You are on page 1of 26

‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪1‬‬
‫الميتا‪-‬أخالق‬

‫• موسوعة ستانفورد للفلسفة‬


‫ترجمة‪ :‬حسان عبيدات‬

‫حول الميتا‪-‬أخالق أو ما وراء األخالق‪ ،‬الوجوب والكينونة وحجة السؤال المفتوح‪ ،‬وإبستمولجيا األخالق‪ ،‬وحول‬
‫الحرية والمسؤولية؛ نص رمتجم للـد‪ .‬جيف ساير‪-‬ماكورد والمنشور عىل (موسوعة ستانفورد للفلسفة)‪ .‬ننوه بأن‬
‫ا‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫والت قد تختلف قليًل عن النسخة الدارجة للمقالة‪،‬‬
‫ه للنسخة المؤرشفة يف الموسوعة عىل هذا الرابط‪ ،‬ي‬ ‫التجمة ي‬
‫ّ‬
‫نخص‬ ‫ً‬
‫وختاما‪،‬‬ ‫األختة بعض التحديث أو التعديل من فينة ألخرى منذ تتمة هذه رالتجمة‪.‬‬ ‫ر‬ ‫حيث أنه قد يطرأ عىل‬
‫بالشكر محرري موسوعة ستانفورد‪ ،‬وعىل رأسهم د‪ .‬إدوارد زالتا‪ ،‬عىل تعاونهم‪ ،‬واعتمادهم رللتجمة ر‬
‫والنش عىل مجلة‬
‫حكمة‪.‬‬

‫‪1‬‬‫‪Sayre-McCord, Geoff, "Metaethics", The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Summer 2014 Edition),‬‬
‫‪Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/sum2014/entries/metaethics/>.‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪1‬‬


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫امليتا‪-‬أخالق أو "ماوراء األخالق" ‪ Metaethics‬هي حماولة فهم االفرتاضات املسبقة وااللتزامات امليتافيزيقية‬
‫واإلبستمولوجية والسيمانطيقية والسيكولوجية اليت حيملها كل من التفكري والكالم واملمارسة األخالقية‪ ،‬كما‬
‫تتضمن امليتا‪-‬أخالق يف حدودها جمموعة واسعة من األسئلة واإلشكاالت‪ ،‬مثل السؤال هل األخالق مسألة‬
‫أذواق أكثر من كوهنا مسألة حقيقة؟ أو هل املعايري األخالقية نسبية حسب الثقافة؟ أو هل هناك حقائق‬
‫أخالقية أصال؟ وإن كانت هناك حقائق أخالقية‪ ،‬فما مصدرها؟ و كيف تضع معيارا مناسبا لسلوكنا؟ و كيف‬
‫ترتبط احلقائق األخالقية ابحلقائق األخرى (كاليت عن السيكولوجيا أو السعادة أو األعراف اإلنسانية مثال‪)...‬؟‬
‫وإن كانت احلقائق األخالقية موجودة فكيف نعرفها؟ هذه األسئلة تقودان بطبيعة احلال إىل إشكاالت متعلّقة‬
‫مسوغات التزاماتنا األخالقية‪ .‬تبحث امليتا‪-‬‬ ‫االدعاءات األخالقية وأخرى متعلّقة ابحلقيقة األخالقية و ّ‬‫مبعىن ّ‬
‫ومسوغات الفعل والدافع اإلنساين‪ ،‬إذ تسأل كيف تعطينا املعايري األخالقية‬‫أخالق كذلك يف العالقة بني القيم ّ‬
‫مسوغات للفعل أو االمتناع حسب ما أتمر أو تنهى‪ ،‬وتعاجل أيضا كثريا من القضااي املتعلقة بطبيعة احلرية‬ ‫ّ‬
‫‪i‬‬
‫وأمهيتها (أو عدم أمهيتها) للمسؤولية األخالقية‪.‬‬

‫‪ .1‬مالحظات عامة‬

‫‪ .2‬معضلة "يوثيفرو"‬

‫‪ .3‬الطبيعانيّة‪ ،‬الالطبيعانيّة‪ ،‬ومذهب ما فوق الطبيعيّة‬

‫‪ .4‬الوجوب والكينونة و ُح َّجة السؤال املفتوح‬

‫‪ .5‬إبستمولوجيا األخالق‬

‫ِّّ‬
‫واملسوغات‬ ‫‪ .6‬األخالقيّات والدوافع‬

‫‪ .7‬احلريّة واملسؤولية‬

‫‪ .8‬املبادئ األخالقية واألحكام َّ‬


‫احملددة‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪2‬‬


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املصادر‬ ‫●‬

‫مصادر أخرى على اإلنرتنت‬ ‫●‬

‫مالحظات متعلّقة ابلرتمجة‬ ‫●‬

‫مالحظات‬ ‫●‬

‫‪ .1‬مالحظات عامة‬
‫إن جمموعة القضااي واإلشكاالت واألسئلة اليت تقع ضمن جمال امليتا‪-‬أخالق جتريديّة دائما‪ ،‬فهي تعكس حماولة‬
‫امليتا‪-‬أخالق أخذ خطوة إىل الوراء من النقاشات الواقعية احملددة داخل األخالق لتسأل عن اآلراء واالفرتاضات‬
‫وااللتزامات اليت يشرتك فيها من يدخلون هذه النقاشات‪ .‬بشكل عام‪ ،‬إ ّن القضااي امليتا‪-‬أخالقية اليت تظهر‬
‫معني من القضااي األخالقية احملددة اليت‬
‫كنتيجة لعملية اخلطو إىل الوراء هذه ميكن معاجلتها دون ّاّتاذ موقف ّ‬
‫بدأت منها العملية‪ .‬لقد بدا للكثريين يف احلقيقة أ ّن امليتا‪-‬أخالق تق ّدم خلفية حمايدة جيب وضع الرؤى‬
‫األخالقية املختلفة أمامها إن كانت لتُقيم بشكل صحيح‪ .‬بعض املشتغلني ابمليتا‪-‬أخالق ذهبوا لدرجة القول‬
‫مؤدايت عملية‪ ،ii‬وبشأن أي رؤية من الرؤى‬ ‫تتضمن افرتاضات أخالقية حمددة ومل يكن هلا أي ّ‬
‫إ ّن كتاابهتم مل ّ‬
‫اليت ما زال يُعرتف هبا كرؤية لوضع األخالق وطبيعتها‪ ،‬فإ ّن قدرهتا على أن تكون حمايدة عمليًّا هي موضع‬
‫فإهنا‬
‫ومؤدايهتا العملية ّ‬
‫شك أ ّن امليتا‪-‬أخالق مهما كانت افرتاضاهتا األخالقية التحديدية ّ‬ ‫شك‪ .‬ولكن ال ّ‬
‫تشتمل على النظر يف االفرتاضات املسبقة وااللتزامات اليت عند من يدخل يف التفكري والكالم واملمارسة‬
‫األخالقية‪ ،‬فهي جتريديّة بعيدا عن أي أحكام أخالقية حمددة‪.‬‬

‫النظر يف هذه االفرتاضات وااللتزامات يكشف بسرعة إىل أي مدى ميكن جلوانب األخالق املختلفة أن تُعتَب‬
‫العقلي قد خشي كثريون أنه ال ميكن الدفاع عن االفرتاضات وااللتزامات‬‫ّ‬ ‫إشكاليّة عقليًّا وعمليًّا‪ ،‬فعلى املستوى‬
‫اليت حتملها األخالق‪ .‬جيادل البعض أب ّن األخالق خرافة‪ ،‬وجيادل غريُهم أب ّن املبادئ املختلفة اليت يتم تقدميها‬
‫اخلاصة‬
‫كمعايري ذات سلطة شرعيّة للجميع هي يف الواقع جمرد تعبريات عن عواطف‪ ،‬أو إسقاطات للمواقف ّ‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪3‬‬


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مبن يدعون إىل تلك املبادئ‪ ،‬وجيادل غريهم كذلك أب ّن األخالق ليست ما تزعمه وليس فيها ما يلزمها لتكون‬
‫هلا شرعيّة‪ .‬أما على املستوى العملي فقد أشار كثريون إىل أنه من الصعب جعل الناس حيكمون على أنفسهم‬
‫وعلى غريهم إبنصاف‪ ،‬و قد خشي غريهم أننا بينما لدينا مصلحة يف إقناع اآلخرين اباللتزام ابألخالق فإننا‬
‫أن ُف ُسنا اندرا ما يكون لدينا أي سبب لالتزام هبا‪ ،‬فيما اعتقد آخرون أ ّن اإلنسان ال ميتلك احلرية ابلصورة اليت‬
‫تفرتضها األخالق‪.‬‬

‫ابلطبع إ ّن هذه التحفُّظات واحلجج جتد دائما ما يقابلها على الطرف اآلخر‪ ،‬إذ هناك من يرى أ ّن األخالق‬
‫لنتبىن‬
‫‪-‬إن فُهمت بشكل صحيح‪ -‬ليست خرافة‪ ،‬و أ ّن مزاعمها ميكن الدفاع عنها‪ ،‬وأ ّن لدينا سببا كافيا ّ‬
‫ونلّب مطالبها‪ ،‬وأ ّن الناس أو على األقل بعضهم يف ظروف معيّنة ميتلكون احلريّة ابلصورة اليت تتطلّبها‬
‫األخالق ّ‬
‫األخالق‪.‬‬

‫أي من الطرفني أن تُدحض بسرعة أو بسهولة‪ ،‬وكلها تعتمد ّأوال على حتديد‬ ‫ال ميكن ألي من احلجج على ّ‬
‫االفرتاضات وااللتزامات املخت لف عليها والدفاع عنها‪ ،‬واثنيا على إثبات إمكانية أو عدم إمكانية الدفاع عنها‪.‬‬
‫لكن هناك الكثري‬
‫هم من حياة معظم الناس‪ ،‬و ّ‬ ‫فهمنا جلزء م ّ‬
‫إن األمر الذي على احملك هنا هو ‪-‬على األقل‪ُ -‬‬
‫كذلك مما سيكون على احملك بقدر ما يتضح وجود شك يف االفرتاضات وااللتزامات اليت أيخذها الناس‬
‫فهمنا لذلك اجلزء من حياتنا فحسب‪ ،‬بل ميكن إلحساسنا أبمهيته‬ ‫كمسلّمات‪ ،‬وعندئذ لن يتعرض للتهديد ُ‬
‫أن يتالشى كذلك‪.‬‬

‫ابلرغم من طبيعة امليتا‪-‬أخالق التجريدية واجلدلية بشكل كبري‪ ،‬فإ ّن مسائل اهتمامها الرئيسيّة تنشأ بشكل‬
‫طبيعي ‪ -‬ولرمبا بشكل حمتوم‪ -‬عند نظر املرء بعني النقد يف قناعاته األخالقية‪ ،‬فليس من املفاجأة أ ّن ّادعاء‬
‫تطور بسرعة‬‫بوليمارخوس ‪ - Polemarchus‬يف مجهورية أفالطون‪ -‬عن كون عدالة املرء ُحت ّسن حياته قد ّ‬
‫إىل نقاش ميتا‪-‬أخالقي متاما عن مصدر العدالة وطبيعتها‪ .‬يدافع تراسيماخوس ‪ Trasymachus‬عن فكرة‬
‫وإهنا قد صممها األغنياء‬‫أ ّن العدالة هي ما يصب يف مصلحة األقوى‪ ،‬قائال إ ّن األخالق من صنع اإلنسان ّ‬
‫واألقوايء للتحكم ابلناس واستغالهلم‪ ،‬فهو جيادل ّأهنا خرافة لضعفاء العقول ُوضعت ملصلحة القلّة‪ ،‬و ّأهنا تفرض‬
‫سوغ تركه‪ .‬يتابع غلوكون ‪ Glaucon‬النقاش يف الكتاب الثاين ببديل أقل‬ ‫عبئا على الناس لدى غالبهم ما ي ّ‬
‫تشاؤما‪ ،‬فبينما يرى هو اآلخر أ ّن األخالق صنيعة بشرية‪ ،‬يرى أهنا حل مفيد للمشاكل اجل ّدية اليت سنواججها‬
‫بغياب األخالق‪ ،‬وجيادل أ ّن الناس بطبيعة احلال جيدون أنفسهم غري قادرين على أن يضمنوا نفاذ إرادهتم وهم‬
‫يتأثّرون إبرادة اآلخرين يف الوقت ذاته‪ ،‬فهو يرى أ ّن مبادئ العدالة يضعها اجلميع بشكل معقول كطريقة جيّدة‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪4‬‬


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لضمان السالم واالستقرار يف اجملتمع‪ .‬سقراط ‪ Socrates‬يف املقابل يرفض الفكرة القائلة أب ّن العدالة اخرتاع‬
‫بشري‪ ،‬وجيادل بدال من ذلك أب ّن العدالة توفّر معايري اثبتة ميكن من خالهلا احلكم على املمارسات واألعراف‬
‫ّ‬
‫مؤدايهتا لقيمة العدالة‪ ،‬ولكن ابإلضافة إىل ذلك‪ ،‬إ ّن قبول‬
‫والعادات اإلنسانية‪ .‬قد يكون هلذه الرؤى املختلفة ّ‬
‫رؤية معيّنة لطبيعة العدالة سيتوافق مع جمموعة من الرؤى التحديديّة عن جوهر العدالة وعن قيمتها‪.‬‬

‫‪ .2‬معضلة "يوثيفرو"‬
‫أي معيار يضعه‬ ‫ابلنسبة لكثريين يتناسب موقف سقراط مع مزاعم األخالق‪ ،‬وهو يتناسب كذلك مع فكرة أ ّن ّ‬
‫اإلنسان فهو خاضع للنقد األخالقي‪ .‬وابلطبع فإ ّن موقف سقراط يفتح الباب جملموعة من اإلشكاالت املتعلّقة‬
‫بطبيعة تلك املعايري املتعالية‪ ،‬فما مصدرها؟ ومن أين تستم ّد شرعيّتها؟‬

