You are on page 1of 6

‫الفصل الدراسي األول‬

‫قسم المواد العامة والمساعدة‬


‫‪1440-1439‬هـ‬
‫كـلــيــة الــعـلــوم والـدراســــات االنــســانيـة بالجبيل‬

‫أثر الدين في‬


‫إصالح المجتمع‬
‫محمد الخضر حسين (ت‪1377:‬هـ)‬

‫االسم‪ :‬وعد محمد بداح القحطان‬


‫الرقم الجامع‪2180002651 :‬‬
‫المقرر‪ :‬النظام االجتماع ف اإلسالم‪ ،‬ساعتي نظري‪.‬‬
‫المستوى‪ :‬الثالث‬
‫التخصص‪ :‬فيياء‬
‫أستاذ المادة‪ :‬د‪ .‬سامح العشماوي‬
‫مصدر المقال‪ :‬موقع الدرر السنية‬

‫المقدمة‬

‫‪1‬‬
‫جميع األمم تنشد اإلصالح‪ ،‬ولكن يختلف زعماء األمم في طرق‬
‫اإلصالح‪ ،‬وما لإلصالح من أهمية لألمم فيحقق لها الرفعة والمهابة‬
‫وتكون في مأمن من ان تتداعى على أركانها وتسقط‪.‬‬
‫انه اإلصالح الذي يرشد إليه الدين الحق‪ ،‬يسير بالناس على‬
‫{و َما َج َع َل‬‫الطريقة الوسطى‪ ،‬فال يأمر بما فيه حرج قال تعالى‪َ :‬‬
‫ِّين ِم ْن َح َرجٍ}‪[ .‬الحج‪ ]78 :‬وال يجاري اهواء الناس‬ ‫علَ ْي ُك ْم فِي ال ِد ِ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫{ولَ ِو ات َّ َب َع ْال َح ُّق أَ ْه َوا َء ُه ْم لَفَ َ‬
‫س َد ِ‬ ‫ابتغاء مرضاتهم قال تعالى‪َ :‬‬
‫ض َو َم ْن فِي ِه َّن}‪[ .‬المؤمنون‪.]71 :‬‬ ‫س َم َاواتُ َو ْاأل َ ْر ُ‬
‫ال َّ‬
‫والغرض من هذا الحديث إلقاء نظرة عامة على نواحي اإلصالح‬
‫التي جاء بها الدين اإلسالمي‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫بعث هللا محمدًا – صلوات هللا عليه – والعالم في جهالة غامرة‪،‬‬
‫وأهواء جائرة‪ ،‬وأعمال خاسرة‪ ،‬وما زالت هدايته تتكامل حتى‬
‫أخذت باإلصالح من جميع أطرافه‪ ،‬فوضعت مكان الجهالة عل ًما‪،‬‬
‫ومكان األهواء هم ًما سامية‪ ،‬ومكان الخسر صال ًحا وفال ًحا‪.‬‬
‫وزودها باألخالق الزاهرة‪ ،‬وشرع‬ ‫أصلح النفوس بالعقائد السليمة‪َّ ،‬‬
‫من العبادات ما يؤ ِ ِّكد الصلة بين العبد ور ِبِّه‪ ،‬ثم نظر إلى َّ‬
‫أن‬
‫اإلنسان لم يُخلق ليعيش في عزلة عن الناس‪ ،‬وإنَّما ُخ ِلق ليكون‬
‫واحدًا من جماعة‪ ،‬تتعاون على القيام بمرافق حياتها‪ ،‬واألخذ‬
‫فقرر النفقات‬
‫بوسائل سعادتها‪ ،‬فعُني بحقوق ذوي القربى‪َّ ،‬‬
‫والبر بهم من‬
‫ِ ِّ‬ ‫وحرض على إسعادهم‪،‬‬‫َّ‬ ‫والمواريث في نظم محكمة‪،‬‬
‫طرق المروءة وكرم األخالق‪.‬‬
‫وجاء الدين اإلسالمي منظما ً للعالقات االجتماعية والروابط‬
‫اإلنسانية والمعامالت المالية وجعل لها نظما ً عادلة وجعل للجنايات‬
‫عقوبات زاجرة‪ ،‬فقام الدين اإلسالمي بهذه النظم والعقوبات لتنظيم‬
‫النفوس والعقول واالعراض واألموال وجعلها في مأمن‪.‬‬
‫وتناول اإلسالم ايضا ً إصالح الغذاء‪ ،‬فأذن في الطيبات من الرزق‬
