You are on page 1of 26

1

‫الخيميائي‬

‫ترجمة‬ ‫تأليف‬
‫أحمد صالح المهدي‬ ‫هوارد فيليبس الفكرافت‬

‫‪2‬‬
‫‪Escatopia Publishing‬‬

‫الكتاب‪ :‬الخيميائي‬ ‫المدير التنفيذي‬


‫المؤلف‪ :‬هـ ‪ .‬فـ ‪ .‬الفكرافت‬ ‫أحمد صالح المهدي‬
‫المترجم‪ :‬أحمد صالح المهدي‬
‫تدقيق لغوي‪ :‬محمود المهدي‬ ‫رئيس التحرير‬
‫الغالف‪ :‬أحمد صالح المهدي‬ ‫معتز حسانين‬
‫تاريخ‪7/3/2017 :‬‬

‫‪All Rights Reserved‬‬


‫‪Escatopia Publishing‬‬
‫‪+201143503489‬‬
‫‪www.escatopia.com‬‬
‫‪contact@escatopia.com‬‬
‫جميع حقوق الترجمة محفوظة للمترجم‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة المترجم‪:‬‬

‫هوارد فيليبس الفكرافت‪ ،‬كاتب الرعب األشهر عىل اإلطالق‪،‬‬


‫مبتكرا نو ًعا من الرعب يسمى بالرعب‬
‫ً‬ ‫ولعل شهرته تعود لكونه‬
‫الكوين ‪ Cosmic Horror‬والكائنات القديمة‪ ،‬مثل كثولو وداجون‬
‫وغريمها من شخصيات الفكرافت وأعامله املميزة‪ ،‬حتى أصبح فر ًعا‬
‫من األدب حيمل اسم كثولو ميثوس ‪ Cthulhu Mythos‬أو ميثولوجيا‬
‫كثولو‪ ،‬حيث يكتب العديد من املؤلفني يف نفس العامل املخيف الذي‬
‫صنعه الفكرافت‪.‬‬

‫ولكن أوىل حكايات كثولو والتي حتمل عنوان "نداء كثولو" كتبها‬
‫الفكرافت سنة ‪ 1926‬بعدما متكن من قلمه‪ ،‬ونضج أسلوبه األديب‪،‬‬
‫وتأثر بالعديد من األدباء مثل لورد دونساين وآرثر ماكني وأجلرنون‬
‫بالكوود‪ ،‬أما يف بدايته فقد تأثر الفكرافت أكثر بإدجار آالن بو‬
‫ونوع الرعب الذي يطلق عليه اسم ‪ Macabre‬املتعلق أكثر باألماكن‬
‫املهجورة واألشباح واملوت‪ ،‬وتعد قصة "اخليميائي" هي أول قصة‬

‫‪4‬‬
‫نرشها الفكرافت‪ ،‬عام ‪ 1916‬ولكنه كتبها قبل ذلك بعدة سنوات‬
‫عام ‪ 1908‬وهو ما بني السابعة عرش والثامنة عرش من عمره‪ ،‬ورغم‬
‫أهنا أوىل أعامله إال أهنا حتمل الكثري من مالمح قصص الفكرافت‬
‫املميزة‪ ،‬مثل العلم املحرم كاخليمياء والسحر األسود‪ ،‬واملصري‬
‫املحتوم‪ ،‬وكون اإلنسان قد يرث لعنة نسله‪ ،‬والرصاعات العرقية‬
‫والطبقية‪ ،‬واألمور اخلارقة للطبيعة‪ ،‬وهي العنارص التي تكررت يف‬
‫كثري من قصصه بعد ذلك‪ ،‬حتى بعدما بدأ يف كتابة ميثولوجيا كثولو‬
‫بعد ذلك‪.‬‬

‫ورغم كون اخليميائي أوىل أعامل الفكرافت إال أهنا مل حتظى باالهتامم‬
‫الكايف‪ ،‬حتى يف أوساط املهتمني بأدب الرعب الكالسيكي‪ ،‬ومل‬
‫ترتجم إىل العربية حتى اليوم‪ ،‬لذا قررت ترمجتها لكي يستطيع‬
‫القارئ العريب االستمتاع هبا‪ ،‬وأن خيوض رحلة يف عقل الفكرافت‬
‫الشاب املراهق‪ ،‬ويعرف كيف بدأ هذا الكاتب العبقري مسريته يف‬
‫كتابة أدب الرعب‪.‬‬

‫‪ -‬أحمد صالح المهدي‬

‫‪5‬‬
‫الخيميائي‬

‫‪6‬‬
‫ٍ‬
‫بدائية من‬ ‫شبية للت َِّّل ا ُملرتفع‪ ،‬ا ُمل َطو ِق س ْفحه بِ ٍ‬
‫غابة‬ ‫عىل القم ِة الع ِ‬
‫َّ َ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫َت‬ ‫وال ُق ٍ‬
‫رون كان ْ‬ ‫ف القلع ُة القديم ُة ألساليف‪َ .‬ط َ‬ ‫األشجار ا ُملتشابكة‪ ،‬ت َِق ُ‬
‫ِ‬

‫الو ِعر‬‫البي َ‬ ‫ِ‬


‫اجلانب رَ‬ ‫س ن َْح َو‬‫ألسفل بِ َو ْج ٍه عابِ ٍ‬
‫َ‬ ‫أسوارها الشاخم ُة تَن ُظ ُر‬ ‫ُ‬
‫للعائلة الع ِ‬
‫ريقة ال َقديمة‪َ ،‬أ ْقدَ ُم‬ ‫ِ‬ ‫ثابة َمن َْز ٍل وحصن‬ ‫َت بِم ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫م َن الريف‪ .‬كان ْ َ‬
‫األبراج القديم ُة ـ‬
‫ُ‬ ‫حالب‪ .‬هذه‬ ‫ِ‬ ‫عة ا َملك ُْس َّو ِة بال َط‬
‫دران ال َق ْل ِ‬
‫حتَّى ِمن ج ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫مان الذي ال‬ ‫الز ِ‬‫ط َّ‬ ‫واصف وتَدا َع ْت تحَ ْ َت َض ْغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫التي َت َل َّط َخ ْت بِ ِف ْع ِل ال َع‬
‫احلصون ا ُمل ِ‬
‫فزعة‬ ‫ِ‬ ‫صور اإلقطا ِع واحدً ا ِم ْن َأك رَ ِ‬
‫ْب‬ ‫َيرحم ـ َش َّك َل ْت يف ُع ِ‬

‫حاول العديدُ ِم َن البارونات والكونتات‬ ‫َ‬ ‫واملنيعة يف ك ُِّل فرنسا‪.‬‬‫ِ‬

‫أبراجها ا ُمل َح َّصن َِة‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القلعة ولكن أحال َم ُهم تحَ َ َّط َم ْت أما َم‬ ‫وا ُمل ُ‬
‫لوك َغ ْز َو‬
‫ِ‬
‫وأسوارها ا َملنيعة‪.‬‬
‫ِ‬
‫السنوات ا َملجيدة‪َ .‬ف َف ْخ ُر االس ِم‬ ‫انقضاء تلك‬ ‫ِ‬ ‫ولكن ك َُّل ٍ‬
‫يشء َت َغيرَّ َ ُمن ُْذ‬
‫َ‬
‫ستطيعون‬ ‫العمل يف التِّجارة‪َ ،‬ج َع َل ُهم ال َي‬ ‫ِ‬ ‫الذي َمن ََع ُسلاَّ َن عائلتِنا ِم َن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س مستوى ال َّث ِ‬
‫عليه‪،‬‬ ‫الفاحش الذي اعتادوا‬ ‫راء‬ ‫احلفاظ عىل َن ْف ِ ُ‬ ‫َ‬
‫ليل ِم َن ال َف ْق ِر ا ُملدْ ِقع‪َ .‬فت َْحكي‬
‫رحلة ِم َن ال َفقر‪َ ،‬أ ْف َض َل بِ َق ٍ‬ ‫َفوصلوا إىل م ٍ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫والنباتات التي ن ََم ْت بِ َشك ٍ‬
‫ْل ُمبا َل ٍغ‬ ‫ُ‬ ‫تساق َط ُة ِمن اجل ِ‬
‫دران‪،‬‬ ‫الصخور ا ُمل ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ْل‬ ‫والساحات ا َملرصوف ُة بِ َشك ٍ‬
‫ُ‬ ‫اجلاف ا ُمل َغ رَّب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫حلدائق‪ ،‬واخلَنْدَ ُق‬ ‫يف ا َ‬

‫‪7‬‬
‫وكذلك ال َطوابِ ُق اآليل ُة للس ِ‬
‫قوط‪،‬‬ ‫َ‬ ‫واألبراج التي تَسا َق َط ْت‪،‬‬ ‫َسيئ‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫طرزات التي َبدَ َأ ْت يف‬
‫ُ‬ ‫وات اخلشبي ُة ا ُملتآكل ُة بِ ِف ْع ِل الدُّ ود‪ ،‬وا ُمل‬
‫والك ُْس ُ‬
‫الزمان‪َ ،‬س َق َط واحدٌ‬ ‫رور َّ‬‫التَّاليش‪ ،‬حكاي ًة كئيب ًة َع ِن ا َمل ْج ِد الضائع‪ .‬بِ ُم ِ‬
‫ِ‬
‫العظيمة التي ت ُِرك ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن‬
‫آخر‪َ ،‬حتَّى‬ ‫للخراب‪ُ ،‬ث َّم تَال ُه ُ‬ ‫َت َ‬ ‫األربعة‬ ‫ِ‬
‫األبراج‬
‫فلسني َلمِ ْن كانوا‬
‫َ‬ ‫واحدٌ احتض َن األحفا َد ا ُمل‬ ‫النهاية إال برج ِ‬
‫ُْ ٌ‬
‫ِ‬ ‫لمَ ْ َي َت َب َّق يف‬
‫َيو ًما لوردات ا ُملقاطعة‪.‬‬