‫اعتقد كثريون أ ّن اإلجاابت الصحيحة على هذه األسئلة تكمن يف االحتكام إىل اإلله‪ ،‬فاملبادئ األخالقية‬
‫لكن هذا ينقل‬
‫بتصورهم هي تعبري عن إرادة اإلله‪ ،‬أي هي أوامره لنا‪ ،‬وهي تستم ّد شرعيتها من مصدرها‪ .‬و ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلشكاالت خطوة إىل الوراء فقط‪ ،‬فإ ّن أي مشكلة جيدها املرء يف قبول فكرة املعايري املتعالية سيعود ليجدها‬
‫يف تقبّل فكرة كائن متعال يصدر أوامر‪ ،‬وكما أ ّكد أفالطون ‪ Plato‬يف حواره "يوثيفرو" ‪،Euthyphro‬‬
‫فإ ّن املرء سيجد أنّه من الصعب إثبات شرعية أوامر اإلله‪.‬‬

‫يبني‬
‫إحدى اإلجاابت املعقولة قد تكون أ ّن معرفة اإلله الكاملة ابلصواب واخلطأ أو كماله األخالقي هو نفسه ّ‬
‫مستقل‬
‫ّ‬ ‫لكن هذه اإلجابة تفرتض أن معايري األخالق موجودة بشكل‬ ‫ملاذا تكون أوامره شرعيّة كمعايري لنا‪ ،‬و ّ‬
‫عن إرادة اإلله (إما كأشياء يعرفها أو كمعايري يُعتَب هو وفقها كامال أخالقيًّا)‪ ،‬ويف هذه احلالة فإ ّن احلديث‬
‫يبني مصدر هذه املعايري املستقلة أو طبيعتها‪.‬‬‫عن األخالق على أهنا أوامر لإلله لن ّ‬

‫ميكن للمرء بدال من ذلك ان يتجنّب االحتكام إىل معرفة اإلله أو خرييّته‪ ،‬وي ّدعي أن ليس هناك معيار مستقل‬
‫لكن ذلك يرتك اجملال إلشكالية متعلقة بشرعيّة املبادئ األخالقية‪ ،‬فإذا رفضنا الفكرة‬
‫إلرادة اإلله وطبيعته‪ ،‬و ّ‬
‫خري بشكل كامل‪ ،‬فإنّه‬
‫القائلة أب ّن أوامر اإلله تعكس معرفته ابلصواب واخلطأ‪ ،‬ورفضنا كذلك فكرة أ ّن اإلله ّ‬
‫‪iii‬‬
‫أي شرعية خاصة‪.‬‬
‫يبدو ملن املعقول أن نتسائل ملاذا تكون ألوامره ُّ‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪5‬‬


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ميكن هنا اإلشارة إىل قوة اإلله وقدرته على العقاب أو إىل دوره يف اخللق‪ ،‬ولكن ال يبدو أ ّن ًّأاي من هذين‬
‫يؤسس‬‫للقوة الالزمة لفرض أوامره ال ّ‬
‫عام فإ ّن امتالك أحد ّ‬ ‫ليؤسس شرعيّة صحيحة‪ ،‬وبشكل ّ‬ ‫االعتبارين يكفي ّ‬
‫جمرد خلق شيء ال يثبت‬ ‫لشرعيّة هذه األوامر وال ينتج عنه أ ّن لديه احلق يف معاقبة من خيالفوهنا‪ ،‬وابملثل فإ ّن ّ‬
‫خلالقه صالحية التحكم املطلق به‪ .‬ابلطبع تبقى هناك مساحة للقول إ ّن يف أوامر اإلله شيئا خمتلفا جيعل أوامره‬
‫تصور يبني هذا الشيء املختلف‪ ،‬ويف هذا السياق فإنّه جيب أن‬ ‫شرعيّة بشكل فريد‪ ،‬وهذا القول حيتاج إىل ُّ‬
‫تصورا يبني كيف تكون ألوامر اإلله شرعيّةٌ خبالف األوامر اليت قد يصدرها غريه‪ .‬ابإلضافة إىل ذلك‪،‬‬ ‫يكون ُّ‬
‫سيحل اإلشكالية امليتا‪-‬أخالقية اليت يطرحها حوار يوثيفرو‪ ،‬فإ ّن اإلجابة جيب أن‬ ‫ّ‬ ‫إن كان االحتكام إىل اإلله‬
‫ال تستند هي نفسها إىل املعايري املتعالية أو تفرتضها مسبٌقا‪.‬‬

‫‪ .3‬مذاهب الطبيعانية‪ ،‬الالطبيعانية‪، ،‬وما فوق الطبيعيّة‬


‫تصور غلوكون عن األخالق كعرف فيه مصاحل متبادلة هو أنّه جيعل مصدر األخالق وطبيعتها‬ ‫إن أحد ميزات ُّ‬
‫عما هو قانوين‬
‫التصور ال تغدو احلقائق األخالقية أكثر إشكاليّة من احلقائق اليت ّ‬
‫غري غامضني‪ .‬حبسب هذا ّ‬
‫معني ( أي كونُه أخالقيًّا أو قانونيًّا أو مه ّذاب) على توافقه‬
‫أو مه ّذب‪ ،‬ففي كلتا احلالتني يعتمد حكم سلوك ّ‬
‫أو تعارضه مع معايري خمتلفة مت وضعها‪ .‬يوضح غلوكون كذلك ملاذا ميكن للناس أن يهتموا لشأن مطالب‬
‫األخالق (وإن كان هناك يف حاالهتم اخلاصة ما يغريهم النتهاكها إذ يرون أهنم حمصنون)‪ ،‬ففي األعراف‬
‫األخالقية مصاحل متبادلة‪.‬‬

‫بيد أ ّن الرؤى العرفية ‪ conventionalist‬كرؤية غلوكون تواجه صعوابت حقيقية يف التوافق مع الفكرة‬
‫الشائعة القائلة إ ّن املبادئ األساسية لألخالق هي مبادئ كونيّة‪ ،‬فاألعراف يف هناية األمر هي صنائع مشروطة‬
‫ّتتلف من مكان إىل مكان‪ ،‬وهي تدخل وّترج من حيّز الوجود‪ ،‬وكذلك يبدو أ ّن األعراف عرضةٌ لالعتباطبية‬
‫ًّ‬
‫مستقال عن‬ ‫مبا ميكن أن يُضعف ّادعاءها للشرعية ما مل يُنظر إليها (ضمنيًّا على االقل) على أهنا حت ّقق معيارا‬
‫مسوغا لتلبيتها ّإال عندما يكون هذا العرف نفسه عادال أو‬ ‫األعراف‪ .‬يبدو أ ّن مطالب عُرف ما ال تعطي ّ‬
‫معقوال أو خريا بشكل ما‪ ،‬وهذا يشري إىل أ ّن القواعد واملعايري األخالقية احملددة مهما كانت انجتة عن العُرف‬
‫فإ ّن ّادعاءها للشرعيّة يعتمد على معايري ال تنتج عن العُرف‪.‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪6‬‬


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ابلتأكيد ليست هذه االعتبارات حامسة‪ ،‬وأولئك الذين يرون األخالق كنوع من العُرف لديهم طرق معقولة‬
‫ملعاجلة التح ّفظات املذكورة‪ ،‬وبذلك تبقى لتلك الرؤية جاذبيّتها‪ .‬مع ذلك إ ّن الكثريين –حىت ممّن يرون االحتكام‬
‫تصور الصحيح عن األخالق ال ميكن أن يكون مسألة‬ ‫إىل العُرف ضرورًّاي لفهم األخالق‪ -‬يعنقدون أ ّن ال ُّ‬
‫‪iv‬‬
‫أمور‬
‫تَبر مطالب األعراف أو بعضها هي ُ‬ ‫لكن ذلك ال يعين أهنم يرون أ ّن املعايري اليت ّ‬
‫أعراف ابل ُكلّيّة ‪ ،‬و ّ‬
‫يَبر مطالبه‪ ،‬هو مسامهته يف السعادة العامة‪،‬‬ ‫خريا‪ ،‬وبذلك ّ‬‫مبهمة‪ ،‬فبعضهم مثال يقول أب ّن ما جيعل عرفا ما ّ‬
‫بينما يرى غريهم أ ّن مقياس تقييم األعراف هو يف قدرهتا على تعزيز مصاحل ُك ّل شخص على حدة‪ ،‬ويرى‬
‫آخرون أ ّن قيمة األعراف هي يف قدرهتا على ضمان قبول من ينظرون إليها إبنصاف‪ .‬يف كل هذه التص ُّورات‬
‫يصور القيمة بشكل‬‫تكون القيمة مستقلّة عن العرف‪ ،‬ولكنّها مع ذلك ليست مبهمة ميتافيزيقيّا‪ ،‬ف ُكلٌّ منها ّ‬
‫تصورات سيكون من‬ ‫وطبيعي متاما من العامل‪ .‬كذلك ابلرغم من أنّه بناء على هذه ال ُّ‬ ‫ّ‬ ‫أساسي كجزء مألوف‬‫ّ‬
‫االدعاءات جدليّة‪ ،‬فإنّه مع ذلك لن تكون هناك‬ ‫الصعب أتسيس ّادعاءات معيّنة عن القيمة وستكون هذه ّ‬
‫إشكاليّةٌ يف ما حناول اكتشافه أو يف ما سنعتَبه دليال ذا صلة‪.‬‬

‫أبهنا أجزاء طبيعية وغري إشكالية‬


‫تعرف اخلصائص األخالقية املتع ّددة ّ‬
‫ريف‪ّ ،‬‬
‫ابلعريف منها وغري العُ ّ‬
‫ّ‬ ‫كل هذه الرؤى‪،‬‬
‫من العامل‪ ،‬و نتيجة لذلك تُعتَبُ عادة صورة من صور الطبيعيانيّة أو املذهب الطبيعي ‪ ،naturalism‬وتُعتَبُ‬
‫نقيضا للرؤى الالطبيعانية ‪ non-naturalist‬اليت ترى أ ّن األخالق تفرتض أو تُلزُم نفسها بوجود خصائص‬
‫متجاوزة لتلك اليت يعرتف هبا العلم الطبيعي‪ .‬مييّز الالطبيعانية عبئان عليها مها أ‪ .‬أن تبني كيف تنسجم‬
‫اخلصائص األخالقية مع اخلصائص الطبيعية املألوفة‪ ،‬و ب‪ .‬أن توضح كيف أننا نستطيع معرفة هذه اخلصائص‬
‫األخالقية‪ّ ،‬أما الطبيعانية يف املقابل فتتجنّب هذين العبئني امليتافيزيقي واإلبستمولوجي‪.‬‬

‫ابلرغم من ميزات الطبيعانية‪ ،‬فإنّه يصعب عليها متثيل ما يعتَبه الناس طبيعة األخالق احلقيقية‪ ،‬فعند القول إ ّن‬
‫شر أو من الفضيلة‪ ،‬يبدو أننا نقول شيئا أكثر من (أو خمتلفا عن) ما كنا لنقوله إذا أردان‬‫شيئا ما هو خريٌ أو ٌّ‬
‫أي قدر من‬ ‫وصف الشيء من حيث امتالكه خصائص طبيعية معيّنة‪ ،‬وابالتفاق مع ذلك فإنّه ال يبدو أ ّن ّ‬
‫أخالقي مسبق‪.‬‬
‫ّ‬ ‫البحث التجريّب ميكنه أن حيسم سؤاال أخالقيًّا وحده دون افرتاض‬

‫‪ .4‬الوجوب والكينونة و ُح َّجة السؤال املفتوح‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪7‬‬


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ب" (العبارة املعياريّة)‬


‫لقد بدا أ ّن هذه النقاط كانت يف ابل ديفد هيوم ‪ David Hume‬حني رأى أ ّن "جي ُ‬
‫ال ميكن استنتاجها من عبارة "إ ّن" (الكينونة)‪ ،v‬وهناك اختالف أساسي على ما كان يعنيه هيوم‪ ،‬وكذلك‬
‫ألي جمموعة‬ ‫لكن جزءا على األقل من حت ّفظ هيوم بدا أنّه ال ميكن ّ‬ ‫عما إذا كان مصيبا‪ ،‬و ّ‬‫اختالف أساسي ّ‬
‫(ادعاءات وجوب)‪ ،‬فكما يبدو قد رأى هيوم‬ ‫(ادعاءات الكينونة) أن تستلزم ّادعاءات قيميّة ّ‬ ‫من حقائق الواقع ّ‬
‫أنّه ال ميكن للمرء أن يستنتج الثانية من األوىل ّإال إن كان لديه –ابإلضافة إىل املق ّدمات املتعلقة حبقائق الواقع‪-‬‬
‫مقدمة قيمية واحدة على األقل‪ .‬مثال إن استنتج املرء من أ ّن شيئا سيئا حيدث من حقيقة كون شخص يتأ ّمل‪،‬‬
‫أي ّادعاء متعلّق‬ ‫فهو يفرتض مسبقا على االقل أ ّن االمل سيء‪ ،‬وهذا االفرتاض املسبق بدوره ليس يلزُم عن ّ‬
‫قيمي ّإما ّأهنا تتضمن مق ّدمة قيميّة أو‬
‫حبقائق الواقع‪ .‬إن كان هيوم حمقًّا‪ ،‬فكل ُحجة صحيحة الستنتاج ّ‬
‫تفرتضها مسبقا‪ ،‬وبذلك فليس لنتيجة قيميّة ُحجةٌ حمايدةٌ قيميًّا‪.‬‬

‫قارب جورج إدوارد مور ‪( G.E Moore‬يف بداايت القرن العشرين) املسائل نفسها من انحية أخرى‪ ،‬فقال‬
‫تصور طبيعاينّ عن األخالق أن يُنصف حقيقة ما نف ّكر فيه أو ن ّدعيه عندما نطلق أحكاما‬
‫ألي ُّ‬ ‫أبنّه ال ميكن ّ‬
‫‪vi‬‬
‫تصورات لطبيعة األخالق لفتا‬
‫أخالقيّة ‪ .‬كان يف ابل مور جمموعةٌ من الرؤى الطبيعانية اليت كانت أكثر ال ُّ‬
‫لالنتباه يف ذلك الوقت‪ ،‬وبينما اختلفت هذه الرؤى فيما بينها على مكمن اخلري والصواب والفضيلة والعدل‪،‬‬
‫فإهنا مجيعها التزمت برؤية األخالق كظاهرة طبيعية ُكلّيًّا ورأت أ ّن األحكام األخالقية مسألة حتديد صفات‬
‫ّ‬
‫طبيعيّة معيّنة ألفعال أو تقاليد أو شخصيات‪ .‬وفقا هلذه الرؤى‪ ،‬فإ ّن اخلصائص األخالقية تتح ّدد خبصائص‬
‫طبيعية (مثل ما فيه ل ّذة‪ ،‬أو ما يرضي الرغبة‪ ،‬أو ما يتوافق مع قواعد اجتماعية معمول هبا)‪.‬‬

