة سنوات الدراسة‪،‬‬
‫مع العلم أن النية عنده هي العودة إلى وطنه بعد النتهاء‬
‫من الدراسة ؟‬
‫صَر في‬ ‫(‪ )68‬الجواب‪ :‬ل يجوز لهذا الشخص أن يجمعَ ويق ُ‬
‫هذه الحالة‪ ،‬لنه أقام هناك وفتح بيتا ً وصارت له علقا ٌ‬
‫ت‬
‫دائمية مع غيره‪ .‬وبهذه المناسبة فإني أقول إنه يجوز أن‬
‫تكون للشخص الواحد إقامتان في بلدين مختلفين‪،‬‬
‫واحدة في بيته وبلده الصلي‪ ،‬والخرى في مكان إقامته‬
‫لطلب العلم أو للعمل‪ ،‬فمن ذهب للدراسة في الغرب‪،‬‬
‫أو ذهب للعمل في الخليج‪ ،‬وهو عراقي مثلً‪ ،‬فيجب أن‬
‫م الصلة وهو يدرس في الغرب أو وهو يعمل في‬ ‫يُت ِ َّ‬
‫م أيضا ً عندما يعود للعراق في إجازة الصيف‬ ‫الخليج‪ ،‬ويُت ِ َّ‬
‫مثلً‪ .‬ومثل ً قد يتزوج هذا العراقي امرأةً في بلد الشام‬
‫سم وقته بين زوجته في العراق‬ ‫ويبقيها هناك‪ ،‬وي َ ْق ِ‬
‫وزوجته في الشام‪ ،‬فل يقصر إل إذا كان في الطريق‬
‫فقط بين بيتيه‪ ،‬فإن وصل إلى إحدى زوجتيه وأحد ِ بيتيه‬
‫فقد وجب عليه أن يُتِم‪.‬‬

‫(‪ )69‬السؤال‪ :‬كنت أصلي على المذهب الشافعي والمام‬


‫الشافعي يقول بوجوب صلة الظهر بعد أداء صلة‬
‫الجمعة إن كانت هناك عدة مساجد تقام فيها صلة‬
‫الجمعة ول تقام في مسجد واحد فقط هو المسجد‬
‫الجامع‪ ،‬ويضع شروطا ً لصحة الجمعة‪ ،‬فهل عندكم شيء‬
‫من ذلك ؟‬
‫(‪ )69‬الجواب‪ :‬مذهب الشافعي رحمه الله يوجب إقامة‬
‫الجمعة في المسجد العظم فقط‪ ،‬فمن أداها في‬
‫المسجد العظم فهي جمعة ل تجب عليه صلة الظهر‪،‬‬
‫أما إن أقيمت صلة الجمعة في أكثر من مسجدٍ‪،‬‬
‫فالجمعة فقط لمن صلى أولً‪ ،‬وتجب صلة الظهر على‬
‫الخرين‪ ،‬ولم يُورد أي دليل على هذا التفصيل‪ .‬وأنا‬
‫‪72‬‬
‫ليس عندي شيء من هذا‪ ،‬وأرى أن هذا التقييد ليس‬
‫صحيحاً‪ ،‬لنه ل دليل عليه‪ ،‬وبالتالي فإنه ل يجب بل ول‬
‫يُندب أداءُ الظهر بعد أداء الجمعة مهما تعددت المساجد‪،‬‬
‫فصلة الجمعة مقبولة من الجميع‪ ،‬وهي البديل عن صلة‬
‫الظهر‪.‬‬

‫(‪ )70‬السؤال‪ :‬ورد في الحاديث أن صلة الجماعة أفضل من‬


‫صلة المنفرد بسبع وعشرين درجة‪ ،‬فهل هذا الفضل‬
‫يُنال بصلة الجماعة في المساجد فقط‪ ،‬أم يُنال بصلة‬
‫الجماعة خارج المسجد ؟‬
‫(‪ )70‬الجواب‪:‬‬
‫ن جميع الروايات المتعلقة بهذا الموضوع ذكرت‬ ‫أولً ‪ :‬إ َّ‬
‫أن صلة الجماعة تعدل خمسا ً وعشرين درجة من صلة‬
‫المنفرد‪ ،‬باستثناء رواية واحدة انفرد بها عبد الله بن عمر‬
‫ضل صلة المنفرد‬ ‫ما جاء فيها أن صلة الجماعة تَفْ ُ‬
‫َ‬
‫بسبع وعشرين درجة‪ ،‬فالولى الخذ ُ بعموم الروايات‪ ،‬أي‬
‫بخمس وعشرين‪ ،‬وترك الرواية الوحيدة بسبع وعشرين‬
‫‪.‬‬
‫ثانياً ‪ :‬جميع الروايات المتعلقة بهذا الموضوع بما فيها‬
‫ة لم تُقيَّد بالداء‬
‫ة وعام ً‬‫الرواية عن ابن عمر جاءت مطلق ً‬
‫صص فيها‪ ،‬والمطلق يبقى على‬ ‫في المساجد ولم تُخ َّ‬
‫إطلقه‪ ،‬والعام يبقى على عمومه‪ ،‬ولذا نقول إن صلة‬
‫الجماعة سواء أكانت في المساجد‪ ،‬أم في البيوت‪ ،‬أم‬
‫ضل صلة المنفرد‬ ‫في المزارع‪ ،‬أم في المصانع‪ ،‬ت َ ْف ُ‬
‫بخمس وعشرين درجة‪.‬‬
‫حبَّان وأبي‬ ‫ة عند ابن أبي شيبة وابن ِ‬ ‫ثالثاً ‪ :‬بل هناك رواي ٌ‬
‫داود والحاكم من طريق أبي سعيد الخدري رضي الله‬
‫تعالى عنه قال‪ :‬قال رسول الله " صلة الرجل في‬
‫جماعة تزيد على صلته وحده خمساً وعشرين درجة‪،‬‬
‫ة فأت َّ‬
‫م وضوءها وركوعها‬ ‫ض فل ٍ‬
‫وإن صلها بأر ِ‬
‫وسجودها بلغت صلته خمسين درجة " وهي واضحة‬

‫‪73‬‬
‫الدللة على أن هذه الصلة التي تبلغ خمسين درجة لم‬
‫ل في المساجد‪.‬‬‫ت ُص َّ‬
‫َ‬
‫ة صلةِ جماعةٍ‪ ،‬ولو كانت‬‫ولذلك أقول باطمئنان إن أي َ‬
‫من اثنين فقط‪ ،‬تعدل خمسا ً وعشرين درجة‪ ،‬سواء كانت‬
‫في المساجد أو في غير المساجد‪.‬‬

‫(‪ )71‬السؤال‪ :‬ما هو رأيكم في صلة الرجل في شمال أوروبا‬


‫والقطبين عند عدم دخول وقت العشاء فيها إلى الفجر‪،‬‬
‫هل تسقط عنه أم يقدَّر لها ؟ وأنا ل أعلم في المذاهب‬
‫ن تطَّرق أحدُهم لبحث هذه المسألة‪ ،‬فهل يجوز‬ ‫السابقة أ ْ‬
‫لي الخذ ُ فيها بآراء فقهاء آخرين كالشيخ تقي الدين‪ ،‬أم‬
‫أنها جزء من المسألة ول ينبغي أن آخذ فيها من مجتهد‬
‫آخر‪ ،‬رغم عدم تطرق المذهب الذي أقل ِّده في هذا المر‬
‫وهو مذهب الشافعي ؟‬
‫(‪ )71‬الجواب‪ :‬حيث أن المذاهب السابقة لم تتطرق إلى هذا‬
‫الموضوع فيمكنك أن تقل ِّد أي إمام أو مجتهد أو فقيه‬
‫ت أنا من قب ُ‬
‫ل‬ ‫معتبَر ول حرج عليك في ذلك‪ .‬وقد قم ُ‬
‫ببحث هذه المسألة‪ ،‬وتوصلت فيها إلى ما يلي ‪:‬‬
‫الدائرة القطبية هي دائرة وهمية تحيط بالقطب الشمالي‬
‫تشكِّل حدا ً فاصل ً بين البلدان التي يتشكل الليل والنهار‬
‫فيها كل أربع وعشرين ساعة‪ ،‬وبين البلدان التي يمتد‬
‫فيها النهار وحده أكثر من أربع وعشرين ساعة‪ ،‬والليل‬
‫وحده أكثر من أربع وعشرين ساعة‪ ،‬تزاد كلما اتجهنا نحو‬
‫الشمال حتى يغدو نهار القطب وحده ستة أشهر‪ ،‬وليله‬
‫ستة أشهر كاملة‪ .‬ومن البلدان الواقعة في الدائرة‬
‫القطبية شمال فنلندة وشمال النرويج وشمال السويد‬
‫في شبه الجزيرة السكندنافية‪ ،‬وأصقاع سيبيرية‬
‫الشمالية في روسيا‪ ،‬ومعظم جزيرة غرينلند‪ ،‬والرخبيل‬
‫في شمالي كندا وغيرها‪ ،‬فهذه البلدان يزيد النهار فيها‬
‫عن أربع وعشرين ساعة‪ ،‬والليل كذلك‪ .‬والسؤال هو‪:‬‬
‫كيف يؤدي المسلمون في تلك البلدان صلتهم‬
‫ت الصلة هناك ؟‬ ‫المفروضة‪ ،‬وكيف تُحدَّد مواقي ُ‬
‫‪74‬‬
‫والجواب على هذا السؤال هو أن الشرع قد عيَّن وحدَّد‬
‫مواقيت الصلة المفروضة في النهار وفي الليل‪ ،‬وأوجب‬
‫علينا اللتزام بهذه المواقيت والتقيد بها‪ ،‬قال تعالى {‪...‬‬
‫ن كتاباً موْقُوتاً } من‬
‫ن الصلةَ كانت على المؤمني َ‬ ‫إ َّ‬
‫الية ‪ 103‬من سورة النساء‪ .‬وقد مَّرت الدلة على هذه‬
‫المواقيت ووجوب التقيد بها في الجزء الثاني من الجامع‬
‫لحكام الصلة‪ ،‬ولم يرد في الشرع أي استثناء‪ ،‬ول أي‬
‫خر‬‫نسخ لهذه المواقيت‪ ،‬فتبقى ثابتة كما هي ل تُقدَّم ل تُؤ َّ‬
‫دون أي اعتبارٍ لموقع البلد‪ ،‬وتُلتَزم في البلدان الواقعة‬
‫في النصف الشمالي‪ ،‬وفي البلدان الواقعة في النصف‬
‫الجنوبي على السواء‪.‬‬
‫وهذه المواقيت هي أسباب وجود الصلوات المفروضة‪،‬‬
‫جد ول تُؤدَّى إل إذا دخلت‬ ‫بمعنى أن هذه الصلوات ل تو َ‬
‫مواقيتها‪ ،‬وأية صلة أُدِّيت في غير ميقاتها تعتبر باطلة غير‬
‫مقبولة‪ ،‬وهذا هو ما سار عليه المسلمون وعملوا به لم‬
‫شذ َ منهم أحد عنه‪.‬‬
‫ي ُ‬
‫وبناء على هذا أقول ما يلي‪ :‬إن سكان هذه المناطق من‬
‫المسلمين ينطبق عليهم ما ينطبق على سائر المسلمين‬
‫من وجوب مراعاة هذه المواقيت‪ ،‬دون أي اعتبارٍ لقصر‬
‫ن تلك‬
‫النهار والليل في بلد أو لطولهما‪ ،‬فيصلي سكا ُ‬
‫المناطق صلة َ الغداة في ميقات صلة الغداة وهو ما بين‬
‫انشقاق الفجر الصادق وإلى أن تطلع الشمس‪ ،‬ثم‬
‫ينتظرون ميقات صلة الظهر‪ ،‬وهو ما بين استواء‬
‫ل شيء‬ ‫الشمس في قبة السماء إلى أن يصير ظ ُّ‬
‫ل ك ِّ‬
‫مثلَه في الطول‪ ،‬فيبدأ ميقات صلة العصر‪ ،‬ثم ينتظرون‬
‫ميقات صلة المغرب‪ ،‬ويبدأ من غياب قرص الشمس إلى‬
‫غياب الشفق الحمر فيبدأ ميقات صلة العشاء وهكذا‪،‬‬
‫ة أيةِ زيادة في طول الميقات أو قصره‪،‬‬ ‫ول تنبغي ملحظ ُ‬
‫لن الزيادة هذه تحصل عندنا في الصيف‪ ،‬ويحصل النقص‬
‫في الشتاء‪ ،‬ول ضير في ذلك ول إشكال‪.‬‬
‫إن الذي يحصل في تلك البلدان هو أن الشمس تطلع‬
‫صباحاً‪ ،‬ثم تتوسط قبة السماء إلى الجنوب قليلً‪ ،‬ثم إنها‬

‫‪75‬‬
‫إذا أوشكت أن تغرب مالت نحو الشمال فوق الفق‪،‬‬
‫وقامت بإكمال دورتها العادية حتى تعود إلى المشرق‬
‫دون أن تتوارى في الفق الغربي أو الشمالي أو‬
‫الشرقي‪ ،‬ثم تعاود الكََّرة فتتوسط قبة السماء إلى‬
‫الجنوب قليلً‪ ،‬وهكذا تبقى ساطعة في السماء سطوعاً‬
‫عاديا ً يظهر خلله ميقات الظهر وميقات العصر‪ ،‬ثم بدلً‬
‫ل ميقات المغرب وبعده ميقات العشاء‬ ‫من أن تغرب فيح َّ‬
‫تقوم بالنحراف نحو الفق الشمالي فوقه قليل ً دون أن‬
‫تتوارى‪ ،‬إلى أن تُكمل دورتها في أربع وعشرين ساعة ل‬
‫ل أربٍع وعشرين‬ ‫تغيب فيها‪ ،‬وتبقى ساطعة بدورة كاملةٍ ك َّ‬
‫ساعة‪ ،‬تتكرر مرتين أو ثلثا ً أو عشر مرات أو مائة مرة‬
‫تبعا ً لصعودنا نحو شمال الرض في الدائرة القطبية‪.‬‬
‫وبملحظة هذه الظاهرة نجد أننا نستطيع أن نصلي صلة‬
‫الغداة في بداية هذه الدورات المتكررة مرة واحدة‪ ،‬ثم‬
‫نقوم بأداء صلة الظهر وصلة العصر في ميقاتيهما‬
‫المعتادين في كل دورة‪ ،‬ولكننا ل نقوم بأداء صلة‬
‫المغرب ول بأداء صلة العشاء لن ميقاتيهما لم يحل ّ‪َ،‬‬
‫فالشمس تبقى ساطعة عدة دورات ل تغيب فل يحصل‬
‫ليل‪ ،‬وهكذا بتوالي دورات الشمس‪ ،‬سواء كانت كثيرة‬
‫في الشمال أو أقل من ذلك كلما اتجهنا إلى الجنوب‬
‫ضمن الدائرة القطبية نقوم بأداء صلة الظهر وصلة‬
‫العصر فقط‪ ،‬ول نصلي المغرب ول العشاء لن الليل لم‬
‫ل ميقاتاهما‪ .‬هذا هو الحكم في تلك‬ ‫ل‪ ،‬وبالتالي لم يح َّ‬ ‫يح َّ‬
‫البلد‪ ،‬وهو الحكم نفسه في بلدنا من وجوب التقيد‬
‫ل الميقات قمنا بالصلة‪ ،‬وإن تأخر‬ ‫بالمواقيت‪ ،‬فإن ح َّ‬
‫خرنا الصلة أو قدَّمناها تَبَعا ً لذلك‪ ،‬وإن‬ ‫الميقات أو تقدَّم أ َّ‬
‫ل الميقات خلل يوم أو يومين أو أسبوع أو شهر أو‬ ‫لم يح َّ‬
‫أكثر لصلوات الغداة والمغرب والعشاء فل صلة علينا‬
‫ة عندئذٍ‪ .‬ويمكن لسكان تلك البقاع أن يُكثروا من‬ ‫واجب ً‬
‫صلة التطوع لسعة الوقت عندهم‪ ،‬والله سبحانه يهبهم‬
‫ن سائر المناطق‪.‬‬ ‫من الثواب ما يهب سكا َ‬
‫وقد يسأل أحدهم‪ :‬لماذا ل نُقَدِّر لصلتنا هناك قدر‬
‫مواقيت البلدان المجاورة ذات النهار والليل العاديين أي‬
‫‪76‬‬
‫البالغين معا ً أربعا ً وعشرين ساعة مراعين حركة الشمس‬
‫في الجهة الشمالية‪ ،‬فعندما تقترب الشمس من الفق‬
‫الغربي وتبدأ بالنحراف عنه قليل ً نصلي المغرب‪ ،‬وبعد‬
‫ذلك نصلي العشاء‪ ،‬وعندما تقترب الشمس من مكان‬
‫شروقها المعتاد في الفق الشرقي نصلي الغداة وهكذا‪،‬‬
‫استدلل ً بالحديث الصحيح الذي رواه النَّواس بن سمعان‬
‫خفَّ َ‬
‫ض‬ ‫ةف َ‬ ‫ت غدا ٍ‬‫ل الله الدجال ذا َ‬ ‫قال " ذ َكَر رسو ُ‬
‫فيه ورفَّع حتى ظنناه في طائفة النخل‪ ...‬إلى أن قال‬
‫عليه الصلة والسلم‪ ...‬ياعباد الله فاثبتوا قلنا‪ :‬يا‬
‫رسول الله وما لبْثُه في الرض ؟ قال‪ :‬أربعين يوما ‪ً،‬‬
‫م كجمعة‪ ،‬وسائُر أيامه‬ ‫م كشهر ويو ٌ‬ ‫م كسنة ويو ٌ‬
‫يو ٌ‬
‫كأيامكم‪ ،‬قلنا‪ :‬يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنةٍ‬
‫ة يوم ؟ قال‪ :‬ل اقُدروا له قدَره‪" ...‬‬ ‫أتكفينا فيه صل ُ‬
‫رواه مسلم وأبو داود والترمذي وأحمد من حديث طويل‪.‬‬
‫فهنا يطلب رسول الله أن يقدروا لتلك اليام الطويلة‬
‫في زمن خروج الدجال قدَرها في الزمنة العادية‪ ،‬فهو‬
‫دليل على وجوب التقدير لسكان تلك المناطق‪ ،‬كما هو‬
‫دليل على وجوب التقدير على من يدركون أيام الدجال ؟‬
‫وللجواب على هذا السؤال الطويل نقول ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬إن ما ورد من خوارق في الحاديث التي تذكر الدجال‬
‫ليست على حقيقتها وإنما هي تشبيه وتمثيل‪ ،‬ول أد َّ‬
‫ل‬
‫على ذلك من ورودها في عدد من الحاديث على سبيل‬
‫المجاز‪ ،‬نذكر منها ما يلي ‪:‬‬
‫م بما‬ ‫أ‪ -‬عن حذيفة قال‪ :‬قال رسول الله " لنا أعل ُ‬
‫مع الدجال منه‪ ،‬معه نهران يجريان أحدُهما رأيَ العين‬
‫ن أحدٌ‬ ‫ج‪ ،‬فإما أدرك َّ‬ ‫ماءٌ أبيض‪ ،‬والخُر رأيَ العين ناٌر تَأ َ َّ‬
‫ج ُ‬
‫مض ثم لِيُطأطئ‬ ‫فلْيأت النهر الذي يراه ناراً ‪ ،‬وليغ ِّ‬
‫رأسه فيشرب منه‪ ،‬فإنه ماء بارد " رواه مسلم‪.‬‬
‫ب‪ -‬وعنه أنه سمع رسول الله يقول " إن الدجال‬
‫يخرج وأن معه ماءً وناراً ‪ ،‬فأما الذي يراه الناس ماء‬

‫‪77‬‬
‫فناٌر تُحرق‪ ،‬وأما الذي يراه الناس ناراً فماءٌ بارد‬
‫عذب‪ " ...‬رواه مسلم‪.‬‬
‫ُ‬
‫ج‪ -‬عن أبي هريرة ‪ ،‬قال رسول الله " أل أخبركم‬
‫مه‪ ،‬إنه أعور‪ ،‬وإنه‬ ‫عن الدجال حديثاً ما حدَّثه نب ٌّ‬
‫ي قو َ‬
‫يجيء معه مثل الجنة والنار‪ ،‬فالتي يقول إنها الجنة‬
‫هي النار‪ " ...‬رواه مسلم‪.‬‬
‫فهذه الحاديث يُفهم منها بشكل واضح أن الخوارق التي‬
‫ترافق الدجال كالجنة والنار في الحياة الدنيا ليست على‬
‫الحقيقة‪ ،‬وهي ل تعدو كونها مجرد مجاز وتمثيل ل غير‬
‫وقل مثل ذلك بخصوص حديثنا " يوم كسنة ويوم كشهر‬
‫ويوم كجمعة‪ " ...‬فهذه اليام ينبغي أن تُحمل على‬
‫ل هذا الحديث بأن تلك‬ ‫المجاز وليس على الحقيقة‪ ،‬ويُؤ َوَّ ُ‬
‫اليام ستكون أياما ً عصيبة وبالغة الشدة على المسلمين‬
‫ة من‬ ‫وهي لشدتها تظهر وكأن اليوم الول منها يضارع سن ً‬
‫الشدائد والهوال‪ ،‬وكأن اليوم الثاني منها يضارع شهراً‬
‫من الشدائد والهوال‪ ،‬والذي ألجأنا إلى التأويل هو تعذر‬
‫تفسيره على الحقيقة ‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ .2‬بل إن عندنا حديثا ً يخالف هذا الحديث إن هو أخذ على‬
‫الحقيقة‪ ،‬هو ما رواه أبو هريرة قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫شح‪،‬‬ ‫" يتقارب الزمان‪ ،‬وينقص العمل‪ ،‬ويُلقى ال ُّ‬
‫ل"‬ ‫ل القت ُ‬ ‫ويكثر الهْرج‪ ،‬قالوا‪ :‬وما الهْرج ؟ قال‪ :‬القت ُ‬
‫رواه البخاري ومسلم‪ .‬فهذا الحديث الذي يتحدث عن‬
‫أيام آخر الزمان ومنها أيام الدجال يذكر أن اليام تمضي‬
‫متقاربة مسرعة بحيث تبدو أقصر من اليام العتيادية‪،‬‬
‫وتقل بركة ذلك الزمان‪ ،‬فهذا الحديث إن هو أُخذ على‬
‫الحقيقة تصادم وتعارض مع حديثنا " يوم كسنة‪" ...‬‬
‫وحيث أن الحديثين يتحدثان عن أيام آخر الزمان‪ ،‬لن‬
‫الدجال سيأتي في آخر الزمان‪ ،‬فإن حكمنا عليهما واحد‬
‫وهو أنهما يُحملن على المجاز‪ ،‬ول يصح حملهما على‬
‫الحقيقة‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫‪ .3‬إن الله سبحانه خلق الكون وسيَّره بنواميس وقوانين‬
‫ثابتةٍ ل تتغير إل أن تقع معجزة ٌ لنبي من أنبياء الله‪ ،‬وما‬
‫سوى ذلك فإن هذه القوانين والنواميس مستمرة باقية‬
‫إلى أن يرث الله الرض والسماء‪ ،‬وحيث أن الدجال ليس‬
‫نبياً‪ ،‬فإن الله سبحانه ل يغيِّر النواميس والقوانين الثابتة‬
‫لجله أو يُجريها على يديه‪ ،‬والدجال أهون على الله‬
‫حدِث‬ ‫سبحانه من أن يهبه قوة ً وقدرةً يستطيع معهما أن ي ُ ْ‬
‫تغييرا ً في هذه النواميس والقوانين‪ ،‬فالله سبحانه قد‬
‫خلق الشمس وفرض عليها نظاما ً ثابتاً‪ ،‬وخلق الليل‬
‫والنهار تبعا ً لحركتها الظاهرة‪ ،‬ولسوف يستمر حال‬
‫الشمس وحال الليل والنهار دون تغيير إلى يوم القيامة‪،‬‬
‫فكيف وقد ورد في الحديث أن اليوم الول كسنة ؟ إنه‬
‫لمر يستحيل حصوله على الحقيقة‪ ،‬فلم يبق أمامنا سوى‬
‫أن نحمل هذا الحديث على المجاز والتمثيل فحسب‪.‬‬
‫‪ .4‬ونقول لمن لم يقتنع بأن ما ورد في حديث الدجال هو‬
‫على المجاز والتمثيل‪ ،‬نقول له ما يلي‪ :‬إن هذا الحديث‪،‬‬
‫على افتراض أنه ورد على الحقيقة‪ ،‬قد عالج حالة وظرفاً‬
‫خاصاً‪ ،‬هي حالة وجود الدجال وما يرافقه من خوارق‪،‬‬
‫ولم يأت على العموم‪ ،‬فيُقصر العمل به على ما ورد فيه‬
‫على وجهه‪ ،‬ول يُقاس عليه لوجود الفارق بين ما ورد فيه‬
‫وبين ما ورد على عموم الوقات والزمنة‪ ،‬فنقوم بالتقدير‬
‫فحسب في زمن الدجال ول نسحبه على سائر الوقات‪،‬‬
‫وبذلك تنتفي هذه الشبهة في سحب ما ورد فيه على‬
‫البقاع القطبية‪ ،‬وما جاورها من الصقاع‪.‬‬
‫لهذه السباب الربعة نقرر مطمئنين أن هذا الحديث ل‬
‫يصلح للستدلل به على مسألتنا‪ ،‬ويبقى الحكم في‬
‫المواقيت عاما ً في سائر البقاع وثابتا ً ل يتغير يجب الخذ‬
‫به والعمل بمقتضاه‪ ،‬بخصوصنا وبخصوص سكان أية بقعة‬
‫من بقاع الرض‪ ،‬لن هذه المواقيت كما أسلفنا لم تُنسخ‬
‫ولم يقع فيها استثناء‪.‬‬
‫أرجو أن أكون قد أجبت على سؤالك بهذه الدراسة‬
‫المطوَّلة‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫(‪ )72‬السؤال‪ :‬ما هو رأيكم في الجمع بين صلتي المغرب‬
‫والعشاء تقديما ً عند تأخر وقت العشاء جدا ً في بلد‬
‫الغرب في الصيف ؟ وهل هذا المر جزء من مسألة أيضاً‬
‫؟ أم أنه يمكنني أن أقلد فيها رأي مجتهد آخر غير‬
‫المذهب الذي أتَّبعه ؟‬
‫(‪ )72‬الجواب ‪ :‬بخصوص الجمع بين المغرب والعشاء عند‬
‫تأخر وقت العشاء جدا ً في بلد الغرب في الصيف كما‬
‫تقول‪ ،‬فالذي أراه في هذه المسألة هو‪ :‬إن كان هناك‬
‫ن لك أن تجمع بين الصلتين‪،‬‬ ‫ج كبير‪ ،‬فإ َّ‬
‫حَر ٌ‬‫مشقة بالغة و َ‬
‫وإل فل يجوز‪.‬‬
‫أما بخصوص الشق الثاني من السؤال فالجواب هو‪ :‬إن كان‬
‫كعذر‬
‫ٍ‬ ‫المذهب الذي تقل ِّده يقول بالحرج وبالمشقة البالغين‬
‫للجمع فل مشكلة لديك‪ ،‬وكذلك ل مشكلَة لديك إن كانت‬
‫ت‬
‫لديك القدرةُ على محاكمة الدلة‪ ،‬وبمحاكمة الدلة توصل َ‬
‫ن الحرج والمشقة البالغين عذٌر‪ ،‬أما إن لم يكن‬ ‫إلى اقتناٍع بأ َّ‬
‫هذا ول ذاك‪ ،‬فإما أن تبقى على مذهبك‪ ،‬وإما أن تنتقل إلى‬
‫مذهب آخر يقول بما أقول به‪.‬‬

‫(‪ )73‬السؤال‪ :‬أنا أُقل ِّد الن الِمام الشافعي‪ ،‬وبعد قراءتي‬
‫لكتابكم في الصلة أحببت أن أنتقل إلى رأيكم في‬
‫الصلة لثقتي بشخصكم‪ ،‬وبالصول التي تتبناها‪ ،‬وأيضاً‬
‫لما رأيت من الترتيب المبدع للدلة‪ ،‬وتبيان كيفية‬
‫ّ‬
‫الستبناط منها‪ ،‬فهل يجوز ذلك رغم أني من المقلِدين‬
‫للشافعي مع الطلع على أدلته في المسألة ؟‬
‫(‪ )73‬الجواب‪ :‬النتقال من اتِّباع مجتهد إلى اتِّباع مجتهد ٍ ثان‬
‫له عدة شروط‪ ،‬أولها ثقة المقل ِّد بالمجتهد الثاني‪ ،‬وثانيها‬
‫عدم الخذ بالهوى والتشهي‪ ،‬وثالثها قوة الستدلل‬
‫والستنباط لدى المجتهد الثاني‪ ،‬وهناك شروط أخرى‬
‫ثانوية‪ ،‬فإن توفرت عندك الشروط الثلثة الولى في‬
‫المجتهد الثاني فإنك تستطيع النتقال إلى رأيه‪ ،‬وتستطيع‬
‫م الخذ بالحكام الواردة في كتاب [ الجامع لحكام‬ ‫من ث َّ‬
‫الصلة ]‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫(‪ )74‬السؤال‪ :‬إذا كانت الثياب التي تصلي بها المرأة ضيقة‬
‫جدا ً ولكنها من قماش سميك بحيث تُخفي لون البشرة‪،‬‬
‫فهل تعتبر ساترة للعورة ؟ وهل تصح الصلة بها ؟ أم‬
‫أنها تُعتبر مما يصف حجم العظام‪ ،‬وبالتالي ل تعتبر‬
‫ساترة‪ ،‬ول تصح الصلة بها ؟‬
‫(‪ )74‬الجواب‪ :‬لباس المرأة الذي يعتبر ساترا ً لعورتها يجب‬
‫ن لحمها من خلله‪ ،‬وأن ل‬ ‫أن يكون سميكا ً ل يظهر لو ُ‬
‫يُبرِز تقاطيع بدنها‪ ،‬فإن نقص واحد من هذين الثنين‬
‫اعتُبر اللباس غير ساتر‪ ،‬ولذا فاللباس الضيق غير ساتر‪،‬‬
‫وهو من التبُّرج‪ ،‬ول تصح صلة المرأة به‪.‬‬

‫حُرم على المرأة أن تتنقب أو تغطي‬ ‫(‪ )75‬السؤال‪ :‬هل ي َ ْ‬


‫كفيها في أثناء الصلة ؟‬
‫(‪ )75‬الجواب‪ :‬الحجاب‪ ،‬أي تغطية الوجه‪ ،‬هو ما شرعه الله‬
‫سبحانه لنساء النبي فقط ولم يشرعه لغيرهن‪ ،‬فوجه‬
‫المرأة وكفَّاها ليست عورة‪ ،‬ولذا ل يُشرع للمرأة أن‬
‫ص شرعي يطلب من‬ ‫تغطي وجهها وكفيها‪ ،‬وليس من ن‬
‫ٍّ َّ‬
‫المرأة أن تغطيها‪ ،‬فإن هي تنقبت وغطت كفيها اعتُبرت‬
‫من المتعمقات والمتنطعات‪ ،‬والتعمق والتنطع مذموم‬
‫شرعاً‪ ،‬فعلى المرأةِ أن تصلي ووجهُها وكفَّاها ظاهرة‬
‫مكشوفة‪.‬‬
‫سنَّة في الصلة أن‬ ‫(‪ )76‬السؤال‪ :‬يقول بعض الِخوة إن ال ُّ‬
‫يلبس الرجل لباسا ً طويل ً كالجلباب‪ ،‬وإن الصلة في‬
‫السروال الضيق مكروهة قد تصل إلى البطلن لن‬
‫السروال الضيق جدا ً يصف حجم العورة فهل ورد في‬
‫ص ؟ وما هو الحكم المتبنى عندكم ؟‬ ‫هذه المسألة ن ٌّ‬
‫(‪ )76‬الجواب‪ :‬لباس الرجل هو ما يغطي العورة ويخفي‬
‫لونها‪ ،‬والعورة هي ما بين السرة والركبتين فقط‪،‬‬
‫وليست السرة ول الركبتان من العورة‪ ،‬ولم يَرِد ْ في حق‬
‫الرجل أن يكون لباسه ل يصف حجم عظمه كما هو‬
‫المطلوب من المرأة‪ ،‬وعليه فإن صلة الرجل وهو يلبس‬
‫البنطلون الضيق جائزة وصحيحة‪.‬‬
‫(‪ )77‬السؤال‪ :‬في مسألة وضع شيء على المنكبين ( كما هو‬
‫ف عند الحنابلة أنه واجب بينما هو عند الجمهور‬
‫معرو ٌ‬
‫‪81‬‬
‫سنَّة‪ ،‬وهو المتبنى عندكم ) لي عندكم طلب إن أمكنتكم‬ ‫ُ‬
‫ً‬
‫ة عليه‪ ،‬وجريا على ما قمتم به في الكتاب حيث‬ ‫الجاب ُ‬
‫ناقشتم أدلة مختلف الراء‪ ،‬ووضحتم الرأي الصواب‪،‬‬
‫وطلبي هو أن تقوموا بالعمل نفسه بالنسبة لهذا‬
‫الموضوع‪.‬‬
‫(‪ )77‬الجواب‪ :‬وضعُ شيء على المنكبين هو زيادة على ستر‬
‫ب في‬ ‫العورة بالنسبة للرجال وستُر العورة هو الواج ُ‬
‫الصلة‪ ،‬أما الزيادة بوضع شيء على المنكبين فهي زيادة‬
‫على الواجب‪ ،‬فلم يبق إل المندوب‪ ،‬ثم إن النصوص التي‬
‫ة أو‬
‫طلبت وضع شيء على المنكبين ليست فيها قرين ٌ‬
‫ظ يدل على أن الطلب طلب جازم حتى يصح القول‬ ‫لف ٌ‬
‫ُ‬
‫إنه على الوجوب‪ ،‬والمعروف عن المام أحمد أصوليا ً أنه‬
‫يعتبر المر يفيد الوجوب ما لم يُصرف عن الوجوب‬
‫بقرينة‪ ،‬في حين أننا نقول‪ :‬إن المر يفيد مجرد الطلب‪،‬‬
‫ة هي التي تحدِّد إن كان الطلب للوجوب أو للندب‬ ‫والقرين ُ‬
‫أو حتى للباحة‪ ،‬وعلى ضوء هاتين القاعدتين الصوليتين‬
‫المختلفتين تستطيع بسهولة أن تدرك السبب في تبنى‬
‫المام أحمد في هذه المسألة غير ما نتبناه نحن‪.‬‬

‫(‪ )78‬السؤال‪ :‬ما رأيكم بمقولة إن القراءة في سكتة المام‬


‫هو مفهوم واستنتاج يخالف المنطوق ؟ فمثل ً قول‬
‫ت‬‫الرسول " فل تقرأوا بشيءٍ من القرآن إذا جهر ُ‬
‫م الكتاب " يشير إلى أن القراءة تكون مع القراءة‪،‬‬
‫ُ‬
‫إل بأ ّ ِ‬
‫وليس في وقـت سكوت المام وكـذلك قوله عليه‬
‫ت‬ ‫الصلة ُ والسلم " ل يقرأ َّ‬
‫ن أحدٌ منكم إذا جهر ُ‬
‫بالقراءة إل بأم القرآن " ول يقال إن القراءة مع المام‬
‫هذه تنطبق عليها المنازعة والخلط‪ ،‬لن الفاتحة مستثناة‬
‫بالنص الواضح الصريح كما أشرتم في الكتاب‪.‬‬
‫جهر‬
‫ٍ‬ ‫والخلصة‪ :‬ما قولكم بقراءة الفاتحة مع المام دون‬
‫أو تشويش‪ ،‬فيمد ُّ المأموم كالمام ويغني كما يغني‪،‬‬
‫ويتوقف كما يتوقف‪ ،‬فيكون بذلك قد جمع بين النصات‬
‫وواجب قراءة الفاتحة ؟‬
‫(‪ )78‬الجواب‪ :‬هناك واجبان على المؤتم‪ :‬أن يقرأ الفاتحة‪،‬‬
‫وأن يُنصت لقراءة المام‪ ،‬فإن هو أمكنه القيام بالواجبين‬
‫‪82‬‬
‫ب‬‫ج َ‬‫فهو الواجب عليه‪ ،‬أما إن حصل تنازع ٌ بين الواجبين و َ‬
‫عليه اختياُر الول منهما‪ ،‬فالرسول يقول " فل تقرأوا‬
‫م القرآن " فهذا دليل الواجب‬ ‫بشيءٍ من القرآن إل بأ ّ ِ‬
‫معُوا‬ ‫تعالى يقول { وإذا قُرِئَ القرآ ُ‬
‫ن فاست َ ِ‬ ‫َ‬
‫الول‪ .‬والله‬
‫َ‬
‫مون } فهذا دليل الواجب الثاني‪،‬‬ ‫صتُوا لعل ّكُم تُر َ‬
‫ح ُ‬ ‫له وأن ْ ِ‬
‫وهذان الواجبان يتم القيام بهما بأن يقرأ المأموم الفاتحة‬
‫في سكتة المام‪ ،‬والصل في المام أن يسكت بما يكفي‬
‫لقراءة المأمومين الفاتحة‪ ،‬وإل فل حاجة به للسكوت‪.‬‬
‫ولكن إن حصل تنازع بين الواجبين وجب القيام بالواجب‬
‫ن في الصلة ل تصح من دونه‪ ،‬ويحصل‬ ‫الول لنه رك ٌ‬
‫التنازع عندما ل تكفي سكتة المام لقراءة المأموم‬
‫الفاتحة‪ ،‬أو إن لم يسكت المام‪ ،‬فعندئذٍ يقرأ المأموم‬
‫الفاتحة والمام يقرأ‪ ،‬والجمع بين الدلة واجب إن أمكن‬
‫الجمع‪.‬‬
‫أما سؤالكم عن قراءة المأموم مع قراءة المام‪ ،‬يمد ُّ كما‬
‫يمدُّ‪ ،‬ويُغنِّي كما يغنِّي فهي غير جائزة‪ ،‬وتدخل تحت‬
‫النهي الوارد في النصوص‪.‬‬

‫(‪ )79‬السؤال‪ :‬بخصوص القراءة السرية‪ ،‬يقول الحديث " كان‬


‫م الكتاب وسورتين‪...‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يقرأ في الظهر في الوْليين بأ ّ ِ‬
‫معُنا الية‪ " ...‬وهناك كثير من الحاديث التي تشير‬
‫س ِ‬
‫وي ُ ْ‬
‫مع القراءة أو التسبيح بتفصيلته لمن‬ ‫س ِ‬
‫إلى أنه كان ي ُ ْ‬
‫ً‬
‫خلفه من المصلين‪ ،‬فهذه الصورة تختلف تماما عما عليه‬
‫مع شيءٌ من قراءة المام‬ ‫س َ‬
‫المسلمون اليوم‪ ،‬فل ي ُ ْ‬
‫السرية‪ ،‬فما رأيكم بهذه القراءة ؟‬
‫(‪ )79‬الجواب‪:‬‬
‫أولً ‪ :‬ما عليه المسلمون اليوم ل قيمة له في ميزان‬
‫الحكم الشرعي‪ ،‬وحتى ما كان عليه أهل المدينة في‬
‫زمن المام مالك ليست له قيمة شرعية أو تشريعية‪.‬‬
‫ثانياً ‪ :‬تجدون في البحث [ البسملة في الصلة ] كيف‬
‫يكون الجهر‪ ،‬وكيف يكون السرار‪ .‬أما الجهر فمعروف‬
‫وأما السرار فهو ما يسمعه القريبون دون البعيدين ثم‬
‫هي قراءة ٌ سرية‪ ،‬والقراءة ينبغي أن تكون بحروف‪ ،‬أما‬
‫سه فإنه ل يقرأ على‬
‫مع نف َ‬‫مع الناس‪ ،‬ول يُس ِ‬ ‫من ل يُس ِ‬
‫الحقيقة‪ ،‬وإنما هو يستذكر القراءة‪ ،‬فيجب في القراءتين‬
‫‪83‬‬
‫ن لنا في‬ ‫الجهرية والسرية أن تكون القراءة بحروف‪ ،‬وإ َّ‬
‫رية‬
‫رسول الله السوة َ والقدوةَ‪ ،‬وقد كان يقرأ في الس ّ ِ‬
‫من خلفه‪.‬‬ ‫مع َ‬
‫بحروف‪ ،‬ويُس ِ‬

‫(‪ )80‬السؤال‪ :‬هل يجوزجمع العصر مع صلة الجمعة تقديما ً ؟‬


‫(‪ )80‬الجواب‪ :‬صلة الجمعة تقوم مقام صلة الظهر‪ ،‬ولذا‬
‫فإنه يجوز جمع صلة العصر مع صلة الجمعة تقديماً‬
‫َّ‬
‫طبعا ً ول شك في هذا الجواز‪ ،‬فواقع الجمع هو أن تُصلي‬
‫صلة ٌ في وقت صلةٍ غيرها‪ ،‬كأن تصل ِّي الظهر في وقت‬
‫العصر تأخيراً‪ ،‬أو تصل ِّي العصر في وقت الظهر تقديماً‪،‬‬
‫ووقت صلة الجمعة هو وقت الظهر نفسه‪ ،‬فيجوز في‬
‫َ‬
‫المطر مثل ً أن تُقدَّم صلة العصر وتُصل ّى في وقت‬
‫الجمعة‪ ،‬الذي هو وقت الظهر‪.‬‬

‫َ‬
‫(‪ )81‬السؤال‪ :‬هل يصح أن تُصل ّى صلة الوتر جماع ً‬
‫ة في‬
‫المسجد ؟‬
‫(‪ )81‬الجواب‪ :‬يصح ذلك‪ ،‬سواء أكان في المسجد أم في غير‬
‫المسجد‪.‬‬

‫(‪ )82‬السؤال‪ :‬بخصوص صلة التراويح وعدد ركعاتها وإتيانها‬


‫في المسجد جماعة‪ :‬ما ذهبتم إليه من أنها ثماني‬
‫ركعات‪ ،‬ومن أنها في البيت أولى منها في المسجد‪ ،‬أل‬
‫ل الرسول‬ ‫ل الصحابة وفع َ‬‫ترى أنكم جعلتم في هذا فع َ‬
‫كُ‬
‫فعلين مختلفين ؟ والمعلوم أن إجماع الصحابة ل ينف ّ‬
‫ل عن فعل الرسول وقوله بل هو يكشف عن‬ ‫ول ينفص ُ‬
‫دليل أي يكشف عن قول الرسول أو فعله ؟ هل‬
‫أمر هو خلف‬ ‫ٍ‬ ‫يمكن القبول بأن الصحابة قد أجمعوا على‬
‫ة في المسجد مع أنها في البيت‬ ‫الوْلى‪ ،‬فصلوها جماع ً‬
‫أولى ؟ أليس من السلم القول بأن صلة التراويح في‬
‫المسجد أولى وأن الرسول الكريم صلها في بيته‬
‫لعلةٍ انتفت بعد رحيله إلى الرفيق العلى ؟‬

‫‪84‬‬
‫ت البحث [ صلة التراويح ] في الجزء‬ ‫(‪ )82‬الجواب‪ :‬لو قرأ َ‬
‫ن نظرٍ لما وقع في نفسك ما وقع‬ ‫الثاني من الكتاب بإمعا ِ‬
‫من وجود انفصال بين فعل الرسول وبين إِجماع‬
‫الصحابة‪ ،‬فالرسول يقول " فعليكم بالصلة في‬
‫ن خيَر صلة المرء في بيته إل المكتوبة "‬ ‫بيوتكم‪ ،‬فإ َّ‬
‫وهذا حكم شرعي متفق عليه‪ .‬أما ما فعله عمر من‬
‫جمع المصلين في المسجد لصلة التراويح فذلك أن‬
‫الواقعة كانت قيام الصحابة بأداء صلة التراويح فُرادى‬
‫في المسجد‪ ،‬في زمن الرسول وفي زمن أبي بكر ‪،‬‬
‫إلى أن جاء عمر‪ ،‬فرأى الصحابة يصلون التراويح فرادى‬
‫في المسجد‪ ،‬ولم يكونوا يصلونها في البيوت‪ ،‬فقال‪ :‬ما‬
‫دام الصحابة يصلونها في المسجد فرادى فإنني أختار‬
‫ُ‬
‫ة في المسجد‪،‬‬ ‫لهم أفضل مما هم عليه‪ ،‬فلْيُصل ّوها جماع ً‬
‫وهكذا كان‪ ،‬فعمر لم يختر المسجد لصلة التراويح‪ ،‬وإنما‬
‫قام فقط بتنظيم صلتِهِم فيه وكان فعله حسنا ً ولم يقم‬
‫بتفضيل صلة المسجد على صلة البيوت‪ ،‬وإل لخالف‬
‫الهَدْي النبوي‪ .‬وهكذا يبدو واضحا ً أنه ل تعارض بين إجماع‬
‫الصحابة وبين الهَدْي النبوي‪ .‬وقد يكون إِصراُر الصحابة‬
‫على أداء التراويح في مسجد رسول الله لفضلية هذا‬
‫المسجد‪ ،‬أو لعدم تيسر الصلة جماعة في البيوت‪،‬‬
‫ن خير صلة المرء في‬ ‫ويبقى الهَدْي النبوي كما هو " فإ َّ‬
‫بيته إل المكتوبة " ول شك في أن صلة التراويح تدخل‬
‫تحت هذا النص‪ ،‬لنها من التطوع‪.‬‬

‫(‪ )83‬السؤال‪ :‬لي سؤال عن قضاء الصلة إن نام عنها‬


‫َ‬
‫المكل ّف أو نسيها‪ ،‬فقد ورد في الجامع لحكام الصلة أن‬
‫القضاء يكون حال التذكُّر أو اليقظة لحديث الرسول عليه‬
‫الصلة والسلم " من نام عن صلة أو نسيها‪" ...‬‬
‫وسؤالي هو‪ :‬كيف توفِّقون بين هذا الفهم وبين الحديث‬
‫الوارد في غزوة بني المصطلق القائل إن الرسول‬
‫من معهم لم يستفيقوا لصلة الفجر إل بعد‬ ‫والصحابة و َ‬
‫ل بهم الرسول صلة‬ ‫أن وجدوا حَّر الشمس‪ ،‬ولم يُص ِّ‬
‫‪85‬‬
‫َ‬
‫الفجر مباشرة‪ ،‬بل سار بهم إلى مكان آخر ومن ثم صل ّى‬
‫بهم‪ ،‬فأرجو التوضيح ؟‬
‫(‪ )83‬الجواب‪ :‬أرجو من السائل الكريم‪ ،‬ومن جميع الشباب‬
‫أن ل يعجلوا بالقول بأن هناك تعارضا ً في النصوص‪ ،‬إذ‬
‫أن كثيرا ً مما يبدو من تعارض يمكن الجمع بينه‪ ،‬فحديث‬
‫" من نام عن صلة أو نسيها‪ " ...‬وما يُفهم منه من‬
‫وجوب أداء الصلة فور تذكُّرِها‪ ،‬وحديث نوم النبي الكريم‬
‫في إحدى غزواته هو وأصحابه حتى طلعت الشمس‬
‫فسار ثم صلى الفجر‪ ،‬هذان الحديثان ل تعارض بينهما‪،‬‬
‫ل ول‬‫فالحديث يقول "‪ ...‬فلم يستيقط النبي ول بل ٌ‬
‫د من أصحابه حتى ضربتهم الشمس فكان رسول‬ ‫أح ٌ‬
‫الله أوَّلهم استيقاظاً ‪ ،‬ففزع رسول الله ‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫يا بلل‪ ،‬فقال‪ :‬أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك بأبي أنت‬
‫وأمي يا رسول الله‪ ،‬فاقتادوا رواحلَهم شيئاً ‪ ،‬ثم توضأ‬
‫النبي وأمر بللً فأقام لهم الصلة‪ ،‬وصلى بهم‬
‫الصبح‪ ،‬فلما قضى الصلة قال‪ :‬من نسي صلةً‬
‫فلْيُصل ِّها إذا ذكرها‪ ،‬فإن الله يقول { أَقِم الصلةَ‬
‫لذِكرِي } " فانظر كيف فعل رسول الله ‪ ،‬وماذا قال ؟‬
‫فالتأخير القليل ل شيء فيه‪ ،‬ففي الحديث أنهم اقتادوا‬
‫رواحلهم شيئاً‪ ،‬وهذا يفهم منه السير القليل‪ ،‬أما القصد‬
‫من هذا السير القليل وعدم أداء الصلة فورا ً كما تفيد‬
‫ن حول‬ ‫الية والحديث فيظهر واضحا ً في حديث ثا ٍ‬
‫الحادثة نفسها‪ ،‬فقد جاء فيه " تحوَّلوا عن مكانكم الذي‬
‫أصابتكم فيه الغفلة " وتجدون الحديثين في الجزء‬
‫الول من سنن أبي داود‪ ،‬فهم قد تحولوا عن مكان‬
‫نومهم لن فيه الغفلة‪ ،‬أي أن الرسول لم يُرِد ْ أن يُكّرِم‬
‫ة إلى أنهم لم يسيروا كثيراً‪،‬‬ ‫المكان بصلته فيه إضاف ً‬
‫وإنما قاموا فقط بالتحول عن المكان فل تعارض بين‬
‫الحاديث بهذا الخصوص‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫(‪ )84‬السؤال‪ :‬إذا كان الله تعالى قد ترك لنا فسحة في صلة‬
‫الفريضة عند اليقظة من النوم‪ ،‬بل جعل وقت الفريضة‬
‫الفائتة لنوم عند اليقظة بنص صريح وبفعل من رسول‬
‫الله ‪ ،‬أي أن هذا هو وقتها الشرعي الصحيح الذي عيَّنه‬
‫الله تعالى فلماذا يجب علينا ربط الساعة ( المنبه )‬
‫للقيام لصلة الفجر مثل ً قبل الشروق ؟ أَوَ ل يدل الدليل‬
‫على أن صلتنا لها عند اليقظة صلةٌ كاملة‪ ،‬وهي صلة‬
‫في وقتها الشرعي لننا كنا نياماً‪ ،‬حتى ولو كانت بعد‬
‫الشروق‪ ،‬حتى ولو لم نربط المنبه ونتعمد القيام قبل‬
‫الشروق ؟‬
‫(‪ )84‬الجواب‪ :‬يجب أن يُفهم أن النوم عن الصلوات هو حالة‬
‫استثنائية ل ينبغي أن تكون هي القاعدة‪ ،‬فاسمع الحديث‬
‫الذي رواه مسلم والبخاري وأحمد من طريق أنس رضي‬
‫الله تعالى عنه " من نسي صلة فلْيصل ِّها إذا ذكرها‪ ،‬ل‬
‫كفارةَ لها إل ذلك‪ "...‬والكفارة ل تكون إل من الخروج‬
‫على القاعدة والصل‪ ،‬وإل فل معنى لذكر الكفارة هنا‪،‬‬
‫واسمع يا أخي هذا الحديث " عن عبد الله قال‪ :‬ذ ُكر‬
‫ة حتى أصبح‪ ،‬قال‪ :‬ذاك‬ ‫عند رسول الله رج ٌ‬
‫ل نام ليل ً‬
‫رجل بال الشيطان في أذنه _ أو قال _ في أذنيه "‬
‫رواه مسلم‪ ،‬وانظر الصفحة ‪ 64‬من الجزء السادس من‬
‫صحيح مسلم لتقف على شرح النووي لهذا الحديث‪.‬‬

‫ص خرج في سفر في وقت صلة الظهر‪،‬‬ ‫(‪ )85‬السؤال‪ :‬شخ ٌ‬


‫ل الظهر في سفره‪ ،‬فعاد إلى بيته قبل انتهاء‬ ‫ولم يص ِّ‬
‫وقت صلة الظهر‪ ،‬فهل يجوز له الجمع ؟ والشق الثاني‬
‫من السؤال‪ :‬هل يجوز له انتظار دخول وقت العصر بعد‬
‫وصوله لبيته ثم الجمع مع الظهر‬
‫(‪ )85‬الجواب‪:‬‬
‫أ‪ -‬ل يجوزله الجمع في الحالة التي ذكرتها فالجمع في‬
‫السفر يتوقف‬
‫وينتهي فور وصول المسافر إلى بلده‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫ب‪ -‬ل يجوز له النتظار‪ ،‬ويجب عليه أن يبادر إلى صلة‬
‫الظهر أربعا ً‬

‫من يلوي عنقه إلى درجة‬ ‫من المصلين َ‬‫(‪ )86‬السؤال‪ِ :‬‬
‫ّ‬
‫يستطيع معها أن ينظر خلفه عندما يسلِم من صلته‪،‬‬
‫فهل هذا مشروع ومطلوب ؟‬
‫(‪ )86‬الجواب‪ :‬يكفي أن تقرأ الحديث التالي في البحث‬
‫[ اللتفات ] في الجزء الثاني من الجامع لحكام الصلة‬
‫لتدرك أن هذا الفعل من هؤلء غير مشروع‪ ،‬وأستطيع أن‬
‫أُصنِّفه في باب الغلو المذموم‪ ،‬وقد ورد في الحاديث‬
‫الكثيرة أن النبي كان يسلم عن يمينه وعن شماله‪،‬‬
‫وهذا يعني أن التسليم يكون بالنظر إلى موازاة الكتفين‬
‫ة ويسرة ل يجاوزهما‪ ،‬فمن أين أتوا بالنظر إلى‬
‫يمن ً‬
‫الخلف ؟‬

‫(‪ )87‬السؤال‪ :‬هل يجب تعيين نوع الصلة في النية في‬


‫السنن الرواتب وذوات السباب ؟‬
‫(‪ )87‬الجواب‪ :‬النية عمل قلبي ويجوز التلفظ بها للستعانة به‬
‫على استحضار القلب وفي الحالتين ل بد من وقوف‬
‫القلب على نوع الصلة‪ ،‬أي ل بد من تعيين نوع الصلة‬
‫قبل البدء بها‪ ،‬ل فرق بين صلة الفريضة وصلة النافلة‪.‬‬

‫ت في البحث [ الحالت التي تكره فيها‬ ‫(‪ )88‬السؤال‪ :‬ذكر َ‬


‫الصلة ] من كتاب الصلة أن الصلة عند إجهاد البدن من‬
‫أعمال شاقة وعند الفتور والنعاس مكروهة‪ ،‬وذكرت‬
‫حديثا ً يقول " إذا نعس أحدُكم وهو يصلي فلْيرقدْ حتى‬
‫ن أحدكم إذا صلى وهو ناعس ل‬ ‫يذهب عنه النوم‪ ،‬فإ َّ‬
‫ب نفسه " واستدللت بهذا‬‫يدري لعله يستغفر فيس ُّ‬
‫الحديث وبحديث آخر على كراهية الصلة حال النعاس‪،‬‬
‫ت من الحديث السابق أن النعاس يُبطل‬ ‫لكنني فهم ُ‬
‫الصلة‪ ،‬لن الرسول قال إن الناعس ربما يستغفر‬
‫‪88‬‬
‫فيسب نفسه‪ ،‬أي أن الناعس ل يعلم ما يقول‪ ،‬ولم تذكر‬
‫ة تجعل الصلة حال النعاس الذي يجعل‬ ‫ة تحوي قرين ً‬
‫آي ً‬
‫المصلي ل يعرف ما يقول حراماً‪ ،‬وهي { يا أيها الذين‬
‫َ‬
‫سكَاَرى حتى تَعْل َ ُ‬
‫موا ما‬ ‫م ُ‬ ‫منُوا ل تَقَْربُوا ال َّ‬
‫صلةَ وأنْت ُ ْ‬ ‫آ َ‬
‫ن } والله سبحانه ذكر العلة هنا ( علة تحريم‬ ‫ُ‬
‫تَقُولو َ‬
‫الخمرة وقت الصلة ) وهي أن الخمرة تجعل المصل ِّي ل‬
‫يعلم ما يقول‪ ،‬والحديث السابق يتكلم على هذه الحالة‬
‫بوضوح حيث يقول إن المصل ِّي الناعس ربما يستغفر‬
‫ب نفسه‪ ،‬أي أنه ل يعلم ما يقول‪ ،‬وبما أن الصلة‬ ‫فيس ُّ‬
‫فرض والله سبحانه نهى عنها في هذه الحالة‪ ،‬أي نهى‬
‫عن فرض‪ ،‬فتكون هذه قرينة واضحة على تحريم الصلة‬
‫حال النعاس‪ .‬وهذا المر مهم فكثير منا يتعرض له خاصة‬
‫عند الستيقاط لصلة الفجر‪ ،‬فكثيرا ً ما ينعس المصلي‬
‫حتى إنه ل يدري ما يقول‪ ،‬كما أن في هذا الستدلل رداً‬
‫على القائلين بالتدرج في تحريم الخمرة‪ ،‬حيث أنهم بنوا‬
‫عليه التدرج في تطبيق الحكام الشرعية كل ِّها‪ ،‬مع أن‬
‫الية ذكرت العلة من تحريم الخمرة في هذه الحالة وهي‬
‫أن يعلم المصل ِّي ما يقول‪ ،‬إذ المراد منها ليس تهيئة‬
‫النفوس للتحريم أو التدرج في التحريم وإنما هي آية‬
‫لشروط صحة الصلة اعتمادا ً على العلة التي ذكرها الله‬
‫سبحانه‪ ،‬فما رأيك في هذا الحكم بعد هذه الية ؟‬
‫حّرِمون‬ ‫(‪ )88‬الجواب‪ :‬أبادر إلى القول إ َّ‬
‫ن بعض الفقهاء ي ُ َ‬
‫ن المر في الحديث عندهم يدل على‬ ‫صلة الناعس وإ َّ‬
‫ل أنت إليه ولكنني أقول لك ما يلي ‪:‬‬ ‫الوجوب وهو ما تمي ُ‬
‫أ‪ -‬إن الحديث ل يدل على ما تدل عليه الية بالضبط كما‬
‫تقول‪ ،‬فالية تقول عن السكران إنه ل يعلم ما يقول‪ ،‬وهذا‬
‫صحيح‪ ،‬لن السكران يفقد عقله ووعيه بالكل ِّية‪ ،‬ولكن‬
‫الحديث ل يصف الناعس بما يصف به السكران‪ ،‬بل جعل‬
‫ذلك محتمل ً وليس مؤكداً‪ ،‬انظر إليه يقول " ل يدري لعله‬
‫يستغفر فيسب نفسه " وهناك فارق بين التوكيد وبين‬
‫الحتمال‪ ،‬ولو كان الناعس يفقد عقله لصارت صلته‬
‫محَّرمة‪.‬‬
‫‪89‬‬
‫ص الحديث فيه أمر ( فلْيرقد ْ ) وهذا المر حتى‬ ‫ب‪ -‬إن ن َّ‬
‫ً‬
‫ملزِما ل بد من أن يكون جازما‪ ،‬وليس في النص‬ ‫ً‬ ‫يكون ُ‬
‫ن المر جازم يفيد الوجوب‪ ،‬ويفيد من ث َّ‬
‫م‬ ‫ة على أ َّ‬ ‫قرين ٌ‬
‫تحريم صلة الناعس‪ .‬أما القول "‪ ...‬ل يدري لعله يستغفر‬
‫فيسب نفسه " فليس دال ً على الجزم‪ ،‬وإنما هو بيان‬
‫سبب المر‪ ،‬وهناك فارق بين المر الجازم‪ ،‬وبين المر ذي‬
‫السبب‪.‬‬
‫ج‪ -‬ل يجوز الربط بين الية الكريمة وبين الحديث في‬
‫موضوعنا‪ ،‬وحتى لو اتحد السببان إذ أن الية جاءت في‬
‫السكر والحديث جاء في النعاس وهما واقعان مختلفان‪.‬‬
‫لكل ذلك أقول إن حكم صلة الناعس الجواز مع الكراهة‬
‫وليس البطلن‪.‬‬
‫ن حديثنا متعلق بصلة النافلة‪ ،‬وهي قيام‬ ‫وأُضيف ما يلي‪ :‬إ َّ‬
‫الليل‪ ،‬وليس متعلقا ً بصلة الفريضة كما ظننت أنت‪.‬‬

‫(‪ )89‬السؤال‪ :‬ما هو الرأي القوى في حكم الِسبال بدون‬


‫ة؟‬‫ة‪ ،‬وفي الصلة خاص ً‬ ‫خيلءَ عام ً‬ ‫ُ‬
‫(‪ )89‬الجواب‪ :‬السبال إن كان خيلء وتكبرا ً فهو حرام‪ ،‬وإن‬
‫كان غير ذلك فجائز في الصلة وفي غير الصلة‪ .‬أما‬
‫ص عليه في الحديث التالي "‬ ‫الخيلء والتكبُّر والشهرة فن ُ َّ‬
‫شهرة ألبسه‬ ‫عن ابن عمر يرفعه‪ ،‬قال‪ :‬من لبس ثوب ُ‬
‫الله يوم القيامة ثوباً مثله "‪ ،‬زاد عن أبي عـوانة " ثم‬
‫تلهب فيه النار "‪ ،‬وفي الحديث التالي "‪ ...‬وإياك‬
‫خيلة‪ ،‬وإن الله ل يحب‬ ‫م ِ‬ ‫ل الزار فإنها من ال َ‬‫وإسبا َ‬
‫مخيلة‪ " ...‬رواهما أبو داود‪.‬‬ ‫ال َ ِ‬
‫ة الثوب دون خيلء‪ ،‬فقد ورد‬ ‫وأما إباحة السبال‪ ،‬أي إطال ُ‬
‫فيه الحديث التالي " عن ابن عمر قال‪ :‬قال رسول‬
‫خيلء لم ينظر الله إليه يوم‬ ‫الله ‪ :‬من جَّر ثوبه ُ‬
‫القيامة‪ ،‬قال أبو بكر‪ :‬إن أحد جانبي إزاري يسترخي‬
‫ت ممن يفعله خيلء "‬ ‫إني لتعاهد ذلك منه‪ ،‬قال‪ :‬لس َ‬

‫‪90‬‬
‫رواه أبو داود‪ .‬فالسبال المحَّرم يكون فقط في حالة‬
‫خيَلء والتكبُّر‪.‬‬
‫ال ُ‬

‫(‪ )90‬السؤال‪ :‬ما حكم إضافة الصلة على النبي‪ ،‬أو إضافة‬
‫الصلة البراهيمية بعد التشهد الوسط‪ ،‬أي بعد ركعتين‬
‫في الصلة الثلثية أو الرباعية ؟‬
‫(‪ )90‬الجواب‪ :‬إِضافة الصلة على النبي عليه الصلة والسلم‬
‫عقب التشهد الوسط غير مشروعة‪ ،‬بمعنى أنه لم يرد‬
‫لها ذكٌر في النصوص فل تضاف‪ ،‬ول تفتحوا على أنفسكم‬
‫بابا ً إن فُتح دخل منه الشيطان‪.‬‬

‫(‪ )91‬السؤال‪ :‬ورد الفتراش في التشهد الخير‪ ،‬فهل يجب‬


‫القيام به في كل تشهٌّد بعده تسليم‪ ،‬أي هل يُفتَر ُ‬
‫ش‬
‫ل اليمنى في تشهد صلة الصبح‪ ،‬وكذلك في‬ ‫ب الرج ُ‬
‫وتُنص ُ‬
‫الوتر‪ ،‬وما حكم ذلك ؟ وما دللة الحديث الوارد في هذا‬
‫الباب على ذلك الحكم ؟‬
‫(‪ )91‬الجواب‪ :‬الفتراش في التشهد الخير ل يجب‪ ،‬وإنما‬
‫يُندب‪ ،‬مثله مثل التوُّرك وهذا الحكم عام في كل صلةٍ‬
‫مفروضةٍ ونافلةٍ‪ ،‬وإذا شق على المسلم أن يفترش‬
‫ويتورك جاز له العقود متربعا ً وهذه الجلسات كلها من‬
‫هيئات الصلة غير واجبة وغير مفروضة‪ ،‬إذ ل يوجد في‬
‫النصوص ما يدل على وجوب أيَّ من هذه الهيئات‪ ،‬فتبقى‬
‫مندوبة فحسب‪.‬‬

‫حرمة اتخاذ القبور مساجد‪ ،‬ذكر‬‫(‪ )92‬السؤال‪ :‬في موضوع ُ‬


‫أحد شيوخ الزهر مرة ً حديثا ً وذكر صحته على لسان‬
‫العلماء يتعلق بناء مسجد على قبر أبي بصير الصحابي‬
‫ثم قال‪ :‬لذا فالمقصود بالمساجد المعنى اللغوي ( أي‬
‫أماكن السجود ) أي ل تسجدوا إلى القبور وليست‬
‫المساجد بمعنى البناء الذي يُتَّخذ للصلة فهل عندكم‬
‫شيء عن هذا ؟‬
‫‪91‬‬
‫ثم لقد سألنا شباب الخليل عن المسجد البراهيمي‬
‫فقالوا‪ :‬لم يثبت وجود القبور في المسجد مطلقاً‪ ،‬والمر‬
‫عندهم على الصل ما لم يثبت لهم وجود القبور‪ ،‬فما‬
‫قولك ؟‬
‫(‪ )92‬الجواب‪ :‬ما يقوله أحد شيوخ الزهر بخصوص السجود‬
‫إلى القبور غير صحيح ول دليل عليه‪ ،‬لنه يتصادم مع‬
‫عموم الدلة القائلة بتحريم الصلة إلى القبور‪ ،‬وعلى‬
‫القبور‪ ،‬وبناء المساجد عليها‪ .‬وهذا الفهم من الشيخ ما‬
‫كان ليكون لول أنه يريد أن يتحلل المسلمون من الحكم‬
‫حرمة الصلة في المساجد المبنية على‬ ‫الشرعي القائل ب ُ‬
‫القبور‪.‬‬
‫أما قوله إن تلك المساجد القصد منها المعنى اللغوي‬
‫صرفت إلى‬ ‫ُ‬
‫فباطل‪ ،‬لن لفظة مسجد إن هي أطلقت ُ‬
‫البناء المعدِّ للصلة‪ ،‬إل أن تأتي قرينة تصرفها إلى المعنى‬
‫اللغوي‪ .‬ثم من قال إن القصد من النصوص تحريم‬
‫الصلة على ظهر القبر‪ ،‬ومتى كان القبر يتسع للصلة‬
‫عليه ؟ إن القصد من تحريم اتخاذ القبور مساجد هو بناء‬
‫المساجد في المكنة التي تضم القبور‪ ،‬أي بناء المسجد‬
‫من أجل القبور‪ ،‬وليس بناءه على ظهور القبور‪ .‬وبناء‬
‫عليه فإن المسجد البراهيمي في الخليل المبني على‬
‫قبورٍ عدةٍ وليس على قبر واحد تحرم الصلة فيه‪ ،‬ولكنها‬
‫تكون مجزئة مع الثم تماما ً كالصلة في الرض‬
‫المغصوبة‬

‫(‪ )93‬السؤال‪ :‬هل يجوز إظهار باطن القدمين في الصلة أم‬


‫ل ؟ فهذا ما فهمته من حديث عائشة‪ ،‬وهل يجوز أن‬
‫يوجد حائل من الثياب كالحجاب بين الجبهة والرض عند‬
‫السجود ؟‬
‫(‪ )93‬الجواب‪ :‬يُعفى عن ظهور باطن القدم في الصلة‬
‫فالحاديث تنص على تغطية ظاهر القدم‪ ،‬والناحية‬
‫العملية هي أن باطن القدم تتم تغطيته عند تغطية ظاهر‬
‫القدم‪ ،‬فالموضوع نظري فقط‪ .‬أما بخصوص السجود‬
‫‪92‬‬
‫فالصل فيه أن يكون بجبهة مكشوفة للرجال وللنساء‬
‫على السواء‪ ،‬لن الجبهة من الوجه‪ ،‬فتُكشف الجبهة في‬
‫َ‬
‫الصلة وفي الحياة العامة‪ ،‬ول تُغط ّى عند السجود إل‬
‫لسبب كأن تكون الرض ساخنة جداً‪ ،‬أو باردة جداً‪ ،‬أو‬
‫فيها أشواك‪ ...‬الخ وبغير ذلك فالمصل ِّي يسجد وجبهتُه‬
‫ة تلمس الرض‪ .‬أنظر البحث [ السجود وهيئته‬ ‫مكشوف ٌ‬
‫والذِّكر فيه ] في الجامع لحكام الصلة لتجد فيه الدلة‪.‬‬

‫(‪ )94‬السؤال‪ :‬ما موقع اليدين في جلسة التشهد‪ ،‬هل نقبض‬


‫بهما على الركبتين ؟ وهل يجوز أن تجهر المرأةُ في‬
‫الصلة ؟ وماذا عن موقفها من المام في حالة كون‬
‫جميع المصلين من النساء ؟ وفي حالة كون المأموم ل‬
‫يرى المام فهل يجب عليه أن يتجه إلى القبلة بدقة أم‬
‫جزِؤه الجتهاد ؟‬
‫يُ ْ‬
‫(‪ )94‬الجواب‪ :‬جاء في الجزء الثاني من الجامع لحكام الصلة‬
‫في البحث [ التشهد وهيئة الجلوس له ] ما يلي [‪ ...‬وفي‬
‫الجلوسين يضع راحته اليمنى على فخذه اليمنى‪ ،‬وراحته‬
‫اليسرى على فخذه اليسرى قابضا ً على ركبتيه بأصابعه‪،‬‬
‫ويضم أصابع يده اليمنى الخنصر والبنصر والوسطى‪،‬‬
‫ويضع إبهامه على الوسطى‪ ،‬ويمد ُّ سبَّابته مدا ً خفيفاً‬
‫ضعيفا ( أي يجعلها منحنية قليل ً ) ويبقيها هكذا في أثناء‬
‫الدعاء‪] ...‬‬
‫أما جهر المرأة بالقراءة في الصلة فغير مشروع‪ ،‬بمعنى أن‬
‫هذا الجهر لم يرد في النصوص ل ندبا ً ول جوازاً‪ ،‬ولذا فصلة‬
‫م جماعًة‬ ‫المرأة كلُّها سرية في الليل وفي النهار‪ ،‬إل أن تؤ َّ‬
‫من النساء‪ ،‬فتجهر في القراءة قليل ً بقدر إسماع المصل ِّيات‪.‬‬
‫أما موقفها من المام فيكون خلفه سواء كان الِمام‬
‫محرما ً أو غير محرم‪ ،‬أو كانت واحدة أو أكثر‪ ،‬ول تقف‬
‫المرأة إلى جنب المام مطلقاً‪.‬‬
‫أما التوجه نحو الكعبة في الصلة فالجتهاد فيه يكفي‪،‬‬
‫سواء أصاب الجهة بدقة أو انحرف عنها قليل ً أو كثيراً‪.‬‬
‫(‪ )95‬السؤال‪ :‬هل يصح لي أن أصلي صلة الظهر مثل ً جماع ً‬
‫ة‬
‫وراء إمام يصلي صلة العصر ؟‬

‫‪93‬‬
‫(‪ )95‬الجواب‪ :‬نعم يجوز لك ذلك‪ ،‬إذ يجوز أن يقتدي المصل ِّي‬
‫في صلة الظهر بإِمام يصلي صلة العصر‪ ،‬كما يجوز أن‬
‫يقتدي المصل ِّي في صلةٍ مفروضة بإِمام يصلي نافلة‪،‬‬
‫ويجوز العكس‪ .‬ويمكنك مراجعة البحث [ اقتداء‬
‫المفترض بالمتنفِّل وبالعكس ] الوارد في الجزء الثاني‬
‫من الجامع لحكام الصلة ‪.‬‬

‫ت في كتابك [ الجامع لحكام الصلة ] إن‬ ‫(‪ )96‬السؤال‪ :‬قل َ‬


‫البرد الشديد من أعذار الجمع بين الصلتين‪ ،‬والسؤال‬
‫ة درجةٍ يصل إليها البرد حتى يُعتبر شديدا ً وعذراً‬ ‫هو‪ :‬أي ُ‬
‫للجمع ؟‬
‫ص الشرع على أن الحرج عذٌر يبيح الجمع‬ ‫(‪ )96‬الجواب‪ :‬ن َّ‬
‫بين الصلتين‪ ،‬فأدخلنا البرد الشديد تحت هذا العذر‪ ،‬وندع‬
‫الناس يقدِّرون الدرجة التي يكون البرد فيها عندهم‬
‫شديداً‪ ،‬فالشيخ قد يرى أن وصول برودة الجو إلى خم َ‬
‫س‬
‫ة تُعتبر شديدة‪ ،‬وبالتالي يعتبرها عذراً‬ ‫ة مئوي ً‬‫عشرة َ درج ً‬
‫فيجمع‪ ،‬في حين أن الشاب قد يرى أن وصول البرد إلى‬
‫عشر درجات مئوية ل يعتبر شديداً‪ ،‬ول يراه عذرا ً فل‬
‫يجمع‪ ،‬فتقدير الحرج من حيث قوته وشدته ودرجته راجع‬
‫للشخص نفسه‪.‬‬
‫(‪ )97‬السؤال‪ :‬هل يتوجب على الذي يريد أن يجمع بين‬
‫صلتين إذا تحققت شروط الجمع أن يكون الجمع في‬
‫المسجد ؟ أو أن يؤديه جماعة وليس منفرداً؟ وهل‬
‫يستطيع أن يجمع بين صلتين في بيته ؟‬
‫(‪ )97‬الجواب‪ :‬يجوز الجمع بين الصلتين في المسجد‪ ،‬ويجوز‬
‫الجمعُ جماعًة‪ ،‬ويجوز الجمع من منفرد‪ ،‬ويجوز الجمع في‬
‫البيت‪ ،‬ويجوز الجمع في أي مكان‪ ،‬وباختصار أقول إن‬
‫الجمع إن تحقق عذٌر من أعذارِه جاز على إطلقه‪ ،‬إذ لم يرد‬
‫في النصوص أي تقييد ول أي تخصيص‪ ،‬فيبقى على إطلقه‬
‫وعلى عمومه‪.‬‬
‫(‪ )98‬السؤال‪ :‬إذا بطل وضوء المام في الصلة فماذا يفعل ؟‬
‫(‪ )98‬الجواب‪ :‬إذا انتقض وضوء المام في الصلة وجب عليه‬
‫النصراف منها‪ ،‬وفي هذه الحالة فإما أن يقوم المام‬
‫باستخلف واحد من المصلين ليُتم لهم الصلة‪ ،‬وإما أن‬
‫‪94‬‬
‫ُ‬
‫يبقى المصل ّون على هيئتهم من وقوف أو ركوع أو سجود‬
‫أو قعود حتى يعود المام بعد أن يتوضأ فيكمل لهم‬
‫صلتهم‪ ،‬أيهما يختار المام فهو جائز‪ ،‬والول منهما أولى‪،‬‬
‫لنه أرفق بالمصل ِّين‪.‬‬