‫الب ِج َر َأ ْي ُت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬


‫ويف واحدة م َن ال ُغ َرف الواسعة الكئيبة التي َت َب َّق ْت يف هذا رُ ْ‬
‫ُّعساء ا َمللعونني‪َ ،‬ض ْو َء‬ ‫أنا ـ أنطوان ـ األخري ِمن كونتات دي يس الت ِ‬
‫ُ ْ‬
‫وبني‬‫جلدران‪َ ،‬‬ ‫داخل هذه ا ُ‬ ‫َ‬ ‫َّهار ألَ َّو ِل َم َّر ٍة‪ُ ،‬من ُْذ تِ ْس َع َة عَشرَ َ عا ًما‪،‬‬
‫الن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والكهوف ا َمل‬ ‫الب ِية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجودة‬ ‫الغابات ا ُملظلمة والغامضة‪ ،‬والوديان رَ‬
‫أبوي‬ ‫سنوات حيايت األويل ا ُمل ْض َط ِر َبة‪ .‬لمَ ْ َأ ْع ِر ْ‬ ‫ِ‬ ‫بِ َس ْف ِح التَّل‪َ ،‬ق َض ْي ُت‬
‫ف َّ‬
‫قوط‬‫الثانية والثالثني‪َ ،‬ق ْب َل َمولدي بِ َشهر‪َ ،‬ق َت َل ُه ُس ُ‬ ‫ِ‬ ‫مات أيب يف ِس ِّن‬ ‫َقط‪َ ،‬‬
‫لعة ا َملهجورة‪ ،‬أما أمي َف َقدْ‬ ‫دران ال َق ِ‬
‫ْل ما ِمن ج ِ‬ ‫َّك بِ َشك ٍ‬ ‫َح َج ٍر َت َفك َ‬
‫ُ‬
‫اخلاد ُم الوحيدُ‬ ‫ِ‬ ‫ت ُُو ِّف َي ْت أثنا َء والديت‪َ ،‬فت ََولىَّ َمسؤولي َة رعايتي وتعليمي‬
‫واسم ُه َح ْس َبام َأت ََذك َُّر‬ ‫ِ‬
‫بالثقة ذو َع ْق ٍل كَبري‪،‬‬ ‫دير‬ ‫ا ُمل َت َب ِّقي‪َ ،‬ر ُج ٌل َع ٌ‬
‫ُ‬ ‫جوز َج ٌ‬
‫ب َط ِ‬ ‫دي ُأخوة‪ ،‬كَام لمَ َي ُك ْن لدي أصدقا ٌء بِ َس َب ِ‬
‫ريقة‬ ‫ْ‬ ‫كان بيري‪ .‬لمَ ْ َي ُك ْن َل َّ‬
‫َ‬

‫‪8‬‬
‫أطفال‬ ‫ِ‬ ‫ريبة يف ِرعايتي‪َ ،‬ح ْي ُث َأ ْب َعدَ ين َع ْن جُمْت ََم ِع‬ ‫حاريس العجوز ال َغ ِ‬
‫َ‬
‫املحيطة بِ َس ْف ِح التَّل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وهناك يف الس ِ‬
‫هول‬ ‫ُّ‬ ‫يوت ْم ُهنا ُ‬ ‫الفلاَّ حني‪ ،‬ا ُملتناثر ُة ُب هُ ُ‬
‫عائلة ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عيل ألين َمولو ٌد ِم ْن‬
‫نبيلة‬ ‫إن هذا التَّقييدَ ُف ِر َض ّ‬ ‫قال بيري حينها َّ‬ ‫َ‬
‫أن‬ ‫الرعاع‪ُ .‬أ ْد ِر ُك اآلن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫صاح َبة هؤالء ِّ‬ ‫مما َي َض ُعني يف َمكانة أعىل م ْن ُم َ‬
‫الفارغة َعن ال َّل ْعن َِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلكايات‬ ‫ف احلقيقي كان َمنْعي ِم ْن سام ِع‬ ‫اهلَدَ َ‬
‫حون‬ ‫َ‬ ‫احلكايات التي َيروهيا الفلاَّ‬ ‫ُ‬ ‫ُالح ُق عائلتَنا‪ ،‬تلك‬ ‫خيفة التي ت ِ‬ ‫ا ُمل ِ‬

‫الض ْو ِء‬ ‫هامسة عىل َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ات‬‫مون يف نَب ٍ‬


‫رَ‬ ‫وه ْم َي َت َك َّل َ‬‫غون فيها ُ‬ ‫ال ُبسطا ُء ويبالِ َ‬
‫ِ‬
‫أكواخ ِهم‪.‬‬ ‫اخلافت القاد ِم ِمن م ِ‬
‫داخ ِن‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ساعات طويل ًة ِمن ُطفولتي ُمنْ َك ًّبا‬ ‫ٍ‬ ‫ب ُع ْز َلتي الت ِ‬
‫َّامة‪َ ،‬ق َض ْي ُت‬ ‫وبِ َس َب ِ‬
‫ل َمكتب َة َقل َعتِنا ا َملسكونة بال ِّظالل‪،‬‬ ‫دات ال َق ِ‬
‫ديمة التي تمَ ْ أَ ُ‬ ‫عىل ا ُملج َّل ِ‬

‫بابية عىل‬ ‫الض ِ‬ ‫ِ‬


‫للغابة َّ‬ ‫الل ال َغ َس ِق األبدي‬ ‫أو الت ََّج ُّو ِل عىل َغيرْ ِ ُهدى ِخ َ‬
‫العوام ُل ا ُملحيط ُة يب هي ما َأك َْس َب ْت‬‫ِ‬ ‫َم ْق ِر َب ٍة ِم ْن َس ْف ِح التَّل‪ُ ،‬ر َّبام هذه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السوداوية‪َ ،‬ف َل ْم َي ْش َغ ْل بايل إال القراء ُة‬ ‫َع ْقيل يف س ٍّن ُم ْبك ٍِّر َم ْس َح ًة م َن َّ‬
‫ظلمة ِ‬
‫الغامضة‪.‬‬ ‫الطبيعة ا ُمل ِ‬
‫ِ‬ ‫والت ُ‬
‫َّجول يف‬

‫القليل‪ ،‬و َل ِك َّن ا َملعرف َة القليل َة التي‬


‫َ‬ ‫ِ‬
‫تاريخ عائلتي إال‬ ‫لمَ ْ َأ ْع ِر ْ‬
‫ف َعن‬

‫‪9‬‬
‫زوف ُم َؤ ِّديب‬ ‫صول عليها أصا َبتْني باإلحباط‪ُ .‬ر َّبام ُع ُ‬ ‫حل َ‬ ‫اس َت َط ْع ُت ا ُ‬
‫ديث َمعي يف َأ ْص ِل عائلتي هو ما َأ َّدى إىل‬ ‫الواض ِح َع ِن احل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العجوز‬
‫َ‬
‫ف ِم ْن ِذك ِْر َمنزيل ال َعريق؛ إال أ َّن ُه َب ْعدَ ما خَ َ‬
‫ت َّط ْي ُت َم ْر َح َل َة‬ ‫إِحسايس باخلو ِ‬
‫َْ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قادرا عىل جمَ ْ ِع َشظايا م ْن َزلاَّ ت لسان ا ُمل َربيِّ‬ ‫ال ُّطفولة‪َ ،‬أ ْص َب ْح ُت ً‬
‫الشيخوخة‪ ،‬والتي َ‬
‫كان‬ ‫جوز الذي َبدَ َأ يف ال َّت َع ُّث ِر َب ْعدَ اقرتابِ ِه ِم َن َّ‬ ‫ال َع ِ‬

‫البداية غري ًبا‪ُ ،‬ث َّم َأ ْص َب ْح ُت أرا ُه‬ ‫ِ‬ ‫ث ُم َعينَّ ٍ ُكن ُْت أرا ُه يف‬ ‫لهَ ا عالق ٌة بِحدَ ٍ‬
‫َ‬
‫إليه هو َم ْو ُت ك ُِّل كونتات عائلتي يف‬ ‫ث الذي ألمَْح ُت ِ‬ ‫حلدَ ُ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ُم ْرع ًبا‪ .‬ا َ‬
‫عائ َلتِنا ك َْو ُن رجالهُ ا‬ ‫البداية ُكن ُْت َأ ْعت رَِبها ِسم ًة ممُ ي َز ًة لِ ِ‬
‫َ َ َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِس ٍّن َصغري‪ .‬ففي‬
‫يات ا ُمل َبك َِّر ِة‪،‬‬
‫تلك الو ِّف ِ‬
‫ال يف َ َ‬ ‫َقصريي ال ُع ْمر‪ ،‬ولكن َب ْعدَ ما ت ََأ َّم ْل ُت َطوي ً‬
‫ث يف ك ٍ‬ ‫ِ‬
‫َثري‬ ‫الر ُج ِل ال َعجوز‪ ،‬الذي تحَ َدَّ َ‬ ‫و َبدَ ْأ ُت َأ ْر ُب ُطها َم َع َه َذيان هذا َّ‬
‫َجاو َز ُع ْم ُر حاميل‬ ‫ون ْ‬ ‫رون ُد َ‬‫عنة التي حا َل ْت لِ ُق ٍ‬ ‫األحيان َع ِن ال َّل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِم َن‬
‫أن َيت َ‬
‫الثانية والثالثني‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ب عائلتي ِس َّن‬ ‫َل َق ِ‬