‫تعرف اخلري ّإما ابلل ّذة أو بتحقيق الرغبة‪ ،‬فإنّه قال إ ّن تلك الرؤى‬
‫إذ نظر مور بشكل خاص إىل الرؤى اليت ّ‬
‫اخلرية‪ .‬وليدعم ّادعاءه فقد طرح مور اختبارا بسيطا‪،‬‬
‫ّتلط بني خاصية اخلري وخاصيّة أخرى قد متتلكها األشياء ّ‬
‫شخص يفهم املصطلحات ذات‬ ‫ٌ‬ ‫يعرف اخلري ابلل ّذة مثال‪ ،‬وف ّكر‪ ،‬إن كان هناك‬
‫تصورا ّ‬
‫أي تص ُّور تريده‪ُّ ،‬‬
‫خذ ّ‬
‫عما إذا كان هذا الشيء خريا؟‬ ‫الصلة ويعرف أن شيئا معيّنا فيه ل ّذة‪ ،‬فهل ميكن له بشكل معقول أن يسأل ّ‬
‫التشوش يف الفهم‪ .‬على‬
‫أي نوع من النقص أو ّ‬ ‫يبدو أنّه يستطيع ذلك‪ ،‬و يبدو كذلك أنّه بسؤاله هذا ال يُظه ُر ّ‬
‫ح ّد تعبري مور‪ ،‬السؤال سؤ ٌال مفتوح حبق‪ ،‬ولكن بذلك فإ ّن علينا التسليم أب ّن اعتبار شيء ما لذيذا ال يطابق‬
‫وإال فإ ّن التساؤل بشأن شيء لذيذ أهو خريٌ أم ال سيكون تساؤال ال معىن له‪ ،‬متاما كالتساؤل‬ ‫اعتباره خريا‪ّ ،‬‬
‫عما إذا كان لذيذا‪ .‬ولكن إن كان اعتبار شيء ما خريا خمتلفا عن اعتباره لذيذا‪ ،‬فإنّه جيب‬‫بشأن شيء لذيذ ّ‬
‫هلذه التوصيفات أن تنسب خصائص خمتلفة عن بعضها‪.‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪8‬‬


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لقد أشار مور بسرعة إىل أ ّن التسليم بكون السؤال مفتوحا ابملعىن الذي تفرتضه ُحجتُه ال يتعارض مع احتمال‬
‫اكتتشافنا أ ّن كل ما فيه ل ّذةٌ هو يف احلقيقة خريٌ كذلك‪ .‬لقد كانت نقطة مور أ ّن السؤال ليس حمسوما (ليس‬
‫جمرد مسألة اعتباره لذيذا)‪ .‬وأل ّن‬
‫مغلقا) من حيث املفهوم (بينما سيكون حمسوما لو أ ّن اعتبار شيء خريا كان ّ‬
‫تظل مفتوحة لكل الطروحات الطبيعانية املمكنة‪ ،‬فقد جادل مور أبنّه ال ميكن الدفاع بشكل‬ ‫األسئلة املماثلة ّ‬
‫أي من تلك الطروحات كحقيقة نظريّة‪ ،‬و ّأهنا كلها فشلت يف التمثيل الدقيق ملا نف ّكر فيه عندما‬
‫معقول عن ّ‬
‫نف ّكر يف كون شيء خريا‪.‬‬

‫لقد كان حلُجة مور أثر كبري‪ ،‬إذ جعلت أغلب الناس يف ذلك الوقت يقطعون هبا‪ ،‬وكنتيجة لذلك فقد أُعيد‬
‫تصورات‬
‫إحياءُ الالطبيعانية بعدد من الذين اشتغلوا يف امليتا‪-‬أخالق حماولني صياغة ومنهجة (والدفاع عن) ُّ‬
‫األخالق اليت قاومت إغراء تعريف اخلصائص األخالقية ابخلصائص الطبيعية‪ .vii‬جاء كثري من االهتمام ممّن‬
‫يسمون ابلبدهيّني ‪ ،intuitionists‬للدفاع عن الفكرة القائلة أب ّن املعرفة األخالقية مع ّأهنا ال ترتكز‬
‫أصبحوا ّ‬
‫على احلواس وعلى املعطيات التجريبية اليت جنمعها‪ ،‬فهي ابلرغم من ذلك تقف راسخة مثل معرفتنا ابلرايضيات‬
‫مهما يف العلم‪ .‬كثري من الكتاابت يف امليتا‪-‬أخالق‬ ‫تؤدي دورا ًّ‬
‫أو ابملفاهيم األساسية (كالسببية والضرورة) اليت ّ‬
‫سلكت طريق إجياد "رفقاء مماثلني يف الذنب"‪ ،‬فحاولت أن تُظهر أ ّن اعتبار اخلصائص األخالقية الطبيعية‬
‫أي جمال‬‫ومؤدايت ذلك ملا نفرتضه عن طبيعة الدليل األخالقي –إن ُوجد‪ -‬ال جتعل األخالق أسوأ حاال من ّ‬ ‫ّ‬
‫معريف آخر‪.‬‬
‫ّ‬
‫عما نف ّكر فيه إىل طبيعة اخلصائص األخالقية اليت ننسبها إذ‬ ‫بيد أ ّن انتقال مور بتلك البساطة من ّادعاءات ّ‬
‫االدعاء األخالقي هو تعبري عن اعتقاد عن الواقع‬‫نف ّكر يف ذلك‪ ،‬ق ّدم نقطة مقاومة مهمة‪ ،‬فكما رأى مور فإ ّن ّ‬
‫(قد يكون صحيحا أو خاطئا) من نوع فريد‪ ،‬وهو ابلتحديد تعبري عن االعتقاد أب ّن سلوكا ما أو تقليدا أو مسة‬
‫شخصيّة حتمل خاصية كوهنا صوااب أو خريا أو فضيلة‪ .‬يكمن التحدي (كما افرتض مور) يف أن جند ما هي‬
‫اخلاصية اليت نراها يف شيء عندما نعتَبه صوااب أو خريا أو فضيلة‪ ،‬ورأى مور أ ّن املكان املناسب للبحث هو‬
‫يف مضمون اعتقاداتنا‪.‬‬

‫ابلنسبة لكثريين‪ ،‬بينما يثبت سؤال مور املفتوح ‪ open question argument‬ابلفعل أ ّن التفكري‬
‫األخالقي فري ٌد وأنّه ال يُفرتض التعامل معه كجزء أو قسم من التفكري يف غري املسائل األخالقية‪ ،‬فإ ّن مور كان‬
‫خمطئا يف اعتباره أ ّن الفرق املهم هو يف طبيعة اخلصائص اليت نعتَب األشياء حتملها‪ .‬ابلنسبة لبعض هؤالء‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪9‬‬


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الناقدين‪ ،‬يكمن خطأ مور يف ظنّه أننا ننسب خصائص أصال عندما نرى شيئا صوااب أو خريا أو فضيال‪،‬‬
‫‪viii‬‬
‫وابلنسبة لغريهم فإ ّن خطأه يكمن يف ظنّه أ ّن كيفية رؤيتنا خلاصية تكشف طبيعتها احلقيقية‪.‬‬

‫حجة السؤال املفتوح‪ ،‬بفالسفة يقولون إنّنا يف النفكري األخالقي رمبا‬ ‫ظهر أول خط من النقد بُعيد تقدمي مور ّ‬
‫‪ix‬‬
‫االدعاءات األخالقية تنسب خصائص‬ ‫أقروا أب ّن مور أخطأ يف اعتبار ّ‬ ‫أي خصائص أصال‪ .‬بينما ّ‬ ‫ال ننسب ّ‬
‫طبيعية لألشياء‪ ،‬يقول أتباع املدرسة الالمعرفية ‪ non-cognitivism‬إ ّن خطأ مور كان يف ظنّه أ ّن‬
‫أي نوع من اخلصائص لألشياء‪ ،‬وبذلك فقد كان خمطئا أيضا يف اعتقاده أ ّن‬ ‫االدعاءات األخالقية تنسب ّ‬ ‫ّ‬
‫تعَب عن اعتقادات حقيقية‪ .‬السؤال املفتوح مفتوح دائما‬ ‫(خَباي) و ّأهنا ّ‬
‫ًّ‬ ‫لالدعاءات األخالقية مضموان تقريرًّاي‬
‫ّ‬
‫على ح ّد قوهلم‪ ،‬ال ألنّنا ننسب خاصيّة الطبيعية لألشياء عند وضع ّادعاء أخالقي‪ ،‬بل ألنّنا ال ننسب أي‬
‫عَب عن اعتقاد‪ ،‬و إّّنا نقوم بشيء خمتلف‬ ‫أي شيء حيتمل الصواب واخلطأ‪ ،‬وال ن ّ‬ ‫خاصية أصال‪ ،‬فنحن ال نقول ّ‬
‫تعَب األحكام األخالقية‬‫التصورات‪ّ ،‬‬
‫نعَب عن عاطفة‪ ،‬أو ُّنلي أبمر‪ .‬حبسب هذه ّ‬ ‫متاما؛ إنّنا نتّخذ موقفا‪ ،‬أو ّ‬
‫عقلي الذي جيعلها حتتمل الصواب واخلطأ‪.‬‬ ‫عن موقف ما غري االعتقاد‪ ،‬و تفتقد إىل املضمون ال ّ‬
‫االدعاءات األخالقية و‪.2‬‬ ‫وجه الالمعرفيون أنظارهم منذ البداية إىل ‪ .1‬املواقف غري املعرفية اليت يُعَبُ عنها يف ّ‬
‫ّ‬
‫فإهنم يش ّددون على أ ّن العبارات‬ ‫ما يقوم به الناس يف وضعهم ّادعاءات أخالقية‪ .‬عند الرتكيز على األوىل‪ّ ،‬‬
‫األخالقية ال أتخذ معناها من ارتباطها ابعتقادات ملا عليه العامل‪ ،‬بل من ارتباطها مبواقف غري معرفية‪ ،‬كردود‬
‫تصور ل"معىن" العبارات‬ ‫الفعل ممّا عليه العامل أو كرغبات ملا ميكن أن يكون عليه العامل مثال‪ .‬يف تقدمي ُّ‬
‫األخالقية‪ ،‬يكمن اهتمامهم يف االرتباط املتعارف عليه هلذه العبارات مبواقف معيّنة‪( .‬ميكن للناس ابلتأكيد أن‬
‫لكن فهم العبارة هو مسألةُ استصالح للعبارة‬ ‫يستخدموا عبارة أخالقية دون أن يتخذوا املوقف املرتبط هبا‪ ،‬و ّ‬
‫لغواي للتعبري عن املوقف)‪ّ .‬أما عند الرتكيز على الثانية‪ ،‬فإ ّن الالمعرفيّني يشددون على دور اللغة‬ ‫أبهنا مناسبة ًّ‬
‫ّ‬
‫وينصب اهتمامهم يف كون الناس إذ ي ّدعون أن شيئا ما خطأٌ أخالقيًّا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫األخالقية كأداة للتأثري على اآلخرين‪،‬‬
‫يعَبون ابستمرار عن معارضتهم له وحسب‪ ،‬بل يطلبون من غريهم ّأال يفعلوه كذلك‪ ،‬أو حياولون إقناعهم‬ ‫ال ّ‬
‫ابالمتناع عنه‪ ،‬أو حياولون بطريقة ما توجيه أفعاهلم‪ .‬تسري الفكراتن بطبيعة احلال جنبا إىل جنب‪ ،‬فإن كانت‬
‫األوىل صائبة فإ ّن ذلك سيساعد على تفسري سبب قدرة الناس على استخدام اللغة األخالقية وقيامهم بذلك‬
‫ابلطريقة اليت تتحدث عنها الفكرة الثانية‪ .‬ولكن ميكن فصل الفكرتني‪ ،‬ويرى الكثريون أ ّن الفكرة التعبرييّة (تبعا‬
‫لب املسألة‪ ،‬بينما يرون أ ّن الرتكيز على‬ ‫تعززها األوىل هي يف ّ‬ ‫للمذهب التعبريي ‪ )expressivism‬اليت ّ‬
‫التوجيهي أو اإلمالئي (إمالء األوامر) للّغة األخالقية هو أمر اثنوي يف أحسن األحوال‪.‬‬
‫ّ‬ ‫االستخدام‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪10‬‬


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بغض النظر عن التفاصيل‪ ،‬يتفق الالمعرفيون على الفكرة القائلة أبنّه ميكن للمرء أن يسلّم بل ّذة شيء ما‪ ،‬أو‬
‫بكونه موضوع رغبة‪ ،‬أو أبنّه يتوافق مع قاعدة معمول هبا‪ ،‬وال يتخذ املرء مع ذلك موقفا جتاهه‪ ،‬أو ال تكون‬
‫مفتوح‬
‫أي اهتمام يف إمالء أمر متعلّق به‪ .‬برأيهم‪ ،‬إ ّن السؤال املفتوح ٌ‬‫لديه عاطفة معيّنة جتاهه‪ ،‬أو ال يكون لديه ّ‬
‫جمرد االعتقاد ابتّصافه خبصائص‬
‫أخالقي كلها تتضمن شيئا أكثر من ّ‬ ‫ّ‬ ‫كم‬
‫يعَب عنها ُح ٌ‬
‫حتديدا أل ّن املواقف اليت ّ‬
‫الالمعريف مع التسليم مبا ّادعاه هيوم من فجوة بني‬
‫ّ‬ ‫معيّنة (أكانت طبيعية أم ال)‪ .‬ويف الوقت ذاته‪ ،‬يتفق الطرح‬
‫منطقي يف عدم اّتاذه موقفا‬
‫ٌّ‬ ‫ض‬
‫تعار ٌ‬
‫الكينونة والوجوب‪ ،‬فمهما كان ما يراه املرء كحقائق كينونة‪ ،‬ال يوجد ُ‬
‫متّصال هبا‪ ،‬أو عدم التعبري عن عاطفة جتاهها‪ ،‬أو عدم إمالء امر متعلّق هبا‪ ،‬فليست هناك عالقةُ ضرورة أو‬
‫تالزم بني اعتقاداتنا واملواقف األخرى اليت قد نش ّكلها‪.‬‬