‫وحرم األشياء القذرة التي تلحق باألبدان الضرر وبالعقول الخلل‬
‫فترونه قد حرم اكل الميتة وتناول السموم والمسكرات‪.‬‬
‫وسمح الدين اإلسالمي بالزينة ووضعها بمكانتها الالئقة‪ ،‬فأذن فيها‪،‬‬
‫وأنكر على من يتعمد اجتنابها بدعوى الورع والتقوى‪ ،‬ولكنه نهى‬
‫عن اإلسراف فيها‪ ،‬وأنذر من سوء عاقبة المسرفين‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ويشمل اإلسالم بنظرته اإلصالحية ناحية السياسة الخارجية‪ ،‬واتجه‬
‫فيها بين رفق وحزم‪ ،‬فأذن في الحرب متى كان الشر في السلم‪،‬‬
‫وأذن في السلم متى كان الشر في الحرب‪ ،‬وجعل للحرب آدابا ً‬
‫تخفف من ويالتها‪ ،‬وتجعلها كالدواء الذي يحصل به الشفاء‪ ،‬وأذن‬
‫في عقد المعاهدات على وفق المصلحة العامة‪ ،‬وحث على الوفاء‬
‫بالعهد وأرشد الدين إلى التسامح في معاملة المخالفين‪ ،‬غير‬
‫المحاربين‪ ،‬تسام ًحا يُرضي اإلنسانية دون أن يبخس حقًّا‪ ،‬أو ينصر‬
‫ع ِن الَّذِينَ لَ ْم يُقَاتِلُو ُك ْم فِي ال ِد ِ‬
‫ِّين َولَ ْم‬ ‫َّللاُ َ‬‫{ال يَ ْن َها ُك ُم َّ‬
‫باطال‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬‬ ‫ً‬
‫ب‬‫َّللا يُ ِح ُّ‬ ‫ار ُك ْم أَ ْن تَبَ ُّرو ُه ْم َوت ُ ْق ِس ُ‬
‫طوا ِإلَ ْي ِه ْم ِإ َّن َّ َ‬ ‫يُ ْخ ِر ُجو ُك ْم ِم ْن ِديَ ِ‬
‫ْال ُم ْق ِس ِطينَ } [الممتحنة‪.]8 :‬‬
‫أصلح الدين الشؤون الفردية واالجتماعية بما أشرنا إليه من النظم‬
‫واآلداب‪ ،‬وال بد لهذه النظم واآلداب من سلطان يشرف عليها‪،‬‬
‫وير ُّد إليها من يحاول الخروج عنها‪ ،‬وذلك ما يس ُّمونه السلطة‬
‫الحق إلى إقامة هذه السلطة‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫القضائية أو التنفيذية‪ ،‬فدعا الدين‬
‫ورسم لها سيرة حازمة عادلة‪ ،‬ومما أخذه عليها‪ ،‬أن تقيم سياستها‬
‫على قاعدة الشورى‪ ،‬ومثل قاعدة‪ :‬التسوية بين أفراد األمة‬
‫{وشَا ِو ْر ُه ْم ِفي ْاأل َ ْم ِر} [آل عمران‪]159 :‬‬ ‫وجماعاتها‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬‬
‫ورى بَ ْينَ ُه ْم} [الشورى‪ .]38 :‬قال‪-‬‬ ‫ش َ‬‫{وأَ ْم ُر ُه ْم ُ‬
‫وقال وأثنى تعالى‪َ :‬‬
‫أن فاطمة بنت محمد‬ ‫عليه الصالة والسالم‪(( : -‬وايم هللا! لو َّ‬
‫سرقت‪ ،‬لقطع محمد يدها))‪ .‬وكما جعل هذه السلطة راعية لألمة‪،‬‬
‫الحق في أن ينصحوا للحائد في قضائه‬ ‫َّ‬ ‫جعل لعلماء األمة وحكمائها‬
‫عونَ‬ ‫{و ْلتَ ُك ْن ِم ْن ُك ْم أ ُ َّمةٌ يَ ْد ُ‬
‫أو تنفيذه عن طريق الرشاد‪ .‬قال تعالى‪َ :‬‬
‫ع ِن ْال ُم ْن َك ِر َوأُولَئِ َك ُه ُم‬ ‫وف َويَ ْن َه ْونَ َ‬ ‫ِإلَى ْال َخي ِْر َويَأ ْ ُم ُرونَ بِ ْال َم ْع ُر ِ‬
‫ْال ُم ْف ِل ُحونَ } [آل عمران‪.]104 :‬‬