‫جوز َوثيق ًة عائلية‪،‬‬ ‫عيد ِميالدي احلادي والعرشين‪ ،‬أعطاين بيري ال َع ُ‬ ‫يف ِ‬

‫أب البن‪ ،‬و َي ْس َتك ِْم ُلها ك ُُّل‬‫ديدة ِم ْن ٍ‬


‫ألجيال َع ٍ‬
‫ٍ‬
‫قال إِ َّن عائلتَنا َتت َ‬
‫َوار ُثها‬ ‫َ‬
‫قراءتا بِ َشك ٍ‬
‫ْل ُمت ََم ِّع ٍن‬ ‫ذات َط ٍ‬
‫بيعة م ْف ِز َعة‪ ،‬وبِ هِ‬ ‫توياتا َ‬
‫َت حُم هُ‬ ‫مالِ ٍك‪ .‬كان ْ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلارقة‬ ‫باألمور‬ ‫الوقت‪َ ،‬‬
‫كان إيامين‬ ‫ت ََأ َّكدَ ْت َأ ْخ َط ُر ُشكوكي‪ .‬يف هذا َ‬

‫‪10‬‬
‫ٍ‬
‫بازدراء‬ ‫أن َأ ْن ُب َذ‬
‫عيل ْ‬ ‫َ‬ ‫بيعة ِ‬
‫راس ًخا و َع َ‬ ‫لل َط ِ‬
‫لكان َّ‬ ‫جلذور‪ ،‬لوال ذلك‬
‫ميق ا ُ‬
‫الس َد الذي َي َتك ََّش ُ‬
‫ف أما َم َعيني‪.‬‬ ‫هذا رَّ ْ‬
‫عا َد ْت يب ا َملخطوط ُة إىل أيا ِم ال َق ْر ِن الثالث عَشرَ ‪ِ ،‬عنْدَ ما كان ْ‬
‫َت ال َق ْل َع ُة‬
‫التي َأ ْق ُطنُها ِحصنًا َمني ًعا ومخُ ي ًفا؛ إنهَّ ا تحَ كي َعن َر ُج ٍّل َقدي ٍم َس َك َن‬
‫ليل‬ ‫غري ذي أمهية‪ ،‬إال أ َّن ُه أعىل َشأنًا بِ َق ٍ‬ ‫ص ِ‬ ‫َيو ًما يف ُمقا َط َعتِنا‪َ ،‬ش ْخ ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلبيث‬ ‫ب‬ ‫اسم ُه َل َق ُ‬
‫اسم ُه ميشيل‪ ،‬وغال ًبا ما َي ْت َب ُع َ‬ ‫م َن الفلاَّ حني؛ ُ‬
‫إليه َأ َحدٌ ِم ْن‬ ‫ب سمعتِ ِه ا ُملخيفة‪َ .‬ط َلب هذا الرج ُل ِعل لمَ يسبِ ْقه ِ‬
‫ماً ْ َ ْ ُ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫بِ َس َب ِ ُ ْ‬
‫وإكسري اخلُلود‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يلسوف‬ ‫َأمثالِ ِه‪َ ،‬ف َسعى ورا َء أشيا َء ِم ْث ْل َح َج ِر ال َف‬
‫أرسار السح ِر األَ ِ‬
‫كان َلدى‬ ‫سود واخليمياء‪َ .‬‬ ‫ِ ِّ ْ‬ ‫ض يف‬ ‫واشتهر باخلَ ْو ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الفنون‬ ‫ماهر ِم ْث َل ُه يف‬‫شاب ٌ‬ ‫ميشيل اخلبيث ط ْف ٌل واحدٌ ُيدعى تشارلز‪ٌ ،‬‬
‫ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لهِ‬
‫ب ا ُملشعوذ‪ ،‬هذان االثنان جَ َتنَّ َب ُهام القو ُم‬ ‫ا ُملظلمة‪ ،‬و ذا ُأ ْطل َق َعليه َل َق ُ‬
‫إن ميشيل‬ ‫قيل َّ‬ ‫امرسات َشنيعة‪َ .‬‬ ‫ٍ‬ ‫الصالحِ ون‪ ،‬واشتُبِ َه يف ت ََو ُّرطِ ِهام بِ ُم‬
‫ٍ‬
‫آثار‬ ‫العجوز َقدْ َأ ْح َر َق َزوج َت ُه َح َّي ًة ك َُأضحية للشيطان‪ ،‬كام قا َد ْت ُ‬ ‫َ‬
‫باب ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يت هذين‬ ‫ألطفال الفالحني إىل ِ َ‬ ‫العديدة‬ ‫االختفاء‬ ‫حاالت‬
‫ِ‬ ‫الطبيعة ا ُمل ِ‬
‫ِ‬ ‫االثنني‪ .‬ولكن ِخ َ‬
‫عاع‬‫لألب واالبن َظ َه َر ُش ٌ‬ ‫ظلمة‬ ‫الل تلك‬
‫ِ‬
‫الرشير ابنَ ُه ُح ًّبا‬
‫ُ‬ ‫العجوز‬
‫ُ‬ ‫ُمشرْ ِ ٌق واحدٌ م َن اإلنسانية؛ َف َقدْ َأ َح َّ‬
‫ب‬

‫‪11‬‬
‫ألبيه َأ ْك َث َر ِم ْن جُم َ َّر ِد َم َو َّد ِة ال ُبن َُّو ِة‪.‬‬
‫وكان االبن ي ِكن ِ‬
‫ُ َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َشديدً ا‪،‬‬
‫ِ‬
‫اختفاء‬ ‫ب‬‫هائل‪ ،‬بِ َس َب ِ‬
‫اضطراب ٌ‬ ‫ِ‬
‫الليلة سا َد القلع َة عىل الت َِّّل‬ ‫يف َ‬
‫تلك‬
‫ٌ‬
‫ث بِ ِ‬
‫قيادة‬ ‫غادفري الصغري‪ ،‬ابن الكونت هنري‪ .‬اِ ْن َط َل َق ْت فِر َق ُة بح ٍ‬
‫َ ْ‬
‫َ‬
‫اخلبيث‬ ‫الساح َر ْي ِن‪ ،‬لِ َي ِجدوا ميشيل‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األب ا ُمللتا ِع واقتحموا ك َ‬
‫ُوخ‬
‫تأثري اجل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نون‬ ‫َم ْش ُغولاً أما َم م ْر َج ٍل َيغيل بِشدَّ ة‪ ،‬وبال أدنى تَفكري‪ ،‬وتحَ ْ َت ِ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وال َغ َضب وال َيأس‪ ،‬اع َتصرَ َ الكونت ب َيدَ ْيه ُعن َُق الساحر ال َعجوز‪ ،‬ولمَ ْ‬
‫ِ‬
‫األثناء َأ ْع َل َن اخلَدَ ُم بِ َب ْه َج ٍة‬ ‫َيترْ ُ ْك َضحي َت ُه َحتَّى َ‬
‫فار َق احلياة‪ .‬يف تلك‬
‫ِ‬
‫النائية‬ ‫ِ‬
‫هجورة‬ ‫ِ‬
‫احلجرات ا َمل‬ ‫الصغري غادفري يف إحدى‬ ‫ِ‬ ‫ثور عىل‬
‫ال ُع َ‬
‫أن إعالنهَ ُم هذا جا َء ُمت ََأ ِّخ ًرا؛ َف َقدْ ُقتِ َل‬ ‫ِ‬
‫الشاسعة‪ ،‬إال َّ‬ ‫يف هذه ال َق ْل َع ِة‬
‫سكن‬ ‫دون َع ِن ا َمل ِ‬ ‫سكني ميشيل هبا ًء‪ .‬وبينام الكونت ورجا ُل ُه َي ْبت َِع َ‬ ‫ُ‬ ‫املِ‬

‫شعوذ َبينْ َ األشجار‪َ .‬أ ْن َب َأ ْت ُه‬ ‫ِ‬ ‫الوضي ِع للخيميائي‪َ ،‬ظ َه َر ظِ ُّل تشارلز ا ُمل‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫البداية َغيرْ َ ُمت ََأ ِّث ٍر‬ ‫اقفني َح ْو َل ُه َعماَّ َحدَ ث‪ ،‬وبدا يف‬ ‫الو َ‬ ‫َث ْر َث َر ُة اخلَدَ ِم َ‬
‫ٍ‬
‫هادئة‬ ‫صري أبيه‪ُ ،‬ثم َت َقدَّ م بِب ْط ٍء ناحي َة الكونت و َن َط َق بِك َِل ٍ‬
‫امت‬ ‫بِ َم ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َّ‬
‫عائلة يس‪:‬‬‫ِ‬ ‫يفة تلك ال َّل ْعنَ َة التي َست ِ‬
‫ُطار ُد ُن ْبال َء‬ ‫ومخُ ٍ‬