‫ابلتأكيد إن الالمعرفيني حباجة ألن يبيّنوا مل يبدو من املعقول إىل درجة كبرية أن نرى األحكام األخالقية‬
‫وهم حباجة كذلك ألن‬ ‫كتعبريات عن االعتقادات وكمسألة نسب خصائص لألفعال والتقاليد والشحصيات‪ُ ،‬‬
‫يبيّنوا مل يبدو التفكري األخالقي خاضعا لقواعد املنطق بشكل مناسب‪ ،‬يف حني أ ّن املواقف املختلفة اليت هلا‬
‫صورات الالمعرفية تبدو خارج هذا النطاق‪ .‬يف مواجهة التحدي‪ ،‬وحتت راية "شبه الواقعية"‬ ‫ئيسي يف الت ُّ‬
‫دور ر ّ‬
‫‪ ،quasi-realism‬جعلت بعض الصور اجلديدة من التعبريية مشروعها الرئيس هو أن يبيّنوا على أُ ُسس‬
‫المعرفية كيف و مل تبدو على اللغة األخالقية مسات املعرفية والواقعية )‪ .(cognitivist and realist‬تبدأ‬
‫هذه الرؤى بتخيُّل العامل خاليا من اخلصائص األخالقية ومن أانس يعتقدون ابخلصائص األخالقية (ولكن‬
‫بيعي ومتناسب ممارسةٌ من التفكري والكالم‬ ‫ني كيف ميكن أن تنشأ بشكل ط ّ‬ ‫عندهم اعتقادات أخرى)‪ ،‬مثّ تُب ّ ُ‬
‫عن اخلصائص األخالقية واالعتقادات األخالقية واحلقائق األخالقية العقلية والواقعية‪ .‬الفكرة الرئيسة هي أنّنا‬
‫ميكن أن نرى تفكريان وكالمنا األخالقيّني يف األساس مسألة تعبري عن مواقفنا والتزاماتنا العاطفية مبا ميكن له‬
‫أن يُنتج كالما وتفكريا معقولني يف تلك اخلصائص واالعتقادات واحلقائق العقلية والواقعية‪ .‬هناك خطواتن‬
‫حتميان هذه الفكرة‪ ،‬أُوالمها االعتقاد أب ّن الكالم عن اخلصائص واالعتقادات واحلقائق العقلية والواقعية أييت‬
‫أي التزام إضايف يف قوله "للكذب‬ ‫حبق أ ّن "الكذب خطأ"‪ ،‬فإنّه لن يكون هناك ّ‬ ‫بسهولة‪ ،‬فحني يعتقد املرء ّ‬
‫صحيح أ ّن الكذب خطأ" أو "إ ّن كون الكذب خطأ‬ ‫ٌ‬ ‫خاصيّةُ كونه خطأ" أو "أعتقد أ ّن الكذب خطأ" أو "‬
‫جمرد طرق خمتلفة لقول الشيء ذاته‪ ،‬وإن كان قول "الكذب خطأ" مسألة تعبري‬ ‫هو حقيقةٌ"‪ .‬كل هذه يف الواقع ّ‬
‫عن موقف أو التزام فكذلك هذه الطرق البديلة لقول الشيء ذاته‪ .‬أما اخلطوة الثانية اليت حتمي شبه الواقعية‬
‫تقييمي ميكن احلكم عليه يف ضوء‬ ‫ّ‬ ‫فهي أ ّن السؤال عن معقوليّة اخلطاب املعريف والواقعي هو يف نفسه سؤال‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪11‬‬


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مواقف املرء والتزاماته‪ .‬حبسب هذه الرؤية‪ ،‬ال يوجد معيار مستقل ل"مطابقة العامل" ميكن اختياره دون ان‬
‫‪x‬‬
‫يكون املرء ابختياره له يُع َّبُ عن مواقفه والتزاماته‪.‬‬

‫إ ّن الصور العديدة من الالمعرفية‪ ،‬وابلتحديد صور التعبريية شبه الواقعية‬


‫تظل من أكثر الطرق جاذبية ملقاومة املؤدايت الالطبيعانية حلُجة مور‬ ‫‪ّ ،quasi-realist expressivism‬‬
‫السؤال املفتوح‪ ،xi‬ولكنّها ليست اخليار الوحيد‪ .‬جيادل كثريون أب ّن ُحجة مور بينما تثبت أ ّن االعتقاد بكون‬
‫فإهنا ال تثبت‬
‫شيء خريا خيتلف عن االعتقاد بكونه لذيذا (أو موضوع رغبة‪ ،‬أو متوافقا مع مبدأ معمول به)‪ّ ،‬‬
‫أ ّن كون الشيء خريا خيتلف عن كونه لذيذا (أو موضوع رغبة‪ ،‬أو متوافقا مع مبدأ معمول به)‪ .‬يشريون إىل أنّه‬
‫يف هناية األمر خيتلف االعتقاد أب ّن سائال ما هو ‪ H2O‬عن االعتقاد أبنّه ماء‪ ،‬وميكن للمرء بشكل معقول‬
‫لكن ذلك ال يثبت أ ّن كون الشيء ماء خيتلف عن كونه‬ ‫أن يتسائل ع ّما يعتَبه ماء أهو ابلفعل ‪ ،H2O‬و ّ‬
‫اختالف يف اخلصائص‪ .‬إذا مع‬‫ٌ‬ ‫االعتقادين ال ينتج عنه‬
‫ّ‬ ‫‪ ،H2O‬بل هو بعيد عن أن يثبت ذلك‪ ،‬فاختالف‬
‫صورا طبيعانيًّا لطبيعة األخالق قد يكون صحيحا‪ .‬ال ميكن‬ ‫ما تثبته ُحجةُ السؤال املفتوح‪ ،‬فقد يظهر أ ّن ت ّ‬
‫تصورا خيلط بني‬‫تصور الطبيعاين كحقيقة نظرية وحسب‪ ،‬بل هو كذلك ال ميكن رفضه ابعتباره ُّ‬ ‫الدفاع عن ال ُّ‬
‫ظن مور‪ .‬هذه الصورة من املعرفية ال تواجه‬ ‫خاصية معيّنة (اخلاصية الطبيعية) وأخرى (اخلاصية األخالقية) كما ّ‬
‫تبني مل يبدو من املعقول أن نرى احلكم األخالقي تعبريا عن االعتقاد ونراه مسألة نسب خصائص‬ ‫مشكلة يف أن ّ‬
‫تعبري‬
‫تصورات فإ ّن األحكام األخالقية هي يف الواقع ٌ‬ ‫لألفعال والتقاليد والشخصيات‪ .‬حبسب هذه النوع من ال ُّ‬
‫تصور يرى أ ّن الطبيعة‬
‫تتضمن نسب خصائص لألفعال والتقاليد والشخصيات (مع أ ّن هذا ال ُّ‬ ‫عن االعتقاد وهي ّ‬
‫ني هذه الصورة من املعرفيّة مل يبدو‬ ‫احلقيقية للخاصية اليت نقوم بنسبها قد تكون مفاجئة للبعض)‪ .‬كذلك تُب ّ ُ‬
‫التفكري األخالقي خاضعا لقواعد املنطق بشكل مناسب‪ :‬إنّه يبدو خاضعا لقواعد املنطق ألنّه كذلك ابلفعل‬
‫(أي ألنّه ابلفعل خاضع هلا)‪ .‬لكن تظهر بعض املشكالت عندما يتعلّق األمر بتفسري طبيعة التفكري األخالقي‬
‫يفسر‬
‫اليت تبدو مميزة‪ ،‬فإن كان اعتبار شيء خريا أو صوااب مسألة نسب خاصية طبيعية للشيء‪ ،‬فما الذي ّ‬
‫الطبيعة اليت تبدو مميزة للتقكري األخالقي؟‬

‫ف‬
‫يواجه املعرفيون والالمعرفيون حت ّداي مشرتكأ‪ ،‬أأل وهو توصيف طبيعة التفكري والكالم األخالقيّني مبا يُنص ُ‬
‫طبيعتهما املميزة دون أن ينسى إدراك الصور املهمة التصاهلما مع التفكري والكالم غري األخالقيّني‪ .‬يسهل‬
‫األخالقي وبني غري األخالقي‪ ،‬ولكنها تواجه‬
‫ّ‬ ‫نسبيًّا على املعرفيّة أن تستوعب االتصالية بني التفكري والكالم‬
‫خاصة عند اجلمع بينها (املعرفية) وبني‬
‫حت ّداي حقيقيًّا يف متثيل الطبيعة املميزة للتفكري والكالم األخالقيّني‪ّ ،‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪12‬‬


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الطبيعانية‪ّ ،‬أما الالمعرفية فال جتد صعوبة يف استيعاب الطبيعة املميزة للتفكري والكالم األخالقيّني‪ ،‬ولكنها جتد‬
‫صعوبة يف استيعاب االتصالية‪.‬‬

‫إ ّن األمر الذي كان دوما جاذاب يف الطبيعانية مور هو قدرهتا على اجلمع بني االتصالية واالفرتاق يف صورة‬
‫متماسكة منطقيًّا‪ .‬هناك متّسع على األقل لتبيني اتصالية التفكري األخالقي مع غريه من التفكري من خالل‬
‫ال كذلك‬ ‫التأكيد على أنّه كله مسألة نسب خصائص لألشياء (وإن كانت خصائص خمتلفة النوع)‪ ،‬وهناك جم ٌ‬
‫لتحديد كون الطبيعة املميزة للتفكري األخالقي هي يف الشرعيّة امل ّدعاة للخصائص اليت يتم نسبها‪ .‬ابلتأكيد إ ّن‬
‫تصور‪ ،‬ومور نفسه يف احلقيقة ال يق ّدم الكثري من حيث تبيني‬ ‫تصور ليس هو تقدمي ُّ‬ ‫ترك اجملال الستيعاب ُّ‬
‫أي حال‪ ،‬إ ّن األمر الذي كان دوما مشكلة‬ ‫الشرعية املعيارية (كما متكن تسميتها) للخصائص األخالقية‪ .‬على ّ‬
‫يف طرح مور هو أ ّن الصورة املتّسقة اليت تنشأ منه تفرتض مسبقأ (‪ )i‬وجود خصائص مشكوك فيها ميتافيزيقيًّا‬
‫أي شيء عنها‬ ‫تقع خارج العالقة السببية‪ ،‬وبذلك فإنّه (‪ )ii‬سيكون من الغامض متاما كيف ميكن أن نعرف ّ‬
‫اتمة (أي عن هذه اخلصائص إن كانت موجودة)‪ .‬حياول مور والبدهيّون الذين جاؤوا بعده معاجلة هذه‬ ‫بثقة ّ‬
‫التح ّفظات بطرق خمتلفة‪ّ ،‬أما أتباع نظرية الغلط ‪ error theory‬يف املقابل فريون أ ّن الصورة املتّسقة اليت‬
‫تصور الصحيح ملا يتضمنّه التفكري والكالم األخالقيّني‪ ،‬ولكنّهم جيادلون‬
‫األقل‪ -‬ال ُّ‬
‫رمسها مور هي ‪-‬تقريبا على ّ‬
‫حبق‪ ،‬ويقولون أب ّن لدينا‬
‫ف معقوليّتها ّ‬ ‫املؤدايت امليتافيزيقية واإلبستمولوجية اإلشكاليّة لتلك الصورة تُضع ُ‬
‫أب ّن ّ‬
‫‪xii‬‬
‫األخالقي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أسبااب مقنعة لرفض االفرتاضات املسبقة للتفكري‬

‫ابلتصورات اليت‬
‫ّ‬ ‫األخالقي هو نظري موقف امللحد فيما يتعلّق‬
‫ّ‬ ‫إ ّن موقف أتباع نظرية الغلط فيما يتعلّق ابلتفكري‬
‫تتضمن سوء فهم أو افرتاضا‬‫وحكمه‪ ،‬فالنقطة يف كلتا احلالتني هي أ ّن األفكار يف املوضوع ّ‬ ‫عن إرادة اإلله ُ‬
‫مسبقا ابطال‪ ،‬و ّأهنا لذلك ال ميكن أن تكون صائبة‪ .‬جدير ابلذكر أ ّن موقف من يتبع نظرية الغلط يتطلّب‬
‫األخالقي فعال االفرتاضات اليت يشري إليها أتباع نظرية‬
‫ّ‬ ‫إثبات ّادعائني واجها ُمعاكسة‪ّ ،‬أوهلما أ ّن للتفكري‬
‫الغلط‪ ،‬واثنيهما أ ّن هذه االفرتاضات هي كما يقول أتباع نظرية الغلط‪ ،‬ال ميكن الدفاع عنها عقالنيًّا‪ .‬ولكن‬
‫األخالقي فإ ّن عليه البيّنة ليثبت أ ّن افرتاضات‬
‫ّ‬ ‫أي أحد أيمل أن يدافع عن التفكري‬ ‫يف الوقت ذاته فإن كان ّ‬
‫ومؤدايته ميكن يف هناية األمر الدفاع عنها‪.‬‬
‫األخالقي ّ‬
‫ّ‬ ‫التفكري‬

‫‪ .5‬إبستمولوجيا األخالق‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪13‬‬