‫‪4‬‬
‫ومن أثر إصالح الدين للقضاء‪ :‬ما يحدثنا به التاريخ عن أمثال‬
‫قاضي قرطبة منذر بن سعيد؛ إذ كانوا يحكمون على الخليفة في‬
‫قضايا يرفعها عليهم ناظر يتيم‪ ،‬أو تاجر قليل البضاعة خامل‬
‫الذكر‪ ،‬وقد أتت رعاية العلماء األمناء للسلطة القضائية أو التنفيذية‬
‫فيما سلف بخير كثير‪.‬‬
‫يرعى الدين مصالح األفراد والجماعات‪ ،‬وينهى عن األعمال‬
‫والمعامالت الضارة‪ ،‬وإن رضي بها من يلحقه ضررها‪ ،‬ومن هنا‬
‫وحرم الزنا ونحوه في ك ِِّل حال‪.‬‬
‫َّ‬ ‫شرع الحجر على السفهاء‪،‬‬
‫ومن حرص الدين على اإلصالح‪ ،‬وأخذه في الدعوة إليه بالحيطة‪:‬‬
‫أنه ينهى عما فيه مفسدة‪ ،‬ثم يعود إلى الوسائل التي تفضي إليه ال‬
‫تقرر في قواعد الشريعة قاعدة‪ :‬س ِ ِّد ذرائع‬
‫محالة‪ ،‬فيمنعها‪ ،‬ومن هنا َّ‬
‫الفساد‪.‬‬
‫وقد سلك الدين في الدعوة إلى اإلصالح أساليب حكيمة؛ ليجعلها‬
‫قريبة من النفوس‪ ،‬فال تلبث أن تتلقاها بالقول‪.‬‬
‫ومما تراه في أساليبه‪ :‬أن يرشد إلى ناحية اإلصالح بكلمة عامة‬
‫تجري مجرى الحكمة السائرة‪ ،‬ويذكر بعد ذلك ما يرى الحاجة‬
‫داعية إلى بيانه وتفصيله‪ ،‬فانظروا إليه كيف قال في إصالح صلة‬
‫علَ ْي ِه َّن بِ ْال َم ْع ُر ِ‬
‫وف} [البقرة‪ .]228 :‬ثم‬ ‫{ولَ ُه َّن ِمثْ ُل الَّذِي َ‬
‫الزوجية‪َ :‬‬
‫د َّل القرآن المجيد‪ ،‬وسيرة النبي صلى هللا عليه وسلم على كثير مما‬
‫لهن أو عليهم من الحقوق بتفصيل‪.‬‬ ‫َّ‬
‫أن اإلصالح الديني مراعى فيه حفظ المصالح ودرء‬ ‫ويدلُّكم على َّ‬
‫المفاسد في الواقع‪ :‬رجوع أحكامه بعد االستقراء إلى أربعة فصول‪:‬‬
‫الضرر يُزال‪ ،‬والمشقَّة تجلب التيسير‪ ،‬واألعمال بمقاصدها‪،‬‬
‫والعادة مح َّكمة‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الخاتمة‬
‫تناول الدين بنصوصه وأصوله نواحي اإلصالح جميعها أينما‬
‫أن اتباع الناس لهدايته أقرب‪ ،‬وسيرهم‬ ‫شك في َّ‬
‫كانت‪ ،‬وليس من ٍِّ‬
‫على ما يرسمه من الخطط أيسر‪ ،‬فإذا نحن دعونا إلى اإلصالح‬
‫بحكمته وذكرناهم بموعظته‪ِ ،‬أمنَّا ما يز ُّل فيه الدعاة من عثرات‪،‬‬
‫و ُكفينا ما يواجهون به من إعراض وعصيان‪ .‬ذلك دين هللا ال يدعو‬
‫إال إلى الخير‪ ،‬وال ينهى إال عن سوء‪.‬‬

‫الرأي‪:‬‬
‫كان المقال ملما ً بكل ما يحتاجه االنسان في أمور الحياة االجتماعية‬
‫والتي تعتبر رئيسية وهامة في اصالح المجتمع واالرتقاء به وما‬
‫تقوم عليه نهضة المجتمعات‪ ،‬حيث تطرق الكاتب الى جميع نواحي‬
‫الدين اإلسالمي وأثرها في اصالح المجتمع‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬كتاب (موسوعة األعمال الكاملة لإلمام محمد الخضر‬


‫حسين)‪ ،‬دار النوادر بسوريا‪ ،‬ط‪1431 ،1‬هـ‪.)2323/5( ،‬‬

‫‪6‬‬

You might also like