‫(‪ )99‬السؤال‪ :‬إذا مات أحد المصل ِّين في صلة الجماعة في‬
‫المسجد‪ ،‬فماذا نفعل ؟ هل نكمل الصلة ونتركه حتى‬
‫نفرغ منها‪ ،‬أم ماذا نفعل ؟‬
‫(‪ )99‬الجواب‪ :‬يقطع عدد ٌ محدود ٌ من المصل ِّين صلتَهُم‬
‫ليتدبروا أمر المتوفَّى ويستمر الخرون في صلتهم‬
‫حتى يفرغوا منها‪.‬‬

‫(‪ )100‬السؤال ‪ :‬إن خرج وقت صلة الظهر مثل ً لنوم أو‬
‫سهو‪ ،‬فهل تكون النية للصلة حاضرة أم قضاءً‪ ،‬وماذا‬
‫ننوي ؟ وهل المر نفسه ينطبق على من تقاعس عن‬
‫صلته حتى خرج وقتها ؟‬
‫(‪ )100‬الجواب ‪ :‬إن التلفظ بالنية في الصلة غير واجب وغير‬
‫مأمور به‪ ،‬وإنما يجوز التلفظ بالنية من أجل استحضار‬
‫الذهن عند البدء بالصلة‪ ،‬وعليه فيمكنك أن تصلي بنية‬
‫ظ‪ ،‬سواء كانت الصلة حاضرة أو‬ ‫قلبية فقط دون تلف ٍ‬
‫فائتة‪ ،‬فهي هي في الحالتين‪ ،‬أي تصلي الصلة الفائتة‬
‫كما لو كانت غير فائتة دون أي اختلف‪ ،‬وأقول نفس‬
‫الشيء بخصوص من تقاعس عن صلته حتى خرج وقتها‪،‬‬
‫فهو يؤديها على حالها وعلى هيئتها ولكن مع حصول الثم‬
‫ل بقضاء الصلة الفائتة إنما‬ ‫بسبب التقاعس طبعاً‪ .‬والقو ُ‬
‫هو فقط للتمييز بين الصلتين‪ ،‬أي من أجل معرفة ما إذا‬
‫كانت الصلة حاضرة أو فائتة دون أن يكون لذلك دخ ٌ‬
‫ل‬
‫في صفةِ النية القلبية أو التلفظ بها‪ ،‬فإن كنت بعد هذا‬
‫صرا ً على التلفظ بالنية فقل‪ :‬نويت أن أصلي‬ ‫م ِ‬
‫البيان ُ‬
‫الظهر أربع ركعات‪ ،‬سواء في الحاضرة أو في الفائتة‬
‫دون أية إضافة‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫(‪ )101‬السؤال ‪ :‬ماذا يعني الخشوع والقنوت في الصلة‪،‬‬
‫وكيف يكونان ؟‬
‫(‪ )101‬الجواب ‪ :‬الخشوع في الصلة يعني السكون في ذلةٍ‬
‫وخضوٍع‪ ،‬أما القنوت في الصلة فيعني السكوت وعدم‬
‫التكلم‪ ،‬ويتحقق هذا وذاك بأن يسكن المصلي فل يتحرك‬
‫إل بما له علقة بالصلة وأن يسكت فل يتكلم إل بما له‬
‫علقة بالصلة‪ ،‬ويُعفى عن الحركة القليلة في الصلة‪ ،‬أما‬
‫الحركات الكثيرة غير المشروعة في الصلة فهي التي‬
‫تقطع الخشوع الواجب في الصلة‪ ،‬ويلحق فاعلَها الثم‪.‬‬

‫(‪ )102‬السؤال ‪ :‬في بحث الوقات المنهي عن الصلة فيها‪،‬‬


‫خلصت إلى أنه في أوقات التحريم ل تجوز صلة أية‬
‫نافلة ل ذات سبب ( كتحية المسجد وسجدة التلوة‬
‫وصلة الستخارة والستسقاء ) ول ما ليس لها سبب أما‬
‫في أوقات الكراهة فل كراهة للنوافل ذات السباب‬
‫( كتحية المسجد وصلة الكسوف وسجدة التلوة ) ول‬
‫كراهة لقضاء الفوائت من الصلوات المفروضة وحتى‬
‫السنن الراتبة‪.‬‬
‫ل على أوقات الكراهة‬ ‫لو نظرنا في الحاديث التي تد ُّ‬
‫مة في‬ ‫فإننا نجدها تفيد العموم‪ ،‬على القل نجدها عا َّ‬
‫النوافل‪ ،‬لن قوله " ول صلة بعد العصر " عام‪ ،‬لن (‬
‫صلة ) نكرة في سياق نفي‪ ،‬فهي عامة‪ ،‬فما هو دليل‬
‫إخراج النوافل ذوات السباب من الكراهة في هذه‬
‫الوقات ؟ وقلت أيضا ً [ فإن هذه النوافل إن كانت ذوات‬
‫َ‬
‫أسباب‪ ...‬فإنها تؤدَّى ول كراهة‪ ،‬لن أوقاتها قد حل ّت‬
‫بهذين الوقتين وهي مندوبة‪ ،‬والوقتان وقتا كراهة‪ ،‬وإني‬
‫لرجو أن يتغلب المندوب على المكروه ويثاب فاعله إن‬
‫شاء الله ] فلو قال أحدهم‪ :‬فإن النوافل جميعها أيضاً‬
‫مندوبات‪ ،‬والمندوب يتغلب على المكروه فيجوز إذن أداء‬
‫النوافل كل ِّها في أوقات الكراهة لذات العلة‪ ،‬فما هو‬
‫ردكم ؟ وبما أنه ل كراهة أيضا ً لقضاء الفوائت من‬

‫‪96‬‬
‫الصلوات المفروضة وحتى السنن الراتبة‪ ،‬فما قيمة وقت‬
‫الكراهة إذن ؟‬
‫ة‬
‫ن تحي ُ‬ ‫ت أيضا ً في موضوع تحية المسجد [ وتُس ُّ‬ ‫وقل َ‬
‫المسجد في كل وقت يدخل فيه المسلم المسجد‪ ،‬ل‬
‫فرق بين أوقات الكراهة وغيرها‪ ،‬ول بين النهار والليل‪،‬‬
‫فمتى دخل المسجد صلى ركعتين‪ ...‬فإن حكم الندب باق‬
‫ن مما سبق أنك تجيز تحية المسجد‬ ‫ومستمر ] قد يُظ َّ‬
‫ت عليه حين قرأت‬ ‫حرمة‪ ،‬وهذا ما كن ُ‬ ‫حتى في أوقات ال ُ‬
‫موضوع تحية المسجد‪ ،‬لنك تقول [ ل فرق بين أوقات‬
‫الكراهة وغيرها‪ ...‬وحكمها باق مستمر ] حتى قرأت‬
‫موضوع الوقات المنهي عن الصلة فيها‪ ،‬فأرجو إزالة‬
‫اللتباس ؟‬
‫(‪ )102‬الجواب ‪ :‬لحظ العبارة [ فإن هذه النوافل إن كانت‬
‫ذوات أسباب‪ ...‬فإنها تُؤدَّى ول كراهة‪ ،‬لن أوقاتها قد‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حل ّت بهذين الوقتين‪ ] ...‬فالقول إن أوقاتها قد حل ّت‬
‫بهذين الوقتين ( أي وقتي الكراهة ) ل يشمل النوافل‬
‫المطلقة غير ذات السباب‪ ،‬ولو أننا أدخلنا عموم النوافل‬
‫ح القول إن هذين الوقتين وقتا‬ ‫في القول السابق لما ص َّ‬
‫كراهة‪ ،‬ولنتفت الكراهة بالكامل‪ ،‬ولما عادت أحاديث‬
‫النهي عن هذين الوقتين ذات معنى‪ ،‬فالنوافل مشمولة‬
‫بهذه الحاديث قطعاً‪ ،‬أما ذوات السباب فإنها للسباب‬
‫ت أدائها ) جاز أداؤها هناك دون‬ ‫هذه ( وهي التي تَعيَّن وق ُ‬
‫كراهة‪ ،‬فالفارق واضح في هذا الموضوع‪.‬‬
‫ل على‬ ‫أما ما جاء في تحية المسجد‪ ،‬فإن العبارة ل تد ُّ‬
‫ة‬
‫جوازها في أوقات التحريم لن أوقات التحريم محسوم ٌ‬
‫ل العبارة على جوازها في أوقات الكراهة‬ ‫قطعاً‪ ،‬وإنما تد ُّ‬
‫كجوازها في غير أوقات الكراهة‪ ،‬وهي الوقات التي ل‬
‫ل على‬ ‫ن العبارةَ هذه تد ُّ‬ ‫نهي جازما ً عنها‪ ،‬وبمعنى آخر فإ َّ‬
‫عدم الفرق بخصوص تحية المسجد بين وقت الباحة‬
‫ووقت الكراهة‪.‬‬
‫وأضيف من ناحية أخرى ما يلي‪ :‬إن أوقات التحريم تعني‬
‫أن الصلة فيها حرام والحرام عكس الواجب أو الفرض‪،‬‬
‫‪97‬‬
‫فإن وُجد واجب‪ ،‬ووُجد وقت تحريم‪ ،‬قلنا إن الواجب‬
‫حْرمة‪ ،‬وذلك كقضاء الصلوات المفروضة في‬ ‫يكسر ال ُ‬
‫أوقات التحريم‪ ،‬أما أوقات الكراهة فيكسرها الفرض‬
‫كقضاء الصلوات المفروضة‪ ،‬كما تكسرها النوافل ذوات‬
‫السباب‪ ،‬في حين أن النافلة غير ذات السبب ل تكسر‬
‫الكراهة لن وقتها مو َّ‬
‫سع وإل انتفت الكراهة بالكامل‪.‬‬

‫(‪ )103‬السؤال ‪ :‬كثير من المساجد عندنا يوجد فيها طابق‬


‫أرضي للنساء‪ ،‬فل ترى النساء صفوف الرجال أبداً‪،‬‬
‫ث هذا اضطرابا ً في صلة النساء خصوصاً‬ ‫وكثيرا ً ما يُحد ِ ُ‬
‫ة فيها سجدة ٌ ثم كبَّر‪ ،‬فل تدري النساء‬ ‫إذا قرأ المام آي ً‬
‫ل هذا عندنا‪ ،‬لذا‬ ‫ث مث ِ‬ ‫أركع أم سجد للتلوة‪ ،‬وما أكثر حدو َ‬
‫أفل ينبغي القول إن صلة من ل يرى المام أو من ل‬
‫حُرم لوجود النقطاع‬ ‫يرى الصفوف المتصلة بالمام ت َ ْ‬
‫الذي قد يسبب مخالفة المام واضطراب الصلة ؟‬
‫ت ما جاء في الصفحة الخيرة من‬ ‫(‪ )103‬الجواب ‪ :‬لو قرأ َ‬
‫ت أن صلة‬ ‫الجزء الثاني من الجامع لحكام الصلة لدرك َ‬
‫المأموم خلف إمام ٍ بينهما حاجز يحجب الرؤية جائزة‬
‫ل على هذا الحكم‪،‬‬ ‫فالحاديث الثلثة في آخر الصفحة تد ُّ‬
‫أما إن كان المأموم ل يرى المام ول يسمع صوته أيضاً‬
‫فإنه ل يستطيع الصلة طبعاً‪ ،‬ولذا جاء في أعلى الصفحة‬
‫ل بين المام والمأموم ل يمنع الرؤية أو‬ ‫[ وإذا وُجد حائ ٌ‬
‫سماع الصوت فل بأس ] فواحد من الثنين يكفي لجواز‬
‫حتِها كجماعة‪.‬‬ ‫الصلة وص َّ‬
‫وكثير من المساجد تُبنى من عدة طوابق تحجب الرؤية‪،‬‬
‫ولكنها ل تحجب الصوت فتصح الصلة فيها‪ ،‬وكثير من‬
‫ة بين الرجال والنساء‬ ‫المساجد توجد فيها حواجز مبني ٌ‬
‫ولكن صوت المام يصل إلى من هم خلف الحواجز‪،‬‬
‫فتصح الصلة فيها‪ .‬أما إن كانت البقعة واحدة فيجب‬
‫اتصال الصفوف وإل حرمت الصلة على من صلى بعيداً‬
‫صص‬ ‫خ ِّ‬‫عن الصفوف‪ ،‬لن هذا هو الحكم العام‪ ،‬وقد ُ‬
‫بالحاديث الثلثة المشار إليها‪.‬‬
‫‪98‬‬
‫أما ما يحصل مع النساء المحجوبات عن الرؤية في‬
‫الطوابق السفلية‪ ،‬فإن الصوت ما دام يُسمع من قِبَلِهن‬
‫فصلتهن صحيحة‪ ،‬فإن انقطع الصوت انتظرن قليلً‪ ،‬فإن‬
‫عاد الصوت استمررن في الصلة‪ ،‬فإن لم يعد الصوت‬
‫جاز لواحدة منهن أن تتقدم قليل ً وتؤم النساء‪ ،‬أو أن‬
‫ن الصلة منفردات‪.‬‬ ‫م َ‬
‫م ْ‬
‫يُت ْ ِ‬
‫أما ما يتعلق بحصول الضطراب عند سجدةِ المام في‬
‫ت فيمكن للمام أن يقول عقب تلوة‬ ‫الحالة التي ذكر َ‬
‫ل على السجود‪ ،‬فيقول‬ ‫ُ‬ ‫ة تد ّ‬
‫الية التي فيها سجدة ٌ كلم ً‬
‫َّ‬
‫مثل ً ( آية سجود ) أو ما يشبه ذلك‪ ،‬أو تُكلف امرأةٌ بإعلن‬
‫السجود للنساء بترتيب مسبق مع المام‪.‬‬

‫(‪ )104‬السؤال ‪ :‬أود السؤال عمن تفوته ركعة أو ركعتان من‬


‫صلة جهرية‪ ،‬هل يُتمهما جهرا ً أم سرا ً ؟ فمثل ً فاتتني أول‬
‫ركعة من صلة العشاء‪ ،‬وبعد تسليم المام قمت لداء‬
‫الركعة الولى التي فاتتني فهل أقرأُها بالسر أو بالجهر ؟‬
‫(‪ )104‬الجواب ‪ :‬صلة المسبوق تأخذ حكم صلة المام سراً‬
‫أو جهراً‪ ،‬ففي السرية يُتم المسبوق صلته سراً‪ ،‬أما في‬
‫الصلة الجهرية فيُتمها جهراً‪ ،‬إل إذا كانت الجماعة في‬
‫مسجد فيه ناس يصلون فيُتمها جهراً‪ ،‬ولكن يخفض صوته‬
‫قليل ً حتى ل يشوِّش عليهم‪.‬‬
‫ت لداء الركعة‬ ‫وأعود لقولك [ وبعد تسليم المام قم ُ‬
‫الولى التي فاتتني‪ ،‬فهل أقرأها بالسر أو بالجهر ؟ ] هذا‬
‫القول فيه خطأ‪ ،‬والصواب هو أن المسبوق يحتسب أول‬
‫ركعة يدركها مع المام يحتسبها الركعة الولى من صلته‬
‫هو‪ ،‬فلو دخل المسبوق المسجد‪ ،‬فوجد المام آنذاك في‬
‫الركعة الثانية‪ ،‬أو في الركعة الثالثة‪ ،‬أو في الركعة‬
‫الرابعة فإن المسبوق يعتد ُّ أول ركعة يدركها مع المام‬
‫يعتدها الركعة الولى له‪ ،‬فيصلي المام مثل ً الركعة الثانية‬
‫والمسبوق يصليها معه الركعة الولى‪ ،‬ثم بعد فراغ المام‬
‫من صلته ينهض المسبوق للتيان بما بقي عليه من‬

‫‪99‬‬
‫الركعات‪ ،‬ول يقوم بأداء الركعة الولى كما قلتم في‬
‫سؤالكم‪.‬‬
‫وأما بخصوص جهر المسبوق عقب فراغ المام من‬
‫صلته‪ ،‬فإن المسبوق يجهر في القراءة في الركعتين‬
‫الولى والثانية فقط‪ ،‬وهذا ل يُتصور إل في حالة إدراك‬
‫م في ركعته الرابعة‪ ،‬أو في جلسة التشهد‬ ‫المسبوق الما َ‬
‫الخيرة‪ ،‬فإن أدركه في الركعة الرابعة فاحتسبها‬
‫المسبوق ركعته الولى‪ ،‬فإنه ينهص للتيان بالركعة الثانية‬
‫فيجهر فيها‪ ،‬ويُسُّر في الركعتين الخريين‪ ،‬وإن أدركه في‬
‫جلسة التشهد فإن المسبوق ينهض فيأتي بصلته الرباعية‬
‫كاملة‪ ،‬فيجهر في الركعتين الوليين‪ ،‬ويُسُّر في الُخريين‪.‬‬

‫ت على إجابتك على السئلة التي‬ ‫(‪ )105‬السؤال ‪ :‬لقد اطلع ُ‬


‫طرحتُها عليك آنفا ً حول مواقيت الصلة‪ ،‬فدعو ُ‬
‫ت الله أن‬
‫جزئية منها عالقة‬
‫يَجزيك من الخير كله‪ ،‬ولكنك أبقيت ُ‬
‫دون إجابة‪ ،‬وهي دخول وقت العصر في الشتاء‪ ،‬وقد‬
‫أُجبت [ وبالحساب يبدأ وقت العصر‪ ،‬وهذا الحساب‬
‫والتقدير يحتاج إلى خبراء مختصين‪ ،‬ول يلزم تعلمه‬
‫لسواد الناس ]‪.‬‬
‫وسؤالي لك لم يكن حول كيفية الحساب والتقدير‬
‫للصلة‪ ،‬وإنما قمت بطرح إشكاليةٍ حقيقيةٍ كانت تلفت‬
‫نظري مرارا ً وتكرارا ً حين كنت في أوروبا‪ ،‬حيث يكون‬
‫ل الشيء أكثر من مثليه في شهري كانون الول‬ ‫ظ ُّ‬
‫وكانون الثاني‪ ،‬وقد كنت أعرف من الفقه أن دخول وقت‬
‫ل الشيء مثله ( مذهب الشافعي‬ ‫العصر يكون إذا صار ظ ُّ‬
‫ن كل المذهبين ل‬ ‫) أو مثليه ( مذهب أبي حنيفة ) ولك َّ‬
‫يعطيان الجابة في حالةٍ كهذه‪ .‬وبمعنى آخر فإن فهمي‬
‫لحرفية تطبيق الحاديث الواردة حول ميقات صلة العصر‬
‫يقتضي أن يدخل وقت الظهر عند الزوال ويدخل وقت‬
‫ل الشيء مثله أو مثليه‪،‬‬ ‫العصر بعد الزوال إذا صار ظ ُّ‬
‫وبالتالي يدخل وقت العصر مباشرة مع دخول وقت‬
‫الظهر‪ ،‬أي يجب علينا أن نصلي الظهر والعصر جمع‬
‫‪100‬‬
‫ت قلبي‪ .‬وقد‬ ‫مئِنا ً ل َّ‬
‫ما استفتي ُ‬ ‫مط َ ْ‬ ‫تأخير‪ ،‬ولكن هذا لم يكن ُ‬
‫علمنا أن النبي عليه الصلة والسلم عاش في المدينة‬
‫وهي شمال مكة‪ ،‬ويكون ظل الشيء فيها أكثر من مثله‬
‫هذه اليام ( كانون الول) وكذلك فإن معظم الفقهاء قد‬
‫عاشوا في العراق وبلد الشام ومصر‪ ،‬فماذا قالوا‬
‫ن بإمكانك‬ ‫بخصوص ذلك ؟ وإذا كنت تسكن بلد الشام فإ َّ‬
‫التأكد َ هذه اليام في شهر كانون الول من ذلك‪ ،‬وهذا‬
‫ينطبق على جميع البلدان الواقعة في شمال مكة شَّرفها‬
‫الله‪ ،‬أي أنه في فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي‪،‬‬
‫وفي الماكن الواقعة فوق خط عرض ‪ 23‬درجة _ أي‬
‫ل شيء أكثر من مثله عند‬ ‫شمال مكة _ يكون ظ ُّ‬
‫ل ك ِّ‬
‫الزوال‪ ،‬وهذا يجعل دخول وقت العصر مع الزوال حسب‬
‫المذهب الشافعي‪.‬‬
‫وبعد البحث والتنقيب في كتب الفقه حول هذه المسألة‪،‬‬
‫وجدت إجابة في كتاب [ المجموع شرح المهذب ] وهو‬
‫ل ظ ِّ‬
‫ل‬ ‫س طو ِ‬ ‫في الفقه الشافعي تقول بأن يتم قيا ُ‬
‫الشيء وقت الزوال ثم يضيف إليه مقدار طول الشيء‪،‬‬
‫فيكون دخل وقت العصر عند الوقت الذي يبلغ فيه ظ ُّ‬
‫ل‬
‫الشيء مجموع هذين الظلين‪ ،‬وهذا ما تعمل عليه‬
‫المواقيت الفلكية للصلة‪ ،‬ولحساب وقت صلة العصر‬
‫هناك معادلت رياضية يتم حساب وقت دخول العصر‬
‫على أساسها حسب خط عرض البلد شمالي أو جنوبي‬
‫خط الستواء‪.‬‬
‫وسؤالي لك‪ :‬هل توافق على هذا الرأي الجتهادي الذي‬
‫ل الشكال ؟ وهل هذا الرأي‬ ‫نقلتُه من كتاب المجموع لح ِّ‬
‫ح أو مرجوح من الناحية الشرعية ؟ حيث أنني لم‬ ‫راج ٌ‬
‫ص شرعي يقول بذلك ؟ فما القول في هذه‬ ‫أطلع على ن ٍّ‬
‫الجزئية من المسألة ؟‬
‫ة‬
‫وسؤال آخر متعلق بالموضوع‪ ،‬وهو‪ :‬هل تكون استحال ُ‬
‫تطبيق النص على الواقع ( صلة العصر هنا عند صيرورة‬
‫ل الشيء مثله ) لمن يقلد مذهب الشافعي‪ ،‬مسوِّغاً‬ ‫ظ ِّ‬
‫للتحوُّل في هذه الجزئية فقط إلى مذهب أبي حنيفة‪،‬‬

‫‪101‬‬
‫بحيث يصلي العصر عند صيرورة ظل الشيء مثليه ؟‬
‫وهذا ينطبق أيضا ً بشكل عكسي في البلد التي ل يدخل‬
‫فيها وقت العشاء وفق المذهب الحنفي ( أقصى شمال‬
‫أوروبا ) حيث يبقى شعاع ٌ من نور الشمس طوال الليل‬
‫في شهر حزيران‪ ،‬فهل يجوز لمن يقلد المذهب الحنفي‬
‫أن يتحول في هذه الجزئية فقط إلى المذهب الشافعي‪،‬‬
‫ومذهب المام زيد باليمن‪ ،‬اللذ َيْن يقولن بدخول وقت‬
‫العشاء بعد مغيب الشفق الحمر وليس الظلم الدامس‪،‬‬
‫فهل تعتبر هذا مسوِّغا ً للتنقل بين آراء المجتهدين لنه ل‬
‫يمكن تطبيق رأي أبي حنيفة هنا ؟‬
‫(‪ )105‬الجواب ‪ :‬أنت تستطيع أن تتبنى ما جاء في كتاب‬
‫[ المجموع شرح المهذب ] للمام النووي الشافعي‬
‫المذهب‪ ،‬وبهذا التبني تكون متبعا ً للرأي الذي تجده في‬
‫جواب سؤال سابق‪ ،‬فقد جاء فيه [ وبالحساب يبدأ وقت‬
‫العصر‪ ] ...‬وما جاء في المجموع للنووي هو تطبيق‬
‫عملي لهذا الحساب‪.‬‬
‫أما القسم الثاني من سؤالك فهو أنه ل يوجد لدى‬
‫الحناف ول لدى الشافعية ما يُستطاع تطبيقه على وضع‬
‫الدائرة التي في أقصى الشمال‪ ،‬وعلى ذلك تستطيع‬
‫اعتماد أي رأي فقهي معتبر تراه في هذه الجزئية ول‬
‫ضير في ذلك والله سبحانه يعذرك‪.‬‬

‫(‪ )106‬السؤال ‪ :‬كيف يفعل من سجد في صلة العيد بدل أن‬


‫يركع‪ ،‬هل يأتي بركعة أم ماذا يفعل ؟‬
‫(‪ )106‬الجواب ‪ :‬من لم يركع في أية ركعة من أية صلة فإن‬
‫صلته تبطل‪ ،‬ول ينفعه سجود السهو‪ ،‬لن الركوع ركن ل‬
‫تصح الصلة بدونه‪ ،‬هذا لمن لم يركع‪ .‬أما من سجد بدل‬
‫الركوع ثم تنبَّه فقام فركع ثم سجد ثم أكمل صلته فإن‬
‫صلته آنذاك يجبرها سجود السهو‪ ،‬وتكون صحيحة‬
‫مقبولة‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫(‪ )107‬السؤال ‪ :‬هل صلة الجمعة للمسافر تُسقط عنه صلة‬
‫الظهر ؟ وهل صلة الجمعة لمن تجب عليه تسقط عنه‬
‫صلة الظهر‪ ،‬أم ماذا ؟‬
‫(‪ )107‬الجواب ‪:‬‬
‫أولً ‪ :‬ل تجب صلة الجمعة على المسافر‪ ،‬ولكن إن صلَّها‬
‫جازت وقُبلت منه‪.‬‬
‫من صلى الجمعة سواء كان مسافرا ً أو مقيماً‬ ‫ثانياً ‪ :‬ك ُّ‬
‫ل َ‬
‫سقطت عنه صلة الظهر‪ ،‬وليس صحيحا ً ول مطلوبا ً ما‬
‫يفعله بعض المسلمين من أداء صلة الظهر عقب أداء‬
‫صلة الجمعة‪ ،‬فصلة الجمعة تقوم مقام صلة الظهر‬
‫دائماً‪.‬‬

‫ن عملي يبعد عن مدينتي ما بين ‪ 42‬و‬ ‫(‪ )108‬السؤال ‪ :‬مكا ُ‬


‫ُ‬
‫‪ 55‬كيلو متراً‪ ،‬وأنا يوميا ً أذهب إلى هناك‪ ،‬فهل أعتبر‬
‫مسافرا ً ويحق لي القصر في الصلة ؟‬
‫(‪ )108‬الجواب ‪ :‬كل مسافر يجوز له قصر الصلة الرباعية‪،‬‬
‫سواء تكَّرر منه السفر كثيرا ً أو قليلً‪ ،‬وبناءً عليه فإن لك‬
‫الحق في قصر الصلة وأنت في مكان عملك‪ ،‬إل إن‬
‫اتخذت مكان عملك للقامة الدائمية‪ ،‬فعندها تتوقف عن‬
‫القصر هناك‪.‬‬

‫(‪ )109‬السؤال ‪ :‬هل مسافة قصر الصلة بالنسبة للمسافر‬


‫هي نفسها المسافة التي يحق للصائم أن يُفطر عندها أم‬
‫ماذا ؟‬
‫شَر كيلو مترا ً جاز له‬
‫ةع َ‬ ‫(‪ )109‬الجواب ‪َ :‬‬
‫من سافر سبع َ‬
‫قصر الصلة كما جاز له الفطار‪ ،‬وهذا التحديد هو من‬
‫باب الحوط‪ .‬وإل فالمسافر هو من خرج من بلده ومن‬
‫الراضي التابعة لبلده‪ ،‬فمن انطبق عليه هذا الوصف‬
‫جازله القصر والجمع والفطار‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫من ينام‬ ‫ن َ‬ ‫(‪ )110‬السؤال ‪ :‬تقول في الجامع لحكام الصلة إ َّ‬
‫يفقد وضوءه إل إن كان في الصلة‪ ،‬أو كان ينتظر‬
‫الصلة‪ ،‬لن النصوص خصصت هذه الحالة بهذا الحكم‬
‫فيُؤخذ كما ورد تماماً‪ ،‬فالحديث تحدَّث بأن الصحابة كانوا‬
‫ينامون في المسجد وهم ينتظرون الصلة ثم يصلون‬
‫دون أن يتوضأوا‪ ،‬والسؤال هنا هو‪ :‬ما دمنا أننا نريد‬
‫ص هذا الحكم بمسجد الرسول‬ ‫خص ُ ُ‬‫التخصيص فلماذا ل ي ُ َ‬
‫ممه على‬ ‫الذي كان الصحابة يصل ّون فيه فقط‪ ،‬ول نُع ِّ‬
‫سائر المساجد ؟‬
‫(‪ )110‬الجواب ‪ :‬أنا أقول إن النوم في الصلة ل ينقض‬
‫الوضوء‪ ،‬ويلحق به النوم في حالة انتظار الصلة‪ ،‬لن‬
‫انتظار الصلة صلة ٌ كما ورد في الحاديث‪ ،‬والنوم في‬
‫حالة انتظار الصلة ل ينقض الوضوء سواء كان في‬
‫مسجد الرسول أو في أي مسجد آخر‪ ،‬أو حتى في‬
‫ص مسجد ٍ دون مسجدٍ‪،‬‬ ‫غير المساجد‪ ،‬ول يَرِد هنا تخصي ُ‬
‫ول بقعةٍ دون غيرها‪ .‬أما كون الصحابة كانوا ينامون في‬
‫ة عين‪،‬‬‫مسجد الرسول عليه الصلة والسلم فهذا واقع ُ‬
‫أي وقعت اتفاقاً‪ ،‬وواقعة العين ل تفيد تخصيصا ً ول‬
‫تقييداً‪.‬‬
‫(‪ )111‬السؤال ‪ :‬يقوم الناس بمصافحة بعضهم بعضا ً باليدي‬
‫عقب النتهاء من الصلة ويقول أحدهم‪ :‬تقبَّل الله‪ ،‬فيردُّ‬
‫الخر‪ :‬منا ومنك‪ ،‬ويقول الشخص لصاحبه عقب الفراغ‬
‫حَرماً‪ :‬أو يقول‪ :‬زمزم‪ ،‬فيرد الخر‪ :‬جمعاً‪...،‬‬ ‫من الوضوء‪َ :‬‬
‫إلخ‪ ،‬فيا حبذا لو تتطرق إلى هذه المور وتبين حكمها هل‬
‫سنة‪ ،‬لنها تحصل باستمرار ؟‬ ‫هي بدعة أم ُ‬
‫(‪ )111‬الجواب ‪ :‬هذان الفعلن يُنظَر فيهما فإن كان الشخص‬
‫يفعلهما لمجرد الدعاء فل شيء فيهما‪ ،‬أما إن كان‬
‫متَّصلَين بالوضوء وبالفراغ من الصلة‬ ‫الشخص يفعلهما ُ‬
‫على أنهما من العبادة المشروعة المتَّصلة بهما‪ ،‬فعمله‬
‫ة‪ ،‬ذلك أن الشرع لم يرتب على‬ ‫ة مذموم ً‬ ‫يعتبر عندئذٍ بدع ً‬
‫الفراغ من الصلة‪ ،‬ول على الفراغ من الوضوء هذين‬
‫الدعائين ول غيرهما من الدعية فالوْلى تركُهما‪ ،‬وإن‬
‫‪104‬‬
‫كان ل بد من قولهما فلْيفعلهما الشخص مرة‪ ،‬وليتركهما‬
‫مرة أخرى‪ ،‬ول يداوم عليهما‪.‬‬

‫سنَّة الصبح أو ركعة الوتر‬‫(‪ )112‬السؤال ‪ :‬أيهما أفضل ركعتا ُ‬


‫؟‬
‫(‪ )112‬الجواب ‪ :‬لقد اختلف الئمة في هذه المسألة فمنهم‬
‫ضل ركعتي الصبح ومنهم من ف َّ‬
‫ضل ركعة الوتر‪ ،‬ول‬ ‫من ف َّ‬
‫ن الحناف اعتبروا ركعة‬‫دليل على تفضيل أي منهما‪ ،‬بل إ َّ‬
‫الوتر واجبة‪ ،‬وليس ذلك صحيحاً‪ ،‬والصواب الذي ينبغي‬
‫الوقوف عنده أن كِل الصلتين مندوبة فقط‪ ،‬ولم يفضل‬
‫الشرع واحدة منهما على الخرى‪.‬‬

‫(‪ )113‬السؤال ‪ :‬هل يجوز للمرأة أن تؤم أولدها في بيتها‬


‫ذكورا ً أو إناثا ً ؟‬
‫(‪ )113‬الجواب ‪ :‬ل يجوز للمرأة أن تؤم الذكور ‪،‬سواء أكانوا‬
‫بالغين أم أطفالً‪ ،‬وسواء أكانوا من محارمها أم من غير‬
‫ت وغيَر‬ ‫محارمها‪ ،‬ويصح لها فقط أن تؤم الناث‪ ،‬بالغا ٍ‬
‫بالغات‪ ،‬وإنما الذي يجوز هو العكس‪ ،‬فيؤم الولد ُ بالغين‬
‫ة الصبي جائزة ٌ حتى للرجال‪.‬‬ ‫وأطفال ً أمهاِتهم‪ ،‬لن إِمام َ‬
‫وانظر البحثين [ إمامة الصبي ] و [ إمامة المرأة ] في‬
‫الجزء الثاني من الجامع لحكام الصلة لتحصل على‬
‫المزيد‪.‬‬

‫ك حضور صلة الجمعة في بلد‬ ‫(‪ )114‬السؤال ‪ :‬ما حك ُ‬


‫م تر ِ‬
‫الكفار مع الدليل ؟‬
‫(‪ )114‬الجواب ‪ :‬تجب صلةُ الجمعة على أهل المصار‪ ،‬ول‬
‫تجب على الخارجين منها البعيدين عن سماع الذان وهذا‬
‫الحكم عام يشمل بلد المسلمين وغير بلد المسلمين‬
‫فكما أن الصلة واجبة في بلد الكفار كوجوبها في بلد‬
‫المسلمين‪ ،‬فإن الجمعة واجبة في بلد الكفار كوجوبها‬
‫في بلد المسلمين سواء بسواء‪ ،‬ولذا يجب على‬
‫المسلمين القاطنين في المدن والقرى في بلد الكفار‬
‫‪105‬‬
‫ُ‬
‫أن يُصل ّوا صلة َ الجمعة‪ ،‬ويؤمهم أحدُهم‪ ،‬ول تحتاج إقامة‬
‫ن من الحاكم المسلم كما يقول‬ ‫صلة الجمعة إلى إذ ٍ‬
‫بذلك عدد من الفقهاء‪.‬‬

‫(‪ )115‬السؤال ‪ :‬إنك تذكر وتتبنى أن الصلة في المساجد‬


‫التي تُؤوي القبور حرام ل تجوز‪ ،‬والسؤال هو‪ :‬لقد ورد‬
‫ة ا كانت تصلي بين قبري الرسول‬ ‫أن أ ُ َّ‬
‫منا عائش َ‬
‫صدِّيق‪ ،‬وأيضا ً مسجد ُ الرسول ماذا تقول عنه ؟ فهو‬ ‫وال ِّ‬
‫صدِّيق والفاروق ما ؟‬ ‫يحوي قبور الثلثة‪ :‬الرسول وال ِّ‬
‫(‪ )115‬الجواب ‪ :‬إنك لو دققت النظر في البحث [ المواضيع‬
‫حرمة‬ ‫التي ل تجوز الصلة فيها ]‪ ،‬وكذلك في البحث [ ُ‬
‫اتخاذِ القبور مساجد ] في الجزء الثاني من الجامع‬
‫لحكام الصلة‪ ،‬لما وقع في نفسك هذا الشكال ول هذا‬
‫السؤال لما يلي‪.‬‬
‫أولً ‪ :‬إن الحرام هو اتخاذ القبر مسجداً‪ ،‬أي الصلة في‬
‫ة‬
‫البقعة التي فيها قبر من أجل ذلك القبر‪ ،‬فإن انتفت العل ُ‬
‫ت إلى جانب قبر ليس من أجل‬ ‫هذه وصادف أن صلي َ‬
‫ن كان الوْلى البتعاد عن تلك‬ ‫القبر‪ ،‬فالصلة جائزة‪ ،‬وإ ْ‬
‫البقعة‪.‬‬
‫ثانياً ‪ :‬إن قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‬
‫صدِّيق‬‫موجود في حجرة عائشة‪ ،‬وكذلك قبر أبي بكر ال ِّ‬
‫وقبر عمر الفاروق‪ ،‬فعائشة كانت تصلي في حجرتها‪،‬‬
‫ولم تكن تتخذ القبور مسجداً‪ ،‬ولم تكن تصلي من أجل‬
‫ض تخلو‬ ‫هذه القبور‪ ،‬مثله مثل المسجد الذي بُني على أر ٍ‬
‫ن هذا‬ ‫ن بناه‪ ،‬فإ َّ‬
‫م ْ‬ ‫من القبور‪ ،‬ثم حصل أن دُفن فيه َ‬
‫حرمة في ذلك‪ ،‬لنه‬ ‫المسجد تظل الصلة فيه جائزة‪ ،‬ول ُ‬
‫في الصل لم يُبن على القبر ولم يُبن من أجل القبر‪.‬‬
‫ثالثاً ‪ :‬إن مسجد رسول الله لم يُبن على القبر‪ ،‬أو على‬
‫القبور‪ ،‬وإن الذي حصل هو أن المسلمين قاموا بتوسعة‬
‫المسجد‪ ،‬وكانت حجرة عائشة إلى جوار المسجد وفيها‬
‫القبور‪ ،‬فضموا الحجرة إلى المسجد بما فيها‪ ،‬وهذا فعل‬
‫جائز ل شيء فيه‪ .‬فالحرام هو اتخاذ القبر أو القبور‬
‫‪106‬‬
‫مساجد‪ ،‬أو الصلة عليها من أجلها‪ ،‬كالمسجد البراهيمي‬
‫في الخليل فإنهم بنوا المسجد على القبور‪ ،‬وبنوه من‬
‫أجل القبور‪ ،‬فهذا هو الحرام‪ ،‬ومثل المسجد البراهيمي‬
‫مساجد ُ في غَوْر الردن بُنيت على قبور الصحابة‪ :‬أبي‬
‫عبيدة بن الجراح‪ ،‬وضرار بن الزور‪ ،‬وشرحبيل بن‬
‫حسنة‪ ،‬ومعاذ بن جبل‪ ،‬ومساجد ُ في النجف وفي كربلء‬
‫وفي سامراء في العراق بُنيت على قبور أئمةٍ من آل‬
‫ل الصلة فيها ولك َّ‬
‫ن‬ ‫ل هذه المساجد ل تح ُّ‬
‫البيت م فمث ُ‬
‫ة ومقبولة ل تجب إعادتها‪.‬‬‫مجزئ ٌ‬
‫الصلة َ ُ ِ‬

‫(‪ )116‬السؤال ‪ :‬هل للقنوت في صلة الفجر صيغة توقيفية‬


‫ل بد منها أم هي بما يفتح الله على المام ؟‬
‫(‪ )116‬الجواب ‪:‬‬
‫أولً ‪ :‬القنوت الصحيح يكون في ركعة الوتر بعد العشاء‬
‫وليس في صلة الفجر‪ ،‬كما يقول بذلك عدد من الفقهاء‪.‬‬
‫ثانياً ‪ :‬يُشرع القنوت عند النوازل والكوارث في جميع‬
‫ن‬
‫الصلوات المفروضة دون تخصيصه بصلة الفجر فإ ْ‬
‫انتفت الكوارث والنوازل‪ ،‬أو توقفت وانتهت بقي القنوت‬
‫فحسب في صلة الوتر بعد العشاء‪.‬‬
‫ثالثاً ‪ :‬هناك صيغة توقيفية للقنوت تجدها في جواب‬
‫سؤال ماّرٍ في هذا الباب فارجع إليها‪ ،‬ولكن هذه الصيغة‬
‫ليست واجبة‪ ،‬إذ يصح الدعاء بها وحدها‪ ،‬ويصح الداء بها‬
‫وبغيرها من الدعية معها‪ ،‬ويصح الدعاء بدونها‪ ،‬ولكن‬
‫الدعاء بالمأثور أفضل‪.‬‬

‫(‪ )117‬السؤال ‪ :‬سؤالي عن نية الدخول في الصلة‪ ،‬أحياناً‬


‫أكون مسافراً‪ ،‬وفي طريق السفر توجد أماكن للصلة‬
‫قرب محطات الوقود‪ ،‬وعندما أدخل للصلة أجد أشخاصاً‬
‫يصلون ولكنني ل أدري إن كانوا مسافرين أو مقيمين‬
‫فكيف تكون النية هنا ؟ هل أنوي القصر أم أنوي أن‬

‫‪107‬‬
‫ت المصلين في الركعة‬ ‫أصلي صلة تامة ؟ وإن وجد ُ‬
‫الخيرة فهل أستطيع أن أنوي القصر ؟‬
‫ت نية المصلين قبلك وأنهم‬ ‫(‪ )117‬الجواب ‪ :‬إن أنت عرف َ‬
‫يصلون صلة تامة فادخل في صلتك بنفس نيتهم‪ ،‬لن‬
‫م بمقيم صلى صلة تامة غير مقصورة‪،‬‬ ‫المسافر إن ائت َّ‬
‫أما إن أنت جهلت نيتهم فادخل في الصلة ناويا ً كنية‬
‫الِمام‪ ،‬ثم تصلي كما يصلي المام قصرا ً أو إتماماً‪ .‬أما‬
‫ت أنهم يصلون الركعة الخيرة فادخل في الصلة‬ ‫إن علم َ‬
‫بنية القصر لن القصر والتمام يستويان في هذه الحالة‪،‬‬
‫والقصر من المسافر أولى من التمام‪ ،‬فتصل ِّي مع المام‬
‫الركعة الولى‪ ،‬وبعد أن يُسل ِّم المام تنهض للتيان‬
‫بالركعة الثانية‪.‬‬

‫(‪ )118‬السؤال ‪ :‬في حالة الشك في قراءة الفاتحة في‬


‫الصلة وكانت هذه الحالة متكررة كثيرا ً بحيث أحيانا ً ل‬
‫ُ‬
‫يمكن الحتراز منها‪ ،‬فهل تبطل الصلة كل ّها أو الركع ُ‬
‫ة‬
‫فقط‪ ،‬وهل يمكن لمن تكون عنده هذه الحالة أن يتجاهل‬
‫ة‬‫ن حال َ‬‫أنه شك في قراءتها ويكمل صلته كالمعتاد كأ َّ‬
‫الشك لم تكن ؟‬
‫ق الشخص من أنه لم يقرأ الفاتحة في‬ ‫ُ‬
‫وفي حالة تحقّ ِ‬
‫ركعة من الركعات‪ ،‬وكان يصلي في جماعة مأموما ً فماذا‬
‫يفعل ؟ وإذا كان منفردا ً فماذا يفعل ؟‬
‫ك قراءة الفاتحة عمدا ً أو سهوا ً يُبطل‬ ‫(‪ )118‬الجواب ‪ :‬تر ُ‬
‫َ‬
‫الصلة كل ّها وليس الركعة الواحدة فقط‪ ،‬ول يفيد سجود‬
‫السهو في هذه الحالة‪ ،‬لن الفاتحة ركن في الصلة‪،‬‬
‫َ‬
‫ن تحقق المصل ِّي من‬ ‫وترك الركن يُبطل الصلة كل ّها‪ ،‬فإ ْ‬
‫أنه لم يقرأ الفاتحة في أية ركعة فقد وجب عليه الخروج‬
‫من الصلة‪ ،‬لن الصلة أصبحت باطلة‪ ،‬واستأنف الصلة‬
‫بنيةٍ وتكبير جديدين‪ ،‬سواء أكان مأموما ً أم منفرداً‪.‬‬
‫أما في حالة الشك فيُنظَر‪ ،‬فإن كان الشك بسبب‬
‫وسوسة‪ ،‬وكانت الوسوسة مرضا ً فيه ملزِما ً له‪ ،‬فأرجو‬
‫أن يقبل الله منه صلته‪ ،‬وحتى يطمئن ويحتاط لنفسه‬
‫‪108‬‬
‫يقوم بسجود السهو‪ ،‬أما إن لم يكن الشك بسبب مرض‬
‫الوسواس وكان الشك طارئا ً غير معتاد عليه فشك هل‬
‫قرأ الفاتحة أم ل‪ ،‬فقد وجب عليه قطع الصلة واستئناف‬
‫صلة جديدة‪ ،‬لن سجود السهو كما قلنا ل ينفع في هذه‬
‫الحالة‪.‬‬
‫(‪ )119‬السؤال ‪ :‬في حالة الجمع في الصلة جمع تأخير مثلً‬
‫بين المغرب والعشاء‪ ،‬إذا وصل الشخص إلى بيته من‬
‫السفر في وقت صلة العشاء وأراد أن يؤخر الصلة إلى‬
‫منتصف الليل‪ ،‬فهل يجوز له ذلك‪ ،‬أم يجب عليه أن‬
‫يصلي صلة المغرب في الحال ؟‬
‫خر صلة المغرب‬ ‫(‪ )119‬الجواب ‪ :‬يجوز لهذا الشخص أن يؤ ِّ‬
‫إلى منتصف الليل في الحالة التي ذكرتها‪ ،‬ول يجب عليه‬
‫أداء الجمع بين الصلتين في الحال‪.‬‬

‫من استيقظ‪ ،‬أو أيقظه أحد لصلة‬ ‫(‪ )120‬السؤال ‪ :‬هل يُعتبر َ‬
‫ً‬
‫الصبح لدائها فاستيقظ‪ ،‬لكنه لم يستعد ْ وعيه تماما ثم‬
‫ل‪ ،‬هل يعتبر ممن ترك الصلة‬ ‫عاد لنومه ولم يص ِّ‬
‫مد كأن يكون‬ ‫المكتوبة دون عذر شرعي أو بتقصيرٍ متع َّ‬
‫نوم هذا الشخص عميقا ً جدا ً ؟‬
‫(‪ )120‬الجواب ‪ :‬إن كان هذا الشخص ثقيل النوم ولم يعُد‬
‫إليه وعيُه عندما استيقظ أو أيقظه شخص فل يعتبر ممن‬
‫ترك الصلة المكتوبة دون عذر شرعي‪ ،‬فالصل في‬
‫ك‪ ،‬أما إن صار مدركا ً وواعيا ً ثم‬ ‫ي والِدرا ُ‬
‫التكليف الوع ُ‬
‫ل فقد وقع في الثم وإن كان ثقيل النوم‪.‬‬ ‫نام ولم يص ِّ‬

‫(‪ )121‬السؤال ‪ :‬لقد قلتم يجوز للمسلم الذي صلى المكتوبة‬


‫منفردا ً أو في جماعة أن يصلي وراء من أراد أن يصلي‬
‫ة‪ ،‬فهل يجوز أن يَعتبِر‬
‫فريضة وتُعتبر صلتُه وراءَه نافل ً‬
‫المأموم تلك الصلة صلة قضاء بدل أن يعتبرها نافلة إن‬
‫كان عليه قضاء ؟ وهل يصح هذا في صلة النافلة كصلة‬
‫التراويح مثل ً ؟‬

‫‪109‬‬
‫(‪ )121‬الجواب ‪ :‬نعم‪ ،‬يجوز للمأموم أن يعتبر تلك الصلة‬
‫م بمن يصلي الفريضة‪،‬‬ ‫صلة قضاء‪ ،‬وهذا جائز‪ ،‬سواءٌ ائت َّ‬
‫أو بمن يصلي النافلة كصلة التراويح‪.‬‬
‫(‪ )122‬السؤال ‪ :‬لقد أوضحتم أن عدم التيان بركن في‬
‫الصلة يبطلها‪ ،‬فلو التحق أحدُهم بصلة جماعةٍ‬
‫ق‪ ،‬ونسي أن يقرأ الفاتحة سرا ً في أول ركعة‬ ‫كمسبو ٍ‬
‫التحق بها في الصلة مع وجود الوقت الكافي‪ ،‬فهل تعتبر‬
‫صلته باطلة لنه نسي التيان بركن‪ ،‬أو يكفيه أن يأتي‬
‫ن المام ضامن ؟‬ ‫بركعة مع سجود السهو‪ ،‬أو نقول إ َّ‬
‫ة ول يفيده سجودُ‬ ‫(‪ )122‬الجواب ‪ :‬نعم تُعتبر صلتُه باطل ً‬
‫ق‪ ،‬ول‬
‫السهو‪ ،‬وعليه أن يبدأ الصلة من جديد كمسبو ٍ‬
‫يقال هنا إن المام ضامن‪ ،‬فالمام ل يضمن صلة باطلة‬
‫من مأموم‪.‬‬

‫مها وألفاظُها ]‬ ‫(‪ )123‬السؤال ‪ :‬جاء في البحث [ الِقام ُ‬


‫ة‪ :‬حك ُ‬
‫في الجزء الثاني من الجامع لحكام الصلة كردٍّ على‬
‫المالكية ما يلي [ إن الكتفاء بهذا النص وإِعمالَه دون‬
‫نظرٍ في سائر النصوص التي ذكرت كلمات الِقامة يجعل‬
‫الحكم الصادر بموجبه عرضة للخطأ‪ ،‬بل يجعله خطأ‪،‬‬
‫ذلك أن المالكية الذين يعتمدون على هذا النص يأخذون‬
‫ض للنص‬ ‫بتثنية التكبير‪ :‬الله أكبر‪ ،‬الله أكبر‪ ،‬وهذا معارِ ٌ‬
‫ملون النص في كلمة ( قد قامت الصلة ) ول‬ ‫فلماذا يُع ِ‬
‫يعملونه في كلمة ( الله أكبر ) ] فأقول ما يلي ‪:‬‬
‫ُ‬
‫أولً ‪ :‬إن النص الذي اعتمدته هو‪ :‬عن أنس قال‪ " :‬أ ِ‬
‫مَر‬
‫بلل أن يشفع الذان وأن يوتر القامة إل القامة "‬
‫فلماذا تعمل النص في كلمة ( قد قامت الصلة ) ول‬
‫تعمله في كلمة ( الله أكبر ) ؟ إن الصواب وفق‬
‫اعتراضك على المالكية‪ ،‬ووفق اعتمادك على الحديث‪،‬‬
‫هو أن تُوتر القامة إل القامة‪ ،‬وهذا يقتضي عدم تثنية‬
‫كلمة ( الله أكبر ) إل أنك في صيغة القامة التي اعتمدتَها‬
‫ت إِنها صحيحة راجحة‪ ،‬لم توتر كلمة ( الله أكبر ) ؟‬ ‫وقل َ‬

‫‪110‬‬
‫ثانياً ‪ :‬يُفهم من قولك [ يأخذون بتثنية التكبير ( الله أكبر‪،‬‬
‫الله أكبر ) وهذا يعارض النص‪ ] ...‬إن الشفع عندك يعني‬
‫ت إليها‬
‫التثنية‪ ،‬وبالنظر في صيغة الذان التي ذهب َ‬
‫جحتَها‪ ،‬أل وهي ( الله أكبر‪ ،‬الله أكبر‪ ،‬الله أكبر‪ ،‬الله‬ ‫ور َّ‬
‫أكبر )‪ ...‬إلخ‪ ،‬نجدك تقول بتربيع التكبير وليس بتثنيته‪،‬‬
‫وهذا يخالف حديث أنس المذكور الذي أُمر فيه بلل أن‬
‫يشفع الذان‪ ،‬والشفع عندك تثنية‪ ،‬ويناقض اعتراضك‬
‫على المالكية‪ ،‬فإن قلت إن المراد بالشفع في الذان‬
‫تثنيته‪ ،‬بطل أذانك الذي اعتمدته‪ ،‬لنك ترب ِّع فيه كلمة‬
‫ت إن المراد بالشفع‬ ‫( الله أكبر ) وهي وتر‪ ،‬أما إن قل َ‬
‫مثَنَّاة‪ ،‬بطل‬ ‫تربيعه‪ ،‬لن كلمة ( الله أكبر ) تُعَد ُّ فيه واحدة ُ‬
‫مثَنَّاة‬
‫اعتراضك على المالكية‪ ،‬لن كلمة ( الله أكبر ) ُ‬
‫واحدة فهي وتر‪.‬‬
‫ت ضمن هذه المسألة إن مالكا ً يأخذ بحديث‬ ‫ثالثاً ‪ :‬قل َ‬
‫أنس " أُمر بلل أن يشفع الذان وأن يوتر القامة "‪ ،‬ثم‬
‫لما صح الحديث عندك وفيه زيادة ( إل القامة )‬
‫اعترضت على المالكية به‪ .‬فأقول ما يلي‪ :‬إن هذا القول‬
‫غير دقيق‪ ،‬لن مالكا ً رحمه الله لم يأخذ بحديث أنس‪،‬‬
‫قال في الموطأ ( ما جاء في النداء للصلة صفحة ‪) 75‬‬
‫( فأما القامة فإنها ل تُثَنَّى‪ ،‬وذلك الذي لم يزل عليه أهل‬
‫العلم ببلدنا ) فحجة مالك إذن هي عمل أهل المدينة‪،‬‬
‫مدِّ‬
‫ل المستفيض كالصاِع وال ُ‬ ‫وعملهم فيما كان طريقَه النق ُ‬
‫ة على زيادةٍ تفَّرد بها أحد‬ ‫ة مقدَّم ٌ‬‫ن والقامةِ حج ٌ‬ ‫َ‬
‫والذا ِ‬
‫الرواة وإن كان ثقة مثل أيوب السختياني‬
‫(‪ )123‬الجواب ‪ :‬إن الخطأ عند أي فقيه هو أن يأخذ بن ٍ‬
‫ص‬
‫واحد ويترك ما عداه‪ ،‬إذ ل بد من أخذ جميع النصوص‬
‫المتعلقة بالمسألة الواحدة‪ ،‬فإن تعارضت ظاهريا ً جرت‬
‫م التوفيقُ جرت عملية‬ ‫ة التوفيق‪ ،‬فإن لم يت َّ‬‫عملي ُ‬
‫ت‬‫ت ما قل ُ‬ ‫الترجيح‪ ،‬وهنا وبحسب هذه المقدمة قل ُ‬
‫بخصوص قول المام مالك رحمه الله تعالى‪ ،‬فهو قد أخذ‬
‫بصيغة واحدة‪ ،‬ولم نره ينظُر في غيرها‪ ،‬ويبدو أن‬
‫اعتماده على هذه الصيغة إنما جاء بسبب توافقها مع‬

‫‪111‬‬
‫عمل أهل المدينة الذي يعتبره مالك حجة فجاء قولي‬
‫بتخطئة الرأي المسند للمام مالك‪.‬‬
‫أما قولي في المسألة هذه فقد جاء بإِعمال أكثَر من‬
‫ص ذكرت‬ ‫ص ذكرت القامة أنها وتر‪ ،‬ونصو ٌ‬ ‫ص‪ ،‬فنصو ٌ‬ ‫ن ٍّ‬
‫ت إلى‬ ‫القامة إحدى عشرة‪ ،‬وبإِعمال النصوص توصل ُ‬
‫الرأي الذي وجدتموه‪ ،‬ومنه أن التكبير مكَّرر في القامة‪.‬‬
‫مد هو أن‬ ‫أما بخصوص التثنية والتربيع‪ ،‬فإن الرأي المعت َ‬
‫التثنية وكذلك التربيع شفع‪ ،‬فالذان شفع والقامة وتر إل‬
‫الِقامة‪ ،‬ولول وجود نصوص ذكرت صيغة القامة إحدى‬
‫عشرة وجاء فيها تكرار التكبير لما جاز القول بتثنية‬
‫التكبير في القامة‪ ،‬فبالنظر في النصوص علمنا أن تكرار‬
‫التكبير في القامة لم يقدح في أنها وتر‪ ،‬ولذا كان التربيع‬
‫هو المشروع في الذان‪ ،‬ولو أن المام مالكا ً قد نظر في‬
‫جميع النصوص وعمل بها كل ِّها لما قلنا ما قلناه بخصوص‬
‫رأيه إذ أننا أردنا إقامة الحجة عليه من كلمه هو‪ ،‬وليس‬
‫مل النصوص الواردة‪.‬‬ ‫ج َ‬
‫م ْ‬
‫من ُ‬

‫ة في تضعيفكم لحديث المام‬ ‫(‪ )124‬السؤال ‪ :‬لدي مسأل ٌ‬


‫مسلم فقد جاء في البحث [ فضل يوم الجمعة ] في‬
‫الجزء الثاني من الجامع لحكام الصلة ما يلي [ أما‬
‫الحديث الذي ُروي عن أبي موسى الشعري بلفظ "‬
‫ت رسول الله يقول‪ :‬هي ما بين أن يجلس‬ ‫سمع ُ‬
‫ضى الصلة " رواه مسلم وأبو داود‬ ‫المام إلى أن تُق َ‬
‫َ‬
‫خَرمة‬
‫م ْ‬ ‫والبيهقي‪ ،‬فقد أعل ّه الدارقطني بالنقطاع بين َ‬
‫راوي الحديث وبين أبيه‪ ...‬ثم إن الحافظ العراقي قد‬
‫رمى هذا الحديث بالضطراب‪ ،‬فالحديث وإن ورد في‬
‫صحيح مسلم إل أنه ل يُحتج به ] فأقول ما يلي‪ :‬عن‬
‫ت مسلم بن الحجاج حديث‬ ‫أحمد بن سلمة قال ذاكر ُ‬
‫حه في‬ ‫ُ‬ ‫مخرمة هذا فقال مسلم ( هو أجود ُ حديث وأص ّ‬
‫بيان ساعة الجمعة ) ولم يقل مسلم عن هذا الحديث ما‬
‫خَرمة راويه‪.‬‬ ‫قال إل بعد علم ٍ بواقع طُُرقه‪ ،‬وبواقع َ‬
‫م ْ‬

‫‪112‬‬
‫ل بعلتين‪ :‬كونه من‬ ‫ضلت بذكره قد أُع َّ‬ ‫فالحديث كما تف َّ‬
‫رواية مخرمة عن أبيه‪ ،‬والضطراب‪.‬‬
‫خَرمة عن أبيه‪ ،‬فالقول فيها دون إِطالة إنها‬ ‫م ْ‬
‫أما رواية َ‬
‫ص على ذلك أهل‬ ‫الوجادة‪ ،‬فالرجل ثقة كما ن َّ‬ ‫من طريق ِ‬
‫الجرح والتعديل‪ ،‬وحديثه عن أبيه وجادة صحيحة كان‬
‫يتحرى القول فيها فل يقول حدَّثنا بل يعنعن‪ ،‬وفي هذا‬
‫دللة على عدالته‪ ،‬وهي رواية متصلة‪ ،‬لن الوساطة فيها‬
‫بين الراوي والمروي عنه مباشرة‪ .‬وإذا أُدرك هذا أُدرك‬
‫خَرمة عن أبيه‪،‬‬ ‫م ْ‬‫ب احتجاج مسلم في صحيحه برواية َ‬ ‫سب ُ‬
‫فهو كغيره من المحدِّثين يَعتبِر الوجادة من طرق‬
‫التح ُّ‬
‫مل‪.‬‬
‫أما دعوى الضطراب فمأتاها الختلف في الرفع‬
‫والوقف‪ ،‬إذ ُروي الحديث موقوفا ً من طرق‪ ،‬ومرفوعا ً من‬
‫خَرمة عن أبيه‪ ،‬والرد على هذا من وجهين ‪:‬‬ ‫م ْ‬‫طريق َ‬
‫ل به الحديث ويُحكَم‬ ‫ن الضطراب الذي يُع ُّ‬ ‫الوجه الول‪ :‬إ َّ‬
‫معه عليه بالضعف هو الذي ل يمكن معه ترجيح رواية‬
‫على أخرى‪ ،‬أما إن ترجحت إحدى الروايات فالضطراب‬
‫ينتفي‪ ،‬ويصبح الحديث ثابتا ً بالرواية الراجحة‪ ،‬وذلك ما‬
‫قال العراقي في ألفِيَّتِه ‪:‬‬
‫ب الحديث ما قد وردامختلفـا ً مـن واحد ٍ فأزيـدا‬ ‫مضطر ُ‬
‫خلف أما إن‬ ‫في متن أو في سندٍ إن اتَّضـحفيه تساوى ال ُ‬
‫رجح‬
‫ض الوجوه لم يكن مضطرباًوالحكم للراجـح منها وجبـا‬ ‫بع ُ‬
‫الوجه الثاني‪ :‬إن القاعدة تقول‪ :‬إذا تردد الحديث بين‬
‫حمل على الرفع‬ ‫الوقف والرسال‪ ،‬وبين الرفع والتصال‪ُ ،‬‬
‫والتصال‪ ،‬واعتُبِر ذلك زيادة َ ثقة‪ ،‬وهو ما رجحه جمهور‬
‫الصوليين والققهاء‪ ،‬وعمل به البخاري ومسلم‬
‫والمح ِّققون من علماء الحديث‪ .‬وإذا أُدرِك هذا‪ ،‬بطلت‬
‫ب احتجاج مسلم في‬ ‫دعوى الضطراب‪ ،‬وفُهم سب ُ‬
‫خَرمة عن أبيه مرفوعاً‪ .‬وعليه فإن‬ ‫م ْ‬‫صحيحه بحديث َ‬
‫الحديث الوارد في صحيح مسلم ثابت صحيح‪ ،‬فماذا ترون‬
‫؟‬
‫‪113‬‬
‫ة أن المام مسلماً‬ ‫(‪ )124‬الجواب ‪ :‬إنه لمما هو معلوم بداه ً‬
‫لم يكن لِيضعَ الحديث في صحيحه لول أنه يراه صحيحاً‪.‬‬
‫ولول وجود حديث آخر يخالف هذا الحديث لكتفينا‬
‫بتصحيح مسلم ِ له كما هو المعمول به في كتابنا‪ ،‬ولذا ل‬
‫فائدة ترجى من ذكركم لقول مسلم ( هو أجود ُ حديث‬
‫حه في بيان ساعة الجمعة ) فهو تحصيل حاصل‪،‬‬ ‫وأص ُّ‬
‫أي حديث وارد ٍ في صحيحي البخاري ومسلم إن‬ ‫ن َّ‬ ‫ولك َّ‬
‫جاء ناقد ٌ بصيٌر بالحاديث ووقع على علة فيه ظاهرة‪،‬‬
‫فآنذاك فقط نترك القول بصحة الحديث ونأخذ برأي‬
‫الناقد البصير‪ ،‬وهو ما حصل في حديثنا هذا‪ ،‬إذ وجدنا في‬
‫َ‬
‫ن حجر وأحمدُ‬ ‫ة ظاهرة ً أثبتها الدَّاَرقُطني واب ُ‬ ‫الحديث عل ّ ً‬
‫بن حنبل هي علة النقطاع‪ ،‬وقد أثبتها المام أحمد‬
‫سه‪ ،‬فماذا نقول بحديث‬ ‫خَرمة نف ِ‬‫م ْ‬
‫بطريق الرواية عن َ‬
‫ُرمي بعلة النقطاع بشكل مؤكد من علماء أفذاذٍ ثم‬
‫وجدناه يعارض حديثا ً آخر لم يُْرم بعلة ؟ الواجب عندئ ٍ‬
‫ذ‬
‫مل‬ ‫ترك هذا الحديث وعدم الحتجاج به‪ .‬أما موضوع التح ُّ‬
‫بطريق الوِجادة‪ ،‬فأقول ما يلي ‪:‬‬
‫ُ‬
‫‪ -1‬إن الذين أعل ّوا الحديث بالنقطاع يعرفون ِ‬
‫الوجادة‬
‫مل فلماذا لم‬ ‫ويعرفون أنها من طرق التح ُّ‬
‫يذكروها ؟‬
‫‪ -2‬إن نص الحديث في صحيح مسلم قد خلت روايته‬
‫الوجادة‪ ،‬فكيف نعتمد على الدعاء بوجودها‬ ‫من ذكر ِ‬
‫في هذا الحديث ؟‬
‫‪ -3‬إن الوِجادة ليست مما اتفق عليه المحدِّثون على‬
‫أنها من طرق التحمل المقبولة‪ ،‬وما اختلف عليه‬
‫المحدِّثون ل يصلح لتصحيح حديث منقطع أو حتى‬
‫لتحسينه فقد جاء في كتاب [ اختصار علوم الحديث‬
‫] لبن كثير ما يلي ( الوِجادة ليست من باب الرواية‪،‬‬
‫وإنما هي حكاية عما وجده في الكتاب‪ ،‬وأما العم ُ‬
‫ل‬
‫ة كثيرة من الفقهاء والمحدِّثين أو‬ ‫منَعَ منه طائف ٌ‬ ‫بها ف َ‬
‫ختلف عليه ل‬ ‫أكثرهم فيما حكاه بعضهم‪ ) ...‬فما ا ُ‬
‫يصلح فيصل ً في محل الخلف هنا‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫لهذه السباب الثلثة ولغيرها مما ذكرناه من قبل ل‬
‫نستطيع قبول هذا الحديث ول الحتجاج به‪.‬‬

‫(‪ )125‬السؤال ‪ :‬ما هو حكم سجود السهو في حالة ما إذا‬


‫َ‬
‫ص في جماعةٍ إماما ً الظهَر ركعتين ثم سل ّم‬
‫صلى شخ ٌ‬
‫فتذكَّر‪ ،‬سواء بنفسه أو بغيره من المأمومين‪ ،‬فهل يجب‬
‫عليه سجود السهو في هذه الحال أم هو على الندب ؟‬
‫(‪ )125‬الجواب ‪ :‬يجب عليه أن ينهض ويكبر‪ ،‬ويأتي‬
‫بالركعتين‪ ،‬ثم يسجد سجود السهو‪ ،‬فإن لم يفعل بطلت‬
‫ُ‬
‫صلته كل ّها‪ ،‬فنسيان ركعة أو ركعتين يُوجب التيان بما‬
‫سي‪ ،‬كما يُوجب سجود السهو‪.‬‬ ‫نُ ِ‬

‫(‪ )126‬السؤال ‪ :‬عندما أتوضأ أو أصلي فبكل حركة أو قول‬


‫ت فهل يجوز لي أن أبني على‬ ‫ت أو قل ُ‬
‫أشك هل فعل ُ‬
‫القل‪ ،‬يعني لو أنني شككت هل صليت ثلث ركعات أو‬
‫اثنتين أو أربعا ً في صلة الظهر مثلً‪ ،‬فهل يجوز لي أن‬
‫س في كل‬ ‫أعتبرها اثنتين ؟ وفي حال أني دائما ً موسو ٌ‬
‫ي دائما ً أن أسجد‬ ‫وضوء وفي كل صلة‪ ،‬فهل يجب عل َّ‬
‫للسهو ؟ فأنا بصراحة أصبحت دائما ً غير مستقر‪ ،‬حتى‬
‫ت موسوسا ً في العقيدة‪ ،‬فأحيانا ً أشك بأني كافر‬ ‫إني صر ُ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أو منافق‪ ،‬وهذا يؤثر سلبا في حياتي‪ ،‬وجزاك الله خيرا ؟‬
‫(‪ )126‬الجواب ‪ :‬الوسواس إن وصل إلى الدرجة التي ذكرتَها‬
‫فهو مرض‪ ،‬والمرض هذا يحتاج إلى علج عند طبيب‬
‫ص‪ ،‬ونحن هنا لسنا بصدد ِ وصف العلج للمراض لن‬ ‫مخت ٍّ‬
‫ذلك ليس من اختصاصنا‪ ،‬أما لو كان الوسواس ظاهرة‬
‫صل في نفسك لكانت تكفي فيه‬ ‫عََرضية عندك غير متأ ِّ‬
‫ة الستعاذة بالله من الشيطان الرجيم‪ ،‬ومن‬ ‫إدام ُ‬
‫وسوسته‪ ،‬وبها يزول العارض بإذن الله تعالى‪.‬‬
‫أما بخصوص سجود السهو فأقول ما يلي‪ :‬في حالة‬
‫جد للسهو ولكن ل تشدِّد‬ ‫ن على القل‪ ،‬واس ُ‬ ‫المرض اب ِ‬
‫على نفسك‪ .‬أما بمناسبة قولك ( فأحيانا ً أشك بأني كافر‬
‫أو منافق ) فأَذ ْكُر لك هذا الحديث الذي رواه أحمد " عن‬
‫‪ :‬إن الشيطان يأتي‬ ‫أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫‪115‬‬
‫أحدَكم فيقول‪ :‬من خلق السماء فيقول‪ :‬الله عز‬
‫ل‪ ،‬فيقول‪ :‬من خلق الرض‪ ،‬فيقول‪ :‬الله‪ ،‬فيقول‪:‬‬ ‫وج َّ‬
‫س أحدُكُم بشيء من هذا‬ ‫من خلق الله‪ ،‬فإذا أح َّ‬
‫َ‬
‫فليقل‪ :‬آمنت بالله وبرسله "‪ .‬فأكْثِر من ذِكْر ( آمنت‬
‫بالله وبرسله ) كلما اعتراك شك بأنك كافر أو منافق‪.‬‬
‫(‪ )127‬السؤال ‪ :‬لي سؤال عن أوقات الصلة في البلد التي‬
‫ل يُسمع فيها الذان‪ ،‬حيث أن هناك أكثر من طريقة‬
‫لحساب أوقات الصلة‪ ،‬حتى أننا نجد المساجد المتواجدة‬
‫حدة في أوقات الصلوات‪،‬‬ ‫في المدينة الواحدة غير مو َّ‬
‫ب تختلف عن غيرها‪،‬‬ ‫ة حسا ٍ‬ ‫ل مسجد منها طريق َ‬‫لتِّباع ك ِّ‬
‫فهل يجوز هذا التعدد‪ ،‬وما الدليل عليه ؟‬
‫(‪ )127‬الجواب ‪ :‬ما دامت الفروق قليلة في حدود الدقيقتين‬
‫والثلث فل يؤثر ذلك في صحة الذان والصلة مهما كثر‬
‫ت تقيس‬ ‫التعدُّد‪ ،‬إذ لم تكن عند بدء التشريع ساعا ٌ‬
‫الوقات بالدقائق وبالثواني‪ ،‬وإنما كانوا يقدِّرون الوقات‬
‫بالنظر والتقدير‪ ،‬وهو عادة ً يتفاوت من شخص لخر‪،‬‬
‫فالتعدد جائز بشرط عدم المبالغة فيه‪ ،‬كأن يزيد ربع‬
‫ساعة أو نصف ساعة مثلً‪.‬‬

‫(‪ )128‬السؤال ‪ :‬جاء في كتاب [ المغني ] لبن قدامة‬


‫ض الفاتحة في سكتة‬ ‫المقدسي ما يلي ( إذا قرأ بع َ‬
‫ت له ثم قرأ بقية الفاتحة في‬ ‫المام ثم قرأ المام فأنص ْ‬
‫السكتة الثانية فظاهر كلم أحمد أن ذلك حسن‪ ،‬ول‬
‫ت مأموٌر به فل يكون‬ ‫تنقطع القراءة بسكوته‪ ،‬لنه سكو ٌ‬
‫مبطِل ً لقراءته‪ ،‬ولنه لو أبطلها لم يستفد فائدة‪ ،‬فإنه ل‬‫ُ‬
‫يقرأ في الثانية زيادة ً على ما قرأ في الولى ) فهل‬
‫نستطيع العمل بهذا الرأي ؟‬
‫(‪ )128‬الجواب ‪ :‬الواجب على المام أن يسكت في الصلة‬
‫الجهرية قليل ً عقب الفراغ من قراءة الفاتحة حتى‬
‫يتسنى للمأمومين أن يقرأوا الفاتحة في هذه السكتة‪،‬‬
‫فإن لم يسكت المام وجب على المأمومين أن يقرأوا‬
‫سور‪ ،‬لن‬ ‫ت وال ُّ‬
‫الفاتحة فقط ولو كان المام يقرأ من اليا ِ‬
‫الصلة بدون قراءة الفاتحة باطلة‪.‬‬
‫‪116‬‬
‫ص عليه المغني‪ ،‬فيقرأ جزءا ً من‬‫ول مانع من فعل ما ن َّ‬
‫الفاتحة في السكتة عقب الفراغ من الفاتحة‪ ،‬ويقرأ‬
‫سور وأنا‬ ‫الجزء الباقي عقب الفراغ من قراءة اليات وال ُّ‬
‫ي أن يقرأ الفاتحة دفعة واحدة غير مجزأة عقب‬ ‫ب إل َّ‬ ‫أ َ َّ‬
‫ح ُّ‬
‫فراغ المام من قراءة الفاتحة سواء سكت طويل ً أو‬
‫قصيراً‪ ،‬أو لم يسكت‪.‬‬

‫(‪ )129‬السؤال ‪ :‬هل يجوز قصُر الصلة بالنسبة للمالك الذي‬


‫ج بلده يبعد عنه حوالي ‪ 50‬كيلو‬‫ة ومصنعا ً خار َ‬
‫يملك شرك ً‬
‫مترا ً ؟ وهل ينطبق على أولده ما ينطبق عليه ؟‬
‫(‪ )129‬الجواب ‪ :‬إن القامة التي تمنع القصر والجمع هي‬
‫اتخاذ المكان سكنا ً وعيشا ً فيه ديموم ٌ‬
‫ة وعقد ُ علقات‬
‫دائمية مع الناس في الجوار والبقعة‪ ،‬وهذا ظاهر في‬
‫البيوت المسكونة‪ ،‬ولكنه غير ظاهر في المصانع ولو‬
‫كانت مملوكة لصحابها‪ ،‬فصاحب المصنع وأولدُه‬
‫والموظفون وأولدُهم يصح لهم أن يجمعوا الصلوات‪،‬‬
‫ويقصروها وهم في المصنع ما دام المصنع يبعد ‪ 50‬كيلو‬
‫مترا ً كما تقول‪ ،‬ويقع خارج البلد والراضي التابعة له‪.‬‬