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫سوغ جمموعة أحكام أخالقية معيّنة بدل‬ ‫يبني كيف ميكن أن ن ّ‬‫أي شخص يبتغي دفاعا مثل ذلك أن ّ‬ ‫حيتاج ّ‬
‫غريها‪ .‬فيما يتعلّق ابألخالق‪ ،‬ما الذي يُعتَبُ أساسا كافيا لألخذ برأي دون اآلخر؟ وما نوع الدليل الذي ميكن‬
‫أي دليل حيتكم إىل اعتبارات غري قيميّة فقط‬ ‫أن يوجد؟ إن كان هيوم ومور حم ّقني‪ ،‬فإنّه ال ميكن أن يكفي ُّ‬
‫( ّإال إن افرتضنا بشكل مسبق مبدأ استدالل يربط املق ّدمات غري األخالقيّة ابلنتائج األخالقية)‪ .‬ولكن إن كان‬
‫علينا أن نستند إىل مق ّدمات أو مبادئ قيميّة للوصول إىل استنتاجات أخالقيّة حم ّددة من مق ّدمات غري أخالقيّة‬
‫(مثل مق ّدمات غري أخالقيّة حيال أثر فعل على الل ّذة أو على حتقيق املصاحل اإلنسانية)‪ ،‬فإ ّن السؤال يظهر‪،‬‬
‫نسوغ املق ّدمات واملبادئ االخالقية؟"‬
‫"كيف ميكن لنا أن ّ‬
‫اقرتحت إحدى اإلجاابت أنّه على مستوى مناسب من التجريد هناك مق ّدمات ومبادئ يوافق اجلميع عليها‬
‫لكن ّادعاءات‬
‫سيءٌ" أو "جيب أن يُعامل اجلميع بتساو"‪ ،‬و ّ‬‫خاطئ" أو "األمل ّ‬
‫ٌ‬ ‫يف الواقع‪ ،‬رّمبا يكون منها‪" :‬القتل‬
‫كهذه ابلطبع ال تق ّدم الكثري‪ ،‬فهناك أسئلةٌ تطرأ مباشرة‪ ،‬فمىت يكون القتل جرمية؟ وكيف جتب مقارنة اآلالم‬
‫كادعاءات يتفق عليها‬
‫االدعاءات األخالقية اليت تُقد ُم ّ‬
‫املختلفة؟ و ما الذي يُعتَبُ معاملة للناس ابلتساوي؟ إ ّن ّ‬
‫ألي منها أن يكون حم ّددا مبا يكفي الستقراران على رأي دون اآلخر بكونه‬
‫اجلميع أو الغالبية العظمى‪ ،‬ال ميكن ّ‬
‫مسوغا أكثر‪.‬‬

‫يف ضوء ذلك ميكن للمرء أن يق ّدم مبدأ أكثر حتديدا‪ ،‬ال كمبدأ يتّفق عليه اجلميع بل كمبدأ يلتزم به اجلميع‬
‫غين املضمون ليكون‬‫يف احلقيقة (وإن كانوا قد ال يدركون ذلك)‪ .‬تفتح هذه الطريقة إمكانيّة اإلشارة إىل مبدأ ّ‬
‫مسوغا ابلفعل‬
‫لكن ذلك يتطلّب إثبات كون ذلك املبدأ ّ‬ ‫املسوغ لألحكام األخالقية االخرى‪ ،‬و ّ‬ ‫هو األساس ّ‬
‫االدعاء‬
‫يَبر ّ‬‫ض ان يدعمها‪ .‬كذلك جيب على من ينتهج هذا الطريق أن ّ‬ ‫لألحكام األخالقية احمل ّددة اليت يُفرت ُ‬
‫الشك أب ّن ّادعاء وجود مبادئ يلتزم هبا اجلميع‬
‫القائل أب ّن الناس يف احلقيقة ملتزمون ابملبدأ أصال‪ ،‬وهذا يثري ّ‬
‫إّّنا ينقل اإلشكال األصل وال يواجهه فعليًّا‪.‬‬

‫أي حال‪ ،‬حىت وإن كانت هناك مبادئ حم ّددة إىل درجة مناسبة يلتزم هبا الناس‪ ،‬وكان ميكن إثبات ذلك‪،‬‬ ‫على ّ‬
‫سوغ أحكاما أخالقيّة أكثر حتديدا‪ ،‬فإنّه‬
‫وحىت إن كان ميكن إثبات أ ّن تلك املبادئ (إن كانت صحيحة) ت ّ‬
‫ميكن للمرء بشكل معقول أن يتساءل عن حالة البناء الناتج؛ مل ال نراها قلعة يف السماء‪ ،‬بناء بال أساس‬
‫صحته أو صوابيّته‪.‬‬
‫كاف؟ يف هناية األمر إ ّن كوننا نقبل مببدأ ما أو نلتزم بقبوله يبدو بعيدا عن إثبات ّ‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪14‬‬


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يبدو أ ّن أحكامنا االخالقيّة (سواء عن حاالت معيّنة أم عن مبادئ عامة) منفصلةٌ بطريقة ُمشكلة عن مصادران‬
‫نشم القيمة أو الصواب‬
‫املعتادة لألدلّة فيما يتعلّق بطبيعة العامل‪ .‬ال نستطيع أن نرى أو نلمس أو نذوق أو ّ‬
‫نشم بعض األشياء اليت حتمل قيمة أو هي صائبةُ‬
‫نتذوق أو ّ‬ ‫(األخالقي) أو الفضيلة‪ ،‬وإن كنّا نرى أو نلمس أو ّ‬
‫ّ‬
‫أو ُجت ّس ُد فضيلة‪ .‬كيف نعرف إذا عن القيمة والصواب والفضيلة ذواهتم؟ ما هو األساس الذي عليه نعتقد أ ّن‬
‫أحكامنا األخالقيّة املتع ّددة ترتبط بطريقة مناسبة مع ما حت ُك ُم عليه؟‬

‫ابلتأكيد ليست األحكام األخالقيّة األحكام الوحيدة اليت تواجه حت ّداي كهذا‪ ،‬فكذلك تواجه كثريٌ من األحكام‬
‫الرايضية والصوريّة والدينيّة حت ّداي مماثال‪ ،‬فكلّها كما يبدو تتعلّق مبوضوعات غامضة أبشكال ع ّدة‪ ،‬وغري حمسوسة‬
‫بشكل مباشر‪ ،‬وذلك يش ّكل وجود بعض الرفقاء يف الذنب‪ ،‬ولكنّه كذلك يعطي أمال يف أنّه إن كانت هناك‬
‫تبني كيف أنّنا ميكن (أو ال ميكن) أن نعرف عن األعداد أو االحتماالت أو الضرورة أو اإلله‪،‬‬ ‫ات معقولةٌ ّ‬‫تصور ٌ‬
‫ُّ‬
‫فإهنا ستفيد يف استبصار األدلّة اليت ميكننا أن نصل إليها (إن ُوجد) فيما يتعلّق ابألخالق‪.‬‬‫ّ‬

‫جيدر التأكيد على أ ّن النظرايت الوصفيّة ‪ positive theories‬إلبستمولوجيا األخالق مرتبطة ال حمالة‬
‫التصورات‪ .‬حسب بعض‬ ‫ُّ‬ ‫األخالقي وابالفرتاضات وااللتزامات امليتافيزيقية لتلك‬
‫ّ‬ ‫بتصورات طبيعة احلكم‬
‫ّ‬
‫الطروحات‪ ،‬ليس هناك شيءٌ لنعرفه وليست هناك حاجةٌ لنظرية إبستمولوجية أصال‪ ،‬وحسب أخرى فإن كان‬
‫فهم لالحكام االخالقية بشكل صحيح‪ ،‬فإنّه سيظه ُر أ ّن تسويغها هو كمثل تسويغ األحكام األخرى‬ ‫هناك ٌ‬
‫اليت لدينا (أو أنمل أن تكون لدينا) إبستمولوجيا معقولة هلا‪ ،‬فتكون إبستمولوجيا األخالق يف اتّصالية مع‬
‫النظرايت اإلبستمولوجيّة للمجاالت االخرى‪ .‬وابلنسبة لطروحات أخرى‪ ،‬تتطلّب األحكام االخالقيّة نظرية‬
‫التوصل إىل معرفة أخالقية‪ .‬ومهما يكن ما خنتاره من هذه الطروحات‪،‬‬ ‫إبستمولوجيّة فريدة تفهم قدرتنا على ّ‬
‫مؤداها أن ال يوجد شيءٌ لنعرفه ال‬
‫حقيقي‪ ،‬ويف احلالة األوىل اليت ّ‬
‫ّ‬ ‫ت لُوح الشكوكيّة اإلبستمولوجية كاحتمال‬
‫يطور نظرية‬
‫حتمي‪ .‬وحىت إن استطاع املرء أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫تلوح الشكوكيّة ‪ skepticism‬فحسب‪ ،‬بل تنتج بشكل‬
‫وصفيّة إلبستمولوجيا األخالق تكون حبسبها املعرفة األخالقية ممكنة‪ ،‬فإنّه سيبقى صعبا التح ّدي إلثبات أنّه‬
‫مت التوصل إىل معرفة‪.‬‬

‫يف الوقت ذاته يبدو أ ّن جزءا كبريا من األخالق مسألة معرفة كيفية‪ ،‬أي كيف نستجيب حلاجة اآلخرين‪ ،‬أو‬
‫أساسي مسألة معرفة أ ّن‬
‫ّ‬ ‫نتصرف قي احلاالت املختلفة‪ ،‬وليس بشكل‬ ‫كيف نستجيب للتهديدات‪ ،‬أو كيف ّ‬
‫شك إ ّن الرتكيز على "معرفة كيف" بدال من "معرفة أ ّن" ال يعاجل الشكوكيّة جتاه‬
‫شيئا ما هو الواقع‪ .‬بال ّ‬
‫لكن االهتمام بسؤال إىل‬
‫االدعاءات اليت ميكن ان نق ّدمها عن معرفة الكيفيات أيّها يكون ُمعتَبا أخالقيًّا‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪15‬‬


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أمر‬
‫أي درجة يُعتَبُ الناس أخالقيّني (أو الأخالقيّني) حبسب سلوكهم ال حبسب ما ي ّدعون أو يعتقدون هو ٌ‬ ‫ّ‬
‫أي تص ُّور معقول للمعرفة األخالقيّة‪.‬‬
‫مهم لفهم طبيعة األخالق وما جيب أن يغطّيه ُّ‬
‫ٌّ‬

‫واملسوغات‬
‫ّ‬ ‫‪ .6‬األخالقيّات والدوافع‬
‫أخالقي‬
‫ّ‬ ‫يتّفق اجلميع على أ ّن من السمات اليت متيز األخالق صلتها القريبة ابألفعال‪ .‬مثال عند إطالق حكم‬
‫للتصرف بطريقة معيّنة أو التّباع حال‬
‫يبدو أنّنا نق ّدم ّادعاء لو كان صحيحا فإنّه يعطي ألحد ما سببا كافيا ّ‬
‫فاالدعاء أب ّن شيئا‬
‫االدعاءات املتعلّقة ابللون مثال‪ّ ،‬‬
‫االدعاءات األخالقية و ّ‬‫مهما بني ّ‬
‫معني‪ ،‬وهذا يش ّكل فرقا ًّ‬‫ّ‬
‫معني ّإال‬
‫لتصرف بطريقة معيّنة أو اتّباع حال ّ‬
‫ما أمحر وإن كان صحيحا ال يرتبط إبعطاء أحد سببا يوجب ا ّ‬
‫يروج له‬
‫مسوغٌ لكي ّ‬‫األقل ّ‬
‫معني خريا أخالقيًّا فيبدو أ ّن اجلميع لديه على ّ‬
‫بشكل مشروط‪ ،‬بينما إن كان شيءٌ ّ ٌ‬
‫يظل‬
‫سوغ أو جتاهله‪ ،‬ول ّكنه ُّ‬‫أو يتبعه أو حيميه أو حيرتمه‪ ،‬إن كان يدرك أنّه خري على األقل (قد ميكن رفض امل ّ‬
‫مسوغا)‪ .‬وقد اعتقد كثريون أ ّن ُحكم املرء على شيء أبنّه خري (أكان حمقًّا أم مل يكن) يعين وجود دافع عنده‬
‫ّ‬
‫يظل دافعا)‪.‬‬
‫للدعوة إليه أو اتّباعه أو محايته او احرتامه (ميكن رفض الدافع كذلك أو جتاهله ولكنّه ّ‬
‫ومسوغات الفعل‪ ،‬وكذلك بني األحكام االخالقيّة‬‫يبدو إذا أ ّن هناك ترابطات ضروريّة بني اخلصائص االخالقيّة ّ‬
‫مسوغات الفعل‪ ،‬حبيث أنّه‬
‫والدوافع‪ .‬رأى البعض كذلك أ ّن هناك ارتباطا ضرورًّاي بني األحكام األخالقيّة و ّ‬
‫يسوغ‬
‫اب أخالقيًّا (أكان حمقًّا أم مل يكن) فذلك يش ّكل له سببا ّ‬
‫شخص أب ّن شيئا ما خريٌ أو صو ٌ‬
‫ٌ‬ ‫حني حيكم‬
‫تصرفه بطريقة معيّنة أو اتّباعه حاال معيّنا‪ .‬ورأى آخرون أ ّن هناك ارتباطا ضرورًّاي كذلك بني وجود مسوغ ألحد‬
‫ّ‬
‫معني لدى ذلك الشخص أو قابليّته لوجود ذلك‬ ‫ليتصرف بطريقة ما أو يتبع حاال ما وبني وجود دافع ّ‬ ‫ما ّ‬
‫‪xiii‬‬
‫مسوغٌ يُوجب فعل شيء ّإال ما ميكن أن‬‫الدافع‪ .‬هذا االقرتاح األخري القائل ابنّه ال ميكن أن يكون هناك ّ‬
‫الضروري لكون‬
‫ّ‬ ‫مؤدايته كذلك ملا ميكن أن يُعتَب خريا‪ ،‬إذا كان من‬
‫قول له ّ‬
‫دافع لفعله‪ ،‬هو ٌ‬‫يكون لدى املرء ٌ‬
‫‪xiv‬‬
‫لتصرف بطريقة معيّنة حياله‪.‬‬
‫مسوغٌ يوجب على املرء ا ّ‬
‫شيء خريا أن يُوجد ّ‬
‫ُكلٌّ االرتباطات الضروريّة امل ّدعاة جدليّةٌ‪ ،‬ومع ذلك ُكلها مت اعتبارها يف صلب ما مييز األخالق‪ .‬يف الوقت‬
‫األقل يتعارض‬
‫تصورات خمتلقة عن األخالق‪ ،‬وبعضها على ّ‬ ‫ذاته‪ ،‬تتالءم االرتباطات امل ّدعاة بدرجات خمتلفة مع ُّ‬
‫قي‬
‫تصورات عن األخالق‪ ،‬ولذا فإ ّن الصور من الالمعرفيّة اليت ترى احلُكم األخال ّ‬
‫بشكل صريح مع بعض ال ُّ‬
‫الداخلي (إن ُوجد) بني إطالق ُحكم‬
‫ّ‬ ‫تبني االرتباط‬
‫سهل عليها أن ّ‬
‫مسألة تعبري عن موقف دافع لدى املرء ي ُ‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪16‬‬