‫‪12‬‬
‫رجل مِ ْن َن ْ‬
‫سلِ َ‬
‫ك‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫عيش‬ ‫" َل ْن َي‬
‫ــر َ‬
‫ك‪".‬‬ ‫ـــم ِ‬
‫ــن ُع ْ‬ ‫ـمـرا أَ ْ‬
‫ط َو َل مِ ْ‬ ‫ُع ً‬

‫الغابة ا ُملظلمة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ناحية‬ ‫ِ‬
‫للوراء‬ ‫أن اِ ْنتَهى ِم ْن ُن ْط ِق كلامتِ ِه َحتَّى َق َف َز‬ ‫وما ْ‬
‫ديم اللون‪ ،‬ألقاها يف َو ْج ِه قاتِ ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وهو َي ْست َُّل م ْن ردائه قنِّينَ ًة بهِ ا سائ ٌل َع ُ‬
‫أن‬‫مات الكونت َق ْب َل ْ‬ ‫الليل القاتم‪َ .‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ستار‬ ‫َفي ورا َء‬ ‫أن يخَ ْ ت َ‬‫أبيه‪َ ،‬ق ْب َل ْ‬
‫وكان ُع ْم ُر ُه ساع َة َم ْوتِ ِه‬ ‫َ‬ ‫َينْطِ َق بِك َِل َم ٍة واحدة‪ ،‬و ُدفِ َن يف ال َي ْو ِم التايل‪،‬‬
‫حني‬‫َ‬ ‫أي َأ َث ٍر للقاتِل؛ ُر ْغ َم فِ َر ِق الفلاَّ‬‫وثالثني َسنَة‪ .‬لمَ ْ ُي ْع ّث ْر عىل ِّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫اثنني‬
‫روج ا ُملحيط َة بالتَّل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫التي َم َّش َط ْت الغابات وا ُمل َ‬
‫عنة‪ ،‬لذا ِعندَ ما‬ ‫لك ال َّل ِ‬ ‫عائلة يس ِذكرى تِ َ‬‫ِ‬ ‫َس كونتات‬ ‫ِ‬
‫الو ْقت ن يَ َ‬
‫وبِ ُم ِ‬
‫رور َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العائلة يف هذا‬ ‫ب‬‫ب احلادثة وحام ُل َل َق َ‬ ‫ُقت َل الكونت غادفري ـ َس َب ُ‬
‫ِ‬
‫الثانية والثالثني‪ ،‬مل ُي َفك ِّْر َأ َحدٌ يف‬ ‫الو ْقت ـ بِ َس ْه ٍم أثنا َء الصيد‪ ،‬يف ُع ْم ِر‬ ‫َ‬
‫ب وفاتِ ِه‪.‬‬
‫حل ْز ِن بِ َس َب ِ‬ ‫ٍ‬
‫شيَ ء إال ا ُ‬
‫رور ِعدَّ ِة َسنَوات‪ِ ،‬عنْدَ ما ُعثِ َر عىل كونت العائلة ـ ا ُمل َس َّمى‬ ‫ولكن َب ْعدَ ُم ِ‬
‫أي َس َب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫روبرت يف ذلك الوقت ـ م ِّيتًا يف َأ َح ِد احل ِ‬
‫ب‬ ‫قول ال َقريبة بال ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫‪13‬‬
‫أن َس ِّيدَ ُهم اإلقطاعي َقدْ َو َص َل إىل‬ ‫سون َّ‬ ‫حون يهَ ْ ِم َ‬
‫َ‬ ‫واضح‪َ ،‬بدَ َأ الفَلاَّ‬
‫فاجئ‪ .‬أما لويس اِب ُن‬ ‫والثالثني ِعنْدَ ما داهمَ ُه هذا ا َمل ْو ُت ا ُمل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الثانية‬ ‫ُع ْم ِر‬
‫غار ًقا يف اخلَنْدَ ِق املائي يف َن ْف ِ‬
‫س ال ُع ْم ِر المُقدَّ ر‪،‬‬ ‫عليه ِ‬ ‫روبرت َف َقدْ ُعثِر ِ‬
‫َ‬
‫تالح ُق ُهم؛ العديدُ ِمن‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫قرون ـ َظ َّل ْت اللعن ُة املشؤوم ُة‬ ‫ب‬
‫وهكذا ـ َع رْ َ‬
‫هِ‬
‫حياتِم‬ ‫اسم ِهنري وروبرت أنطوان وآرماند ُا ْنت ُِز ِعوا ِم ْن‬ ‫حاميل َ‬
‫ِ‬
‫ارتكاب‬ ‫حني‬
‫َّعيس َ‬‫الصاحلة ِعنْدَ ما َب َلغوا ُع ْم َر َس َل ِف ِهم الت ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السعيدة‬
‫َجريمتِ ِه‪.‬‬

‫احلياة إال َأ َحدَ عَشرَ َ عا ًما‪.‬‬‫ِ‬ ‫َأكيد ما َق َر ْأ ُت ُه؛ لمَ ْ َي َت َب َّق يل ِم َن‬
‫بت ِ‬ ‫وهكذا بِ َح ْس ِ‬
‫رور الو ْق ِ‬ ‫لمَ ْ َي ُك ْن لحِ يايت يف‬
‫ت ُكن ُْت‬ ‫السابق إال قيم ٌة َضئيلة‪ ،‬إال أ َّن ُه بِ ُم ِ َ‬ ‫ِ‬

‫ب‬ ‫الس ْح ِر األَ ْس َو ِد‪ .‬وبِ َس َب ِ‬ ‫ِ‬


‫أرسار ِّ‬ ‫أزدا ُد تمَ َ ُّسكًا بهِ ا‪ُ ،‬ك َّلام ت ََو َّغ ْل ُت َأ ْك َث َر يف‬
‫أعيش كام َلو‬ ‫ُعز َلتي لمَ يترْ ْك ِ‬
‫دي‪َ ،‬ف َقدْ ُكن ُْت ُ‬ ‫أي انطبا ٍع َل ّ‬ ‫احلديث َّ‬ ‫ُ‬ ‫الع ْل ُم‬ ‫َْ ُ‬
‫واس َت ْغ َر ْق ُت ِم ْث َل ميشيل العجوز وتشارلز‬ ‫صور الوسطى‪ْ ،‬‬ ‫ُكن ُْت يف ال ُع ِ‬

‫ور ْغ َم أنني َق َر ْأ ُت ك َُّل ما‬ ‫ِ‬


‫الصغري يف ال ُعلو ِم الشيطانية واخليمياء‪ُ .‬‬
‫الغريبة التي ت ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُالح ُق‬ ‫اللعنة‬ ‫َو َق َع ْت عليه َيدَ اي‪ ،‬إال أنني لمَ ْ َأ ْستَط ْع ت َ‬
‫َفسري‬
‫حاو ُل ال َب ْح َث َع ْن‬ ‫ُراو ُدين ُكن ُْت ُأ ِ‬ ‫العقالنية التي ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اللحظات‬ ‫نَسيل‪ .‬يف‬
‫َفسري َطبيعي‪ ،‬حتَّى أنني َع َزو ُت مو َت أساليف إىل تشارلز ا ُمل َش ِ‬
‫عوذ‬ ‫ت ٍ‬
‫ْ َْ‬ ‫َ‬

‫‪14‬‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ٍ‬
‫سليل‬ ‫أي‬‫الرشير و ُذ ِّر َيته؛ ولكنني ُر ْغ َم ال َب ْحث ا ُملدَ َّق ِق لمَ ْ َأ ْع ُث ْر عىل َّ‬ ‫ِ‬
‫للخيميائي‪ ،‬حينها ُكن ُْت َأستَس ِلم وأعود إىل أبحاثي الس ِ‬
‫حرية ساع ًيا‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ْ ُ‬
‫احل ْم ِل ال َفظيع‪.‬‬ ‫َعويذة تحُ َ رر نَسيل ِمن هذا ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ثور عىل َأ َّي ِة ت‬
‫جُمدَّ ًدا بهِ ِ َّم ٍة لل ُع ِ‬
‫ْ‬ ‫ِّ ُ‬
‫أن َأت ََز َّو َج أبدً ا‪،‬‬ ‫ب ْ‬ ‫بأي َث َمن‪ ،‬ال جَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ي ْ‬ ‫كان هناك يش ٌء واحدٌ عاز ٌم عليه ِّ‬
‫وجدُ َأ ْف ُر ٌع ُأخرى لعائلتي‪ ،‬وهكذا َتنْتَهي اللعن ُة بِنِهايتي‪.‬‬ ‫فال ُي َ‬
‫اآلخ ِر‪،‬‬
‫العجوز إىل العاملِ َ‬
‫ُ‬ ‫وأنا َأ ْقترَ ِ ُب ِمن ِس ِّن الثالثني‪َ ،‬ر َح َل بيري‬
‫حيث َ ِ‬ ‫أحجار ح ِ‬
‫أن َيت ََج َّو َل‬
‫ب ْ‬‫كان يحُ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ديقة ال َقرص‪،‬‬ ‫ِ َ‬ ‫َ‬
‫أسفل‬ ‫و َد َفنْ ُت ُه‬
‫ِ‬
‫أسوار‬ ‫َ‬
‫داخل‬ ‫خلوق ال َبرشي الوحيدَ‬ ‫َ‬ ‫يف حياتِ ِه‪ .‬وهكذا َأ ْص َب ْح ُت ا َمل‬
‫َخلىَّ َع ْن ُمقاومتِ ِه‬ ‫الشاسعِ‪ ،‬ويف ِوحديت ا ُمل ْط َل َق ِة َبدَ َأ عقيل َيت َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احل ْص ِن‬
‫للم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صري ا َملحتو ِم الذي القا ُه‬ ‫الوشيك‪ ،‬وا ْست َْس َل َم َ‬ ‫للهالك َ‬ ‫العقيمة َ‬
‫ِ‬
‫استكشاف‬ ‫العديدَ ِم ْن أساليف‪َ .‬أ ْص َب ْح ُت َأقيض ُم ْع َظ َم َو ْقتي يف‬
‫االقرتاب‬‫َ‬ ‫وأبراج ِه ا ُملت ََهدِّ َمة‪ ،‬التي جَ َتنَّ ْب ُت‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املهجورة‬ ‫رات ِ‬
‫احل ْص ِن‬ ‫حج ِ‬
‫ُ ُ‬
‫العجوز‬
‫ُ‬ ‫ب ما قا َل ُه يل بيري‬ ‫ب اخلَوف‪ ،‬وأحيانًا بِ َس َب ِ‬ ‫ِمنها يف ُطفولتي بِ َس َب ِ‬
‫إنسان مل َت َط ْأها ُمن ُْذ ُقرون‪َ .‬غريب ٌة و َعجيب ٌة تلك األشيا ُء التي‬ ‫ٍ‬ ‫إن َقدَ َم‬ ‫َّ‬
‫صور‪ ،‬وتَداعى عىل إِ ْث ِر‬ ‫ب ال ُع ِ‬ ‫ِ‬ ‫َع َث ْر ُت عليها‪ٌ ،‬‬
‫أثاث تَراك ََم عليه ال ُغ ُ‬
‫بار َع رْ َ‬
‫ْل ْلمَ‬ ‫نكبوت كَثيف ٌة ُت َغ ِّطي ك َُّل شيَ ٍء بِ َشك ٍ‬
‫ٍ‬ ‫يوط َع‬ ‫الر ِ‬
‫طوبة ال َطويلة‪ُ ،‬خ ُ‬ ‫ُّ‬