‫(‪ )130‬السؤال ‪ :‬لقد قلتم في جوابكم على سؤال سابق ما‬


‫يلي [ ل يجوز له الجمع والقصر لنه أقام هناك وفتح بيتاً‪،‬‬
‫ة مع غيره‪ ،‬وبهذه المناسبة فإني‬ ‫ت دائمي ٌ‬
‫وصارت له علقا ٌ‬
‫أقول إنه يجوز أن يكون للشخص الواحد إقامتان في‬
‫بلدين مختلفين‪ ،‬واحدة في بيته وبلده الصلي‪ ،‬والخرى‬
‫في مكان إقامته لطلب العلم أو للعمل ]‪.‬‬
‫ت في كتاب [ الجامع لحكام الصلة ] ما يلي‬ ‫وقل َ‬
‫[ فالمسافر يظل مسافرا ً حتى يعود لوطنه ومدينته‬
‫سكناه أو يتحول ويتخذ لنفسه وطنا ً جديدا ً ومكا َ‬
‫ن‬ ‫ومكان ُ‬
‫إقامةٍ جديدا ً يقيم فيه إقامة دائمة‪ ،‬ويظل يقصر ما دام‬
‫مسافرا ً ولو استمر سفره سنة أو أكثر ول يفقد المسافر‬
‫وصف المسافر إن هو نوى القامة المؤقتة أياما ً وأسابيع‬
‫في دار السفر‪ ،‬وحتى لو تزوج المسافر في دار سفره‬
‫‪117‬‬
‫من امرأة مقيمة هناك فإنه يظل مسافرا ً يقصر صلته إل‬
‫ح‪ ،‬لقد‬ ‫ح الشر َ‬‫إن نوى القامة الدائمة عندها فيُتِم ] الشر َ‬
‫اضطرب الفهم !‬
‫فقد كنا قد فهمنا من الكتاب أن المسافر مسافر أكان‬
‫طلبا ً للعلم أم طلبا ً للرزق أم مجاهدا ً ما دام أنه يريد‬
‫العودة إلى إقامته الصلية‪ ،‬لكنك قد فاجأتني بجوابك‬
‫ت إنه قد أصبحت له إقامتان‪ ،‬فأنا أرى‬ ‫ن قل َ‬
‫السابق بأ ْ‬
‫ت به في‬ ‫تعارضا ً بين ما قلتَه في الكتاب وبين ما أفتي َ‬
‫السؤال‪.‬‬
‫أرجو التوضيح الكامل من هو المسافر‪ ،‬ومتى يكون‬
‫الشخص مسافرا ً ؟‬
‫(‪ )130‬الجواب ‪ :‬ما جاء في الكتاب قول عام وقول صحيح‬
‫وهو ل يتناقض مع ما جاء في جواب السؤال‪ ،‬أما كيف‬
‫ح‪:‬‬‫ح الشر َ‬ ‫فإليك الشر َ‬
‫إن من يذهب للعمل في دولة وبلد خارج بلده ودولته ويقيم‬
‫هناك لن العمل هناك يقتضي القامة وينافيها الترحال يجب‬
‫ب سافر من مصر‬ ‫عليه أن يتم ول يقصر ول يجمع‪ ،‬كشا ٍ‬
‫ليعمل موظفا ً في دولة اليمن مثلً‪ ،‬فإنه يتخذ لنفسه في‬
‫اليمن بيتا ً يسكن فيه وأقامًة هناك حتى يتمكن من القيام‬
‫بوظيفته‪ ،‬ففي اليمن ل يجوز له القصر والجمع ما دام مقيماً‬
‫في بيته هناك لداء العمل‪ ،‬فإن عاد بعد عمله في إجازة‬
‫الصيف مثل ً إلى بلده مصر وإلى بيته فيها لم يجز له الجمع‬
‫والقصر‪ ،‬فهذا شخص له إقامتان‪ ،‬إقامٌة في بلده مصر‬
‫وإقامٌة في مكان عمله اليمن‪ ،‬ومثله من ذهب لطلب العلم‬
‫م في البلدين‪ ،‬لكونه مقيماً‬ ‫من مصر إلى لبنان مثل ً فإنه يُت ِ ُّ‬
‫في مصر في بيته حيناً‪ ،‬ومقيما ً في لبنان في بيته الثاني حيناً‬
‫آخر‪.‬‬
‫أما من ذهب للغزو‪ ،‬ومن ذهب للتجارة‪ ،‬ومن ذهب للسياحة‬
‫فإنه يستمر على الجمع والقصر ولو طالت مدة الغزو ومدة‬
‫التجارة ومدة السياحة أشهرا ً عدة‪ ،‬وذلك لن هؤلء لم‬
‫يتخذوا لنفسهم بيوتا ً للقامة الدائمية وإنما بقوا مسافرين‬
‫في حالة ترحال‪ ،‬فهؤلء وأمثالهم يُعتبرون مسافرين مهما‬
‫طالت مدة السفر‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫أرجو أن يكون الموضوع قد اتضح لكم‪ ،‬وأدركتم الفارق‬
‫بين الحالتين‪.‬‬

‫(‪ )131‬السؤال ‪ :‬في صلة الجنازة أربع تكبيرات‪ ،‬نقرأ‬


‫الفاتحة عقب التكبيرة الولى ونصلي على رسول الله‬
‫عقب التكبيرة الثانية‪ ،‬وندعو للميت عقب التكبيرة‬
‫الثالثة‪ ،‬والسؤال هو‪ :‬هل نقرأ أو ندعو بشيء عقب‬
‫التكبيرة الرابعة ؟ فكتاب [ الجامع لحكام الصلة ] لم‬
‫يذكر قراءة ً أو دعاءً عقب التكبيرة الرابعة في حين أن‬
‫الناس عموما ً يدعون عقب التكبيرة الرابعة‪ ،‬فما رأيكم ؟‬
‫(‪ )131‬الجواب ‪ :‬نعم إن كتاب [ الجامع لحكام الصلة ] لم‬
‫يذكر أية قراءة أو دعاء عقب التكبيرة الرابعة وذلك لنه‬
‫لم يصح عندي أي حديث بهذا الخصوص آنذاك إلى أن‬
‫جري عن‬ ‫وقع بين يديَّ مؤ َّ‬
‫خرا ً الحديث التالي " عن الهَ ْ‬
‫ت‬
‫ة لي‪ ،‬فخرج ُ‬ ‫عبد الله بن أبي أوفى قال ماتت ابن ٌ‬
‫في جنازتها على بغلة خلف الجنازة‪ ،‬فجعل النساء‬
‫يرثين‪ ،‬فقال عبد الله بن أبي أوفى‪ :‬ل ترثين‪ ،‬فإن‬
‫ُ‬
‫ض إحداكن‬ ‫رسول الله نهى عن المراثي‪ ،‬ولكن لِتُفِ ْ‬
‫من ع َبَراتِها ما شاءت‪ ،‬ثم صلى عليها فكبَّر أربعا ‪ً،‬‬
‫فقام بعد التكبيرة الرابعة كقدر بين التكبيرتين‬
‫يستغفر لها ويدعو‪ ،‬وقال‪ :‬هكذا كان رسول الله‬
‫يصنع " رواه ابن المنذر في الوسط وقال ( كان أحمد‬
‫ج‬‫ابن حنبل يرى أن يقف بعد الرابعة قبل التسليم‪ ،‬فاحت َّ‬
‫ب ذلك‬ ‫بهذا الحديث وقال‪ :‬ل أعرف شيئا ً يخالفه‪ ،‬واستح َّ‬
‫إسحق بن راهُويه ) ورواه أيضا ً الحاكم في المستدرك‬
‫جري الذي يُرمى بالضعف‬ ‫ححه‪ ،‬ودافع عن الراوي ال َه ْ‬ ‫وص َّ‬
‫جة عليه‪ ،‬فهذا الحديث يص ُّ‬
‫ح‬ ‫ح َّ‬
‫قائل ً إنهم ليست لديهم ُ‬
‫ضعِّفونه‪.‬‬ ‫ن كثيرين ي َ‬‫الخذ به‪ ،‬رغم أ َّ‬
‫وفي طبعة قادمة لكتاب [ الجامع لحكام الصلة ] إن‬
‫سرها الله لي سأُثبت هذا الحديث فيه وما يتعلق به من‬ ‫ي َّ‬
‫الدعاء عقب التكبيرة الرابعة‪.‬‬

‫(‪ )132‬السؤال ‪ :‬بالنسبة للماكن المنه ِ ّ‬


‫ي عن الصلة فيها‪،‬‬
‫قلتم إن المسجد إذا بُني لجل قبر أحد فإن الصلة تحرم‬
‫‪119‬‬
‫فيه قول ً واحداً‪ .‬ففي مدينتي تكثر المساجد القديمة التي‬
‫تجد فيها قبوراً‪ ،‬ونحن ل نعلم إن كان المسجد قد أقيم‬
‫لجل هذا القبر‪ ،‬أو أن صاحب القبر قد دفن في‬
‫ضم القبر‬‫المسجد‪ ،‬أو أن المسجد قد جرت توسعته ف ُ‬
‫إليه‪ .‬وقد سمعت من أحد علمائنا الموثوقين قولَه بحرمة‬
‫هذا العمل لكن الصلة جائزة في هذا المسجد وصحيحة‪،‬‬
‫وبذلك قالت المالكية والشافعية‪ ،‬فهل عل َّ‬
‫ي إثم إن أنا‬
‫َ‬
‫صل ّيت في هذه المساجد التي ل أعلم ما هو وضع القبور‬
‫فيها ؟‬
‫(‪ )132‬الجواب ‪ :‬يجب عليك التحري لمعرفة الحقيقة‬
‫بخصوص وضع القبور فيها‪ ،‬وأن تبذل الوسع في ذلك‪،‬‬
‫ت أن المسجد بُني على قبر أو على قبور‪ ،‬وجب‬ ‫فإن علم َ‬
‫عليك المتناع عن الصلة فيه‪ ،‬أما إن علمت أن القبر قد‬
‫م إلى المسجد فلك أن تصلي‬ ‫ض َّ‬
‫وُضع في المسجد أو ُ‬
‫فيه‪ ،‬وذلك كالمسجد النبوي في المدينة المنورة‪ ،‬فإن لم‬
‫تتوصل إلى معرفة الحقيقة فإن التقى ودفعا ً للشبهة هو‬
‫أن تمتنع عن الصلة فيه‪.‬‬
‫والصلة في المسجد المبني على القبر أو على القبور‬
‫حرام‪ ،‬بدللة قوله عليه الصلة والسلم "‪ ...‬أل فل‬
‫تتخذوا القبور مساجد‪ ،‬إني أنهاكم عن ذلك " رواه‬
‫مسلم‪ ،‬فمن صلى في بناء على قبر فقد اتخذه مسجدا‬
‫بل شك‪ ،‬ولكن الصلة مقبولة ول تجب إِعادتها‪ ،‬مثلها مثل‬
‫الصلة في الرض المغصوبة‪.‬‬

‫ة تحصل في بلدنا بين وقت‬ ‫(‪ )133‬السؤال ‪ :‬هناك مسأل ٌ‬


‫َ‬
‫متَنـ ّزهات‬
‫وآخر أل وهي تحويل كامل المقبرة إلى ُ‬
‫وحدائق عامة من قبل الدولة الطاغية فيحدث من الفتن‬
‫ما يحدث ول حول ول قوة إل بالله‪ ،‬ولديَّ بهذا الخصوص‬
‫ثلثة أسئلة هي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬هناك من المسلمين من يقيمون المساجد في هذه‬
‫الحدائق‪ ،‬ولم يكن لهذه المساجد وجود ٌ قبل ذلك فيها أو‬

‫‪120‬‬
‫بالقرب منها فهل يجوز بناء المساجد في هذه الحالة ؟‬
‫وهل تجوز الصلة فيها ؟‬
‫َّ‬
‫مصلى‪،‬‬ ‫ب‪ -‬بعض المقابر كان إلى جوارها مسجد أو ُ‬
‫فعندما حوِّلت هذه المقابر إلى حدائق عامة قام بعض‬
‫م ِ قسم ٍ من الحديقة‬ ‫المسلمين بتوسعة هذا المسجد وض ّ‬
‫المصطنعة إلى المسجد‪ ،‬فهل هذه العملية جائزة شرعا ً ؟‬
‫سع ؟‬‫وهل تجوز الصلة في هذا المسجد المو َّ‬
‫ج‪ -‬بالنسبة لعملية تحويل المقبرة إلى متنـَّزهٍ أو حديقةٍ أنا‬
‫أظن أن هذا التحويل حرام ل خلف فيه والله أعلم‪ ،‬لكن‬
‫حيِّرنا بسبب عدم توقف هذه‬ ‫هناك أمٌر ل يزال يقلقنا وي ُ َ‬
‫الدولة الكافرة عن هذا العمل المشين أل وهو نقل ُرفات‬
‫أمواتنا من المسلمين إلى مقابر أخرى جديدة‪ ،‬بعض‬
‫المشايخ قالوا إنه يجب نقل الُّرفات‪ ،‬وبعضهم قالوا بعدم‬
‫جواز نقل الُّرفات‪ ،‬وبعضهم تركوا المور لصحابها إن‬
‫شاؤوا نقلوا الُّرفات وإن شاؤوا لم ينقلوا‪ ،‬ول تسألني عن‬
‫أدلتهم فأنا ل أعرفها‪ ،‬فهل يصح شرعا ً نقل ُرفات‬
‫الموات ؟ وهل يجوز ترك ُرفات الموات في تلك الحدائق‬
‫؟ ببساطة ماذا نفعل لكي ل نقع في الحرام ؟‬
‫ة بما يلي ‪:‬‬ ‫(‪ )133‬الجواب ‪ :‬أجيب على أسئلتك مجتمع ً‬
‫أ‪ -‬يجوز نبش القبور‪ ،‬سواء كانت قبور كفار أو قبور‬
‫مسلمين‪ ،‬والدليل على نبش قبور الكفار ما جاء في‬
‫البحث [ تحويل معابد الكفار ومقابرهم إلى مساجد ] في‬
‫الجزء الثاني من الجامع لحكام الصلة [ أن رسول الله‬
‫قال‪ " :‬يا بني النجار ثامنوني بحائِطِكم هذا‪ ،‬قالوا‪ :‬ل‬
‫والله ل نطلب ثمنه إل إلى الله‪ ،‬فقال أنس‪ :‬فكان فيه‬
‫ل‪،‬‬‫ب‪ ،‬وفيه نخ ٌ‬ ‫خَر ٌ‬ ‫ما أقول لكم قبوُر المشركين‪ ،‬وفيه ِ‬
‫ب‬‫خَر ِ‬
‫فأمر النبي بقبور المشركين فنُبِشت‪ ،‬ثم بال ِ‬
‫سوِّيت‪ ،‬وبالنخل فقُطع فصفوا النخل قبلة المسجد‬ ‫ف ُ‬
‫وجعلوا عضاديته الحجارة‪ ،‬وجعلوا ينقلون الصخر وهم‬
‫يرتجزون‪ ] " ...‬رواه الشيخان وغيرهما‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫أما دليل جواز نبش قبور المسلمين فما ُروي عن جابر‬
‫ل في القبر‪ ،‬فلم‬ ‫بن عبد الله قال " دُفن مع أبي رج ٌ‬
‫يَطِب قلبي حتى أخرجتُه ودفنتُه على حدة " رواه‬
‫النَّسائي والبخاري في باب الجنائز‪ ،‬وكان ذلك عق َ‬
‫ب‬
‫حد‪ ،‬وكان والد جابر‪ ،‬وهو عبد الله بن عمرو بن‬ ‫ُ‬
‫معركة أ ُ‬
‫بأمر من رسول الله‬
‫ٍ‬ ‫جموح‬ ‫حرام‪ ،‬قد دُفن مع عمرو بن ال َ‬
‫‪ ،‬فقد جاء في سيرة ابن هشام " أن رسول الله‬
‫قال يومئذٍ حيث أمر بدفن القتلى‪ :‬انظروا إلى عمرو‬
‫جموح وعبد الله بن عمرو بن حرام‪ ،‬فإنهما كانا‬ ‫بن ال َ‬
‫متصافيين في الدنيا‪ ،‬فاجعلوهما في قبر واحد "‪.‬‬
‫فالرض إن أُخرجت منها القبور‪ ،‬أي إن نُبشت قبوُرها‬
‫صارت تصلح لبناء أي مبنى‪ ،‬ومنها المساجد‪ ،‬لن الرض‬
‫بعدئذٍ لم تَعُد ْ مقبرة‪.‬‬
‫ب‪ -‬إن المقبرة إذا درست‪ ،‬أي إذا تحللت اللحوم‬
‫والعظام فيها‪ ،‬جاز التصرف فيها بأي فعل كالزراعة‬
‫والبناء‪ ،‬ومنه بناء المساجد‪ ،‬وإنشاء الحدائق والمتنـَّزهات‬
‫ة‪ ،‬وهو ما يحصل في‬ ‫وغيرها‪ ،‬كما جاز الدفن فيها ثاني ً‬
‫مقبرة البقيع في المدينة المنورة‪ ،‬فهم يدفنون فيها‬
‫موتاهم منذ عهد الصحابة إلى اليوم‪ ،‬يدفنون الجثث‬
‫الجديدة مكان القبور الدارسة‪.‬‬
‫فالمقبرة إذا نُبشت قبوُرها‪ ،‬وأُخرجت بقايا الجثث منها‪،‬‬
‫ض ومنها‬ ‫ً‬
‫ة‪ ،‬أصبحت أرضا صالحة لي غر ٍ‬ ‫أو صارت دراس ً‬
‫بناءُ المساجد‪ ،‬وبناءُ البيوت‪ ،‬وإنشاءُ الحدائق إما إن هي‬
‫لم تدرس أو لم تُنبش قبورها فل يجوز استعمالها لغير‬
‫الدفن‪ ،‬فإن بُني فيها مسجد ٌ فل تجوز الصلة فيه‪ ،‬وإن‬
‫أنشئت عليها حديقة فل يجوز ارتيادثها‪.‬‬

‫ل المسجد على جماعة يصلون‬ ‫(‪ )134‬السؤال ‪ :‬دخل رج ٌ‬


‫العشاء في بداية الصلة‪ ،‬وقد نوى جمع المغرب مع‬
‫العشاء‪ ،‬فهل يصح أن يدخل معهم في الصلة مباشرةً‪،‬‬
‫بغض النظر عن الركعة التي هم فيها أم ينتظر أنتهاءهم‬
‫من ركعةٍ ليضمن عدم مفارقته للمام ؟ وإذا خالف‬
‫‪122‬‬
‫م في حال دخل معهم في أول ركعة يصلونها‪ ،‬فهل‬ ‫الما َ‬
‫يدخل هذا في باب العذار التي يجوز فيها مخالفة‬
‫المام ؟ وما هو حد ُّ هذه العذار ؟‬
‫(‪ )134‬الجواب ‪ :‬يدخل معهم في الصلة مباشرة‪ ،‬بغض‬
‫النظر عن الركعة التي يكونون فيها‪ ،‬لن ذلك يجعله‬
‫صل ثوابا ً أكثر‪ ،‬ول يلزمه انتظار انتهائهم من ركعة‬ ‫يح ِّ‬
‫ليضمن عدم مفارقته للمام‪ ،‬فمفارقة المام تصح بوجود‬
‫أي عذر من العذار‪ ،‬ومنها أن يكون يريد صلة المغرب‬
‫ثلث ركعات خلف إمام يصلي العشاء أربع ركعات‪ ،‬فذلك‬
‫جائز‪ ،‬ومن العذار أن يكون على عجلة من أمره‪ ،‬فيجد‬
‫المام يطيل القراءة كثيراً‪ ،‬فله أن يفارق المام‪ ،‬ومن‬
‫العذار أن يكون في حالة مدافعة البول أو البراز‪ ،‬فله أن‬
‫يفارق المام‪ ،‬أو يقطع صلته ليجدد وضوءه‪ ،‬وأمثال ذلك‪.‬‬

‫(‪ )135‬السؤال ‪ :‬تُشغل ذهني ثلثة أمور‪ ،‬لها علقة بأداء‬


‫الصلة والعبادات عموما ً وتبدو أحيانا ً غير منسجمةٍ مع‬
‫بعضها وأتساءل كيف يمكن تحقيق هذا النسجام بينها ؟‬
‫إنها قضايا التدبر والخشوع والتركيز في الصلة بعدم‬
‫شرود الذهن‪.‬‬
‫ل مرة ير ِكّز‬ ‫ن أَو َ‬
‫ل معي ٍ‬
‫إن النسان عندما يتعلم أداءَ فع ٍ‬
‫على هذا الفعل ويفكر فيما يقوله ويردده‪ ،‬ثم يتحول هذا‬
‫الداء للفعال والقوال مع التكرار بمرور الوقت إلى‬
‫عادةٍ رتيبة يقوم الشخص بأدائها تلقائيا ً وبدون انتباه‬
‫فكري كما كان الحال في المرات الولى‪ ،‬وبكلمات أخرى‬
‫يصبح المر عادة‪ .‬ومن المثلة على ذلك قيادة ُ السيارة‬
‫في المرة الولى‪ ،‬وقيادتُه لها بعد سنين‪ ،‬بحيث يقوم‬
‫السائق بأداء أعمال أخرى كالكلم وسماع الراديو في‬
‫ي تلقائي‬ ‫أثناء قيادته للسيارة‪ ،‬ويقوم بالقيادة بشكل آل ٍ ّ‬
‫كعادة معتادة‪ ،‬وكمن يحفظ الشعر ويصبح يلقيه على‬
‫المستمعين دون تفكير في معانيه‪ ،‬وكأنه يفعل ذلك‬
‫جل وكذا حافظ القرآن الكريم‪ ،‬فالمر يتحول من‬ ‫كالمس ِّ‬
‫أفعال يقوم بها الشخص ابتداءً من خلل عملية الربط‬
‫‪123‬‬
‫الفكري في الدماغ‪ ،‬إلى أفعال تتم من خلل الربط‬
‫السترجاعي مع التكرار والتعوُّد‪ ،‬بحيث ل يُلزمها التفكير‬
‫دائماً‪ ،‬أي أن الله سبحانه خلق في الدماغ القدرة على‬
‫التعود والتأقلم من خلل برمجةٍ معيَّنة في الدماغ لداء‬
‫هذا الفعل دون الحاجة إلى النتباه والتيقظ دائما ً عند‬
‫القيام بذلك‪ .‬وكثير من سلوكيات النسان يتعود عليها في‬
‫مجا ً عليها‬
‫صغره ممن حوله ومن بيئته‪ ،‬ويصبح دماغه مبر َ‬
‫بحيث يقوم بها بدون تركيز فكري أو ذهني‪.‬‬
‫ل مرة يركِّز كثيرا‬ ‫وبالنسبة لمن يتعلم أداء الصلة أو َ‬
‫على أفعاله وأقواله‪ ،‬ومع التركيز والتفكير فيها ومحاولة‬
‫التدبر لما يقرأ تتداعى معاني اليات التي يقرأها في‬
‫ذهنه‪ ،‬فيحصل له الخشوع في الصلة‪ ،‬ولكنه بعد فترة‬
‫من الزمن تدخل الصلة في طور جديد هو طور التكرار‬
‫والتعوُّد‪ ،‬ويبرمج الدماغ هذه الصلة بحيث يرتبط أداؤها‬
‫بعملية الربط السترجاعي‪ ،‬أي يتحول إلى عادة‪ ،‬وعند‬
‫ذلك يفقد المصلي التركيز في بعض الحيان ويصبح شارد‬
‫الذهن يفكر في أثناء أدائه لصلته بأمور العمل والعائلة‬
‫ومشاكل الدنيا‪ ،‬ويصبح يتذكر بعض واجباته المنسية‬
‫والتي كان عليه أداؤ ُها في أثناء هذه الصلة‪ ،‬فيفقد بذلك‬
‫التركيز فيما يقوم به‪ ،‬وبالتالي يفقد التدبر والخشوع‬
‫مين‪ ،‬فل يكاد يعي من صلته إل جزءا ً يسيرا ً منها‪.‬‬ ‫اللز َ‬
‫والسؤال هو‪ :‬هل هذا المر الذي يحدث لمعظم الناس‬
‫في أداء العبادات يفقد الشخص الذي يؤدي هذه العبادات‬
‫جزءا ً من ثوابها أم أن ذلك يؤدي إلى بطلنها ؟ أم أن‬
‫المر معفوٌّ عنه بسبب أن ذلك يحدث تلقائيا ً وبحكم‬
‫العادة وفق فطرة الله التي فطر عليها الناس ؟‬
‫وما الحكمة من أمر الرسول عليه الصلة والسلم للباء‬
‫بتعليم البناء أداءَ الصلة وهم أبناء سبع سنين وضربهم‬
‫عليها وهم أبناء عشر ؟ أل يدخل ذلك تحت الرغبة بأن‬
‫يصبح أداء العبادات عادة يتعودون عليها وهم صغار‪،‬‬
‫وبالتالي يصبح أداؤها لديهم مع كبرهم من ضمن ما‬
‫جوا عليه‪ ،‬ولكن التعوُّد يُفقد هذه العبادات التدبر‬‫م ُ‬
‫بُر ِ‬

‫‪124‬‬
‫والخشوع ؟ وكيف يمكن التغلب على شرود الذهن وقلة‬
‫التركيز والحاجة إلى التدبر والخشوع في الصلة وسائر‬
‫العبادات ؟‬
‫(‪ )135‬الجواب ‪ :‬أجيب على هذه السئلة بما يلي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬إنه لمما ل شك فيه أن حضور الذهن في الصلة‬
‫م ثواباً‪ ،‬ولكن الصلة تبقى‬ ‫ة وأعظ َ‬
‫يجعلها أرفعَ منزل ً‬
‫متقبَّلة بحضور الذهن وبعدم حضوره‪ ،‬وهناك تفاوت بين‬
‫صلة وصلة‪ ،‬يدل عليه ما رواه عمار بن ياسر رضي الله‬
‫تعالى عنه‪ ،‬قال " سمعت رسول الله يقول‪ :‬إن الرجل‬
‫سبُعُها‬ ‫سعُها ث ُ ُ‬
‫منُها ُ‬ ‫شُر صلته ت ُ ُ‬ ‫لينصرف‪ ،‬وما كُتب له إل عُ ْ‬
‫سها ُربُعُها ثُلُثُها نصفُها " رواه أبو داود‪.‬‬ ‫م ُ‬
‫خ ُ‬
‫سها ُ‬‫سد ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫صل من صلته أعظم ما‬ ‫فليجتهد المصلي في أن يح ِّ‬ ‫ْ‬
‫يستطيع‪.‬‬
‫ب‪ -‬إن الصلة ل تبطل إل بترك ركن من أركانها‪ ،‬وليس‬
‫حضور الذهن من أركان الصلة‪ ،‬كما أنها تبطل بترك شرط‬
‫من شروطها كالطهارة‪ ،‬وليس حضور الذهن من شروط‬
‫ن شرد َ ذهنُك فيها‪،‬‬ ‫الصلة‪ .‬فطب نفسا ً بأن صلتك متقبَّلة وإ ْ‬
‫وإن لم تتدبر ما تقول‪ ،‬ولكن ذلك يُفقدك بعضا ً من ثوابها‬
‫ليس غير‪.‬‬
‫ج‪ -‬الحكمة من أمر الرسول عليه الصلة والسلم للباء‬
‫ن السابعة ظاهرة ٌ من‬ ‫م البناء الصلة وهم في س ِ ّ‬ ‫تعلي َ‬
‫ناحيتين ‪:‬‬
‫‪ .1‬أن الصلة عمود الدين فل بد من الهتمام الزائد بها‬
‫والتشديد عليها‪.‬‬
‫‪ .2‬أنها ثقيلة ودائمية‪ ،‬فتحتاج إلى تدريب وتمرين عليها‬
‫منذ الصغر‪ ،‬وإل تقاعس الناس عن أدائها‪.‬‬
‫د‪ -‬إن التعود ل يُفقد الصلة الخشوع فالخشوع هو السكون‬
‫في الصلة وعدم التيان بحركات غير مشروعة فيها‪ ،‬وهذا‬
‫ممكن في حالة التعوُّد وفي غير حالة التعوُّد على السواء‪،‬‬
‫كما أن التعود ل يفقد الصلة القنوت‪ ،‬فالقنوت هو السكوت‬
‫في الصلة وعدم التكلم مع الخرين فيها‪ ،‬وهذا أيضا ً ممكن‬
‫وميسور في حالة التعود وفي غير حالة التعود على السواء‪،‬‬
‫‪125‬‬
‫إذ أن المسلم مهما تعوَّد ومهما طالت مدة صلواته يمكنه‬
‫بيسر وسهولة أن يحافظ على سكونه وعلى سكوته في‬
‫صلواته‪ ،‬فالتعود ل يتعارض مع القدرة على الخشوع في‬
‫الصلة‪.‬‬
‫ن مما يساعد المصل ِّي على التغلب على شرود‬ ‫هـ ‪ -‬إ َّ‬
‫الذهن وقلة التركيز هو أن يعمد إلى حل مشاكله الني َّ ِ‬
‫ة‬
‫أولً‪ ،‬حتى إذا فرغ منها دخل في الصلة‪ ،‬وأن يبتعد قدر‬
‫َ‬
‫المكان عن الصلة في أماكن الزحام والل ّغَط‪ ،‬وأن ل‬
‫يدخل في الصلة وهو حاقن أو حاقب‪ ،‬بمعنى أن ل يدخل‬
‫في الصلة وهو يدافع البول والغائط‪ ،‬وأن يكون ذا‬
‫ض‬
‫س واستعرا ِ‬ ‫عزيمة‪ ،‬فيقرر صرف الخواطرِ والهواج ِ‬
‫ل من ذهنه كلما طرأت وهذه تحتاج إلى تدريب‬ ‫المشاك ِ‬
‫طويل ومعاناة‪ ،‬وعليه بعد ذلك أن يرضى بما قسم الله‬
‫تعالى له من ثواب في صلته‪.‬‬

‫(‪ )136‬السؤال ‪ :‬إذا أردنا أن ننوي جمع صلتي الظهر‬


‫والعصر جمع تقديم‪ ،‬فهل تجب النية قبل أذان الظهر أم‬
‫أ َّ‬
‫ن بإمكاننا عقد َ النية بعد أذان الظهر ؟ وإذا أردنا أن‬
‫ننوي جمع صلتي الظهر والعصر جمع تأخير فمتى نعقد‬
‫النية‪ ،‬هل نعقدها قبل الذان أم يجوز عقدها بعد الذان ؟‬
‫ت أن أصلي الظهر‬ ‫أضرب مثال ً لتوضيح القصد‪ :‬إن أرد ُ‬
‫والعصر جمع تقديم في وقت الظهر‪ ،‬فهل يجب عقد النية‬
‫قبل أذان الظهر لني سأجمع العصر مع الظهر في وقت‬
‫الظهر‪ ،‬أم أنه إذا أذن للظهر ولم أكن قد نويت جمع‬
‫التقديم‪ ،‬فغير جائز الجمع ؟ وعندها يجوز فقط أن أنوي‬
‫جمع تأخير بشرط أن يكون ذلك قبل أذان العصر ؟‬
‫وطبعا ً ينطبق هذا المر على جمع صلتي المغرب‬
‫والعشاء ؟ فما رأيكم ؟‬
‫(‪ )136‬الجواب ‪ :‬إن الجمع تقديما ً وتأخيرا ً ل يحتاج إلى نية‬
‫مسبقة ل قبل الذان ول بعده‪ ،‬ول تلزمك النية إل عند‬
‫قيامك ومباشرتك الجمع‪ ،‬ذلك أن الجمع هو أداء صلة‬
‫في وقت صلةٍ أُخرى‪ ،‬وهو جائز في أول الوقت وفي‬

‫‪126‬‬
‫وسطه دون أي فارق‪ ،‬فمثل ً بعد أن يؤذن للظهر وتمر‬
‫ة‬
‫عليك نصف ساعة أو ساعة دون أن تكون عندك ني ٌ‬
‫للجمع‪ ،‬ثم تُقّرِر آنذاك أن تجمع العصر مع الظهر فلك‬
‫ذلك ول حرج‪ ،‬فالنية المسبقة ليست لزمة لجواز الجمع‬
‫تقديما ً وتأخيراً‪.‬‬

‫ت وأخبرتَنا هل الزي الشرعي من‬ ‫(‪ )137‬السؤال ‪ :‬لو تكَّرم َ‬


‫مسألة الصلة أم ل ؟ فنحن إن أردنا اعتبار المسافة من‬
‫الذقن حتى الرقبة جزءا ً من الرقبة في الوضوء فهل‬
‫يعني ذلك أنها عورة في الصلة وفي الحياة العامة ؟‬
‫أرجو أخي أن تلحظ أن هذا الجزء الذي اختلف فيه‬
‫الئمة يبدو وكأنه جزء من الوجه‪ ،‬فقد كان الرسول‬
‫صلوات ربي وسلمه عليه يخلل اللحية بالماء عند قيامه‬
‫بغسل الوجه في الوضوء مما يدل على أن اللحية وما‬
‫تحتها جزء من الوجه‪ ،‬أليس هذا دال ً على أن هذا الجزء‬
‫هو من الوجه وليس من الرقبة وبالتالي يجوز للمرأة‬
‫كشفه ؟‬
‫(‪ )137‬الجواب ‪ :‬ليس اللباس الشرعي من مسألة الصلة‪،‬‬
‫ُ‬
‫وإِن كان له تعل ّقٌ بها‪ ،‬فاللباس الشرعي هو الجلباب في‬
‫الحياة العامة‪ ،‬وهو ما يُلبس عادةً فوق الثياب‪ ،‬وهذا‬
‫الجلباب ليس بواجب على المرأة في الصلة‪ ،‬إذ تستطيع‬
‫المرأة أن تصلي بثياب البيت دون جلباب بشرط أن‬
‫يستر ما سوى الوجه والكفين‪ ،‬وأن ل يصف حجم‬
‫عظامها‪.‬‬
‫أما الرقبة فهي من العورة التي يجب على المرأة‬
‫ة ليست‬ ‫سترها‪ ،‬ول يجب غسلها في الوضوء لنها حقيق ً‬
‫من الوجه‪ ،‬فالوجه هو ما بين منبت الشعر في مقدِّم‬
‫الرأس إلى نهاية الذقن مما يظهر عادة ً فتخرج منه‬
‫الرقبة‪ .‬ويمكنك قراءة ُ ما ورد في البند السابع من البحث‬
‫[ صفة الوضوء ] في الجزء الول من الجامع لحكام‬
‫الصلة‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫(‪ )138‬السؤال ‪ :‬في حالة الصلة في مسجدٍ ذي طابقين‬
‫كالمسجد القصى مثل ً هل تجوز الصلة في الطابق‬
‫السفلي للمسجد كالمسجد المرواني والمسجد القديم‬
‫ومسجد البراق بينما يقف المام في الطابق العُلوي‬
‫للمسجد ؟‬
‫سنَّة النبوية تقضي بأن يكون المام في‬‫(‪ )138‬الجواب ‪ :‬ال ُّ‬
‫مستوى المصلين‪ ،‬وتُجيز أن يكون أسفل منهم‪ ،‬وليس‬
‫سثنَّة أن يكون المام أعلى من المصلين إل في‬ ‫من ال ُّ‬
‫حالة التعليم فحسب وقد جاء كل ذلك في الجزء الثاني‬
‫من الجامع لحكام الصلة في البحث [ أين يقف المام‬
‫من المأمومين ] ولذا فإن صلة المصلين في المسجد‬
‫م أعلى‬‫المرواني والمسجد القديم ومسجد البراق والما ُ‬
‫سنَّة فقط‪ ،‬وليس على التحريم‪ ،‬وعليه‬‫منهم هو خلف ال ُّ‬
‫فإنه ل إثم على من صلى في المسجد التحتاني‪ ،‬وصلته‬
‫جائزة‪.‬‬

‫(‪ )139‬السؤال ‪ :‬في حالة الصلة في مسجدٍ‪ ،‬كالمسجد‬


‫القصى أيضاً‪ ،‬هل يجوز للمتأخر كي يلتحق بصلة‬
‫الجماعة أن يبدأ صلته فور دخوله ساحة المسجد‪ ،‬ثم‬
‫يمشي وهو في الصلةِ حتى يصل إلى الصفوف‪ ،‬ويكون‬
‫بينه وبين المام نساء‪ ،‬ولكن بشكل غير مباشر ؟ علماً‬
‫بأن المسافة التي تفصل أول المسجد إلى أخره تزيد‬
‫على ‪ 300‬متر ؟‬
‫(‪ )139‬الجواب ‪ :‬تجد الجابة في البحث [ صلة الرجل وحده‬
‫خلف الصفوف ] في الجزء الثاني من الجامع لحكام‬
‫ل‬
‫الصلة‪ ،‬وأن هذا الفعل مكروه فقط‪ ،‬وليس بمبط ٍ‬
‫للصلة بشرط أن يمشي حتى يدخل في صفوف الرجال‪،‬‬
‫أما إن صلى وحده فصلته باطلة‪ ،‬وحيث أن المسافة بينه‬
‫وبين آخر صفوف الرجال ربما تصل إلى مائة وخمسين‬
‫َ‬
‫أو مائتين وهي مسافة تجعله يقضي صلتَه كل ّها قبل أن‬
‫يصل إلى صفوف الرجال‪ ،‬وبالتالي يُعتبر قد صلى منفرداً‬

‫‪128‬‬
‫بعيدا ً عن الصفوف‪ ،‬فإ ِ َّ‬
‫ن صلته تعتبر باطلة تجب عليه‬
‫إعادتها‪.‬‬

‫(‪ )140‬السؤال ‪ :‬ما هي الكيفية التي يفارق فيها المأموم‬


‫المام ؟ هل تكون بالتسليم أو بغيره ؟‬
‫(‪ )140‬الجواب ‪ :‬يفارق المأموم المام بالتسليم أو بالنية‪ ،‬أما‬
‫بالتسليم فيكون عند إِتمام صلته هو‪ ،‬وأما بالنية فيكون‬
‫عندما يريد أن يتم صلته وحده دون أن يتابع المام لعذرٍ‬
‫طبعاً‪ ،‬كأن يكون في عجلة من أمره‪ ،‬أو يشعر بوجع‬
‫شديد فيصلي بقية صلته منفردا ً ليُسرِع فيها‪ ،‬ول يقوى‬
‫على متابعة المام‪.‬‬

‫(‪ )141‬السؤال ‪ :‬ما هي الكيفية التفصيلية لرفع اليدين في دعاء‬


‫القنوت في صلة الوتر ؟‬
‫(‪ )141‬الجواب ‪ :‬تجدون كيفية الدعاء في البند الخامس من‬
‫البحث [ الدعاء ] في الجزء الول من كتاب الصلة هكذا‬
‫[ أن يرفع يديه إذا دعا جاعل ً باطن كفيه تجاه وجهه‪ ،‬وأن‬
‫ل يجاوز بهما وجهه‪ ،‬وإذا فرغ من الدعاء مسح بهما وجهه‬
‫] وتجدون في هذا البحث الدلة على هذه الكيفية‪.‬‬
‫(‪ )142‬السؤال ‪ :‬قلتم في جواب سؤال سابق ما يلي‬
‫[ والمسافر هو من خرج من بلده ومن الراضي التابعة‬
‫لبلده ] وقد جاء السؤال عن مسافة القصر والفطار‪،‬‬
‫فما المقصود بالراضي التابعة لبلده ؟‬
‫مع‬‫(‪ )142‬الجواب ‪ :‬البلد هو المدينة أو القرية أو المج َّ‬
‫السكني الذي يعيش فيه الشخص‪ ،‬وهذا واضح تماماً‪ ،‬أما‬
‫الراضي التابعة لبلده فهي الراضي المملوكة لسكان‬
‫البلد يتخذونها للزراعة‪ ،‬ويتخذون منها أماكن ومزارع‬
‫للترويح عن النفوس‪ ،‬ويقيمون عليها مصانع ومشاغل‬
‫ومرافق وغير ذلك‪ ،‬فهؤلء في مدنهم وقراهم‬
‫معاتهم السكنية وفي أراضيهم هذه ل يُعتبرون‬ ‫ومج َّ‬
‫م ل يجوز لهم الجمع والقصر إل إن هم‬ ‫مسافرين‪ ،‬ومن ث َّ‬
‫‪129‬‬
‫غادروها ودخلوا في بلدان وأراضي غير بلدانهم وأراضيهم‬
‫مهما بعدت أو قربت‪.‬‬
‫ومن اتخذ مصنعا ً أو مزرعة للترويح عن النفس خارج‬
‫بلده وخارج الراضي التابعة لبلده فهو مسافر إن خرج‬
‫صر ويجمع‪.‬‬
‫إليها‪ ،‬في َ ْق ُ‬

‫صقون‬ ‫(‪ )143‬السؤال ‪ :‬تلحظون معي أن بعض المصل ِّين يُل ِ‬


‫مهم بأقدام غيرهم من المصلين‪ ،‬فإن تضايق‬ ‫أقدا‬
‫َ ُّ‬
‫المصلون من ملمسة أقدامهم بأقدام هؤلء فأبعدوا‬
‫أقدامهم قليل ً عاد هؤلء إلى وضع أقدامهم على أقدامهم‬
‫ولو تكرر ذلك عدة مرات‪ ،‬فهل هذا الفعل مشروع‪ ،‬وما‬
‫حكمه ؟‬
‫م حرفي لما ورد في الحاديث من‬ ‫(‪ )143‬الجواب ‪ :‬هو فه ٌ‬
‫سدُّوا الخلل " و " ول‬ ‫مثل " رصوا صفوفكم " و" ُ‬
‫ت للشيطان " وغيرها‪ ،‬وقد اعتدى كثيرون‬ ‫تَذ َروا فُُرجا ٍ‬
‫على النصوص ممن ل علم لهم بها ول يفقهون دللتِها‬
‫فصاروا يقرأونها ويستنبطون منها الحكام وكأنهم‬
‫مجتهدون رغم أنهم أو كثيرا ً منهم ل يحسنون قراءة‬
‫النصوص بلغة سليمة وهذا ما شاهدته وسمعته بنفسي‪،‬‬
‫هداهم الله وغفر لهم‪.‬‬
‫ل وآخر تكفي‬ ‫إن المطلوب هو عدم بقاء فُُرجةٍ بين مص ٍّ‬
‫ل‪ ،‬إذ ل يجوز أن تكون بينك وبين من يجاورك‬ ‫لوقوف مص ِّ‬
‫ل آخر‪ ،‬لن الصف‬ ‫ة تكفي لوقوف مص ٍّ‬ ‫في الصلة فسح ٌ‬
‫ص في ذلك‪ .‬أما‬ ‫ً‬
‫آنئذٍ يصبح مقطوعا‪ ،‬وهو حرام لورود ن ٍّ‬
‫ل‪،‬‬‫إن كان ما بينك وبين من يجاورك ل يكفي لوقوف مص ٍّ‬
‫فالصف متصل غير مقطوع‪ ،‬ول إثم في ذلك‪ ،‬كأن تكون‬
‫ة سنتمترات أو عشرة‬ ‫بين قدمك وقدم من يجاورك خمس ُ‬
‫صوا صفوفكم " ل يُفهم‬ ‫سنتمترات‪ .‬فقول الحديث " ُر ُّ‬
‫منه التصاق القدم بالقدم‪ ،‬انـظر إلى قوله تعالى { إ ِ َّ‬
‫ن‬
‫َ‬
‫ص َّفاً كأنَّهُم بُنيا ٌ‬
‫ن‬ ‫ن يُقاتِلون في سبيلِهِ َ‬
‫ب الذي َ‬‫ح ُّ‬
‫ه يُ ِ‬
‫الل َ‬
‫ص } فقوله { بنيان مرصوص } ل يفهم منه‬ ‫مرصو ٌ‬
‫قطعا ً التصاق المقاتل بالمقاتل في المعركة‪ ،‬فذلك‬
‫‪130‬‬
‫مستحيل‪ ،‬بل هو يُعيق القتال‪ ،‬وهو غير مشروع‪ ،‬وهو ما‬
‫ل تطلبه الية الكريمة‪ ،‬فقل مثل ذلك بخصوص قول‬
‫صفوفكم )‪.‬‬ ‫صوا ُ‬‫الحديث ( ُر ُّ‬

‫(‪ )144‬السؤال ‪ :‬يُلحظ أن بعض أئمة المساجد يدعون دعاءَ‬


‫مِع بأُسلوب ترتيل القرآن بحيث‬ ‫ج َ‬‫ب ال ُ‬‫خط َ ِ‬
‫القنوت وفي ُ‬
‫يظن السامع من بعيد أنهم يقرأون القرآن‪ ،‬فهل يجوز‬
‫هذا ؟ أي هل يجوز أن يُقرأ َ الدعاء كما يُقرأ ُ القرآن ؟‬
‫ميَّز القرآن عن غيره من الكلم‬ ‫(‪ )144‬الجواب ‪ :‬يجب أن ي ُ َ‬
‫ن على الناس بغيره‬ ‫بالتجويد والترتيل وإل اختلط القرآ ُ‬
‫من الكلم‪ ،‬وهو غير جائز‪ ،‬فالقرآن وحده يُرتَّل ويُجوَّدُ‪،‬‬
‫ة دون تجويد ودون ترتيل‪.‬‬ ‫وما سواه يُقرأ قراءة ً عادي ً‬

‫ن الصلة في السروال‪،‬‬ ‫ض الناس إ َّ‬ ‫(‪ )145‬السؤال‪ :‬يقول بع ُ‬


‫أي البنطال‪ ،‬غير جائزة مستشهدين على هذا الحكم بما‬
‫روى عبد الله بن بُريدة عن أبيه قال " نهى رسول الله‬
‫ح به‪ ،‬والخَر أن يصل ِّي‬ ‫ش ُ‬ ‫ف ل يَتَو َّ‬
‫أن يصل ِّي في لحا ٍ‬
‫في سراويل وليس عليه رداءٌ " رواه أبو داود‬
‫ح؟‬
‫والطبراني‪ .‬فهل هذا الحكم صحي ٌ‬
‫ل الحديث‬ ‫(‪ )145‬الجواب‪ :‬كل هو حكم غير صحيح‪ ،‬ول يد ُّ‬
‫حرمة الصلة في‬ ‫ل بهذا الحديث على ُ‬ ‫عليه‪ ،‬ومن استد َّ‬
‫السروال أو البنطال فقد أخطأ‪ .‬وأُلفت النظر بهذه‬
‫ن هناك ناسا ً لم يبلغوا درجة العلم‬ ‫المناسبة إلى أ َّ‬
‫َ‬
‫الشرعي ول علم اللغة يتسل ّقون حصن الفقه‪ ،‬ويقومون‬
‫بقراءة اليات الكريمة والحاديث النبوية ثم يستنبطون‬
‫منها أحكاما ً غير صحيحة ينشرونها بين الناس‪ ،‬فلْيحذْر‬
‫هؤلء من فِعالهم هذه‪ ،‬ولْيحذْر من يستمعون إليهم‬
‫ويقلدونهم من الوقوع في الحرام وهم يظنُّون أنهم على‬
‫ق‪.‬‬
‫ب وح ٍ ّ‬
‫صوا ٍ‬
‫هذا الحديث ورد في غير الموضوع الذي يظنونه‪ ،‬وبالتالي‬
‫حرمة الصلة في‬ ‫ة على ُ‬ ‫فهذا الحديث ليست فيه دلل ٌ‬
‫‪131‬‬
‫السروال أو البنطال‪ ،‬وإنما الموضوع الذي قيل فيه هذا‬
‫ل فقط‪ ،‬تاركاً‬ ‫الحديث هو صلة الرجل عاريا ً إل من سروا ٍ‬
‫ظهره وصدره وكتفيه دون ستر وغطاء‪ .‬هذه هي الحالة‬
‫التي تناولها الحديث‪ ،‬فالشرع نهى الرجل عن الصلة‬
‫وكتفاه عاريان ليس عليهما شيء من الثياب‪ ،‬لقوله عليه‬
‫الصلة والسلم " ل يصل ِّي أحدُكم في الثوب الواحد‬
‫ليس على عاتقيه منه شيء " رواه مسلم من طريق‬
‫ن‬
‫أبي هريرة فجاء حديثنا يعالج هذه المسألة‪ ،‬وبمعنى ثا ٍ‬
‫فإن هذا الحديث وكذلك حديث مسلم أعله جاءا في‬
‫ل فقط يستر العورة‪ ،‬وإنما‬ ‫موضوع عدم الصلة بسروا ٍ‬
‫لُ‬ ‫ً‬
‫ب احتياطا‪ ،‬ول يد ّ‬ ‫بما يزيد على ما يستر العورة من ثيا ٍ‬
‫الحديثان مطلقا ً على عدم جواز الصلة في السراويل‪.‬‬
‫ن لبس الرجل قميصا ً وبنطالً‬ ‫وعلى هذا أقول ما يلي‪ :‬إ ْ‬
‫وصلى فيهما فصلته صحيحة تامة‪ ،‬أما إن خلع القميص‬
‫وصلى في البنطال فقط فقد خالف الهدي النبوي الوارد‬
‫في جديثنا‪ .‬وهذا الحكم واضح في لفظ حديث أبي داود "‬
‫والخَر أن يصل ِّي في سراويل وليس عليه رداء "‬
‫فالنهي ليس عن الصلة في السراويل‪ ،‬وإنما جاء النهي‬
‫عن القتصار على لبس السراويل فقط‪ ،‬والفارق واضح‬
‫م ما جاء في رواية‬ ‫بين الموضوعين‪ ،‬ويؤكد هذا الفه َ‬
‫الطبراني في المعجم الوسط بلفظ‪ :‬عن عبد الله بن‬
‫ن رسول الله نهى أن يصل ِّي‬ ‫بريدة عن أبيه " أ َّ‬
‫ل في السراويل ليس عليه غيره " وهو لفظ بالغ‬ ‫الرج ُ‬
‫الوضوح على ما نذهب إليه‪ .‬وانظر في كتاب [ عون‬
‫المعبود شرح سنن أبي داود ] لبي الطيب العظيم آبادي‬
‫خَر أن يُصل ِّي في سراويل وليس‬ ‫لِتجد َ فيه ما يلي ( وال َ‬
‫عليه رداء‪ ،‬لنه ينكشف حينئذ ٍ عاتقه ول بد من ستره إذا‬
‫ن أحدُكم في الثوب ليس‬ ‫قدر عليه‪ ،‬قال " ل يصلي َّ‬
‫على عاتقه شيء " رواه البخاري ) وانظر شرح النووي‬
‫لصحيح مسلم ( قوله " ل يصلي أحدكم في الثوب‬
‫الواحد ليس على عاتقه منه شيء " قال الحكماء‪:‬‬
‫حكمتُه أنه إذا اتزر به ولم يكن على عاتقه منه شيء لم‬
‫‪132‬‬
‫من أن تنكشف عورتُه بخلف ما إذا جعل بعضه على‬ ‫يُؤ ْ َ‬
‫عاتقه )‪.‬‬
‫ة على جواز لبس السراويل والحج‬ ‫ة قاطع ً‬
‫ل دلل ً‬ ‫ومما يد ُّ‬
‫فيها والصلة ما روى أحمد بإسناد ٍ صحيٍح والترمذي‬
‫س قال‪ :‬خطب رسول‬ ‫والبخاري من طريق ابن عبا ٍ‬
‫م إزاراً فلْيلب ْ‬
‫س‬ ‫محرِ ُ‬
‫الله وقال " إذا لم يجد ال ُ‬
‫السراويل وإذا لم يجد النعلين فلْيلبس الخفين " وروى‬
‫ص‬
‫البخاري تحت عنوان [ باب الصلةِ في القمي ِ‬
‫ل‬‫والسراويل ] من طريق أبي ُهريرة قال " قام رج ٌ‬
‫إلى النبي فسأله عن الصلةِ في الثوب الواحد ؟‬
‫ل عمر فقال‪:‬‬ ‫فقال‪ :‬أ َ َو كلُّكُم يجد ثوبين ؟ ثم سأل رج ٌ‬
‫ل عليه ثيابه‪ ،‬صلى‬ ‫سعوا‪ ،‬جمع رج ٌ‬ ‫سع الله فأو ِ‬ ‫إذا و َّ‬
‫إزار وقباء‪،‬‬‫ٍ‬ ‫ص‪ ،‬في‬ ‫إزار ورداءٍ‪ ،‬في إزارٍ وقمي ٍ‬ ‫ٍٍ‬ ‫ل في‬ ‫رج ٌ‬
‫ص‪ ،‬في‬ ‫ل وقمي ٍ‬ ‫ل ورداءٍ‪ ،‬في سراوي َ‬ ‫في سراوي َ‬
‫ب يحيط بالنصف‬ ‫سراويل وقباء ‪ " ...,‬قوله إزار‪ :‬هو ثو ٌ‬
‫س فوق الثياب‬ ‫السفل من البدن‪ .‬والرداء‪ :‬هو الذي يُلب َ ُ‬
‫كالعباءةِ‪ .‬والقَبَاء‪ :‬هو الرداء‪ .‬والتُّبَّان‪ :‬هو السروال القصير‬
‫إلى الركبة يستر العورة‪ .‬فلبس السراويل والصلة ُ فيها‬
‫م مشهور عند المسلمين ل‬ ‫ج فيها‪ ...‬إلخ أمٌر معلو ٌ‬ ‫والح ُّ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ينكره ُ إل جاهل بأمور الشرع ‪ ,‬أو متنطعٌ ‪ ,‬والتنط ُ‬
‫ع‬
‫مذموم جدا ً في شرع الله سبحانه لما روى أحمد بإسنادٍ‬
‫صحيٍح وأبو داود والطبراني من طريق عبد الله بن‬
‫مسعود ٍ عن النبي قال " أل هلك المتنط ِّعون –‬
‫ث مرارٍ "‪.‬‬ ‫ثل َ‬
‫ن حكم ارتداء القميص أو الرداء‬ ‫وأقول أخيرا ً ما يلي‪ :‬إ َّ‬
‫الساتر للمنكبين أو الكتفين أو العاتقين مع السروال أو‬
‫البنطال هو الندب والستحباب وليس التحريم‪ ،‬وهو ما‬
‫ذهب إليه أبو جنيفة ومالك والشافعي وهو ما أذهب أنا‬
‫إليه‪ ،‬وتجدونه في بحث [ الثوب في الصلة ] في الجزء‬
‫الثاني من الجامع لحكام الصلة‪ .‬وقد انفرد المام أحمد‬
‫وبعض السلف بالقول ل تصح صلته إذا قدر على وضع‬

‫‪133‬‬
‫شيء على عاتقه إل بوضعه‪ .‬وعن أحمد رواية أخرى تصح‬
‫صلته ولكن يأثم بتركه‪.‬‬
‫ونعود للسؤال وهو‪ :‬ما حكم الصلة في السروال أو‬
‫البنطال ؟ والجواب عليه هو الجواز والصحة والقبول دون‬
‫ة فحسب إن صلى الرجل‬ ‫أية كراهة‪ ،‬وإنما تحصل الكراه ُ‬
‫ل فقط وترك سائر بدنه عاريا ً مكشوفاً‪.‬‬ ‫في بنطا ٍ‬
‫ن جار المسجد ل يجوز له أن يصلي‬ ‫(‪ )146‬السؤال‪ :‬هل صحيح أ َّ‬
‫في غير المسجد ؟ وما قولكم في الحديث المشهور " ل‬
‫صلةَ لجار المسجد إل في المسجد " ؟‬
‫ل على ألسنة الناس‪ ،‬إل أنه‬ ‫متداوَ ٌ‬
‫ث ُ‬ ‫(‪ )146‬الجواب‪ :‬هذا حدي ٌ‬
‫ل ول للحتجاِج‪ ،‬وقد‬ ‫ح للستدل ِ‬ ‫ف جدا ُ وواهٍ‪ ،‬فل يصل ُ‬ ‫ضعي ٌ‬
‫رواه الدَّاَرقُطني والحاكم والبيهقي والطبراني من طريق‬
‫أبي هريرة ‪ ،‬ورواه أيضا ً الدَّاَرقُطْني والبيهقي موقوفاً‬
‫حبَّان من طريق أُم المؤمنين‬ ‫على علي ‪ ،‬ورواه ابن ِ‬
‫عائشة ا‪ ،‬وكلُّها ُرويت بأسانيد َ ضعيفةٍ وواهيةٍ‪ ،‬فتتر ُ‬
‫ك‬
‫ن صلة المرء في بيته وفي‬ ‫ت إليها‪ .‬وعليه فإ َّ‬ ‫كلُها ول يُلتف ُ‬
‫ة من‬ ‫ل عمله وفي مزرعتِه جائزةٌ ولو كانت قريب ً‬ ‫مح ِّ‬
‫ن الصلة َ في المسجد أكثُر ثوابا ً وأعظ ُ‬
‫م‬ ‫المسجد‪ ،‬إل أ َّ‬
‫أجراً‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫البـــاب الثـالــث‬
‫الصيــام‬
‫ح وخرج منه البلغم‬ ‫(‪ )1‬السؤال ‪ :‬هل المصاب بكَحةٍ وهو صائم فك َّ‬
‫فشربه‪ ،‬هل يفطر ؟‬
‫(‪ )1‬الجواب ‪ :‬شرب البلغم وبلعُه ل يفطر الصائم إل في‬
‫خلُه‬
‫حالة واحدة هي أن يخرج البلغم من الفم ثم يُد ِ‬
‫ن بلْعه ل‬ ‫فيبلعه‪ ،‬أما ما دام البلغم في داخل الفم فإ َّ‬
‫يفط ِّر الصائم‪ ،‬فالشرع يرفع الحَرج‪.‬‬

‫(‪ )2‬السؤال ‪ :‬إذا قبَّل الرجل زوجته وهو صائم فشعر‬


‫بشيء من اللذة دون أن يخرج منه شيء‪ ،‬فهل يفطر ؟‬
‫وإذا خرج منه شيء فهل يفطر ؟ علما ً بأنه يكون رغم‬
‫إرادته ؟‬
‫(‪ )2‬الجواب ‪ :‬قُبلة الزوِج لزوجته ل تفط ِّر الصائم ول‬
‫ن خرج منه‬ ‫الصائمة ولو شعر أحدهما أو كلهما باللذة‪ ،‬فإ ْ‬
‫ل فرجه ثم الوضوءُ‬ ‫مذي بقي صيامه صحيحا ً ويكفيه غس ُ‬
‫فقط‪.‬‬

‫ة على‬ ‫(‪ )3‬السؤال ‪ :‬إذا أفطرت المرضع في رمضان خشي ً‬


‫ل يوم ٍ بيومه‪،‬‬ ‫طفلها‪ ،‬فهل يجب عليها أن تطعم مسكينا ً ك َّ‬
‫جها في آخر رمضان لعدم‬ ‫خر َ‬
‫أم يجوز لها أن تجمعها وت ُ ْ‬
‫معرفتها بالمساكين الموجودين في مدينتها ؟ وهل يجوز‬
‫إخراجها لبلد آخر فيه مساكين معروفون ؟‬
‫سع عليها‪ ،‬فيجوز أن تطعم‬ ‫(‪ )3‬الجواب ‪ :‬وقت الطعام مو َّ‬
‫مسكينا ً يوما ً بيوم‪ ،‬ويجوز أن تطعم الجميع في آخر‬
‫رمضان‪ ،‬ويجوز إخراج الصدقة في بلد آخر‪ ،‬إل أ َّ‬
‫ن‬
‫إخراجها في بلدها أفضل‪.‬‬
‫(‪ )4‬السؤال ‪ :‬إذا أفطرت المرأة أياما ً من رمضان لعذر‬
‫شرعي‪ ،‬وبعد رمضان كانت تصيبها آلم في الرأس تزداد‬
‫‪135‬‬
‫مع الصوم فتضطر للفطار ولو لجل أخذ حبة دواء‪ ،‬ثم‬
‫جاء رمضان التالي قبل أن تقضي ما عليها‪ ،‬فهل يجب‬
‫عليها أن تعيد ما فاتها‪ ،‬فتصوم وتخرج كفارة عن‬
‫التأخير ؟ وإذا كان الجواب باليجاب فكم قيمة هذه‬
‫الكفارة عن اليوم الواحد ؟‬
‫(‪ )4‬الجواب ‪ :‬إذا كانت هذه المرأة ل تستطيع الصيام‪ ،‬لن‬
‫ة في رأسها فل يجب عليها‬ ‫الصيام يسبب لها آلما ً مبّرِح ً‬
‫أن تقضي ما فاتها من صيام وفي هذه الحالة فليس‬
‫عليها سوى إخراج الكفارة عن اليام التي أفطرتها‪،‬‬
‫والكفارة هي مقدار الطعام الذي تأكله هي أو أحد أفراد‬
‫عائلتها عند إفطارها وعند سحورها‪ ،‬وصاحبة الكفارة هي‬
‫القدر على تقدير ثمن طعامها هي في وجبتي الفطار‬
‫والسحور‪ ،‬فتخرج هذا الطعام‪ ،‬أو تخرج ثمنه لفقير عن‬
‫كل يوم أفطرته‪.‬‬
‫أما إن كان وجع الرأس محتمل ً يمكن الصبر عليه فإن‬
‫م التي ل يصيبها وجع‬ ‫ة اليا َ‬‫عليها أن تقضي ما فاتها متحّرِي ً‬
‫الرأس فيها إن هي صامتها‪ ،‬أو بقاء الوجع المحتمل‪،‬‬
‫ل رمضان جديد‪ ،‬ول‬ ‫خرت القضاء إلى أن ح َّ‬ ‫وتأثم إن هي أ َّ‬
‫تلزمها الكفارة ُ بسبب التأخير هذا‪.‬‬
‫(‪ )5‬السؤال ‪ :‬في الماضي كنت أحلف كثيرا ً على ابنتي‪ ،‬إن‬
‫ن بها كذا‪ ،‬وكنت عندما يزول عني‬ ‫هي فعلت كذا لفعل َّ‬
‫الغضب أتراجع عن فعل ما حلفت عليه‪ ،‬لن تركه أولى‪،‬‬
‫حتى أصبحت الن ل أعلم كم يمينا ً حلفت لخرج كفارة‬
‫لها أو أصوم بدلها‪ ،‬فهل أُخرج كفارة مالية أو أصوم أياماً‬
‫ي الزيادة من باب الحيطة ؟‬ ‫أقدرها تقديراً‪ ،‬وهل تجب عل َّ‬
‫(‪ )5‬الجواب ‪ :‬قال تعالى في سورة المائدة ‪ { 89‬ل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫خذ ُكم بما‬
‫ن يُؤ َا ِ‬
‫م ولك ِ ْ‬ ‫ه بالل ّغ ِ‬
‫ْو في أيْمانِك ُ ْ‬ ‫خذ ُكُم َالل ُ‬ ‫يُؤ َا ِ‬
‫ن‪ } ...‬فهذه الية جعلت اليمان صنفين‪:‬‬ ‫م اليما َ‬ ‫عَقَّدْت ُ ُ‬
‫يمين اللغو ويمين العقد‪ ،‬أما يمين اللغو فل كفارة لها‬
‫د‬
‫وهي اليمين التي درجت على ألسنة الناس دون قص ٍ‬
‫هل‬‫ه لفعل )‪ ( ،‬ووالل ْ‬
‫ودون إرادةِ اليمين‪ ،‬كقوله (والل ْ‬
‫ك‬
‫أفعل ) بتسكين الهاء في لفظ الجللة‪ ،‬فإن كانت أيمان ُ ِ‬
‫من هذا الصنف فل كفارة عليك‪.‬‬
‫أما اليمين التي توجب الكفارة عند الحنث فهي يمين‬
‫َ‬
‫ن} وهي اليمين التي قصد قائلها‬ ‫العقد { عقَّدْتُم الي ْ َ‬
‫ما َ‬
‫‪136‬‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫إيقاع َها وتع َّ‬
‫مد ذلك كقوله ( واللهِ العظيم ) أو ( أقس ُ‬
‫ك من هذا الصنف فعليك‬ ‫َ‬
‫باللهِ العظيم ) فإن كانت أيمان ُ ِ‬
‫الكفارة‪ ،‬وهي إطعام عشرة مساكين‪ ،‬وإني لرجو أن‬
‫تكون كفارة ٌ واحدة تكفي عند تعدد اليمان السابقة‪.‬‬

‫(‪ )6‬السؤال ‪ :‬امرأة ٌ تعمل رِجيما ً كما يقولون‪ ،‬فتقلل من‬


‫تناول الطعام‪ ،‬هل يجوز لها أن تصوم تطوعا ً من أجل‬
‫إنقاص وزنها أم يجب أن تكون النية خالصة لوجه الله‬
‫ض آخر ؟‬ ‫دون أي غر ٍ‬
‫(‪ )6‬الجواب ‪ :‬يجوز للمرأة هذه أن تصوم تطوُّعاً‪ ،‬قاصدةً‬
‫ص الوزن معا ً ول ضير في ذلك بشرط أن‬ ‫الثواب وإنقا َ‬
‫تنوي الصوم وتستكمل شروطه‪ ،‬ثم بعد ذلك تقصد‬
‫مها صحيحا ً مقبولً‪ ،‬فالله‬ ‫ص وزنها‪ ،‬ويكون صيا ُ‬ ‫إنقا َ‬
‫ْ‬
‫ج يأتُو َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫س بالح ِ ّ‬ ‫ن في النا ِ‬ ‫سبحانه وتعالى يقول { وأذِّ ْ‬
‫ن ك ُ ِّ‬ ‫ْ‬ ‫جالً وعلى ك ُ ِّ‬
‫ق‪¤‬‬ ‫مي ٍ‬ ‫ل فَ ٍ ّ‬
‫ج عَ ِ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِ‬
‫مر يأتي َ‬ ‫ل ضا ِ ٍ‬ ‫رِ َ‬
‫َ‬
‫م اللهِ في أي َّ ٍ‬
‫ام‬ ‫منَافِعَ لهم ويَذ ْكُروا ا ْ‬
‫س َ‬ ‫شهَدوا َ‬‫لِي َ ْ‬
‫ت‪ } ...‬اليتان ‪ 28 ،27‬من سورة الحج‪.‬‬ ‫معْدُودا ٍ‬‫َ‬
‫تدل هاتان اليتان على جواز تحقيق منافع الخرة‪،‬‬
‫وتحقيق منافع الدنيا معاً‪ ،‬فيحقق الحاج رضوان الله‬
‫تعالى بأداء مناسك الحج‪ ،‬ويحقق الكسب المادي‬
‫بالتجارة وغيرها‪ ،‬وكذلك الصيام يحقق رضوان الله تعالى‬
‫ويحقق النفع الدنيوي بإِنقاص الوزن‪.‬‬

‫ن لكم‬ ‫(‪ )7‬السؤال ‪ :‬الية { وكُلُوا وا ْ ْ‬


‫ش ََربُوا حتى يَتَبَي َّ َ‬ ‫ُ َ‬
‫من الفَ ْ ِ‬
‫جر } قد‬ ‫سودِ ِ‬
‫ط ال ْ‬ ‫خي ِ‬‫ض من ال َ‬‫ط البي ُ‬ ‫الخي‬
‫ت من‬
‫حددت وقت دخول الفجر وبداية الصوم‪ ،‬وقد لحظ ُ‬
‫خلل المشاهدة بمرور الوقت أن التبين للخيط البيض‬
‫من الفجر يحصل بعد حوالي ‪ 10‬إلى ‪ 15‬دقيقة من أذان‬
‫الفجر وفق الجداول الفلكية لمواقيت الصلة وتعتمد هذه‬
‫الجداول على زاوية شعاع الشمس من المكان‪ ،‬ويتم‬
‫حساب بداية وقت الفجر عند أضعف شعاع‪ ،‬وعندها ل‬
‫يمكن رؤية هذا الشعاع بالعين المجردة علوة على تبين‬
‫‪137‬‬
‫الخيط البيض من الخيط السود‪ ،‬فما هو المعتبر شرعاً‬
‫للتبين للخيط البيض‪ ،‬أبالعين بشكل واضح‪ ،‬أم بالحساب‬
‫الفلكي لول شعاع من الشمس ؟ وما حكم من صلى‬
‫الفجر قبل التبيُّن ؟‬
‫(‪ )7‬الجواب ‪ :‬المعتَبَر شرعا ً هو تبيُّن الخيط البيض من‬
‫الخيط السود بالعين المجردة وليس بالدوات الفلكية‪.‬‬
‫وأقول أيضا ً ما يلي ‪:‬‬
‫هناك الفجر الكاذب وهناك الفجر الصادق‪ ،‬أما الكاذب‬
‫فيبدأ عندما يستطيل شعاع الشمس‪ ،‬أي عندما نراه‬
‫يصعد إلى أعلى دون أن يضيء الفق‪ ،‬وأما الصادق فيبدأ‬
‫عندما يستطير شعاع الشمس‪ ،‬أي عندما يبدأ الشعاع‬
‫حدِث إضاءة ً فيه‪ ،‬والفجر الصادق‬ ‫بالنتشار في الفق وي ُ ْ‬
‫هو المعتبر شرعا ً لبدء أذان الفجر والمساك عن طعام‬
‫السحور‪ ،‬أما قبل ذلك فل تصح الصلة ول يكون موعد‬
‫ل‪ ،‬والحاصل حاليا ً هو أنهم يقدِّمون أذان‬ ‫المساك قد ح َّ‬
‫الفجر قليل ً فحتى يحتاط المسلم لدينه يقوم بانتظار بضع‬
‫دقائق عقب الفراغ من أذان الفجر ومن كل أذان ثم‬
‫َ‬
‫جنْدُب قال‪ :‬قال " ل يغَّرن ّكم‬ ‫مَرة بن ُ‬ ‫س ُ‬ ‫يصلي‪ ،‬فعن َ‬
‫ن بلل ول بياض الفق المستطيل‬ ‫من سحوركم أذا ُ‬
‫ماد بيديه قال _‬‫هكذا حتى يستطير هكذا _ وحكاه ح َّ‬
‫يعني معترضاً " رواه مسلم وأبو داود والنَّسائي‬
‫والترمذي وأحمد‪.‬‬

‫(‪ )8‬السؤال‪ :‬ما حكم الكل والشرب بغير تعمدٍ في نافلة هل‬
‫يبطل الصوم أم ل ؟ مع ذكر الدليل الشرعي ؟‬
‫مد ليبطل الصيام‬ ‫(‪ )8‬الجواب‪ :‬الكل والشرب بنسيان بغير تع ُّ‬
‫المفروض‪ ،‬ول صيام التطوع‪ ،‬وتجدون نص الحديث الدا ِّ‬
‫ل‬
‫على أن صيام التطوع ل يبطله الكل والشرب بنسيان‬
‫في البحث [ الصائم إذا أفطر ناسيا ً ] في الجامع لحكام‬
‫صه قول الرسول الكريم لم إسحق‪،‬‬ ‫خ ُ‬‫الصيام‪ ،‬ومل َّ‬
‫وقد أكلت من مائدة الرسول عليه الصلة والسلم‬
‫ة‪ ،‬ثم لما تذكرت صيامها أمسكت‪ ،‬فقال لها‬ ‫وكانت صائم ً‬
‫مك فإنما هو رزقٌ ساقه الله‬ ‫مي صو َ‬‫رسول الله " أت ِّ‬

‫‪138‬‬
‫إليك " وطبعا ً لم يكن الشهر شهر رمضان وإل لما كانت‬
‫هناك مائدة‪.‬‬

‫(‪ )9‬السؤال‪ :‬هل يجوز للمرأة أن تصوم اليام الستة من‬


‫شوال قبل أن تقضي ما عليها من اليام التي أفطرتها‬
‫في رمضان ؟ أم أن عليها قضاء الفرض قبل صيام‬
‫المندوب ؟ خصوصا ً وأن وقت صيام الستة محدَّد‪ ،‬بينما‬
‫سع ومفتوح ؟‬‫صيام القضاء مو َّ‬
‫(‪ )9‬الجواب‪ :‬لم يرد في هذه المسألة حديث صحيح ول‬
‫حسن‪ ،‬وإنما ورد فيها حديث ضعيف جدا ً يُوجب على من‬
‫ض أن يبدأ به أول ً وإل لم يُقبل منه‬
‫م فر ٍ‬ ‫كان عليه صيا ُ‬
‫صوم التطوع‪ ،‬ولو صح هذا الحديث لقلنا به‪ .‬وحيث أن‬
‫سع يمتد إلى رمضان القادم‪ ،‬وأن صيام‬ ‫وقت القضاء مو َّ‬
‫الستة من شوال محدَّد ول يعيق صيام القضاء‪ ،‬فإني أرى‬
‫أن للمرأة‪ ،‬وكذلك للرجل‪ ،‬أن تصوم اليام الستة من‬
‫شوال‪ ،‬ثم تستطيع أن تقضي ما فاتها في الشهر التالية‪،‬‬
‫ول ضير عليها في ذلك إن شاء الله تعالى‪.‬‬
‫(‪ )10‬السؤال‪ :‬متى تكون نية القضاء ليام رمضان ؟ وهل‬
‫يجوز عقد النية في صبيحة يوم القضاء ؟‬
‫(‪ )10‬الجواب‪ :‬قضاء رمضان يحتاج إلى نية من الليل قبل‬
‫الفجر‪ ،‬أما صيام التطوع فل يحتاج لتبييت النية في الليل‬
‫بل تكفيه النية في أي جزء من النهار بشرط أن ل يكون‬
‫أكل أو شرب قبل ذلك‪.‬‬

‫مْرهم ٍ على صدر الصائم وأنفه في‬ ‫(‪ )11‬السؤال‪ :‬هل و ْ‬


‫ضعُ َ‬
‫حالة الرشوحات يُفط ِّر الصائم‪ ،‬مع العلم أن الصائم‬
‫المريض هذا يستنشقه فيدخل في الجهاز التنفسي‬
‫وليس في الجهاز الهضمي ؟‬
‫(‪ )11‬الجواب‪ :‬كل مادة تدخل الجوف تفط ِّر الصائم‪ ،‬سواء‬
‫دخلت الجهاز الهضمي أو الجهاز التنفسي‪ .‬أما وضع‬
‫المراهم والدوية على الصدر فل يبطل الصوم‪ ،‬وأما‬
‫‪139‬‬
‫وضعها في النف فيُنظَر‪ :‬فإن كان ما يُستن َ‬
‫شق منها‬
‫تتكون منه مادة محسوسة كالسعوط والدخان‪ ،‬أي التبغ‪،‬‬
‫شق منها ل تتكون‬ ‫فإنه يُفسد الصوم‪ ،‬أما إن كان ما يُستن َ‬
‫منه مادة محسوسة كالعطور‪ ،‬فإنه ل يفطر الصائم ولو‬
‫دخلت جوف الصائم‪ .‬أنظر البحث [ السعوط ] في‬
‫الجامع لحكام الصيام‪.‬‬