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أخالقي بصدق ووجود دافع متناسب معه لدى املرء‪ ،‬بينما أ ّن بعض الطروحات الطبيعانيّة املعرفيّة‬‫ّ‬
‫علم اتم‪،‬‬
‫تعرف اخلرييّة ابلقدرة على ضمان القبول ممّن لديه ٌ‬
‫)‪ ،(naturalist cognitivist‬كتلك اليت ّ‬
‫كم بصدق على شيء أبنّه سيضمن القبول دون أن يكون لذلك الشخص‬ ‫يلزم يف ضوءها أنّه ميكن لشخص احلُ ُ‬
‫‪xv‬‬
‫أي دافع من تلك احلقيقة‪.‬‬
‫ُّ‬

‫املسوغات والدوافع على تقييد‬


‫وجود فهم صحيح للعالقات بني األخالق و ّ‬ ‫إ ّن حتديد الشكل الذي يؤثّر به ُ‬
‫أمر كان ومل يزل مسألة رئيسيّة يف امليتا‪-‬أخالق‪ .‬يف احلقيقة إ ّن طرح غلوكون‬‫تصور عن األخالق هو ٌ‬ ‫وإثراء ُّ‬
‫األصلي بشأن طبيعة األخالق (الذي يعتَب األخالق ًّ‬
‫حال عُرفيًّا للمشاكل اليت كنّا لنواجهها) قد متّ تقدميه‬ ‫ّ‬
‫فرتض أن تكون الفضيلة غاية لذاهتا‪،‬‬ ‫مسوغا للجميع‪ ،‬ويُ ّّ‬‫إلبداء حتفُّظ عن األخالق؛ فهي تزعم ّأهنا تعطي ّ‬
‫ويٌطلب من املرء أن يفعل الصواب ألنّه الصواب ال ألنّه ينتظر منه منفعة‪ ،‬ولكن يف مواجهة ما تطالب به‬
‫شك‪ .‬وعلى وجه التحديد‪ ،‬إن كانت‬ ‫اإلدعاءات عن طبيعتها وقيمتها تبدو موضع ّ‬ ‫األخالق أحياان‪ ،‬فإ ّن هذه ّ‬
‫تتكون من جمموعة قواعد عُرفيّة نضعها لنستفيد من ضبط األخرين‪ ،‬فإنّه‬‫األخالق (كما يعتَبها طرح غلوكون) ّ‬
‫سوغ الوحيد (والدافع الوحيد) لالمتثال إىل القواعد سيكون يف النتائج اليت نرجتيها من هذا االمتثال‪،‬‬
‫يبدو أ ّن امل ّ‬
‫يتم كش ُفنا مثال)‪ ،‬لن يكون‬
‫ويف احلاالت اليت نستطيع فيها نيل املصاحل دون االمتثال (عندما نضمن أنّه لن ّ‬
‫دافع لعدم خرق القواعد‪ .‬إذا فإن كان مور مصيبا بشأن طبيعة األخالق‪ ،‬فإ ّن األخالق (إن‬ ‫لدينا مسوغٌ وال ٌ‬
‫مسوغا‬
‫مسوغا لالتباع ّإال للبعض‪ ،‬وذلك يف ظروف معيّنة‪ ،‬ولن تعطي ّ‬ ‫فُهمت بشكل صحيح) لن تعطي ّ‬
‫للجميع التباعها يف كل وقت‪ .‬كذلك لن تكون الفضيلة غاية لذاهتا‪ ،‬ولن تكون األخالق يف صورة جتعل من‬
‫املعقول لشخص أن يفعل الصواب (الذي حت ّدده القواعد املوضوعة) لذاته‪ ،‬أل ّن القيمة الوحيدة للقواعد هي‬
‫يف املصاحل من امتثال اآلخرين هلا‪.‬‬

‫يسوغ‬
‫تصوره هو‪ّ -‬‬ ‫تصورا عن األخالق –بعكس ُّ‬ ‫األساسي هو أن أيخذ من سقراط ُّ‬‫ّ‬ ‫لقد كان هدف غلوكون‬
‫ف ّادعاء األخالق حل ّقها يف‬
‫تصوٌر كهذا ليظهر فإ ّن ذلك سيُضع ُ‬
‫مزاعم األخالق‪ .‬لقد افرتض أنّه إن مل يكن ُّ‬
‫إلزامنا حىت إن بقيت لدينا أسبابنا اخلاصة لالستمرار يف اخلرافة وللعمل على امتثال اآلخرين لقواعدها‪ .‬ذهب‬
‫تصور لطبيعة األخالق (ابلتحديد طبيعة العدالة)‪،‬‬
‫جزء كبري من كتاب اجلمهورية يف حماولة سقراط ّأوال وضع ُّ‬
‫أمر ذا قيمة بغض النظر عن النتائج‪ .‬يف إثبات قيمة كون املرء‬ ‫واثنيا للمجادلة أب ّن كون املرء أخالقيًّا هو ٌ‬
‫األخالقي‪ ،‬وكون صاحب الفضيلة يستفيد‬
‫ّ‬ ‫أخالقيًّا‪ ،‬كان اهتمام سقراط هو يف إثبات كونه ذا قيمة للشخص‬
‫من فضيلته وأ ّن الفضيلة ال تقتصر على اآلخرين‪ .‬إنّه حياول ابلتأكيد أن يثبت أ ّن األخالقيّة ذات قيمة للشخص‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪17‬‬


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫األخالقي‪ ،‬وأنّه مهما كانت نتائج الظلم ومهما عظمت املصلحة فيه‪ ،‬فلن تكون هلا قيمةٌ كافيةٌ لتفوق املخاسر‬
‫ّ‬
‫يف البعد عن الفضيلة‪.‬‬

‫تصور سقراط للدعائم امليتافيزيقيّة واإلبستمولوجية لرؤيته (احتكامه إىل املثل األفالطونية الثابتة غري املادية‬ ‫إ ّن ّ‬
‫تصوره لطبيعة العدالة‬
‫لكن ُّ‬
‫جلي ابلالطبيعانيّة وبشيء كالبدهيّة‪ .‬و ّ‬
‫العقلي هلذه املثل) يُلزُمه بشكل ّ‬‫ّ‬ ‫وإىل إدراكنا‬
‫ت قيمتها‪ ،-‬كلّه حيتكم إىل اعتبارات متاحة للطبيعاينّ كما هي متاحةٌ‬ ‫ولسماهتا احمل ّددة ‪-‬الذي يعتَبُ هو ّأهنا تُثب ُ‬
‫ّلالطبيعاينّ‪.‬‬

‫ب‬‫علي أن أكون أخالقيًّا؟" دائما يف لُ ّ‬


‫ظ غلوكون "مل ّ‬ ‫أي حال‪ ،‬لقد كان السؤال الذي يتضمنّه حت ُّف ُ‬
‫على ّ‬
‫البعض أب ّن السؤال يف غري حملّه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫مسوغٌ لفعله‪ xvi.‬لقد جادل‬ ‫حماوالت تبيني العالقة بني االخالق وما هناك ّ‬
‫أخالقي لنكون أخالقيّني‪ ،‬وقد رأى آخرون أ ّن‬
‫ّ‬ ‫مسوغ غري‬
‫وجود سبب أو ّ‬ ‫األقل إن كان يفرتض أنّه جيب ُ‬
‫على ّ‬
‫مسوغا يوجب على‬ ‫السؤال ُمتك ُن إجابته على أساس أ ّن كون فعل ما واجبا أخالقيًّا مثال يلزُم منه أ ّن هناك ّ‬
‫أهم حت ّد على اإلطالق لشرعيّة االخالق‪ ،‬إذ إ ّن ّادعاء األخالق‬ ‫املرء فعله‪ .‬ورأى آخرون غريهم أ ّن السؤال يضع ّ‬
‫صعب جدًّا‪.‬‬
‫لكن إثبات ذلك ٌ‬ ‫مسوغ يوجب علينا االمتثال ملطالبها‪ ،‬و ّ‬ ‫الستحقاق التزامنا يعتمد على وجود ّ‬
‫مهما يكن الرأي الذي يتبنّاه املرء بشأن االرتباطات املوجودة (أو غري املوجودة) بني اخلصائص األخالقيّة‬
‫تصور أن يكون معقوال كدفاع عن‬ ‫ومسوغات الفعل والدوافع املؤثّرة‪ ،‬فإنّه ال ميكن ل ُّ‬
‫واألحكام االخالقيّة ّ‬
‫العملي الذي ينتج عنه قر ٌار أو‬
‫ّ‬ ‫ب االعتبارات األخالقيّة يف التفكري‬
‫يبني كيف و مل جت ُ‬
‫األخالق إّال إن كان ّ‬
‫عل‪ .‬إ ّن تبيني هذا بشكل صحيح ال يتعارض ‪-‬من حيث املبدأ‪ -‬مع االعتقاد أب ّن األحكام االخالقيّة ال‬ ‫ف ٌ‬
‫مسوغات للفعل‪ ،‬وهو كذلك ال يتعارض مع القول أب ّن االحكام األخالقيّة تفشل أحياان يف‬ ‫تش ّكل دائما ّ‬
‫مسوغٌ ليفعل املرء شيئا ليس‬
‫إعطاء دافع‪ ،‬وهي أخريا ال تتعارض مع الفكرة القائلة أبنّه ميكن أن يكون هناك ّ‬
‫دافع لفعله‪ .‬ابلتأكيد إ ّن هذه األقوال ُكلها جدليّةٌ إىل ح ّد كبري‪ ،‬وهي تنطوي على رفض ملا اعتَبه آخرون‬
‫لديه ٌ‬
‫حقائق ضروريّة‪.‬‬

‫‪ .7‬احلرية واملسؤولية‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪18‬‬


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫خاصة يف تبيني مىت وأين‬


‫العملي‪ُ ،‬مه ٌّم ّ‬
‫ّ‬ ‫هتم االعتبارات األخالقيّة يف التفكري‬
‫ب أو ّ‬ ‫إ ّن فهم وتبيني أن كيف جت ُ‬
‫عما يفعلونه أو ال يفعلونه‪ ،‬بعض هذا التبيني مسألةٌ متعلّقةٌ ابلنظرية األخالقيّة‪ ،‬وليس‬ ‫ومل يُعتَبُ الناس مسؤولني ّ‬
‫يتضمن معرفة ما هي األعذار اجليّدة‪ ،‬والتَبيرات املعقولة‪ ،‬واألعباء ذات الصلة‪.‬‬ ‫مسألة ميتا‪-‬أخالق‪ ،‬وهو ّ‬
‫أي نظريّة عن املسؤولية األخالقية ال حمالة إىل نظريّة أخالقيّة حتديديّة‪.‬‬
‫وتستند ّ‬
‫تصور عن املسؤوليّة األخالقيّة‪ ،‬وتنشأ اإلشكاالت أبعنف‬‫بيد أ ّن هناك إشكاالت ميتا‪-‬أخالقية مرتبطةٌ بطرح ُّ‬
‫حريّة اإلرادة؟ وإن كانت تفرتضها‪،‬‬‫شكل حني ينظر املرء يف طبيعة املسؤولية وأمهّيّتها‪ ،‬فهل تفرتض املسؤوليّة ّ‬
‫حرة؟ ال ميكن أن يكون األمر جمّرد مسألة كون إرادته ليست ُمسب بة‪ .‬يف هناية االمر‪،‬‬ ‫فمىت يُعتَب املرء ذا إرادة ّ‬
‫حريّة (ابملعىن‬
‫مسوغات قيامه ابألفعال‪ ،‬لن يكون أكثر ّ‬
‫إ ّن شخصا إرادته عشوائيّةُ متاما ال تعتمد عليه وال على ّ‬
‫شخص آخر بشكل كامل ومباشر كما يتحكم ابلدُّمى ُحمّرُك‬ ‫ٌ‬ ‫الذي نتحدث عنه) من شخص يتحكم إبرادته‬
‫املسوغات اليت لديه؟ هل‬ ‫حىت تُعتَب إرادته خاضعة مبا يكفي عليه أو على ّ‬ ‫الدُّمى‪ .‬ما الذي يتطلّبه األمر ّ‬
‫خضوعها الكايف هذا مسألة كون إرادته ال يتم حتديدها‪ ،‬أو كون أشياء معيّنة هي ما حي ّددها أو كوهنا يتم‬
‫أي حال‪ ،‬إن كان عند املرء اإلرادة احلرة ابلصورة اليت تتطلّبها االخالق (مهما‬ ‫حتديدها بطريقة معينة؟ على ّ‬
‫املادية‬
‫كانت)‪ ،‬فكيف لنا أن نفهم العالقة ما بني اإلرادة وما يؤثّر فيها من جهة‪ ،‬واملسبّبات السيكولوجيّة و ّ‬
‫ُ‬
‫ادي‪ ،‬من جهة أخرى؟ كيف ميكن وجود فاعلني‬ ‫املختلفة اليت حت ّدد كما يبدو السلوك الذي يُعتَبُ هو الفعل اإلر ّ‬
‫طبيعي؟‬
‫ّ‬ ‫ذوي إرادة ُحرة يف عامل‬