‫‪15‬‬
‫ِ‬
‫العظمية يف‬ ‫ِ‬
‫الغريبة‬ ‫ف بأجنحتِها‬
‫وخفافيش ِعمالق ٌة ت َُر ْف ِر ُ‬
‫ُ‬ ‫َأ َر ُه ِم ْن َقبل‪،‬‬
‫ِ‬
‫املهجورة الكئيبة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املظلمة‬ ‫ِ‬
‫األماكن‬

‫والساعة‪َ ،‬فك ُُّل َح َرك ٍَة ِم ْن‬


‫ِ‬ ‫ب ُعمري بِ ِد َّق ٍة‪ ،‬بال َي ْو ِم‬ ‫ِ‬
‫َظ َل ْل ُت َأ ْحس ُ‬
‫َت ت َُذك ُِّرين بهِ الكي‬ ‫ِ‬
‫القلعة كان ْ‬ ‫العمالقة بِم ِ‬
‫كتبة‬ ‫ِ‬ ‫ْدول الس ِ‬
‫اعة‬ ‫كات َبن ِ‬ ‫حر ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ََ‬
‫ت الذي طالمَا َخ َش ْي ُت ُقدو َم ُه‪.‬‬ ‫الوشيك‪ ،‬واقرتايب أكثر ِمن هذا الو ْق ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫أن َي ِصلوا إىل تمَ ا ِم‬ ‫سون َأ ْن ُف َس ُهم َق ْب َل ْ‬‫أن ُم ْع َظ َم أساليف كانوا يحَ بِ َ‬ ‫وبام َّ‬
‫ت‬ ‫حني وا َف ْته ا َملنِية‪َ ،‬ف َقدْ َتع َّل َق ْت َعيني طيل َة الو ْق ِ‬ ‫ُع ْم ِر الكونت هنري َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫عيل اللعنة؟‬ ‫بأي َطريقة غريبة َستَقيض ّ‬ ‫بالساعة ُمنْتَظ ًرا َمويت ا َملجهول‪ِّ .‬‬
‫األقل َجبانًا أو َضح َّي ًة‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫أكون عىل‬ ‫ال َأ ْع ِرف؛ ولكني ُكن ُْت ِ‬
‫عاز ًما أال‬
‫ومتوياتِ ِه‪.‬‬ ‫ديم حُ‬ ‫ف احل ْص َن ال َق َ‬
‫أن َأس َتك ِْش ُ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َسلب َّية‪ .‬بهِ ِ َّمة َجديدة َق َّر ْر ُت ْ ْ‬
‫تلك‬ ‫حتومة التي َست َُحدِّ ُد نهِ اي َة ُوجودي عىل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الساعة ا َمل‬ ‫َق ْب َل ُأسبو ٍع ِم َن‬
‫س‪ ،‬ويف‬ ‫أن َأ ْست َِم َّر يف ال َّتنَ ُّف ِ‬
‫ئيل بعدها ْ‬ ‫ِ‬
‫األرض والتي ال ُي ْو َجدُ َأ َم ٌل َض ٌ‬
‫هجورة ِم َن القلعة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لألماكن ا َمل‬ ‫ِ‬
‫االستكشافية‬ ‫واحدة ِم ْن َأ ْط َو ِل َر َحاليت‬
‫ٍ‬

‫ِ‬
‫الصباح يف‬ ‫ث يف َحيايت ُك ِّلها‪ُ .‬كن ُْت َقدْ َق َض ْي ُت ُج ْز ًء ِم َن‬ ‫و َقع َأهم حدَ ٍ‬
‫َ َ َ ُّ َ‬
‫ِ‬
‫القديمة‬ ‫ِ‬
‫األبراج‬ ‫لواح ٍد ِم ْن ِ‬
‫أكثر‬ ‫بوط السالملِ ِشب ِه ا ُملتَهدِّ م ِة ِ‬‫عود وه ِ‬ ‫ص ِ‬
‫ْ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪16‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البج‪،‬‬ ‫وباقرتاب ال َّظهرية َو َص ْل ُت إىل ا ُملستويات الدُّ نيا م َن رُ ْ‬ ‫َخرا ًبا‪،‬‬
‫ِ‬
‫َخزين‬ ‫الوسطى‪ ،‬أو ُمست َْو َد ًعا لِت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نازلاً إىل ما ُي ْشبِ ُه س ْجنًا م َن ال ُقرون ُ‬
‫ات ا ُملغطا َة بِ َط َب َق ٍة ِم َن‬ ‫ستخرج حدي ًثا‪ .‬وأنا َأ ْق َطع ا َملمر ِ‬
‫ُ َ َّ‬ ‫ِ َ‬
‫ِ‬
‫البارود ا ُمل‬
‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫البالط‬ ‫الس َّل ِم‪َ ،‬أ ْص َب َح‬ ‫النرتات الواقعة َب ْعدَ آخ ِر َد َر َجة م ْن َدرجات ُّ‬
‫دارا‬ ‫ِ‬
‫رتاقص َشعيل ج ً‬
‫ِ لمِ‬ ‫الض ْو ِء ا ُمل‬ ‫عان ما َر َأ ْي ُت عىل َّ‬ ‫َ‬ ‫َأ ْك َث َر ُرطوب ًة‪ ،‬وسرُ‬
‫أعاق َت َقدُّ مي‪ .‬عندما استَدَ ْر ُت‬ ‫طوبة املاء‪ ،‬مما َ‬ ‫صخريا م َل َّط ًخا بِ َأ َث ِر ر ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ًّ ُ‬
‫في عىل األرض‪ ،‬بِ ِه‬ ‫باب َخ ٍّ‬ ‫ألعو َد َأدراجي‪َ ،‬و َق َع ْت َع ْيناي عىل ٍ‬
‫ديدة اس َت َط ْع ُت َفت َْح‬ ‫عوبة َش ٍ‬ ‫ح َل َق ٌة معدني ٌة‪ِ ،‬ي َقع متاما َأس َف َل َقدَ مي‪ .‬بِص ٍ‬
‫َ ّ ُ‬ ‫ُ ً ْ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرائحة‪،‬‬ ‫الباب‪َ ،‬ف َبدَ ْت ورا َء ُه ُه َّو ٌة َسودا ُء‪ ،‬ا ْن َب َع َث منها أبخر ٌة كَرهي ُة َّ‬
‫ِ‬
‫ف يل َو ْه ُج النَّار َغيرْ ُ‬ ‫ْل ُمفاجئ‪ ،‬وك ََش َ‬ ‫نريان َمشعيل بِ َشك ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َأ َّد ْت لِت ََو ُّه ِج‬
‫رجات ُس َّل ٍم َح َجر َّي ًة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ا ُملست َِق ِّر َد‬