‫(‪ )12‬السؤال‪ :‬ما عدد أيام عيد الفطر‪ ،‬مع الدليل ؟‬


‫(‪ )12‬الجواب‪ :‬عيد الفطر يوم واحد فقط ل يحل الصيام فيه‪،‬‬
‫وما بعده يجوز فيه الصيام‪ ،‬فيجوز الصيام في اليوم‬
‫الثاني وفي اليوم الثالث‪ ،‬لنهما ليسا من العيد‪ .‬وقد‬
‫اتفقت كلمة الفقهاء والئمة من السلف والخلف على‬
‫ذلك‪ ،‬وقل مثل ذلك بخصوص عيد الضحى‪ ،‬والدلة كثيرة‬
‫تجدها في البحث [ صوم يومي الفطر والضحى ] في‬
‫الجامع لحكام الصيام‪ ،‬أذكر حديثا ً واحدا ً منها " عن أبي‬
‫سعيد الخدري قال‪ :‬سمعت رسول الله يقول‪ :‬ل‬
‫م في يومين‪ :‬يوم الضحى ويوم الفطر‬ ‫صلُح الصيا ُ‬
‫يَ ْ‬
‫من رمضان " رواه مسلم والبخاري‪ .‬ودللة الحديث‬
‫واضحة على المقصود‪.‬‬

‫(‪ )13‬السؤال‪ :‬رجل مريض ل يقوى على الصيام نذر أن يصوم سنة‬
‫كاملة‪ ،‬فماذا يفعل ؟‬
‫(‪ )13‬الجواب‪:‬‬
‫ن‬‫أولً ‪ :‬كون الرجل ل يقوى على الصيام لنه مريض فإ َّ‬
‫الصيام يسقط عنه‪.‬‬
‫ثانياً ‪ :‬هذا النذر‪ ،‬صيام سنة كاملة‪ ،‬فيه معصية‪ ،‬فيجب أن‬
‫تُستثنى المعصية من النذر‪ ،‬ويبقى ما سواها منه قائماً‪.‬‬
‫أما هذه المعصية فإن صيام سنة كاملة ل يحل شرعا ً لنه‬
‫ي عنه‪ ،‬للحاديث‬‫يدخل تحت باب صيام الدهر وهو منه ٌ‬
‫الكثيرة التي تجدونها في البحث [ صوم الدهر ] في‬
‫الجامع لحكام الصيام‪ ،‬أذكر منها الحديث التالي " عن‬
‫‪140‬‬
‫عبد الله بن عمرو قال‪ :‬قال لي النبي ‪ :‬إنك لتصوم‬
‫الدهر وتقوم الليل ؟ فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬إنك إذا فعلت‬
‫فهَت له النفس‪ ،‬ل صام من‬ ‫ن ون َ ِ‬
‫مت له العي ُ‬
‫ج َ‬
‫ذلك هَ َ‬
‫صام الدهر " رواه البخاري ومسلم وغيرهما‪.‬‬
‫واستثناء المعصية تكون بصيام يوم وإفطار يوم‪ ،‬وهو‬
‫أفضل الصيام‪ ،‬وهو يعدل صيام سنة كاملة‪ ،‬فمن صام‬
‫يوما ً وأفطر يوما ً كان قد صام السنة‪ ،‬باستثناء يومي‬
‫الفطر والضحى‪.‬‬
‫ثالثاً ‪ :‬أما الدليل على وجوب طرح المعصية من أي نذر‬
‫وبقائه قائماً‪ ،‬فما رواه عقبة بن عامر قال " قلت يا‬
‫رسول الله إن أختي نذرت أن تمشي إلى البيت‬
‫مرة‪ ،‬فقال النبي ‪ :‬إن الله ل يصنع‬ ‫حافية غير مخت ِ‬
‫ب ولْتختمْر ولْتص ْ‬
‫م ثلثة أيام‬ ‫بشقاءِ أختِك شيئاً ‪ ،‬فلْترك ْ‬
‫ل هذا الحديث على طرح‬ ‫سنه‪ .‬يد ُّ‬ ‫" رواه الترمذي وح َّ‬
‫الضرر‪ ،‬وهو هنا المشي إلى البيت‪ ،‬وطرح عدم الختمار‬
‫لن ذلك معصية‪ ،‬ويستمر في الوفاء بالنذر‪ ،‬ورتَّب على‬
‫ة‬
‫م ثلثةِ أيام ٍ عقوب ً‬
‫ة والضرَر صيا َ‬ ‫اشتمال النذر المعصي َ‬
‫وكفارةً‪.‬‬
‫رابعاً ‪ :‬وبناء على ما سبق أقول ما يلي‪ :‬حيث أن الناذر‬
‫مريض ل يستطيع الصيام‪ ،‬وهو هنا صيام يوم وإفطار يوم‬
‫طيلة السنة‪ ،‬عدا يومي الفطر والضحى‪ ،‬بعد طرح‬
‫المعصية‪ ،‬فيجب عليه أن يطعم عن كل يوم أفطره مما‬
‫ن السنة الهحرية ‪ 354‬يوماً‬ ‫يجب عليه صومه‪ ،‬وحيث أ َّ‬
‫تقريباً‪ ،‬فيبقى بإسقاط يومي الفطر والضحى من السنة‬
‫‪ 352‬يوماً‪ ،‬وبقسمتها على اثنين يبقى ‪ 176‬يوما ً يتوجب‬
‫على الناذر أن يطعم مسكينا ً عن كل يوم من هذه اليام‬
‫ال ‪.176‬‬

‫(‪ )14‬السؤال‪ :‬بخصوص تحديد بدء الصيام والفطر‪ :‬إذا جاءت‬


‫شهادة الشهود على خلف المقطوع به فلكيا ً من‬

‫‪141‬‬
‫تحر‬
‫ٍ‬ ‫استحالة رؤية الهلل‪ ،‬أي استحالة المكانية‪ ،‬في ليلةِ‬
‫عن بدء الصيام‪ ،‬فهل تؤخذ هذه الشهادة ؟‬
‫(‪ )14‬الجواب‪ :‬نعم تؤخذ هذه الشهادة شرعاً‪ ،‬ول يُلتفَت إلى‬
‫ن هم رأوا‬ ‫الحساب الفلكي في هذه الحالة‪ .‬والفلكيون إ ْ‬
‫الهلل‪ ،‬ولو بمناظيرهم‪ ،‬ولم يره غيرهم‪ ،‬وكان الفلكيون‬
‫عدول ً قُبلت شهادتهم‪ ،‬فهم وسائر الناس سواء‪ ،‬باستثناء‬
‫ما إذا اعتمدوا على حساباتهم الفلكية نظريا ً فهذه ل‬
‫قيمة لها في ميزان الشرع‪ .‬وبالعكس لو نظر الفلكيون‬
‫ولو بمناظيرهم‪ ،‬فلم يروا الهلل‪ ،‬وشهد آخرون أنهم رأوا‬
‫الهلل قُبلت شهادة الخرين وُردَّت شهادة الفلكيين‪ ،‬ولو‬
‫مثْبِت حجة على من لم يُثبت‪ ،‬فإن‬ ‫استعانوا بالمناظير‪ ،‬فال ُ‬
‫تبين بعد شهادة الشهود المستندةِ على الرؤية العينية‬
‫أنهم أخطأوا‪ ،‬وجب على جميع المسلمين قضاء يوم‪ ،‬ول‬
‫إثم عليهم في ذلك‪ ،‬وقد حصل ذلك مع علي بن أبي‬
‫طالب كَّرم الله وجهه‪ ،‬فأمر الناس بقضاء يوم‪ ،‬وحصل‬
‫ة متوافرون‪.‬‬ ‫لك والصحاب ُ‬

‫ت الصيف‬ ‫(‪ )15‬السؤال‪ :‬بالنسبة للصيام في دول الغرب وق َ‬


‫ل أن‬‫عندما يطول النهار هناك ليصل إلى ‪ 21‬ساعة‪ ،‬يحص ُ‬
‫ض الناس تقديرا ً على أوقات أقرب بلد من بلد‬ ‫يصوم بع ُ‬
‫ً‬
‫المسلمين إليهم كالحجاز مثل‪ ،‬لعدم قدرتهم على الصيام‬
‫تلك المدة الطويلة‪ ،‬فهل يجوز لهم ذلك‪ ،‬وما هو الحل ؟‬
‫(‪ )15‬الجواب‪ :‬بخصوص الصيام في دول الغرب التي ذكرت‪:‬‬
‫ل يصح الصيام هناك مقدَّرا ً بأوقات أقرب بلد من بلد‬
‫المسلمين‪ ،‬إذ كيف يفطر مثل ً والشمس طالعة ؟ دعوكم‬
‫من هذه الفكرة الخاطئة‪ ،‬والصحيح الذي ينبغي المصير‬
‫إليه والعمل به هو صيام هذا النهار الطويل ما دام في‬
‫المستطاع ذلك‪ ،‬فإن شق الصيام جدا ً بسبب طول النهار‬
‫ة في الفطار‪ ،‬ويقضيه في بلد ٍ نهارها‬ ‫فللمسلم رخص ٌ‬
‫معتدل‪ ،‬أو يقضيه في تلك البلد في الشتاء‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫(‪ )16‬السؤال‪ :‬بعض النساء ل يقضين اليام التي أفطرنها في‬
‫رمضان لسنوات طويلة ثم يتُبْن‪ ،‬فماذا عليهن أن يفعلن‪،‬‬
‫َ‬
‫هل يقضين هذه اليام الكثيرة كل ّها والتي ل يمكن تحديد‬
‫عددها ؟‬
‫(‪ )16‬الجواب‪ :‬إن استطاعت المرأة أن تقضي جميع ما فاتها‬
‫من رمضانات فلْتفعل‪ ،‬فإن هي عجزت عن القضاء‪،‬‬
‫أطعمت مسكينا ً عن كل يوم أفطرته في رمضان‪ ،‬أو‬
‫أخرجت قيمة الطعام نقداً‪ ،‬فإن هي عجزت عن الطعام‬
‫لعدم توفُّر المال معها‪ ،‬فالتوبة وحدها تكفي إن شاء الله‪.‬‬
‫(‪ )17‬السؤال‪ :‬هل يجوز قضاء صوم عن ميت ؟ وهل يشترط‬
‫فيمن سيقضي الصوم في حال جوازه أن يكون من‬
‫أقرباء الميت ؟ ولو قلنا إن الميت عليه قضاء عشرة أيام‬
‫فهل تسقط هذه اليام العشرة بقضائها في يوم واحد‬
‫ل عشرة أشخاص ؟‬ ‫من قِب َ ِ‬
‫(‪ )17‬الجواب‪ :‬الذي يقضي الصيام عن الميت هو وليه أولً‪،‬‬
‫ثم أقرباؤه من الرجال والنساء‪ ،‬فهذا ما وردت به‬
‫النصوص‪ .‬انظر البحث [ قضاء الصوم عن الميت ] في‬
‫الجامع لحكام الصيام‪ .‬وكما يجوز للولي أو للقريب أن‬
‫يصوم عن الميت ما أفطره من أيام رمضان‪ ،‬فكذلك‬
‫يجوز أن يتعدد القارب في قضاء الصوم عن الميت‪،‬‬
‫س آخرون أياما ً بعدد مافات‬‫فيصوم ناس منهم أياماً‪ ،‬ونا ٌ‬
‫الميت من صيام‪.‬‬

‫(‪ )18‬السؤال‪ :‬تمهيدا ً للسؤال ل بد من أن نقرر المور التالية‬


‫‪:‬‬
‫أ‪ -‬إن الحسابات الفلكية ل علقة لها بإثبات الدخول‬
‫الشرعي للشهر‪ ،‬وهذه قضية محسومة شرعا ً بالدلة‬
‫[ صوموا لرؤيته ]‪.‬‬
‫ب‪ -‬الحسابات الفلكية ظنية في تقدير إمكانية رؤية‬
‫ُ‬
‫الهلل‪ ،‬وقطعية في تحديد زمان ومكان تول ّدِه‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫ج‪ -‬يثبت دخول الشهر بثبوت الرؤية الشرعية بشهادة‬
‫الشهود العدول أمام القاضي الشرعي‪.‬‬
‫د‪ -‬توصف الشهادة برؤية الهلل أنها قطعية إذا تواترت‬
‫برؤية مجموعة من الشخاص العدول في أماكن متباعدة‬
‫يستحيل تواطُؤ ُهم عادة ً على الكذب‪ .‬وشهادة الحاد تأخذ‬
‫حكم الظن كأي خبر من الخبار‪.‬‬
‫هـ‪ -‬يجب العمل بخبر الواحد في الحكام الفرعية‪ ،‬ومنها‬
‫مسألة إثبات رؤية هلل رمضان ( شاهد ٌ واحد ) أو شوَّال‬
‫( شاهدان )‪.‬‬
‫إن المسألة خاصة دقيقة جدا ً وليست عامة‪ ،‬وهي ليست‬
‫حكم القاضي على الشاهد بالفسق وردِّ شهادته واتهامه‬
‫بالكذب للحسابات الفلكية‪ .‬المسألة هي إمكانية حصول‬
‫تعارض البينات بين الخبر القطعي والخبر الظني أمام‬
‫القاضي الشرعي أو التعارض بين الخبار القطعية‪ ،‬فكيف‬
‫يقوم بعملية الترجيح ؟‬
‫يحصل التعارض بين الخبر القطعي والظني بوجود البيِّنة‬
‫ُ‬
‫من علماء الفلك تفيد عدم تول ّد الهلل مطلقاً‪ ،‬وبين خبر‬
‫الحاد من الشهود العدول الذين أثبتوا الرؤية‪ ،‬ولم يصل‬
‫خبرهم إلى أن يكون يقينياً‪ ،‬فأي البينتين أعله يجب‬
‫العمل بهما من قِبَل القاضي ؟ ومن المثلة على ذلك أن‬
‫يشهد شاهد‪ ،‬أو شاهدان برؤية هلل رمضان في ‪ 28‬من‬
‫شعبان‪ ،‬فهل يأخذ القاضي بالرؤية من قِبَل الشهود أم‬
‫يردُّها ؟ وما هي البيِّنة التي يستند إليها القاضي في رد‬
‫الشهادة ؟ ومن المثلة أيضا شهادة شاهدين في بلد‬
‫اليمن برؤية الهلل وتعارضها مع شهادة شهود التواتر في‬
‫بلد المغرب‪ ،‬بعد ثلث ساعات على رؤية أهل اليمن‪،‬‬
‫ف للشمس قبيل الغروب‪ ،‬والذي يُثبت‬ ‫بحدوث كسو ُ ٍ‬
‫م تول ّد الهلل ل في اليمن ول في المغرب‪.‬‬ ‫قطعا ً عد َ‬
‫وكذلك إذا حصل التعارض بين الخبر القطعي بوجود‬
‫ُ‬
‫البينة من علماء الفلك تفيد عدم تول ّد الهلل مطلقاً‪ ،‬وبين‬
‫الخبر المتواتر من الشهود العدول الذين أثبتوا الرؤية‬
‫ووصل خبرهم إلى درجة اليقين‪ ،‬فبأي هاتين البينتين‬
‫يجب العمل من قِبَل القاضي ؟‬
‫(‪ )18‬الجواب‪ :‬يمكنك بالتدبر وإِنعام النظر أن تجد الجوبة‬
‫على أسئلتك الكثيرة في البحث [ مسألة ] بعد البحث‬
‫‪144‬‬
‫[ دعوى اختلف المطالع ] في الجامع لحكام الصيام‪.‬‬
‫وأضيف ما يلي‪ :‬إن جاء شاهد وشهد في اليوم ‪ ،28‬أو‬
‫في اليوم ‪ 29‬أنه شاهد الهلل قبلنا شهادته‪ ،‬إما إن جاء‬
‫في اليوم ‪ 27‬وشهد أنه شاهد الهلل فل تقبل شهادته‪.‬‬
‫أما بخصوص اليوم ‪ 28‬فتقبل على افتراض أن الصيام‬
‫كان البدء به خطأ‪ ،‬وفي هذه الحالة نُفطر ونقضي يوماً‬
‫آخر‪ ،‬أما إن كان الشاهد رأى الهلل في اليوم ‪ 29‬فإننا‬
‫نفطر ول نقضي‪ ،‬لن الشهر يكون ‪ 29‬ويكون ‪.30‬‬
‫إن المسألة هذه هي مسألة تعبُّدية وليست مسأل ً‬
‫ة‬
‫حسابية رياضية‪ ،‬فمثل ً نغسل الناء من لُعاب الكلب سبعاً‬
‫أُولها بالتراب‪ ،‬فلو أثبت العلم أن هذه الغسلت ل تُنَقِّي‬
‫ل بالكحول أو بالمواد‬ ‫الناء من اللُّعاب‪ ،‬ول يُنَقِّيه إل الغس ُ‬
‫المعقِّمة‪ ،‬فإننا ل نلتفت إلى العلم هنا‪ ،‬لن المسألة‬
‫مسألة تعبُّدية‪ ،‬وتعبُّدية فقط‪ ،‬فكذلك شهادة الشاهد‬
‫العدل‪ ،‬فهي مسألة تعبُّدية‪ ،‬وليست مسألة صواب أو‬
‫خطأ‪.‬‬

‫ل بعد أذان الفجر بنصف ساعة‬ ‫(‪ )19‬السؤال‪ :‬استيقظ رج ٌ‬


‫وشرب كوب ماء‪ ،‬يحسب أنه لم يؤ ِذّن بعد‪ ،‬وبعد أن توضأ‬
‫للصلة وذهب عنه النوم أدرك أن أذان الفجر قد ُرفِع من‬
‫قَبل نصف ساعة فأمسك‪ ،‬هل يلزمه قضاء هذا اليوم ؟‬
‫(‪ )19‬الجواب‪ :‬نعم يلزمه قضاء هذا اليوم‪ ،‬ول إثم عليه فيما‬
‫فعل‪ .‬أنظر البند الرابع من البحث [ قضاء الصوم على‬
‫من أفطر قبل الغروب ظانا ً أن الشمس قد غربت ] في‬
‫الجامع لحكام الصيام‪.‬‬

‫مقرِئا ً يقرأ القرآن في التلفاز فحسب ُ‬


‫ت‬ ‫(‪ )20‬السؤال‪ :‬سمعت ُ‬
‫ت‪ ،‬وبعد دقيقة سمعت أذان‬ ‫أن المغرب قد دخل فأفطر ُ‬
‫المغرب‪ ،‬فهل يلزمني قضاء هذا اليوم ؟‬
‫ت دقيقا ً في قولك ( بعد دقيقة ) فل‬ ‫(‪ )20‬الجواب‪ :‬إن كن َ‬
‫يلزمك قضاء ذلك اليوم لن المؤذن يؤخر أذان المغرب‬

‫‪145‬‬
‫قليل ً في رمضان من باب الحتياط بل وفي غير رمضان‪،‬‬
‫فتقديم الفطار دقيقة واحدة ل يؤثر في صحة الصيام‪.‬‬
‫ة قضاء يوم ٍ فاتني من رمضان‪،‬‬ ‫ت ليل ً ني َ‬
‫(‪ )21‬السؤال‪ :‬عقد ُ‬
‫وعندما استيقظت عدلت عن الصيام ونويت أن أصوم‬
‫يوما ً آخر‪ ،‬فهل يلزمني قضاء هذا اليوم غير الذي فاتني‬
‫من رمضان‪ ،‬أم أنه يأخذ حكم صيام النافلة ؟‬
‫(‪ )21‬الجواب‪ :‬ل يلزمك قضاء ذلك اليوم الذي عَدَلت عن‬
‫صيامه‪ ،‬وتبقى عليك فقط اليام التي أفطرتها في‬
‫رمضان‪ ،‬بمعنى أنه لو كان عليك قضاء صيام ثلثة أيام‬
‫من رمضان‪ ،‬فنويت قضاء اليوم الول منها‪ ،‬وفعل ً صم َ‬
‫ت‬
‫قسما ً من نهار ذلك اليوم‪ ،‬ثم بدا لك أن تفطر فأفطرت‪،‬‬
‫فإن اليام الثلثة هي فقط التي يتوجب عليك قضاؤها‬
‫م صيامه‪.‬‬ ‫دون زيادة ذلك اليوم الذي لم تُت ِ َّ‬

‫(‪ )22‬السؤال‪ :‬ما هو أفضل صيام التطوُّع ؟‬


‫(‪ )22‬الجواب‪ :‬أفضل صيام التطوع على الطلق صيام يوم‬
‫م الدهر‪ ،‬وهذا لمن قدر عليه‪،‬‬ ‫وإفطار يوم‪ ،‬فذلك يَعد ُ‬
‫ل صيا َ‬
‫ل فاعلُه‪ .‬أما أفضل يوم ٍ يُصام فيه على الطلق فصيام‬ ‫وقلي ٌ‬
‫يوم عرفة لغير الحاج‪ ،‬فهو يك ِفّر سنًة قبله وسنًة بعده‪.‬‬

‫(‪ )23‬السؤال‪ :‬تقولون في كتابكم [ الجامع لحكام الصيام ]ما‬


‫ض المصاب بالقلب والجلطات‬ ‫يلي [ أما ما يضعه المري ُ‬
‫من حبةٍ تحت اللسان لتذوب تدريجيا ً كعلٍج للحالة عند‬
‫اشتدادها فإن ذلك يفطر الصائم قول ً واحداً‪ ،‬إذ ل فرق‬
‫ة واحدة ً وبين بلعها تدريجيا ً ] والذي‬
‫بين بلع الحبة دفع ً‬
‫أعرفه أن الهدف من وضع الحبة تحت اللسان بدل ً من‬
‫بلعها هو امتصاص الحبة من الوعية الدموية الموجودة‬
‫تحت اللسان حتى يصل الدواء إلى القلب بأسرع وقت‪،‬‬
‫حيث أنها تُستعمل في الذبحة الصدرية‪ ،‬حيث ل مجال‬
‫لنتظار الحبة حتى تصل عن طريق المعدة والمعاء‪.‬‬
‫(‪ )23‬الجواب‪:‬‬
‫‪146‬‬
‫ت‬
‫ت أطباءَ قبل كتابة هذا البحث وعرض ُ‬ ‫أولً ‪ :‬لقد استشر ُ‬
‫ما كتبته عليهم فلم ينكروه‪ ،‬طبعا ً هؤلء هم أهل‬
‫الختصاص‪ ،‬ومنهم يُعرف واقع استعمال الحبة تحت‬
‫اللسان‪.‬‬
‫ثانياً ‪ :‬أنا أعرف أن وضع الحبة في حالة حصول الذبحة‬
‫الصدرية تحت اللسان إنما يُقصد منه امتصاصها من‬
‫الوعية الدموية في الفم‪ ،‬ولكن المتصاص ل يكون تاماً‪،‬‬
‫م إلى البلعوم‬‫م‪ ،‬ويسيل قس ٌ‬ ‫بل تتحلل الحبة فيُمت ُّ‬
‫ص قس ٌ‬
‫مع الريق‪ ،‬ومن ثم إلى المعدة‪ ،‬ولذا اعتُبِرت من‬
‫المفطرات للصائم‪.‬‬

‫(‪ )24‬السؤال‪ :‬إن الشرع الحنيف قد أمر ولي الصبي أن يأمر‬


‫صبيَّه بالصلة إذا بلغ سبع سنين‪ ،‬وأن يَضربه على الصلة‬
‫إذا بلغ عشر سنين‪ ،‬فماذا بخصوص الصوم ؟ هل يُؤمر‬
‫الصبي بالصيام إذا بلغ سبع سنين‪ ،‬ويُضرب عليه إذا بلغ‬
‫عشرا ً ؟‬
‫(‪ )24‬الجواب‪ :‬إن الشرع الحنيف لم يحدِّد سنا ً معينة لذلك‪،‬‬
‫كما فعل بخصوص الصلة‪ ،‬ولذا ل يُشرعُ لولي أمر‬
‫الصبي أن يضربه على الصيام ويُكرهه عليه ولو بلغ أكثر‬
‫من عشر سنين‪ ،‬بل يأمره ويحثه عليه‪ ،‬فإن امتثل للمر‬
‫فحسن‪ ،‬وإل فل شيء عليه‪ .‬انظر البحث [ صوم الصبيان‬
‫] في الجامع لحكام الصيام‪.‬‬

‫البــاب الـرابـع‬
‫الحـج والعمــرة‬
‫حرِمة بالحج أو بالعمرة أن‬ ‫(‪ )1‬السؤال‪ :‬هل يجوز للمرأة ال ُ‬
‫م ْ‬
‫ت وقد‬
‫حرِما ٍ‬
‫م ْ‬
‫تغطي وجهها وكفيها فقد شاهدنا نسا ًء ُ‬ ‫َ‬
‫غط ّين وجوههن وأكفَّهن‪ ،‬فهل هذا جائز ؟‬

‫‪147‬‬
‫حرِمة أن تغطي وجهها وكفيها‬ ‫(‪ )1‬الجواب‪ :‬ل يجوز للمرأة ال ُ‬
‫م ْ‬
‫بخمارٍ أو نقاب‪ ،‬وما تفعله بعض النساء من تغطية‬
‫ف في الحرام مخالف للشرع ول يجوز‪ ،‬إذ‬ ‫الوجوه والك ِ ّ‬
‫أن إحرام المرأة هو بكشف الوجه والكفين‪ ،‬وإِحرام‬
‫الرجل هو بكشف الرأس‪ .‬فقد روى البخاري ومسلم‬
‫خَزيمة وأبو داود وغيرهم عن عبد الله بن عمر‬ ‫وابن ُ‬
‫أن رسول الله قال "‪ ...‬ول تنتقب المرأة ول تلبس‬
‫خَزيمة " ل تنتقب المرأة‬ ‫القُفَّاَزين "‪ .‬ولفـظ ابـن ُ‬
‫الحرام‪ ،‬ول تلبس القفازين "‪ ،‬ولفظ أبي داود "‬
‫ة ل تنتقب ول تلبس القُفَّاَزين " والنقاب غطاء‬ ‫محرِم ُ‬ ‫ال ُ‬
‫الوجه والقفازات غطاء الكفين وكلهما محظور على‬
‫النساء في الحرام‪.‬‬
‫خَزيمة عن أسماء ا قالت " كنا‬ ‫أما ما رواه ابن ُ‬
‫نُغط ِّي وجوهَنا من الرجال‪ ،‬وكنا نمتشط قبل ذلك "‬
‫فيُحمل على أن التغطية تكون بإسدال الثوب أو برفع‬
‫اليدين أمام الوجه دون أن يلمس الوجه‪ ،‬ويمكنها أن‬
‫تستر وجهها بمظلة أو بأي شيء بشرط عدم ملمسته‬
‫الوجه بحال‪ ،‬فقد قال ابن خزيمة معقِّبا ً على هذا الحديث‬
‫ب ول‬ ‫ة وجهِها من غير انتقا ٍ‬ ‫مايلي (للمحرِمة تغطي ُ‬
‫س الثوب‪ ،‬إذ الخمار الذي تستر به وجهها بل تسدل‬ ‫إمسا ِ‬
‫الثوب من فوق رأسها على وجهها أو تستر وجهها بيدها‬
‫ة يدَها عن وجهها)‬ ‫مجافي ً‬ ‫أو بكمها أو ببعض ثيابها ُ‬
‫ب قاصدين أداء‬ ‫(‪ )2‬السؤال‪ :‬رجل التحق في الطريق برك ٍ‬
‫المناسك وأراد أن يؤدي المناسك معهم‪ ،‬ولم يكن يعرف‬
‫ُ‬
‫كيف أهل ّوا‪ ،‬أبالحج فقط‪ ،‬أم بالحج والعمرة‪ ،‬وبمعنى آخر‬
‫لم يكن يعرف هل ينوون التمتع أم الفراد أم القران‪،‬‬
‫فهل يجوزله أن ينوي أن يفعل مثلما سيفعلون دون‬
‫تحديد ؟‬
‫ل كإهلل‬ ‫(‪ )2‬الجواب‪ :‬نعم يجوز له ذلك فيقول‪ :‬لبيك بإهل ٍ‬
‫هؤلء الركب‪ .‬ويصح منه ذلك‪ ،‬فعن أبي موسى قال "‬
‫ت على رسول الله وهو بالبطحاء‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫قدم ُ‬
‫ت لبيك‬ ‫ت ؟ قل ُ‬ ‫م أهلل َ‬
‫أحججت ؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬ب َ‬
‫ف‬ ‫ُ‬
‫ت‪ ،‬انطلق فط ْ‬ ‫ل النبي ‪ ،‬قال‪ :‬أحسن َ‬ ‫ل كإهل ِ‬ ‫بإهل ٍ‬

‫‪148‬‬
‫بالبيت وبالصفا والمروة‪ " ...‬رواه البخاري ومسلم‬
‫وأحمد والنَّسائي‪.‬‬
‫وهذا طبعا ً إن لم يتيسر له سؤال الركب عند الهلل‪،‬‬
‫أما إن استطاع سؤالهم فالصل أن يسألهم عن إهللهم‪،‬‬
‫ل بما شاء‪.‬‬‫ثم يُه ُّ‬
‫ِ‬

‫ة يريد الحج أو العمرة‪ ،‬ثم إنه‬ ‫(‪ )3‬السؤال‪ :‬رجل سافر لمك َ‬
‫مرض في الطريق فلم يعد يقوى على متابعة سيره‬
‫وأداء المناسك‪ ،‬فماذا يفعل ؟‬
‫صر‪ ،‬فينوي التحلل‬ ‫ح َ‬
‫م ْ‬‫م ال ُ‬‫مه حك ُ‬ ‫(‪ )3‬الجواب‪ :‬هذا الرجل حك ُ‬
‫صر‬
‫يق ِّ‬ ‫ثم ينحر الهَدْي‪ ،‬شاة ً فما فوقَها‪ ،‬ثم يحلق رأسه أو‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫منه‪ ،‬ول يجب عليه قضاء ما تحل ّل منه‪ ،‬فإن كان تحلل‬
‫من الحجة الواجبة‪ ،‬فيجب عليه أداء الحجة الواجبة على‬
‫َ‬
‫الصل‪ ،‬أما إن كان تحل ّل من حجةٍ غيرِ حجةِ الفريضة‪ ،‬فل‬
‫يجب عليه قضاؤها‪ .‬قال تعالى( ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯟﯟﯟﯟﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫)[سورة البقرة الية‪.]196 :‬‬
‫والواجب في نحر الهدي أن يكون في مكة شَّرفها‬
‫الله لقوله تعالى( ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ )[سورة البقرة الية‪ ]196 :‬فإن‬
‫تعذر عليه ذلك فيجزئ عنه أن ينحر هديه حيث هو‪ ،‬وقد‬
‫حصل ذلك في غزوة الحديبية‪ ،‬فإن الرسول وأصحابَه‬
‫قد نحروا الهَدْي في الحديبية‪ ،‬وهي خارج الحرم‪.‬‬

‫(‪ )4‬السؤال‪ :‬ما صيغة التلبية عند الهلل بالحج‪ ،‬وما حكمها‪،‬‬
‫ومتى تتوقف ؟‬
‫(‪ )4‬الجواب‪ :‬وردت صيغة التلبية في الحاديث الصحيحة‬
‫هكذا‪:‬‬
‫[ لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ل شريك لك لبيك‪ ،‬إن الحمد‬
‫والنعمة لك والملك ل شريك لك ] فقد روى البخاري عن‬
‫مكبِّراً‬ ‫ابن عمر قال " سمعت رسول الله يُه ُّ‬
‫ل ُ‬ ‫ِ‬
‫يقول‪ :‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ل شريك لك لبيك‪ ،‬إن‬
‫الحمد والنعمة لك والملك ل شريك لك‪ .‬ل يزيد على‬
‫هؤلء الكلمات " وروى مثله مسلم‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫ويجوز أن يُزاد على هؤلء الكلمات‪ ،‬لما روى مسلم‬
‫عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما " أن‬
‫تلبية رسول الله ‪ :‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ل شريك‬
‫لك لبيك‪ ،‬إن الحمد والنعمة لك والملك ل شريك لك‪،‬‬
‫وقال‪ :‬وكان عبد الله بن عمر ما يزيد فيها‪ :‬لبيك‬
‫سعْديك والخيُر بيديك لبيك والرغباء إليك‬
‫لبيك و َ‬
‫والعمل " وفعل عبد الله بن عمر مما يُستأنس به ول‬
‫مه‪ ،‬فيصح بما‬ ‫ذكر الله وتعظي ِ‬
‫ِ‬ ‫سيما والموضوع موضوع‬
‫يحقق ذلك‪.‬‬
‫سنَّة في التلبية أن تكون برفع الصوت عالياً‪ ،‬لما‬ ‫وال ُّ‬
‫خزيمة والحاكم بإسناد صحيح عن أبي هريرة‬ ‫روى ابن ُ‬
‫يقول " قال رسول الله ‪ :‬أمرني جبريل برفع الصوت‬
‫بالهلل‪ ،‬فإنه من شعار الحج " ولما روى النَّسائي وأبو‬
‫داود وابن ماجة والترمذي وقال‪ :‬حسن صحيح‪ ،‬وأحمد بن‬
‫حنبل وغيرهم عن السائب عن رسول الله قال "‬
‫مْر أصحابك أن‬ ‫جاءني جبريل فقال لي‪ :‬يا محمد ُ‬
‫يرفعوا أصواتهم بالتلبية "‪.‬‬
‫سنة‪ ،‬لن المر بها أمٌر غير جازم‪ ،‬ول أجد‬ ‫والتلبية ُ‬
‫ة تصرف هذا المر إلى الوجوب‪ ،‬ولذا فإن تركها ل‬ ‫قرين ً‬
‫يترتب عليه شيء‪.‬‬
‫سنة في التلبية أن تستمر إلى أن يرمي الحاج‬ ‫وال ُّ‬
‫جمرة العقبة في أول أيام منى‪ ،‬لما روى البخاري‬
‫ف‬
‫ومسلم عن ابن عباس " أن أسامة كان ِرد ْ َ‬
‫رسول الله من عرفة إلى مزدلفة‪ ،‬ثم أردف‬
‫الفضل من المزدلفة إلى منى‪ ،‬قال‪ :‬فكلهما قال‪ :‬لم‬
‫يزل النبي يلبي حتى رمى جمرة العقبة"‪.‬‬

‫(‪ )5‬السؤال‪ :‬أيُّ أنواع الحج أفضل‪ ،‬الفراد أم الِقران أم‬


‫التمتع ؟‬
‫(‪ )5‬الجواب‪ :‬ما أَراه وأُرجحه هو أن التمتع أفضل الثلثة‬
‫لسببين‪ :‬أولهما أن بالتمتع يحصل المسلم على العمرة‬
‫ة إلى الحج‪ ،‬وثانيهما‪ :‬أن الحاديث الواردة في‬ ‫إضاف ً‬
‫‪150‬‬
‫الحث على التمتع كثيرة ٌ ل تضاهيها في الكثرة أية‬
‫ُ‬
‫قرآن‪ ،‬وحتى من كانوا أهل ّوا‬ ‫أحاديث عن الفراد وال ِ‬
‫ُ‬
‫بالفراد من صحابة رسول الله أمروا بتغيير نيتهم‬
‫والتيان بالعمرة‪ ،‬ثم الهلل بالحج‪ ،‬وهو المسمى‬
‫بالتمتع‪ ،‬فعن أبي سعيد قال " خرجنا مع رسول الله‬
‫َ‬
‫مَرنا أن‬ ‫صراخاً ‪ ،‬فلما قدِمنا مكة أ َ‬ ‫خ بالحج ُ‬‫نصُر ُ‬
‫م‬
‫من ساق الهَدْي‪ ،‬فلما كان يو ُ‬ ‫نجعلها عمرة إل َ‬
‫التروية‪ ،‬ورحنا إلى منى أهْلَلْنا بالحج " رواه مسلم‪.‬‬
‫وعن جابر بن عبد الله " قدِمنا مع رسول الله‬
‫مَرنا رسو ُ‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫ونحن نقول‪ :‬لبيك اللهم لبيك بالحج‪ ،‬فأ َ‬
‫الله ‪ ،‬فجعلناها عمرة " رواه البخاري ومسلم‪ .‬وعن‬
‫ابن عباس من حديث طويل "‪ ...‬فلما قدِمنا مكة‬
‫قال رسول الله ‪ :‬إجعلوا إهللكم بالحج عمرةً إل‬
‫َ‬
‫من قل ّد الهَدْي‪ ،‬طفنا بالبيت وبالصفا والمروة وأتينا‬
‫النساء ولبسنا الثباب‪ "...‬رواه البخاري‪.‬‬

‫سنة في‬‫ل سابق [ وال ُّ‬


‫(‪ )6‬السؤال‪ :‬لقد قلتم في جواب سؤا ٍ‬
‫التلبية أن تستمر إلى أن يرمي الحاج جمرة العقبة في‬
‫أول أيام منى ] والسؤال هو وماذا بخصوص التلبية في‬
‫العمرة متى تتوقف ؟‬
‫(‪ )6‬الجواب‪ :‬يستمر المعتمر بالتلبية إلى أن يستلم الحجر‬
‫السود في الطواف‪ ،‬لما ُروي عن ابن عباس يرفع‬
‫الحديث " أنه كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا‬
‫استلم الحجر" رواه ابن ماجة وقال حديث صحيح‪.‬‬

‫ل ذهب لداء فريضة الحج‪ ،‬فمات قبل أن‬ ‫(‪ )7‬السؤال‪ :‬رج ٌ‬
‫ج‪ ،‬أم ل‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫يُت ِ َّ‬
‫م المناسك‪ ،‬فما العمل ؟ وهل يُعتبر أنه قد ح ّ‬
‫بد َّ من أن يح َّ‬
‫ج عنه آخر ؟‬
‫سل بالماء والصابون ويكفَّن في ثياب إِحرا ِ‬
‫مه‬ ‫(‪ )7‬الجواب‪ :‬يُغ َّ‬
‫سه ول يُطيَّب ول يحنَّط‪ ،‬فإ ِ َّ‬ ‫َ‬
‫ن الله يبعثه‬ ‫بحيث ل يُغط ّى رأ ُ‬
‫يوم القيامة كهيئته في الحرام وهو يلبي‪ .‬فقد روى‬
‫البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم من‬

‫‪151‬‬
‫طريق ابن عباس " أن رجلً كان مع النبي‬
‫حرِم فمات فقال رسول الله ‪:‬‬ ‫م ْ‬
‫فوقصته ناقته وهو ُ‬
‫سوه‬‫ُ‬ ‫م ّ‬
‫سدْر‪ ،‬وكفِّنوه في ثوبيه‪ ،‬ول ت ُ ِ‬
‫اغسلوه بماء و ِ‬
‫م القيامة ملبِّياً‬ ‫مروا رأسه فإنه يُبعَث يو َ‬‫بطيب‪ ،‬ول تخ ِّ‬
‫صته ناقتُه) أي سقط عن ناقته‬ ‫" قول الحديث (وَقَ َ‬
‫فكسرت عنقه فمات‪ .‬والتخمير‪ :‬التغطية‪ ،‬ولم يُْرو أن‬
‫الرسول عليه الصلة والسلم أمر وليه أن يحج عنه من‬
‫قابل‪ ،‬فإن قام أحد أقاربه بالحج عنه فخيٌر وفضل‪.‬‬

‫ص بالحج عن غيره‪ ،‬ولم‬ ‫(‪ )8‬السؤال‪ :‬هل يجوز أن يقوم شخ ٌ‬


‫ج عن نفسه من قبل ؟‬ ‫يكن قد ح َّ‬
‫(‪ )8‬الجواب‪ :‬ل يُقبل منه ذلك‪ ،‬بل يجب عليه أن يحج عن‬
‫نفسه أولً‪ ،‬ثم يحج عن غيره‪ ،‬وذلك لما روى أبو داود عن‬
‫ابن عباس " أن النبي سمع رجلً يقول‪ :‬لبيك‬
‫ب‬‫خ لي أو قري ٌ‬ ‫شبُرمة ؟ قال‪ :‬أ ٌ‬‫شبُْرمة‪ ،‬قال‪ :‬من ُ‬ ‫عن ُ‬
‫ج عن‬ ‫َ‬ ‫ح ّ‬
‫سك ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ُ :‬‬ ‫ت عن نف ِ‬‫لي‪ ،‬قال‪ :‬حجج َ‬
‫شبُرمة " ورواه ابن ماجة بلفظ "‪...‬‬ ‫ج عن ُ‬ ‫ح َّ‬‫سك ثم ُ‬ ‫نف ِ‬
‫ت قط ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬فاجعل هذه عن‬ ‫قال‪ :‬هل حجج َ‬
‫ج عن ُ‬
‫شبُرمة "‪.‬‬ ‫ح َّ‬ ‫نفسك‪ ،‬ثم ُ‬
‫ج الصبي دون البلوغ ؟ وإن كان‬ ‫(‪ )9‬السؤال‪ :‬هل يصح ح ُّ‬
‫جزِئ عنه الحج وهو صبي‪ ،‬فل‬ ‫الجواب باليجاب‪ ،‬فهل ي ُ ْ‬
‫يجب عليه الحج بعد البلوغ ؟‬
‫ج الصبي دون البلوغ‪ ،‬له أجُر الحج ولوليه‬ ‫(‪ )9‬الجواب‪ :‬يصح ح ُّ‬
‫أجٌر‪ ،‬وذلك لما روى مسلم وأبو داود والنسائي وأحمد‬
‫ة صبياً لها‪ ،‬فقالت‪:‬‬ ‫عن ابن عباس قال " َرفَعت امرأ ٌ‬
‫ك أجر " ولما‬ ‫ج ؟ قال‪ :‬نعم ول ِ‬ ‫يا رسول الله ألهذا ح ٌّ‬
‫ججنا مع رسول الله ومعنا‬ ‫ح َ‬ ‫روى جابر قال " َ‬
‫النساء والصبيان فلبَّينا عن الصبيان ورمينا عنهم "‬
‫رواه ابن ماجة‪ ،‬ورواه الترمذي باختلف في اللفظ‪ ،‬ولما‬
‫ج أبي مع رسول الله‬ ‫روى السائب بن يزيد قال " ح َّ‬
‫في حجة الوداع وأنا ابن سبع سنين " رواه الترمذي‬
‫وقال‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫ة الحج بعد‬
‫ط عنه فريض َ‬‫ج الصبي ل يُسقِ ُ‬ ‫ولكن ح َّ‬
‫ج الصبي مندوب‪ ،‬وهذا واجب وركن من‬ ‫البلوغ‪ ،‬لن ح َّ‬
‫أركان السلم‪ .‬قال الترمذي (وقد أجمع أهل العلم أن‬
‫ج قبل أن يدرك فعليه الحج إذا أدرك‪ ،‬ول‬ ‫الصبي إذا ح َّ‬
‫جزِئ عنه تلك الحجة عن حجة السلم )‪.‬‬ ‫تُ ْ‬
‫ج في يوم النحر بمنى بذبح‬ ‫(‪ )10‬السؤال‪ :‬يقوم ال ُ‬
‫حجا ُ‬
‫الضاحي‪ ،‬ثم تقوم الدولة بجمع هذه الضاحي وتبريدها‬
‫وتوزيعها على المسلمين في الدول الخرى‪ ،‬فهل هذا‬
‫جائز‪ ،‬وما الدليل عليه ؟‬
‫ب أن يأكل الحاج من‬ ‫ح ُّ‬‫(‪ )10‬الجواب‪ :‬نعم هو جائز‪ ،‬والمست َ‬
‫أُضحيته ويترك الباقي للتوزيع إن شاء‪ ،‬فإن هو لم يأكل‬
‫من أضحيته وتركها للتوزيع فل بأس‪ ،‬وذلك لما روى جابر‬
‫ي قَدِم من اليمن بهَدْي‬ ‫بن عبد الله قال " كان عل ٌّ‬
‫ي الذي قدم به رسول الله‬ ‫رسول الله ‪ ،‬وكان الهَد ْ ُ‬
‫ة بَدَنة‪ ،‬فنحر رسول الله‬ ‫ي من اليمن مائ َ‬ ‫وعل ٌ‬
‫ي سبعا وثلثين‪ ،‬وأشرك‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫منها ثلثا وستين‪ ،‬ونحر عل ٌّ‬
‫جعلت في‬ ‫ةف ُ‬
‫ضع ً‬ ‫علياً في بُدْنِه‪ ،‬ثم أخذ من كل بَدَنة ب َ ْ‬
‫ي من لحمها‬ ‫قدر فطُبِخت‪ ،‬فأكل رسول الله وعل ٌّ‬
‫وشربا من مرقها " رواه النَّسائي‪ .‬فهذا دليل الكل من‬
‫الضاحي‪.‬‬
‫حَرم‪ ،‬فلِما روى‬ ‫وأما الدليل على جواز إخراجها من ال َ‬
‫ل الله ضحيته‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا‬ ‫ثوبان قال " ذبح رسو ُ‬
‫ُ‬
‫مه منها حتى قدم‬ ‫ثوبان أصلح لحم هذه‪ ،‬فلم أزل أطْعِ ُ‬
‫المدينة " رواه مسلم وأبو داود والنسائي‪ ،‬فهذا دلي ٌ‬
‫ل‬
‫على جوازِ إِخراج لحم الضاحي من مكة والحرم‪.‬‬

‫(‪ )11‬السؤال‪ :‬هل يجوز للمسلم دخو ُ‬


‫ل مكة بغير إحرام ؟‬
‫(‪ )11‬الجواب‪ :‬نعم بجوز ذلك‪ ،‬لما روى مسلم وأبو داود‬
‫والنسائي وابن ماجة والترمذي وأحمد عن جابر بن عبد‬
‫الله النصاري " أن رسول الله دخل مكة _ وقال‬
‫ح مكة _ وعليه عمامة سوداء بغير‬ ‫قُتيبة‪ :‬دخل يو َ‬
‫م فت ِ‬
‫إحرام "‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫(‪ )12‬السؤال‪ :‬أرى الذين يطوفون حول الكعبة يستلمون‬
‫الحجر السود والركن اليماني‪ ،‬أما استلم الحجر السود‬
‫م الركن اليماني‬
‫ن هل استل ُ‬ ‫م لنا ومشروع ٌ‪ ،‬ولك ْ‬‫فمعلو ٌ‬
‫ل عليه ؟‬
‫مشروع هو الخر ؟ وهل من دلي ٍ‬
‫م الحجر السود ويُشرعُ‬ ‫(‪ )12‬الجواب‪ :‬نعم يُشرع ُ استل ُ‬
‫م الركن اليماني‪ ،‬وذلك لما يلي‪:‬‬ ‫استل ُ‬
‫أ‪ -‬عن نافع عن عبد الله " ذ َكََر أن رسول الله كان ل‬
‫ن اليماني " رواه مسلم والبخاري‪.‬‬ ‫يستلم إل الحجَر والُّرك َ‬
‫ب‪ -‬عن سالم عن أبيه (عبد الله بن عمر) قال " لم يكن‬
‫ن السود‬
‫رسول الله يستلم من أركان البيت إل الرك َ‬
‫حيين" رواه مسلم‬ ‫م ِ‬
‫ج َ‬
‫والذي يليه من نحو دُور ال ُ‬
‫والنَّسائي وابن ماجة‪.‬‬
‫ج‪ -‬عن عبد الله بن عبيد بن عمير أنه سمع أباه يقول لبن‬
‫عمر " مالي ل أراك تستلم إل هذين الركنين‪ :‬الحجر‬
‫ل فقد‬ ‫ن أفع ْ‬ ‫السود والركن اليماني ؟ فقال ابن عمر‪ :‬إ ْ‬
‫ُّ‬
‫حط‬ ‫ت رسول الله يقول‪ :‬إن استلمهما ي َ ُ‬ ‫سمع ُ‬
‫حبَّان‪.‬‬ ‫َ‬
‫الخطايا‪ " ...‬رواه أحمد والن ّسائي والترمذي وابن ِ‬
‫وأُضيف ما يلي‪ :‬يقول الطائف بين هذين الركنين‪ :‬ربنا‬
‫آتنا في الدنيا حسنة وفي الخرة حسنة وقنا عذاب النار‪،‬‬
‫حبَّان عن عبد‬ ‫لما روى النَّسائي وأبو داود وأحمد وابن ِ‬
‫الله بن السائب قال " سمعت النبي يقول بين‬
‫الركن اليماني والحجر‪ :‬ربنا آتنا في الدنيا حسنة‪ ،‬وفي‬
‫الخرة حسنة‪ ،‬وقنا عذاب النار "‪.‬‬
‫وأضيف أيضا ً ما يلي‪ :‬في الشواط الثلثة الولى التي‬
‫ي دون إسراٍع‬ ‫ن فيها السراع في الطواف يُس ُّ‬
‫ن المش ُ‬ ‫يُس ُّ‬
‫ما بين الركن اليماني والحجر السود‪ ،‬لما روى ابن ماجة‬
‫عن ابن عباس قال " قال النبي لصحابه حين‬
‫أرادوا دخول مكة في عمرته بعد الحديبية‪ :‬إن قومكم‬
‫جلْداً ‪ ،‬فلما دخلوا المسجد‬ ‫غداً سيرونكم‪ ،‬فلْيرونكم ُ‬
‫استلموا الركن ورملوا والنبي معهم حتى إذا بلغوا‬
‫الركن اليماني م َ‬
‫شوْا إلى الركن السود‪ ،‬ثم رملوا‬

‫‪154‬‬
‫حتى بلغوا الركن اليماني‪ ،‬ثم مشوا إلى الركن‬
‫السود‪ ،‬ففعل ذلك ثلث مرات‪ ،‬ثم مشى الربع "‪.‬‬

‫حجاج والطوافين عموما ً يُلصقون أبدانهم‬ ‫(‪ )13‬السؤال‪ :‬أرى ال ُ‬


‫ُ‬
‫مد ّون أيديهم إلى أعلى‬ ‫ووجوههم بجدار الكعبة الشرقي وي َ ُ‬
‫ويغرقون في الدعاء‪ ،‬والذي أطلبه منكم هو أن تعطوني‬
‫الدليل على مشروعيةِ هذه الحالة‪ ،‬وهل الدعاء فيها‬
‫مستجاب؟‬
‫(‪ )13‬الجواب‪ :‬روى أبو داود والبيهقي عن عبد الرحمن بن‬
‫صفوان قال " لما فتح رسول الله مكة‪ ،‬قلت‪:‬‬
‫ن ثيابي‪ ،‬وكانت داري على الطريق‪ ،‬فلنظَُر َّ‬
‫ن‬ ‫للبس َّ‬
‫كيف يصنع رسول الله ‪ ،‬فانطلقت‪ ،‬فرأيت النبي‬
‫قد خرج من الكعبة هو وأصحابه وقد استلموا البيت‬
‫من الباب إلى الحطيم‪ ،‬وقد وضعوا خدودهم على‬
‫جر‬ ‫البيت ورسول الله وسطهم " والحطيم هو ِ‬
‫ح ْ‬
‫إسماعيل عليه السلم‪ .‬وفي رواية لبن ماجة عن عمرو‬
‫ت مع عبد الله‬ ‫ابن شعيب عن أبيه عن جده‪ ،‬قال " طُفْ ُ‬
‫بن عمرو‪ ،‬فلما فرغنا من السبع ركعنا في دُبُر الكعبة‪،‬‬
‫جر‬ ‫ح ْ‬
‫فقلت‪ :‬أل نتعوذ بالله من النار؟ ثم قام بين ال ِ‬
‫والباب‪ ،‬فألصق صدَْره ويديه وخدَّه إليه‪ ،‬ثم قال‪ :‬هكذا‬
‫ف في‬ ‫رأيت رسول الله يفعل " ورواه أبو داود باختل ٍ‬
‫اللفظ‪ .‬قوله‪ :‬ركعنا في دبر الكعبة يقصد ركعتي‬
‫الطواف‪ .‬والدعاء في هذه الهيئة هو ما يسمى دعاء‬
‫الملتََزم‪ ،‬وهو دعاءٌ مستجاب‪.‬‬

‫(‪ )14‬السؤال‪ :‬هناك علمتان خضراوان في منتصف المسافة‬


‫خطا فيها‬ ‫بين الصفا والمروة أرى الناس يغُذُّون ال ُ‬
‫ويسرعون‪ ،‬فما دليل هذا الفعل ؟‬
‫(‪ )14‬الجواب‪ :‬وردت في السعي في تلك المنطقة بين‬
‫العمودين الخضرين الحاديث التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬عن ابن عمر " أن رسول الله كان إذا طاف‬
‫ب ثلثاً ومشى أربعاً ‪ ،‬وكان‬ ‫بالبيت الطواف الول خ َّ‬

‫‪155‬‬
‫سيل إذا طاف بين الصفا والمروة‪" ...‬‬ ‫م ِ‬
‫يسعى ببطن ال َ‬
‫رواه مسلم‪.‬‬
‫ب‪ -‬عن جابر بن عبد الله " أن رسول الله كان إذا‬
‫نزل من الصفا مشى‪ ،‬حتى إذا انصبَّت قدماه في بطن‬
‫الوادي سعى حتى يخرج منه " رواه النَّسائي‪.‬‬
‫ج‪ -‬عن صفية بنت شيبة عن امرأة قالت " رأيت رسول‬
‫الله يسعى في بطن الوادي‪ ،‬ويقول‪ :‬ل يُقطَع الوادي‬
‫إل شدَّاً " رواه النَّسائي‪ ،‬ورواه ابن ماجة بسند [عن صفية‬
‫بنت شيبة عن أم ولد شيبة ]‪.‬‬
‫معبَّر عنها‬
‫فالمسافة بين العمودين الخضرين هي ال ُ‬
‫بهذه الحاديث ببطن الوادي‪ ،‬أو ببطن المسيل‪ .‬ففي هذا‬
‫ف سعيا ً وشدَّاً‪ ،‬أي السير بسرعة‪.‬‬ ‫الوادي يُندَب الطوا ُ‬
‫(‪ )15‬السؤال‪ :‬ذهبت امرأةٌ للحج‪ ،‬وقبل أن تصل مكة حاضت‬
‫فكيف تتصَّرف ؟‬
‫(‪ )15‬الجواب‪ :‬تفعل ما يفعله الحجاج باستثناء الطواف حول‬
‫ط فيه الطهارة‪،‬‬‫الكعبة‪ ،‬فإنه يأخذ حكم الصلة‪ ،‬فتُشتََر ُ‬
‫ت طافت بالكعبة‪ ،‬لما روت‬ ‫ت واغتسل ْ‬ ‫حتى إذا طهر ْ‬
‫ت مكة وأنا‬‫عائشُة رضي َ الله عنها أنها قالت " قدم ُ‬
‫ف بالبيت ول بين الصفا والمروة‪،‬‬ ‫حائض ولم أط ُ ْ‬
‫ت ذلك إلى رسول الله قال‪ :‬افعلي‬ ‫قالت‪ :‬فشكو ُ‬
‫كما يفعل الحاج غير أن ل تطوفي بالبيت حتى تطهُري‬
‫" رواه البخاري‪ .‬وفي رواية أخرى للبخاري عن جابر بن‬
‫ة ا فنسكت‬ ‫َقال "‪ ...‬وحاضت عائش ُ‬ ‫عبد الله‬
‫ف بالبيت‪ ،‬فلما طهرت‬ ‫المناسك كل ّها غير أنها لم تط ُ ْ‬
‫طافت بالبيت‪." ...‬‬
‫سبَقَ "‬
‫من َ‬ ‫منا ُ‬
‫خ َ‬ ‫منى ُ‬ ‫(‪ )16‬السؤال‪ :‬الحديث المشهور " ِ‬
‫مل ْك لعموم المسلمين‬ ‫ٌ‬ ‫منى ِ‬
‫يدل هذا اللفظ على أن ِ‬
‫يستعملها حجاج بيت الله في موسم الحج‪ ،‬ولكن الواقع‬
‫منى صارت أشبه بمدينة يقطنها اللف من الناس‬ ‫هو أن ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫في بيوت مملوكة لهم‪ ،‬مما يحول دون تمكن الحجاج من‬
‫منى‬‫منى‪ ،‬فهل هذا البناء في ِ‬ ‫ل مساحةِ ِ‬ ‫استعمال كام ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫منى ملكا فرديا ؟‬ ‫جائز‪ ،‬وهل يجوز تملك أراضي ِ‬

‫‪156‬‬
‫منى‬ ‫(‪ )16‬الجواب‪ :‬الصحيح الذي ينبغي الذهاب إليه هو أن ِ‬
‫ك لعامة ا لناس ل يجوز لحد أن يتملك فيها‪ ،‬ول أن‬ ‫مل ٌ‬
‫يتخذ فيها بيتا ً أو مزرعة أو أية مصلحةٍ فردية مثلها مثل‬
‫الساحات العامة والشوارع والنهار وغيرها‪ ،‬وكل من‬
‫يسكن فيها سكنا ً دائميا ً يُعتبر معتديا ً وآثماً‪ ،‬فعن عائشة‬
‫رضي الله عنها قالت " قيل يا رسول الله أل نبني لك‬
‫ُ‬
‫من سبق " رواه‬ ‫مناخ َ‬
‫منى ُ‬‫منَى بناءً يُظِل ّك ؟ قال‪ :‬ل‪ِ ،‬‬ ‫ب ِ‬
‫البيهقي وأبو داود وابن ماجة والدارمي‪ ،‬ورواه الحاكم‬
‫وصححه‪ ،‬ورواه الترمذي وقال‪ :‬هذا حديث حسن‪.‬‬
‫منى ويبني فيها بيتا ً عقاب الله‬
‫ل من يسكن ِ‬ ‫فليحذر ك ُّ‬
‫يوم القيامة لن حكمه أنه اغتصب أرضا ً لعامة الناس ل‬
‫ل‪.‬‬‫يحق له أن يتملكها بحا ٍ‬

‫(‪ )17‬السؤال‪ :‬ما معنى قول رسول الله " الحج عرفة " ؟‬
‫(‪ )17‬الجواب‪ :‬جاء في الحديث الذي رواه أبو داود والنَّسائي‬
‫والترمذي وأحمد من طريق عبد الرحمن بن يعمر الديلي‬
‫س أو نفٌر من‬ ‫ت النبي وهو بعرفة فجاء نا ٌ‬ ‫قال " أتي ُ‬
‫أهل نجد فأمروا رجلً فنادى رسول الله ‪ :‬كيف‬
‫ج الح ُّ‬
‫ج‬ ‫الحج ؟ فأمر رسول الله رجلً فنادى‪ :‬الح ُّ‬
‫مٍع‬
‫ج ْ‬
‫م عرفة‪ ،‬من جاء قبل صلة الصبح من ليلة َ‬ ‫يو ُ‬
‫جه‪ " ...‬وليلة جمع هي ليلة المزدلفة تبدأ عند‬ ‫فتم ح ُّ‬
‫غروب شمس يوم عرفة‪ .‬فقوله عليه الصلة والسلم‬
‫سره قوله الذي يليه (من جاء قبل صلة‬ ‫(الحج عرفة) ف َّ‬
‫الصبح من ليلة جمع فتم حجه) بمعنى أن من أدرك‬
‫عرفة فقد أدرك الحج‪ ،‬ومن لم يدرك عرفة فقد فاته‬
‫م "الحج‬ ‫الحج‪ .‬هذا هو معنى قوله عليه الصلة ُ والسل ُ‬
‫عرفة "‬

‫‪157‬‬
‫(‪ )18‬السؤال‪ :‬هل صحيح أن من يبيتون خلف جمرة العقبة‬
‫في اتجاه مكة ل يُعتَبرون بائتين في منى‪ ،‬وبالتالي‬
‫َ‬
‫يتوجب عليهم الذبح كفَّارة ً ؟‬
‫(‪ )18‬الجواب‪ :‬نعم إن ما بين جمرة العقبة ومكة ليس من‬
‫منى‪ ،‬وكل‬ ‫ج ِ‬ ‫منى‪ ،‬بل إن جمرة العقبة نفسها تقع خار َ‬ ‫ِ‬
‫من يبيت خلف جمرة العقبة عليه دم‪ ،‬فعن جابر ابن عبد‬
‫ل عرفة موقف‬ ‫الله قال " قال رسول الله ‪ :‬ك ُّ‬
‫ف‬
‫ة موق ٌ‬ ‫ل مزدلف َ‬ ‫وارتفعوا عن بطن ع ُرنة‪ ،‬وك ُّ‬
‫َ‬
‫حر إل ما وراء‬ ‫من ْ َ‬ ‫منى َ‬ ‫سر‪ ،‬وكل ِ‬ ‫ح ِّ‬‫م َ‬ ‫وارتفعوا عن بطن ُ‬
‫ن بطن عرنة‬ ‫ث أ َّ‬‫العقبة " رواه ابن ماجة‪ .‬يذكر الحدي ُ‬
‫سر ليس من مزدلفة‪ ،‬وما‬ ‫مح ِّ‬ ‫ليس من عرفة‪ ،‬وبطن ُ‬
‫ن من يبيت‬ ‫منى‪ ،‬ولذا فإ َّ‬ ‫وراء جمرة العقبة ليس من ِ‬
‫ح شاةً فما فوقها‪ ،‬لنه لم‬ ‫وراء جمرة العقبة يجب أن يذب َ‬
‫يقُم بواجب المبيت بمنى‪.‬‬
‫منى ل تتسع للحجيج‪ ،‬إذ لو أُزيلت‬ ‫وليس صحيحا ً أن ِ‬
‫ن المراء‬‫ت الحرس والجيش ومساك ُ‬ ‫البيوت ومعسكرا ُ‬
‫منى تتسع لضعاف ما يرتادها اليوم من حجاج‬ ‫لصبحت ِ‬
‫بيت الله‪ ،‬ولو افترضنا أنها ل تتسع‪ ،‬فإن الحل المثل هو‬
‫منى لتكون‬ ‫بناء عمارات ذات طوابق عديدة في أنحاء ِ‬
‫مساكن عامة للحجيج يقطنون بها طيلة أيام الحج‪،‬‬
‫وبالتالي ل يعودون مضطرين للنـزول خلف جمرة العقبة‬
‫منى‪.‬‬ ‫التي هي خارج حدود ِ‬

‫(‪ )19‬السؤال‪ :‬يختلف المسلمون كثيرا ً بخصوص رمي الجمار‬


‫في منى‪ ،‬فمنهم من أوجب الرمي بعد زوال الشمس‪،‬‬
‫أي بعد الظهر‪ ،‬ومنهم من أجاز الرمي في أية ساعة من‬
‫ليل أو نهار‪ ،‬فما هو الحكم الشرعي في هذه المسألةِ مع‬
‫الدليل؟‬
‫(‪ )19‬الجواب‪ :‬ال ُّ‬
‫سنة في رمي الجمار يوم النحر‪ ،‬أي في‬
‫اليوم الول من أيام منى‪ ،‬هي أن يكون الرمي بعد طلوع‬
‫الفجر‪ ،‬أو قل في وقت الضحى‪ ،‬لما ُروي عن جابر‬
‫حى‪،‬‬‫ض َ‬
‫قال " رمى رسول الله الجمرة يوم النحر ُ‬
‫‪158‬‬
‫د فإذا زالت الشمس " رواه مسلم وأبو داود‬ ‫وأما بع ُ‬
‫والنَّسائي والترمذي وابن ماجة وأحمد‪ .‬ولما ُروي عن ابن‬
‫عباس قال " قد َّ َ‬
‫منَا رسو ُ‬
‫ل الله ليلة المزدلفةِ‬
‫مرات‪ ،‬فجعل يَلْط َ ُ‬ ‫ُ‬
‫خ‬ ‫ح ُ‬
‫ة بني عبد المطلب على ُ‬ ‫أغَيْل ِ َ‬
‫م َ‬
‫ي ل ترموا الجمرةَ حتى تطلع‬ ‫أفخاذ َنا ويقول أُبَيْن ِ َّ‬
‫الشمس " رواه أبو داود والنَّسائي والترمذي وابن ماجة‬
‫وأحمد قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪ .‬واللطخ‪:‬‬
‫َ‬
‫الضرب الل ّين‪.‬‬
‫سنة هي أن يرمي‬‫أما في اليوم الثاني والذي يليه فال ُّ‬
‫الناس بعد الزوال‪ ،‬أي بعد الظهر لما ُروي عن جابر في‬
‫الحديث المار قبل قليل (وأما بعد فإذا زالت الشمس)‬
‫ولما ُروي عن ابن عباس " أن رسول الله كان يرمي‬
‫س قدر ما إذا فرغ من رميِهِ صلى‬
‫الجمار إذا زالت الشم ُ‬
‫الظهر " رواه ابن ماجة والترمذي وقال‪ :‬هذا حديث حسن‪،‬‬
‫دون قول الحديث (قدر‪ ...‬الخ )‬
‫سنَّة‪ ،‬وليست في الحاديث أية قرينة على‬ ‫هذه هي ال ُّ‬
‫وجوب التقيد بهذه الوقات‪ ،‬ولذا فإن من رمى جمرة‬
‫العقبة في يوم النحر قبل طلوع الشمس فل إثم عليه‪،‬‬
‫ومن رمى الجمرات في اليام الخرى قبل الزوال فل إثم‬
‫عليه‪ ،‬ولكن ل يؤخر الرمي إلى الليل‪ ،‬لن غروب‬
‫الشمس يعني انتهاء النهار‪ ،‬وبالتالي ل يكون قد رمى في‬
‫خر الرمي إلى ما بعد الغروب‪ ،‬ويبقى‬ ‫ذلك اليوم إن هو أ َّ‬
‫سعاً‪ ،‬يرمي المسلم في الضحى وفي‬ ‫المر بعد ذلك مو َّ‬
‫الظهيرة وفي العصر ولكن ل يؤخر الرمي إلى ما بعد‬
‫الغروب وإل اعتُبر لم يرم في ذلك اليوم‪.‬‬
‫أما الدليل على ما نقول بخصوص الرمي في يوم‬
‫النحر‪ ،‬فما ُروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت "‬
‫أرسل النبي بأم سلمة ليلَة النحر‪ ،‬فرمت الجمرة قبل‬
‫الفجر‪ ،‬ثم مضت فأفاضت‪ " ...‬رواه أبو داود‪ ،‬وروى‬
‫النَّسائي قريبا ً منه‪.‬‬
‫وأما الدليل على ما نقول بخصوص الرمي في اليام‬
‫الخرى‪ ،‬أي أيام التشريق‪ ،‬فما ُروي عن ابن عباس رضي‬
‫الله تعالى عنهما " أن النبي قيل له في الذبح‬
‫‪159‬‬
‫والحلق والرمي والتقديم والتأخير فقال‪ :‬ل حرج "‬
‫رواه البخاري ومسلم والنَّسائي وابن ماجة وأحمد‪ ،‬وما‬
‫ُروي عن عبد الله بن عمرو ابن العاص قال " سمعت‬
‫ل يوم النحر وهو واقف عند‬ ‫رسول الله ‪ ،‬وأتاه رج ٌ‬
‫ت قبل أن‬ ‫الجمرة‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول الله إني حلق ُ‬
‫أرمي‪ ،‬قال‪ :‬ارم ول حرج‪ ،‬وأتاه آخر فقال‪ :‬إني ذبحت‬
‫قبل أن أرمي‪ ،‬قال‪ :‬ارم ول حرج‪ ،‬وأتاه آخر فقال‪ :‬إني‬
‫ت إلى البيت قبل أن أرمي‪ ،‬قال‪ :‬ارم ول حرج‪،‬‬ ‫أفض ُ‬
‫سئِل يومئذٍ عن شيء إل قال‪ :‬افعلوا‬ ‫قال‪ :‬فما رأيته ُ‬
‫سئل‬ ‫ول حرج " رواه مسلم‪ .‬ورواه البخاري بلفظ " فما ُ‬
‫خر إل قال‪ :‬افعل ول حرج‬ ‫النبي عن شيء قُدِّم ول أ ُ ِّ‬
‫"‪.‬‬
‫ُ‬
‫ك كل ّها تؤدَّى في‬ ‫فالتوقيت من تقديم وتأخير‪ ،‬والنس ُ‬
‫أيام منى كما يشاء الحجاج‪ ،‬لسبب واضح هو أنهم قد ُرفع‬
‫عنهم الحرج فيها‪ ،‬فلْيفعلوا ما يشاءون ترتيبا ً وتوقيتاً‪.‬‬

‫ج رسول الله ؟ وكم مرةً اعتمر ؟‬ ‫(‪ )20‬السؤال‪ :‬كم مرة ح َّ‬
‫(‪ )20‬الجواب‪ :‬أما الحج فإنه عليه الصلة والسلم لم يحج إل‬
‫ميت حجــة الوداع‪ ،‬أمــا العمرة فقــد أدى‬ ‫س ِّ‬
‫مرة واحدة ُــ‬
‫مر‪ ،‬فعــن أنــس " أن رســول الله اعتمــر‬ ‫أربــع ع ُـ َ‬
‫ح َّ‬ ‫َ‬
‫ّـ‬
‫جت ِـه‪:‬‬ ‫مر كل هن فـي ذي القعدة إل التـي فـي َ‬ ‫أربـع ع ُـ َ‬
‫عمرةٌ من الحديبية‪ ،‬أو زمن الحديبية في ذي القعدة‪،‬‬
‫وعمرةٌ من العام المقبل فـي ذي القعدة‪ ،‬وعمرةٌ من‬
‫جعرانــة حيــث قســم غنائم حنيــن فــي ذي القعدة‪،‬‬
‫وعمرةٌ مـع حجتـه " رواه مســلم‪ .‬ورواه البخاري بلفـظ‬
‫مى عمرة َ ذي‬ ‫فيــه بعــض اختلف‪ ،‬ورواه أبــو داود وســ َّ‬
‫القعدة عمرة َ القضاء‪ ،‬ورواه ابـن ماجـة بلفـظ " عـن ابـن‬
‫مر‪ :‬عمرة‬ ‫عباس قال‪ :‬اعتمــر رســول الله أربــع ع ُ ـ َ‬
‫الحديبيــة‪ ،‬وعمرة القضاء مــن قابــل والثالثــة مــن‬
‫الجعرانة‪ ،‬والرابعة التي مع حجته"‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫(‪ )21‬السؤال‪ :‬أرى كثيرا ً من كبار السن والضعفاء والمرضى‬
‫يُطاف بهم حول الكعبة محمولين‪ ،‬فهل حقا ً يُقبَل منهم‬
‫ف هكذا‪ ،‬والذي نعلمه هو أن من ل يقدر على الحج‬ ‫الطوا ُ‬
‫ص آخر‪ ،‬وأن الرسول عليه الصلة والسلم‬ ‫حج عنه شخ ٌ‬ ‫يَ ُ‬
‫بأمر فأتوا منه ما استطعتم‪ ،‬فلماذا‬‫ٍ‬ ‫يقول إذا أمرتكم‬
‫سهم بالحج وهم غير قادرين عليه‬ ‫يكل ِّف هؤلءِ العجزة ُ أنف َ‬
‫؟‬
‫ج هؤلء المحمولين في الطواف وفي‬ ‫ن ح َّ‬
‫(‪ )21‬الجواب‪ :‬إ َّ‬
‫السعي جائٌز مقبول‪ ،‬بل إن القوياء أيضا ً يجوز لهم أن‬
‫يطوفوا محمولين راكبين‪ ،‬وذلك لما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬عن جابر بن عبد الله قال " طاف النبي في حجة‬
‫الوداع على راحلته بالبيت‪ ،‬وبالصفا والمروة‪ ،‬ليراه‬
‫شوه " رواه‬ ‫الناس وليُشرف وليسألوه‪ ،‬فإن الناس غَ ُ‬
‫مسلم وأبو داود والنَّسائي وأحمد‪.‬‬
‫ب‪ -‬عن ابن عباس " أن رسول الله قَدِم مكة وهو‬
‫يشتكي‪ ،‬فطاف على راحلته ‪،‬كلما أتى على الركن‬
‫جن فلما فرغ من طوافه أناخ فصلى‬ ‫ح َ‬
‫م ْ‬
‫استلم الركن ب ِ ِ‬
‫ركعتين " رواه أبو داود‪ .‬والمحجن هي العصا ذات الرأس‬
‫ج‪.‬‬
‫معو ِ ّ‬
‫ال ِ‬
‫ت إلى‬‫ج‪ -‬عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت " شكو ُ‬
‫رسول الله أني أشتكي‪ ،‬فقال‪ :‬طوفي من وراء‬
‫الناس وأنت راكبة‪ " ...‬رواه مسلم والبخاري وأبو داود‬
‫وغيرهم‪.‬‬
‫(‪ )22‬السؤال‪ :‬نرى الناس وهم يطوفون يسرعون في‬
‫المشي أحيانا ً ويمشون بتؤدة أحيانا ً أخرى‪ ،‬فهل الطواف‬
‫هكذا ؟ وما الدليل عليه ؟‬
‫خبُّون الشواط‬ ‫(‪ )22‬الجواب‪ :‬نعم الطواف هكذا‪ ،‬ير ُ‬
‫ملون أو ي َ ُ‬
‫الثلثة الولى‪ ،‬ويمشون بتؤدة أي ببطء الشواط الربعة‬
‫الخيرة‪ ،‬فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال "‬
‫م مكة إذا استلم الركن‬
‫رأيت رسول الله حين يَقْد َ ُ‬
‫ف من السبع "‬
‫ب ثلثة أطوا ٍ‬ ‫خ ُّ‬
‫السود أول ما يطوف ي َ ُ‬
‫رواه البخاري ومسلم‪ .‬وعن جابر " أن رسول الله‬
‫‪161‬‬
‫ل ثلثاً ومشى أربعاً ‪ " ...‬رواه النَّسائي‬ ‫طاف سبعاً ‪َ ،‬ر َ‬
‫م َ‬
‫ومسلم والترمذي‪.‬‬