‫مبا ال مفاجأة فيه‪ ،‬إ ّن جمموعة اإلجاابت اليت متّ طرحها هلذه األسئلة تغطّي طيفا واسعا جدًّا‪ .‬يرى البعض أ ّن‬
‫احلريّة بتلك الصورة‪ ،‬أو يقولون بدال‬ ‫احلرية بصورة معيّنة وجيادلون أبنّنا نفتقر إىل ّ‬
‫املسؤولية األخالقيّة تتطلّب ّ‬
‫من ذلك إنّنا ّنتلكها أحياان على األقل‪ .‬ويرى آخرون أ ّن احلرية ال عالقة هلا ابملسؤولية‪ ،‬وأ ّن يكفي العتبار‬
‫احلرة إبرادة غري حمتمة‪،‬‬
‫يعرفون اإلرادة ّ‬
‫الناس مسؤولني أخالقيًّا أن تكون إرادهتم غري حمتمة‪ .‬وهناك آخرون ال ّ‬
‫بل إبرادة حمتمة حي ّددها العقل‪ ،‬ويقول أخرون غريهم إ ّن الفهم الصحيح للمسؤولية األخالقية سيُظه ُر أ ّن األسئلة‬
‫امليتافيزيقيّة بشأن طبيعة اإلرادة ال عالقة هلا ابملسؤولية األخالقية‪.‬‬

‫‪ .8‬املبادئ األخالقية واألحكام احمل ّددة‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪19‬‬


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫يخ من احملاوالت لتعريف وصياغة (والدفاع عن) املبادئ األخالقية العامة اليت‬ ‫إ ّن اتريخ النظرية األخالقية اتر ٌ‬
‫تبني مىت ومل تُعتَبُ األنواع املختلفة من الفعل والتقاليد والشخصيّات صائبة أو خاطئة (أخالقيًّا)‪ ،‬أو عادلة أو‬‫ّ‬
‫عاما ومبادئيًّا عن األخالق ليتم‬
‫تصورا ًّ‬
‫ظاملة‪ ،‬أو فضيلة أو رذيلة‪ .‬لقد كان االفرتاض ابستمرار هو أ ّن هناك ُّ‬
‫أي جمموعة من املبادئ اليت جنحنا يف صياغتها‬ ‫تقدميه‪ ،‬وقد بقي هذا الفرتاض ابلرغم من أنّه ال يرى كثريون أ ّن ّ‬
‫يفسر هذا االفرتاض؟ مل ال نقول –كما يقول االنصرافيّون ‪ -particularists‬إنّه من‬ ‫مناسبةٌ متاما‪ .‬ما الذي ّ‬
‫املمكن ّأال تكون هناك أصال جمموعة مبادئ عامة مناسبة كفاية لتضع متييزات أخالقيّة؟ أو مل ال نعتَب –كما‬
‫ت أ ّن األخالق عبارةٌ عن "كيمريا"؟‬ ‫املتكرر يف حتديد مبادئ مناسبة متاما يُثب ُ‬
‫يعتَب الشكوكيّون‪ -‬أ ّن فشلنا ّ‬
‫أسطوري أتيت أجزاؤه من ع ّدة حيواانت)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(الكيمريا حيوان‬

‫إ ّن مواجهة هذه األسئلة يعيد املرء فورا ومباشرة إىل التساؤل عن طبيعة األخالق وعن الدور الذي يُفرتض أن‬
‫عل من املعقول فكرة أ ّن املبادئ العامة أساسيّةُ‬
‫أي شيء عن طبيعة أو دور األخالق جي ُ‬ ‫تؤديه يف حياة اإلنسان‪ُّ .‬‬ ‫ّ‬
‫لألخالق؟ مل ال نفرتض أنّه ميكن حلالة معيّنة من الوحشيّة أن تكون خاطئة ولغريها أن ال تكون خاطئة‪ ،‬دون‬
‫طبيعي جدًّا أن نفرتض أ ّن هناك‬‫ّ‬ ‫ليسوغ التعامل معهما على ّأهنما خمتلفتني؟ مل هو‬‫أساس ّ‬ ‫أن يكون هناك ٌ‬
‫ويسوغ‬
‫ابلتأكيد اختالفا آخر –كاختالف يف نتائجهما أو اختالف يف ما ّأدى إىل فعل الوحشيّة‪ -‬يدعم ّ‬
‫االعتقاد أب ّن إحدامها خاطئة دون األخرى؟ مل ال نفرتض أ ّن إحدى احلالتني صدف ّأهنا خاطئةٌ وصدف أ ّن‬
‫األخرى ليست كذلك؟ أليس من املمكن أنّه يصدف أ ّن اخلصائص األخالقية مصنفة بطريقة عشوائية‪ ،‬حيث‬
‫معني له صفة أخالقيّة معيّنة بينما أ ّن فعال آخر ال خيتلف عنه‬ ‫يسوغ كون فعل ّ‬ ‫إنّه يف هناية األمر ليس هناك ما ّ‬
‫ّإال ابلصفة األخالقية‪ ،‬له صفة أخالقيّة خمتلفة؟ هذه االحتماالت املقرتحة ليست احتماالت حقيقيّة أبدا كما‬
‫أساسي‪ ،‬مبا جيعلها تتعارض مع ّادعاء األخالق‬
‫ّ‬ ‫أعتقد‪ ،‬ف ُكلٌّ منها يلزم منه أ ّن مطالب األخالق اعتباطيّةٌ بشكل‬
‫أظن أن إجابة جيّدة ستُبع ُد عن‬ ‫للشرعيّة‪ .‬ولكن ما الذي مينع أن تكون األخالق بشكل أساسي اعتباطية؟ ّ‬
‫مستقل متاما عن خماوفنا وممارساتنا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الفكرة القائلة إ ّن اخلصائص األخالقيّة هي ببساطة موجودةٌ يف العامل‪ ،‬بشكل‬
‫مبجرد أن يُق ّدم املرء –إن استطاع‪ -‬جمموعة متّسقة ومتينة‬ ‫ولكنّنا حنتاج إجابة جيّدة‪ ،‬وال تُعطى إجابةٌ جيّدةُ ّ‬
‫من املبادئ جنحت يف منهجة األحكام األخالقيّة احمل ّددة لألفعال والتقاليد والشخصيّات‪ ،‬فال يكمن التحدي‬
‫ببساطة يف إثبات وجود ّنوذج تتبعه األحكام األخالقيّة‪ ،‬وإّّنا يكمن التح ّدي يف إثبات كون هذا النموذج‪،‬‬
‫سوغ أمهّيتها‪.‬‬
‫يبني وي ّ‬
‫أي املبادئ اليت تتوافق معها األحكام األخالقيّة‪ّ ،‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪20‬‬


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫المصادر‬

• Ayer, A. J., 1946. “A Critique of Ethics,” in Language, Truth and Logic, London:
Gollanz, pp. 102–114.

• Blackburn, Simon, 1993. Essays in Quasi-Realism, Oxford: Oxford University Press.

• Boyd, Richard, 1988. “How to Be a Moral Realist,” in Essays on Moral Realism,


edited by G. Sayre-McCord, pp. 181–228.

• Brink, David, 1989. Moral Realism and the Foundations of Ethics, Cambridge:
Cambridge University Press.

• Dancy, Jonathan, 1993. Moral Reasons, Oxford: Blackwell.

• Falk, W. D., 1947. “‘Ought’ and Motivation,” in Proceedings of the Aristotelian


Society, 48: 492–510

• Firth, R., 1952. “Ethical Absolutism and the Ideal Observer,” Philosophy and
Phenomenological Research, 12: 317–345.

• Foot, Philippa, 1958, “Moral Beliefs,” Proceedings of the Aristotelian Society, 59:
83–104.

• –––, 1972, “Morality as a System of Hypothetical Imperatives” The Philosophical


Review, 81: 305–316.

• Frankena, William, 1939. “The Naturalistic Fallacy,” Mind, 48: 464–477.

• Gauthier, David, 1986. Morals by Agreement, Oxford: Clarendon Press.

• Geach, Peter, 1964. “Assertion” Philosophical Review, 74: 449–465.

• Gibbard, Allan, 1990. Wise Choices, Apt Feelings, Cambridge: Harvard University
Press.

• –––, 2003. Thinking How to Live, Cambridge: Harvard University Press.

• Hampton, Jean, 1998. The Authority of Reason, Cambridge: Cambridge University


Press.

• Hare, R. M., 1952. The Language of Morals, Oxford: Oxford University Press.

Copyright 2018 © ‫حكمة‬ 21


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

• –––, 1963. Freedom and Reason, Oxford: Clarendon Press.

• Harman, Gilbert, 1975. “Moral Relativism Defended,” Philosophical Review, 84: 3–


22.

• –––, 1977. The Nature of Morality, New York: Oxford University Press.

• Hobbes, Thomas, 1651. The Leviathan, Oxford: Clarendon. 1909 reprint.

• Huemer, Michael, 2005. Ethical Intuitionism, New York: Palgrave Macmillan.

• Hume, David, 1739. The Treatise Concerning Human Nature, Edited by L.A. Selby-
Bigge. Oxford: Oxford University Press. (Edited by L.A. Selby-Bigge, 1888.)

• –––, 1751. An Enquiry Concerning the Principles of Morals, Edited by L. A. Selby-


Bigge. Oxford: Oxford University Press. (Edited by L. A. Selby-Bigge, 1902.)

• Jackson, Frank, 1998. From Metaphysics to Ethics: A Defence of Conceptual


Analysis, Oxford: Clarendon Press.

• Joyce, Richard, 2001. The Myth of Morality, Cambridge: Cambridge University Press.

• Kant, Immanuel, 1785. Grounding for the Metaphysics of Morals, Translated by


James W. Ellington. Indianapolis: Hackett Publishing Company, 1993.

• Korsgaard, Christine, 1996. The Sources of Normativity, New York: Cambridge


University Press.

• Mackie, J. L., 1977. Ethics: Inventing Right and Wrong, London: Penguin Books.

• McDowell, John, 1978. “Are Moral Requirements Hypothetical


Imperatives?” Proceedings of the Aristotelian Society, 52: 13–29.

• –––, 1987. Projection and Truth in Ethics, Kansas: Lindley Lecture.

• McKeever, Sean, and Michael Ridge, 2006. Principled Ethics, Oxford: Oxford
University Press.

• Mill, John Stuart, 1843. A System of Logic, London: John W. Parker.

• Moore, G. E., 1903. Principia Ethica, Cambridge: Cambridge University Press.

• Nagel, Thomas, 1970. The Possibility of Altruism, Oxford: Clarendon Press.

Copyright 2018 © ‫حكمة‬ 22


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

• Ogden, C. K. and I. A. Richards, 1923. The Meaning of ‘Meaning’, New York,


Harcourt, Brace & World, Inc.

• Perry, R. B., 1926. General Theory of Value, New York: Longmans, Green and Co.

• Platts, Mark, 1979. “Moral Reality,” in Ways of Meaning, London: Routledge and
Kegan Paul.

• Plato, Republic, Translated by G. M. A. Grube, revised by C. D. C. Reeve.


Indianapolis: Hackett, 1992.

• Prichard, H. A., 1912. “Does Moral Philosophy Rest on a Mistake”, in Mind, 21: 21–
37.

• Railton, Peter, 1986. “Moral Realism,” Philosophical Review, 95: 163–207.

• Ross, W. D., 1930. The Right and the Good, Oxford: Oxford University Press.

• Sayre-McCord, Geoffrey, 1988. Essays on Moral Realism, Ithaca: Cornell University


Press.

• –––, 1988. “Moral Theory and Explanatory Impotence,” Midwest Studies in


Philosophy, XII: 433–57.

• –––, 1991. “Being a Realist About Relativism (in Ethics),” Philosophical Studies, 61:
155–176.

• Scanlon, Thomas, 1998. What We Owe to Each Other, Cambridge, MA: Harvard
University Press.

• Schroeder, Mark, 2008. Being For: Evaluating the Semantic Program of


Expressivism, Oxford: Oxford University Press.

• Shafer-Landau, Russ, 2003. Moral Realism: A Defense, Oxford: Oxford University


Press.

• Sinnott-Armstrong, Walter and Mark Timmons, 1996, Moral Knowledge?, Oxford:


Oxford University Press.

• –––, 2006. Moral Skepticisms, Oxford: Oxford University Press.

• Smith, Michael, 1994. The Moral Problem, Oxford: Blackwell.

Copyright 2018 © ‫حكمة‬ 23


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

• Stevenson, Charles, 1937. “The Emotive Meaning of Ethical Terms,” Mind, 46: 14–
31.

• –––, 1944. Ethics and Language, New Haven: Yale University Press.

• –––, 1963. Facts and Values, New Haven: Yale University Press.

• Sturgeon, Nicholas, 1985. “Moral Explanations,” in Morality, Reason, and Truth,


David Copp and David Zimmerman (eds.), Totowa, N.J.: Rowman and Allanheld, pp.
49–78.

• Wedgwood, Ralph, 2007. The Nature of Normativity, Oxford: Clarendon Press.

• Williams, Bernard, 1981. Moral Luck, Cambridge: Cambridge University Press.

• –––, 1985. Ethics and the Limits of Philosophy, London: Fontana.

• Wong, David, 1984. Moral Relativity, Berkeley: University of California Press.

‫مصادر أخرى على اإلنترنت‬

• Bibliography on Moral Relativism (in PDF), by Jörg Schroth (Philosophisches


Seminar, Georg-August-Universität Göttingen).

• Metaethics Bibliography, by James Lenman (Philosophy Department,


University of Sheffield).