‫األعامق الكَرهية‪،‬‬‫ِ‬ ‫تلك‬ ‫نريان ا َمل ْش َع ِل‪ ،‬حتى َخ َف ْض ُت ُه يف َ‬


‫ُ‬ ‫ما أن اِ ْس َت َق َّر ْت‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رجات َعديد ًة وتَقو ُد إىل‬ ‫ُ‬ ‫الس َّلم‪ .‬كان ْ‬
‫َت الدَّ‬ ‫و َبدَ ْأ ُت يف نُزول َدرجات ُّ‬
‫ٍ‬
‫طويل انتهى ا َمل َم ُّر‬ ‫أعامق األرض‪َ .‬ب ْعدَ َسيرْ ٍ‬ ‫ري َض ِّي ٍق َيت ََو َّغ ُل يف ِ‬ ‫ممَ َ ٍّر َح َج ٍّ‬
‫ِ‬ ‫بباب َض ْخ ٍم ِمن َخ َش ِ‬
‫قاو َم‬‫ب ال َب ّلوط‪ُ ،‬م َش َّب ٌع بِ ُرطوبة ا َملكان‪ ،‬والذي َ‬ ‫ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫اوالت َطويلة‪ ،‬وعُدْ ُت‬ ‫بِشدَّ ة ك َُّل حُماواليت ل َفتْحه‪ْ .‬‬
‫است َْس َل ْم ُت َب ْعدَ حُم‬

‫‪17‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دمات‬ ‫الص‬ ‫الس َّلم‪ ،‬وفجأة َت َل َّقى َعقيل َ‬
‫أكثر َّ‬ ‫أدراجي باجتاه َد َرجات ُّ‬
‫ستطيع تحَ َ ُّم َلها َع ْق ٌل َبشرَ ٌّي‪َ ،‬فبِال سابِ ِق إنذار‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُعن ًفا ُ‬
‫وجنونًا والتي ال َي‬
‫والباب‬
‫ُ‬ ‫الثقيل ورائي‪ ،‬ت ُْص ِد ُر صرَ ًيرا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للباب‬ ‫الص ِد َئ َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َسم ْع ُت ا َملفاص َل َّ‬
‫ُي ْفت َُح بِ ُب ْطء‪.‬‬
‫ِ‬
‫القلعة ـ‬ ‫أن َأ ْع ُث َر يف تلك‬‫استيعاب األمر‪ْ ،‬‬‫ِ‬ ‫كان َعقيل َغري ٍ‬
‫قادر عىل‬ ‫َ‬
‫دير بِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫املهجورة تمَ اما ـ عىل ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫أن‬ ‫دليل ل ُوجود َش َب ٍح أو إنسان‪ ،‬لهَ و َأ ْم ٌر َج ٌ‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫النهاية‬ ‫ثري يف َعقيل ُرع ًبا ال َأ ْق ِد ُر عىل َو ْص ِف ِه‪ .‬عندما استَدَ ْر ُت يف‬ ‫ُي َ‬
‫أن َع ْين ََّي َقدْ َج َح َظتا يف حَم ْ ِج َريهْ ِام‬ ‫ِ‬ ‫لمِ‬
‫الصوت؛ ال َش َّك َّ‬ ‫ُواجهة َم ْصدَ ِر َّ‬
‫ِ‬ ‫حل ْج َر ِة‬ ‫ِ‬ ‫بِ َس َب ِ‬
‫القوطية ال َعتيقة‪،‬‬ ‫ب ما َو َق َع َن َظ ُرهمُ ا عليه‪ .‬فأما َم َمدْ َخ ِل ا ُ‬
‫َتبدَّ ْت هيئ ُة إنسان‪ ،‬يرتَدي َق َلنْسو ًة وعباء ًة سوداء تَنتمي إىل ال ُق ِ‬
‫رون‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ووافرا بِدَ َر َج ٍة ال‬
‫ً‬ ‫رأس ِه ولحِ يتِ ِه َشديدَ السواد‪،‬‬
‫وكان َشعر ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫الوسطى‪،‬‬‫ُ‬
‫وعظا ُم َو ْجنَ َت ْي ِه‬‫ْل َغ ِري معتاد‪ِ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َت َج ْب َه ُت ُه عريض ًة بِ َشك ٍ‬
‫ت َُصدَّ ق‪ ،‬وكان ْ‬
‫ٍ‬
‫طويلة‬ ‫َهيان بأظافِ َر‬ ‫غائر ًة للغاية‪ ،‬ومليئ ًة بالتَّجاعيد‪ ،‬ويداه َتنْت ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫بشكل لمَ ْ َأ َر ُه يف َبشرَ ِ ٍّي‬
‫ٍ‬ ‫والشحوب‬ ‫ب‪ ،‬وبدا ِ‬
‫عليه الرشاس ُة‬ ‫كا َملخالِ ِ‬
‫ُ‬
‫كاهليكل ال َعظمي‪ ،‬و َظ ْه ُر ُه ُمن َْح ٍن بِ ٍ‬
‫شكل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للغاية‬ ‫ِم ْن َقبل‪َ .‬‬
‫كان نَحي ًفا‬
‫ردائ ِه ال َعجيب‪ .‬ولكن َأ ْغ َر َب‬ ‫ات ِ‬ ‫َغريب‪ ،‬حتى أ َّنه يكاد يخَ تفي يف َطي ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ َ ُ‬

‫‪18‬‬
‫ِ‬
‫اإلطالق كانتا عيناه‪َ ،‬ف َقدْ َبدَ تا ك َُه َّو َتينْ ِ َس َ‬
‫وداو ْي ِن ال َق َ‬
‫رار‬ ‫شيَ ٍء عىل‬
‫َت عينا ُه اآلن‬ ‫رش َغيرْ ُ َبشرَ ِ ٍّي عىل اإلطالق‪ .‬كان ْ‬ ‫لهَ ُام‪ ،‬و َبدا ِ‬
‫فيهام ٌّ‬
‫قان ُروحي بِكَراه َّي ٍة َشديدة‪ ،‬جُ‬
‫وت ِّمداين يف‬ ‫مصوب َت ِ ناحيتي‪ ،‬خَت ِرت ِ‬
‫ُ َ َّ َ ينْ‬
‫ٍ‬ ‫ث بِص ٍ‬
‫أثار القشعرير َة يف َج َسدي‬
‫هادر َ‬ ‫وت‬ ‫وأخريا تحَ َدَّ َ َ‬
‫ً‬ ‫َموضعي‪.‬‬
‫َت ُمن َْح ِد َر ًة‬
‫ث بهِ ا كان ْ‬ ‫وح ْق ِد ِه الدَّ فني‪ .‬اللغ ُة التي تحَ َدَّ َ‬
‫وائ ِه العميق‪ِ ،‬‬
‫َ‬
‫بِ َخ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن‬
‫الوسطى‪،‬‬ ‫الرجال َت َع ُّلماً يف القرون ُ‬ ‫الالتينية التي استخدَ َمها أرقى‬
‫ِ‬
‫القديمة‬ ‫ِ‬
‫ألعامل اخليمياء‬ ‫ِ‬
‫الطويلة‬ ‫ب دراستي‬ ‫َو َقدْ َبدَ ْت يل َمألوف ًة بِ َس َب ِ‬
‫اللعنة التي َح َّل ْت بِعائلتي‪ ،‬و َتنَ َّب َأ‬‫ِ‬ ‫الشبح َع ِن‬ ‫ث‬ ‫والعلو ِم الشيطانية‪ .‬تحَ َدَّ َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جل ْر ِم الذي ار َت َك َب ُه َس َلفي‬ ‫حلديث َع ِن ا ُ‬ ‫الوشيكة‪ ،‬و َأسرْ َ َ‬
‫ف يف ا َ‬ ‫بِنهايتي َ‬
‫ث بِ َشامت ٍَة َع ْن انتقا ِم تشارلز ا ُمل َش ْع ِوذ‪.‬‬
‫بِ َح ِّق ميشيل ال َعجوز‪ ،‬وتحَ َدَّ َ‬
‫ف هرب تشارلز الصغري يف جن ِْح ال َّليل‪ ،‬لِيعود بعدَ س ٍ‬
‫نوات‬ ‫َ ََْ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫بين َك ْي َ َ َ َ‬ ‫َأ ْخ رَ َ‬
‫حامل اللقب ـ بِسه ٍم وهو ي ْقرب ِمن ُعم ِر ِ‬
‫أبيه‬ ‫َ‬ ‫و َي ْقت ُُل غادفري ـ‬
‫َ ُ ُ ْ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫قيم لِنَ ْف ِس ِه َس َكنًا جَمهولاً يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سرِ‬
‫وكيف عا َد ًّ ا إىل احل ْص ِن ل ُي َ‬
‫َ‬ ‫حني َق َت َل ُه‪،‬‬
‫َ‬
‫أسفل األرض‪ ،‬والتي َي ِق ُ‬
‫ف أما َمها‬ ‫َ‬ ‫ال ُغ ِ‬
‫رفة ا َملهجورة ـ حتى حينها ـ‬
‫داه َم روبرت‪ ،‬ابن غادفري‪ ،‬يف‬ ‫كيف َ‬‫بين َ‬ ‫اآلن حُم َدِّ ثي ا ُملخيف؛ َأ ْخ رَ َ‬
‫ِ‬ ‫السم‪ ،‬و َيترْ ُ ُك ُه لِ َي َ‬
‫موت يف ُع ْم ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الثانية‬ ‫ب ُّ‬‫بالقوة عىل شرُ ْ ِ‬ ‫حل ْق ِل ل ُي ْج رِ َ‬
‫ب ُه‬ ‫ا َ‬