‫(‪ )23‬السؤال‪ :‬هل لماء زمزم فضيلة خاصة ؟ أرجو بيان ما‬
‫يتعلق بهذا الماء ؟‬
‫(‪ )23‬الجواب‪ :‬نعم لماء زمزم فضيلة خاصة امتاز بها عما‬
‫سواه من الماء‪ ،‬وقد ورد في ماء زمزم أحاديث نبوية‬
‫أذكر لك منها ما يلي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬عن أبي ذر أن رسول الله قال "‪ ...‬إنها مباركة‪ ،‬إنها‬
‫م ‪ "...‬من حديث طويل رواه مسلم وأحمد‪.‬‬ ‫طعا ُ ُ‬
‫م طعْ ٍ‬
‫ورواه البيهقي بلفظ " إنها مباركة إنها طعا ُ ُ‬
‫م طعْمٍ‬
‫م وغذاءٌ‪ ،‬وشفاءٌ من‬‫سقْمٍ " فماء زمزم طعا ٌ‬ ‫شفاءُ ُ‬
‫و ِ‬
‫المراض‪.‬‬
‫ب‪ -‬عن عبد الله بن عباس قال " قال رسول الله ‪:‬‬
‫ححه ووافقه‬ ‫شرِب له" رواه الحاكم وص َّ‬ ‫ماء زمزم لما ُ‬
‫الذهبي‪ .‬ورواه أحمد بسند حسن‪ .‬ورواه ابن ماجة وابن‬
‫أبي شيبة‪.‬‬
‫ج‪ -‬عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر قال " كنت عند‬
‫ت؟‬ ‫ابن عباس جالساً ‪ ،‬فجاءه رجل فقال‪ :‬من أين جئ َ‬
‫ت منه كما ينبغي ؟ قال‪:‬‬ ‫قال‪ :‬من زمزم‪ ،‬قال‪ :‬فشرب َ‬
‫ت منها فاستقبل القبلة واذكر‬ ‫وكيف ؟ قال‪ :‬إذا شرب َ‬
‫َّ‬
‫اسم الله وتنفَّس ثلثاً وتضلع منها‪ ،‬فإذا فرغت فاحمد‬
‫ل‪ ،‬فإن رسول الله قال‪ :‬إن آية ما بيننا‬ ‫الله عز وج َّ‬
‫َ‬
‫وبين المنافقين أنهم ل يتضل ّعون من زمزم " رواه ابن‬
‫ماجة بسند صحيح‪ .‬ورواه الحاكم‪.‬‬

‫ة ؟ مع‬ ‫(‪ )24‬السؤال‪ :‬ما حكم العمرة أواجب ٌ‬


‫ة هي أم مندوب ٌ‬
‫ذكر الدلة ؟‬
‫(‪ )24‬الجواب‪ :‬اختلف الفقهاء في هذه المسألة على رأيين‪،‬‬
‫فمنهم من قال بوجوب العمرة‪ ،‬ومنهم من قال بأنها‬
‫مندوبة‪ .‬أما الذين قالوا بوجوب العمرة فقد استدلوا على‬
‫الوجوب بما يلي ‪:‬‬
‫‪162‬‬
‫ي فقال‪ :‬يا‬ ‫أ‪ -‬عن أبي َرزِين العُقَيلي أنه " أتى النب َّ‬
‫رسول الله إن أبي شيخ كبير ل يستطيع الحج ول‬
‫ج عن أبيك واعتمر " رواه‬ ‫ح َّ‬
‫العمرة ول الظعن‪ ،‬قال‪ُ :‬‬
‫الترمذي وأبو داود‪ .‬ورواه أحمد وقال‪ :‬ل أعلم في إيجاب‬
‫ح منه‪.‬‬‫العمرة حديثا ً أجود َ من هذا ول أص َّ‬
‫ب‪ -‬عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن‬
‫جده " أن النبي كتب إلى أهل اليمن كتاباً وبعث به‬
‫ج الصغُر ول‬ ‫مع عمرو بن حزم فيه‪ :‬وأن العمرةَ الح ُّ‬
‫يمس القرآن إل طاهر " رواه الداَرقُطْني والبيهقي‬
‫والحاكم والطبراني‪ ،‬وحسنَّه الحازمي‪.‬‬
‫ج‪ -‬ما ذكره البخاري في صحيحه [ وقال ابن عمر رضي الله‬
‫ة وعمرةٌ‪ ،‬وقال ابن عباس‬ ‫عنهما‪ :‬ليس أحد ٌ إل وعليه حج ٌ‬
‫رضي الله عنهما‪ :‬إنها لقرينتُها في كتاب الله عز وجل (ﮱ ﯓ‬
‫ﯔ ﯕ)[سورة البقرة الية‪ ]196 :‬وما ذكره الحاكم وغيره من‬
‫أن زيد بن ثابت كان يقول بوجوب العمرة‪.‬‬
‫ة غير واجبة فقد‬ ‫وأما الذين قالوا بأن العمرة مندوب ٌ‬
‫استدلوا على قولهم بما يلي‪:‬‬
‫سئل عن العمرة أواجبة‬ ‫ُ‬ ‫أ‪ -‬عن جابر " أن النبي‬
‫هي ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬وأن يعتمروا هو أفضل " رواه الترمذي‪،‬‬
‫وقال‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‪ ،‬ورواه أحمد وابن أبي‬
‫شيبة‪.‬‬
‫ب‪ -‬عن طلحة بن عبيد الله أنه سمع رسول الله يقول‬
‫" الحج جهاد والعمرة تطوع " رواه ابن ماجة‪ .‬ورواه‬
‫البيهقي من حديث ابن عباس‪.‬‬
‫ج‪ -‬عن القاسم عن أبي أُمامة الباهلي قال " قال رسول‬
‫الله ‪ :‬من مشى إلى صلة مكتوبة وهو متطهِّر فأجُره‬
‫حرِم‪ ،‬ومن مشى إلى تسبيح الضحى‬ ‫م ْ‬‫كأجر الحاج ال ُ‬
‫لغو بينهما‬
‫َ‬ ‫مر‪ ،‬وصلةٌ على إِثْر صلة ل‬ ‫فأجره كأجر المعت ِ‬
‫عل ِّيين " رواه الطبراني في المعجم الكبير‪.‬‬ ‫ب في ِ‬‫كتا ٌ‬
‫ورواه أحمد وأبو داود والبيهقي‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫ة‬
‫فأقول ما يلي‪ :‬أما الحديث الول فل دللة فيه واضح ً‬
‫على وجوب العمرة‪ ،‬أعني حديث أبي رزين‪ ،‬فقول الحديث "‬
‫ص ُّ‬
‫ح‬ ‫ج عن أبيك واعتمر " يدل على أن الحج والعمرة ي ِ‬ ‫ح َّ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫التيان بهما عن الوالد المتوفّى‪ ،‬فأين القرينة على الوجوب ؟‬
‫ج الصغر "‬ ‫ة الح ُّ‬
‫وأما الحديث الثاني القائل " وأن العمر َ‬
‫فل دللة فيه هو الخر على وجوب العمرة‪ ،‬فوصفها بالحج‬
‫ت من كون العمرة هي جزء صغير من مناسك الحج‪،‬‬ ‫الصغر آ ٍ‬
‫ُ‬
‫وإل فليس في السلم حج أكبر وحج أصغر‪ ،‬وما أطلق على‬
‫الوقوف بعرفة من كونه يوم الحج الكبر إنما هو لعظم ذلك‬
‫اليوم‪ ،‬فهو اليوم الكبر من أيام الحج‪.‬‬
‫ل فليست بأدلة‪،‬‬ ‫وأما ما جاء في البند الثالث من أقوا ٍ‬
‫وإنما هي آراءٌ لثلثة من الصحابة تصلح للتقليد‪ ،‬ول تصلح‬
‫كأدلة شرعية‪.‬‬
‫ونأتي الن لدلة من قالوا إن العمرة مندوبة غير واجبة‪،‬‬
‫فأقول ما يلي‪:‬‬
‫أما الحديث الول‪ ،‬أعني حديث جابر‪ ،‬فرغم أن الترمذي‬
‫ج بن‬ ‫جا َ‬ ‫قال عنه حسن صحيح‪ ،‬فإن الناظر في سنده يجد الح َّ‬
‫أَرطأة‪ ،‬والحجاج هذا ضعَّفه الكثيرون‪ ،‬فالبخاري ومسلم لم‬
‫حبَّان (تركه ابن المبارك‬ ‫جا به في صحيحيهما‪ ،‬وقال ابن ِ‬ ‫يحت َّ‬
‫ويحيى بن القطان وابن مهدي ويحيى بن معين وأحمد بن‬
‫حنبل) وضعفه البيهقي‪ .‬فالحديث ضعيف ل يصلح للحتجاج‪.‬‬
‫وأما الحديث الثاني ففيه عمر بن قيس ضعَّفه أحمد‬
‫ويحيى بن معين وأبو حاتم الرازي والنَّسائي‪ ،‬قال أحمد‪:‬‬
‫متروك ليس يسوى حديثُه شيئاً‪ ،‬لم يكن حديثه بصحيح‬
‫أحاديثه بواطيل‪ .‬وقال البخاري‪ :‬منكر الحديث‪ .‬وقال‬
‫الجوزجاني‪ :‬ساقط‪ .‬وقال النَّسائي‪ :‬متروك الحديث‪ .‬ثم إن‬
‫ن بن يحيى الخشني‪ ،‬قال عنه ابن‬ ‫في سند هذا الحديث الحس َ‬
‫معين‪ :‬ليس بشيء‪ .‬وقال الدارقطني‪ :‬متروك‪ .‬وقال ابن‬
‫حبَّان‪ :‬منكر الحديث جداً‪ ،‬يروي عن الثقات ما ل أصل له‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فالحديث ضعيف جداً‪ ،‬بل ساقط ل يصلح للحتجاج‪.‬‬
‫وأما الحديث الثالث ففي سنده القاسم أبو عبد الرحمن‪،‬‬
‫قال عنه أحمد بن حنبل‪ :‬ما أرى البلء إل من القاسم‪ .‬وضعفه‬
‫‪164‬‬
‫ابن حزم‪ ،‬بل إن ابن حزم ضعف جميع طرق هذا الحديث‪.‬‬
‫وضعَّفه الَّزيْلَعي‪ .‬وفي المقابل قبله آخرون‪ ،‬فالحديث‬
‫بالتساهل يصل إلى مرتبة الحسن‪ ،‬وهو غاية ما يستدل به‬
‫القائلون بأن العمرة مندوبة غير واجبة‪.‬‬
‫ولول أنني نظرت في الحديث التي فوجدت فيه غير ما‬
‫توصل إليه القائلون بأن العمرة مندوبة لنضممت إليهم وقلت‬
‫إن العمرة مندوبة غير واجبة‪ ،‬وهذا هو الحديث عن ابن‬
‫ة‬
‫عباس رضي الله عنهما أن رسول الله قال "‪ ...‬فإن عمر ً‬
‫في رمضان تقضي حجة أو حجة معي " رواه البخاري‪ .‬وعنه‬
‫عند مسلم "‪ ...‬فإذا جاء رمضان فاعتمري‪ ،‬فإن عمرة فيه‬
‫تعدل حجة " ورواه النَّسائي وابن ماجة وأحمد وابن ِ‬
‫حبَّان‪.‬‬
‫ل بلفظ " عمرةٌ في‬ ‫وعند أبي داود من طريق أم معق ٍ‬
‫جزِئُ حجة " وعند النَّسائي أيضا ً وابن ماجة وأحمد‬ ‫رمضان ت ُ ْ‬
‫خنْبش الطائي بلفظ " عمرة في‬ ‫من طريق وهب بن َ‬
‫رمضان تعدل حجة "‪.‬‬
‫هذا الحديث الصحيح بطرقه المتعددة وألفاظه المتقاربة‬
‫يُستدل به على أن العمرة واجبة وليست مندوبة مستحبة‬
‫فقط‪ ،‬أما كيف ؟ فأقول ما يلي ‪:‬‬
‫ض‪ ،‬فإن ما يعدل هذا الفرض ينبغي أن‬ ‫حيث أن الحج فر ٌ‬
‫يكون فرضا ً مثله على تفاوت في الدرجة‪ ،‬ول يص ُّ‬
‫ح ول يُقبَل‬
‫أن يقال إن المندوب يعدل الفرض وإل اختلطت الحكام‪،‬‬
‫فمثل ً ل يصح أن يقال إن ركعتي الضحى تعدلن ركعتي‬
‫الفجر‪ ،‬كما ل يصح أن يقال إن صدقة التطوع تعدل الزكاة‬
‫المفروضة‪ ،‬وكذلك ل يصح أن يقال إن صيام يوم عاشوراء‬
‫يعدل صيام يوم ٍ من رمضان‪ ،‬فالفرض ل يعدله مندوب‪ ،‬ول‬
‫يعدله إل فرض‪ ،‬وهذه قاعدة فقهية ينبغي أن ل يختلف عليها‬
‫فقيهان‪ ،‬فقول الحديث " عمرةٌ في رمضان تعدل حجة "‬
‫يجب أن يُفهم منه أن العمرة واجبة مثلما أن الحج واجب‪،‬‬
‫وحيث أن الحج أعلى درجة في الوجوب من العمرة‪ ،‬فقد جاء‬
‫تقييد العمرة هنا بكونها في رمضان لتزداد ارتفاعا ً في‬
‫الوجوب حتى تضارع الحج في الثواب‪ ،‬ولول أنها واجبة لما‬
‫جاز التعادل بين العمرة والحج في الثواب‪.‬‬
‫‪165‬‬
‫لهذا أقول إن الحكم الشرعي الذي تطمئن إليه النفس‬
‫هو أن العمرة واجبة‪ ،‬وهو ما يقول به ابن عمر وابن عباس‬
‫وزيد بن ثابت رضي الله عنهم‪ ،‬ويزيد المر ثباتا ً عندي ما رواه‬
‫ابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها قالت " قلت يا رسول‬
‫الله على النساء جهاد ؟ قال‪ :‬نعم عليهن جهاد ل قتال فيه‬
‫ج والعمرةُ " والدللة واضحة‪.‬‬ ‫الح ُّ‬
‫ل إن مات قام أقاربه‬ ‫ن الرج َ‬ ‫(‪ )25‬السؤال‪ :‬المعلوم للجميع أ َّ‬
‫ة‬
‫ص صحيح ٍ‬ ‫ج عنه‪ ،‬والسؤال هو‪ :‬هل من نصو ٍ‬ ‫بالح ِ ّ‬
‫ط عن الميت فرض الحج‬ ‫وواضحةٍ تجيز ذلك ؟ وهل يَسق ُ‬
‫ويسقط عنه الثم ؟‬
‫(‪ )25‬الجواب‪ :‬ما يفعله الناس من قيامهم بالحج عن الموات‬
‫ط الثم‬ ‫صحيح ومشروع وردت به النصوص‪ ،‬وهو يُسق ُ‬
‫ل الدَّين‪ ،‬وقد وردت في هذه المسأل ِ‬
‫ة‬ ‫عنهم‪ ،‬مثلُه مث ُ‬
‫ث كثيرة أكتفي منها بما يلي ‪:‬‬ ‫أحادي ُ‬
‫ن امرأة ً سألت النبي‬ ‫أ‪ -‬عن ابن عباس رضي الله عنهما " أ َّ‬
‫ك "رواه‬ ‫جي عن أبي ِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ج‪ ،‬قال‪ُ :‬‬ ‫عن أبيها مات ولم يح َّ‬
‫النَّسائي‪.‬‬
‫ة‬
‫مرت امرأ ٌ‬ ‫َ‬
‫ب‪ -‬وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال " أ َ‬
‫ن‬‫جهَني أن يسأل رسول الله أ َ َّ‬ ‫ة ال ُ‬ ‫سلَم َ‬ ‫ن َ‬‫نب َ‬ ‫سنا َ‬‫ِ‬
‫ج عنها؟‬ ‫ُ‬
‫جزِيء عن أمها أن تح َّ‬ ‫َ‬ ‫أُمها ماتت ولم تح َّ‬
‫ج‪ ،‬أفي ُ ْ‬
‫ن فقضته عنها ألم يكن‬ ‫ُ‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬لو كان على أمها دَي ْ ٌ‬
‫ج عن أُمها " رواه النَّسائي‪.‬‬ ‫ح َّ‬ ‫جزِيُْ عنها ؟ فلْت َ ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫ن رجل ً أتى النبي‬ ‫ج‪ -‬وعن ابن عباس رضي الله عنهما " أ َّ‬
‫ج عنه ؟ قال‪:‬‬ ‫ج‪ ،‬أفأح ُّ‬ ‫ن أبي مات ولم يح َّ‬ ‫فقال‪ :‬إ َّ‬
‫ت قاضيَه ؟ قال‪ :‬نعم‪،‬‬ ‫ن‪ ،‬أكن َ‬ ‫ك دَي ْ ٌ‬ ‫ت لو كان على أبي َ‬ ‫أرأي َ‬
‫حبَّان بسندٍ حسن‪ .‬ورواه‬ ‫ج عن أبيك " رواه ابن ِ‬ ‫ح َّ‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫الطبراني‪.‬‬
‫(‪ )26‬السؤال‪ :‬يقوم بعض المعتمرين بأداء أكثَر من عُمرةٍ في‬
‫السفرة الواحدة‪ ،‬فتراهم يخرجون إلى التنعيم ك َّ‬
‫ل يومٍ‬
‫حرِموا ثم يؤدُّون العمرة‪ ،‬وربما اعتمروا في السفرة‬
‫لي ُ ْ‬
‫‪166‬‬
‫ل مشروعٌ‬ ‫مرٍ أو أكثر‪ ،‬فهل هذا الفع ُ‬ ‫الواحدة خمس عُ َ‬
‫وجائٌز ؟‬
‫ن أداء أكثر من عمرةٍ في‬ ‫(‪ )26‬الجواب‪ :‬أُبادُر إلى القول إ َّ‬
‫ث ول‬ ‫ن ول من حدي ٍ‬ ‫السفرة الواحدة ل دليل عليه من قرآ ٍ‬
‫إمام‬
‫ٍ‬ ‫ي واحدٍ أو‬ ‫من إجماِع صحابةٍ ول حتى من قول صحاب ٍ ّ‬
‫ن الواجب القلعُ عن‬ ‫واحد ٍ من أئمة المسلمين‪ ،‬ولذا فإ َّ‬
‫هذا الفعل المبتدَِع‪ ،‬والقتصاُر على أداءِ عمرةٍ واحدةٍ في‬
‫السفرة الواحدة‪.‬‬
‫ل شهر أو حتى ك َّ‬
‫ل‬ ‫ل سنةٍ أو ك َّ‬ ‫أما أداءُ العمرة ك َّ‬
‫ٍ‬
‫ل عمرةٍ فيها‬ ‫س به إن هو أنشأ لك ِّ‬ ‫ف شهرٍ فل بأ َ‬ ‫نص ِ‬
‫ة اللتزام ِ بالمشروع‪،‬‬ ‫سفرةً خاصة ‪ ،‬فينال فضيلتين‪ :‬فضيل َ‬
‫وفضيلة الكثار من العُمر‪ ،‬لما روى البخاري ومسلم‬
‫خَزيمة من طريق أبي هريرة‬ ‫والنَّسائي والترمذي وابن ُ‬
‫ن رسول الله قال " العمرةُ إلى العمرةِ كفارةٌ لما‬ ‫أ َّ‬
‫بينهما‪." ...‬‬
‫ة في‬ ‫ة والتابعون والئم ُ‬ ‫ولنستعرض معا ً ما يقوله الصحاب ُ‬
‫س‬
‫س وأن ٍ‬ ‫ن عبا ٍ‬ ‫ن عمر واب ِ‬ ‫ي واب ِ‬ ‫مسألتنا هذه‪ :‬فقد ُروي عن عل ٍ ّ‬
‫م ِ المؤمنين عائشة‪ ،‬وعن عطاءٍ وطاوس وعكرمة‪ ،‬جواُز‬ ‫وأ ّ‬
‫شهر مرةً)‬ ‫ٍ‬ ‫العتمار في السنة مرارا ً (وقال علي‪ :‬في ك ِّ‬
‫ل‬
‫ة (يعتمر إذا أمكن‬ ‫ي في مسنده‪ .‬وقال عكرم ُ‬ ‫رواه الشافع ُّ‬
‫ل‬‫مر في ك ِّ‬ ‫الموسى من شعره) وقال عطاء ‪( :‬إن شاء المعت ِ‬
‫شهرٍ مرتين )‪ .‬وقال أحمد (إذا اعتمر فل بد َّ من أن يحلق أو‬
‫ق الرأس )‪ .‬فظاهر هذا‬ ‫صر وفي عشرة أيام ٍ يمكن حل ُ‬ ‫يُق ِّ‬
‫ة أ يامٍ‪.‬‬ ‫ل من عشر ِ‬ ‫َ‬ ‫ب عنده أن يعتمر في أق ّ‬ ‫ح ُّ‬
‫القول انه ل يُست َ‬
‫وكره مالك أداء العمرة في السنة مرتين‪ .‬وقال الجمهور‬
‫(يجوز العتماُر أكثَر من مرةٍ في السنة )‪ .‬وهذه القوال كلها‬
‫ب في حالةِ أداء العمرة الواحدةِ في السفرة الواحدة‬ ‫تص ُّ‬
‫فقط‪.‬‬
‫ت لم‬ ‫ن رسول الله قد اعتمر أربعَ عُمرٍ في أربع سفرا ٍ‬ ‫إ َّ‬
‫ل سفرةٍ على عمرةٍ واحدةٍ ول أحد ٌ ممن كان معه ‪,‬‬ ‫يزد في ك ِّ‬
‫فقد روى البخاري ومسلم وأبو داود من طريق أنس قال "‬
‫ث ردُّوه‪ ،‬ومن القابل ع ُمرة الحديبية‪،‬‬ ‫اعتمر النبي حي ُ‬
‫‪167‬‬
‫وعمرة في ذي القعدة‪ ،‬وعمرة مع حجته " ودلل ُ‬
‫ة هذا‬
‫ل سفرةٍ على عمرةٍ‬ ‫يزد ْ في ك ِّ‬
‫ن النبي لم ِ‬ ‫الحديث هي أ َّ‬
‫واحدةٍ ‪ ,‬ول أحد ٌ ممن كان معه‪.‬‬
‫ي في هذه المسألة ‪ ,‬فمن تجاوز‬ ‫هذا هو الحكم الشرع ُّ‬
‫ة في السفرة‬ ‫هذا الحكم واستمَّر على أداء أكثر من عمر ٍ‬
‫ل ‪ ,‬والغلوُّ مذموم جدا ً في شرع الله سبحانه‬ ‫الواحدة فهو غا ٍ‬
‫َ‬
‫لما روى أحمد بإسناد ٍ صحيح والن ّسائي وابن ماجة والحاكم‬
‫س قال‪ :‬قال لي رسول الله "‪...‬‬ ‫من طريق ابن عبا ٍ‬
‫بالغلو‬
‫ِّ‬ ‫وإياكم والغلوَ في الدين‪ ،‬فإنما هلك من كان قبلكم‬
‫في الدين "‪ .‬ورحم الله طاوسا ً القائل (الذين يعتمرون من‬
‫ي‬ ‫ح أن يدَّع َ‬‫جرون عليها أو يُعذَّبون )‪ .‬ول يص ُّ‬ ‫التنعيم ما أدري يؤ َ‬
‫ب في الثواب من رسول الله صلى الله عليه‬ ‫ُ‬
‫أحد ٌ أنه أرغ ُ‬
‫ي منهم أنه أدَّى أكثر‬ ‫وسم ول من صحابته الذين لم يُروَ عن أ ٍ ّ‬
‫من عمرةٍ في السفرة الواحدة‪.‬‬
‫ة ل بد َّ مـن ذكرهـا والردِّ عليهـا هـي قول بعضهـم‬ ‫شبه ٌ‬‫بقيـت ُ‬
‫رويـ عـن عائشـة رضـي الله عنهـا أنهـا اعتمرت مرتيـن فـي‬ ‫إنـه ُ َ‬
‫أثناء حجهــا مــع رســول الله بأمــر رســول الله لمــا روى‬
‫البخاري وغيره من طريق القاسم بن محمد عن عائشة رضي‬
‫الله عنهــا قالت " خرجنــا مــع رســول الله ‪ ...‬فدعــا عبــد‬
‫الرحمـن بـن أبـي بكر فقال‪ :‬أُخر ْجـ بأختـك مـن الحرم فلْتُه َّ‬
‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫بعمرةٍ ‪ ,‬ثــم افَرغــا ثــم ائتيــا ههنــا‪ ،‬فإنــي أنظُركمــا حتــى‬
‫ص على جواز التيان بأكثــر‬ ‫تأتيانــي‪ " ...‬ول دللة فــي هذا الن ّ ـِ‬
‫ن الرســول أذن‬ ‫مــن عمرةٍ فــي الســفرة الواحدة‪ ،‬ذلك أ ّــَ‬
‫ن بعمرةٍ لنهــا‬ ‫ة أن تخرج مــن مكــة إلى التنعيــم والتيا ِ ـ‬ ‫لعائش َ‬
‫ن‬‫حاضـت آنذاك فلم تتمكـن مـن إتمام عمرتهـا‪ ،‬فكان هذا الذ ُـ‬
‫ث الكثيرة تشيــر إلى هذا‬ ‫لهــا حتــى تؤدي عمرتهــا‪ ،‬والحادي ُــ‬
‫الفهـم‪ ،‬ففـي صـحيح البخاري مـن طريـق جابر بـن عبـد الله‬
‫نّـ عائشـة رضـي الله عنهـا حاضـت فنسـكت المناسـك‬ ‫"‪ ...‬أ َ‬
‫َ‬
‫ف بالبيـت‪ ,‬قال‪ :‬فلمـا طهرت وطافـت‬ ‫كل ّـها غيـر أنهـا لم تط ُـ ْ‬
‫ة وأنطلقـــُ‬ ‫قالت‪ :‬يـــا رســـول الله‪ :‬أتنطلقون بعمرةٍ وحج ٍ‬
‫ج ؟ فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج معها إلى‬ ‫بالح ِ ّ‬
‫التنعيــم ‪ ,‬فاعتمرت‪ " ...‬وفــي روايةٍ ثانيةٍ عنــد البخاري "‪...‬‬
‫‪168‬‬
‫ة الحصــبةِ أرســل معــي عبــد الرحمــن إلى‬ ‫فلمــا كانــت ليل ُ‬
‫َّ‬
‫التنعيم‪ ،‬فأردفها فأهلت بعمرةٍ مكان عمرتها ‪ ,‬فقضى الله‬
‫حجهـا وعمرتهـا‪ "...‬وفـي روايةٍ ثالثةٍ مـن طريـق عائشـة رضـي‬
‫الله عنهـا قالت " يـا رسـول الله تخر ُجـ نسـاؤ ُك بعمرةٍ وحجةٍ‬
‫مْرهـا مـن‬ ‫وأنـا أخرج بحجـة فقال لخيهـا عبـد الرحمـن‪ :‬أع ْ ِ‬
‫التنعيــم " رواه الن ّ ـَسائي فــي الســنن الكــبرى‪ ،‬ورواه مســلم‬
‫ل الله‬ ‫ت حجي بعث معي رسو ُ‬ ‫وجاء فيـه "‪ ...‬حتى إذا قضي ُـ‬
‫عبد الرحمن بن أبي بكر وأمرني أن أعتمر من التنعيم‬
‫ة‬‫ج ولم أحلل منهــا"‪ .‬فأي ُ‬ ‫مكان عمرتــي التــي أدركنــي الح ّــُ‬
‫دللةٍ فـي هذه الحاديـث على دعوى جواز أداء أكثـر مـن عمرةٍ‬
‫في السفرة الواحدة ؟‬
‫ة عبادةٍ‪ ،‬يجب التيان بها‬ ‫ن العمرة عبادة‪ ،‬وإ َّ‬
‫ن العبادة َ ‪ ,‬أي َ‬ ‫إ َّ‬
‫كما وردت وعلى وجهها‪ ،‬ول دخل لعقول البشر في تحديد‬
‫شكلها أو تعيين وقتها ‪ ,‬فمن اتقى الله تعالى فلْيُقلِعْ عن‬
‫ة في السفرة‬ ‫ة واحد ٍ‬‫ف بأداء عمر ٍ‬ ‫التلعب بهذه العبادة ‪ ,‬ولْيكت ِ‬
‫الواحدة‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫البــاب الخـامــس‬
‫زكــاة واقتصــاد‬

‫(‪ )1‬السؤال‪ :‬ما هو الحد الفاصل بين الفقر والغنى‪ ،‬أو بين‬
‫الفقير والغني‪ ،‬وهل صحيح أن الغني هو من ملك نصاب‬
‫الزكاة فما فوق كما يقول الحناف؟‬
‫(‪ )1‬الجواب‪ :‬لقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة اختلفاً‬
‫واسعاً‪ ،‬وحيث أننا نحن نتبنى في هذه المسألة‪ ،‬فإن‬
‫الواجب علينا الوقوف عند ما نتبناه نحن‪ ،‬وندع من يرغب‬
‫في الوقوف على آراء الفقهاء المتعددة يعود إلى كتب‬
‫الفقه المعتبرة‪.‬‬
‫نحن نتبنى أن الفقير هو من نقصت أمواله عن قضاء‬
‫حاجاته الساسية‪ ،‬وحددناها بالمأكل والملبس والمسكن‪،‬‬
‫وهذه الحاجات الثلث قد ذكرتها النصوص بشكل جلي ل‬
‫لبس فيه‪ ،‬فمن نقصت أمواله عن قضاء هذه الحاجات‬
‫الساسية فهو فقير يستحق الزكاة‪ ،‬أما من زادت أمواله‬
‫على قضاء هذه الحاجات الثلث فليس بفقير عندنا‪.‬‬
‫أما هل من زادت أمواله على قضاء هذه الحاجات‬
‫الساسية الثلث يعتبر غنياً‪ ،‬فهذه المسألة تشعبت فيها‬
‫آراء الفقهاء كثيراً‪ ،‬أما نحن فعندنا في المقدمة فقرة‬
‫فيما يتعلق بأخذ الضرائب أنقلها كما وردت [الضريبة‪ ،‬فل‬
‫تحصل من المسلم إل إذا زادت عن الحاجات التي تلزم‬
‫مثله عادة‪ ،‬أي ما زاد على مأكله وملبسه ومسكنه‬
‫وخادمه وزواجه وما يركبه لقضاء حاجته‪ ،‬وما شاكل ذلك‬
‫حسب أمثاله‪ ،‬لن هذا هو معنى قول الرسول "عن ظهر‬
‫غنى"‪.‬‬
‫نخلص من هذا البيان إلى أن من نقصت أمواله عن‬
‫قضاء حاجاته الساسية الثلث يعتبر فقيراً‪ ،‬فإن وفت‬
‫أمواله على قضاء هذه الحاجات فقط فقد خرج من دائرة‬
‫الفقر‪ ،‬ولكنه لم يدخل في دائرة الغنى‪ ،‬ول يدخل في‬

‫‪170‬‬
‫دائرة الغنى ويصبح غنيا ً إل إن تحقق له ما جاء في‬
‫المقدمة أعله‪ ،‬أي كانت أمواله تكفي لقضاء الحاجات‬
‫الساسية وللحاجات اللزمة الخرى كالعلج والركوبة‬
‫والتعليم والزواج وما شاكلها‪ ،‬أرجو أن أكون قد وفقت‬
‫في بيان حد الفقر والغنى‪ ،‬أو الحد بين الفقير والغني‪.‬‬

‫ي المرأةِ من الذهب‬ ‫(‪ )2‬السؤال‪ :‬هل ل تجب الزكاة في ُ‬


‫حل ِ ِ ّ‬
‫مهما كثرت إن كانت تستعملها للزينة وتقول هي للزينة‬
‫ت بثمنها‪ ،‬ول تنوي‬ ‫وللزمن إن احتجتُها بعتُها وانتفع ُ‬
‫كنـَزها‪ ،‬وإذا زادت عن حاجتها فهل تَُز ِكّي ما زاد ؟‬
‫ب أو‬‫ي المرأة من ذه ٍ‬ ‫(‪ )2‬الجواب‪ :‬ل تجب الزكاة في ُ‬
‫حل ِ ِ ّ‬
‫ة كريمة مهما كثرت ما دام ينطبق عليها‬ ‫فضةٍ أو حجار ٍ‬
‫ة وللزينة‪ ،‬أما إن اشترتها المرأة لغير الزينة وإنما‬ ‫أنها زين ٌ‬
‫ج‬
‫من أجل الدِّخار وانتظار الحاجة إليها فيجب عندئذ ٍ إخرا ُ‬
‫زكاتها‪.‬‬
‫سها بالمعروف‬ ‫أما مقدار الحاجة‪ ،‬فتُق ِدّرها المرأة نف ُ‬
‫لمثالها‪ ،‬فلو اشترت عشر أساور فهي ضمن الزينة‬
‫بالمعروف‪ ،‬ولكن إن هي اشترت خمسين أو سبعين مثلً‬
‫فإنها في هذه الحالة ل تُعتبر من الزينة حسب المعروف‪،‬‬
‫فعندئذٍ تستثني منها مقدار حاجتها بالمعروف‪ ،‬كأن تستثني‬
‫عشرا ً منها‪ ،‬ثم تزكي عن الباقي‪.‬‬

‫(‪ )3‬السؤال‪ :‬توفي أبي منذ شهر أو أقل‪ ،‬وكان ل يصلي ول‬
‫يصوم‪ ،‬ول يزكي حسب علمي‪ ،‬أما زكاة الفطر فكان‬
‫جها‪ ،‬ولكنه صام آخر رمضان من عمره‪ ،‬وكان قلبه‬ ‫خرِ ُ‬
‫يُ ْ‬
‫رقيقا ً بحيث أنه في بعض المرات كنا نرى الدموع في‬
‫ل يا أبي‬‫عينيه عند سماع القرآن‪ ،‬وكنا إذا قلنا له ص ِّ‬
‫يقول‪ :‬إن شاء الله‪ ،‬وعندما توفي قلت‪ :‬إنا لله وإنا إليه‬
‫ف لنا خيرا ً منها‬ ‫جْرنا في مصيبتنا وأ َ ْ‬
‫خل ِ ْ‬ ‫راجعون‪ ،‬اللهم اأ ُ‬
‫كما تعلمت من أم سلمة رضي الله عنها‪ ،‬وقد وسوس‬
‫لي الشيطان بأنه كافر لنه لم يكن يصلي فل أدري‬

‫‪171‬‬
‫أأستغفر الله له فأعصي ربي‪ ،‬أم ل أستغفر له‪ ،‬فماذا‬
‫أعمل ؟‬
‫(‪ )3‬الجواب‪ :‬الرأي الصح هو أن تارك الصلة تكاسل ً وإهمالً‬
‫ك مسلم إن شاء الله‬ ‫ص‪ ،‬وليس كافراً‪ ،‬فأبو ِ‬
‫فاسقٌ وعا ٍ‬
‫تعالى‪ ،‬ولهذا يجوز لك أن تستغفري الله له‪ ،‬ويجوز لك‬
‫أن تدعي الله له بالرحمة‪ ،‬ويجوز لك أن تتصدقي عنه‪،‬‬
‫عسى الله أن يرحمه أو يخفف عنه العذاب‪.‬‬

‫(‪ )4‬السؤال‪ :‬هل يجوز للزوجة أن تتصدَّق على الفقراء من‬


‫المال الذي يهبه لها زوجها كمصروف لها‪ ،‬وقد يسألها‬
‫عنه كيف أنفقته ؟ فهل يجوز لها التصدُّق من هذا‬
‫المال بدون علمه (ما لم تتجاوز الحد المعقول‬
‫بالصدقة) ول تخبره لنها تحب سّرِية الصدقة أو تخشى‬
‫َ‬
‫منع زوجها لها من ذلك لقل ّة ذات اليد؟‬
‫(‪ )4‬الجواب‪ :‬يجوز للمرأة أن تتصدق من المال الذي يهبه لها‬
‫زوجها كمصروف لها وكنفقة‪ ،‬لن المال هذا يصبح ملكاً‬
‫ن‬
‫لها يجوز أن تتصرف فيه بعلمه وبدون علمه‪ ،‬إل إ ْ‬
‫اشترط عليها أن ل تنفقه في غير حاجتها فل يجوز‬
‫التصدُّق به‪ ،‬أما مال زوجها الذي يقع تحت يدها فليس لها‬
‫الحق في التصرف به مطلقا ً إل بإذنه وبحدود شروطه‪.‬‬

‫(‪ )5‬السؤال‪ :‬هل ثمن ساعة الذهب الّرِ َّ‬


‫جالية يعتبر مالً‬
‫حلل ً ؟‬
‫(‪ )5‬الجواب‪ :‬الحرام هو لبس الرجل هذه الساعة‪ ،‬أما بيعها‬
‫وشراؤها وقبض ثمنها فجائز وحلل‪.‬‬

‫(‪ )6‬السؤال‪ :‬هل مرتَّب العامل في مؤسسة تبيع الساعات‪،‬‬


‫ة رجالية‪ ،‬هل مرتَّبُه حلل أم هو‬
‫ت ذهبي ٌ‬
‫ومن ضمنها ساعا ٌ‬
‫كمن يعمل في خمارة أو بنك ربوي ؟‬

‫‪172‬‬
‫(‪ )6‬الجواب‪ :‬إن مرتَّب العامل في هذه المؤسسة حلل‪،‬‬
‫فالحرام ليس بيع الساعة أو شراءَها‪ ،‬وإنما الحرام فقط‬
‫هو أن يلبسها الرجل إن كانت من الذهب‪.‬‬

‫(‪ )7‬السؤال‪ :‬هل مال العامل في البنك الربوي مهما كان نوع‬
‫عمله يعتبر مال ً حراما ً ؟‬
‫(‪ )7‬الجواب‪ :‬مال العامل في البنك الربوي حرام إن كان‬
‫ة فيما‬ ‫عمله في المور الكتابية والحسابية‪ ،‬وفيه ُ‬
‫شبه ٌ‬
‫سوى ذلك‪.‬‬

‫(‪ )8‬السؤال‪ :‬هل شراء العملت من أجل بيعها حين يرتفع‬


‫سعرها جائز شرعا ً ؟‬
‫(‪ )8‬الجواب‪ :‬نعم هو جائز شرعاً‪ ،‬ول يعتبر من الحتكار‬
‫المحَّرم‪ ،‬فالحتكار هو إخفا ُء سلعةٍ يؤدي إخفاؤ ُها إلى‬
‫غلء سعرها في السوق‪ ،‬وهذا الواقع غير متوفر في‬
‫موضوع العملت بالنسبة للفراد‪.‬‬

‫(‪ )9‬السؤال‪ :‬هل يجوز إخراج كفارة اليمين‪ ،‬أو كفارة الفطار‬
‫في رمضان‪ ،‬للمسلمين في البوسنة والهرسك أو في‬
‫الصومال‪ ،‬أو في أي بلد للمسلمين فيه حاجة إلى‬
‫المعونة ؟ وهل ينطبق الحكم نفسه على الزكاة ؟‬
‫مخرج أن‬ ‫(‪ )9‬الجواب‪ :‬يجوز ذلك إن كان يغلب على ظن ال ُ‬
‫الكفارة أو الزكاة ستُصرف هناك على مستحقيها‪ ،‬أما إن‬
‫من تُصرف‪ ،‬أوكان ل يثق‬ ‫كان ل يدري أين تذهب وعلى َ‬
‫َ‬
‫بمن يوصلها فل يرسلها إلى هناك‪ .‬والوْلى دائما ً إخرا ُ‬
‫ج‬
‫ب الكفارة‪.‬‬‫الزكاة في بلد المزكِّي وصاح ِ‬
‫(‪ )10‬السؤال‪ :‬هل يجوز قبول الهدية من رجل له رصيد ٌ في‬
‫م ربحت‬ ‫البنك يأخذ عليه الفائدة الربوية‪ ،‬وله كذلك أسه ٌ‬
‫ة إلى ماله‪ ،‬ول يدري هل الهدية هي‬ ‫مبلغا ً من المال إِضاف ً‬
‫من المال الحلل أم من المال الحرام ؟‬

‫‪173‬‬
‫(‪ )10‬الجواب‪ :‬نعم يجوز قبول الهدية من المرابي أو ممن‬
‫يعمل في البنوك‪ ،‬والثم فقط على المرابي دون سواه‪،‬‬
‫متين‪ ،‬أما إن هو تَنَـَّزه عن أخذ‬
‫لن الثم ل يتعلق بذ َّ‬
‫الهدية ورعا ً أو زجرا ً للمرابي فهو مأجور‪.‬‬

‫ة من رجل يعمل‬ ‫(‪ )11‬السؤال‪ :‬هل يجوز أن يقبل شخ ٌ‬


‫ص هدي ً‬
‫عند تاجر جملة يوزع على التجار بالمفَّرق‪ ،‬وهو مندوب‬
‫مبيعات‪ ،‬وفي بعض الحيان يبيع بضاعة خاصة به على‬
‫أنها للتاجر صاحب العمل‪ ،‬يبيعها للزبائن‪ ،‬ويأخذ ثمنها‬
‫بدون علم صاحب العمل‪ ،‬هل يجوز للشخص قبول هديته‬
‫المأخوذة من مال التاجر ؟‬
‫ن على مال‬ ‫(‪ )11‬الجواب‪ :‬الرجل العامل عند تاجر جملة مؤت َ َ‬
‫م ٌ‬
‫التاجر ومصلحته فل يجوز له التفريط بحقوق التاجر أو‬
‫التلعب بالبيع والهداء‪ ،‬وإن فعل ذلك أثم إل في حالة ما‬
‫إذا أذن التاجر له بالقيام بإهداء الناس هدايا من مال‬
‫تجارته‪ ،‬وكل إنسان يعرف أن هذا العامل يُهدِي الناس‬
‫هدايا بدون إذن التاجر ل يحل له قبول هديته‪.‬‬

‫(‪ )12‬السؤال‪ :‬في هذا العصر صارت النقود على هيئة أوراق‬
‫نقدية إلزامية تستمد قوتها من القانون والدولة‪ ،‬ولتحديد‬
‫هل بلغت النقود نصاب الزكاة ل بد لنا من أن نُقوِّمها‬
‫بأحد المعدنين‪ ،‬الذهب والفضة‪ ،‬لنعلم هل بلغت النصاب‬
‫أم ل‪ ،‬والمشكلة تكمن في أن نصاب الذهب يختلف‬
‫تماما ً عن نصاب الفضة‪ ،‬بحيث لو أننا اخترنا التقويم‬
‫بنصاب الفضة فإن الزكاة تجب بمجرد حولن الحول‬
‫على مائة دولر أمريكي‪ ،‬بينما لو أننا اخترنا التقويم‬
‫بنصاب الذهب فلن تجب الزكاة في أقل من ألف دولر‬
‫أمريكي تقريبا ً وذلك أن ‪ 595‬غراما ً من الفضة قد‬
‫تشتريها بأقل من مائة دولر‪ ،‬بينما تحتاج إلى أكثر من‬
‫ألف دولر لشراء ‪ 85‬غراما ً من الذهب‪ ،‬فعندما نريد‬
‫ن ما لدينا من نقود ٍ ورقيةٍ إلزامية هل بلغت‬‫معرفة أ َّ‬
‫النصاب أم ل‪ ،‬فبأي المعدنين نقوِّم ؟ أرجو تفصيل‬
‫‪174‬‬
‫الدليل‪ ،‬لن هناك إخوانا ً كثيرين ينتظرون الجابة‪ ،‬وأحب‬
‫دّمها لهم كاملة وافية‪ ،‬ولك إن شاء الله من الجر‬ ‫أن أق ِ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫ما يليق بكرم الله ومنِّه وفضله‪ ،‬وأنْعِم به من كريم ٍ منا ٍ‬
‫ل سبحانه‪ ،‬وبارك الله بكم‪.‬‬ ‫ض ٍ‬‫متف ِّ‬
‫(‪ )12‬الجواب‪ :‬في العصور القديمة كانت الدول تصدر عملتها‬
‫قِطَعَا ً من الذهب وقِطَعَا ً من الفضة‪ ،‬وكانت بعض الدول‬
‫تصدر عملتها قِطَعَا ً من الذهب فقط‪ ،‬وبعضها تصدر‬
‫عملتها قِطَعَا ً من الفضة فقط‪ ،‬وفي عصرنا الراهن‬
‫أخذت الدول تصدر عملتها أوراقا ً مغطاة ً بالذهب‪ ،‬ولم‬
‫يبق من الدول من تصدر عملتها أوراقا ً مغطاة ً بالفضة‬
‫منذ عام ‪ 1930‬كما كان حاصل ً في دول جنوب شرق‬
‫آسيا‪ ،‬فالدول حاليا ً تغطي أوراقها النقدية أو تقدِّرها‬
‫بالذهب فقط‪ ،‬وفي مرحلة لحقة صارت التغطية بالذهب‬
‫َ‬
‫وبالدولر أو بسل ّةٍ من العملت الرئيسية‪ ،‬ومن هذا‬
‫َ‬
‫الستعراض نجد أن العملت اللزامية لم تعد تُغط ّى‬
‫بالفضة‪ ،‬وبقي الذهب غطاءً إلى جانب عملت رئيسية‬
‫أخرى‪ ،‬وعليه أقول إن زكاة الوراق النقدية حاليا ً يجب‬
‫أن تُقدَّر بقيمتها من الذهب فقط‪ ،‬ول تُقدَّر بقيمتها من‬
‫الفضة‪ ،‬فإن بلغت الوراق النقدية قيمة عشرين ديناراً‬
‫شرعياً‪ ،‬أي بلغت ‪ x 20 = 85 4.25‬غراما ً من الذهب‬
‫وجبت فيها الزكاة‪ ،‬ول يُلتَفت لنصاب الفضة حالياً‪ ،‬اللهم‬
‫إل من يملك سبائك الفضة وبلغت مائتي درهم‪ ،‬أي بلغت‬
‫‪ x 200 = 595 2.975‬غراما ً من الفضة فيخرج زكاتها‪ ،‬وهذا‬
‫الحال يُتصوَّر وجوده لدى بائعي المعادن والصاغة الذين‬
‫يتعاملون بالفضة‪.‬‬
‫وباختصار أقول ما يلي‪ :‬يجب عليك أن تقدِّر أوراقك‬
‫ت ما‬ ‫النقدية بما يعادلها من الذهب بسعر يومها‪ ،‬فإن ملك َ‬
‫تشتري به ‪ 85‬غراما ً من الذهب فأكثر فقد وجب عليك‬
‫إخراج زكاتها‪ ،‬وإل فل‪.‬‬

‫مقام ٍ على‬ ‫(‪ )13‬السؤال‪ :‬ما حكم استئجار كٍش ٍ‬


‫ك من البلدية ُ‬
‫الرصفة ؟‬
‫‪175‬‬
‫(‪ )13‬الجواب‪ :‬الرصفة والشوارع هي ملكية عامة ومن‬
‫ص أحدٍ بحيازتها‪ ،‬وهي ليست‬‫طبيعتها أنها تمنع اختصا َ‬
‫ملكية فردية ول ملكية الدولة‪ ،‬فل يجوز بيعها ول تأجيرها‬
‫ول حجُزها عن الناس‪ ،‬ومن يفعل ذلك فهو معتد ٍ على‬
‫م‪ .‬والجائز فقط هو النتفاع المؤقت بها‬ ‫حقوق الناس وآث ٌ‬
‫بشرط عدم منع الناس من النتفاع بها‪ ،‬فلو نصب‬
‫ة في وسط الشارع واتخذها للتجارة بحيث‬ ‫ص خيم ً‬‫شخ ٌ‬
‫ل الخيمة بين الناس وبين المرور أو تؤدي إلى‬ ‫حو ُ‬
‫تَ ُ‬
‫مضايقة المارة فإنه يأثم ولو كان استعمال الخيمة‬
‫مؤقتاً‪ .‬فاستعمال ما يدخل في الملكية العامة جائز‬
‫بشرطين‪ :‬أن يكون الستعمال مؤقتاً‪ ،‬وأن ل يمنع ذلك‬
‫ل الخرين من النتفاع به‪ ،‬وبناء على هذا فإن‬ ‫الستعما ُ‬
‫استئجار الكشاك المنصوبة على الرصفة وتأجيرها حرام‬
‫ل يجوز‪.‬‬

‫ق تجارية تُباع فيها الخمرة‬ ‫(‪ )14‬السؤال‪ :‬هل العمل في سو ٍ‬


‫جائز أم ل ؟‬
‫(‪ )14‬الجواب‪ :‬يجوز العمل في هذه السوق بشرط أن ل‬
‫َ‬
‫يتولى بنفسه بيع الخمور‪ ،‬ول ما يتعلق بها‪ ،‬ولكن الوْلى‬
‫اجتناب العمل في هذه السوق‪.‬‬
‫(‪ )15‬السؤال‪:‬‬
‫ة في‬‫أول‪ :‬يحصل أن يشتري شخص قطعة أرض واسع ً‬
‫الصحراء ثم يقوم بحفر بئر ماء فيها تكلفه اللف من‬
‫الدنانير‪ ،‬ثم يقوم بتقطيع أرضه قطعا ً كثيرة صغيرة‪،‬‬
‫ويعرض هذه القطع على الفلحين لستئجارها ويتعهد لهم‬
‫بتزويدهم بالماء من بئره ولكن بالثمن‪ ،‬فهل يجوز‬
‫استئجار قطع الراضي هذه؟‬
‫َ‬
‫ثانياً ‪ :‬وقد يَعرِض صاحب الرض أرضه كل ّها بما فيها البئر على‬
‫الفلحين لستئجارها دفعة واحدة‪ ،‬فهل هذه العملية‬
‫جائزة أيضا ً ؟‬
‫‪176‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬وقد يقوم صاحب الرض أحيانا ً ببناء بيو ِ‬
‫ت حمايةٍ‬
‫بلستيكية في أرضه ثم يعرض أرضه هذه لليجار فهل‬
‫يجوز استئجار هذه الرض ذات البيوت البلستيكية ؟‬
‫(‪ )15‬الجواب‪:‬‬
‫أ ‪ -‬إجارة الرض البيضاء‪ ،‬أي التي ل شجر فيها‪ ،‬تسمى‬
‫مزارعة‪ ،‬وأما إجارة الرض السوداء‪ ،‬أي ذات الشجر‪،‬‬
‫فتسمى مساقاة‪ .‬أما المزارعة فحكمها التحريم‪ ،‬وأما‬
‫المساقاة فحكمها الجواز‪.‬‬
‫حْرمة المزارعة أو إجارة الرض‬ ‫أما الدليل على ُ‬
‫البيضاء فما رواه رافع بن خديج قال " نهى النبي‬
‫من كِراء المزارع " رواه البخاري ومسلم وأحمد‪.‬‬
‫حبَّان من طريق جابر‬ ‫ولحمد من طريق رافع ولبن ِ‬
‫كلهما بلفظ " أن رسول الله نهى عن كِراءِ الرض‬
‫"‪.‬‬
‫وقد أمر رسول الله صاحب الرض أن يزرع أرضه‪،‬‬
‫أو أن يهبها لشخص آخر ليزرعها‪ ،‬وإل حبسها وأبقاها معه‬
‫على حالها‪ ،‬فعن أبي هريرة قال " قال رسول الله‬
‫حها أخاه‪ ،‬فإن أبى‬ ‫من كانت له أرض فلْيزرع ْها أو لِيمن ْ‬
‫فلْيُمسك أرضه " رواه البخاري ومسلم وأحمد‪.‬‬
‫هذا هو حكم إجارة الرض للزراعة‪ ،‬وهو التحريم‪،‬‬
‫جر الفلحين‬ ‫لهذا نقول إنه ل يحل لصاحب الرض أن يؤ ِّ‬
‫قطع الراضي هذه‪ ،‬ول يحل للفلحين استئجاُر هذه‬
‫جرة‪.‬‬‫القطع ما دامت بيضاء غير مش َّ‬
‫أما القول إن صاحب الرض قد تكلف كثيرا ً بحفر بئر‬
‫ض تسيل فيها‬ ‫الماء وإنه حوَّل الرض الجرداء إلى أر ٍ‬
‫المياه وإنه لهذا السبب يريد تأجير أرضه وبيع‬
‫المستأجرين من ماء البئر لزراعتهم‪ ،‬وإن الرض لول‬
‫الماء لما استأجرها أحد‪ ،‬وبالتالي القول بأن هذه الحالة‬
‫حالة جديدة ل ينطبق عليها حالة إجارة الرض أو‬
‫المزارعة المحَّرمة‪ ،‬فإنا نجيب هؤلء بأن تحريم إجارة‬

‫‪177‬‬
‫الرض جاء في النصوص عاما ً فيشمل الرض البعلية كما‬
‫يشمل الرض المروية دون فارق بينهما‪ ،‬فالرض البعلية‬
‫ة يحرم تأجيرها‬ ‫يحرم تأجيرها للزراعة‪ ،‬والرض المروي َّ ُ‬
‫للزراعة‪ ،‬فالرض هذه موضوع السؤال داخلة في حكم‬
‫التحريم‪.‬‬
‫ونضيف إلى ما سبق القول‪ ،‬إنه ل يصح القول إن‬
‫المستأجر لم يستأجر أرضاً‪ ،‬وإِنما استأجر أرضا ً وماء‪ ،‬أو‬
‫ل في الرض بفعل النسان‪ ،‬وأن‬ ‫استأجر أرضا ً ذا َ‬
‫ت ماءٍ سا َ‬
‫هذه الحالة تجعل الجارة جائزة‪ ،‬ل يصح القول هذا لسببين‪:‬‬
‫أول‪ :‬إن عقد الجارة قد وقع على عين الرض دون الماء ولذا‬
‫فإن العقد هنا عقد مزارعة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إن صاحب الرض يؤجر الرض ثم يعرض تزويدها بالماء‬
‫بالثمن‪ ،‬أي يقوم ببيع الفلحين الماء بيعاً‪ ،‬والبيع غير‬
‫الجارة‪ ،‬فشراء الماء من صاحب الرض ل يجعل إجارة‬
‫الرض جائزة‪ ،‬وحتى لو عرض صاحب الرض تزويد‬
‫ة‬
‫ض مروي ً‬ ‫الرض بالماء مجانا ً دون ثمن فصارت الر ُ‬
‫بالماء فإن إجارة هذه الرض تبقى هي هي حراماً‪ ،‬إضاف ً‬
‫ة‬
‫إلى وجود نهي عن إجارة الرض وعن الماء أيضا ً وذلك‬
‫فيما رواه جابر قال " قال رسول الله من كان له‬
‫ض أو ماءٍ فلْيزرع ْها‪ ،‬أو ليُْزرِع ْها أخاه ول‬ ‫ل أر ٍ‬‫فض ُ‬
‫تبيعوها‪ ،‬فسألت سعيداً ‪ :‬ما ل تبيعوها‪ ،‬الكراء ؟ قال‪:‬‬
‫نعم " رواه أحمد والبيهقي‪ .‬فهنا دخل الماء مع الرض‬
‫في حكم النهي عن الكراء أي عن الجارة والمزارعة‪.‬‬
‫ن أمامك خيارين اثنين‬ ‫ولكنا نقول لصاحب الرض إ َّ‬
‫فحسب‪:‬‬
‫‪.1‬إِما أن تهب أرضك للفلحين مجانا ً ثم تقوم ببيعهم‬
‫الماء بالسعر الذي يناسبك ويتحملونه‪ ،‬فتستفيد من‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪.2‬وإِما أن تهبهم الرض مجانا ً وتقدِّم لهم الماء دون‬
‫ن على أن تصبح بتقديم الماء شريكا ً لهؤلء‬ ‫ثم ٍ‬
‫دّم الماء وهم‬ ‫الفلحين في ناتج الرض‪ ،‬أي أنت تُق ِ‬
‫يقدمون الجهد والبذار وما يلزم‪ ،‬ويكون الربح على‬
‫‪178‬‬
‫ما تشترطون‪ ،‬فتأخذ أنت الربع أو الثلث مثل ً وهم‬
‫ة ول يُراعى‬ ‫يأخذون الباقي‪ ،‬ول يكون للرض حص ٌ‬
‫ة لك عند تقدير نسبة الرباح‪ ،‬وما‬ ‫كونُها مملوك ً‬
‫سوى ذلك فل يجوز‪ ،‬لن حكم إجارة الرض البيضاء‬
‫حرام‪ ،‬سوا ٌء منها ما كانت بعلية أو مروية‪.‬‬
‫ب‪ -‬يجوز استئجار بئر الماء‪ ،‬ويجوز أن يدخل في ع َقد اليجار‬
‫ما حول البئر من الرض مما يلزم لها فحسب‪ ،‬ول يجوز‬
‫أن يدخل في عقد اليجار ما يزيد عن حاجة البئر من‬
‫مض َّ‬
‫خةٍ‬ ‫ب َ‬ ‫ص ِ‬
‫الراضي المحيطة به‪ ،‬فالبئر تحتاج إلى ن َ ْ‬
‫ة تحتاج إلى غرفة‪ ،‬وإلى غرفة أُخرى للوقود‪،‬‬ ‫والمض َّ‬
‫خ ُ‬
‫ف للعمال وما إلى ذلك‪ ،‬فما يكفي من الرض‬ ‫وإلى غر ٍ‬
‫لذلك وأمثاله يدخل في عقد اليجار وما يزيد عن ذلك‬
‫مما يؤخذ للمزارعة فل يجوز‪ ،‬لنه في هذه الحالة يكون‬
‫المستأجر قد استأجر البئر واستأجر أيضا ً أرضا ً زراعية‬
‫للزراعة‪ ،‬والثاني ل يجوز‪.‬‬
‫ت بلستيكية يجوز استئجارها‪ ،‬لن‬ ‫ج‪ -‬الرض المقامة عليها بيو ٌ‬
‫واقع الجارة هنا هو استئجار البيوت البلستيكية وليس‬
‫ة عليها‪ ،‬تماما ً كمن‬ ‫الرض‪ ،‬وإن كانت البيوت مقام ً‬
‫يستأجر بيتا ً أو يستأجر مصنعاً‪ ،‬فإن الجارة تقع على‬
‫ميْن عليها‪،‬‬ ‫البيت وعلى المصنع وليس على الرض المقا َ‬
‫فالجارة وقعت على العين المقامة على الرض وليس‬
‫على الرض ذاتها‪ .‬ولكن هذه الجارة جائزة بشرط أن‬
‫تكون الرض بمجملها أو بغالبيتها مغطاة ً بالبيوت‬
‫صصة لها‪ ،‬ل أن تكون الرض مثل ً عشرين دونماً‬ ‫ومخ َّ‬
‫ت واحد أو بيتان من البلستيك مساحة البيت‬ ‫عليها بي ٌ‬
‫الواحد نصف دونم‪ ،‬فيدَّعي المستأجر أنه استأجر البيت‬
‫أو البيتين وهو في الحقيقة يكون قد استأجر الرض‬
‫البيضاء للزراعة‪ ،‬وتكون عملية استئجار بيوت البلستيك‬
‫ة للقيام بعملية المزارعة المحَّرمة‪،‬‬ ‫في هذه الحالة حيل ً‬
‫ولهذا فإنا نقول إنه ينبغي أن تكون المساحة المغطاة‬
‫َّ‬
‫جرة أو كلها‪،‬‬ ‫ببيوت البلستيك تشكل غالبية الرض المستأ َ‬
‫ة غير المغطاة بهذه البيوت إل الجزء‬ ‫ول تشكل المساح ُ‬
‫ً‬
‫اليسير منها حتى تصح العملية‪ ،‬وإل كانت حراما ل تجوز‪.‬‬
‫‪179‬‬
180
‫البـــاب الســادس‬
‫مســائل اجتمـاعيــة‬

‫(‪ )1‬السؤال‪ :‬قلتم في جوابكم لمن تلبس النقاب [ فإن هي‬


‫َ‬
‫مقات‬ ‫فعلت وتنقَّبت وغط ّت كفيها اعتُبرت من المتع ِّ‬
‫والمتنط ِّعات‪ ،‬وهو مذموم ] فما قولكم فيمن تقول أنا‬
‫مهات المؤمنين ؟ أليست أمهاتُنا نساءُ‬ ‫أفعل ذلك اقتداءً بأ ُ َّ‬
‫الرسول عليه وعليهن السلم قدوةً لنساءِ المؤمنين ؟‬
‫(‪ )1‬الجواب‪ :‬نساءُ الرسول عليه الصلة والسلم قدوة ٌ لنسائنا‬
‫إل ما كان خاصا ً بهن فل يُقتَدى بهن فيه‪ ،‬فالله يقول (ﭡ ﭢ‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ) [سورة الحزاب الية‪ ]36 :‬من الية ‪ 32‬من‬
‫سورة الحزاب وحيث أن الحجاب‪ ،‬وهو غطاء الوجه‪ ،‬قد‬
‫فُرض عليهم دون سواهن من النساء لقوله سبحانه‬
‫وتعالى ( ﯟﯟﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯥﯟﯟ)[ من الية ‪ 53‬من سورة الحزاب]‬
‫فإن تغطية الوجه هو من خصوصيات نساء الرسول ‪،‬‬
‫ن في كل‬ ‫ن فيه‪ ،‬فالقدوة به َّ‬ ‫فل تَقْتدي المرأة ُ المسلمة به َّ‬
‫فعل مشروع‪ ،‬إل ما خصه الدليل بنساء الرسول ‪،‬‬
‫ن فيه‪.‬‬ ‫والحجاب داخل في التخصيص‪ ،‬فل قُدوة به َّ‬

‫(‪ )2‬السؤال‪ :‬قلتم [نساءُ الرسول عليه الصلة والسلم قدوة‬


‫لنسائنا إل ما كان خاصا ً بهن فل يُقتدى بهن فيه ] إن‬
‫الذي أعلمه هو أن الرسول هو محل القتداء وليست‬
‫زوجاته ر‪.‬ضي الله عنهن‪ ،‬وقد جاء في كتاب النظام‬
‫الجتماعي في السلم ما نصه [‪ ...‬لن الرسول هو محل‬
‫القدوة في كل خطاب أو فعل أو سكوت ما لم يكن من‬
‫خصوصياته ‪ ،‬أما نساء الرسول فلسن محل القدوة‪،‬‬
‫) [سورة الحزاب الية‪:‬‬ ‫لن الله يقول (‬
‫‪ ]21‬ول يصح أن تكون نساء الرسول قدوة‪ ،‬بمعنى أن‬
‫ن يتصفن‬ ‫ل لنهن يفعلنه أو يُتَّصف بالصفة لنه َّ‬
‫يُفعل الفع ُ‬
‫ص بالرسول لنه ل يتبع إل الوحي ] فهذه‬ ‫بها‪ ،‬بل هو خا ٌ‬
‫أيضا ً بحاجة للتوضيح‪.‬‬
‫‪181‬‬
‫(‪ )2‬الجواب‪ :‬للجابة على هذا السؤال أو قل على هذه‬
‫الملحظة‪ ،‬أقول ما يلي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬إنه ل خلف بيننا على أن رسول لله هو قدوتنا‪ ،‬وإن‬
‫ل يخالف هذا القول باطل ومردود‪ ،‬ونعوذ بالله‬ ‫أي قو ٍ‬
‫من أن نخالف هذا المعلوم من الدين بالضرورة‪.‬‬
‫ب‪ -‬إن هذا القول أعله هو عام في كل مسائل التشريع‪،‬‬
‫ُ‬
‫بمعنى أن ما يقوله عليه الصلة والسلم يُتَّبعُ كل ّه‬
‫ويُقتَدى به كل ِّه ولذاته‪ ،‬لنه لذاته تشريع‪ ،‬وهو ما ل يتوفر‬
‫لسواه‪.‬‬
‫ج‪ -‬ومع ما سبق‪ ،‬ودون أن يتعارض معه‪ ،‬يصح لنا أن‬
‫نقول‪ :‬فلن يقتدي بفلن أو أنا أقتدي بفلن‪ ،‬كأن أقول‬
‫أنا أقتدي بأبي حنيفة‪ ،‬أو أن فلنا ً يقتدي بابن عباس‪،‬‬
‫فمثل هذا القول جائز ول يتعارض مع ما سبق‪ ،‬لن‬
‫مل على اتباع ما‬ ‫القتداء بغير رسول الله يجب أن يُح َ‬
‫قاله فلن أو عمله فلن مما قيل أو فُعل بحسب‬
‫الشرع‪ ،‬فهو إذن اقتدا ٌء مقيَّد وليس مطْلَقاً‪ ،‬وكأمثلة‬
‫على صحة هذا القول أكتفي بإيراد ما يلي‪:‬‬
‫‪.1‬إن عثمان بن أبي العاص " قال يا رسول‬
‫ت‬‫الله اجعلني إِمام قومي‪ ،‬قال‪ :‬أن َ‬
‫مهم‪ ،‬واقتد بأضعفِهم‪ ،‬واتخذ مؤذناً ل‬ ‫إِما ُ‬
‫يأخذ على أذانه أجراً " رواه أبو داود‬
‫وأحمد والنَّسائي والبيهقي والحاكم وابن‬
‫خَزيمة والطبراني‪.‬‬ ‫ُ‬
‫‪.2‬عن حذيفة أن النبي قال " اقتدوا‬
‫َ‬
‫بالل ّذ َين من بعدي أبو بكر وعمر " رواه‬
‫أحمد والترمذي وابن ماجة والبيهقي‬
‫حبَّان‪ ،‬ورواه البخاري في‬ ‫والحاكم وابن ِ‬
‫كتابه التاريخ‪.‬‬
‫م‬
‫‪.3‬عن ابن عباس‪" ،‬دعا أخاه عبيد َ الله يو َ‬
‫عرفة إلى طعامٍ‪ ،‬قال‪ :‬إني صائم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ة يُقتدَى بكم‪ "...‬رواه أحمد‪.‬‬
‫إنكم أئم ٌ‬
‫‪182‬‬
‫‪،‬‬ ‫هذه النصوص ورد فيها القتداء بغير رسول الله‬
‫فل يقال إِنها تعارض ما جاء في البندين السابقين‪ ،‬بل‬
‫تُفسر بأنها تعني اتباع ما قام به الشخص أو قاله مما‬
‫هو وارد في الشرع‪.‬‬
‫‪-2‬إن الخت السائلة قالت (أنا أفعل ذلك اقتداءً‬
‫بأمهات المؤمنين) فأجبتها على شاكلة سؤالها‪،‬‬
‫ويسمى مثل هذا المر بالمجاراة والمقابلة‪ ،‬وقد‬
‫ورد ذلك في كتاب الله سبحانه‪ ،‬قال تعالى (ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯ)[سورة الشورى الية‪ ،]41 :‬فهي من صميم لغة‬
‫العرب ولم أشأ أن أدخل مع الخت الفاضلة في‬
‫ث تتعلق بعلم الصول إذ ينبغي أن يكون‬ ‫أبحا ٍ‬
‫الجواب على قدر السؤال والحاجة‪.‬‬
‫لهذه البنود الربعة أقول إِن الجواب كان صحيحاً‪،‬‬
‫ول يتعارض مع وجوب القتداء بالرسول بشكل‬
‫مطلق‪.‬‬

‫ت إلى السوق فأنت‬ ‫السؤال‪ :‬رج ٌ‬


‫ل قال لزوجته‪ :‬إِن ذهب ِ‬ ‫(‪)3‬‬
‫طالق‪ ،‬ثم أراد أن يتراجع عن قوله‪ ،‬فماذا يفعل ؟‬
‫ل عن قوله‪ ،‬وأن‬ ‫الجواب‪ :‬يكفيه أن يخبر زوجته بأنه عَد َ َ‬ ‫(‪)3‬‬
‫بإمكانها أن تذهب إلى السوق دون محذور‪ ،‬وبعدئذٍ ل‬
‫تطلق زوجتُه إن هي ذهبت إلى السوق‪.‬‬
‫ي الطلق إن أنا‬ ‫السؤال‪ :‬رجل حلف بالطلق فقال‪ :‬عل َّ‬ ‫(‪)4‬‬
‫ت هذا الكتاب‪ ،‬ثم إنه قرأ الكتاب‪ ،‬فهل تطلق‬ ‫قرأ ُ‬
‫زوجته ؟‬
‫الجواب‪ :‬ل تطلقُ زوجته ول يقع بالحلف بالطلق طلقٌ‪،‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫م عشرةِ مساكين‪.‬‬ ‫وعليه فقط كفارة ُ يمين‪ ،‬وهي إطعا ُ‬
‫فالحلف بالطلق غيُر إرادة الطلق‪ ،‬وكم أتمنى على‬
‫الرجال أن يقلعوا عن هذه العادة السيئة‪.‬‬

‫(‪ )5‬السؤال‪ :‬ما هو حكم تنظيم النسل‪ ،‬وهل يصح شرعا ً ؟‬

‫‪183‬‬
‫(‪ )5‬الجواب‪ :‬تنظيم النسل جائز‪ ،‬وقطع النسل حرام‪ .‬أما‬
‫الدليل على جواز تنظيم النسل فما رواه البخاري‬
‫ومسلم وغيرهما " عن جابر قال‪ :‬كنا نعزل على عهد‬
‫رسول الله " وما رواه أحمد ومسلم وأبو داود " عن‬
‫ل إلى رسول الله ‪ ،‬فقال‪ :‬إن لي‬ ‫جابر قال‪ :‬جاء رج ٌ‬
‫ة وهي خادمتُنا وسانِيتُنا أطوف عليها وأنا أكره أن‬ ‫جاري ً‬
‫تحمل‪ ،‬قال‪ :‬اعزل عنها إن شئت‪ ،‬فإنه سيأتيها ما قُدِّر‬
‫ل حبوب‬ ‫لها‪ " ...‬ويأخذ حك َ‬
‫م العزل وضعُ اللولب‪ ،‬وتناو ُ‬
‫منع الحمل‪ ،‬وأخذ ُ البر الخاصة‪ ،‬فكل ذلك جائز‪.‬‬
‫وأما الدليل على تحريم قطع النسل فما رواه‬
‫البخاري ومسلم وأحمد " عن عبد الله ‪ -‬بن مسعود ‪-‬‬
‫كنا نغزو مع رسول الله وليس لنا شيءٌ‪ ،‬فقلنا‪ :‬أل‬
‫خص لنا أن ننكح‬ ‫نستخصي ؟ فنهانا عن ذلك‪ ،‬ثم ر َّ‬
‫المرأة بالثوب‪ ،‬ثم قرأ علينا {يا أيها الذين آمنوا ل‬
‫ل الله لكم } " الية ‪ 87‬من‬ ‫ت ما أَح َّ‬
‫حّرِموا طيبا ِ‬
‫تُ َ‬
‫سورة المائدة‪ .‬فأدخل الخصاء تحت بند التحريم‪ .‬ويأخذ‬
‫ي دواء‪،‬‬‫حكم الخصاء إغلقُ النابيب عند المرأة‪ ،‬وأخذ ُ أ ِ ّ‬
‫أو إِجراءُ أيةِ عمليةٍ لدى الرجل أو المرأة من شأنها أن‬
‫تقطع نسلهما بشكل دائم‪.‬‬
‫(‪ )6‬السؤال‪ :‬هل يجوز أن تعمل المرأة في الدوائر الحكومية‬
‫المختلطة وفي الشركات والمؤسسات العامة‬
‫والخاصة ؟‬
‫(‪ )6‬الجواب‪ :‬يجوز للمرأة أن تعمل في الدوائر الحكومية‬
‫والشركات والمؤسسات العامة والخاصة بشروط ‪:‬‬
‫ة اللباس الشرعي‪.‬‬ ‫‪-1‬أن تكون لبس ً‬
‫‪-2‬أن ل تتبرج بوضع العطور والصباغ الصارخة‪.‬‬
‫ة برجل واحد‪ ،‬كأن‬ ‫‪-3‬أن ل تختلي في غرفةٍ واحد ٍ‬
‫تعمل سكرتيرة عند موظف في غرفة واحدة‬
‫مغلقة‪.‬‬
‫ُ‬
‫ل محَّرم ٍ عليها فعله‪.‬‬‫‪-4‬أن ل تعمل أي عم ٍ‬

‫‪184‬‬
‫عتِيَّاً‪ ،‬وهو يحتاج إلى‬
‫مقْعَد ٌ وبلغ من الكبر ِ‬ ‫(‪ )7‬السؤال‪ :‬رجل ُ‬
‫ل‪ ،‬وابنتُه هي التي تقوم بهذه‬ ‫ف واغتسا ٍ‬ ‫رعاية من تنظي ٍ‬
‫العمال‪ ،‬وقد يحصل عند قيامها بهذه العمال أن ترى‬
‫سها‪ ،‬فهل هذا جائز ؟‬ ‫عورة أبيها أو تلم َ‬
‫ُ‬
‫(‪ )7‬الجواب‪ :‬إن اضط ّرت ابنُة العجوز المقعَد إلى خدمته بعد موت‬
‫أمها أو طلقها جاز لها أن تخدم أباها‪ ،‬وتتحرى ما أمكن عدم‬
‫النظر إلى العورة‪ ،‬وبعد بذل وسعها في ذلك ل بأس من أن‬
‫سها‪ ،‬ول إثم في ذلك إن شاء الله‪.‬‬ ‫ترى عورته أو تلم َ‬

‫م‬‫م ت َّ‬‫السؤال‪ :‬تم عقد ال ِقران على مهرٍ معلوم‪ ،‬ومن ث َّ‬ ‫(‪)8‬‬
‫س‪ ،‬وانتقلت الزوجة إلى بيت زوجها‪ ،‬ولم يتم دفع‬ ‫العر ُ‬
‫قرش واحد من المهر‪ ،‬لعجز الزوج ماديا ً عن الدفع‪،‬‬
‫ل عن المهر أو‬ ‫والسؤال هو‪ :‬هل يجوز للزوجة التناز ُ‬
‫ل هديةٍ أق َّ‬
‫ل ثمنا ً بالمهر ؟‬ ‫ضه أو استبدا ُ‬ ‫تخفي ُ‬
‫الجواب‪ :‬نعم يجوز للزوجة أن تسامح زوجها عن دفع‬ ‫(‪)8‬‬
‫مهرها لها كل ِّه أو قسم ٍ منه‪ ،‬كما يجوز لهما بالتراضي‬
‫استبدال هدية أقل ثمنا ً بالمهر‪.‬‬
‫ت قد سألتكم سؤال ً في السابق عن حدود‬ ‫السؤال‪ :‬كن ُ‬ ‫(‪)9‬‬
‫الوجه‪ ،‬وقد أتاني الجواب بأن حدود الوجه هي من منبت‬
‫الشعر وصول ً إلى العظمة البارزة في الذقن فقط ول‬
‫ه ما تحت هذه العظمة البارزة‪ ،‬لنها ليست‬ ‫يشمل الوج ُ‬
‫من الوجه‪ ،‬وإنما هي من الرقبة‪ ،‬فل يجب غسلها عند‬
‫غسل الوجه في الوضوء‪ ،‬فهل يعني قولكم هذا أنها تعتبر‬
‫عورة لدى المرأة يجب عليها تغطيتها بخمارها؟‬
‫سترها‬ ‫الجواب‪ :‬نعم هي عورة لدى المرأة يجب عليها ِ‬ ‫(‪)9‬‬
‫بخمارِها‪.‬‬