‫مالحظات متعلّقة بالترجمة‬


‫ي" بِكَونِه ما ليس عن‬
ّ ‫ وبين "غير األخالق‬،‫ي" بِكَونه ما يُخالف الصواب من األخالق‬
ّ ‫فرقت بين "الالأخالق‬
ّ .1
.‫األخالق من حيث موضوعه أو ليس من ضمنها كموضوع‬

..‫وصف للقول ( أو للطرح أو للشخص‬


ٌ ‫ فاألولى‬،"‫فرقت في الترجمة بين ال"الالمعرفي" و "غير المعرفي‬ ّ .2
‫وصف لألفكار واألقوال من حيث كونِها‬
ٌ ‫ والثانية‬،non-cognitivism ‫ي‬ّ ‫إلخ) ِبكَونِه تابعًا للمذهب الالمعرف‬
.ً‫ليست خبريّةً أو تقريريّة‬

.morals‫ وبين ال"األخالقيّات" كترجمة ل‬،morality‫فرقت كذلك بين "األخالق" كترجم ٍة ل‬


ّ .3

َ ‫ وكان يُق‬،‫والموجبات على ح ٍدّ سواء‬


‫صدُ أحدهما أو‬ ِ ‫المبررات‬
ّ ‫س ّ ِوغ" في معناها على‬
َ ‫ اشتملت عبارة "ال ُم‬.4
.‫كالهما حسب السياق‬

Copyright 2018 © ‫حكمة‬ 24


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫إن كَون نظريّ ٍة "وصفيّةً" يعني أنّها نظريّة واصفة‪،‬‬


‫‪ .5‬في سياق ما ت ّم ذكره في فصل "إبستمولوجيا األخالق"‪ّ ،‬‬
‫أي بعكس ّكونِها معياريّةً‪ ،‬ويجب التفريق بين الوصفيّة بهذا المعنى وبين مذهب الوصفيّة ‪descriptivism‬‬
‫أن العبارات األخالقيّة تحاول وصف العالّم‪.‬‬
‫الذي يرى ّ‬

‫مالحظات‬

‫أن األسئلة المتعلّقة بالحريّة والمسؤولية عادة ً ما تُعتَبَ ُر موضوعات لسيكولوجيا االخالق أكثر من‬
‫‪ i‬مع أنّه جدير بالذكر ّ‬
‫كونها موضوعات للميتا‪-‬أخالق‪ّ ،‬إال أنّه بقدر ما تلتفت هذه األسئلة إلى ما تفترضه المسؤولية وإلى مدى توافق هذه‬
‫مثال) مع الحتميّة ‪ّ ،determinism‬‬
‫فإن المرء يبقى في نطاق الميتا‪-‬أخالق بالتأكيد‪.‬‬ ‫االفتراضات ( ً‬

‫‪ ii‬انظر ً‬
‫مثال كتاب آير ‪ ،Language, Truth, and Logic ،A.J. Ayer‬وكتاب ستيفنسون ‪C.L Stevenson‬‬
‫‪The Emotive Meaning of Ethical Terms‬‬

‫ي معيار للخير بل ببساطة وفقًا‬‫خيرا وفقًا أل ّ‬ ‫‪ iii‬كذلك هناك ما جادل به ليبنتز ‪" :Leibniz‬في القول ّ‬
‫إن األشياء ليست ً‬
‫إلرادة اإلله‪ ،‬يبدو لي ّ‬
‫أن المرء يهدم بذلك ك ّل حبّ اإلله وك ّل جالله دون أن يدرك ذلك؛ فلماذا نمجّده لما يفعل إن كان‬
‫وحكمته إن كان لديه سلطة طاغية فقط‪ ،‬و كانت اإلرادة‬ ‫يستحق التمجيد بنفس القدر لو فعل العكس؟ أين هي عدالته ِ‬
‫االعتباطيّة تح ّل مح ّل المعقوليّة‪ ،‬وكانت العدالة كما يتفق مع تعريف الطواغيت‪ ،‬تك ُمنُ في ما يرضي األقوى؟ كما أنّه‬
‫المسوغ يجب أن يسبق عمليّة اإلرادة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫غا لتلك اإلرادة‪ ،‬وبالطبع ّ‬
‫إن هذا‬ ‫مسو ً‬
‫ّ‬ ‫أن ُك َّل عمليّة إرادةٍ تفترض‬
‫يبدو ّ‬
‫‪Discourse on Metaphysics II, trans. by George R. Montgomery (Open Court, 1902).‬‬

‫عرفيّة عن االخالق‪ :‬هوبز ‪ ،Hobbes‬في ‪ ،The Leviathan‬و هيوم ‪ Hume‬في ‪A Treatise‬‬ ‫ت ُ‬ ‫تصورا ٍ‬
‫ُّ‬ ‫‪ iv‬م ّمن قدّموا‬
‫‪ ،of Human Nature‬وكذلك مؤ ّخ ًرا ‪ً David Gauthie‬‬
‫مثال‪ ،‬في ‪ .Morals by Agreement‬وقد قدّم غلوكون‬
‫‪ Glaucon‬صياغةً مب ّكرة ً في الكتاب الثاني ‪ Book II‬من جمهورية أفالطون ‪Republic‬‬

‫‪ v‬انظر كتابه ‪.A Treatise of Human Nature, Book III, Part I, Section I, p. 469‬‬

‫‪ vi‬انظر كتابه ‪.Principa Ethica‬‬

‫‪ vii‬انظر ‪ً -‬‬
‫مثال‪.Ross (1930) and Huemer (2005) -‬‬

‫‪ viii‬يميّز الخط األول من النقد بمن يدافعون عن صورةٍ ما من الالمعرفية ‪( non-cognitivism‬مثل ستفينسون‬
‫‪ ،Stevenson‬وآير ‪ ،Ayer‬وهير ‪ ،Hare‬وبالكبيرن ‪ ،Blackburn‬وغيبارد ‪ ،)Gibbard‬بينما يتبنّى الثاني عادةً‬
‫معرفيّون ‪ cognitivists‬مائلين ّ‬
‫لالطبيعانية ‪.naturalism‬‬

‫‪Ogden‬‬ ‫‪and‬‬ ‫‪Richards, The‬‬ ‫‪Meaning‬‬ ‫‪of‬‬ ‫)‪‘Meaning’ (1923‬‬ ‫انظر‪:‬‬ ‫‪ix‬‬

‫‪.C.‬‬ ‫‪L.‬‬ ‫‪Stevenson‬‬ ‫)‪(1937‬‬ ‫‪and‬‬ ‫‪Ayer‬‬ ‫)‪(1946‬‬ ‫وكذلك‬


‫وقد دافع جون ستيوارت ميل ‪ John Stuart Mill‬عن رؤي ٍة مشابه ٍة بشكل الفت في‪:‬‬
‫‪A System of Logic, Book VI, Chapter XII‬‬

‫‪ x‬باالستناد إلى فريجه ‪ ،Frege‬أشار كيج ‪ )1964( Geach‬إلى الفكرة متحدّيًا الالمعرفيّين ليبيّنوا صحة استدالالت من‬
‫مثل‪" :‬إذا كان الكذب على أخي يؤلمه‪ ،‬فالكذب على أخي خطأ"‪" ،‬والكذب على أخي يؤلمه"‪" ،‬إذًا فالكذب خطأ"‪.‬‬
‫يبدو االستدالل صحي ًحا تما ًما‪ ،‬ولكنّه ال يكون صحي ًحا ّإال إن كانت عبارة "(هو) خطأ"‪ ،‬تحمل في المقدّمة األولى نفس‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪25‬‬


‫ــــــــــ‬ ‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫التصورات الالمعرفيّة يبدو أنّها ال تحمل نفس المعنى في الحالتين‪ ،‬إ ّما‬
‫ُّ‬ ‫المعنى الذي تحمله في النتيجة‪ ،‬ولكن بحسب‬
‫أمر) فهو‬‫ألنّها في الحالتين ال معنى لها‪ ،‬أو ألنّها إن كان لها معنى (كطريق ٍة للتعبير عن موقف أو عاطفة أو إمالء ٍ‬
‫ي موقفٍ محدّد بشأن الكذب‬ ‫يختلف في المقدّمة عنه في النتيجة‪ ،‬وذلك ألنّني في قبول المقدّمة لست بالضرورة أتّخذ أ ّ‬
‫أن قبول النتيجة هو بالتحديد اتّخاذٌ لموقفٍ محدّد تجاه الكذب على أخي‪ .‬إذا كانت المقدّمتين تَلزَ ُم منهما‬
‫على أخي‪ ،‬بينما ّ‬
‫النتيجة كما تشير صحّة الحجّة الظاهرة‪ ،‬فكيف يمكن هذا إن لم تكن المقدمتين ( كما يقول المعرفيّون) تشتلزمانها بفضل‬
‫األقوال الالتي تعبّران عنها؟‬

‫صا‪Simon Blackburn (1993) :‬‬


‫صلة من التعبيرية ‪ ،expressivism‬انظر خصو ً‬ ‫‪ xi‬لطروحات مف ّ‬
‫و )‪ ،Allan Gibbard (1990) and (2003‬و )‪.Mark Schroeder (2008‬‬

‫‪ xii‬انظر‪ ،J. L. Mackie (1977) :‬و )‪.Richard Joyce (2001‬‬

‫ت ضروريّ ٍة كهذه يُعتَبَ ُر صورة ً من صور ما أصبح يس ّمى بالداخليّانيّة ‪.internalism‬‬ ‫إن االدّعاء بوجود ارتباطا ٍ‬ ‫‪َّ xiii‬‬
‫من الصعب تحديد سبب كون الناس يصفون االرتباطات الضروريّة ذات الصلة بأنّها "داخليّة"‪ .‬قد يكون ذلك ّ‬
‫ألن‬
‫أن مفهوم كون‬ ‫ض أن تُف ّ‬
‫َسرها فكرة ُ ّ‬ ‫مسو ً‬
‫غا‪ -‬يُفت ََر ُ‬ ‫خيرا وبين كونه ّ‬ ‫ضرورة وجود الرابط –كالرابط ً‬
‫مثال بين كون الشيء ً‬
‫كثيرا‬
‫أن ً‬ ‫بدال من ذلك أن يكون السبب هو ّ‬ ‫غا‪ .‬أو يمكن ً‬‫مسو ً‬
‫يرا يشتمل في داخله على لزوم أن يكون هذا الشيء َّ‬ ‫شيءٍ خ ً‬
‫ّ‬
‫ي أو من يضع حك ًما أخالقيًّا‪ ،‬أو أنها‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫من االرتباطات ال ُمفت ََرضة يُعت َقدُ أنها ارتباطاتُ بين أشياء داخليّ ٍة في الفاعل األخالق ّ‬
‫خيرا) وأشياءٍ داخليّة فيه (ربّما كحالته من حيث‬ ‫ً‬ ‫على األق ّل تربط بين أشياء قد تكون خارجةً عن الفاعل (ككون شيءٍ‬
‫تختص باألخالق‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫إن مجموعة االرتباطات ُمفت ََرضة الضروريّة التي قد تم طرحها على أنّها‬ ‫ي حال‪ّ ،‬‬ ‫الدافع)‪ .‬على أ ّ‬
‫بدال من مناقشة "الداخليّانيّة األخالقيّة" كما‬ ‫طرح على حدة ً‬
‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫في‬ ‫النظر‬ ‫للمرء‬ ‫األفضل‬ ‫من‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫درجة‬ ‫إلى‬ ‫متعدّدة ٌ ً‬
‫كثيرا‬
‫لو أنّها اس ٌم لرؤي ٍة واحدة‪.‬‬

‫‪ xiv‬انظر‪ ،W. D. Falk (1947) :‬و )‪ ،Bernard Williams (1981‬و )‪.Michael Smith (1994‬‬

‫التصورات‬
‫ُّ‬ ‫ي والدافعيّة عندما ينتقد‬ ‫كبير على االرتباط بين الحكم األخالق ّ‬ ‫ٍ‬ ‫‪ xv‬يعتمد هيوم )‪ Hume (1739‬بشك ٍل‬
‫ي لألخالق‪ ،‬ولكنّه من المهم‬ ‫العقالنيّة ‪ rationalist‬عن األخالق‪ ،‬التي ال يمكن لها –حسب قوله‪ -‬أن تفسّر األثر العمل ّ‬
‫ليتصرف وفقه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بدافع‬
‫ٍ‬ ‫ق دون أن يشعر‬ ‫ذكر كَونِه رأى ّ‬
‫أن المرء يمكن له أن يدّعي ُحك ًما أخالقيًّا بصد ٍ‬

‫أن وضع العهود أو عدم وضعها‪ ،‬والوفاء بها أو عدم‬ ‫‪ xvi‬انظر كالم هوبز ‪ Hobbes‬عن المغفّل الذي "قال في نفسه ّ‬
‫ف بها أحيانًا‬‫أن هناك عهودًا‪ ،‬وأنّها يُخلَ ُ‬‫الوفاء بها‪ ،‬ليس ضد المنطق حين يصبّ في مصلحة المرء‪ .‬هو ال ينكر بذلك ّ‬
‫أن الظلم –بعيدًا عن خشية‬ ‫فظها بالعدالة‪ ،‬ولكنّه ّ‬
‫يشك ّ‬ ‫وصف نَبذِها بالظلم ويمكن وصف ِح ِ‬ ‫ُ‬ ‫ويوفى بها أحيانًا‪ ،‬وأنّه يمكن‬
‫صة عندما‬‫ً‬ ‫إنسان بمصلحته‪ ،‬خا ّ‬ ‫ٍ‬ ‫هللا (فالمغفّل ذاته ال يؤمن باهلل)‪ -‬قد يوافق ذلك المنطقَ أحيانًا‪ ،‬المنطق الذي يُملي على كل‬
‫يصبّ الظلم في مصلحته هذه‪ ،‬بحيث تضعه في حال ٍة ال تدعو لتجاهل الذ ّم والشتم فحسب‪ ،‬بل لتجاهل سلطة اآلخرين‬
‫كذلك"‪.‬‬
‫‪[(1839),‬‬ ‫‪Part‬‬ ‫‪I,‬‬ ‫‪chapter‬‬ ‫]‪XV.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫ماكرا عاقال قد يرى في بعض األحيان أن فعال من اإلثم أو الكفر سيزيد في‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ضا مالحظة هيوم ‪ Hume‬بأن " ً‬ ‫انظر أي ً‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ي قد تكون قاعدة عا ّمة جيّدة أن الصدق‬ ‫‪.‬‬ ‫كبيرا في للوصائل واالتحاد المجتمع ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ثروته بشك ٍل كبير دون أن يشكل خرقا‬
‫أن من يمتثل للقاعدة العا ّمة ويستغ ّل كذلك استثناءاتها فهو‬ ‫عرضةٌ لكثير من االستثناءات‪ ،‬وقد يُرى ّ‬ ‫أفضل السبل‪ ،‬ولكنّها ُ‬
‫الحكمة"‪.‬‬ ‫من‬ ‫عالي ٍة‬ ‫بدرج ٍة‬ ‫يتصرف‬
‫ّ‬
‫]‪[(1751) Section IX, Part II.‬‬

‫حكمة © ‪Copyright 2018‬‬ ‫‪26‬‬

You might also like