‫‪19‬‬
‫البغيض لِ َل ْعنَتِ ِه االنتقامية‪ .‬اِ ْس َت َط ْع ُت يف تلك‬
‫َ‬ ‫والثالثني‪ ،‬حُم َ ِّق ًقا ا ُ‬
‫حلك َْم‬
‫اللغز الغامض‪ ،‬وكيف تحَ َ َّق َق ْت اللعن ُة من‬ ‫ِ‬ ‫ت ُّي َل َح ِّل ذلك‬ ‫ِ‬
‫اللحظة خَ َ‬
‫كون تشارلز ا ُملشعو ُذ َم ِّيتًا بِ ُح ْك ِم‬
‫أن َي َ‬ ‫ب ْ‬ ‫كان جَ ِ‬
‫الوقت الذي َ‬ ‫ِ‬
‫ي ُ‬ ‫ذلك‬
‫الساح َر ْي ِن ـ األب واالبن ـ يف‬ ‫ِ‬ ‫ال َّطبيعة‪ ،‬بنا ًء عىل ما َع ِر ْف ُت ُه ِم ْن َت َع ُّم ِق‬
‫صوص ا ُمل َت َع ِّل َق ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُعلو ِم اخليمياء‪ ،‬وأبحاث تشارلز املشعوذ عىل َو ْجه اخلُ‬
‫ِ‬

‫والشباب الدائم‪.‬‬ ‫احلياة الذي َي ْمن َُح َم ْن َيتَناو ُل ُه احليا َة األبدي َة‬ ‫ِ‬ ‫بإكسري‬
‫َ‬
‫خيفتني الكراهي َة التي َأ َط َّل ْت‬ ‫ِ‬ ‫أزال لِ َو ْه َل ٍة ِم ْن َع ْينَ ْي ِه ا ُمل‬ ‫املفاجئ َ‬ ‫ُ‬ ‫محاس ُه‬
‫ُ‬
‫ت صاد ٍم‬ ‫ِمنْهام من ُْذ ر َأي ُته‪ ،‬ولكن َفجأة عاد ْت النَّ ْظر ُة الشيطانية‪ ،‬وبِصو ٍ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ ْ ُ‬
‫إلهناء َحيايت‬ ‫ِ‬ ‫الغريب ِقنِّينَ ًة ُزجاجي ًة ُبنِّ َّي ًة واضح ًة‬ ‫َفحيح األفعى‪َ ،‬ر َف َع‬ ‫ِ‬ ‫ك‬
‫ُ‬
‫كام أهنى تشارلز املشعو ُذ حيا َة س َلفي من ُْذ ِست َِّة ُقرون‪ .‬بِدافِ ٍع ِمن َغ ِ‬
‫ريزة‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َس ُت التعويذ َة التي جمََّدَ تْني‬ ‫ِ‬
‫الكامنة يف َن ْف ِ‬ ‫ِ‬
‫س اإلنسان‪ ،‬ك رَ ْ‬ ‫احلياة‬ ‫ب‬ ‫ُح ِّ‬
‫خلوق‬‫ِ‬ ‫اللحظة يف َموضعي‪ ،‬وأل َق ْي ُت بِ َم ْش َعيل يف َو ْج ِه ا َمل‬ ‫ِ‬ ‫حتى تلك‬
‫َس بِ َ‬
‫دون‬ ‫رِ‬ ‫ِ‬ ‫القنِّين َِة ُّ‬ ‫الذي دِّ د حيايت‪ .‬س ِمع ُت صو َت ِ‬
‫الزجاجية وهي َتنْك ُ‬ ‫َ ْ َ ْ‬ ‫يهُ َ ُ‬
‫س ال َّل ْح َظ ِة التي َأ ْم َس َك‬ ‫دران ا َمل َم ِّر الصخرية‪ ،‬يف َن ْف ِ‬ ‫أن ت ُْؤ ِذيني عىل ج ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ َ‬
‫كان‬‫النار يف َم ْش َه ٍد ُم َر ِّوع‪َ .‬‬ ‫ِ ِ‬
‫الرجل الغريب‪ ،‬لت َْشتَع َل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعباءة‬ ‫اللهب فيها‬‫ُ‬
‫ص الذي‬ ‫الش ْخ ِ‬ ‫الصادر ِم َن َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫العاج ِز‬ ‫واحل ْق ِد‬
‫ديد ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ف َّ‬ ‫اخ اخلو ِ‬
‫صرُ ُ َ ْ‬

‫‪20‬‬
‫أن ُي ْصبِ َح قاتيل أكثر مما َتت ََحم ُل ُه أعصايب ا ُمل جَ ِ‬
‫رتفة‪َ ،‬ف َس َق ْط ُت ُمت ََمدِّ ًدا‬ ‫كا َد ْ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بالكامل‪.‬‬ ‫األرض اللزجة َم ْغش ًّيا َّ‬
‫عيل‬ ‫عىل‬

‫يف‪َ ،‬وت ََذك ََّر‬‫دامس مخُ ٍ‬‫ٍ‬ ‫أخريا‪ُ ،‬كن ُْت يف َظال ٍم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عندَ ما ا ْس َت َعدْ ُت َحوايس ً‬
‫كون ُه َ‬
‫ناك‬ ‫أن َي َ‬ ‫َعقيل ك َُّل ما َحدَ ث‪ ،‬فانك ََم ْش ُت عىل نَفيس َخ ْو ًفا ِم ْن ْ‬
‫ب عىل ك ُِّل شيَ ء‪َ .‬س َأ ْل ُت نَفيس‪َ ،‬م ْن هذا‬ ‫ِ‬
‫ا َملزيد؛ و َلك َّن ُفضويل َت َغ َّل َ‬
‫دران القلعة؟ لمِا َقدْ َيسعى إىل‬ ‫وكيف وص َل إىل ج ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫الر ُج ُل الرشير‪،‬‬ ‫َّ‬
‫االنتقا ِم ِم ْن َأ ْج ِل َم ْقت َِل املِسكني ميشيل اخلبيث؟ وكيف اِ ْست ََم َّر ْت‬
‫أن هذا‬ ‫وال تلك ال ُق ِ‬
‫رون ُمن ُْذ َز َم ِن تشارلز املشعوذ؟ َم ْع ِر َف ُة َّ‬ ‫اللعن ُة َط َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرجل ا ُمل ِ‬
‫ب َء ك ُِّل‬ ‫أزاح ع ْ‬ ‫حرت َق هو َم ْصدَ ُر ك ُِّل َخ َط ٍر م ْن هذه اللعنة؛ َ‬ ‫َ‬
‫كاهيل‪ ،‬اآلن َأ ْص َب ْح ُت ُح ًّرا‪ ،‬تحَ َ َّر ْق ُت َشو ًقا َلمِ ْع ِر َف ِة‬
‫ّ‬ ‫السنني ِم ْن عىل‬
‫َ‬ ‫تلك‬
‫طار َد أساليف طِيل َة ُقرون‪ ،‬والذي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا َمل ِ‬
‫الرشير الذي َ‬ ‫اليشء‬ ‫زيد َع ْن هذا‬
‫زيد ِم َن االستكشاف‪،‬‬ ‫عازما عىل ا َمل ِ‬ ‫ِ‬
‫كابوسا ُمتَّصلاً ‪ً ِ .‬‬ ‫ً‬ ‫َج َع َل شبايب‬
‫تحَ َ َّس ْس ُت َجيبي َب ْح ًثا َع ْن َقدَّ احة‪ ،‬و َأ ْش َع ْل ُت ا َمل ْش َع َل االحتياطي الذي‬
‫الشك َْل‬ ‫الض ْو ُء هو َّ‬ ‫َخ ِد ْم ُه َب ْعد‪َ .‬أ َّو ُل ما َأ ْظ َه َر ُه يل َّ‬‫َأحمْ ِ ُل ُه َمعي ولمَ ْ َأ ْست ْ‬
‫ريب الغامض‪ .‬ال َع ْينان ال َب ِش َعتان كانَتا‬ ‫ا ُمل َش َّو َه وا ُمل َت َف ِح َّم لهِ ذا ال َغ ِ‬
‫ف إىل‬ ‫ُم ْغ َل َقتني اآلن‪َ .‬أ َش ْح ُت بِ َع ْين َّي َع ِن ا َملنظر‪ ،‬واستَدَ ْر ُت لأِ َ ْد ُل َ‬

‫‪21‬‬
‫ِ‬
‫الباب القوطي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الواقعة ورا َء‬ ‫احل ِ‬
‫جرة‬ ‫ُ‬
‫بالداخ ِل َع َث ْر ُت عىل ما بدا أ َّن ُه َم ْع َم ٌل للخيمياء‪ ،‬يف إحدى الزوايا‬ ‫ِ‬

‫يل يف َض ْو ِء‬‫ْل جمَ ٍ‬ ‫كان ُهناك ك َْو َم ٌة هائل ٌة ِم ْن َم ْعدَ ٍن َأ ْص َف َر تَأ َّل َق بِ َشك ٍ‬ ‫َ‬
‫ف ِعنْدَ ُه لأِ َ َت َف َّح َص ُه‪ ،‬ألين ُكن ُْت‬ ‫كان َذ َه ًبا‪ ،‬ولكني لمَ ْ َأت ََو َّق ْ‬
‫ا َمل ْش َع ِل‪ُ ،‬ر َّبام َ‬
‫ناك‬ ‫اية لل ُغ ْر َف ِة كان ْ‬
‫َت ُه َ‬ ‫ريب بام َتعر ْض ُت َله‪ .‬يف أقىص نهِ ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫ْل َغ ٍ‬ ‫ُمتَأ ِّث ًرا بِ َشك ٍ‬
‫ِ‬
‫الواقعة‬ ‫للغابة ا ُمل ِ‬
‫ظلمة‬ ‫ِ‬ ‫الوديان البي ِة الع ِ‬
‫ديدة‬ ‫ِ‬ ‫واحد ِم َن‬
‫ٍ‬ ‫َفت َْح ٌة تَقو ُد إىل‬
‫رَ َّ َ‬
‫استطاع‬
‫َ‬ ‫ب تمَ ا ًما ـ الطريق َة التي‬ ‫بِ َس ْف ِح التَّل‪َ .‬ب ْعدَ ما َأ ْد َرك ُ‬
‫ْت ـ وأنا ُم َت َع ِّج ٌ‬
‫احل ْصن‪ ،‬استَدَ ْر ُت عائدً ا أدراجي‪.‬‬ ‫الدخول واخلروج ِمن ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الرجل‬ ‫بهِ ا‬
‫َ َ‬
‫ُّب النَّ َظ ِر إىل بقايا ال َغريب‪ ،‬ولكن ُك َّلام اقترَ َ ْب ُت ِم َن‬ ‫َع َز ْم ُت عىل جَ َتن ِ‬