‫ت‬‫(‪ )10‬السؤال‪ :‬في بعض المرات يتصرف أطفالي تصرفا ٍ‬


‫تثير غضبي وغيظي مثل تخريبهم أي شيء يقع تحت‬
‫أمر إل‬
‫ٍ‬ ‫أيديهم‪ ،‬أو عنادهم الشديد وعدم طاعتهم لي في‬
‫ت‬‫إن قمت بضربهم‪ ،‬فهل في هذه الحالت إن أنا صرخ ُ‬
‫ن في الشارع هل‬
‫م ْ‬
‫ل عليهم بحيث يسمعه َ‬
‫ت عا ٍ‬
‫بصو ٍ‬
‫‪185‬‬
‫ي أن يعلو صوتي بحيث‬ ‫م عل َّ‬ ‫أكون آثمة ؟ وهل يحُر ُ‬
‫ة غضبي‬ ‫ت درج ُ‬ ‫من في الشارع مهما بلغ ْ‬ ‫يسمعه َ‬
‫وغيظي ؟‬
‫(‪ )10‬الجواب‪ :‬صوت المرأة ليس عورة‪ ،‬فيصح أن يصل‬
‫صوتُك إلى خارج البيت ول إثم عليك في ذلك‪ ،‬ولكن‬
‫الدب وحسن التصرف يدع ُوانِك إلى قصر صوتك على‬
‫بيتك‪.‬‬
‫أما ضرب الطفال فيكون للتأديب وليس للتعذيب‬
‫والنتقام‪ ،‬بمعنى أنه ينبغي أن يكون ضربا ً خفيفا ً يطيق‬
‫ه لما روى أبو‬ ‫ب الوج ُ‬‫ب ضر ُ‬ ‫ملَه‪ ،‬وأن يُجتَن َ َ‬
‫ل تح ُّ‬‫الطف ُ‬
‫داود والبخاري وأحمد عن أبي هريرة قال " إذا‬
‫ه " ولما روى مسلم عن‬ ‫ق الوج َ‬ ‫ْ‬
‫ضرب أحدُكم فليت ِ‬
‫ب في‬ ‫جابر قال " نهى رسول الله عن الضر ِ‬
‫الوجه‪ ،‬وعن الوَسم في الوجه " ورواه أحمد بلف ٍ‬
‫ظ‬
‫قريب‪.‬‬

‫(‪ )11‬السؤال‪ :‬هل يجوز للفتاة أن تجلس مع محارمها بلباسها‬


‫الشرعي مع وجود زوج أختها ؟ وهل تجوز لها مصافحته‬
‫ت من الطرفين ؟‬ ‫إذا صفت النيا ُ‬
‫(‪ )11‬الجواب‪ :‬نعم يجوز للفتاة الجلوس مع زوج أختها بوجود‬
‫أختها ومحارمها‪ ،‬بشرط عدم كشف ما يزيد على الوجه‬
‫والكفين‪ ،‬وعدم التبرج والتعطر والتزين‪ ،‬ول يجب أن‬
‫تكون لبسة الجلباب‪ ،‬فأي ثوب ساترٍ للعورة يجوز‬
‫الظهور به في بيتها أمام زوج أختها بحضور أختها أو‬
‫أمها‪ ...‬إلخ‪ .‬كما أنه يجوز لهذه الفتاة أن تصافح زوج‬
‫أختها على الرأي الصحيح‪.‬‬

‫(‪ )12‬السؤال‪ :‬من هم القارب ؟ ومن هم الذين تجب على‬


‫المسلم صلتُهم ؟ وكيف تكون الصلة ؟ ومن هم الذين‬
‫ب صلتُهم فقط ؟ ومتى يجوز الختلط بين‬‫ح ُّ‬
‫تُست َ‬
‫الجنسين في الزيارات ومتى ل يجوز ؟‬
‫‪186‬‬
‫(‪ )12‬الجواب‪:‬‬
‫أ‪ -‬القارب هم الذين يتحدَّرون من الجد الثالث ذكورا ً وإناثاً‪.‬‬
‫ب‪ -‬الذين تجب صلتهم أذكر منهم ‪:‬‬
‫‪.1‬الوالدان _ الب والم‪.‬‬
‫‪.2‬الجدان _ الجد والجدة لب ولم‪ ،‬أو لحدهما وإن‬
‫علوا‪.‬‬
‫‪.3‬البناء وأبناؤهم ذكورا ً وإناثا ً وإن نزلوا‪.‬‬
‫‪.4‬الخوة والخوات وأبناؤهم ذكورا ً وإناثا ً وإن نزلوا‪.‬‬
‫‪.5‬العمام والعمات‪.‬‬
‫‪.6‬الخوال والخالت‪.‬‬
‫ويلحق بهم بسبب المصاهرة ‪:‬‬
‫ن ذكورا ً وإناثا ً إن وُجدوا وإن نزلوا‪.‬‬ ‫‪.7‬الزوجات وأبناؤ ُه َّ‬
‫ن‪ ،‬وأجدادُهن وجدَّاتُهُن وإن‬ ‫‪.8‬آباء الزوجات وأمهاته َّ‬
‫علوا‪.‬‬
‫‪.9‬زوجات البناء‪.‬‬
‫‪ .10‬زوجات الباء‪.‬‬
‫كما يلحق بهم بسبب الرضاع ‪:‬‬
‫‪.1‬الم من الرضاع‪.‬‬
‫‪.2‬بنت الم من الرضاع‪.‬‬
‫‪.3‬أخت الم من الرضاع‪.‬‬
‫‪.4‬عمة الم من الرضاع‪.‬‬
‫‪.5‬خالة الم من الرضاع‪.‬‬
‫‪.6‬بنات الخ من الرضاع‪.‬‬
‫‪.7‬بنات الخت من الرضاع‪.‬‬
‫‪.8‬أم الم من الرضاع‪.‬‬
‫‪.9‬والد الم من الرضاع‪.‬‬
‫ب صلتُهم فأذكر منهم ‪:‬‬ ‫ح ُّ‬
‫ج‪ -‬أما الذين تُست َ‬
‫‪.1‬أبناء العمام ذكورا ً وإناثا ً وأبناؤهم‪.‬‬
‫‪.2‬أبناء العمات ذكورا ً وإناثا ً وأبناؤهم‪.‬‬
‫‪.3‬أبناء الخوال ذكورا ً وإناثا ً وأبناؤهم‪.‬‬
‫‪.4‬أبناء الخالت ذكورا ً وإناثا ً وأبناؤهم‪.‬‬
‫‪.5‬ومن أدلى بأحدٍ منهم‪.‬‬
‫‪187‬‬
‫ة‬
‫د‪ -‬صلة الرحم تكون بزيارة هؤلء بين الحين والحين خاص ً‬
‫د‬ ‫ُ‬
‫في المناسبات كالفراح والتراح وعيادة مرضاهم‪ ،‬وتفقّ ِ‬
‫ن والمساعدةِ لمن يحتاج‬ ‫أحوالِهِم المعيشية‪ ،‬وتقديم ِ العو ِ‬
‫منهم إليها‪ ،‬ودفِع الضررِ والشرور عنهم‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫ن تجب صلتهم من المحارم ومن يلحق بهم بسبب‬ ‫م ْ‬
‫هـ‪َ -‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫المصاهرة والرضاع يُختلط بهم في الزيارات ويُختلى‬
‫ن وسيقانهِن‬ ‫بهم‪ ،‬ول يجب على النساء منهم ستُر رؤوسهِ َّ‬
‫ن عادةً في ثياب البذلة‪ ،‬ويجوز‬ ‫وأيديهِن وما يظهر منه َّ‬
‫ن التبرج والتزين والتعطر في أثناء الزيارات‪.‬‬ ‫منه َّ‬
‫خلوةٍ‬ ‫من تُستحب صلتُهم يُختلَط بهم بشرط عدم حصول َ‬ ‫و‪َ -‬‬
‫ن‪ ،‬وبشرط عدم ِ كشف ما يزيد على الوجه‬ ‫بالناث منه َّ‬
‫والكفين‪ ،‬وبشرط عدم التزين والتبرج‪ ،‬ول يجب عليهن‬
‫الظهور بالجلبيب‪ ،‬بل أية ثياب يرتدينها تستر ما عدا‬
‫الوجه والكفين يجوز لهن الظهور بها في الزيارات‪.‬‬
‫من سوى من سبق ل تجوز زيارة الناث في البيوت‬ ‫ز‪َ -‬‬
‫والماكن الخاصة إل لحاجة يقًّرها الشرع أو يقُّر الجتماع‬
‫من أجلها‪ ،‬وبشرط عدم الختلط‪ ،‬وعدم التبرج وعدم‬
‫كشف ما يزيد على الوجه والكفين‪ ،‬وتكون الزيارة بقدر‬
‫الحاجة فقط‪ ،‬كأن يجتمع بهن لعقد صفقةِ بيع أو شراء‪،‬‬
‫أو توكيل‪ ،‬أو إصلح‪ ،‬أو لجل خطبة‪ ،‬وأمثال ذلك‪.‬‬
‫ح‪ -‬إذا زارك أخوك ومعه زوجته فيجوز أن تستقبلهما أنت‬
‫وزوجتك‪ ،‬وإذا زارك ابن خالتك ومعه زوجته وابنته فيجوز‬
‫م‬
‫أن تستقبلهم أنت وزوجتك وابنتك‪ ،‬وإذا زارتك ابنة ع ّ ِ‬
‫زوجتك وزوجها فيجوز أن تستقبلهما أنت وزوجتك‪،‬‬
‫وهكذا‪ ،‬والجامع بين هذه الحالت وأمثالها هو أن يكون‬
‫بين الجماعة الزائرة والجماعة المزورة أحد ٌ يُدلي بقرابة‬
‫أو مصاهرة بينهما‪ ،‬وما سوى ذلك فالزيارات حرام ل‬
‫تجوز‪.‬‬

‫خلع عندنا في الردن عقب‬ ‫(‪ )13‬السؤال‪ :‬انتشرت ظاهرة ال ُ‬


‫خلع من‬
‫ة بال ُ‬
‫صدور قانون جديد يبيح للمرأةِ المطالب َ‬
‫ي سبب‪ ،‬فما أن تذهب الزوجة إلى المحكمة‬ ‫زوجها ل ِ ّ‬
‫الشرعية وتطالب القاضي بالخلُع من زوجها حتى‬

‫‪188‬‬
‫يستجيب القاضي لطلبها بمجرد أن تقدِّم له أي سبب‪،‬‬
‫فما هو الحكم الشرعي في هذه المسألة ؟‬
‫ي‬
‫م شرع ٌ‬ ‫فداء _ هو حك ٌ‬ ‫خلع _ ويسمى أيضا ً ال ِ‬ ‫(‪ )13‬الجواب‪ :‬ال ُ‬
‫مأخوذ ٌ من القرآن ومن الحديث‪ ،‬فمن القرآن الكريم قال‬
‫تعالى (ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯟﯟﯟﯟﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯥﯟﯟ ﯦ ﯧ ﯨ ى‬
‫) [من الية ‪ 229‬من سورة‬
‫جناح عليهما فيما افتدت‬ ‫البقرة] فقوله تعالى {فل ُ‬
‫خلع وهو ال ِفداء‪.‬‬ ‫به } يشير إلى ال ُ‬
‫وفي الحديث وردت عدة نصوص في هذه المسألة‪،‬‬
‫أذكر منها ما رواه البخاري وأبو داود والنَّسائي وابن‬
‫ماجة وأحمد والترمذي‪ ،‬عن ابن عباس رضي الله عنهما‬
‫ي فقالت‪ :‬يا‬ ‫" أن امرأة ثابت بن قيس أتت النب َّ‬
‫ق‬ ‫رسول الله‪ ،‬ثابت بن قيس ما أَعتب عليه في ُ ُ‬
‫خل ٍ‬
‫ن‪ ،‬ولكني أكره الكفر في السلم‪ ،‬فقال رسول‬ ‫ول دي ٍ‬
‫الله ‪ :‬أتُر ِدّين عليه حديقته ؟ قالت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‬ ‫َ‬
‫رسول الله ‪ :‬إقبل الحديقة وطل ِّقها تطليقة " وفي‬
‫رواية أخرى من طريق ابن عباس بلفظ " ولكني ل‬
‫أُطيقه " قوله‪ :‬الحديقة هي البستان كان ثابت قدَّمه‬
‫مهرا ً لزوجته‪.‬‬
‫معطَى للزوجة ليس حقا ً مطلقاً‬ ‫ولكن هذا الحق ال ُُ‬
‫خلع من‬ ‫دون قيود‪ ،‬إذ ل يحق لية زوجة أن تطالب بال ُ‬
‫ج من‬ ‫ب شرعي معتَبَر‪ ،‬كأن يُكثِر الزو ُ‬ ‫زوجها‪ ،‬إل لسب ٍ‬
‫جها ما يكفيها‬ ‫ّ‬
‫ضربها لتفه السباب‪ ،‬وكأن ل يوفِر لها زو ُ‬
‫من طعام ولباس‪ ،‬وكأن يكون زوجها سكِّيرا ً فاسدا‪ً،‬‬
‫حَّرمات‬ ‫وكأن يقوم زوجها بإجبارها على فعل الم َ‬
‫كالسكر أو الخروج من بيتها متبرجة‪ ،‬ومنعها من الصلة‬
‫والصيام‪ ،‬ومنعها من صلة أرحامها بشكل تام‪ ،‬إلى غير‬
‫ذلك من السباب الشرعية‪ ،‬ففي مثل هذه السباب‬
‫خلع‪ ،‬ويجب على القاضي أن‬ ‫يحق للزوجة أن تطالب بال ُ‬
‫يجيبها إلى طلبها‪.‬‬
‫خلع دون سبب شرعي‬ ‫أما إن تقدَّمت بطلب ال ُ‬
‫ض طلبها‪ ،‬لما روى‬ ‫َ‬
‫ت‪ ،‬ووجب على القاضي رف ُ‬ ‫م ْ‬ ‫معتبر أث ِ َ‬
‫ثَوْبان قال‪ :‬قال رسول الله " أيُّما امرأةٍ سألت‬
‫‪189‬‬
‫ة‬ ‫جها طلقاً في غير ما بأس‪ ،‬فحرا ٌ‬
‫م عليها رائح ُ‬ ‫زو َ‬
‫الجنة " رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة‪ .‬ولما روى‬
‫أبو هريرة عن النبي قال " المختلِعات‬
‫ن المنافقات " رواه أحمد بسند صحيح‪،‬‬ ‫منْتَزِعات ه َّ‬
‫وال ُ‬
‫ورواه البيهقي والنَّسائي‪.‬‬
‫ودللة هذين الحديثين واضحة على تحريم المطالبة‬
‫خلع دون مسوِّغ فلْتحذر الزوجة من‬ ‫بالطلق وبال ُ‬
‫خلع من زوجها‪ ،‬وعليها أن تصبر إن‬ ‫التسُّرع بالمطالبة بال ُ‬
‫هي رأت من زوجها ما تكره‪ ،‬ما دامت على الصبر‬
‫قادرة‪ ،‬فإن لم تستطع الصبر‪ ،‬أو لم ينفع الصبر‪،‬‬
‫وصارت تخشى من أن تتعدَّى حدود الله بمعصية الزوج‪،‬‬
‫خلع‬‫وبالتقصير في واجباتها نحوه‪ ،‬فعندها فقط تلجأ لل ُ‬
‫ل أخير‪ ،‬ول إثم عليها عندئذٍ‪.‬‬ ‫كح ٍّ‬
‫ة‪ ,‬فهل الواجب‬ ‫ة نصراني ً‬
‫ة أجنبي ً‬ ‫(‪ )14‬السؤال‪ ُ :‬استأجر ُ‬
‫ت خادم ً‬
‫مها باللباس الشرعي في بيتي‪ ,‬وإن كان‬ ‫ي أن ألز َ‬ ‫عل َّ‬
‫ل لي أن‬ ‫ُ‬ ‫الجواب بالنفي وبقيت بلباسها المعتاد‪ ،‬فهل يح ّ‬
‫ح لها بأن‬‫أنظر إلى شعرها وساقيها وذراعيها ؟ وهل أسم ُ‬
‫تصلي صلتَها في بيتي ؟‬
‫(‪ )14‬الجواب‪ :‬ل يجب عليك إلزاُمها باللباس الشرعي في بيتك‪،‬‬
‫ل لك أن تنظر إلى شعرها وساقيها و ذراعيها‪ ،‬وإنما‬ ‫ول يح ُّ‬
‫ض البصر‪ .‬ولهذه الخادمة النصرانية أن تصلي صلتها‬ ‫عليك غ ُّ‬
‫في بيتك‪ ،‬لن السلم ل يمنع غير المسلمين من أداء‬
‫عباداتهم‪.‬‬

‫‪190‬‬
191
‫البـــاب الســابـع‬
‫مسائل في الحكم والجهاد‬

‫(‪ )1‬السؤال‪ :‬عرف المسلمون في تاريخهم الطويل وظيف ً‬


‫ة‬
‫كان يُطلق عليها الحسبة‪ ،‬وأن الذي كان يتولها يسمى‬
‫سبة‪ ،‬ول نجد هذه الوظيفة في‬ ‫ح ْ‬‫سب أو قاضي ال ِ‬ ‫المحت ِ‬
‫دولنا المعاصرة‪ ،‬فهل لكم أن تعطونا فكرة عن هذه‬
‫الوظيفة في دولة السلم‪ ،‬وأن تذكروا لنا أعمال‬
‫سب على وجه التفصيل ؟‬ ‫المحت ِ‬
‫(‪ )1‬الجواب‪ :‬نعم عرف المسلمون في تاريخهم الطويل‬
‫حسبة كانت‬ ‫حسبة‪ ،‬وهذه ال ِ‬ ‫ة كان يطلق عليها ال ِ‬ ‫وظيف ً‬
‫نوعا ً من أنواع القضاء في الدولة السلمية‪ ،‬ذلك أن‬
‫ة أنواع هي‪ :‬قضا ُء المظالم‬ ‫القضاء في دولة الخلفة ثلث ُ‬
‫والقضاءُ العادي وقضاءُ الحسبة‪ ،‬وكان كل قضاء مختصاً‬
‫بجانب من مشاكل الرعية‪ ،‬ونبسط الحديث في قضاء‬
‫حسبة فنقول ما يلي ‪:‬‬ ‫ال ِ‬
‫قضاء الحسبة هو القضاء الذي يعالج المشاكل العامة‬
‫الواقعة في الحياة العامة‪ ،‬أي يعالج قضايا الحقوق العامة‬
‫ة رئيسية‬ ‫مدٍَّع‪ ،‬وهذا القضاء يساهم مساهم ً‬ ‫التي ليس لها ُ‬
‫ة‬
‫ة إسلمي ً‬ ‫في صياغة الحياة العامة في دولة الخلفة صياغ ً‬
‫ة بعيدة ً عن المنكرات والمعاصي‪ ،‬فهو قضا ٌء بالغُ‬ ‫بحت ً‬
‫الخطورة والهمية‪ ،‬ولهذا كان هذا القضاء يُتخير له‬
‫َ‬
‫ل الذين يتحل ّوْن بالعديد من الصفات والمزايا‬ ‫الرجا ُ‬
‫ف عدة‪ ،‬أذكر منها ما‬ ‫الحسنة‪ ،‬وقد عَّرفوا الحسبة بتعاري َ‬
‫سب هو القاضي الذي ينظر في جميع‬ ‫يلي (المحت ِ‬
‫مد ٍّع‪ ،‬على‬ ‫َ‬ ‫القضايا التي هي حقوق عامة‪ ،‬ول يوجد فيها ُ‬
‫أن ل تكون داخلة في الحدود والجنايات) وقال صاحب‬
‫الحكام السلطانية (قضاء الحسبة أمٌر بالمعروف إذا‬
‫ي عن المنكر إذا ظهر فعله) وقال‬ ‫ظهر تركُه‪ ،‬ونه ٌ‬
‫الغزالي (هو كل منكرٍ موجود ٍ في الحال‪ ،‬ظاهرٍ‬
‫للمحتسب بغير تجسس معلوم كونه منكرا ً بغير اجتهاد )‪.‬‬
‫‪192‬‬
‫وهو جهاٌز من أجهزة الحكم السلمي مهمته نشُر الخير‬
‫والمعروف ومنعُ الشر والمنكر من الظهور والشيوع‪،‬‬
‫ب على من يتولى هذه‬ ‫ولخطورة هذا الجهاز وأهميته يج ُ‬
‫الوظيفة أن يتَّصف بالصفات التالية ‪:‬‬
‫ورعاً‪.‬‬
‫‪.1‬أن يكون عَدْل ً تقيا ً ِ‬
‫شنا ً في الدين‪.‬‬ ‫‪.2‬أن يكون قويا ً صارما ً خ ِ‬
‫‪.3‬أن يكون فقيها ً عالما ً بالحكام الشرعية‪.‬‬
‫سب‪،‬‬ ‫ة للمحت ِ‬ ‫ت إضافي ً‬ ‫ويضيف بعض الفقهاء صفا ٍ‬
‫فيُوجبون أن يتصف بالوجاهة والنُّبل والنتماء إلى أصول‬
‫سب على سبيل الستقصاء‬ ‫كريمة‪ .‬أما أعمال المحت ِ‬
‫والتفصيل فهي كما يلي ‪:‬‬
‫ث منعُ الغش والحتكار‬ ‫ة السواق من حي ُ‬ ‫‪.1‬مراقب ُ‬
‫والتدليس والغبن في المعاملت التجارية‪ ،‬والنظُر‬
‫في الموازين والمكاييل والمقاييس التي يتعامل بها‬
‫ة‬
‫ة أسعار السلع والحاجات‪ ،‬والحيلول ُ‬ ‫الباعة‪ ،‬ومراقب ُ‬
‫دون تمكين التجار من عرض بضائعهم في طرق‬
‫الناس‪ ،‬ومراقبة أعمال الصَّرافين والصاغة‬
‫والحيلولة بينهم وبين التلعب بالنقود الذهبية‬
‫ي‪ ،‬أو الوقوع في عمليات الربا‪،‬‬ ‫حل ِ ّ‬ ‫والفضية وال ُ‬
‫وتفقُّد المقاهي والنوادي‪ ،‬ومنع القمار وشرب‬
‫المسكرات‪ ،‬وتعاطي المخدرات فيها‪ ،‬وهذه‬
‫العمال كثير منها تتولها البلديات ومجالس القرى‬
‫في زمننا المعاصر‪.‬‬
‫م بنظافتها ووجود‬ ‫ث الهتما ُ‬ ‫ة المساجد من حي ُ‬ ‫‪.2‬مراقب ُ‬
‫ة الئمة والمؤذنين عند أداء‬ ‫المصاحف فيها‪ ،‬ومراقب ُ‬
‫ث الناس على أداء صلة الجماعة‬ ‫أعمالهم‪ ،‬وح ُ‬
‫فيها‪ ،‬ومنعُ الصور والزخارف فيها ‪،‬حتى ل ينشغل‬
‫ُ‬
‫ت وارتفاِع‬ ‫المصل ّون بالنظر إليها‪ ،‬ومنعُ المشاجرا ِ‬
‫م من هذه العمال تتولها‬ ‫الصوات فيها‪ ،‬وقس ٌ‬
‫وزارة الوقاف في عصرنا الراهن‪.‬‬
‫م النساءِ‬ ‫ث إِلزا ُ‬
‫ل الرعية من حي ُ‬ ‫ُ‬
‫‪.3‬تفقّد ُ أحوا ِ‬
‫ت باللباس الشرعي في الحياة‬ ‫ت والذميا ِ‬ ‫المسلما ِ‬
‫العامة‪ ،‬وستر العورات‪ ،‬والضرب على أيدي‬

‫‪193‬‬
‫العابثين والفساق من التحرش بهن‪ ،‬ومنع الختلط‬
‫في المواطن التي ينبغي فيها انفصال الرجال عن‬
‫ك السباحة وشواطئ النهار والبحار‪،‬‬ ‫النساء ‪،‬كبر ِ‬
‫والفنادق والمتنـَّزهات والملعب‪ ،‬ويتولها في‬
‫م مراقبة الداب العامة‪.‬‬ ‫عصرنا الراهن قس ُ‬
‫ف على السير في الشوارع والطرق العامة‪،‬‬ ‫‪.4‬الشرا ُ‬
‫ُ‬
‫والنظُر في صلحية الطرق والجسور والت ّرع‪،‬‬
‫م سير المركبات‪ ،‬وتنظيم حركة السفن في‬ ‫وتنظي ُ‬
‫ل وسائط‬ ‫الموانئ‪ ،‬ومنع المخالفات‪ ،‬وضبط عم ِ‬
‫النقل بحيث تسير المركبات ويتنقل الركاب‬
‫بسهولة ويسر وأمان‪ ،‬وهي المسماة في عصرنا‬
‫الراهن بقوانين وأنظمة السير التي تشرف عليها‬
‫الشرطة‪.‬‬
‫ف على الصيدليات وعيادات الطباء‬ ‫‪.5‬الشرا ُ‬
‫م أصحابِها‬ ‫والمخابز والمطاعم ومصانع الغذية وإلزا ُ‬
‫بالنظافة ومنع الغش‪ ،‬وأداء العمال بحسب تقوى‬
‫ة حاليا ً بوزارة الصحة‪.‬‬ ‫الله سبحانه‪ ،‬وهي المنوط ُ‬
‫سب هو منع المذكرات‬ ‫وباختصار أقول إن عمل المحت ِ‬
‫ل الحياة العامة في دولة الخلفة‬ ‫حيثما وُجدت‪ ،‬وجع ُ‬
‫ة بالصبغة السلمية البحتة‪ ،‬فل يتجول فيها السياح‬ ‫مصبوغ ً‬
‫بملبسهم الكاشفة عن عوراتهم ول يعرض أهل الذمة‬
‫س‬‫خمورهم وخنازيرهم أمام المسلمين و ل تُدَقُّ نواقي ُ‬
‫ة في أثناء أداء المسلمين‬ ‫الكنائس دقا ً عاليا ً خاص ً‬
‫لصلواتهم‪ ،‬ول تُلقى القُمامة في الطرق والساحات‬
‫العامة‪ ،‬وغيرها كثير‪.‬‬
‫ف‬
‫سب عدد ٌ كا ٍ‬ ‫وينبغي أن يوضع تحت تصرف المحت ِ‬
‫من أفراد الشرطة‪ ،‬يتولى بواسطتهم تنفيذ َ العقوبات‬
‫سب‬ ‫التي يقضي بها فورا ً عند حصول المشكلة‪ ،‬فالمحت ِ‬
‫يقضي في المشاكل فور مشاهدته لها دون إمهال‪ ،‬ول‬
‫يحتاج في القضاء إلى مجلس قضاء‪ ،‬بل يقضي في‬
‫سب أن‬ ‫المشاكل في الطرق والساحات العامة‪ ،‬وللمحت ِ‬
‫ن له أن يوبخ ويعنِّف وله أن يجلد‪ ،‬وله أن‬ ‫يعفو‪ ،‬كما أ َّ‬
‫يصادر المال وله أن يُتلفه‪ ،‬وهو ينفذ جميع العقوبات‬
‫باستثناء عقوبات الحدود كقطع يد السارق ورجم الزاني‪،‬‬
‫‪194‬‬
‫والجنايات كالقتل والجراح‪ ،‬ول يحتاج المحتسب في كل‬
‫مدٍَّع‪ ،‬بل يقضي بمنع المنكر فور‬‫ما يقضي إلى وجود ُ‬
‫رؤيته له في الليل وفي النهار‪ ،‬ويعاقب المخالفين‬
‫والعصاة بشتى أنواع المخالفات والتعزير‪ ،‬وأمره نافذ‬
‫ضه ول إِبطالُه‪.‬‬
‫وقضاؤ ُه مبرم ل يجوز نق ُ‬

‫(‪ )2‬السؤال‪ :‬هل يجوز أن يكون شكل النظام الجمهوري في‬


‫الحكم شكل ً لنظام الحكم في الدولة السلمية‪ ،‬أو هل‬
‫ما يسمى بالجمهورية السلمية يجوز أن يكون شكلً‬
‫للدولة السلمية ؟‬
‫(‪ )2‬الجواب‪ :‬قبل الجابة على هذا السؤال بنعم أو بل ل بد‬
‫من معرفة واقع النظام الجمهوري‪ ،‬وبعد معرفة هذا‬
‫الواقع يتحدد الجواب بنعم أو بل‪ ،‬مع بيان السبب لكل‬
‫منهما‪ ،‬فنقول ما يلي ‪:‬‬
‫م من أنظمة‬ ‫‪ -1‬النظام الجمهوري أو الجمهورية هو نظا ٌ‬
‫الحكم الديمقراطي‪ ،‬وهو الحكم الذي يقوم على مبدأ‬
‫حكم الشعب للشعب‪ ،‬ويتميَّز النظام الجمهوري بأن‬
‫م في‬ ‫ت دوريةٍ وهذا عا ٌّ‬
‫خب في فترا ٍ‬ ‫رئيس الدولة يُنت َ‬
‫الدول الرأسمالية والشتراكية‪ ،‬كما يُوجد ُ هذا النظام‬
‫حدة‪ ،‬وفي الدولة التحادية على‬ ‫في الدولة المو َّ‬
‫السواء‪ .‬أما من حيث سلطات رئيس الجمهورية‬
‫فهناك نوعان من النظام الجمهوري‪ ،‬الول يسمى‬
‫النظام الجمهوري النيابي‪ ،‬وفيه يتولى رئيس‬
‫الجمهورية أعمال السلطة التنفيذية بواسطة وزارة‬
‫مسؤولة أمام الهيئة التشريعية أي البرلمان‪ ،‬وأما‬
‫الثاني فيسمى النظام الجمهوري الرئاسي وفيه‬
‫يتولى رئيس الجمهورية أعمال السلطة التنفيذية‬
‫بنفسه‪ ،‬وتكون الوزارة مسؤولة أمامه‪ ،‬وليس أمام‬
‫الهيئة التشريعية‪.‬‬
‫هذا هو أبرز ما يميز النظام الجمهوري عن النظام‬
‫المبراطوري أو النظام الملكي الوراثي‪ ،‬أو غيرهما‬
‫ف آخر‬ ‫من أنظمة الحكم‪ ،‬ول بد هنا من إضافةِ وص ٍ‬
‫‪195‬‬
‫ة‪ ،‬وهو أن النظام‬ ‫إلى ما سبق‪ ،‬وإن كان معروفا ً بَداه ً‬
‫الجمهوري كسائر أنظمة الرأسمالية والشتراكية يتم‬
‫فيه تطبيقُ دستورٍ من وضع البشر‪ ،‬يراعي مصالح‬
‫الناس فحسب‪ ،‬دون أي اعتبارٍ آخر مطلقاً‪ ،‬فما يراه‬
‫رعونه دستورا ً أو قانوناً‬ ‫الناس مصلحة لهم يُش ّ ِ‬
‫يلتزمون به‪.‬‬
‫‪ -2‬بالنظر إلى ما سبق يتبين بوضوح أن النظام الجمهوري‬
‫يخالف النظام السلمي‪ ،‬أو ما يسمى بنظام الخلفة‬
‫أو المامة من عدة وجوه‪:‬‬
‫ى على أساس أن رئيس‬ ‫أ ‪ -‬فالنظام الجمهوري مبن ٌّ‬
‫ت دورية‪ ،‬بمعنى أن الرئيس‬ ‫خب في فترا ٍ‬ ‫الجمهورية يُنت َ‬
‫خب لمدة محدودة قد تكون أربع سنوات‪ ،‬وقد تكون‬ ‫يُنت َ‬
‫خب‬‫ست سنوات مثلً‪ ،‬ول يجوز في هذا النظام أن يُنت َ‬
‫ة غير محددة‪ ،‬وهذا الركن في‬ ‫س مدة ً مطلق ً‬ ‫الرئي ُ‬
‫النظام الجمهوري مخالف لما عليه الحال في النظام‬
‫السلمي‪ ،‬أي نظام الخلفة أو المامة‪ ،‬فالرئيس‪ ،‬أي‬
‫خب لمدة محدَّدة‪ ،‬بل ما‬ ‫الخليفة في دولة السلم‪ ،‬ل يُنت َ‬
‫دام هو محافظا ً على الشرع منفذا ً لحكامه قادرا ً على‬
‫القيام بشؤون الدولة ومسؤوليات الخلفة فإنه يبقى‬
‫في منصبه‪ ،‬ذلك أن نص البيعة الواردة في الحاديث‬
‫جاء مطلقا ً لم يقيَّد بمدة‪ ،‬فقد روى البخاري عن أنس‬
‫بن مالك عن النبي قولَه "اسمعوا وأطيعوا وإ ْ‬
‫ن‬
‫ة" وفي‬ ‫سه زبيب ٌ‬‫ن رأ َ‬ ‫ي كأ َّ‬ ‫مل عليكم عبدٌ حبش ٌّ‬ ‫استُعْ ِ‬
‫رواية لمسلم عن يحيى عن جدته أم الحصين " يقودكم‬
‫بكتاب الله " وأيضا ً فإن الخلفاء الراشدين قد بويع ك ٌّ‬
‫ل‬
‫ة‪ ،‬هي البيعة الواردة في الحاديث‪،‬‬ ‫ة مطلق ً‬ ‫منهم بيع ً‬
‫فتولى كل منهم الخلفة منذ أن بويع حتى مات‪ ،‬فكان‬
‫ذلك إجماعا ً من الصحابة رضوان الله عليهم على أنه‬
‫ليس للخلفة مدة ٌ محددةٌ‪.‬‬
‫ب‪ -‬والنظام الجمهوري مبني على أساس الديمقراطية‪،‬‬
‫وتقوم الديمقراطية على مبدأ حكم الشعب للشعب‪،‬‬
‫وهذا الركن في النظام الجمهوري مخالف قطعا ً لما‬
‫‪196‬‬
‫عليه حال نظام الخلفة أو المامة‪ ،‬ذلك أن نظام‬
‫الخلفة أو المامة يقوم على مبدأ السيادة للشرع‬
‫وليس للشعب‪ ،‬ول يصح للشعب في دولة السلم أن‬
‫رع في السلم هو الله‬ ‫يقوم بالتشريع‪ ،‬لن المش ّ ِ‬
‫حى إليه من ربه‪،‬‬ ‫سبحانه وتعالى‪ ،‬والرسول فيما يُو َ‬
‫من كان‬ ‫وما سوى ذلك فل يحق ول يجوز لمسلم كائنا ً َ‬
‫أن يضع تشريعا ً أو يسن دستورا ً للدولة السلمية‪ ،‬ومن‬
‫ب إثما ً ربما يوصل صاحبه إلى الكفر‪.‬‬ ‫يفعل ذلك يرتك ْ‬
‫قال تعالى( ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ) [من الية ‪ 44‬من سورة‬
‫المائدة] والخليفة في الدولة السلمية عملُه تبنِّي‬
‫الحكام الشرعية‪ ،‬وجعلُها هي وحدَها دستوَر الدولة‬
‫الواجب اللتزام‪ ،‬فالخلف بين النظامين خلف جذري‬
‫أساسي‪.‬‬
‫ج‪ -‬والنظام الجمهوري يجوز أن يُطبَّق في الدولة‬
‫حدة‪ ،‬ويجوز أن يُطبَّقَ في الدولة التحادية اتحاداً‬ ‫المو َّ‬
‫ن السلم يُحّرِم على‬ ‫فدراليا ً أو اتحادا ً كونفدرالياً‪ ،‬ولك َّ‬
‫المسلمين أن يكونوا دول ً اتحادية‪ ،‬أو دول ً مستقلة‪،‬‬
‫حدة‬ ‫ويوجب عليهم أن يكونوا جميعا ً في دولة واحدة مو َّ‬
‫فحسب‪ ،‬لما روى مسلم أن عبد الله بن عمرو بن‬
‫العاص قال " إنه سمع رسول الله يقول‪ :‬ومن بايع‬
‫ة قلبِه فلْيُطِعْه إن‬
‫ة يده وثمر َ‬‫إِماماً فأعطاه صفْق َ‬
‫خر "‬
‫خُر ينازع ُه فاضربوا عنق ال َ‬ ‫استطاع‪ ،‬فإن جاء آ َ‬
‫ة قال‪ :‬سمعت رسول الله‬ ‫ولما روى مسلم عن عَْرفَ َ‬
‫ج َ‬
‫من أتاكم وأمُركم‬
‫صلى الله عليه وآله وسلم يقول " َ‬
‫قَ عصاكم أو يفّرِق‬
‫ل واحدٍ يريد أن يش ّ‬
‫جميعٌ على رج ٍ‬
‫جماعتَكم فاقتلوه " ولما روى مسلم عن أبي سعيد‬
‫الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه‬
‫خَرمنهما "‪ .‬فلئن‬
‫قال " إذا بويع لخليفتين فاقتلوا ال ِ‬
‫اتسع النظام الجمهوري للتحاد الكنفدرالي والفدرالي‬
‫بين الدول‪ ،‬فإن نظام الخلفة أو المامة ل يتسع إل‬
‫للوحدة بين المسلمين فحسب‪ ،‬وهذا خلف ثالث بين‬
‫النظامين‪.‬‬
‫‪197‬‬
‫ة إلى‬‫د‪ -‬في النظام الجمهوري يوجد جهاز تنفيذي إضاف ً‬
‫رئيس الدولة هو الوزارة‪ ،‬وتكون هذه الوزارة مسؤولة‬
‫أمام الهيئة التشريعية‪ ،‬أو مسؤولة أمام رئيس‬
‫الجمهورية‪ ،‬والوزارة عبارة عن لجنة أو هيئة مكونة من‬
‫ص يقومون بممارسة الحكم بصورة تضامنية‪.‬‬ ‫عدة أشخا ٍ‬
‫وهذا الجهاز غير موجود في نظام السلم‪ ،‬وإنما‬
‫ة واحد يتولى الحكم‬ ‫الموجود في النظام الٍسلمي خليف ٌ‬
‫بنفسه ومنفرداً‪ ،‬يساعده في الحكم معاون أو معاونان‬
‫بشكل فردي غير تضامني‪ ،‬بمعنى أن لكل معاون أن‬
‫يفعل ما يشاء دون أن يرجع إلى المعاون الخر‪،‬‬
‫والمسؤولية عن عمله واقعة على شخصه فحسب‪ ،‬ول‬
‫يحتاج المعاون في تنفيذ حكم من الحكام إلى أخذ‬
‫موافقة المعاون الخر‪ ،‬ول يرجع إليه في شيء‪ ،‬ول‬
‫يرجع في أحكامه إل للخليفة فحسب‪ ،‬وهذا خلف رابع‬
‫بين النظامين‪.‬‬
‫‪ -3‬ونضيف إلى ما سبق جملة من الفكار التالية‪:‬‬
‫ن ونظام عالمي‪ ،‬جاء لعلج مصالح العباد‬ ‫أ‪ -‬إن السلم دي ٌ‬
‫بالحق والعدل‪ ،‬وهو دين ونظام نزل به الوحي فهو دين‬
‫ف‪ ،‬فقد قال‬ ‫ص ول ضع ٌ‬ ‫ونظام متكامل تام ل يعتريه نق ٌ‬
‫الله سبحانه (ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [من الية ‪ 3‬من‬
‫ي عظيم ودين سماوي‬ ‫م عالم ٌ‬ ‫سورة المائدةٍ] فنظا ٌ‬
‫كامل تام كيف يَتَصوَّر متصوِّر‪ ،‬فضل ً عن أن يكون‬
‫مسلما ً أن هذا الدين وهذا النظام ينقصه جهاٌز للحكم‬
‫ب عنه من وضع البشر ؟ أل‬ ‫حتى يُؤ ْتَى له بنظام ٍ غري ٍ‬
‫يدل ذلك على اتهام هذا الدين وهذا النظام بالنقص‪،‬‬
‫ب قوله تعالى( ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ )؟ فالكامل‬ ‫وبالتالي على تكذي ِ‬
‫ل بغيره من الديان‬ ‫التام ل نقص فيه حتى يُك َّ‬
‫م َ‬
‫والنظمة‪ ،‬لهذا وجب على المسلمين القتصار على‬
‫نظام السلم وحده‪ ،‬وهو نظام الخلفة أو المامة‪ ،‬ونبذ‬
‫ما سواه‪.‬‬
‫ن الله سبحانه رضي لنا هذا الدين‪ ،‬فوجب أن نعتز‬ ‫ب‪ -‬إ َّ‬
‫به وأن نتمسك به تمسكا ً تاما ً في الصول والفروع‪ ،‬وأن‬

‫‪198‬‬
‫نلتزم به وحده وننبذ ما سواه‪ ،‬ول يكون كل هذا إل‬
‫بالتَّميُزِ‪ ،‬بمعنى أن على المسلمين أن يكونوا متميزين‬
‫عمن سواهم في طُُرز العيش والتفكير والسلوك‬
‫وأنماط الحياة‪ ،‬فالمعتز بالشيء يتمسك به ويتميز به‬
‫عمن سواه‪ ،‬ولهذا رأينا رسول الله يكثر من الطلب‬
‫أن نخالف المشركين‪ ،‬وأن نتميَّز عنهم‪ ،‬فكيف يقبل‬
‫مسلم يؤمن بالسلم أن يترك الدين الكامل والنظام‬
‫الشامل ويقل ِّد الكفار‪ ،‬فيقبل أن يأخذ نظاما ً صنعوه من‬
‫عند أنفسهم ؟ وكيف نبقى متميِّزين مخالفين للكافرين‬
‫ونحن نأخذ نظام حكمهم لنطبقه في بلدنا ؟‬
‫ج ‪ -‬وأخيرا ً أُذ ِكّر الخذين للنظام الجمهوري وإلباسه‬
‫اللباس الشرعي بأن هذا الفعل منهم يجعل المور عند‬
‫الناس غائمة مضطربة غير واضحة‪ ،‬فتصبح الحكام‬
‫ة على الناس‪ ،‬فيضيع‬ ‫الشرعية والحقائق الشرعية خافي ً‬
‫ب شتى ول يعود المسلم‬ ‫الهدى ويتفرق الناس مذاه َ‬
‫يتبين موضع قدميه‪ ،‬لن الخذ من الكفار يعني أن‬
‫ة على الناس‪،‬‬ ‫ة ملتبِس ً‬‫أحكامنا وأفكارنا صارت مختلط ً‬
‫فتتوقف الدعوة إلى السلم‪ ،‬ول يعود المسلمون‬
‫قادرين على دعوة الكفار إلى دينهم وطراز عيشهم‪،‬‬
‫وهذا ما يجب أن يتفطن إليه المسلمون‪ ،‬وهذه المعاني‬
‫ُ‬
‫كل ّها مما اتفق عليها المسلمون جميعا ً الشيعة قبل‬
‫السنة والباضية قبل المعتزلة‪ ،‬ولم تكن هذه المعاني‬
‫لتخفى على مسلم لول هذه الهجمة الستعمارية‬
‫الفكرية التي أفقدت المسلمين توازنَهم وهويتَهم‪،‬‬
‫وجعلتهم يلتحقون بركب الحضارة الغربية الكافرة عن‬
‫علم وعن جهل‪ ،‬فالحذَر الحذَر من اتباع سنن اليهود‬
‫مؤْذِن بالندثار‪ ،‬وإن الخلص والخلص‬ ‫والنصارى‪ ،‬فإنه ال ُ‬
‫وحده هو العودة إلى التميُّزِ والعتزاز بما رضيه الله لنا‬
‫من أحكام ديننا ونظام حكمنا‪ ،‬ونبذ تقليد الكفار في‬
‫أنظمتهم وطُُرز عيشهم وفساد أفكارهم‪.‬‬

‫(‪ )3‬السؤال‪ :‬يعتقد كثير من المسلمين وأ َ ُ‬


‫خ ُّ‬
‫ص المتدينين‬
‫ة على‬‫منهم‪ ،‬بأن الخلفة ستقوم وأنها ستكون خلف ً‬
‫منهاج النُّبوَّةِ يعنون بذلك أنها خلفة راشدة‪ ،‬ولكني ل‬
‫ِ‬
‫‪199‬‬
‫أرى هؤلء يعملون لقامة هذه الخلفة‪ ،‬وإذا سألتهم عن‬
‫سبب قعودهم عن العمل لقامتها أجابوك بأن المام‬
‫المهدي هو الذي سيقيمها‪ ،‬وأن الخلفة قبل مجيء‬
‫المهدي لن تقوم‪ ،‬وبالتالي فإنه ل ضرورة تدعوهم إلى‬
‫العمل لقامتها‪ ،‬والسؤال هو‪ :‬هل ستقوم الخلفة فعلً‪،‬‬
‫وهل المهدي هو الذي يقيمها ؟‬
‫(‪ )3‬الجواب‪ :‬إن القول بأن الخلفة ستقوم هو قول صحيح‪،‬‬
‫دلت عليه أحاديث نبوية كثيرة‪ ،‬وحيث أن هذه الحاديث‬
‫َ‬
‫ة‪ ،‬وليس منها حديث واحد متواتر‬ ‫كل ّها صحيح ٌ‬
‫ة أو حسن ٌ‬
‫فإنه ل يجوز العتقاد في هذه المسألة‪ ،‬فالقول إن‬
‫المسلمين يعتقدون بأن الخلفة ستقوم هو قول غير‬
‫صائب‪ ،‬ذلك أن العتقاد ل يكون إل بآية قرآنية أو بحديث‬
‫متواتر‪ ،‬وقيام الخلفة ورد في أحاديث صحيحة وحسنة‬
‫ولكنها غير متواترة فل يجوز العتقاد بقيامها‪ ،‬وإنما نُصدِّقُ‬
‫بقيامها تصديقا ً غير جازم‪ ،‬ونقول إن الخلفة ستقوم بإذن‬
‫الله‪ ،‬وهذه الحاديث هي‪:‬‬
‫‪.1‬عن ثوبان قال‪ :‬قال رسول الله " إن الله َزوَى‬
‫ت مشارقَها ومغاربَها وإن أمتي‬
‫ض فرأي ُ‬‫لي الر َ‬
‫ملكُها ما ُزوِي لي منها‪ " ...‬رواه مسلم‬
‫سيبلغُ ُ‬
‫وأحمد وأبو داود والترمذي‪ .‬قول الحديث " وإن‬
‫أمتي سيبلغ ملكُهاما ُزوي لي منها " لم يتحقق‬
‫حتى الن‪ ،‬إذ لم يملك المسلمون مشارق الرض‬
‫ومغاربها بعد‪ ،‬وسيكون هذا في المستقبل‪ ،‬وهو‬
‫يشير إلى قيام دولةٍ للمسلمين في اليام القادمة‬
‫تفتح الرض مشارقَها ومغاربَها‪.‬‬
‫‪.2‬عن ابن عمر قال‪ :‬سمعت رسول الله يقول "‬
‫ب البقر‪ ،‬ورضيتم‬ ‫إذا تبايعتم بالعِينة وأخذتم أذنا َ‬
‫َ‬
‫بالزرِع وتركتم الجها َد ‪ ،‬سل ّط الله عليكم ذُلً ل‬
‫ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " رواه أبو داود‪.‬‬
‫قوله "حتى ترجعوا إلى دينكم " معناه حتى تعودوا‬
‫إلى العمل به وتحكيمه في شؤون حياتكم فهو‬

‫‪200‬‬
‫بشارة من رسول الله بأن المسلمين سيعودون‬
‫ثانية إلى دينهم بعد أن يكونوا قد تركوه‪.‬‬
‫‪.3‬عن أبي قبيل قال‪ :‬كنا عند عبد الله بن عمرو بن‬
‫أي المدينتين تُفتَح أولً‬
‫سئل ُّ‬
‫العاص و ُ‬
‫القسطنطينية أو رومية‪ .‬فدعا عبد الله بصندوق له‬
‫حلقٌ فأخرج منه كتابا ً قال‪ ،‬فقال عبد الله " بينما‬
‫سئل رسول‬ ‫نحن حول رسول الله نكتب إذ ُ‬
‫أي المدينتين تُفتح أولً أقسطنطينية أو‬
‫ُّ‬ ‫الله‬
‫رومية‪ ،‬فقال رسول الله ‪ :‬مدينة هرقل تفتح‬
‫أول _ يعني القسطنطينية " رواه أحمد‪.‬‬
‫سئل عن فتح المدينتين‬ ‫فالرسول عندما ُ‬
‫القسطنطينية ورومية _ وهي روما عاصمة إيطاليا _ لم‬
‫ح رومية‪ ،‬وإنما قال إن القسطنطينية تفتح أولً‪،‬‬ ‫ف فت َ‬
‫يَن ْ ِ‬
‫وهذا يدل على أن رومية ستفتح بعدها‪ ،‬وحيث أن رومية‬
‫لم يفتحها المسلمون حتى اليوم‪ ،‬فإن في هذا الحديث‬
‫بشارة ً بأن المسلمين سيفتحون عاصمة إيطاليا‪ ،‬ول‬
‫يتصور أن يفتحها المسلمون قبل عودة الخلفة التي‬
‫تستأنف الجهاد في سبيل الله وفتح البلدان‪.‬‬
‫‪.4‬عن النعمان بن بشير عن حذيفة قال‪ :‬قال رسول‬
‫الله " تكون النبوَّةُ فيكم ما شاء الله أن تكون‬
‫ة على‬ ‫ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها‪ ،‬ثم تكون خلف ً‬
‫منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون‪ ،‬ثم‬
‫يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها‪ ،‬ثم تكون ملكاً‬
‫عاضاً ‪ ،‬فيكون ما شاء الله أن يكون‪ ،‬ثم يرفعها إذا‬
‫شاء أن يرفعها‪ ،‬ثم تكون ملكاً جبرية‪ ،‬فتكون ما‬
‫شاء الله أن تكون‪ ،‬ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها‪،‬‬
‫ة على منهاج النبوة‪ ،‬ثم سكت "‬ ‫ثم تكون خلف ً‬
‫رواه أحمد والطبراني‪ .‬فهذا الحديث يبين أن الخلفة‬
‫ستقوم بعد الملك العاض والجبري‪ ،‬وأنها ستكون‬
‫على منهاج النبوة‪ ،‬أي أنها وُصفت بنفس ما وُصفت‬
‫به الخلفة أيام الخلفاء الراشدين‪ ،‬فتكون بإذن الله‬

‫‪201‬‬
‫خلفة راشدة‪ .‬هذا هو الجواب على الشق الول من‬
‫السؤال‪ .‬أما الجواب على الشق الثاني فهو كما يلي‬
‫‪:‬‬
‫إن الحاديث النبوية الشريفة إن هي ذكرت أن المهدي‬
‫سيقيم الخلفة فإن ذلك ليس دال ً على أن المسلمين يجب‬
‫أن ينتظروا المهدي حتى يقيم لهم الخلفة‪ ،‬فالواجب عليهم‬
‫يبقى واجبا ً وهو إقامة الخلفة‪ ،‬فإقامة الخلفة كما هي واجبة‬
‫على المهدي هي واجبة على غيره من المسلمين‪ ،‬فهؤلء‬
‫المتدينون كما وصفتُهم ل حجة لهم للقعود عن العمل لقامة‬
‫الخلفة بدعوى القول إن المهدي هو الذي سيقيم الخلفة كما‬
‫يظهر ذلك جلياً‪ ،‬ولذا فإن هؤلء المتدينين الذين قعدوا عن‬
‫العمل لعادة الخلفة آثمون لقعودهم وسيسألهم الله عز‬
‫وجل عن قعودهم هذا فإن ماتوا قبل إقامة الخلفة ماتوا ميتة‬
‫جاهلية‪ ،‬لما روى عبد الله بن عمر قال‪ :‬سمعت رسول الله‬
‫يقول " من خلع يداً من طاعةٍ لقي الله يوم القيامة ل‬
‫ة جاهلية‬ ‫ة له‪ ،‬ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميت ً‬ ‫ح َّ‬
‫ج َ‬ ‫ُ‬
‫" رواه مسلم‪ .‬وينجو من الميتة الجاهلية من يعمل لقامة‬
‫الخلفة‪ .‬فليحذر هؤلء المتدينون من أن يموتوا ميتة جاهلية‪.‬‬
‫هذا أولً‪.‬‬
‫وثانياً‪ :‬إن الحاديث النبوية الشريفة لم تذكر مطلقا ً أن‬
‫المهدي هو الذي سيقيم الخلفة على كثرة الحاديث المروية‬
‫ة صالح يحكم بالعدل‬ ‫عنه‪ ،‬وكل ما ذكرته الحاديث هو أنه خليف ٌ‬
‫ً‬
‫جوْرا ] فأين‬ ‫ً‬
‫ملِئت ظلما و َ‬ ‫سطاً وعدلً كما ُ‬‫[ يمل الرض قِ ْ‬
‫النص الذي يستشهدون به على أنه هو الذي سيقيم الخلفة ؟‬
‫ص الذي ينفي مفهومه عن المهدي أنه‬ ‫بل إن لدينا نحن الن ُّ‬
‫ة بعد موت‬ ‫سيقيم الخلفة‪ ،‬ويبين أن المهدي سيكون خليف ً‬
‫خليفةٍ قبله‪ ،‬وهذا يؤكد بأن الخلفة ستكون قائمة قبل أن‬
‫يصبح المهدي خليفة‪ ،‬فالمهدي هو خليفة مسبوق بخليفة في‬
‫دولة الخلفة الراشدة القادمة بإذن الله‪ ،‬وهذا يؤكد بأن‬
‫المهدي ليس هو الذي سيقيم هذه الخلفة‪ ،‬وبالتالي تسقط‬
‫حجة هؤلء بالقعود عن العمل وانتظار المهدي الذي يزعمون‬
‫سلَمة رضي‬ ‫أنه هو الذي سيقيم لهم الخلفة‪ .‬فقد روت أم َ‬
‫‪202‬‬
‫ف‬
‫الله عنها قالت‪ :‬سمعت رسول الله يقول " يكون اختل ٌ‬
‫ت خليفة‪ ،‬فيخرج رجل من بني هاشم فيأتي مكة‬ ‫عند مو ِ‬
‫س من بيته وهو كاره‪ ،‬فيبايعونه بين الُّركن‬ ‫فيستخرجه النا ُ‬
‫ش من الشام حتى إذا كانوا‬ ‫جهَّز إليه جي ٌ‬
‫والمقام‪ ،‬في ُ َ‬
‫سف بهم‪ ،‬فيأتيه عصائب العراق وأبدال الشام‪،‬‬ ‫خ ِ‬‫بالبيداءِ ُ‬
‫ش‬ ‫ل بالشام وأخواله كَل ٌ‬
‫ب‪ ،‬فيُجهَّز إليه جي ٌ‬ ‫وينشأ رج ٌ‬
‫فيهزمهم الله فتكون الدائرة عليهم‪ ،‬فذلك يوم كَلْب‬
‫من خاب من غنيمة كلب فيستفتح الكنور ويَقْسم‬ ‫ب َ‬‫الخائ ُ‬
‫جرانِه إلى الرض‪ ،‬فيعيش بذلك‬ ‫مب ِ‬
‫الموال‪ ،‬ويُلقي السل ُ‬
‫سبع سنين‪ ،‬أو قال تسع سنين "‪ .‬رواه الطبراني في‬
‫الوسط‪ ،‬وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد‪ ،‬وقال (رجاله‬
‫حه‬‫شَّرا ُ‬
‫رجال الصحيح) وهذا الحديث يتفق رواة ُ الحديث و ُ‬
‫على أن الخليفة المذكور في هذا الحديث هو المهدي‪ .‬وهذا‬
‫الحديث نص صريح بأن الخليفة هذا سيأتي بعد خليفة قبله "‬
‫يكون اختلف عند موت خليفة فيخرج رجل‪ " ...‬وليس هو‬
‫الذي سيقيم الخلفة‪ ،‬وليس هو الخليفة الول في دولة‬
‫الخلفة الراشدة القادمة بإذن الله فلم يبق أمام كل مسلم‬
‫يخشى من الميتة الجاهلية إل أن ينهض للعمل لقامة الخلفة‬
‫ونصب خليفة‪.‬‬

‫(‪ )4‬السؤال‪ :‬هل الكذب على الدول المحاربة فعل ً جاء على‬
‫ت الحرب فقط ؟ وما هو واقع‬ ‫صص وق َ‬‫خ ِّ‬ ‫عمومه‪ ،‬أم ُ‬
‫الكذب المباح في حالة الحرب بالضبط مع الدلة‬
‫الشرعية ؟‬
‫(‪ )4‬الجواب‪ :‬الكذب على الدول المحاربة فعلًجاء على‬
‫صصه‪ ،‬ولذا فالمسلم يجوز له أن‬ ‫عمومه‪ ،‬ولم يأت ما يخ ِّ‬
‫يكذب على الدولة المحاربة فعلً‪ ،‬وعلى رعاياها أيضا ً ما‬
‫شاء له الكذب‪ ،‬دون أي تحديد أو تخصيص‪ ،‬فقد ورد في‬
‫الشخصية الجزء الثاني في بحث [ الكذب في الحرب ]‬
‫ما يلي [ وأما ما أخرجه أحمد والنَّسائي من حديث أنس‬
‫ي أن‬ ‫جاج بن علط في استئذانه النب َّ‬ ‫ح َّ‬‫في قصة ال َ‬
‫يقول عنه ما شاء لمصلحته في استخلص ماله من أهل‬
‫‪203‬‬
‫مكة وأذن له النبي ‪ ] ...‬فقوله [ يقول عنه ما شاء ]‬
‫يدل على العموم‪ .‬وورد في نفس الصفحة ما يلي [ إذ‬
‫جواز الكذب ل يقتصر على المعركة‪ ،‬ول على المحاربين‪،‬‬
‫بل يجوز للمسلمين أن يكذبوا على الكفار أعدائهم إذا‬
‫كانوا في حالة حرب فعلية معهم ] فقوله [ ل يقتصر‬
‫على المعركة‪ ،‬ول على المحاربين ] يدل على العموم‬
‫أيضا ً الذي يشمل الدولة المحاربة ورعاياها‪ ،‬وتجدون‬
‫الدلة متوافرة في هذا البحث‪ .‬فالكذب عام ما دامت‬
‫حالة الحرب الفعلية قائمة بيننا وبينهم‪.‬‬
‫(‪ )5‬السؤال‪ُ :‬رويت عن رسول الله عدة أحاديث تفيذ أن‬
‫الذي يموت بالطاعون شهيد‪ ،‬وأن الذي يموت غريقا ً شهيد‪،‬‬
‫وأن الذي يموت محترِقا ً بالنار شهيد‪ ...‬الخ حتى بلغ عدد‬
‫هؤلء الشهداء ما يربو على العشرين صنفاً‪ ،‬والسؤال هو‪:‬‬
‫‪.1‬توجد في‬
‫الفنادق الكبيرة‬
‫ك سباحةٍ‬ ‫بر ُ‬
‫يسبح فيها‬
‫الرجال والنساء‬
‫معا ً عراة أو‬
‫بملبس ل تستر‬
‫العورات‪ ،‬وربما‬
‫شرب هؤلء‬
‫الخمرة على‬
‫حافاة هذه‬
‫البرك قبل أن‬
‫ينزلوا في الماء‬
‫للسباحة‪ ،‬فهل‬
‫إذا غرق أحد‬
‫هؤلء الفساق‬
‫والعصاة في‬
‫هذه البرك يعتبر‬
‫شهيدا ً لنه مات‬
‫غريقا ً ؟‬
‫‪204‬‬
‫‪.2‬توجد بارات‬
‫يختلط فيها‬
‫الرجال بالنساء‪،‬‬
‫ويجتمعون على‬
‫موائد الخمرة‪،‬‬
‫ويحدث كثيرا ً أن‬
‫يقوم أحد هؤلء‬
‫السكارى‬
‫بإشعال النار في‬
‫هذه البارات‬
‫فيموت هؤلء‬
‫السكارى‬
‫محترقين بالنار‪،‬‬
‫فهل يعتبر هؤلء‬
‫شهداء ؟ ومتى‬
‫يكون الغريق أو‬
‫المحترِق بالنار‬
‫أو المطعون‬
‫شهيدا ً ؟‬
‫منـزلة الشهادة عند الله منـزِلة عالية ل‬ ‫ِ‬ ‫(‪ )5‬الجواب‪ :‬إن‬
‫صدِّيقين‪ ،‬وهذه‬
‫تتعداها سوى منـزِلة النبوة ومنـزِلة ال ِّ‬
‫المنـزلة ل يبلغها إل من ‪ ،‬واستقامت أحواله‪ ،‬وقُتل أو‬ ‫ِ‬
‫مات في سبيل الله‪ ،‬وحتى هؤلء الشهداء فإن منازلتهم‬
‫تتفاوت تبعا ً لفضلهم وإخلصهم‪ ،‬أما من مات في غير‬
‫سبيل الله‪ ،‬أو قتل في غير سبيل الله‪ ،‬فليس بشهيد‪ ،‬ول‬
‫يبلغ منـزِلة الشهادة‪.‬‬
‫لقد خفي على كثير من الفقهاء أن الحاديث التي‬
‫أطلقت القول بأن المطعون شهيد وأن الغريق شهيد وأن‬
‫المبطون شهيد‪ ...‬الخ قد جاءت أحاديث أخرى قيَّدت هذا‬
‫الطلق ولم تُبْقِه مطلقاً‪ ،‬فإذا جاءت أحاديث مطلقة‪،‬‬
‫مل المطلق على المقيَّد‬ ‫ح ِ‬
‫وجاءت أحاديث أخرى مقيِّدة ُ‬
‫ة يعرفها جميع علماء‬ ‫مل بالمقيَّد‪ ،‬وهذه قاعدة ٌ أصولي ٌ‬ ‫وعُ ِ‬
‫الصول والفقهاء‪.‬‬
‫‪205‬‬
‫ة‪،‬‬
‫ف الشهداء فجعلتها خمس ً‬ ‫إن الحاديث التي ذكرت أصنا َ‬
‫أو جعلتها تربو على العشرين قد جاءت أحاديث أخرى‬
‫تقيِّد هذه الصناف بالخروج في سبيل الله‪ ،‬أي تقيد‬
‫المطعون والمبطون والغريق و‪ ...‬بحالة الخروج في‬
‫مل المطلَق عليه‪ ،‬فيكون‬ ‫سبيل الله‪ ،‬فيُعمل بالمقيَّد ويُح َ‬
‫ج في‬ ‫المطعون شهيدا ً إن هو أصيب بالطاعون وهو خار ٌ‬
‫سبيل الله‪ ،‬ويكون الغريق شهيدا ً إن هو غرق وهو خارج‬
‫في سبيل الله‪ ،‬ويكون المحترِق بالنار شهيدا ً إن هو‬
‫احترق بالنار في أثناء خروجه في سبيل الله‪ ،‬وهكذا جميع‬
‫الصناف‪ ،‬فهي جميعها مقيَّدة بالخروج في سبيل الله‪،‬‬
‫وعلى ذلك فإن من يموت بالطاعون وهو في بيته ليس‬
‫شهيداً‪ ،‬وإن من يموت غريقا ً في برك السباحة في‬
‫ة محترقاً‬ ‫الفنادق ليس شهيداً‪ ،‬وإن من يموت في الخمار ِ‬
‫بالنار ليس شهيداً‪ ،‬فهؤلء الصناف شهداء إن هم ماتوا‬
‫وهم خارجون للجهاد‪ ،‬وغير شهداء إن هم ماتوا ولم‬
‫يكونوا متلبسين بالجهاد في سبيل الله‪ ،‬فهذا ما دلت‬
‫عليه الحاديث النبوية الشريفة التالية‪:‬‬
‫‪.1‬عن أبي هريرة قال‪ :‬سمعت رسول الله يقول‬
‫" انتدب الله عز وجل لمن يخرج في سبيلِه ل‬
‫خرِجه إل اليمان بي والجهاد في سبيلي أنه‬ ‫يُ ْ‬
‫ة بأيهماكان‪ ،‬إما بقتل أو‬ ‫ُ‬
‫ضامن حتى أدخله الجن َ‬
‫وفاة‪ ،‬أو أرده إلى مسكنه الذي خرج منه‪ ،‬نال ما‬
‫نال من أجرٍ أو غنيمة " رواه النَّسائي‪.‬‬
‫‪.2‬عن سبرة بن أبي فاكه قال‪ :‬سمعت رسول الله‬
‫يقول " إن الشيطان قعد لبن آدم بأطُْرقِهِ‪،‬‬
‫فقعدَ له بطريق السلم‪ ،‬فقال‪ :‬تسلم وتذر دينك‬
‫ودين آبائك وآباء أبيك‪ ،‬فعصاه فأسلم‪ ،‬ثم قعد له‬
‫بطريق الهجرة فقال‪ :‬تهاجر وتدع أرضك‬
‫وسماءك وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في‬
‫الط ِّوَل فعصاه فهاجر‪ ،‬ثم قعد له بطريق الجهاد‬
‫جهْد النفس والمال فتقاتل‬‫فقال‪ :‬تجاهد فهو َ‬
‫سم المال فعصاه‬‫ح المرأة ويُقْ َ‬
‫فتقتل فتُنك ُ‬
‫‪206‬‬
‫فجاهد‪ ،‬فقال رسول الله ‪ :‬فمن فعل ذلك‬
‫كان حقا ً على الله عز وجل أن يدخله الجنة‪،‬‬
‫من قُتل كان حقا ً على الله عز وجل أن يدخله‬ ‫و َ‬
‫الجنة وإِن غرق كان حقا ً على الله أن يدخله‬
‫صته دابَّتُه كان حقا ً على الله أن‬
‫الجنة‪ ،‬أو وَقَ َ‬
‫يدخله الجنة " رواه النَّسائي‪ .‬قوله وقصته دابته‪:‬‬
‫يعني سقط عنها فدُقَّت عنقُه فمات‪.‬‬
‫‪.3‬عن أبي مالك الشعري قال‪ :‬سمعت رسول الله‬
‫صل في سبيل الله فمات أو‬ ‫يقول " من فَ َ‬
‫سه أو بعيُره أو‬
‫صه فر ُ‬‫قتل فهو شهيد‪ ،‬أو وَقَ َ‬
‫مة أو مات على فراشه بأي حتف شاء‬ ‫لدغته ها َّ‬
‫الله إنه شهيد‪ ،‬وإن له الجنة " رواه أبو داود‬
‫جزءا ً من حديث‪.‬‬ ‫والحاكم وصححه‪ ،‬ورواه البيهقي ُ‬
‫ب الرض‪.‬‬ ‫قوله ها َّ‬
‫مة‪ :‬تطلق على أية دابةٍ من دوا ِّ‬
‫الحديث الول قيَّد القتل والوفاة بالخروج للجهاد في‬
‫ص‬‫سبيل الله‪ ،‬والحديث الثاني قيَّد القتل والغرق ووَقْ َ‬
‫الدابة بالجهاد (ثم قعد له بطريق الجهاد) والحديث‬
‫الثالث قيَّد الموت والقتل ووقص الفرس أو البعير أو لذغ‬
‫مة كالفعى والعقرب مثلً‪ ،‬والموت على الفراش‬ ‫الها َّ‬
‫صل في سبيل الله‪ ،‬أي بالخروج للجهاد‪ ،‬فهذه‬ ‫بال َف ْ‬
‫الحاديث قيَّدت نوال الشهادة للمقتول وللميت _ وذكرت‬
‫َ‬
‫أصنافا ً للموت _ قيَّدتها كل ّها بالخروج للجهاد‪ ،‬وهذا يعني‬
‫ُ‬
‫أنها إن حصلت كل ّها في غير الجهاد فليست شهادة‪ .‬وقال‬
‫الحافظ ابن حجر في فتح الباري (وللطبراني من حديث‬
‫ابن عباس مرفوعا ً " المرء يموت على فراشه في‬
‫َّ‬
‫سبيل الله شهيد " وقال ذلك أيضا ً في المبطون واللدِيغ‬
‫والغريق والشريق والذي يفترسه السبع والخاّرِ عن دابته‬
‫وصاحب الهدم وذات الجنب) انتهى كلم الحافظ ابن‬
‫ُ‬
‫حجر‪ .‬فهذه الميتات كل ّها مقيَّدة بحالة الخروج في سبيل‬
‫الله كما ينص على ذلك الحديث‪.‬‬
‫وأصرح من هذه الحاديث الحديثان التيان‪:‬‬

‫‪207‬‬
‫أ – عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال‪ :‬سمعت‬
‫رسول الله يقول " ما تَعُدُّون الشهيد َ ؟ قالوا‪ :‬الذي‬
‫يقاتل في سبيل الله حتى يُقتل‪ ،‬قال‪ :‬إن الشهيد في‬
‫ل‪ ،‬القتيل في سبيل الله شهيد‪،‬‬ ‫أمتي إِذن لقلي ٌ‬
‫والطعين في سبيل الله شهيد والغريق في سبيل‬
‫الله شهيد‪ ،‬والخاُّر عن دابته في سبيل الله شهيد‪،‬‬
‫ب في سبيل الله شهيد " رواه أحمد‪ ،‬وزاد‬ ‫والمجنو ُ‬
‫ن شهادة والنُّفَساء شهادة "‪.‬قوله‬
‫في رواية " والبَط َ ُ‬
‫البَطَن‪ :‬هو دا ٌء يصيب البطْن‪.‬‬
‫س‬
‫قال " خم ٌ‬ ‫ب‪ -‬عن عقبة بن عامر أن رسول الله‬
‫من قُبض في شيءٍ منهن فهو شهيد‪ :‬المقتول في‬ ‫َ‬
‫سبيل الله شهيد‪ ،‬والغَرِق في سبيل الله شهيد‪،‬‬
‫والمبطون في سبيل الله شهيد‪ ،‬والمطعون في‬
‫سبيل الله شهيد‪ ،‬والنُّفَساء في سبيل الله شهيد "‬
‫رواه النَّسائي‪ .‬ودللة هذين الحديثين على ما نقول‬
‫واضحة‪.‬‬
‫وعليه فإن من غرق في برك السباحة المختلطة‬
‫في الفنادق الكبيرة ليس شهيدا ً وسيحاسبه الله سبحانه‬
‫على فسقه ومعصيته بالسباحة في هذا المكان الموبوء‪،‬‬
‫ومن مات محترقا ً بالنار في الخمارة ليس شهيداً‬
‫وسيعاقبه الله سبحانه على معاقرة الخمرة ويسقيه من‬
‫طينة الخبال كما صرحت بذلك الحاديث‪ ،‬ول ينفع هذا‬
‫أو ذاك هذه الميتة أو تلك‪ ،‬فهي ميتة ليست في سبيل‬
‫الله‪ ،‬بل هي في سبيل الشيطان‪.‬‬
‫وقد اختلف للفقهاء في عدد الصناف التي يَدخل‬
‫أصحابُها الجنَة بالشهادة‪ ،‬فمنهم من ذكر خمسة أصناف‪،‬‬
‫ومنهم من ذكر تسعة‪ ،‬ومنهم من أوصلها إلى العشرين‪،‬‬
‫ونحن نقول باحتمال أن تصل هذه الصناف إلى مائة‬
‫صنف‪ ،‬ول قيمة لكل ذلك إذا علمنا أن أصحاب هذه‬
‫النصاف شهداء إن هم ماتوا في حالة الخروج للجهاد‬
‫والقتال في سبيل الله فحسب‪ ،‬أما إن قتلوا أو ماتوا في‬

‫‪208‬‬
‫غير سبيل الله فليسوا شهداء‪ ،‬سواء أكانوا خمسة أم‬
‫عشرين أم مائة‪.‬‬
‫ب أموال الدولة المحاربة على‬ ‫(‪ )6‬السؤال‪ :‬هل يجوز نه ُ‬
‫أراضيها أم ل مع الدلة ؟ وهل يجوز شراءُ بضاعةٍ‬
‫مسروقة أو منهوبة في تلك الدولة المحاربة ؟‬
‫(‪ )6‬الجواب‪ :‬جاء في مقدمة الدستور في شرح المادة ‪178‬‬
‫ة الحرب الفعلية بيننا‬ ‫ما يلي [ وأما الذين وُجدت حال ُ‬
‫وبينهم‪ ،‬ولم نعقد صلحا ً معهم فإنهم يكونون في جميع‬
‫الحوال كحال المحارِب في المعركة‪ ،‬فدماؤ ُهم حلل‪،‬‬
‫وأموالُهم حلل‪ ،‬إل المسلمين منهم ] وهذا الحكم متعلق‬
‫بسياسة الدولة السلمية الحربية‪ .‬أما اليوم ونحن بل‬
‫ش فاتحة‪ ،‬فإن المسلم إن دخل‬ ‫دولة إسلمية وبل جيو ٍ‬
‫ن واستئمان حرم‬
‫َ‬ ‫بلد الكفار المحاربين فعل ً بعهد ِ أما ٍ‬
‫عليه أن يخفِر هذا العهد‪ ،‬أما إن تمك ّن من دخول تلك‬
‫ن جازله أخذ ُ أموالِهم‬ ‫ن واستئما ٍ‬ ‫البلد بدون عهد أما ٍ‬
‫حهم‪ ،‬تماما ً كما لو كان في المعركة معهم‪.‬‬ ‫وإِزهاقُ أروا ِ‬
‫ن حالها كحال ما‬ ‫وأما البضائع المنهوبة في تلك البلد فإ َّ‬
‫ل لغيره‪.‬‬‫ل لمن دخل بعهد أمان ‪ ,‬وتح ُّ‬ ‫سبق‪ ،‬ل تح ُّ‬
‫ٍ‬