‫وح ُه لمَ ْ‬
‫وكأن ُر َ‬ ‫َّ‬ ‫اجلَ َس ِد‪َ ،‬بدا يل أنَّني َأ ْس َم ُع َصوتًا خافتًا ُمنْ َب ِع ًثا ِمنْ ُه‪،‬‬
‫ف اجلَ َسدَ الذابِ َل ا ُمل َت َف ِّح َم‬ ‫استدر ُت يف ُذ ْع ٍر لأِ َ ْس َتك ِْش َ‬
‫ْ‬
‫ت ِ‬
‫ُغاد ْر ُه تمَ ا ًما َبعد‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أكثر َسوا ًدا حتى‬ ‫عىل األرض‪ .‬و َفجأة ا ْن َفت ََح ْت ال َع ْينان ال َبش َعتان‪ُ ،‬‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن اجلَ َس ِد ا ُملحترَ ِ ق‪ ،‬بِ َت ْع ٍ‬
‫الشفتان‬ ‫حاو َل ْت ِّ‬ ‫بري ال َأ ْقد ُر عىل َو ْصفه‪َ ،‬‬
‫امت لمَ ْ َأ ْستَطِ ْع َف ْه َمها‪ ،‬لِ َو ْه َل ٍة ُخ َّي َل يل أنني‬ ‫أن َتنْطِقا بِك َِل ٍ‬ ‫ا ُملت ََش ِّق َقتان ْ‬
‫ٍ‬
‫كلامت‬ ‫وم َدَّ ًدا ُخ َّي َل ليِ أنني َس ِم ْع ُت‬ ‫اسم تشارلز العجوز‪ ،‬جُ‬ ‫ِ‬
‫َسم ْع ُت َ‬

‫‪22‬‬
‫َوات" تَصدُ ر ِمن ال َف ِم ا ُمللتوي‪َ .‬أحسس ُت بِ ِح ٍ‬
‫رية‬ ‫ِم ْث َل " َلعن ٍَة" و "سن ٍ‬
‫ْ َ ْ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫الواضح‬ ‫ِ‬
‫أجزاء َحديثِ ِه ا ُمل َت َق ِّطع‪ ،‬و َبدا ِم َن‬ ‫َش ٍ‬
‫ديدة وأنا ُأ ِ‬
‫حاو ُل جمَ ْ َع‬
‫ب‬ ‫عنيه‪َ ،‬ف َحدَّ َق ْت ال َع ْينان الكالحِ َتان ناحيتي بِ َغ َض ٍ‬ ‫أنني َأجه ُل تمَ اما ما ي ِ‬
‫ً َ‬ ‫ْ َ‬
‫وار جَ َت ْف ُت لِ ُرؤيتِ ِه َهكذا‪.‬‬
‫الشديد‪ْ ،‬‬ ‫َشديد‪ ،‬وبدا عىل ِخصمي ال َع ْج َز َّ‬

‫البائس َر ْأ َس ُه ال َب ِش َع َة َم ْن‬
‫ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫فجأة بِآخ ِر ما َلدَ ْيه م ْن ُق َّوة‪َ ،‬ر َف َع َّ‬
‫الر ُج ُل‬
‫ب ال َقديم‪ ،‬وبينام أنا ُمت ََج ِّمدٌ ِم َن اخلَوف‪َ ،‬ع َث َر عىل‬ ‫الرطِ ِ‬ ‫ِ‬
‫عىل البالط َّ‬
‫ُطاردين ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫الح ًقا‬ ‫َص ْوته وصرَ َ َخ بأنفاسه األخرية تلك الكلامت التي َست ِ ُ‬
‫ديك َع ْق ٌل‬
‫أليس َل َ‬ ‫طيل َة حيايت "أهيا األمحق‪ ،‬أال تَستَطيع خَت َ سرِ‬
‫مني ِّ ي؟ َ‬ ‫ُ‬
‫اإلرادة التي َح َّق َق ْت اللعن َة ا ُملخيف َة عىل عائ َلتِ َك َط َ‬
‫وال‬ ‫ِ‬ ‫ف بِ ِه عىل‬
‫َت َت َع َّر ُ‬
‫ف َّ سرِ‬
‫احلياة العظيم؟ أال َت ْع ِر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أن َّ‬ ‫إكسري‬ ‫ب َك َع ْن‬‫ستَّة ُقرون؟ َألمَ ْ ُأ ْخ رِ ْ‬
‫ب َك أنا‪ ،‬أنا َم ْن اِ ْكت ََش ْف ُت ُه‪ ،‬أنا ِع ْش ُت طيل َة‬ ‫ِ‬
‫اخليمياء َقدْ ُا ْكت ُِش َ‬
‫ف؟ َس ُأ ْخ رِ ُ‬
‫ٍ لأِ‬ ‫ِ ِ‬
‫المشعوذ!"‬ ‫ستَّة ُقرون ُ َح ِّق َق انتقامي‪ ،‬ألنني أنا َتشارلز ُ‬

‫تمت‬

‫‪23‬‬
‫التعريف بالمترجم‪:‬‬

‫أمحد صالح املهدي‪ ،‬كاتب مرصي‪ ،‬خترج يف كلية اآلداب قسم‬


‫اللغة العربية بجامعة القاهرة‪ .‬هو مؤلف وناقد ومرتجم‪ ،‬متخصص‬
‫يف أدب الفانتازيا واخليال العلمي‪ ،‬نرش له ثالث روايات من قبل‬
‫وهم “ريم” و”مالذ‪ :‬مدينة البعث” و”الشتاء األسود” باإلضافة‬
‫إىل قصة األطفال “األرنب الشجاع” عن دار أصالة بلبنان بالتعاون‬
‫مع مؤسسة الفكر العريب‪ ،‬وشارك بعدد من قصص األطفال يف‬
‫جملة فارس املرصية‪ ،‬كام كتب عدة مقاالت أدبية ونقدية عىل املواقع‬
‫العربية‪.‬‬

‫نُرش له الرتمجات العربية األوىل لألعامل التالية‪ :‬رواية “اإلله العظيم‬


‫بان” للكاتب الويلزي آرثر ماكني‪ ،‬ورواية “الويندجيو” للكاتب‬
‫الربيطاين أجلرنون بالكوود‪ ،‬وكتاب "آهلة بيجانا" للكاتب اآليرلندي‬
‫لورد دونساين‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫كام ترجم رواية “النجم األسود” من أدب اخليال العلمي ملنصة‬
‫ستوري تيل للكتب الصوتية‪.‬‬
‫عدد من الروايات املصورة فشارك مع‬ ‫ٍ‬ ‫أيضا برتمجة‬
‫ساهم ً‬
‫جمموعة كلامت للنرش بالشارقة برتمجة عدة كتب كوميكس‬
‫وهي “بطل الظل” و“اسم املستخدم إيڤي” و“القلب‬
‫والعقل” و“خربشات سارة”‪ ،‬باإلضافة لرتمجة رواية “التنني‬
‫موقعي عرب كوميكس وبوابة‬ ‫ّ‬ ‫األخري” التي نرشت عىل‬
‫الكوميكس يف مرص‪.‬‬

‫للتواصل مع المترجم‪:‬‬
‫‪www.ahmedmahdi.net‬‬

‫‪25‬‬
‫التعريف بـ ‪:Escatopia‬‬
‫هي منصة ثقافية تسعى لتوفري حمتوى عريب فريد‪ ،‬فقدمت املنصة‬
‫رواية ‪ 2063‬رواية ديستوبيا عربية‪ ،‬وترمجة رواية التنني األخرية‬
‫وهي قصة مصورة فانتازية؛ باإلضافة ملجموعة متنوعة من القصص‬
‫القصرية واملقاالت بأقالم مؤسيس املنصة أو املتابعني هلا‪.‬‬

‫عقدت املنصة مسابقة يف القصة الفانتازية القصرية بمناسبة مرور‬


‫عام عىل تأسيسها‪ ،‬وشارك فيها العديد من األقالم الشابة املهتمة‬
‫بأدب الفانتازيا واخليال العلمي‪ ،‬وصدر الكتاب يف معرض الكتاب‬
‫‪ 2018‬بعنوان “صائدي سا وحكايات أخرى” عن دار الكنزي‬
‫للنرش والتوزيع بمرص‪.‬‬

‫الموقع الرسمي‪:‬‬
‫‪www.escatopia.com‬‬

‫‪26‬‬

You might also like