‫‪209‬‬
‫البـــاب الثامـــــــن‬
‫منوَّعــــات‬

‫(‪ )1‬سؤال‪ :‬نعلم أن الكحول تدخل في صناعات كثيرة منها‬


‫ل مسكرةٌ‪ ،‬وأنها بالتالي‬ ‫الدوية والعطور‪ ،‬ونعلم أن الكحو َ‬
‫خمر‪ ،‬فهل يجوز استعمال الدوية المحتوية على الكحول‪،‬‬
‫وهل يجوز التعطر بالعطور المحلولة بالكحول ؟‬
‫ن الكحول _ والعرب تسميها الغَوْل _‬ ‫(‪ )1‬الجواب‪ :‬نعم إ َّ‬
‫سكر‪ ،‬وما‬ ‫ن ناسا ً يشربونها من أجل ال ُّ‬
‫مسكرةٌ‪ ،‬حتى إ َّ‬
‫دامت الكحول مسكرة ً فهي خمر وهي حرام‪ ،‬فعن ابن‬
‫مسكر حرام وكل‬ ‫ٍ‬ ‫عمر عن النبي قال " كل‬
‫مسكرٍ خمر" رواه النَّسائي ومسلم والبخاري وأحمد‪.‬‬
‫فالكحول خمر ينطبق عليها ما ينطبق على الخمر سواء‬
‫مر الشرع الحنيف باجتناب الخمر‪ ،‬وجعل‬ ‫َ‬
‫بسواء‪ .‬وقد أ َ‬
‫عقوبة شربها من الحدود‪ ،‬فل يحل لمسلم أن يشرب‬
‫الخمر مطلقاً‪ ،‬وبالتالي ل يحل لمسلم أن يشرب الكحول‬
‫ول أن يشرب أي سائل تدخل فيه الكحول‪ ،‬سواء أكان‬
‫هذا السائل علجا ً ودواء‪ ،‬أم كان غير ذلك‪ ،‬فكل ذلك‬
‫صصه‬ ‫حرام ل يجوز‪ ،‬وهذا الحكم عام ويبقى عاما ً لم يخ ِّ‬
‫صص من قرآن أو حديث‪ ،‬بل لقد جاءت الحاديث‬ ‫مخ ِّ‬
‫تنص على تحريم استعمال الخمر في التداوي‪ ،‬وجاءت‬
‫الحاديث تنفي عن الخمر صفة الدواء والعلج وتصفها‬
‫بأنها داء‪ ،‬وذلك ردا ً على من يعتبرها دواء وعلجاً‪ ،‬مما ل‬
‫حرمةِ الخمر في العلج كحرمتها في‬ ‫يدع مجال للشك ب ُ‬
‫سائر الستعمالت‪ ،‬فعن وائل الحضرمي أن طارق ابن‬
‫جعفي " سأل النبي عن الخمر‪ ،‬فنهاه أو‬ ‫سوَيد ال ُ‬
‫ُ‬
‫كره أن يصنعها‪ ،‬فقال‪ :‬إنما أصنعها للدواء‪ ،‬فقال‪ :‬إنه‬
‫ليس بدواء ولكنه داء " رواه مسلم والتِّرمذي والدَّارمي‬
‫حبَّان ولفظه " إنَّا نصنع الخمر‪،‬‬‫وأبو داود‪ ،‬ورواه ابن ِ‬
‫فنهاه عنها فقال‪ :‬إِنما نتداوى بها فقال رسول الله‬

‫‪210‬‬
‫حبَّان‬
‫‪ :‬ليست بدواء إنها داء " وفي رواية ثالثة لبن ِ‬
‫ن بأرضنا أعناباً نعتصُرها‪،‬‬ ‫بلفظ " قلت يا رسول الله‪ ،‬إ ْ‬
‫ونشرب منها‪ ،‬قال‪ :‬ل تشرب‪ ،‬قلت‪ :‬أفنشفي بها‬
‫المرض ؟ فقال رسول الله ‪ :‬إنما ذلك داء وليست‬
‫بشفاء" وروى حسان بن مخارق قال‪ :‬قالت أم سلمة‬
‫ت لها في كوز‪،‬‬ ‫ة لي فنبذ ُ‬ ‫رضي الله عنها "اشتكت ابن ٌ‬
‫فدخل النبي وهو يغلي‪ ،‬فقال‪ :‬ما هذا ؟ فقالت‪ :‬إن‬
‫ت لها هذا‪ ،‬فقال ‪ :‬إن الله لم‬ ‫ابنتي اشتكت فنبذ ُ‬
‫حبَّان‪ .‬وقال ابن‬ ‫يجعل شفاءَكم في حرام " رواه ابن ِ‬
‫مسعود في السكر " إن الله لم يجعل شفاءَكم فيما‬
‫حّرِم عليكم " ذكره البخاري تعليقاً‪ .‬وعن أبي الدرداء‬ ‫ُ‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله " إن الله أنزل الداء والدواء‬
‫وجعل لكل داءٍ دواءً فتداووا ول تَدَاوَوْا بحرام " رواه‬
‫أبو داود‪.‬‬
‫فالخمر داء وليست بدواء وليست بشفاء‪ ،‬وما دامت‬
‫الخمر هكذا فل يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الخر أن‬
‫جيز تعاطيَه‪.‬‬ ‫ل الله بال ِدّعاء أنها دواء‪ ،‬وي ُ ِ‬ ‫ذّب رسو َ‬ ‫يُك َ ِ‬
‫ب محَّرم ل شك في حرمته‪ ،‬وإن‬ ‫نعم إن الخمَر شرا ٌ‬
‫ن الرسول قد نهانا عن‬ ‫َ‬ ‫الخمر شراب خبيث بل شك‪ ،‬وإ ّ‬
‫التداوي بالشراب الخبيث‪ ،‬فعن أبي هريرة رضي الله‬
‫تعالى عنه قال " نهى رسول الله عن الدواء الخبيث‬
‫" رواه أبو داود وأحمد وابن ماجة والترمذي‪ .‬فالخمر‬
‫صفت في الحاديث بأنها أ ُ ُّ‬
‫م‬ ‫شراب خبيث بل لقد وُ ِ‬
‫الخبائث‪ .‬فهذه القوال منه عليه الصلة والسلم " في‬
‫حرام "‪ " ،‬ول تداووْا بحرام "‪ " ،‬الدواء الخبيث "‬
‫ه عن التداوي بالخمر يشمل كل نجس وحرام‪،‬‬ ‫وكذلك نهي ُ ُ‬
‫حَّرم من هذا‬ ‫م َ‬‫أي ُ‬ ‫ة نجاسة ول َّ‬ ‫ولم يستثن الرسول أي َ‬
‫ً‬
‫العموم‪ ،‬ولذا يظل الحكم عاما في كل حرام وكل نجس‪.‬‬
‫ل التداوي بالنجس وبالحرام‬ ‫وأنا ل أعلم فقهيا ً أح َّ‬
‫وبالخمر وبالكحول إل ما ُروي عن عدد منهم أنهم أعطَوْا‬
‫م الكراهة مستدلين بدليلين اثنين‬ ‫الخمر للتداوي حك َ‬
‫‪211‬‬
‫شرب أبوال‬ ‫ةب ُ‬ ‫من عُك َ ٍ‬
‫ل أو عَُريْن َ َ‬ ‫أحدهما أمُره ناسا ً ِ‬
‫البل وألبانها للتداوي‪ ،‬وثانيهما إذنه لعبد الرحمن بن‬
‫عوف والزبير بن العوام بلبس ثياب الحرير لحكَّة كانت‬
‫بهما‪ .‬فعن الول قالوا‪ :‬إن أبوال البل نجسة ومع ذلك‬
‫أمرهم رسول الله بشربها للتداوي‪ ،‬وعن الثاني قالوا‪:‬‬
‫إن لبس الحرير للرجال حرام‪ ،‬ومع ذلك أَذِن رسول الله‬
‫لهذين الصحابيين بلبسه بسبب مرض الحكَّةِ‪ ،‬وأن ذلك‬
‫منه يدل على جواز التداوي بالنجس وبالحرام وأن‬
‫حمل على الكراهة‬ ‫الحاديث الناهية عن التداوي بالحرام ت ُ ْ‬
‫وليس على التحريم‪ .‬فنقول لهؤلء ما يلي‪:‬‬
‫أما الحديث الول فل يتعارض مع أحاديث النهي‪ ،‬وإنما‬
‫كان المر منه بشرب أبوال البل لن أبوال البل‬
‫ة على الرأي الراجح في هذه المسألة‪،‬‬ ‫ليست نجس ً‬
‫فأبوال البل وأبوال الغنم وأرواث الدواب ليست نجسة‬
‫ولذا جاز التداوي بها‪ ،‬ول أريد الدخول هنا في تفصيل‬
‫ن له مكانا ً آخر‪ ،‬ويكفي أن أشير إلى أن‬ ‫هذه المسألة‪ ،‬ل َّ‬
‫الرسول كان يصلي في مرابض الغنم مع ما في هذه‬
‫المرابض من أبوال‪ ،‬وأن نهيه عن الصلة في معاطن‬
‫ة التأ ِذّي‬
‫البل ليس بسبب نجاسة الموضع‪ ،‬وإنما خشي َ‬
‫منها حين الصلة لنها تؤذي من حولها‪ ،‬فعن البراء بن‬
‫سئِل رسول الله عن الصلة في‬ ‫عازب قال " ُ‬
‫مبارك البل فقال‪ :‬ل تصلوا في مبارك البل فإنها من‬
‫سئل عن الصلة في مرابض الغنم فقال‪:‬‬ ‫الشياطين‪ ،‬و ُ‬
‫صلوا فيها فإنها بركة " رواه أبو داود وابن ماجة وأحمد‬
‫حبَّان‪ .‬فكون الرسول كان يصلي في مرابض‬ ‫وابن ِ‬
‫ل‪ ،‬وكونه يأمر بشرب أبوال البل‬ ‫الغنم بما فيها من أبوا ٍ‬
‫للتداوي‪ ،‬وكونه ينهى عن الدواء المحرم والدواء الخبيث‬
‫فإن ذلك يدل على طهارة أبوال البل وأبوال الغنم‪ .‬وأما‬
‫أرواث الدواب فهي أيضا ً طاهرة‪ ،‬وكون رسول الله‬
‫نهى عن الستنجاء بالرواث فليس ذلك بدليل على‬
‫نجاستها‪ ،‬وإنما كان نهيه عن الستنجاء بها من أجل بقاء‬
‫الرواث طاهرة لنها طعام إخواننا من الجن‪ ،‬ويكفي أن‬

‫‪212‬‬
‫أن النبي‬ ‫أذكر هنا حديثا ً واحدا ً هو ما رواه ابن مسعود‬
‫قال " ل تستنجوا بالَّروْث ول بالعظام‪ ،‬فإنه زادُ‬
‫خَزيمة‬ ‫إِخوانكم من الجن " رواه الترمذي‪ ،‬ورواه ابن ُ‬
‫بلفظ " ل تستنجوا بالعظم ول بالبعر‪ ،‬فإنه زاد إخوانكم‬
‫م أن إخواننا من الجن يأكلون‬ ‫من الجن " والمعلو ُ‬
‫الطعام الطاهر‪ ،‬فالبوال طاهرة والرواث طاهرة‪ ،‬فل‬
‫تعارض بين أحاديث النهي عن الدواء الخبيث وبين‬
‫أحاديث التداوي بأبوال البل‪.‬‬
‫أما لبس الحرير لل َ َ‬
‫ل عبد الرحمن والزبير‪،‬‬ ‫حك ّةِ من قِب َ ِ‬‫ّ‬
‫ص‬
‫خ َ‬ ‫َ‬ ‫فقد جاء في الحديث الذي رواه أنس قال " ر ّ‬
‫َ‬
‫النبي للزبير وعبد الرحمن في لبس الحرير لحك ّ ٍ‬
‫ة‬
‫بهما " رواه البخاري وأحمد والنَّسائي والترمذي وأبو‬
‫داود‪ .‬ورواه مسلم بلفظ " إن عبد الرحمن بن عوف‬
‫والزبير بن العوام شكَوَا إلى رسول الله القم َ‬
‫ل‪،‬‬
‫ص الحرير في غََزاةٍ لهما "‪.‬‬ ‫فر َّ‬
‫خص لهما في قُ ُ‬
‫م ِ‬
‫ج في‬ ‫فهذا الحديث ليس في موضوع العلج‪ ،‬ول يُدَر ُ‬
‫خص للمريض‪ ،‬فلبس‬ ‫ب الُّر َ‬
‫باب التداوي‪ ،‬وإنما مكانه با ُ‬
‫الحرير ليس دواء وليس علجاً‪ ،‬ول يصنَّف في قائمة‬
‫العلجات والدوية لمرض الحكة‪ ،‬وإنما يقال إن الحكة‬
‫خص‬ ‫خص لصاحبها في لبس الحرير‪ .‬وبحث الُّر َ‬ ‫مرض يُر َّ‬
‫م في الفقه وهي حالت استثنائية يجوز فيها‬ ‫معلو ٌ‬
‫خص‬ ‫َ‬ ‫للمريض ما ل يجوز لغيره‪ ،‬فالمريض في رمضان يُر ّ‬
‫له في الِفطار ول يُقال إِن الفطار علج للمريض‬
‫خص له في‬ ‫الصائم‪ ،‬وإنما يقال هو رخصة‪ ،‬والمريض يُر َّ‬
‫ج‪ ،‬وإنما يقال‬ ‫الصلة قاعداً‪ ،‬ول يقال إن الصلة قاعدا ً عل ٌ‬
‫خص له في‬ ‫هي رخصة‪ ،‬والمريض إذا كان الماء يضره يُر َّ‬
‫التيمم مع وجود الماء ول يقال إن التيمم علج‪ .‬وكذلك‬
‫ص له في لبس الحرير‪ ،‬وليس‬ ‫خ ُ‬‫المريض بالحكة فإنه يَُر َّ‬
‫ص كلها‬ ‫خ ُ‬ ‫لبس الحرير علجاً‪ ،‬وإنما هو رخصة‪ ،‬وهكذا الُّر َ‬
‫حالت استثنائية يُباح فيها فعل الحرام أو ترك الواجب‬
‫وليست علجات وليست أدوية‪ ،‬والقاسم المشترك بينها‬
‫هو دفع المشقة والذى عن المريض‪.‬‬
‫‪213‬‬
‫وهكذا يظهر أن ما يستدل به القائلون بجواز التداوي‬
‫بالحرام أوبالنجس مع الكراهة ليس في حقيقته دليلً‬
‫شبهة عند هؤلء‪ ،‬والصواب‬ ‫لهم‪ ،‬وليس هو أكثر من ُ‬
‫ب إليه هو القول إن التداوي بالنجس‬ ‫المتعين الذها ُ‬
‫والتداوي بالحرام حرام‪ ،‬لن شرب النجس حرام‪ ،‬وشرب‬
‫الحرام حرام‪ ،‬وليس في هذه المسألة أحاديث متعارضة‬
‫حتى يُصار إلى التأويل‪ ،‬فلْينته المسلمون عن تعاطي‬
‫الدوية المركَّبة من الكحول‪ ،‬ولْيحذروا من التَّطيُّب‬
‫َ‬
‫بالعطور المحلولة بالكحول‪ ،‬فإن ذلك كل ّه حرام ل يجوز‪.‬‬
‫وهنا ل بد من الملحظة التالية‪ :‬إن من الكحول ما هو‬
‫م وليس بمسكر‪ ،‬فالكحول المسكرة هي المقصودة‬ ‫سا ٌّ‬
‫مسكرة فجائٌز‬ ‫في هذا الجواب‪ ،‬أما الكحول غير ال ُ‬
‫التداوي بها‪ ،‬وجائٌز استعمالهُا في العطور وفي غير‬
‫العطور‪ ،‬لنها ليست خمراً‪ ،‬وليست نجسة‪ ،‬فاقتضى‬
‫التنويه‪.‬‬

‫(‪ )2‬السؤال‪ :‬هل آثم أنا إذا سمع أولدي الصغار الغاني‬
‫والموسيقى‪ ،‬خاصًة في دعايات التلفزيون‪ ،‬علما ً بأن ذلك‬
‫يسعدهم بينما هم ل يسكتون أبدا ً عند قراءة القرآن وقد‬
‫حاولت عدة مرات إِسماعهم القرآن دون جدوى لنهم ل‬
‫يهدأون مما يضطرني لغلق الراديو‪ ،‬ولكنهم يُنصتون تماماً‬
‫للذان وللصلة التي تُنقل من مكة في التلفزيون‪ ،‬فماذا‬
‫أفعل لعوِّدهم على حب القرآن وكُْرهِ الغاني؟‬
‫(‪ )2‬الجواب‪ :‬ل إثم عليك إن سمع أولدك الصغار الغاني‬
‫والموسيقى في الراديو والتلفزيون‪ ،‬وكذلك ل إثم عليك‬
‫إن رفض أولدك الصغار سماعَ القرآن في الراديو‬
‫جل والتلفزيون‪ ،‬لن الولد الصغار دون البلوغ ل‬ ‫والمس ِّ‬
‫نَ‬ ‫ً‬
‫ل شرعا‪ ،‬ل ّ‬ ‫حُرم عليهم فع ٌ‬ ‫ً‬ ‫يجب عليهم فع ٌ‬
‫ل شرعا‪ ،‬ول ي َ ْ‬
‫القلم مرفوع عنهم‪ ،‬وما داموا ل يأثمون فكيف تأثمين‬
‫أنت ؟ ثم إن سماع الغاني والموسيقى غير حرام ‪،‬بل‬
‫هو جائز على الرأي الصح‪ ،‬أما محاولتك تعويد أولدك‬
‫ف‪،‬‬ ‫زجر وتعني ٍ‬
‫ٍ‬ ‫الصغار على سماع القرآن فتكون بدون‬
‫وإنما باللطف وطول البال‪ ،‬ويمكنك أن تفتحي على‬
‫القرآن عندما يكون أحد أطفالك وحده معك بحيث ل يجد‬
‫‪214‬‬
‫من يلعب معه‪ ،‬أو عندما يضعون رؤوسهم على مخداتهم‬
‫قبيل النوم فل يلعبون ول يتحركون‪ ،‬ففي هاتين الحالتين‬
‫ل يملك الطفل إل أن يستمع للقرآن‪ ،‬ومرة ً بعد مرة‬
‫ستنجحين بإذن الله في تعويد أطفالك على الستماع‬
‫للقرآن الكريم‪.‬‬

‫ي السفر من البلد إذا علمت أن‬ ‫(‪ )3‬السؤال‪ :‬هل يجب عل َّ‬
‫الحرب ستقع فيها وهناك احتمال أن أموت أنا أو أولدي‬
‫ي نصيب من المسؤولية عن حياتهم‪ ،‬وهل أكون‬ ‫الذين عل َّ‬
‫كمن أعان على قتل نفسه إذا بقيت فيها واحتطت‬
‫وأخذت بالسباب التي تساعد على عدم وصول القنابل‬
‫ت مثلً‪ ،‬أم أكون‬‫إلينا‪ ،‬ثم بعد ذلك وصلت القنابل إلينا وم ُّ‬
‫شهيدة‪ ،‬ول أُحاسب محاسبة من قتل نفسه ؟‬
‫(‪ )3‬الجواب‪ :‬ل يجب عليك السفر من البلد هربا ً من الحرب‬
‫ما دام المر يقع في دائرة الحتمال‪ ،‬وما دام الخطر من‬
‫ت من وقوع‬ ‫القنابل ظنيا ً وليس قطعياً‪ ،‬أما إن تيقن ِ‬
‫الحرب ومن حصول الذى فالواجب إبعاد الطفال عن‬
‫صرة‪ ،‬ويصح هذا القول‬ ‫مقَ ِّ‬
‫مكان المعركة وإل كنت آثمة و ُ‬
‫إن كنت أنت المسؤولة عن الطفال‪ ،‬أما إن كان أبوهم‬
‫موجودا ً بينكم‪ ،‬فإن المسؤولية تقع عليه هو ول تقع ليك‪.‬‬
‫وإذا وقعت الحرب وقُتل النسان فيها‪ ،‬فإنه ل يموت‬
‫شهيدا ً إل إن كان يشارك في قتال الكفار لعلء كلمة‬
‫الله‪ ،‬أما غير المقاتلين فل يكونون شهداء‪ ،‬ولكن لهم‬
‫ثواب من الله سبحانه لنهم قتلوا بغير حق‪.‬‬

‫(‪ )4‬السؤال‪ :‬هل يجوز للمرأة أن تتعطر لزوجها بعطرٍ ل‬


‫تدري هل يحتوي على الكحول أم ل مثل العطور الجنبية‬
‫؟ وهل يجوز لها أن تصلي ورائحته على بدنها ؟ وهل‬
‫مزِيلت العرق ؟‬ ‫ينطبق ذلك على ُ‬
‫(‪ )4‬الجواب‪ :‬هنالك كحول سامة وهناك كحول مسكرة‪ ،‬فإن‬
‫ل سامة جاز التعطر‬‫كانت العطور تدخل في تركيبها كحو ٌ‬
‫بها‪ ،‬أما إن دخل في تركيب العطور كحول مسكرة لم‬
‫ُ‬
‫جز التعط ّر بها‪ ،‬وعلى المسلم أن يتحرى عن ذلك‬
‫يَ ُ‬
‫بسؤال صاحب الخبرة العلمية كالصيادلة مثلً‪ ،‬ويتوقف‬
‫‪215‬‬
‫عن استعمالها حتى يحصل على الجواب‪ ،‬وقولي مثل‬
‫مزيلت العرق‪ .‬أما بخصوص الصلة‬ ‫ذلك بخصوص ُ ِ‬
‫صل ِّين بعيداً‬
‫والعِطر يفوح منك فل مانع من ذلك إن كنت ت ُ َ‬
‫عن الرجال الجانب‪.‬‬

‫(‪ )5‬السؤال‪ :‬سؤالي عن الِثيلي والمثيلي من الكحول ‪:‬جاءت‬


‫حْرمة الِثيلي‬ ‫ة المثيلي من كونه ساما ً ول يُشرب‪ ،‬و ُ‬ ‫إِباح ُ‬
‫َ‬
‫مسكراً‪ ،‬ويُشرب إذا كان مخ ّففاً‪ ،‬علما ً بأن‬ ‫من كونه ُ‬
‫شرب‪ ،‬والسؤال حسب‬ ‫َ‬
‫الِثيلي المرك ّز ‪ %100‬سام إذا ُ‬
‫المعلومة العلمية المذكورة أعله هو‪ :‬هل استعمال‬
‫الِثيلي من الكحول المركَّز ‪ %100‬جائز لغراض البحث‬
‫العلمي ؟‬
‫سكِرا ً فإن قليله‬ ‫م ْ‬‫(‪ )5‬الجواب‪ :‬ما دام الِثيلي من الكحول ُ‬
‫وكثيره ومحلوله ومركَّزه حرام‪ ،‬وبالتالي فإن استعماله‬
‫لغراض البحث العلمي غير جائز‪ .‬أما قولكم إن الِثيلي‬
‫المركَّز ‪ %100‬سام غير مسكر فهو صحيح‪ ،‬ولكن وجوده‬
‫أكثر من نادر‪ ،‬بمعنى أنه عندما يكون مركزا ً ‪ %100‬فإِنه‬
‫يكون قبل ذلك مركزا ً بنسبة ‪ ،%96‬فيضعون فيه مادة‬
‫الصوديوم فتمتص منه الربعة بالمائة فيصبح مركزاً‬
‫‪ ،%100‬ولكن هذه الحالة أي حالة التركيز ‪ ،%100‬ل‬
‫ن ‪،‬ليعود إلى امتصاص الماء من‬ ‫تدوم سوى بضع ثوا ٍ‬
‫جديد فوراً‪ ،‬فيعود إلى ما كان عليه بتركيز ‪ ،%96‬وعندها‬
‫يكون مسكراً‪ ،‬فالمثال الذي ذكرته عن التركيز ‪ %100‬هو‬
‫مثال نظري ل يغيِّر من حكم استعماله شيئا ً‬
‫ويمكنكم الستعاضة عن الِثيلي المسكر من الكحول‬
‫بعدد من أنواع الكحول الخرى من مثل ‪:‬‬
‫‪2- Soprophyl Alcohol‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Propanol‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Rubbing Alcohol‬‬
‫فهذه كحول غير مسكرة يجوز استعمالها‪.‬‬

‫‪216‬‬
‫السؤال‪ :‬ما حكم استخدام المطعومات مثل الحلويات‬ ‫(‪)6‬‬
‫التي تضاف إليها خمور بنسب قليلة من مصنٍع لكافرٍ يتم‬
‫تحويلها بالحرارة ما يعني تسخينها ؟ وما حكم استخدام‬
‫الكحول للتعقيم في المستشفيات عموما ً وللجراحين‬
‫والطباء والممرضين الذين يباشرون علج جروح‬
‫المرضى وعملياتهم ؟‬
‫الجواب‪ :‬إضافة الكحول إلى المطعومات‪ ،‬كالحلويات‪،‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫جسها ويجعل أكلها حراما ً لن إضافتها إلى هذه‬ ‫يُن َ ِّ‬
‫المطعومات ل يفقدها خصائصها بل تبقى بذات‬
‫الخصائص فل يجوز شراؤها ول أكلها ول كل ما يحرم‬
‫فعله بالخمرة‪ .‬أما السبيرتو المستخدَم في المستشفيات‬
‫ت ذلك من‬ ‫للتطهير فهو من النوع غير المسكر كما علم ُ‬
‫صاحب اختصاص فيجوز استعماله على ع ُهدةِ صاحب‬
‫الختصاص‪.‬‬
‫السؤال‪ :‬هل أكل ذبائح أهل الكتاب جائز إطلقا ً أم مقيَّد‬ ‫(‪)7‬‬
‫بذبحها على شروط الشريعة السلمية (التذكية)‬
‫خصوصا ً وأن الذبح بالطرق الحديثة في المسالخ الكبيرة‬
‫يتم بضرب البقرة مثل ً بما يشبه الرصاص في الرأس‬
‫لغرض التخدير‪ ،‬ولكنه أحيانا ً يؤدي إلى قتل البقرة‪ ،‬ويتم‬
‫أيضا ً صعق الحيوانات بالكهرباء قبل قطع رؤوسها‪ ،‬وحتى‬
‫ق ول تخدير فإن ذبحها ل‬ ‫لو قُطعت الرؤوس بدون َ‬
‫صعْ ٍ‬
‫صل‪ ،‬خصوصاً‬ ‫يكون بالطريقة الشرعية‪ ،‬أرجو البيان المف َّ‬
‫وأن الكثير من اللحوم المستوردة إلى بلد المسلمين‬
‫صفون بأنهم‬ ‫ن يُو َ‬
‫م ْ‬
‫ة لكل ذبائح َ‬‫تجعل المسلمين عُْرض ً‬
‫أهل الكتاب‪ ،‬ثم هناك كثير من المسلمين الذين يعيشون‬
‫في بلد الغرب يأكلون من هذه الذبائح‪.‬‬
‫الجواب‪ :‬عندما نزل حكم جواز أكل ذبائح أهل الكتاب‬ ‫(‪)7‬‬
‫كان أهل الكتاب يُذ َكُّون ذبائحهم‪ ،‬فأجاز الشرع أكلها‪،‬‬
‫فإن تركوا الذبح والذكاة فقد وجب علينا تحريم ذبائحهم‪،‬‬
‫ولكن ل نترك أكلها إل إن أيقنَّا أنهم فعل ً لم يعودوا‬
‫يذبحون‪ ،‬فعلى من يعيشون في بلد الغرب أن يتحروا‬
‫عن ذلك قبل الكل‪.‬‬

‫‪217‬‬
‫(‪ )8‬السؤال‪ :‬إن حصل وذ ُبحت العقيقة قبل اليام السبعة‪،‬‬
‫فهل تجزئ ؟‬
‫سنَّة‪ ،‬وال ُّ‬
‫سنَّة فيها أن تُذبح في اليوم‬ ‫(‪ )8‬الجواب‪ :‬العقيق ُ‬
‫ة ُ‬
‫السابع لمولد الطفل‪ ،‬فإن لم يتيسر ذبحها في اليوم‬
‫السابع وذ ُبحت في أي يوم آخر أجزأت إن شاء الله‪،‬‬
‫سواء كان الذبح بعد السابع أو قبله‪ ،‬ولكنه فقط خلف‬
‫سنَّة‪.‬‬
‫ال ُّ‬

‫(‪ )9‬السؤال‪ :‬الناس عندنا درجوا على أن يقبِّل البن يد أبيه‬


‫وأمه‪ ،‬وأحيانا ً يد عالم فاضل‪ ،‬فما الذي جاء به الشرع في‬
‫هذا المجال ؟‬
‫(‪ )9‬الجواب‪ :‬تقبيل البن يد أبيه ويد أمه ويد أستاذه كل ذلك‬
‫سنة النبوية وفي أفعال‬ ‫مشروع‪ ،‬وقد ورد ذلك في ال ُّ‬
‫ً‬
‫رجلين أيضا‪ ،‬ويكفي أن‬ ‫الصحابة‪ ،‬بل لقد ورد تقبيل ال ّ ِ‬
‫أورد لك ما يلي ‪:‬‬
‫‪-1‬عن الوازع بن عامر قال " قدمنا‪ ،‬فقيل‪ :‬ذاك‬
‫رسول الله ‪ ،‬فأخذنا بيديه ورجليه نقبِّلها "‬
‫رواه البخاري في كتاب الدب‪.‬‬
‫‪-2‬عن مزيدة العبدي قال " جاء الش ُّ‬
‫ج يمشي ‪،‬حتى‬
‫أخذ بيد النبي فقبَّلها‪ " ...‬رواه البخاري في‬
‫كتاب الدب‪.‬‬
‫‪-3‬عن تميم بن سلمة قال " لما قدم عمر‬
‫الشام‪ ،‬استقبله أبو عبيدة بن الجراح ‪،‬‬
‫فصافحه وقبَّل يده‪ " ...‬رواه عبد الرزاق‬
‫والبيهقي‪.‬‬
‫يقب ِّل يد العباس‬ ‫‪-4‬عن صهيب قال " رأيت علياً‬
‫ورجليه " رواه البخاري في الدب‪.‬‬

‫ت‬
‫ة من مطعوما ٍ‬ ‫(‪ )10‬السؤال‪ :‬تنتشر في الغرب قوائ ُ‬
‫م تجاري ٌ‬
‫وأدويةٍ تحمل عدة أرقام ٍ وأسماءٍ يقول بعض الناس إنها‬
‫‪218‬‬
‫ت من مواد َّ محَّرمةٍ‪ ،‬ولذا يحرم استعمالها‪،‬‬ ‫َ‬
‫تحوي مرك ّبا ٍ‬
‫ل أُصولها النجسةِ إلى‬ ‫س بجوازها بحجة تحوُّ ِ‬ ‫ويقول نا ٌ‬
‫ت ومواد َّ مختلفةٍ تماما ً من حيث التركيب‬ ‫َ‬
‫مرك ّبا ٍ‬
‫والخصائص‪ ،‬فما هو الحكم الصحيح في استعمالها ؟‬
‫ة مواد َّ محَّرمةٍ ونجسةٍ تدخل في المواد‬ ‫(‪ )10‬الجواب‪ :‬أي ُ‬
‫المصنوعة يُنظَر فيها‪ ،‬فإن هي بقيت على ماهيَّتِها‬
‫م استعمالُها‪ ،‬أما‬ ‫وخصائصها فالمواد المصنوعة منها حرا ٌ‬
‫إن تحوَّلت هذه المواد المحَّرمة والنجسة إلى ماهي َّ ٍ‬
‫ة‬
‫مغايِرةٍ وفقدت خصائصها فعندها يجوز استعمال المواد‬
‫المصنوعة منها‪ .‬هذه هي القاعدة الفقهية في هذا‬
‫ة وعلما ُء الكيمياء هم وحدهم‬ ‫الموضوع‪ ،‬والصيادل ُ‬
‫القادرون على تصنيف هذه القوائم بحسب هذه القاعدة‬
‫إلى قوائم محَّرمة وقوائم حلل‪.‬‬
‫م‬‫(‪ )11‬السؤال‪ :‬في الجزء الول من الجامع لحكام الصلة ت َّ‬
‫ذكر الحديث " لعن الله الواشمات والمستوشمات‪" ...‬‬
‫والسؤال هو‪ :‬هل ما يتعلق بهذا الحديث يُعتبَر جزءا ً من‬
‫مسألة الصلة ؟ بمعنى أنه إذا كانت المرأة مقل ِّدة لكم‬
‫في مسألة الصلة فهل يجب عليها أن تقل ِّدكم في هذا‬
‫الموضوع باعتباره متعلقا ً بمسألة الصلة ؟ أم أن موضوع‬
‫ُ‬
‫مص والتفل ّج ل علقة له بمسألة الصلة‬ ‫الوشم والن َّ َ‬
‫ي غيرِك في هذا‬ ‫وبالتالي يمكن للمرأة أن تأخذ برأ ِ‬
‫الموضوع ؟‬
‫ل ثان هو‪ :‬قلتم في الكتاب [ فلو أخذت‬ ‫ة سؤا ٌ‬ ‫م َ‬‫وث َ َّ‬
‫المرأة من حاجبيها عدة شعرات‪ ...‬ل تكون قد فعلت‬
‫حراماً‪ ،‬لنها ل تكون قد فعلت ما يصل إلى حدِّ تغيير خلق‬
‫الله ] فكيف يمكن للمرأة أن تحدِّد عدد الشعرات الذي‬
‫لو زادت عليه لوقعت في الحرام ؟ إن بعض النساء قد‬
‫استنبطن من هذا القول جواَز ترتيب الحواجب وبعضهن‬
‫اعتبرن أن إزالة الشعر المحيط بالحاجب جائز لنه شعر‬
‫زائد ٌ إِزالتُه ل تغيِّر خلق الله‪ ،‬وبعضهن اعتبرن إزالة قفلة‬

‫‪219‬‬
‫الحواجب (الشعر بين الحاجبين) جائزة‪ ،‬لنها ليست من‬
‫ل هذه المور ؟‬ ‫الحواجب‪ ،‬فكيف يمكن أن نحكم على ك ِّ‬
‫(‪ )11‬الجواب‪:‬‬
‫ُ‬
‫مص والتَّفل ّج ليس جزءا ً من‬ ‫شم والن َّ َ‬ ‫ن موضوع الوَ ْ‬ ‫أولً ‪ :‬إ َّ‬
‫ل الصلة‪ ،‬ولذا فالمرأة تستطيع وهي‬ ‫مسألةِ أو مسائ ِ‬
‫تقل ِّدني في الصلة أن ل تقل ِّدني في موضوع الو ْ‬
‫شم‬
‫ُ‬
‫مص والتَّفل ّج‪.‬‬ ‫والن َّ َ‬
‫خذ من الحواجب‬ ‫ثانياً ‪ :‬أما ما هو مقدار الشعر الذي إن أ ُ ِ‬
‫خذ تغيَّر شكل‬ ‫مصا ً محَّرماً‪ ،‬فهو القدر الذي إن أ ُ ِ‬ ‫أصبح ن َ َ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الحاجب‪ ،‬كأن يكون الحاجب كثيفا فيصبح رفيعا وكأن‬
‫يكون الحاجب طويل ً فيصبح قصيراً‪ ،‬وكأن يكون الحاجبان‬
‫متصلين فيصبحان منفصلين‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فالعبرة بتغير شكل‬
‫الحواجب وليس بعدد الشعرات المنتوفة‪.‬‬
‫َّ‬
‫ل الشعر معلل‪ ،‬والعلة‬ ‫ص ِ‬‫مو ْ‬ ‫حك ْ َ‬
‫(‪ )12‬السؤال‪ :‬أنت تذكر أن ُ‬
‫هي الخداع‪ ،‬من حديث معاوية‪ ،‬ولكنك ل تجعل الحكم‬
‫يدور مع العلة وجودا ً وعدماً‪ ،‬فكيف يستقيم هذا ؟‬
‫َ‬
‫(‪ )12‬الجواب‪ :‬إن الحاديث هي التي عل ّلت النهي عن وصل‬
‫مته ُزورا ً في عدد ٍ منها‪ ،‬فالعلة‬ ‫الشعر بالشعر‪ ،‬وس َّ‬
‫صحيحة لنها منصوص عليها في الحاديث‪ ،‬فما كان ُزوراً‬
‫ن وصل الشعر بالشعر‬ ‫خداعا ً وتَضليل ً فهو حرام‪ .‬وإ َّ‬ ‫و ِ‬
‫واضح فيه الخداع والتضليل حيثما كان ومتى حصل‪ ،‬فهو‬
‫حرام إلى يوم القيامة‪.‬‬

‫(‪ )13‬السؤال‪ :‬تذكرون في أحد المواضع دليل ً َّ‬


‫قواه البعض‬
‫وضعَّفه البعض‪ ،‬ثم ت ُ َقّرِرون أن تأخذوا بالدليل دون أن‬
‫تحسموا المر لمصلحة قوة الدليل‪ ،‬ومما تذكرونه أن‬
‫أحكام الله سبحانه ستتعطل لو لم نأخذ ببعض الحاديث‬
‫التي وقع الخلف على صحتها وخطئِها‪ ،‬وقد وقع في‬
‫نفسي شيء عظيم من قولكم هذا‪ ،‬فإن عدم وجود‬
‫م على عدم وجود‬ ‫ل بحد ذاته‪ ،‬أي يترتب حك ٌ‬ ‫الدليل هو دلي ٌ‬
‫دليل في أمر ما‪ ،‬ويترتب حكم آخر على وجود دليل‪ ،‬ول‬
‫مل دليل ً ضعيفا ً لن حكما ً سيتعطل‬ ‫يصح بحال أن نُع ِ‬
‫‪220‬‬
‫بدونه‪ ،‬بل الحكم الفقهي يأتي من الدليل‪ ،‬فإذا عدم‬
‫الدليل اختلف الحكم‪ ،‬ول أعرف كيف قلتم ما قلتم في‬
‫هذا السياق ؟‬
‫ت في الظن بي يا أخي الكريم‪ ،‬وغفر‬ ‫(‪ )13‬الجواب‪ :‬لقد بالغ َ‬
‫ت يوما ً إِنني آخذ بالحديث‬ ‫الله لي ولك‪ ،‬فأنا ما قل ُ‬
‫الضعيف‪ ،‬فقولك (ل يصح بحال أن نُعمل دليل ً ضعيفا ً لن‬
‫حكما ً سيتعطل بدونه) لم أقل أنا ما يخالفه‪ ،‬بل هو ما‬
‫أسير عليه‪ ،‬وما قلتُه هو أنني قد آخذ دليل ً اختلفوا فيه‪،‬‬
‫ححه‪ ،‬ومنهم من ضعَّفه‪ ،‬وهذا هو‬ ‫سنه وص َّ‬ ‫فمنهم من ح َّ‬
‫ُّ‬
‫النهج الذي نسير عليه كلنا‪ ،‬أما الحديث الضعيف عند‬
‫الجميع فل آخذه مطلقاً‪ ،‬والفرق شاسع بين المرين‪.‬‬
‫ن عدم وجود الدليل هو دليل بحدِّ ذاته‪ ،‬أي‬ ‫أما قولك (فإ َّ‬
‫أمر ما‪ ،‬ويترتب‬
‫ٍ‬ ‫م على عدم وجود دليل في‬ ‫يترتب حك ٌ‬
‫حكم آخر على وجود دليل‪ )...‬فإن هذا القول ل مكان له‬
‫هنا‪ ،‬ولم أتطرق أنا إليه‪ ،‬وإنما موضوع البحث هو‬
‫المسائل التي وردت فيها أحاديث ولكنها مختَل َ ٌ‬
‫ف عليها‬
‫ف‪ ،‬ويُراد ُ اختيار أحدها‬
‫ن والضع ُ‬ ‫ة والحس ُ‬ ‫من حيث الصح ُ‬
‫فبالتدقيق تستطيع أن تدرك الفارق بين المسألتين‪،‬‬
‫فطب نفسا ً واطمئن‪.‬‬

‫(‪ )14‬السؤال‪ :‬ما حكم الغناء أداءً واستماعا ً ؟ وما حكم‬


‫استعمال آلت الموسيقى وهل تجوز التجارة فيها ؟‬
‫أرجو الجابة بالتفصيل مع الدلة ؟‬
‫(‪ )14‬الجواب‪ :‬اختلف الئمة والفقهاء في مسألة الغناء بين‬
‫ب الرأي قاصرين‬ ‫من حَّرمه أصحا ُ‬ ‫محّرِم ٍ وكارهٍ ومبيٍح‪ ،‬فم َّ‬
‫ة ومهنة‪ ،‬ونُقل مثلُه‬‫التحريم على من اتخذ الغناء صناع ً‬
‫عن الشافعي‪ .‬وممن كرهه أحمد بن حنبل قاصراً‬
‫الكراهة على الفعال المذمومة ل على القول بعينه‪،‬‬
‫ونُقلت الكراهة عن الشافعي في رواية‪ ،‬وعن القاضي‪.‬‬
‫من أباحه ابن حزم وأبو بكر الخلَّل وأبو بكر عبد‬ ‫وم َّ‬
‫العزيز وسعد بن ابراهيم والعنبري وكثير من أهل‬
‫حداء‪ ،‬أي النشاد‪ ،‬من هذه الحكام‪،‬‬ ‫المدينة‪ .‬وأخرجوا ال ِ‬
‫فأباحوه‪ .‬ذكر ذلك ابن قُدامة في كتاب المغني‪.‬‬
‫‪221‬‬
‫وحتى نتبين وجه الحق في هذه المسألة دعونا نستعرض‬
‫النصوص المتعلقة بها‪:‬‬
‫ل بها القائلون بتحريم الغناء‪:‬‬ ‫أ‪ -‬النصوص التي يستد ُ‬
‫‪.1‬عن أنس بن مالك قال‪ :‬قال رسول الله "من‬
‫ب الله في أذنيه‬‫جلس إلى قَيْنَةٍ فسمع منها‪ ،‬ص َّ‬
‫ك يوم القيامة" رواه عبد الله بن المبارك‪.‬‬ ‫الن ُ َ‬
‫والقينة هي الجارية‪ .‬والنُك هو الرصاص‪.‬‬
‫‪.2‬عن أبي مالك الشعري رضي الله تعالى عنه قال‪:‬‬
‫س من أمتي الخمَر‬ ‫قال رسول الله "ليشرب َ َّ‬
‫ن نا ٌ‬
‫ف على رؤوسهم‬ ‫يسمونها بغير اسمها فيُعَز ُ‬
‫ض‪،‬‬
‫سف الله بهم الر َ‬ ‫خ ِ‬‫بالمعازف والمغنِّيات ي َ ْ‬
‫ويجعل منهم القردة والخنازير " رواه ابن ماجة‪.‬‬
‫‪.3‬عن أبي أُمامة قال " نهى رسول الله عن بيع‬
‫المغنيات وعن شرائهن وعن كسبهن وعن أكل‬
‫أثمانهن " رواه ابن ماجة‪.‬‬
‫‪.4‬عن أبي أُمامة قال‪ :‬قال رسول الله " إن‬
‫الله بعثني رحمة للعالمين‪ ،‬وهدى للعالمين‪،‬‬
‫ف والمزاميِر‬ ‫ل بمحق المعاز ِ‬ ‫وأمرني ربي عَّز وج َّ‬
‫ب وأمرِ الجاهلية‪ ...‬ول يحل‬ ‫صل ُ ِ‬
‫ن وال ُّ‬‫والوثا ِ‬
‫بيعُهن ولشراؤ ُهن‪ ،‬ول تعليمهن‪ ،‬ول تجارةٌفيهن‪،‬‬
‫م‪ ،‬يعني الضاربات‪ .‬وفي رواية‬ ‫ن حرا ٌ‬‫وثمنه َّ‬
‫صلُب جمع صليب‪.‬‬ ‫المغنيات " رواه أحمد‪.‬وال ُّ‬
‫‪.5‬عن ابن عباس عن رسول الله قال " والذي‬
‫َ‬ ‫نفسي بيده لَيبيت َ َّ‬
‫س من أمتي على أ َ ٍ‬
‫شر‬ ‫ن نا ٌ‬
‫ولهو‪ ،‬فيصبحوا قردةً وخنازير‬ ‫ٍ‬ ‫ب‬
‫ر ولع ٍ‬ ‫وبَط َ ٍ‬
‫باستحللهم المحارم والقَيْنات وشربهم الخمر‬
‫وأكلهم الربا‪ ،‬ولبسهم الحرير " رواه عبد الله بن‬
‫أحمد في زوائد المسند‪.‬‬
‫حر عن علي بن يزيد عن‬ ‫‪.6‬عن عبيد الله بن َز ْ‬
‫القاسم عن أبي أُمامة عن رسول الله قال "‬
‫ل تبيعوا القَيْنات ول تشتروهن ول تُعل ِّموه َّ‬
‫ن‪ ،‬ول‬

‫‪222‬‬
‫ن حرام‪ ،‬في مثل‬ ‫خير في تجارةٍ فيهن‪ ،‬وثمنُه َّ‬
‫ن يشتري‬ ‫ُ‬
‫م ْ‬
‫س َ‬
‫ن النا ِ‬ ‫م َ‬
‫هذا أنزلت هذه الية {و ِ‬
‫ل اللهِ } إلى آخر‬ ‫ض َّ‬
‫ل عن سبي ِ‬ ‫ث لي ُ ِ‬
‫لهو الحدي ِ‬
‫َ‬
‫الية "‪ .‬رواه الترمذي وأحمد وابن ماجة والبيهقي‪.‬‬
‫ل في وليمة‪ ،‬فجعلوا يتلَعَّبون‬ ‫‪.7‬عن شيٍخ شهد أبا وائ ٍ‬
‫ل حبوتَه‪ ،‬وقال‪ :‬سمعت عبد‬ ‫ويُغنُّون‪ ،‬فح َّ‬
‫ل أبو وائ ٍ‬
‫الله يقول‪ :‬سمعت رسول الله يقول "الغناء‬
‫ت النفاقَ في القلب " رواه أبو داود‪ .‬والحبوة‬ ‫يُنب ُ‬
‫(بفتح الحاء وضمها وكسرها) هي الجلوس على‬
‫الِليتين مع ضم الفخذين والساقين إلى البطن‬
‫بالذراعين‪.‬‬
‫صهباء "أنه سأل ابن مسعود عن قول‬ ‫‪.8‬عن أبي ال َّ‬
‫الله {ومن الناس من يشتري لهو الحديث } قال‪:‬‬
‫الغناء"‪ .‬رواه ابن جرير الطبري في تفسيره‪.‬‬
‫‪.9‬جاء في صحيح البخاري ما يلي (وقال هشام بن‬
‫صدَقة بن خالد حدثنا عبد الرحمن بن‬ ‫مار حدثنا َ‬ ‫ع َّ‬
‫يزيد بن جابر حدثنا عطية بن قيس الكلبي حدثني‬
‫عبد الرحمن بن غَنْم ٍ الشعري قال‪ :‬حدثني أبو عامر‬
‫أو أبو مالك الشعري‪ ،‬والله ما كذبني‪ ،‬سمع النبي‬
‫حَّر‬‫م يستحلون ال ِ‬ ‫ن من أمتي أقوا ٌ‬ ‫يقول " ليكون َ َّ‬
‫م إلى‬ ‫ن أقوا ٌ‬ ‫ف‪ ،‬ول َ ِ‬
‫ينـزل َّ‬ ‫والحرير‪ ،‬والخمَر والمعاز َ‬
‫جنب ع َلَم يروح عليهم بسارحةٍ لهم يأتيهم لحاجة‬
‫فيقولون‪ :‬إرجع إلينا غداً ‪ ،‬فيُبَيِّتُهم الله ويضع‬
‫العَلَم‪ ،‬ويمسخ آخرين قردةً وخنازيَر إلى يوم‬
‫القيامة ") ورواه الطبراني‪ .‬والسارحة هي الماشية‪.‬‬
‫والعَلَم هو الجبل‪.‬‬
‫ب‪ -‬النصوص التي يستد ُّ‬
‫ل بها القائلون بالجواز أو بالكراهة‬
‫‪:‬‬
‫ن‬
‫ةب ِ‬‫ت على قَُرظ َ‬
‫‪.1‬عن عامر بن سعد قال " دخل ُ‬
‫س‪ ،‬وإذا‬
‫ب وأبي مسعود النصاري في عر ٍ‬ ‫كع ٍ‬
‫جوارٍ يُغنِّين‪ ،‬فقلت‪ :‬أنتما صاحبا رسول الله ‪،‬‬‫َ‬
‫من أهل بدرٍ يُفعل هذا عندكم ؟ فقال‪ :‬إجلس‬ ‫و ِ‬
‫‪223‬‬
‫ت فاذهب‪ ،‬قد‬ ‫إن شئت فاسمع معنا‪ ،‬وإن شئ َ‬
‫خص لنا في اللهو عند العرس" رواه النَّسائي‬
‫ُر ِّ‬
‫والحاكم وصححه‪.‬‬
‫" أن امرأة جاءت إلى‬ ‫‪.2‬عن السائب بن يزيد‬
‫رسول الله فقال‪ :‬يا عائشة أتعرفين هذه ؟‬
‫ة بني فلن‪،‬‬ ‫قالت‪ :‬ل يا نبي الله فقال‪ :‬هذه قَيْن ُ‬
‫ك ؟ قالت‪ :‬نعم‪ ،‬فأعطاها طَبَقاً‬ ‫تحبين أن تغني َ ِ‬
‫فغنَّتها‪ ،‬فقال النبي ‪ :‬قد نفخ الشيطان في‬
‫منْخريها " رواه أحمد بسند صحيح‪ ،‬ورواه‬ ‫ِ‬
‫الطبراني‪ .‬والطبق هو الناء‪.‬‬
‫‪.3‬عن جابر رضي الله تعالى عنه قال‪ :‬قال رسول‬
‫الله لعائشة " أهديتم الجارية إلى بيتها ؟‬
‫قالت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فهل بعثتم معهم من يُغَنِّيهم‬
‫حيِّيكم‪ ،‬فإن النصار قو ٌ‬
‫م‬ ‫يقول‪ :‬أتيناكم فحيُّونا ن ُ َ‬
‫فيهم غََزل " رواه أحمد بسند صحيح‪ ،‬ورواه‬
‫البخاري من طريق عائشة بلفظ" أنها َزفَّت امرأةً‬
‫ل من النصار‪ ،‬فقال نبي الله ‪:‬‬ ‫إِلى رج ٍ‬
‫ن النصار‬ ‫َ‬ ‫لهو ؟ فإ ّ‬
‫ٌ‬ ‫ياعائشة‪ ،‬ما كان معكم‬
‫يُعجبهم اللهو " ورواه الحاكم وصححه‪ ،‬ووافقه‬
‫الذهبي‪.‬‬
‫‪.4‬عن عائشة رضي الله عنها " أن أبا بكر الصديق‬
‫منى تُغَنِّينان‬‫دخل عليها وعندها جاريتان في أيام ِ‬
‫جى بثوبه‪،‬‬‫ضربان‪ ،‬ورسول الله مس َّ‬ ‫وت َ ْ ِ‬
‫فانتهرهما أبو بكر‪ ،‬فكشف رسول الله عنه‪،‬‬
‫وقال‪ :‬دعهما يا أبا بكر‪ ،‬فإِنها أيام عيد‪ " ...‬رواه‬
‫مسلم‪.‬‬
‫‪.5‬عن عبد الله بن بُريدة قال‪ :‬سمعت بُريدة يقول "‬
‫خرج رسول الله في بعض مغازيه‪ ،‬فلما‬
‫انصرف جاءت جاريٌة سوداءُ فقالت‪ :‬يا رسول‬
‫ن ردَّك الله سالماً أن‬
‫ت إِ ْ‬ ‫ت نذر ُ‬
‫الله‪ ،‬إني كن ُ‬
‫َ‬
‫ف وأتغنَّى‪ ،‬فقال لها رسول‬ ‫أضرب بين يديك بالد ُّ ِ ّ‬
‫‪224‬‬
‫ت فاضربي وإل فل‪ ،‬فجعلت‬ ‫ت نذر ِ‬
‫الله ‪ :‬إن كن ِ‬
‫تضرب‪ ،‬فدخل أبو بكر وهي تضرب ثم دخل علي‬
‫وهي تضرب ثم دخل عثمان وهي تضرب ثم دخل‬
‫عمر فألقت الدُّف تحت إِستها ثم قعدت عليه‪،‬‬
‫فقال رسول الله ‪ :‬إن الشيطان ليخاف منك يا‬
‫عمر‪ ،‬إني كنت جالساً وهي تضرب فدخل أبو بكر‬
‫وهي تضرب ثم دخل علي وهي تضرب ثم دخل‬
‫ت أنت يا عمر ألقت‬‫عثمان وهي تضرب‪ ،‬فلما دخل َ‬
‫ح‬
‫ن صحي ٌ‬ ‫الد ُّ َّ‬
‫ف " رواه الترمذي وقال‪ :‬هذا حديث حس ٌ‬
‫ب‪ ،‬ورواه أحمد بسند صحيح‪ ،‬ورواه أبو داود‬ ‫غري ٌ‬
‫والبيهقي‪.‬‬
‫ت لمحمد بن حاطب‪:‬‬ ‫‪.6‬عن يحيى بن سليم قال‪ :‬قل ُ‬
‫ت امرأتين ما كان في واحدةٍ منهما صوت‪،‬‬ ‫تزوج ُ‬
‫يعني دُفا‪ ،‬فقال محمد ‪ :‬قال رسول الله صلى‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ل ما بين الحلل‬ ‫ص ُ‬
‫الله عليه وآله وسلم" ف ْ‬
‫ف " رواه الحاكم وصححه‬ ‫ت بالد ُّ ُّ‬
‫والحرام الصو ُ‬
‫ووافقه الذهبي‪ .‬ورواه أحمد بسند صحيح‪ .‬ورواه‬
‫ابن ماجة والنَّسائي‪ ،‬والترمذي وح َّ‬
‫سنه‪.‬‬
‫ت ُمعَوّذ رضي الله عنها قالت " دخل‬ ‫‪.7‬عن الُّربيِّع بن ِ‬
‫ي رسول الله صبيحة ع ُرسي وعندي‬ ‫عل َّ‬
‫جاريتان تغنيان وتُندبان آبائي الذين قُتلوا يوم‬
‫ي يعلم ما في‬ ‫بدر‪ ،‬وتقولن فيما تقولن‪ :‬وفينا نب ٌّ‬ ‫ٍ‬
‫ما هذا فل تقولوه‪ ،‬ما يعلم ما في غدٍ‬ ‫َ‬ ‫غدٍ‪ ،‬فقال‪ :‬أ ّ‬
‫إل الله " رواه ابن ماجة‪ ،‬ورواه أبو داود بمعناه‬
‫ورواه الترمذي وقال‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‬
‫ت لنا يضربن بدُفُوفِهِن‬
‫جويْرا ٌ‬
‫وجاء في روايته " و ُ َ‬
‫"‪.‬‬
‫ي أبو‬‫‪.8‬عن عائشة رضي الله عنها قالت " دخل عل َّ‬
‫بكر وعندي جاريتان من جواري النصار تُغنيان‬
‫بما تقاولت به النصار في يوم بُعاث‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫وليستا بمغنيتين فقال أبو بكر‪ :‬أبمزمور‬
‫الشيطان في بيت النبي ؟ وذلك في يوم عيد‬
‫‪225‬‬
‫‪ :‬يا أبا بكر‪ ،‬إن لكل قومٍ‬ ‫الفطر‪ ،‬فقال النبي‬
‫عيداً ‪ ،‬وهذا عيدُنا " رواه ابن ماجة‪.‬‬
‫‪.9‬عن أنس بن مالك " أن النبي مَّر ببعض‬
‫ن ويتغنَّين‬
‫المدينة‪ ،‬فإذا بجوارٍ يضربن بدُفِّه َّ‬
‫ويقلن‪:‬‬
‫يـا حبـذا محمـدٌ من‬ ‫جـوَارٍ مـن بني‬
‫نحـن َ‬
‫جـارِ‬ ‫النجـارِ‬

‫ن " رواه ابن‬ ‫ه أعلم إِني ل ُ ِ‬


‫حبُّك ُ َّ‬ ‫فقال النبي ‪ :‬الل ُ‬
‫ماجة بسند صحيح‪.‬‬
‫‪.10‬عن نافع مولى ابن عمر " أن ابن عمر رضي الله‬
‫مارةِ راٍع‪ ،‬فوضع أُصبعيه في‬ ‫ت َز َّ‬ ‫عنهما سمع صو َ‬
‫أُذ ُنيه وعَدَل راحلته عن الطريق وهو يقول‪ :‬يا نافع‬
‫ت‪ :‬ل‪،‬‬ ‫أتسمع ؟ فأقول‪ :‬نعم‪ ،‬فيمضي حتى قل ُ‬
‫ت‬
‫فوضع يديه وأعاد راحلته إلى الطريق وقال‪ :‬رأي ُ‬
‫ت َزمارةِ راٍع‪ ،‬فصنع‬ ‫رسول الله ‪ ،‬وسمع صو َ‬
‫مثل هذا " رواه أحمد بإسناد صحيح‪.‬ورواه ابن ماجة‬
‫والخلَّل‪.‬‬
‫ن عامر رضي الله تعالى عنه قال‪ :‬قال‬ ‫‪.11‬عن ع ُقبة ب ِ‬
‫رسول الله " تعلموا كتاب الله وتعاهدوه وتغنَّوا‬
‫ُ‬
‫به‪ ،‬فوالذي نفسي بيده لهو أشدُّ تفل ّتاً من‬
‫المخاض في العُقُل " رواه أحمد والدَّارمي‬
‫سنن الكبرى‪،‬‬ ‫والنَّسائي‪ ،‬ورواه النَّسائي أيضا ً في ال ُّ‬
‫ُ‬
‫دُ تَفل ّتاً‬
‫د بيده لهو أش ّ‬ ‫بلفظ "‪...‬والذي نفس محم ٍ‬
‫شار في العُقُل " والعِشار والمخاض هي‬ ‫من العِ َ ِ‬
‫عقال وهو‬ ‫النياق الحوامل‪ ،‬جمع ناقة‪ .‬والعُقُل جمع ِ‬
‫ط به‪.‬‬‫الحبل الذي يُرب ُ‬
‫‪.12‬عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله قال "‬
‫ن بالقرآن " رواه الدَّارمي وابن‬ ‫ن لم يتغ َّ‬ ‫م ْ‬ ‫ليس منَّا َ‬
‫ماجة‪.‬‬

‫‪226‬‬
‫والن ننظر في الحاديث الواردة في القسم الول‬
‫من حيث السند حتى يتبين لنا إن كانت هذه الحاديث‬
‫صالحة للحتجاج أم ل ؟‬
‫‪.1‬الحديث الول الذي رواه عبد الله بن المبارك عن‬
‫ط‪ ،‬إذ فيه أربعة‬ ‫طريق أنس بن مالك سنده ساق ٌ‬
‫رواةٍ ضعفاء أو مجهولين وهم‪ :‬ابراهيم بن عثمان‪،‬‬
‫مر‪ ،‬ويزيد بن عبد الصمد‪ ،‬وعبيد بن‬ ‫وأحمد بن الغَ ْ‬
‫هشام الحلبي‪ ،‬فالحديث ل يصح الحتجاج به‪.‬‬
‫‪.2‬الحديث الثاني الذي رواه ابن ماجة من طريق أبي‬
‫مالك الشعري في سنده مالك بن أبي مريم قال‬
‫ة‬
‫عنه الذهبي‪ :‬ل يُعرف‪ ،‬فهو إذن راوٍ مجهول‪ ،‬إِضاف ً‬
‫إلى الراوي معاوية بن صالح‪ ،‬الذي رماه بالضعف‬
‫كثيٌر من علماء الجرح والتعديل‪ ،‬فالحديث ضعيف‬
‫جداً‪ ،‬فيترك‪.‬‬
‫‪.3‬الحديث الثالث الذي رواه ابن ماجة من طريق أبي‬
‫َ‬
‫أُمامة في سنده أبو المهل ّب مطرح بن يزيد ضعَّفه‬
‫أبو ُزرعة الرازي وأبوحاتم الرازي‪ .‬وقال ابن معين‪:‬‬
‫ليس بشيء‪ .‬وقال البخاري‪ :‬منكَر الحديث‪ .‬وفيه‬
‫أيضا ً عبيد الله الِفريقي ضعَّفه أحمد والدَّارمي‬
‫والدَّاَرقُطني‪ .‬وقال ابن معين‪ :‬ليس بشيء‪ .‬وقال‬
‫مدِيني‪ :‬منكَر الحديث‪ .‬وقال أبو مسهر‪ :‬هو‬ ‫ابن ال َ‬
‫ً‬
‫ضلة‪ .‬فالحديث ضعيف جدا‪ ،‬فيترك‪.‬‬ ‫مع ِ‬ ‫ل ُ‬‫صاحب ك ِّ‬
‫‪.4‬الحديث الرابع الذي رواه أحمد من طريق أبي أُمامة في‬
‫سنده علي بن يزيد اللهاني‪ ،‬وهو ضعيف‪ .‬وكذلك القاسم‬
‫ضعيف‪ ،‬فالحديث ضعيف جداً‪ ،‬فيترك‪.‬‬
‫‪.5‬الحديث الخامس الذي رواه عبد الله بن أحمد بن‬
‫سبخي‪،‬‬ ‫حنبل في زوائد المسند في سنده فْرقد ال َّ‬
‫قال الهيثمي في مجمع الزوائد‪ :‬فرقد ضعيف‪.‬‬
‫والحديث ضعَّفه المنذري‪ .‬ورواه أيضاًسعيد بن‬
‫منصور وفي سنده ثلثةضعفاء‪ ،‬فالحديث ضعيف‪،‬‬
‫فيُترك‪.‬‬
‫‪.6‬الحديث السادس الذي رواه الترمذي من طريق‬
‫حر عن علي بن يزيد عن القاسم‬ ‫عبيد الله بن َز ْ‬
‫‪227‬‬
‫عن أبي أُمامة‪ ،‬فيه علي بن يزيد‪ ،‬قال الترمذي‬
‫(وقد تكلم بعض أهل العلم في علي بن يزيد‬
‫وضعفه) وقال عنه البخاري‪ :‬منكَر الحديث وقال‬
‫النَّسائي‪ :‬ليس بثقة‪ .‬وقال الدارقطني‪ :‬متروك‪.‬‬
‫حر والقاسم‪،‬‬ ‫وضعَّف الشوكاني عبيد الله بن َز َ‬
‫فالحديث ضعيف جداً‪ ،‬فيُترك‪.‬‬
‫‪.7‬الحديث السابع الذي رواه أبو داود من طريق شيخ‬
‫شهد أبا وائل واضح فيه أن فيه راويا ً مجهول ً لم‬
‫م هو الشيخ الذي شهد أبا وائل‪ ،‬فالحديث‬ ‫س َّ‬‫يُ َ‬
‫ضعيف‪ ،‬فيترك‪.‬‬
‫‪.8‬الحديث الثامن الذي رواه ابن جرير الطبري في‬
‫ل لبن مسعود وليس حديثا ً مرفوعاً‪،‬‬ ‫تفسيره هو قو ٌ‬
‫م‬
‫وأقوال الصحابة ليست أدلة‪ ،‬وإنما هي أحكا ٌ‬
‫ة في حقهم وفي حق من يقلدهم من‬ ‫شرعي ٌ‬
‫المسلمين‪ ،‬فل يجب علينا اللتزام بها‪ ،‬وهذا القول‬
‫م منه للية‬ ‫من ابن مسعود هو شرح وفه ٌ‬
‫ح‬
‫ح لكلمة (لهو) وهو شر ٌ‬ ‫الكريمة‪ ،‬بل هو شر ٌ‬
‫ح يؤكده ما جاء في الحديث الول من‬ ‫صحي ٌ‬
‫خص لنا في اللهو عند‬ ‫المجموعة الثانية " قد ُر ِّ‬
‫العرس " أي في الغناء‪ ،‬وما جاء في الحديث‬
‫الثالث من المجموعة الثالثة أيضا ً بلفظ البخاري "‬
‫ن النصار‬ ‫لهو ؟ فإ َّ‬‫ٌ‬ ‫يا عائشة‪ ،‬ما كان معكم‬
‫ن الناظر في الية‬ ‫يُعجبهم اللهو " أي الغناء‪ ،‬ولك َّ‬
‫ن اللهو في الية كان مذموماً‬ ‫يدرك بسهولة أ َّ‬
‫بسبب اقترانه بالضلل عن سبيل الله‪ ،‬ولول ذلك‬
‫لما ورد الذ َم‪ ،‬واقتران الضلل عن سبيل الله بأي‬
‫قول أو كلم يجعل القول أو الكلم مذموماً‪ ،‬ويبقى‬
‫عموم القول والكلم مباحاً‪ ،‬وكذلك الغناء‪ ،‬فإنه‬
‫ل أو كلم ٍ ما لم يقترن بالضلل عن‬ ‫ي قو ٍ‬
‫ح كأ ِ ّ‬ ‫مبا ٌ‬
‫حرمة‬ ‫سبيل الله‪ .‬فل دللة في هذا التفسير على ُ‬
‫الغناء‪.‬‬

‫‪228‬‬
‫َ‬
‫‪.9‬بقي الحديث المعل ّق في صحيح البخاري‪ ،‬وهو وحده‬
‫الدليل الباقي للقائلين بتحريم الغناء وآلت اللهو‪،‬‬
‫فلننظر في هذا الحديث بشيء من التفصيل‪:‬‬
‫‪)1‬هذا الحديث وإن ورد في صحيح البخاري‪ ،‬إل‬
‫أنه ل يصح أن يقال إن البخاري روى هذا‬
‫الحديث‪ ،‬ذلك أن البخاري لم يذكره بقوله‬
‫[حدثنا] أو [أخبرنا] أو ما شاكل ذلك‪ ،‬وإنما‬
‫َ‬
‫ذكره معل ّقا ً بصيغة [وقال هشام بن عمار]‬
‫َ‬
‫والحاديث المعل ّقة في صحيح البخاري ل‬
‫يجب الستدلل بها وإنما يصح الستئناس بها‬
‫فقط‪ ،‬والحاديث المعلقة تعني أن راويا ً أو‬
‫أكثر لم يُذكر في السند‪ ،‬وبالتالي فهي‬
‫معضلَة‪ ،‬وليست متصلة‬ ‫منقطعة أو ُ‬ ‫أحاديث ُ‬
‫السناد‪ ،‬وأنا أتسائل‪ :‬لماذا لم يذكر البخاري‬
‫اسم من نقل له هذا الحديث ؟ أل يدل ذلك‬
‫على أنه يشك في النقل والناقل‪ ،‬وبالتالي‬
‫ينـزِل هذا الحديث عن مرتبة الصحة ؟‬
‫مار ثقة‪ ،‬ولكنه بعد أن كبر‬ ‫‪)2‬إن هشام بن ع َّ‬
‫خذ قوله‬ ‫اختلف حالُه وتغيَّر‪ ،‬فلم يَعُد ْ يُؤ َ‬
‫باطمئنان‪ ،‬فهذا أبو حاتم الرازي يقول (لما‬
‫كبر هشام تغيَّر‪ ،‬فكل ما دُفِع إليه قرأه‪ ،‬وكلما‬
‫لُقِّن تل َّقن) وقال أبو داود فيما نقل عنه‬
‫الجري (حدَّث هشام بأربعمائة حديث‬
‫مسنَدة ليس لها أصل )‪ ،‬وذكر أن هشاما ً كان‬
‫يُلقَّن أحاديث أبي مسهر فيحدِّث بها‪ ،‬وقال‬
‫عقِب ذلك‪( :‬وكنت أخشى أن تَفتق في‬
‫السلم فتقا ً )‪ ،‬وقال أحمد بن حنبل (هشام‬
‫طيَّاش خفيف) وقال أيضا ً (إِن صلوا خلفه‬
‫فليعيدوا الصلة) فمثل هذا الراوي ل يُطمئن‬
‫لخذ الحديث من طريقه‪ ،‬لسيما وأ َّ‬
‫ن‬
‫الحاديث الصحيحة تخالف ما رواه‪.‬‬
‫سنَنِه هذا الحديث بإسناد‬ ‫‪)3‬روى أبو داود في ُ‬
‫جي ِّد‪ ،‬يخلومن هشام بن عمار‪ ،‬هكذا (حدثنا‬
‫عبد الوهاب بن نجدة‪ ،‬حدثنا بِشر بن بكر‪،‬‬
‫‪229‬‬
‫عن عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر‪ ،‬حدثنا‬
‫عطية بن قيس قال‪ :‬سمعت عبد الرحمن بن‬
‫غَنْم الشعري قال‪ :‬حدثني أبو عامر‪ ،‬أو أبو‬
‫مالك‪ ،‬والله يمين أخرى ما كذبني‪ ،‬أنه سمع‬
‫ن من أمتي‬ ‫رسول الله يقول " ليكون َّ‬
‫والحرير‪ ،‬وذكر كلماًً‬ ‫ُ‬
‫حل ّون الخَّز‬ ‫م يست ِ‬‫أقوا ٌ‬
‫سخ منهم آخرون قردةً وخنازيَر‬ ‫قال‪ :‬يُم َ‬
‫إلى يوم القيامة ") وهو إسناد ٌ جيد ل مطعن‬
‫فيه‪ ،‬وقد خل من ذكر المعازف والغناء‬
‫والقينات‪ .‬فمن أولى بالخذ ؟‬
‫‪)4‬إن الشرع الحنيف قد جاء موافقا ً للفطرة‪ ،‬ولم‬
‫يُعرف أنه جاء ناقضا ً لها‪ ،‬والغناء كما يعرف‬
‫الجميع‪ ،‬هو من الفطرة ل أتصوَّر أن شخصاً‬
‫ن ولم يسمع‬ ‫عاش أربع سنوات فما فوق لم يُغ ِ ّ‬
‫ن التمييز نراهم يغنون‬ ‫الغناء‪ ،‬فأطفالنا دون س ِ ّ‬
‫ويرقصون‪ ،‬فهل جاء السلم ليحظر علينا ما هو‬
‫مركوز في فطرتنا؟‬
‫‪)5‬وأقول أخيرا ً إنه لو كان حديثُنا هذا ل‬
‫ض له من أحاديث أخرى صحيحة‬ ‫معارِ َ‬
‫ف فيه‪،‬‬ ‫وحسنة‪ ،‬لخذنا به وقبلناه على ضع ٍ‬
‫ن المر غير ذلك‪ ،‬إذ هناك الكثير من‬ ‫ولك َّ‬
‫الحاديث الصحيحة والحسنة تعارض هذا‬
‫الحديث وتناقضه‪ ،‬فكيف نأخذ به ؟‬
‫لهذه السباب الخمسة أجدني مضطرا ً لعدم الستدلل‬
‫بهذا الحديث على أن الغناء وآلت الطرب محَّرمة ل تجوز‪.‬‬
‫وبعد أن فرغنا من استعراض أحاديث القسم الول‪ ،‬وبيَّنا‬
‫ضعفها‪ ،‬لننظر في دللة الحاديث الواردة في القسم الثاني‪،‬‬
‫ُ‬
‫وهي كل ّها صالحة للحتجاج‪ ،‬لنستنبط منها حكم الغناء ‪:‬‬
‫ل على جواز الغناء في العرس‪.‬‬ ‫‪.1‬الحديث الول يد ُّ‬
‫ل على جواز الغناء دون مناسبة‬ ‫‪.2‬الحديث الثاني يد ُّ‬
‫َّ‬
‫عرس أوغيره مع مصاحبة آلة هو الطبق ‪.‬‬
‫‪.3‬الحديث الثالث يدل على جواز الغناء‪ ،‬وقد وقع ذلك‬
‫في عرس‪.‬‬
‫‪230‬‬
‫‪.4‬الحديث الرابع يدل على جواز الغناء مع مصاحبة‬
‫َ‬
‫الضرب على آلة ولعل ّها الدُّف وقد وقع ذلك في يوم‬
‫عيد الضحى‪.‬‬
‫‪.5‬الحديث الخامس يدل على جواز الغناء بالدُّف من‬
‫ل امرأةٍ بحضور رجال‪ ،‬ول يقال هنا إن ذلك ل يدل‬ ‫قِب َ ِ‬
‫ل على جواز الوفاء بالنذر‬ ‫ٌ‬ ‫على الجواز وإنما هو دا ّ‬
‫وأنه لول النذر لما جاز الغناء‪ ،‬ل يقال ذلك لن النذر‬
‫جز الوفاء به‪ ،‬فلول أن الغناء‬ ‫إن كان في معصية لم ي َ ُ‬
‫ليس معصية لما أجازه رسول الله ‪ ،‬لما ُروي عن‬
‫عائشة رضي الله تعالى عنها عن النبي قال " من‬
‫نذر أن يطيع الله فلْيطعه‪ ،‬ومن نذر أن يعصيه فل‬
‫يعصه " رواه البخاري وأبو داود والنَّسائي‪ ،‬ولما ُروي‬
‫حصين رضي الله تعالى عنه قال‪...‬‬ ‫عن عمران بن ُ‬
‫قال رسول الله قال "‪ ...‬ل وفاء لنذرٍ في معصية‬
‫ح لما أذن رسول‬ ‫" رواه مسلم‪ .‬فلول أن الغناء مبا ٌ‬
‫الله للمرأة أن تفي بنذرها بالغناء بعد عودته‬
‫سالما ً من الغزو‪.‬‬
‫‪.6‬الحديث السادس يدل دللة ل لبس فيها على‬
‫استحباب الغناء بمصاحبة الدُّف في العرس‪ ،‬وليس‬
‫ب‬‫على إباحته فقط‪ ،‬فالغناء في العراس مندو ٌ‬
‫ب وليس جائزا ً فقط‪.‬‬ ‫مستح ٌّ‬
‫‪.7‬الحديث السابع يدل على جواز الغناء بإقرارٍ من‬
‫الرسول باستثناء ما يتضمنه من أقوال غير جائزة‪،‬‬
‫وأن الغناء وقع عقب الزواج وانتهاء حفلة العرس‪.‬‬
‫‪.8‬الحديث الثامن يدل على جواز الغناء أمام رسول‬
‫الله من قِبَل نساءٍ‪ ،‬وأن ذلك وقع في يوم عيد‪.‬‬
‫‪.9‬الحديث التاسع يدل على استحباب الغناء بالكلم‬
‫الطيب بدللة قوله عليه الصلة والسلم للمغنيات‬
‫ن " ذلك إن‬ ‫الضاربات بالدُّف " الله أعلم إني ل ُ ِ‬
‫حبُّك ُ َّ‬
‫هذا القول منه فيه تشجيع وثناء على هؤلء‬
‫س ول بغيره‪.‬‬ ‫صص هذا الغناء بعر ٍ‬ ‫المغنيات‪ ،‬ولم يخ َّ‬

‫‪231‬‬
‫مارة‪ ،‬بدللة‬ ‫‪.10‬الحديث العاشر يدل على جواز الغناء بَز َّ‬
‫مارة‪،‬‬ ‫أن الرسول لم ينه الراعي عن الغناء بالَّز َّ‬
‫وما إغلقه أذنيه إل اختياٌر منه ل على سبيل الوجوب‪،‬‬
‫ضب إليه عليه الصلة‬ ‫مثله مثل حادثة تقديم لحم ال َّ‬
‫والسلم‪ ،‬فلم يقبل أن يأكله‪ ،‬وترك الخرين يأكلون‪.‬‬
‫وقد فهم قوم أن هذا الفعل منه عليه الصلة‬
‫ل على كراهة الغناء‪ ،‬ولم يصيبوا فيما‬ ‫والسلم دا ٌّ‬
‫صص‬ ‫شبهة فيه‪ ،‬ولم يُخ َّ‬ ‫ذهبوا إليه‪ ،‬وإن كانت لديهم ُ‬
‫هذا الغناء بعرس ول بعيد‪ ،‬وإنما ورد مطلقاً‪.‬‬
‫‪.11‬الحديث الحادي عشر يدل على استحباب التغني‬
‫بكتاب الله سبحانه‪ ،‬ولو كان الغناء محَّرما ً لما جاز‬
‫فيما يتعلق بكتاب الله المنـَّزهِ عن الباطل قراءةً‬
‫وتلوة ً وفهماً‪.‬‬
‫ث بشدةٍ على التَّغنِّي‬ ‫‪.12‬والحديث الثاني عشر يح ُّ‬
‫بكتاب الله سبحانه‪.‬‬
‫ة فيها ‪،‬‬ ‫شبه َ‬ ‫من هذا الستعراض نتوصل إلى نتيجة ل ُ‬
‫ب‬‫ج ُ‬‫حب في العراس‪ ،‬ويكاد ي َ ِ‬ ‫ح‪ ،‬ويُست َ‬ ‫ن الغناء مبا ٌ‬ ‫هي أ َّ‬
‫في تلوة القرآن الكريم‪ .‬فهل يصح بعد هذا الستعراض‬
‫م أداءً‬ ‫للحاديث الصحيحة والحسنة أن يُقال إن الغناء حرا ٌ‬
‫واستماعا ً ؟ إن الحق الذي يجب أن يُصار إليه هو أن الغناء‬
‫ح‬
‫في العراس وفي العياد بل وفي سائر المناسبات مبا ٌ‬
‫غير حرامٍ‪ ،‬ل أداءً ول استماعاً‪ ،‬سواء كان بمصاحبة آل ٍ‬
‫ة‬
‫موسيقية أو بدون مصاحبتها‪.‬‬
‫أما إن كان الغناء في حفلةٍ مختلطةٍ أو راقصةٍ ومن‬
‫حْرمةِ الغناء‪،‬‬ ‫م ل يجوز‪ ،‬ليس ل ِ ُ‬ ‫ت فهو حرا ٌ‬ ‫ل نساءٍ متبرجا ٍ‬ ‫قِب َ ِ‬
‫ص وتبرج‪ .‬وأقول‬ ‫ط ورق ٍ‬ ‫وإنما لما يصاحب الغناء من اختل ٍ‬
‫مثل هذا بخصوص الغناء الذي يتضمن دعوة ً إلى المعاصي‪،‬‬
‫أو كلما ً فاسداً‪ ،‬أو فكرا ً من أفكار الكفركالغنية التي غنَّاها‬
‫خطا‪ )...‬فإن‬ ‫عبد الحليم حافظ وقال فيها (قَدٌَر أحمقُ ال ُ‬
‫ح‬ ‫هذا الغناء ل ش َّ‬
‫ك في حرمته‪ ،‬وما سوى ذلك فالغناء مبا ٌ‬
‫ب في العراس‪ ،‬ويكاد يجب في‬ ‫مستَح ٌّ‬ ‫على العموم‪ ،‬و ُ‬
‫قراءة القرآن الكريم‪ ،‬ول صحة البتة للقول بتحريم الغناء‪.‬‬

‫‪232‬‬
‫ل من‬ ‫حُرم علينا أن نشتري ما هو حل ٌ‬ ‫(‪ )15‬السؤال‪ :‬هل ي َ ْ‬
‫ل يبيع الخمور ؟‬‫مح ٍّ‬
‫ل مملوكا ً لنصراني مثل ً فل‬ ‫(‪ )15‬الجواب‪ :‬إن كان هذا المح ُّ‬
‫شبهة في جواز الشراء منه ما يجوز شرعا ً استعمالُه‬
‫كالمعلبات والكبريت والحلوى والزيوت وغيرها‪ ،‬لن‬
‫السلم يقُّر النصارى وسائر الكفار على التجار بالخمور‪.‬‬
‫أما إن كان هذا المحل مملوكا ً لمسلم‪ ،‬فإن الواجب على‬
‫كل مسلم أن ل يشتري منه أي شيء‪ ،‬وينفر منه‬
‫ويقاطعه‪.‬‬
‫(‪ )16‬السؤال‪ :‬فيما يتعلق بالكفَّارة‪ ،‬إذا حلف النسان أكثر‬
‫من يمين في مسألة واحدة في أوقات مختلفة‪ ،‬ونسي‬
‫عدد المرات التي حلف فيها‪ ،‬فماذا يعمل ؟‬
‫ص حلف يمينا ً في مسألة واحدة‬ ‫(‪ )16‬الجواب‪ :‬إن كان الشخ ُ‬
‫ث فكفَّر عن يمينه ثم عاود الحلف في نفس‬ ‫فحن َ‬
‫المسألة فحنث لزمته كفارة ثانية‪ ،‬وهكذا‪ .‬أما إِن حلف‬
‫فّر عن يمينه‪،‬‬ ‫في مسألة أنه سيفعل كذا فحنث ولم يك ِ‬
‫ة فحنث ولم‬ ‫ة وثالث ً‬
‫ثم عاود الحلف في نفس المسألة ثاني ً‬
‫يكقِّر عن أيمانه‪ ،‬لزمته كفارة واحدة عن الجميع‪ .‬وهذا‬
‫لمن عرف أنه حلف‪ ،‬أما إن كان ل يعرف أنه حلف فل‬
‫شيء عليه‪ ،‬ول تلزمه أية كفارة‪.‬‬

‫ت إنه يجوز أك ُ‬
‫ل ذبائِح أهل الكتاب إذا تبين‬ ‫(‪ )17‬السؤال‪ :‬قل َ‬
‫أنهم يذبحون‪ ،‬فهل يعتبر الذبح باللت جائزا ً ؟‬
‫(‪ )17‬الجواب‪ :‬الذبيحة الشرعية هي ما قُطع وَدَجاها‬
‫ن في اليد أو‬ ‫ع بسكي ٍ‬ ‫مها ومريئُها ‪،‬سواء حصل القط ُ‬ ‫وحلقُو ُ‬
‫حصل بآلةٍ حادَّة يُديرها الذابح‪ ،‬أما الصعق الكهربائي أو‬
‫الضرب على الراس بأداة ثقيلة‪ ،‬لقتل البقرة أو الشاة‪،‬‬
‫ل‬‫خها وتقطيعُها وأكلُها فل يجوز‪ ،‬سواء حصل الفع ُ‬ ‫ثم سل ُ‬
‫من مسلم أو من كتابي‪ ،‬لن الذكاة الشرعية لم تحصل‬
‫بهما‪.‬‬

‫(‪ )18‬السؤال‪ :‬هل يجوز أن نفرش المائدة بالجرائد ونأكل عليها ؟‬


‫وهل يجوز إلقاء الجرائد في أكياس النفايات مع احتمال أن‬
‫‪233‬‬
‫يكون قد كُتبت فيها آيات قرآنية وأحاديث نبوية وأحكام‬
‫س كتب تفسير القرآن بدون وضوء؟‬ ‫شرعية ؟ وما حكم م ِّ‬
‫(‪ )18‬الجواب‪ :‬بخصوص الجرائد والمجلت وسائر المطبوعات‬
‫يجوز وضع الطعمة عليها والكل منها‪ ،‬لن هذه الجرائد‬
‫وأمثالَها ل قُدْسية لها‪ ،‬كما يجوز طرحها على الرض‬
‫ووضعها في صناديق الزبالة‪.‬‬
‫ة قد‬‫وأضيف ما يلي‪ :‬إن حصل أن جريدة ً أو مطبوع ً‬
‫أفردت صفحة كاملة‪ ،‬أو غالب صفحةٍ بكتابة آيات من‬
‫القرآن الكريم فعندها ل يجوز استعمال هذه الصفحة في‬
‫الكل وفي غيره‪ ،‬لن هذه الصفحة تصبح عندئذ ٍ كصفحة‬
‫ل أو طرٍح أو ما شابه‬ ‫من كتاب الله ل يجوز امتهانُها بأك ٍ‬
‫ذلك‪ .‬وما سوى ذلك فالجرائد يصح استعمالها في أي‬
‫فعل دون نظر إن كان فيها آية هنا‪ ،‬أو هناك ما دام غالب‬
‫الجريدة في أخبار وعلوم أخرى‪.‬‬
‫أما بخصوص كتب تفسير القرآن الكريم‪ ،‬فأقول ما‬
‫يلي‪ :‬إن كانت كتب التفسير تحتوي الصفحة منها على‬
‫بضعة أسطر من اليات القرآنية‪ ،‬وسائر الصفحة تحتوي‬
‫سها بدون‬‫على الشروح والراء‪ ،‬فإن هذه الكتب يجوز م ُّ‬
‫وضوء والقراءة فيها‪ ،‬أما إن كانت التفاسير تحتوي كل‬
‫صفحة منها على صفحة كاملة من القرآن‪ ،‬تحيط بها تفاسير‬
‫موجزة في الهوامش فإن هذه التفاسير تأخذ حكم‬
‫المصحف في كل شيء‪ ،‬فل يجوز مسها وحملها بدون‬
‫وضوء‪.‬‬

‫ة‬
‫ة شرس ٌ‬ ‫(‪ )19‬السؤال‪ :‬تجري حاليا ً في الدول الوروبية حمل ٌ‬
‫على لباس المرأة المسلمة وخاصة بنات المدارس‪،‬‬
‫فيمنعون الطالبة المسلمة من ارتداء الخمار في داخل‬
‫المدرسة‪ ،‬فماذا تفعل هؤلء الطالبات‪ ،‬وما الواجب على‬
‫أولياء أمورهن تجاه ذلك ؟‬
‫(‪ )19‬الجواب‪ :‬ل يجوز للطالبة المسلمة أن تستجيب لهذه‬
‫التعليمات بخلع خمارها في داخل المدرسة وفي خارجها‬
‫على السواء‪ ،‬فإن أمكنها أن تنتقل إلى مدرسةٍ ل تمنع‬
‫‪234‬‬
‫لبس الخمار وجب عليها النتقال‪ ،‬فإن لم تجد وجب‬
‫ي‬‫عليها ترك الدراسة في المدارس‪ ،‬أو يجب على ول ِ ّ‬
‫أمرها الهجرةُ من ذلك البلد‪ ،‬ويحرم عليهما البقاء فيه‬
‫قال تعالى‪( :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ) [من الية ‪ 97‬من سورة‬
‫النساء]‪.‬‬
‫(‪ )20‬السؤال‪ :‬بخصوص الية من سورة السراء (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ) [سورة السراء الية‪ ]1:‬ما هو واقع‬
‫البركة في القدس‪ ،‬وما هي حدودها‪ ،‬بمعنى هل تشمل‬
‫محيط القدس أم تمتد إلى أماكن أخرى ؟‬
‫(‪ )20‬الجواب‪:‬‬
‫أولً ‪:‬هناك فارق بين الرض المقدسة والرض المباركة‪،‬‬
‫ض مقدَّسة‪،‬‬ ‫فمدينة القدس في فلسطين هي فقط أر ٌ‬
‫وكانت سابقا ً تسمى البيت المقدَّس‪ ،‬ثم صارت تسمى‬
‫ت المقدس إلى أن صار يُطلَق عليها القدس‪ ،‬وما‬ ‫بي َ‬
‫سواها مما هو خارج حدودها فليس مقدَّساً‪ ،‬فرام الله‬
‫في الشمال وبيت لحم في الجنوب ليستا مقدَّستين‪،‬‬
‫ن فلسطين مقدَّسة‪.‬‬ ‫ولذا ل يصح أن يُقال إ َّ‬
‫أما الرض المباركة (ﭜ ﭝ ﭞ) [ سورة السراء الية‪]1 :‬‬
‫َ‬
‫فتشمل بلد الشام كل ّها من بادية الشام شرقا ً إلى البحر‬
‫المتوسط غرباً‪ ،‬ومن جبال جنوب تركيا شمال ً إلى ال َ‬
‫جوْف‬
‫والبحر الحمر‪ ،‬أي خليج العقبة‪ ،‬جنوباً‪ .‬ففلسطين‬
‫والردن وسورية ولبنان هي بلد مباركة فقط‪ ،‬يدل على‬
‫ذلك قوله عليه الصلة والسلم " اللهم بارك لنا في‬
‫ن الرض المقدسة هي‬ ‫شامنا‪ ." ...‬وكما قلنا قبل قليل فإ َّ‬
‫مدينة القدس فقط‪.‬‬
‫ة أُطلقت على الشام‪ ،‬وأطلقت على اليمن‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ثانياً ‪ :‬البرك ُ‬
‫وأُطلقت على المطر‪ ،‬وأطلقت على الزوجة‪ ،‬وأطلقت‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫على غيرها‪ ،‬وهي تعني النماء ووفرة الخير‪ .‬فبلد الشام‬
‫ل‪ ،‬والله‬‫ة وإنتاٍج عا ٍ‬ ‫خصبة التربة ذات محاصي َ‬
‫ل جيد ٍ‬
‫سبحانه يبارك لهل الشام ولهل اليمن في محصولتهم‬
‫وأقواتهم وأرزاقهم‪ ...‬الخ‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫(‪ )21‬السؤال‪ :‬ما هو حكم قراءة القرآن على الميت أو‬
‫للميت ؟ وهل قراءة الفاتحة على روح الميت لها أص ٌ‬
‫ل‬
‫شرعي ؟ وهل صحيح أن الرسول عليه الصلة والسلم‬
‫قرأها على ابنه إبراهيم ؟‬
‫(‪ )21‬الجواب‪ :‬ما ورد من أحاديث تذكر قراءة القرآن على‬
‫ُ‬
‫الميت كل ّها أحاديث ضعيفة ل تصلح للستدلل‪ ،‬ومع ذلك‬
‫ن العديد من الئمة والفقهاء يجيزون قراءة القرآن‬ ‫فإ َّ‬
‫على الميت‪ ،‬ويرون أن ثواب القراءة يصل إليه استدللً‬
‫بجواز إِهداء الميت لعدد من ال ُقُربات والطاعات ‪،‬كالحج‬
‫والصوم والصدقة والدعاء وسداد الدَيْن‪ ،‬كما هو واردٌ‬
‫في الحاديث الصحيحة‪ ،‬وألحقوا قراءة القرآن على‬
‫ت والطاعات التي يصل ثوابها إلى‬ ‫الميت بهذه القُُربا ِ‬
‫جحه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الميت‪ ،‬لنها من جنسها‪ ،‬وهو ما أر ِّ‬
‫ب رزقِه حراماً‪ ،‬هل يجوز‬ ‫مكْسبُه أو با ُ‬ ‫(‪ )22‬السؤال‪ :‬من كان َ‬
‫أن نأكل من طعامه إذا دعانا إلى وليمة مثل ً ؟ وهل يجوز‬
‫أن نستدين منه مال ً ؟‬
‫(‪ )22‬الجواب‪ :‬نعم يجوز لنا أن نأكل من طعامه‪ ،‬كما يجوز لنا‬
‫أن نستدين منه مال ً بشرط أن ل يكون المال مسروقاً‪،‬‬
‫م واقع‬ ‫متين‪ ،‬فالحرام واقع منه والث ُ‬ ‫ة ل تتعلق بذ َّ‬ ‫حْرم ُ‬
‫فال ُ‬
‫َ‬
‫عليه وحده‪ ،‬ونحن ل إِثم علينا في ذلك‪ .‬أما إن نحن أخذنا‬
‫بالورع‪ ،‬فعلينا أن نجتنب كل ذلك‪.‬‬

‫ت مقدمة كتابك [ الجامع لحكام الصلة ]‬ ‫(‪ )23‬السؤال‪ :‬لقد قرأ ُ‬


‫فوجدتك تذكر فيها أنه ل حاجة للرجوع إلى الدلة الشرعية‬
‫في الستدلل سوى القرآن والحديث الشريف‪ ،‬وهذا يعني‬
‫عدم الحاجة إلى إِجماع الصحابة والقياس في العبادات‪ ،‬أو‬
‫هكذا فهمت‪ ،‬وهذا قريب من منهج أهل الحديث ومنهم‬
‫السلفيون‪.‬‬
‫ولكن‪ ،‬وفي أثناء اطلعي على محتوى الكتاب في‬
‫الطبعة الولى منه‪ ،‬وجدتُك تعل ِّل بعض الحكام _ وهي‬
‫َ‬
‫ت أن لفظة عل ّة قد‬‫قليلة _ ولكن في الطبعة الثانية وجد ُ‬

‫‪236‬‬
‫حذِفت‪ ،‬وبقي النص كما كان سابقا ً يفيد التعليل‪ ،‬وهذا‬ ‫ُ‬
‫يعني أمرين ‪:‬‬
‫ت إلى أدلةٍ أخرى في العبادات غير‬ ‫أولهما‪ :‬أنك قد احتج َ‬
‫ت في المقدمة‪،‬‬ ‫القرآن والحديث الشريف بخلف ما ذكر َ‬
‫مع أن النصوص الشرعية هي نصوص تشريعية سواء‬
‫تعلقت بالعبادات أو بالمعاملت أو بغيرها‪ ،‬وبالتالي فهناك‬
‫حاجة إلى أصول الفقه دائماً‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬أنك تعل ِّل بعض أحكام العبادات بخلف القاعدة‬
‫َ‬
‫ن العبادات ل تعل ّل‪ ،‬وكذلك‬ ‫الشرعية المعروفة القائلة إ َّ‬
‫ما ورد في كتاب المفاهيم من أنه قد وُجد بعد الستقراء‬
‫للحكام الشرعية أن العبادات والمطعومات والملبوسات‬
‫َ‬
‫ل تعل ّل فأرجو توضيح هذه المور‪.‬‬
‫(‪ )23‬الجواب‪ :‬هناك أدلة وهناك نصوص‪ .‬أما الدلة فهي‬
‫الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والقياس‪ ،‬وأما النصوص‬
‫خذ من‬ ‫فهي الكتاب والسنة فقط‪ .‬وحيث أن العبادات تُؤ َ‬
‫حظ وجودُها في إجماع الصحابة ول‬ ‫القرآن والسنة‪ ،‬ول يُل َ‬
‫تقاس على غيرها على العموم فقد قلت إن العبادة هنا‪،‬‬
‫وهي الصلة‪ ،‬أخذتها من النصوص فقط‪ .‬وهذا قول عام‬
‫ل إِجماِع الصحابة ول القياس كدليلين‬ ‫ل يُقصد منه إِبطا ُ‬
‫على الحكام‪ .‬أما ما لحظتَه من وجود قياس في ثنايا‬
‫الكتاب فهو نادر ل يكاد يُذكَر‪ ،‬وحتى في هذه الحالة فإ َّ‬
‫ن‬
‫َ‬
‫ط القياس أن يُبنى على عل ّةٍ موجودةٍ في النص‬ ‫شر َ‬
‫َّ‬
‫جدت‬ ‫فقط‪ ،‬ونحن نتبنى أن العبادات ل تُعلل إل إن وُ ِ‬
‫ة في النص فتؤخذ ويقاس عليها‪ ،‬وحيث أن العلل في‬ ‫العل ُ‬
‫العبادات نادرة فقد جاز لنا القول إن العبادات ل تعلل‪،‬‬
‫أما عند التفصيل فإننا نقول إن العبادات ل تعلل ول‬
‫َ‬
‫ة فعل ً في النص فيقاس‬ ‫جدت العل ُ‬ ‫يُلتَمس لها عل ّة إل إن وُ ِ‬
‫عليها‪ ،‬وهي كما قلت نادرة‪ .‬وعلى ضوء هذا البيان‬
‫ن ما جاء في المقدمة وما جاء في‬ ‫تستطيع أن تدرك أ َّ‬
‫ثنايا الكتاب ل يخالف المتبنى عندنا‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫د‬ ‫(‪ )24‬السؤال‪ :‬إذا دعا النسان في حالة غض ٍ‬
‫ب على أح ٍ‬
‫بسوء ثم أراد أن يتراجع عن دعائه بعد أن هدأ‪ ،‬فماذا‬
‫يفعل ؟‬
‫(‪ )24‬الجواب‪ :‬يتوجب عليه أول ً أن يتوب إلى الله تعالى من‬
‫م وتعدٍّ على المدعو عليه‪ ،‬ثم‬
‫ذلك الدعاء إن كان فيه ظل ٌ‬
‫خبِر المدعوَّ عليه بما حصل ليسامحه‬‫إن استطاع أن ي ُ ْ‬
‫فَعَل فذلك أبلغُ في التوبة‪ ،‬إل إن غلب على ظنه أن‬
‫المدعوَّ عليه في حالة المكاشفة لن يسامح وربما غضب‬
‫عليه وخاصمه‪ ،‬فعندها ل يفعل‪ ،‬ويكتفي بالتوبة‪ ،‬ثم يدعو‬
‫للمدعوِّ عليه بدعاء خيٍر عوضا ً عن ذلك الدعاء السيء‪.‬‬

‫(‪ )25‬السؤال‪ :‬لقد جاء في الجزء الول من كتابكم [ الجامع‬


‫لحكام الصلة ] ما يلي [وهذه القاعدة التي يأخذ بها ابن‬
‫َ‬
‫حجر غيُر مسل ّم بها‪ ،‬لن الحديث غير الصحيح وغير‬
‫الحسن يحتاج إلى حديث صحيح أو حسن‪ ،‬وليس إلى‬
‫حديث ضعيف لدعمه‪ ،‬وفي هذه الحالة فإن الحتجاج‬
‫يكون بهذا الصحيح أو بهذا الحسن‪ ] ...‬والسؤال هو‪:‬‬
‫يُفهم من قولك هذا أنك توافق ابتداءً على أن الضعيف‬
‫يُبحث فيه ليُدع َم بالصحيح أو بالحسن ولكن إذا كان‬
‫الحتجاج يكون بهذا الصحيح أو بهذا الحسن‪ ،‬فلماذا ندعم‬
‫الضعيف من أساسه؟ ولماذا نبحث له عما يدعمه‪ ،‬ول‬
‫نكتفي بالصحيح أو بالحسن؟ وبعبارة أخرى ما الداعي‬
‫إلى البحث في الضعيف لدعمه بالصحيح أو بالحسن ما‬
‫ت ل تعمل به وتعمل بما يدعمه؟‬ ‫دم َ‬
‫(‪ )25‬الجواب‪ :‬هذا القول في الكتاب هو رد ٌّ على ابن حجر‬
‫ن الضعيف يُدع َم ويتقوى بالضعيف‪ ،‬أما أنا فل‬ ‫القائل إ ِ َّ‬
‫أرى رأي ابن حجر هذا‪ ،‬وهذا واضح تماما ً بقولي [غير‬
‫َ‬
‫مسل ّم بها] والردود ُ على الخرين ومناقشتُهم تجري عادةً‬
‫بإيراد حججهم سواء كانت صحيحة أو غير صحيحة‪ ،‬ثم‬
‫تجري عملية إثبات الحجة عليهم أو لهم بن بأُسلوبهم‬
‫حجة‪.‬‬‫ت لل ُ‬
‫نفسه‪ ،‬فذلك أثب ُ‬
‫عم بعدة‬ ‫ن الضعيف الذي أتبناه أنا يبقى ضعيفاً‪ ،‬ولو د ُ ِ‬ ‫إ ِ َّ‬
‫ف عندي ل يرتقي إلى مرتبة‬ ‫أحاديث ضعيفة‪ ،‬إذ الضعي ُ‬

‫‪238‬‬
‫الحسن‪ ،‬فضل ً عن مرتبة الصحيح‪ ،‬بدعم الحاديث‬
‫الضعيفة له‪ ،‬وإنما يبقى ضعيفا ً ل يجوز الستدلل به‪.‬‬

‫(‪ )26‬السؤال‪ :‬هل يجوز لي تقليد ُ عدة مجتهدين في عدة‬


‫مسائل‪ ،‬فمثل ً أقل ِّد المام أحمد في المعاملت‪ ،‬وأقلد‬
‫المام الشافعي في الحج والعمرة‪ ،‬وأقلد المام مالك‬
‫في الزكاة‪ ،‬وأقلد المام أبا حنيفة في الضاحي‪ ،‬وأقلد‬
‫المام أبا إياس في الطهارة والصلة والصيام ؟‬
‫(‪ )26‬الجواب‪ :‬نعم يجوز لك ذلك‪ ،‬فتقلد إماما ً في المعاملت‬
‫‪ ,‬وآخَر في الحج والعمرة‪ ،‬وثالثا ً في الزكاة ورابعا ً في‬
‫الضاحي‪ ،‬ول ضير في ذلك ول محظور‪ ،‬كما يجوز لك أن‬
‫ت أتحفَّظ‬‫تقلدني في الطهارة والصلة والصيام‪ ،‬وإن كن ُ‬
‫على وصفي بالمام‬

‫ي التخُّرج الذي يُلبَس في‬‫(‪ )27‬السؤال‪ :‬فيما يتعلق بزِ ِ ّ‬


‫الجامعات‪ :‬لقد حصل وأن سمعنا أن هذا الزي يُلبس من‬
‫ل الرهبان في بعض الطقوس الدينية‪ ،‬ولكنه غير‬ ‫قِب َ ِ‬
‫مؤك ّد‪ ،‬فما هو حكم الشرع في هذا‪ ،‬مع العلم أن الطالب‬ ‫َ‬
‫ل نية له في الطقوس الدينية ؟‬
‫ن الذي أعرفه هو أن أصل اللباس هذا هو‬ ‫(‪ )27‬الجواب‪ :‬إ ِ َّ‬
‫العباءة العربية‪ ،‬أخذه الغرب النصراني من المسلمين‬
‫في الندلس أيام كان الغربيون يدرسون في الجامعات‬
‫دّمة آنذاك‪ ،‬ثم زادوا عليه القلنسوة‬ ‫السلمية المتق ِ‬
‫ة في لبسه في حفلت‬ ‫حْرم ً‬
‫الغربية‪ ،‬ولذا فإني ل أرى ُ‬
‫ن اكتفى الطالب بالرداء دون‬ ‫التَّخُّرج‪ ،‬ول سيما إ ِ ْ‬
‫القلنسوة‪ ،‬أما إن ثبت غير ذلك‪ ،‬وأن هذا اللباس هو‬
‫لباس الرهبان‪ ،‬فرضه الغرب على الطلب‪ ،‬فإن ارتداءه‬
‫عندئذٍ يكون حراماً‪ ،‬لن تقليد الكفار في أمور دينهم‬
‫م ل يجوز‪.‬‬ ‫حرا ٌ‬

‫‪239‬‬
‫(‪ )28‬السؤال‪ :‬هل نرى ربَّنا يوم القيامة وكيف ؟ وهل رؤية‬
‫ربنا يوم القيامة عقيدة ٌ يَكْفُر منكُرها ؟‬
‫(‪ )28‬الجواب‪ :‬نعم سنرى ربنا يوم القيامة‪ ،‬وهذه الرؤية هي‬
‫ه إياها آنذاك‪ .‬أما‬ ‫أفضل وأعظم النعم التي يَهَبُنا الل ُ‬
‫كيف ؟ فل يعلم ذلك أحد على التحديد‪ ،‬وإنما سيَهَبُنا ربُّنا‬
‫قوةَ إبصارٍ نتمكن بها من رؤيته جل جلله‪ ،‬وهذه هي‬
‫الدلة من الكتاب والسنة ‪:‬‬
‫‪.1‬قال تعالى (ﭙ ﭚ ﭛ ﭝ ﭞ ﭟ) [اليتان ‪ 22‬و ‪ 23‬من‬
‫سورة القيامة]‪ .‬فقوله تعالى (ﭛ ﭝ ﭞ ﭟ)أي ناظرة‬
‫إلى ربها‪.‬‬
‫‪.2‬عن أبي هريرة قال " قال أُناس يا رسول الله‬
‫م القيامة ؟ فقال‪ :‬هل تُضاُّرون‬ ‫هل نرى ربنا يو َ‬
‫ب ؟ قالوا‪ :‬ل يا‬ ‫في الشمس ليس دونها سحا ٌ‬
‫رسول الله‪ ،‬قال‪ :‬هل تُضاُّرون في القمر ليل َ‬
‫ة‬
‫ب ؟ قالوا‪ :‬ل يا رسول الله‪،‬‬ ‫البدر ليس دونه سحا ٌ‬
‫قال‪ :‬فإِنكم ترونه يوم القيامة كذلك‪ " ...‬رواه‬
‫البخاري وأحمد ومسلم‪.‬‬
‫ة‬
‫‪.3‬عن جرير قال " خرج علينا رسول الله ليل َ‬
‫البدر فقال‪ :‬إِنكم ستَروْن ربَّكم يوم القيامة كما‬
‫مون في رؤيته " رواه البخاري‬ ‫ترون هذا ل تضا ُّ‬
‫والترمذي‪.‬‬
‫‪.4‬عن أبي سعيد الخدري قال " قلنا يا رسول الله‬
‫هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال‪ :‬هل تُضاُّرون في‬
‫حواً ؟ قلنا‪ :‬ل‪،‬‬ ‫رؤية الشمس أو القمر إذا كانت ص ْ‬
‫قال‪ :‬فإنكم ل تُضاُّرون في رؤيةِ ربِّكم يؤمئذٍ إل‬
‫كما تضاُّرون في رؤيتهما " رواه البخاري ومسلم‬
‫وأحمد والحاكم وأبو داود الطيالسي‪.‬‬
‫ب عن النبي قال " إذا دخل أه ُ‬
‫ل‬ ‫‪.5‬عن صهي ٍ‬
‫ة قال‪ :‬يقول الله تبارك وتعالى‪ :‬تريدون‬ ‫الجنةِ الجن َ‬
‫شيئاً أَزيدُكم ؟ فيقولون‪ :‬ألم تُبيِّض وجوهَنا ألم‬
‫جنا من النار ؟ قال‪ :‬فيكشف‬ ‫ة وتُن ِّ‬
‫تُدْخلنا الجن َ‬
‫‪240‬‬
‫ب فما أُعطوا شيئاً أَح َّ‬
‫ب إليهم من النظر‬ ‫الحجا َ‬
‫ل _ " رواه مسلم وأحمد‬ ‫َ‬ ‫إلى ربهم _ عَّز وج ّ‬
‫والترمذي والنَّسائي‪.‬‬
‫وقد أورد الحافظ ابن حجر في كتابه[ فتح الباري ] أحد‬
‫عشر حديثا ً عن الرؤية‪ ،‬وقال (جمع الدَّاَرقُطني طُُرقَ‬
‫الحديث الواردة في رؤية الله تعالى في الخرة فزادت على‬
‫ن القيِّم في حادي الرواح فبلغت ثلثين‪،‬‬ ‫العشرين‪ ،‬وتتبَّعها اب ُ‬
‫جياد‪ ،‬وأسند الدَّاَرقُطني عن يحيى بن معين قال‪:‬‬ ‫وأكثرها ِ‬
‫ت إلى‬ ‫ح ]‪ .‬وقد رجع ُ‬ ‫ً‬
‫شَر حديثا في الرؤيةِ صحا ٌ‬ ‫ة عَ َ‬ ‫سبْعَ َ‬
‫عندي َ‬
‫كتاب [ حادي الرواح ] لبن القيم‪ ،‬فوجدته ذكر جميع‬
‫الحاديث في الرؤية‪ ،‬وأسندها إلى الصحابة التين‪ ،‬وهم‪ :‬أبو‬
‫بكر الصديق وعلي ابن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وجابر‬
‫بن عبد الله وزيد بن ثابت وعائشة أم المؤمنين وسلمان‬
‫الفارسي وأبو هريرة وأُبي بن كعب وأبو سعيد الخدري وجرير‬
‫ابن عبد الله وصهيب الرومي وأبو موسى الشعري وأنس بن‬
‫مار بن ياسر وعبد الله بن عمر‬ ‫مالك وأبو أُمامة الباهلي وع َّ‬
‫جرة‬‫حذيفة بن اليمان وعبد الله بن عباس وكعب بن ع ُ ْ‬ ‫و ُ‬
‫وبُريدة بن الحصيب وع َدي بن حاتم الطائي وأبو َرزين‬
‫العُقَيلي وع ُمارة بن ُرويبة‪.‬‬
‫وهؤلء الصحابة هم في القمة في الفضل والعلم والمانة‬
‫في النقل يستحيل تواطؤهم على الكذب مما جعل الئمة‬
‫الربعة وإسحق بن راهُويه والوزاعي والليث بن سعد‬
‫وسفيان بن ع ُيينة وعبد الله بن المبارك والطبري ووكيع بن‬
‫الجراح وقتيبة بن سعيد والضحاك وعكرمة والحسن البصري‬
‫يقولون بتحقُّق الرؤية لله رب العالمين‪ .‬قال ابن القيم في‬
‫ل القرآن والسنة‬ ‫كتابه [ حادي الرواح ] ما يلي (قد د َّ‬
‫المتواترة وإجماع الصحابة وأئمة السلم وأهل الحديث‬
‫ل الله على أ َّ‬
‫ن‬ ‫ة رسو ِ‬ ‫عصابة السلم ونزل اليمان وخاص ُ‬
‫ً‬
‫الله سبحانه وتعالى يُرى يوم القيامة بالبصار عيانا كما يُرى‬
‫س في الظهيرة‪.)...‬‬ ‫القمر ليلة البدر صحواً‪ ،‬وكما تُرى الشم ُ‬
‫وقال ابن كثير في تفسيره لسورة القيامة ما يلي (وقد ثبتت‬
‫ل في الدار الخرة في الحاديث‬ ‫رؤية المؤمنين لله عَّز وج َّ‬

‫‪241‬‬
‫الصحاح من طرق متواترة عند أئمة الحديث ل يمكن دفعها‬
‫ع عليه بين الصحابة والتابعين‬ ‫م ٌ‬‫ج َ‬
‫م ْ‬
‫ول منعها‪ ...‬وهذا بحمد الله ُ‬
‫وسلف هذه المة‪ ،‬كما هو متفق عليه بين أئمة السلم وهُداة‬
‫النام) وقال القرطبي في تفسيره ما يلي (‪ -‬ناظرة – أي‬
‫ن الرؤية‬ ‫تنظر إلى ربها‪ ،‬على هذا جمهور العلماء )‪ .‬وإذن فإ َّ‬
‫قد ثبتت بكتاب الله تعالى وثبتت بالحاديث المتواترة‪ ،‬وثبتت‬
‫بإجماع الصحابة‪ ،‬وأخذ بها جمهور العلماء‪ ،‬وهذا أعلى درجات‬
‫ك فيها‪.‬‬ ‫ل لمسلم بعدئذ ٍ إنكاُرها ول التشكي ُ‬ ‫الثبات‪ ،‬فل يح ُّ‬
‫ث الرؤية جميعُ رواةِ الحاديث وهم‪:‬‬ ‫وقد روى أحادي َ‬
‫َ‬
‫البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والن ّسائي والترمذي وابن‬
‫حبَّان وأبو ع َوانة‬ ‫خَزيمة وابن ِ‬ ‫ماجة والدَّارمي وابن ُ‬
‫والدَّاَرقُطني والطبراني والبيهقي وابن أبي شيبة والحاكم‬
‫والشافعي والطبري وأبو داود الطيالسي والخطيب البغدادي‬
‫وابن عساكر وعبد بن حميد وعبد الله بن أحمد‪.‬‬
‫ق رؤيةِ الله تعالى يوم‬ ‫ُ‬
‫ة المة على تحقّ ِ‬ ‫وقد اتفقت كلم ُ‬
‫القيامة‪ ،‬نُقل ذلك عن جمهرة الصحابة والتابعين والفقهاء لم‬
‫يخالفهم إِل الخوارج وبعض المعتزلة والشيعة‪.‬‬
‫حدَثاً‬‫م ْ‬
‫جب كون المرئي ُ‬ ‫وقد تمسك هؤلء بأن الرؤية تُو ِ‬
‫وحال ّ في مكان‪ ،‬وأوَّلوا كلمة (ناظرة) في قوله تعالى (ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ً‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ)[سورة القيامة اليتان‪ ]22،23 :‬بمنتظرة وتعلقوا‬
‫بقوله تعالى (ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ) [من الية ‪ 103‬من سورة‬
‫النعام] وبقوله تعالى لنبيه موسى عليه السلم {لن تراني }‬
‫وردُّوا جميع الحاديث القائلة بالرؤية لمخالفتها لما فهموه من‬
‫اليات المذكورة‪.‬‬
‫فنجيب هؤلء بما يلي ‪:‬‬
‫‪.1‬إن الحاديث القائلة بالرؤية بلغت حد َّ التواتر‪ ،‬وأجمع‬
‫ة مما يجعل ردَّها حراما ً قد يصل إلى‬ ‫عليها الصحاب ُ‬
‫الكفر والعياذ بالله‪.‬‬
‫‪.2‬إن تأويلهـم قوله تعالى (ﭝ ﭞ ﭟ) [سـورة القيامـة اليـة‪:‬‬
‫ة‪:‬‬ ‫‪ ]23‬بمنتظرة فاســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد ٌ لغ ً‬
‫ة برائيـــــة إل إن تعذَّر هذا‬ ‫سر لغ ً‬ ‫فأولً ‪ :‬ناظرة تُف ّـــــَ‬
‫المعنى فيُلجأ إلى التأويل‪ ،‬وهنا لم يتعذَّر هذا المعنى‬
‫‪242‬‬
‫ة إلى إثباتــه بالحاديــث المتواترة التــي تفيــد‬ ‫إِضاف ً‬
‫العلم اليقيني‪.‬‬
‫وثانياً ‪ :‬إذا قلنا ناظرة بمعنى منتظرة فل يجوز أن يقال‬
‫ت‬
‫ت الشيءَ ول تقول انتظر ُ‬ ‫ن اللغة تقول نظر ُ‬ ‫[إلى] ل َّ‬
‫إلى الشيء‪ .‬فكون الية ذكرت إلى‪ ،‬فهو دليل على نفي‬
‫هذا المعنى تماماً‪.‬‬
‫وثالثاً ‪ :‬فإذا أضفنا الوجه إلى العبارة وقلنا الوجه ناظٌر‬
‫إلى الشيء‪ ،‬بأن لنا المعنى المقصود وهو الرؤية‬
‫العينية‪ ،‬وليس النتظار قطعاً‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪.3‬أما تعل ّقُهم بقوله تعالى (ﭥ ﭦ ﭧ ) فالجواب عليه أن‬
‫نفي الدراك ل يستلزم نفي الرؤية‪ ،‬وذلك أن الدراك‬
‫سر الدراك بالرؤية هنا فالدراك‬ ‫غير الرؤية ول يُف َّ‬
‫يعني الحاطة والعلم التام بالشيء‪ ،‬في حين أن‬
‫الرؤية أقل من ذلك‪ ،‬فبمجرد وقوع النظر على‬
‫الشيء تحصل رؤيته ول تحصل الحاطة به بالضرورة‬
‫فالله سبحانه ل يُدَرك ول يُحاط به قطعا ً ل في الدنيا‬
‫ول في الخرة لنه غير محدود‪ ،‬ولكن رؤيته ممكنة‬
‫عقلً‪ ،‬فضل ً عن إمكانها شرعاً‪ .‬ولضرب مثال ً لتوضيح‬
‫الفارق بين الدراك والرؤية‪ :‬فنحن نرى الكون‪ ،‬نرى‬
‫أرضه وشمسه وقمره ونجومه‪ ،‬ونعني بذلك أن‬
‫أبصارنا وقعت على هذه الفلك‪ ،‬ولكننا مع حصول‬
‫هذه الرؤية ل نستطيع القول إننا ندرك الكون‪ ،‬فهناك‬
‫ج نطاق أبصارنا‪ ،‬وحتى الفلك التي نراها‬ ‫ك خار َ‬ ‫أفل ٌ‬
‫َ‬
‫ل ندركها كل ّها بمعنى ل نحيط علما ً بها كل ِّها‪ ،‬رغم أن‬
‫الكون محدود‪ ،‬فما بالكم بخالق الكون غير‬
‫المحدود ؟ إن رؤيته سبحانه ل تعني أننا ندركه‬
‫ونحيط به‪ ،‬فالرؤية قاصرة والدراك شامل كامل‪.‬‬
‫‪.4‬أما تعلقهم بقوله تعالى لنبيه موسى عليه السلم‬
‫{لن تراني } فالجواب عليه أُلخصه بما يلي‪ :‬إن هذا‬
‫ل حصل في الدنيا فهو متعلق بها ل يشمل‬ ‫هو قو ٌ‬
‫الخرة فالدنيا لها قوانين وخصائص مختلفة كليا ً عن‬
‫القوانين والخصائص في الخرة‪ ،‬ومن اطلع على‬
‫‪243‬‬
‫أحوال الجنة والنار والناس في الخرة مما هو مذكور‬
‫في اليات والحاديث يدرك ذلك تماماً‪ ،‬فموسى عليه‬
‫ب في الدنيا بما فيها من قوانين‬ ‫السلم وهو مخاط َ ٌ‬
‫وخصائص لن يرى الله سبحانه ويستحيل عليه أن‬
‫يراه‪ ،‬وحتى الجبل لم يستطع أن يثبت أمام تجلَِي‬
‫ك دكَّا ً وصعق موسى‪ .‬أما في‬ ‫الله سبحانه له‪ ،‬فد َّ‬
‫ُ‬
‫ت‬‫ت وقُدُرا ٍ‬ ‫الدار الخرة فإن الله سيعطينا خاصيا ٍ‬
‫ت مغايِرة ً لما نحن عليه في الدنيا‪ ،‬ومن‬ ‫ومواصفا ٍ‬
‫هذه القدرات أنه سبحانه سيمكِّنُنا من رؤيته ج َّ‬
‫ل‬
‫جلله‪ ،‬وهذا غير مستبعَدٍ‪ ،‬بل هو ثابت في كتاب الله‬
‫وسنة رسول الله عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫‪.5‬إن اليات قطعية الدللة كآية (ﭝ ﭞ ﭟ) والحاديث‬
‫المتواترة كأحاديث إثبات الرؤية يجب العتقاد بما‬
‫من يُنكره‬ ‫تتضمنه وتقوله ويحرم إن لم نقل يكفر َ‬
‫ويجحده أو حتى يؤوله ذلك أن التأويل يكون في‬
‫اليات والحاديث المشتبهات‪ ،‬وليس في اليات‬
‫والحاديث قطيعة الدللة كأحاديثنا هذه‪ ،‬ويكفي‬
‫لثبات أن الحاديث هذه تنفي الشتباه هو قولها "هل‬
‫تضاُّرون " "إنكم سترون ربكم يوم القيامة‬
‫كماترون هذا" "فيكشف الحجاب فما أُعطوا شيئاً‬
‫ب إليهم من النظر إلى ربهم " فكل هذه‬ ‫أح َّ‬
‫العبارات تتضمن أمرا ً واحدا ً هو إثبات الرؤية ونفي‬
‫الشتباه ولذلك ل مكان ول مجال هنا للتأويل‬
‫ض والر ّدُ‬
‫سف في التفسير‪ ،‬فالتأويل مرفو ٌ‬ ‫والتع ُّ‬
‫مردودٌ‪ ،‬فلم يبق إل الخذ والقبول بما تتضمنه اليات‬
‫والحاديث الناطقة بالرؤية‪ ،‬فليحذر المسلم من عدم‬
‫العتقاد بحصول الرؤية لله يوم القيامة‪ ،‬وأخشى إن‬
‫ر على الرفض أن يشمله قوله سبحانه (ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬ ‫هو أص َّ‬
‫ﮈ ﮉ) [الية ‪ 15‬من سورة المطففين] عافانا الله من‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫َ‬
‫خ‬‫ة فيها شي ٌ‬ ‫(‪ )29‬السؤال‪ :‬في حلقة تلفزيونية تول ّى الجاب َ‬
‫صصت للكلم عن الحرية في السلم‪،‬‬ ‫خ ِّ‬
‫م مشهوٌر‪ُ ،‬‬ ‫م ٌ‬‫مع َّ‬
‫ل هذا الشيخ عن حكم الردة في السلم‪،‬‬ ‫سأل فيها سائ ٌ‬
‫وهل هذا الحكم يتناقض مع القول إِن السلم يقول‬
‫بالحرية الفكرية ؟ فكان جواب الشيخ‪ :‬إن المرتد إذا بقي‬
‫على رِدَّته ولم يَدْع ُ الناس إليها ولم ينشرها بين‬
‫المسلمين فل يجوز قتله‪ ،‬ول ينطبق عليه قول الحديث‬
‫"من بدَّل دينه فاقتلوه " وإنما المرتد الذي يُقتل هو‬
‫مها‬
‫الذي يخرج على الدولة المسلمة بردته ويحارب نظا َ‬
‫ويعلن عداوته لها‪ ،‬وهذا حق مكفول لكل دول العالم‬
‫وأمم الرض‪ .‬فماذا ترون في هذه الفُتيا ؟‬
‫ص لله‬ ‫(‪ )29‬الجواب‪ :‬هذا جواب خطير ل ينبغي لمسلم ٍ مخل ٍ‬
‫ولرسوله ‪ ،‬وعالم ٍ بأدنى علوم الشريعة أن يقوله ويفتي‬
‫ل مرتد‪،‬‬ ‫به‪ ،‬فالحديث جاء بلفظ عام فيبقى عاما ً يشمل ك َّ‬
‫سواء نشر رِدته ودعا إليها أو احتفظ بها لنفسه‪ ،‬فهما في‬
‫ردة سواء‪ ،‬وفي وجوب القتل سواء‪ ،‬والتخصيص‬ ‫ال ّ ِ‬
‫والتقييد ل يكون إل بالشرع وليس بالعقل أو بالهوى‬
‫إرضاءً للحكام ومجاراة ً لفكار الكفر‪.‬‬
‫س العبودية‪ ،‬وتعني‬ ‫إن الحرية في السلم هي عك َ‬
‫تحرير العبيد‪ ،‬وتحرير المسلمين من هيمنة الكفار عليهم‪،‬‬
‫وما سوى ذلك فليس في السلم حريات‪ ،‬وإنما المسلم‬
‫اختيار‬
‫ٍ‬ ‫مقيَّد ٌ بأحكام الشرع وبأفكاره‪ ،‬وليست له حرية‬ ‫ُ‬
‫فيها‪.‬‬

‫(‪ )30‬السؤال‪ :‬طاعة الولد لبيه‪ ،‬ما هي حدودها‪ ،‬وهل هي‬


‫ة ل يجوز للولد أن يعصي أي أمر من أبيه ؟‬ ‫مطْلَق ٌ‬
‫ُ‬
‫ل يجب‬ ‫ُ‬ ‫(‪ )30‬الجواب‪ :‬ك ّ‬
‫ل ما يحتاج إليه الوالد من أشياءَ وأفعا ٍ‬
‫على الولد أن يُح ِّققها له ما استطاع‪ ،‬كأن يحتاج الوالد‬
‫ل‪ ،‬أو يحتاج إلى الوصول لمكان‪ ،‬أو يريد شراء‬ ‫إلى ما ٍ‬
‫ة‬ ‫ً‬
‫ثياب له‪ ،‬أو يريد علجا في عيادةٍ أو مستشفى‪ ،‬أو أي َ‬
‫حاجةٍ‪ ،‬له في قضائها مصلحة له‪ ،‬فعلى البن أن يقضيها‬
‫له وجوباً‪.‬‬
‫‪245‬‬
‫ة ول‬‫أما ما كان غير ذلك‪ ،‬أي ما ليس للوالد حاج ٌ‬
‫ة‪ ،‬فل يجب على الولد إطاعة أبيه فيه لو‬ ‫ة له خا َّ‬
‫ص ٌ‬ ‫مصلح ٌ‬
‫طلبها منه‪ ،‬فلو طلب الوالد من ولده أن يدرس مادةً‬
‫ة‪ ،‬أو أن يسكن‬ ‫ة معيَّن ً‬
‫ة في الجامعة‪ ،‬أو أن يتزوج ابن ً‬ ‫معيَّن ً‬
‫في بيت معين‪ ،‬أو أن يتصدق على شخص آخر‪ ،‬أو أن‬
‫يُطَل ِّق زوجته‪ ،‬وما إلى ذلك‪ ،‬فل يجب على الولد إطاعة‬
‫ت للوالدِ‬‫ت ليست حاجا ٍ‬ ‫أبيه في ذلك‪ ،‬لن هذه الحاجا ِ‬
‫ة به‪ ،‬فل تجب إِطاعته فيها‪.‬‬ ‫خاص ً‬
‫باختصار أقول‪ :‬إن الولد يجب أن يطيع أباه إن طلب‬
‫منه تحقيق حاجة خاصة به‪ ،‬ول يجب أن يطيعه فيما‬
‫سوى ذلك‪.‬‬

‫(‪ )31‬السؤال‪ :‬يعمد ُ أحدهم عند شراء سيارة مثل ً إلى ذبح‬
‫شاة على مقدِّمة السيارة بحيث تتطلخ السيارة بدم‬
‫الشاة‪ ،‬فهل هذا جائز ومشروع ؟‬
‫ح بمناسبة شراء سيارة فيجوز‪ ،‬وأما‬ ‫(‪ )31‬الجواب‪ :‬أما الذب ُ‬
‫تلطيخ السيارة بدم الذبيحة فهذا من فِعل الجاهلية‪ ،‬أشار‬
‫ب}‬ ‫ص ِ‬‫إلى ذلك القرآن الكريم بقوله {وما ذ ُبح على الن ُّ ُ‬
‫ن أهل الجاهلية كانوا‬ ‫من الية ‪ 3‬من سورة المائدة ذلك أ َّ‬
‫صب والصنام بحيث تتلطخ هذه‬ ‫يذبحون الذبائح على الن ُّ ُ‬
‫صب والصنام بدمائها‪ ،‬فل ينبغي لنا أن نتشبه بفعالهم‪.‬‬ ‫الن ُّ ُ‬
‫ل دين كما هو حاصل في‬ ‫(‪ )32‬السؤال‪ :‬هل في السلم رجا ُ‬
‫الديانتين اليهودية والنصرانية ؟‬
‫ن بالمعنى الموجود‬ ‫ل دي ٍ‬‫(‪ )32‬الجواب‪ :‬ليس في السلم رجا ُ‬
‫في الديانتين اليهودية والنصرانية‪ ،‬وإنما كل مسلم مأمور‬
‫بحمل دعوة السلم ونشره وحراسته واللتزام بأحكامه‪،‬‬
‫ل ما في المر أن هناك علماءَ وفقهاءَ في السلم‬ ‫ك ُّ‬
‫لتعليم الناس السلم دون أن تكون لهم صلحيات دينية‬
‫كتلك التي يملكها رجال الدين اليهودي والنصراني من‬
‫مثل قبول توبة التائبين‪ ،‬ومنح صكوك الغفران‪ ،‬وتعميد‬
‫التباع والتشريع وما إلى ذلك ثم إنه ليس في السلم‬
‫لباس خاص بالعلماء والفقهاء يتميزون به عن سائر‬
‫‪246‬‬
‫المسلمين‪ ،‬كما هو حاصل في الديانتين‪ ،‬فعندما كان‬
‫العرابي يصل إل المدينة لملقاة رسول الله وهو‬
‫جالس بين أًصحابه‪ ،‬كان يسأل الموجودين‪ :‬أيكم محمد ؟‬
‫فيقال له هذا هو‪ ،‬مما يدل على أنه لم يكن يتميز عن‬
‫غيره بلباس أو شارات‪ ،‬وإنما كان يلبس كما يلبس سائر‬
‫الناس‪.‬‬
‫ولهذا فإن دولة الخلفة ستمنع أيَّ لباس يُشعر بوجود‬
‫مشعرتين‬ ‫س العِمامة والجبة ال ُ‬ ‫رجال دين‪ ،‬فستمنع لبا َ‬
‫ة‬
‫ة والجب َ‬‫بوجود رجال دين‪ ،‬إل أن يلبس كل مسلم العمام َ‬
‫فل محذور عندئذٍ‪ ،‬فالمهم هو أن ل يتميز العلماء والفقهاء‬
‫بأي لباس ول بأية علمة وشارة تُشعر باختلفهم عن‬
‫سائر المسلمين‪ .‬أما ما نراه من لباس يرتديه خريجو‬
‫الزهر‪ ،‬أو علماء الشيعة‪ ،‬فسيُمنع في دولة الخلفة‪ ،‬ول‬
‫يُؤذن لهؤلء العلماء والفقهاء أن ينوبوا عن ربهم في‬
‫قبول التوبة من التائب‪ ،‬أو إقرار الزواج دون غيرهم‪ ،‬أو‬
‫تشريع الحكام ليلتزم بها سائر المسلمين‪ ،‬فهم مسلمون‬
‫عاديون في الصلحيات واللتزامات والواجبات‪ ،‬ل يزيدون‬
‫صلونه من علم يصبحون به علماء‬ ‫ح ِّ‬‫عن غيرهم إل بما ي ُ َ‬
‫وفقهاء فحسب‪.‬‬
‫ت توزيِع أسطوانات الغاز‬ ‫ض سيارا ِ‬ ‫(‪ )33‬السؤال‪ :‬تقوم بع ُ‬
‫جل على أشرطة القرآن الكريم بشكل‬ ‫عندنا بفتح المس ِّ‬
‫ن عن مرور هذه السيارات بدل ً من إِطلق‬ ‫ل كإعل ٍ‬ ‫متواص ٍ‬
‫صوت المزمار الذي تستعمله معظم سيارات توزيع‬
‫الغاز‪ ،‬فهل هذا الفعل مشروع وجائز ؟‬
‫شرع‬ ‫ن استعمال القرآن الكريم في غير ما ُ‬ ‫(‪ )33‬الجواب‪ :‬إ َّ‬
‫ن استعمالَه عبادةُ‪ ،‬والعبادة ُ تحتاج إلى دلي ٍ‬
‫ل‬ ‫له ل يجوز‪ ،‬ل َّ‬
‫ل يجيز استعمال‬ ‫لثباتها‪ ،‬وفي مسألتنا هذه ل يوجد دلي ٌ‬
‫ت توزيِع الغاز‪،‬‬ ‫ن لمرورِ سيارا ِ‬ ‫القرآن الكريم كوسيلةِ إعل ٍ‬
‫ن في هذا الستعمال‬ ‫َ‬ ‫فل يجوز هذا الفعل ل سيما وأ ّ‬
‫ف عن هذا الفعل‬ ‫شيئا ً من المتهان له‪ ،‬فالواجب التوق ُ‬
‫شرع له فقط‪.‬‬ ‫ن الكريم على ما ُ‬ ‫ل القرآ ِ‬ ‫وقصُر استعما ِ‬

‫‪247‬‬
‫ت‬‫(‪ )34‬السؤال‪ :‬توجد في البيوت والمكاتب وغيرها رسوما ٌ‬
‫ل يجلسون‬ ‫ت القهوة والسفن الشراعية وأطفا ٍ‬ ‫ة كدل ِ‬ ‫يدوي ٌ‬
‫ة بأسماء الله‬ ‫في وضعية الصلة والدعاء مرسوم ٌ‬
‫م أسماء‬ ‫الحسنى فقط دون ما سواها‪ ،‬فهل يجوز استخدا ُ‬
‫ت؟‬ ‫الله الحسنى في هذه الرسوما ِ‬
‫(‪ )34‬الجواب‪ :‬ل يجوز استخدام أسماء الله الحسنى في هذه‬
‫ة‬
‫الرسومات وأمثالها‪ ،‬فليست أسماءُ الله الحسنى ماد ً‬
‫ل من أن يستعملها‬ ‫ب بها الَرسامون وغيرهم وهي أج ُّ‬ ‫يتلع ُ‬
‫ّ‬
‫ف‬‫هؤلء في رسوماتهم‪ ،‬فالواجب على الَّرسامين التوق ُ‬
‫ة استعمالها في رسم‬ ‫فورا ً عن هذا الفعل المشين‪ ،‬وخاص ً‬
‫ل ذي روٍح‪ ،‬فهو حرام بالسماء الحسنى‬ ‫ل وك ِّ‬ ‫الطفا ِ‬
‫س رضي الله‬ ‫وبغيرها لما روى مسلم من طريق ابن عبا ٍ‬
‫ل مصوِّ ٍر في النار يُجعَ ُ‬
‫ل‬ ‫ن رسول الله قال " ك ُّ‬ ‫عنهما أ َّ‬
‫ذّبه في جهنم‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫س فتُع ِ‬‫ة صوَّرها نف ٌ‬
‫ل صور ٍ‬ ‫له بك ِّ‬
‫دَ فاعلً فاصنع الشجر وما ل نفس له "‬ ‫إن كنت ل ب ّ‬
‫ت إتلفُها فوراُ‬ ‫كما يجب على من يقتنون هذه الرسوما ِ‬
‫ة‬
‫ة ولها مهاب ٌ‬ ‫وإل أثموا‪ ،‬فأسماء الله الحسنى لها قدسي ٌ‬
‫مها كموا َّد‬ ‫ومكانٌة في نفوس المسلمين فل يح ُّ‬
‫ل استخدا ُ‬
‫ت في الرسم وغيره‪.‬‬ ‫وأدوا ٍ‬

‫ت والطيور واقتنائِها‬ ‫ط الحيوانا ِ‬ ‫(‪ )35‬السؤال‪ :‬ما حكم تحني ِ‬


‫في البيوت ؟‬
‫م‬‫ت التي يُراد ُ تحنيطُها ومن ث َ َّ‬ ‫(‪ )35‬الجواب‪ :‬إن كانت الحيوانا ُ‬
‫اقتناؤ ُها مما يجوز أكله كالرانب والدجاج فيجوز تحنيطُها‬
‫م اقتناؤ ُها في البيوت للزينةِ‪ ،‬بشرط ذبحها أول ً ثم‬ ‫ومن ث َ َّ‬
‫م تحنيطُها دون ذكاةٍ شرعيةٍ فل يجوز‬ ‫ن ت َّ‬‫تحنيطها‪ ،‬أما إ ْ‬
‫ل‬‫ة‪ ،‬والن َّجس ل يح ُّ‬ ‫ة ونجس ً‬ ‫ذلك‪ ،‬لنها تكون عندئذٍ ميت ً‬
‫ِ ُ‬
‫النتفاع به ول اقتناؤُه‪.‬‬
‫ل أكلُها كالذئاب والصقور فل‬ ‫أما الحيوانات التي ل يح ُّ‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ح فتُذكى‬ ‫ل‪ ،‬لنها ل تُذب ُ‬‫يجوز تحنيطُها ول اقتناؤ ُها بحا ٍ‬
‫ل النتفاعُ‬ ‫ة عند قتلها‪ ،‬والنجس ل يح ُّ‬ ‫فتطهُر‪ ،‬وتكون نجس ً‬
‫ُ‬

‫‪248‬‬
‫به ول اقتناؤ ُه‪ ،‬والواجب على من عنده شيء منها أن‬
‫يقوم بالتخلص منه فورا ً‬

‫(‪ )36‬السؤال‪ :‬تتردد في وسائل العلم لفظة التكفيريين‪،‬‬


‫يعنون بها الناس المتشددين الذين يُكَفِّرون المسلمين‬
‫لدنى شبهة‪ ،‬وسؤالي هو‪ :‬متى يجوز تكفير المسلم‬
‫ومتى ل يجوز ؟ وهل لكم أن تعطوني مقياسا ً دقيقاً‬
‫يُفَّرق به بين جواز التكفير وعدم جوازه ؟‬
‫(‪ )36‬الجواب‪ :‬إن مما ل شك فيه ول ريب أن تكفير المسلم‬
‫أمر فظيع ل يجوز القيام به ول التساهل فيه‪ ،‬والمسلم‬
‫هو من نطق بالشهادتين وآمن بالله وملئكته وكتبه‬
‫ورسله واليوم الخر‪ ،‬وبالقدر خيره وشره من الله‪ ...‬الخ‪،‬‬
‫واستمَّر على ذلك‪ .‬فمن اتصف بهذا فهو مؤمن وهو‬
‫مه بالكفر إل في الحالت‬ ‫مسلم غير كافر‪ ،‬ل يجوز وص ُ‬
‫الرئيسية التالية ‪:‬‬
‫‪-1‬من قال إن القرآن ناقص ولو كلمة واحدة أو آية‬
‫واحدة أو سورة واحدة‪ ،‬أو قال إن القرآن قد زيد‬
‫فيه ولو كلمة واحدة أو آية واحدة أو سورة‬
‫واحدة‪ ،‬أو ادعى بأن كلمة أو آية أو سورة قد‬
‫جرى تبديلها بغيرها فقد كفر‪ ،‬وبمعنى آخر‪ :‬من‬
‫قال بحصول تحريف في كتاب الله سبحانه فهو‬
‫كافر‪ ،‬لنه بقوله هذا يكذب بقوله سبحانه في‬
‫جر (ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [‬ ‫ح ْ‬
‫الية التاسعة من سورة ال ِ‬
‫سورة الحجر الية‪.]9 :‬‬
‫‪-2‬من عارض أو اعترض على آية واحدة فما فوقها‪،‬‬
‫أو خالف معناها إن كانت من اليات المحكَمات‬
‫التي ل تحتمل التأويل فقد كذَّب الله سبحانه وكفر‬
‫بتكذيبه هذا‪ ،‬فمثل ً يقول الله سبحانه (ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ)‬
‫[الية الرابعة عشرة من سورة الملك]‪ ،‬ويقول ج َّ‬
‫ل‬
‫ﰈﰈﰈﰈﰈﰈﰈ ﰉ ﰊ‬ ‫ﰈﰈ‬ ‫جلله ( ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ‬
‫ﰎ ﰐﰈ ﰒﰈ)[ من الية الحادية والستين من سورة‬
‫يونس]‪ ،‬فإن قال قائل إن الله يعلم الكليات في‬
‫‪249‬‬
‫الكون فقط ول يعلم الجزئيات فقد كذب بما جاء‬
‫ن الله يعلم ك َّ‬
‫ل‬ ‫في هاتين اليتين الدالتين على أ َّ‬
‫شيء‪ ،‬وبالتالي فقد كفر ‪.‬‬
‫ن‬
‫‪ -3‬وأقول مثل ما سبق بخصوص ما ورد من معا ٍ‬
‫قطعية مما ورد في الحاديث المتواترة المتَّفَق‬
‫على تواترها‪ ،‬سواء منها ما كان متواتر اللفظ‪،‬‬
‫كقوله عليه الصلة والسلم " من كذب عل َّ‬
‫ي‬
‫مداً فلْيتبوأ مقعدَه من النار " أو كان متواتر‬ ‫متع ِّ‬
‫المعنى كحصول الشفاعة يوم القيامة‪ ،‬فمن‬
‫اعترض أو عارض هذه الحاديث المتواترة فقد‬
‫كفر‪.‬‬
‫‪-4‬من أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة‪ ،‬كأن‬
‫أنكر فرض الصلة وفرض الصيام أو أنكر تحريم‬
‫الزواج من المحارم‪ ،‬وتحريم شرب الخمر‪ ،‬أو أنكر‬
‫وجوب قطع يد السارق ووجوب الجهاد بالقتال في‬
‫سبيل الله فقد كفر‪.‬‬
‫‪-5‬من حقَّر القرآن الكريم بأن داس عليه بقدمه أو‬
‫ألقاه في المرحاض أو تفل عليه أو مَّزقه تحقيراً‬
‫أو قام بأي فعل مشابه لهذه الفعال فقد كفر‪.‬‬
‫ن حكم بغير ما أنزل الله‬ ‫‪-6‬أي حاكم للمسلمين إ ْ‬
‫معتقدا ً بصلحية ما يحكم به‪ ،‬وبعدم صلحية شرع‬
‫الله سبحانه‪ ،‬أو ترك الحكم بشرع الله‪ ،‬أو حتى‬
‫بجزءٍ منه وهو قادر على الحكم به كل ِّهِ ‪ ,‬كأن و َ‬
‫ضعَ‬
‫ن السلم مصدٌر من مصادر‬ ‫في الدستور أ َّ‬
‫التشريع فقط وليس هو المصدر ‪ ,‬فقد كفر‪.‬‬
‫‪-7‬من آمن بأفكارٍ وعقائد َ تعارض عقيدة السلم‬
‫وتناقضها وهو يعلم‪ ،‬كأن آمن بالعلمانية وبعقيدة‬
‫فصل الدين عن الحياة‪ ،‬أو آمن بالديمقراطية‬
‫بمعناها ومدلولها الحقيقي وهو أن التشريع‬
‫للشعب وليس لله ولرسوله‪ ،‬أو آمن بنظرية‬
‫نَ‬
‫النشوء والرتقاء‪ ،‬أي بنظرية التطوُّرِ القائلة إ ّ‬
‫خلقْ إنسانا ً بادئ ذي بدء وإنما‬ ‫النسان لم ي ُ ْ‬
‫‪250‬‬
‫ي‪ ،‬ثم إلى كائن‬ ‫تطورت الخلية ذاتيا ً إلى كائن ح ٍ ّ‬
‫ن‪،‬‬
‫ه‪ ،‬ثم إلى قردٍ‪ ،‬ثم إلى إنسا ٍ‬ ‫ي أرقى من ُ‬ ‫ح ٍّ‬
‫ض‬
‫وأمثال هذه الفكار والعقائد الباطلة التي تتعار ُ‬
‫مع عقيدة السلم فقد كفر‪.‬‬
‫ق‬
‫هذه هي الخطوط العريضة التي يُبنى عليها التفري ُ‬
‫بين السلم والكفر‪ ،‬وبين المسلم والكافر دون التفاصيل‬
‫ل مسلم ٍ ملتزم ٍ بشرع‬ ‫الدقيقة‪ ،‬وعليه فإن الواجب على ك ِّ‬
‫الله أن ينأى بنفسه عن تكفير المسلمين لدنى شبهة‪،‬‬
‫َ‬
‫وعند أول معصية كبيرة كانت أو صغيرة ذلك أن من كفّر‬
‫مسلما ً فقد باء بالكفر أحدُهما كما روى ذلك البخاري‬
‫ومسلم وأحمد ومالك وأبو داود والترمذي وأبو عوانة من‬
‫طريق ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله‬
‫ل قال لخيه يا كافر فقد باء بها أحدُهما "‬ ‫" أيما رج ٍ‬
‫ن عند مسلم وأحمد من طريق ابن عمر‬ ‫ظ ثا ٍ‬
‫وفي لف ٍ‬
‫ئ قال لخيه يا كافر فقد باء‬ ‫رضي الله عنهما " أيُّما امر ٍ‬
‫ن كان كما قال‪ ،‬وإل رجعت عليه "‪.‬‬ ‫بها أحدُهما إ ْ‬
‫ن قام مسلم بفعل شنيع وأراد‬ ‫وأقول أخيرا ً ما يلي‪ :‬إ ْ‬
‫مسلم آخر أن يعرف إن كان ذاك المسلم قد كفر أو‬
‫عصى فقط فليعُد ْ إلى النصوص الشرعية من كتاب الله‬
‫وسنة رسول الله قبل أن يحكم عليه بالكفر‪ ،‬فإن وجد‬
‫ما يدل على كفر ذلك المسلم بشكل يقيني قطعي‬
‫مهِ بالكفر وإل فلْيتوقف‪ ،‬وإل هلك القائل قبل أن‬ ‫فلْير ِ‬
‫يهلك الخر‪.‬‬
‫ل أعداءُ السلم فكرة التكفير أبشع‬ ‫هذا وقد استغ َّ‬
‫استغلل فراحوا يجيِّشون الجيوش ويحاربون المسلمين‬
‫تحت شعار محاربة التكفيريين والتطرف السلمي‪،‬‬
‫ويدقُّون أسافين بين طوائف المسلمين بسبب هذه‬
‫الفكرة‪ ،‬ويحّرِضون فريقا ً على فريق مما يقوِّي حربهم‬
‫ضد المسلمين كل ِّهم‪ ،‬فالحذار الحذار مما يبيِّت الكفاُر‬
‫ب فكرة‬ ‫ف أصحا ُ‬ ‫العدا ُء للمسلمين جميعاً‪ ،‬ولْيتوق ْ‬
‫سِع في نشرها‪ ،‬فهذا‬ ‫التكفير عن الترويج لفكرتهم والتو ُّ‬
‫ليس وقتها‪ ،‬ولْيعملوا على تأليف القلوب وجمع الكلمة‪،‬‬
‫‪251‬‬
‫ف صفا ً واحدا ً منيعا ً ضد أعدائنا جميعا ً حتى نتخلص‬
‫ولنق ْ‬
‫ة للنقاش وللحوار بعد‬
‫ة واسع ٌ‬‫منهم‪ ،‬ثم تبقى عندنا فسح ٌ‬
‫ذلك‪.‬‬

‫ج‬‫م رفِع الجهزةِ عن المريض الذي يحتا ُ‬ ‫(‪ )37‬السؤال‪ :‬ما حك ُ‬


‫ضع له جهاٌز لتحريك عضلت‬ ‫إليها لبقائه حياً‪ ،‬كأن يُو َ‬
‫القلب ‪ ,‬فإن توقف الجهاز توقف القلب ومات المريض‪،‬‬
‫فما حكم رفع هذه الجهزة ؟‬
‫ل من الفقهاء من‬ ‫ح شرعا ً وقلي ٌ‬ ‫(‪ )37‬الجواب‪ :‬التداوي مبا ٌ‬
‫قالوا بالندب والستحباب مختلفين في فهم الحديث‬
‫التالي الذي رواه أبو داود والترمذي والنَّسائي وابن‬
‫ُ‬
‫حبَّان وأحمد بإسناد ٍ صحيح من طريق أسامة‬ ‫خَزيمة وابن ِ‬ ‫ُ‬
‫ن على‬ ‫َ‬
‫ه كأ َّ‬ ‫ت النب َّ‬
‫ي وأصحاب ُ ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫بن شريك قال " أتي‬
‫ب‬‫ت ‪ ,‬فجاء العرا ُ‬ ‫ت ثم قعد ُ‬ ‫رؤوسهم الطيُر‪ ،‬فسلم ُ‬
‫من ههنا وههنا فقالوا‪ :‬يا رسول الله أنتداوى ؟ فقال‪:‬‬
‫ن الله لم يضع داءً إل وضع له دواءً غير داءٍ‬ ‫تَداوَوْا‪ ،‬فإ َّ‬
‫م‪:‬‬ ‫ن قوله عليه الصلة ُ والسل ُ‬ ‫س إ َّ‬ ‫واحدٍ الهرم " فقال نا ٌ‬
‫تداوَوْا ‪ ,‬أمٌر يفيد الستحباب ‪ ,‬وقال الكثرون بل هو أمٌر‬
‫ة ‪ ,‬وهو الراجح عندي بدللة الحديث التالي‬ ‫يفيد الباح َ‬
‫ت رسول‬ ‫الذي رواه أحمد من طريق أبي َرْمثَة قال " أتي ُ‬
‫ل بعرةِ البعير‬ ‫ت فإذا في بعض كتفه مث ُ‬ ‫الله ‪ ...‬فنظر ُ‬
‫ت‪ :‬أل أداويك منها يا رسو َ‬
‫ل‬ ‫ُ‬
‫‪ ,‬أو بيضةِ الحمامة‪ ،‬فقل ُ‬
‫ت نُطَبِّب؟ فقال‪ :‬يداويها الذي‬ ‫ل بي ٍ‬ ‫الله ‪ ,‬فإِنا أه ُ‬
‫وضعها " فلو كان التداوي مندوبا ً لما رفضه عليه الصلةُ‬
‫ضه له على إباحته‪.‬‬ ‫ل رف ُ‬ ‫والسلم ‪ ,‬فد َّ‬
‫ض من المراض ‪,‬‬ ‫ح دون تخصيصه بمر ٍ‬ ‫والتداوي مبا ٌ‬
‫ض التي تصيب المرضى في قلوبهم ‪ ,‬فيلجأ‬ ‫ومنها المرا ُ‬
‫ب إلى وضع جهازٍ للمريض لتنشيط عضلت القلب ‪,‬‬ ‫الطبي ُ‬
‫َ‬
‫ض‬‫فيبقى على قيد الحياة ‪ ,‬فإن توقف الجهاُز توقّف النب ُ‬
‫ن وضع الحهزة هذه يدخل في‬ ‫ث أ َّ‬ ‫ض‪ .‬وحي ُ‬ ‫فمات المري ُ‬
‫م نفسه وهو الباحة ‪,‬‬ ‫باب التداوي والعلج فإنه يأخذ الحك َ‬
‫‪252‬‬
‫م فيه‬‫ح ل إث َ‬
‫ن رفع الحهزة هذه عن المريض مبا ٌ‬ ‫وعليه فإ َّ‬
‫ض على الفور‬ ‫‪ ,‬ولو مات المري ُ‬
‫ن رفع الجهزة يأخذ حكم القتل ‪ ,‬ل يُقال ذلك‬ ‫ل إ َّ‬ ‫ول يُقا ُ‬
‫ة كبرى‪ ،‬وحالةِ‬ ‫ل‪ ،‬وهو جريم ٌ‬‫ف الحالتين حالةِ القت ِ‬ ‫لختل ِ‬
‫ح ‪ ,‬والفارق بين الحالتين‬‫ف العلج والدواء وهو مبا ٌ‬ ‫وق ِ‬
‫ح ل لبس فيه‪.‬‬ ‫واض ٌ‬

‫‪253‬‬
‫الفهـــرس‬

‫عدد الصفح‬ ‫الموضوع‬


‫ة‬ ‫المس‬
‫ائل‬
‫‪7‬‬ ‫‪53‬‬ ‫الباب الول ـ الطهارة‬

‫‪35‬‬ ‫‪146‬‬ ‫الباب الثاني ـ الصلة‬

‫‪138‬‬ ‫‪24‬‬ ‫الباب الثالث ـ الصيام‬

‫‪153‬‬ ‫‪26‬‬ ‫الباب الرابع ـ الحج والعمرة‬

‫‪177‬‬ ‫‪15‬‬ ‫الباب الخامس ـ زكاة واقتصاد‬

‫‪189‬‬ ‫‪14‬‬ ‫الباب السادس ـ مسائل اجتماعية‬

‫‪201‬‬ ‫‪6‬‬ ‫حكْم‬


‫الباب السابع ـ مسائل في ال ُ‬
‫والجهاد‬
‫‪219‬‬ ‫‪37‬‬ ‫الباب الثامن ـ منوَّعـات‬

‫‪254‬‬

You might also like